بعد هزيمة داعش في سوريا والعرق مايزال مصير المئات من نساء التنظيم محط اهتمام اعلامي واسع، حيث اكدت بعض التقارير ان هناك معاناة حقيقية تعيشها بعض النساء اللواتي أجبرن على الزواج من اعضاء في التنظيم وممارسة بعض الاعمال، حيث توسّعت دائرة الجدل بشأن حقوق النساء والأطفال...
بعد هزيمة داعش في سوريا والعرق مايزال مصير المئات من نساء التنظيم محط اهتمام اعلامي واسع، حيث اكدت بعض التقارير ان هناك معاناة حقيقية تعيشها بعض النساء اللواتي أجبرن على الزواج من اعضاء في التنظيم وممارسة بعض الاعمال، حيث توسّعت دائرة الجدل بشأن حقوق النساء والأطفال في مخيمات النازحين وظروف الاحتجاز خصوصا مع وجود نساء متشددات، ولا يبدو أن نساء داعش الأجنبيات وكما نقلت بعض المصادر، قد فقدن حماسهن لأفكار التنظيم المتشددة، وظهرت أجنبيات من أتباع التنظيم وهنّ يحاولن الاعتداء على أخريات يعتبرنهن من “الكفّار” في محاولة لفرض آرائهن المتطرفة عليهن رغم مواجهة داعش هزيمة في آخر ما تبقى من قلاعه.
وأدت هزيمة التنظيم إلى مواجهة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة لمشكلة تتعلق بمصير الأعداد المتزايدة من الناس الذين يخرجون من الجيب ومنهم كثيرون من أتباع داعش. وتم إرسال معظمهم إلى مخيم الهول المكتظ بالفعل بنازحين ولاجئين سوريين وعراقيين. ويقول مسؤولو المخيم إن ليس لديهم ما يكفي من الخيام أو الطعام أو الدواء. ويحذّر موظفو إغاثة من انتشار الأمراض كما توفي العشرات من الأطفال في الطريق إلى هناك.
وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق إن 62 ألف شخص على الأقل تدفقوا على المخيم حتى الآن وهو ما يفوق بكثير طاقته الاستيعابية. وأكثر من 90 بالمئة من الوافدين الجدد من النساء والأطفال. وقال مسؤول أمني في المخيم إن “الأجنبيات يلقين الحجارة ويقمن بسبّ السوريات أو العراقيات ومسؤولي المخيم، حتى الأطفال يواجهون التهديدات”. وأطلق الحراس النار في الهواء لتفريق بضع مشاجرات واستخدموا صاعقا كهربائيا في إحدى المرات للسيطرة على أجنبية معتقلة وفقا لما روته سورية في المخيم.
وأبدت بعض النساء اللائي خرجن من الباغوز في الأسابيع الأخيرة تعاطفا قويّا مع التنظيم. ويعكس التوتر في المخيمات خلافا موجودا منذ سنوات بين المتشددين والذين سافروا إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم المتشدد الذين يطلق عليهم “المهاجرين” والمحليين الذين انضموا للتنظيم أو عاشوا تحت حكمه. وأكد مازن شيخي وهو مسؤول في المخيم أنه تم وضع الأجنبيات في قسم خاص بهن لتفادي أيّ مشاكل مع النازحين واللاجئين، كاشفا عن وجود مشاكل كثيرة بين الأجنبيات أنفسهن القادمات من أماكن مختلفة.
ويشير الولاء القويّ لدى أتباع التنظيم إلى أن خطره سيستمر. ومن المتوقع أيضا على نطاق واسع أن يظل المتشددون يمثلون تهديدا بسيطرتهم على مناطق نائية وشنّ هجمات على غرار حرب العصابات. كما أن التنظيم، ورغم هزيمته، سيكون مستقبلا بمثابة وجع الرأس بالنسبة إلى الدول الغربية سواء ما تعلق بالمخاوف الأمنية لمقاتلين من أصول أوروبية، أو بسبب عودتهم التي قد تتأجل لوقت بسبب رفض عميلة استعادتهم والبحث عن أماكن بديلة لهم والاتجاه لتجريدهم من هوياتهم الأمّ، مثلما فعلت بريطانيا مع الجهادية شاميما بيغوم وما دار بشأن ذلك من جدل قانوني وأخلاقي.
عرائس صغيرات
وفي هذا الشأن حاولت روان عبود الفرار من تنظيم داعش بعد مقتل زوجها الأول، العضو بالتنظيم والذي كان يسيء معاملتها. لكنها سُجنت وأجبرت على الزواج من مقاتل آخر. وعندما توفي الثاني، تمكنت أخيرا من الهرب. وهي الآن محتجزة مع أنصار للتنظيم المتشدد الذي كانت تنشد الهرب منه منذ أن كان عمرها 13 عاما. وقالت الفتاة السورية البالغة من العمر 18 عاما الآن ”تزوجت عندما كان عمري 12 عاما“. وأضافت ”أتى بي زوجي وقتها إلى الرقة. كان يضربني ويقول إنني مرتدة لأنني حاولت الهرب“.
وانضمت آلاف النساء، وخصوصا أجنبيات تدفقن من أوروبا وشمال أفريقيا، طواعية إلى التنظيم اقتناعا بالتفسير المتشدد للإسلام وتزوجن من أعضاء بالتنظيم. ولا يزال بعضهن أنصارا متعصبين لفكر التنظيم ويُقمن في مخيمات فررن إليها في شرق سوريا تخضع لسيطرة القوات التي تدعمها الولايات المتحدة والتي طردت التنظيم من آخر أرض كانت تحت سيطرته. لكن الكثيرات من أمثال روان، اللاتي زوجتهن أسرهن المحافظة في سوريا والعراق ولبنان في سن صغيرة، لا يجدن أمامهن خيارا.
وروان وعدة سوريات وامرأة لبنانية زوّجها أهلها أيضا في سن الطفولة، محتجزات حاليا مع أشد أنصار التنظيم تعصبا في قطاع يخضع للحراسة في مخيم الهول. وتخشى هؤلاء النسوة، اللاتي تنظر إليهن القوات التي يقودها الأكراد على أنهن مشتبه بهن بينما تعانين الاضطهاد على يد النساء المحتجزات معهن، من أن مصيرهن البقاء رهن الاحتجاز لفترات طويلة أو التعرض للقتل على يد المتشددات من أنصار التنظيم المحتجزات معهن.
وأمضت روان ثلاثة أشهر في مخيم الهول إلى جانب أكثر من 60 ألف شخص فروا من المعركة في الباغوز، آخر جيب مأهول بالسكان كان التنظيم يسيطر عليه قبل هزيمته هناك، وكانت ترتدي معطفا أخضر اللون وقفازات تكشف عن أصابعها، بينما كانت تضع مساحيق تجميل للعين تحت نقابها الذي ترتديه فقط حتى لا تلفت انتباه أنصار التنظيم. واستخدمت روان لفظ ”داعش“ في الإشارة إلى التنظيم بدلا من كلمة ”الدولة“ التي ما زالت الكثيرات في المخيم يستخدمنها. وقالت إن زوجيها ماتا. ولم تقل إنهما استشهدا خلافا لما يصف به أنصار التنظيم قتلاه عادة.
وقالت ”زوجي الأول قُتل أثناء معارك قبل نحو ثلاث سنوات، الحمد لله“. وحاولت روان الفرار من الأراضي الخاضعة لداعش، وسُجنت في الرقة معقل التنظيم في ذلك الحين. وعندما بدأ التحالف بقيادة الولايات المتحدة قصف المدينة، قُتلت طفلتها الرضيعة البالغة من العمر تسعة أشهر. ونقلها المتشددون مع نساء أخريات من بلدة إلى أخرى مع تقهقرهم، وزوجوها لمقاتل آخر، قُتل أيضا قبل عدة أشهر. وفرت روان بعد ذلك مع ابنتها الأخرى البالغة من العمر الآن أربع سنوات. وتواجهان الآن مستقبلا غامضا.
وقالت روان ”أريد أن أذهب إلى عائلتي في إدلب. لكن الآن يكفي أن أنتقل إلى جزء آخر من المخيم بعيدا عن الأجنبيات. مكان أتمكن فيه من استخدام هاتف“. وأوضحت أن قوات الأمن التي تحرس مخيم الهول رفضت طلباتها للانتقال إلى مكان آخر، مضيفة ”يقولون دوما غدا، ويسألونني لماذا تزوجت من مقاتل من داعش“. وقالت روان ”لأنني هربت وبسبب هيئة ملابسي، تصفني النساء الأخريات بأني كافرة. يرشقونني بالحجارة. وعندما أقف في صف للحصول على الماء يقلن إن الصف ليس للسوريات“.
وشكت أمل سوسي، وهي لبنانية بنفس القسم في المخيم، من معاملة مماثلة، وتخشى من أنها قد لا تتمكن من العودة لديارها أبدا. وكانت أمل البالغة من العمر 20 عاما قد استسلمت مع طفليها لقوات سوريا الديمقراطية في عام 2017 بعد مقتل زوجها في الرقة. وقالت إنها أعيدت إلى أراضي داعش بعد شهور في تبادل للسجناء. وقالت ”كان ذلك عودة إلى نقطة الصفر“. وكان زوجها قد أخذها وهي مراهقة إلى سوريا للعيش في ظل الخلافة التي أعلنها التنظيم.
وتنتظر أمل أيضا نقلها إلى قسم آخر في المخيم. وقالت ”ينبغي لمن أتت مجبرة منا أن يسمح لها بالمغادرة. يصفنا أنصار داعشبأننا خنازير وكفار، يقولون إننا جواسيس للأكراد، ويعتدون علينا“. وتكافح قوات سوريا الديمقراطية للتعامل مع أعداد المشتبه بأنهم من المتشددين والمؤيدين للتنظيم القابعين في مراكز الاحتجاز والمخيمات مع رفض بعض الدول الغربية السماح بعودة مواطنيها. بحسب رويترز.
وتتجول معظم السوريات والعراقيات في مخيم الهول بشكل منفصل عن الأجنبيات اللائي يخضعن لحراسة قوات سوريا الديمقراطية. وتستخدم كثير من الأجنبيات مصطلحات شائعة بين المتشددين للحط من شأن غير الملتزمات بالفكر الإسلامي المتشدد وتحملن أعداء داعش فقط مسؤولية محنتهن. وتتمنى روان وأمل ونساء كثر أخريات الابتعاد عنهن قدر الإمكان. وقالت أمل ”لم نتخلص من داعش. لقد نقلوا أساسا إلى هنا، هذا ما يؤمنون به. يقولون إنهم سيقومون ببنائها هنا مجددا. المخيم تحت سيطرتهم“.
جهاديات فرنسيات
اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن الفرنسيات اللواتي ذهبن إلى العراق وسوريا حيث الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم، هن "مقاتلات" وينبغي "معاملتهن على هذا الأساس". وقال الوزير في مقابلة مع موقع صحيفة "ويست فرانس" الإلكتروني، "ألاحظ بانتباه نوع التعاطف الذي يبديه عدد من محامي النساء (الجهاديات)، لكنهن مقاتلات، مناصرات للجهاد. يجب معاملتهن على هذا الأساس". وشدد لودريان على أن موقف فرنسا "واضح منذ البداية"، وهو أنه "ليست هناك عودة".
ولدى سؤاله عن احتمال التمييز بين الجهاديين الرجال والجهاديات النساء، أوضح الوزير أن "هؤلاء الفرنسيين الذين قاتلوا في صفوف داعش، قاتلوا فرنسا. فهم بالتالي أعداء، ويجب التعامل معهم ومحاكمتهم في المكان الذي ارتكبوا فيه جرائمهم، وخصوصا في العراق وسوريا". وأضاف "ما قلته الآن ينطبق على الرجال وكذلك على النساء. على النساء وكذلك على الرجال. لأنهم عندما يذهبون إلى العراق وسوريا في 2014 و2015 و2016، فذلك يكون بشكل عام للقتال".
ولاحظ لودريان أن "هناك مشكلة الأولاد. والأطفال الصغار الذين يمكن أن تتخلى أمهاتهم عن تأمين حضانتهم". وأكد أنه "سيتم النظر في كل حالة على حدة، بالتعاون مع الصليب الأحمر. وبكثير من اليقظة، لأنه يجب ألا نكون مثاليين في هذه القضايا. لأن هناك أيضا نوعا من الاستغلال والتلاعب المحتمل انطلاقا من التعاطف الإنساني". وتابع "إذا، فرنسا ستحترم القانون وستحترم أيضا أمن الفرنسيين. القانون وأمن الفرنسيين هما المبدآن الأساسيان لموقفنا من هذا الموضوع". بحسب فرانس برس.
وبحسب وزير الدولة الفرنسي للداخلية لوران نونيز، هناك 500 طفل "من أهل فرنسيين" موجودون بين سوريا والعراق. وأوضح أن "نحو مئة (من هؤلاء الأطفال) عادوا منذ عام 2015، وعدد منهم محتجزون" وبعضهم توفوا. أما الآخرون البالغ عددهم "بين مئتين وثلاثمئة طفل"، "فلا نعرف تماما أين هم".
سنوات من الرق
من جانب اخر قضت اليزيدية سلوى سيد العمر سنوات وهي أسيرة لدى تنظيم داعش لكنها تمكنت من الفرار من قبضته إثر هروبها من آخر جيب يسيطر عليه التنظيم في شرق سوريا مع صبيين عراقيين تظاهرا بأنهما شقيقاها. وقالت سلوى ”أخذوا النساء وعذبوهن وقتلوهن“ وروت كيف قام المتشددون ببيع وشراء الأسيرات وتبادلوهن بإخضاعهن للاسترقاق الجنسي.
وأضافت ”أخذوا النساء وواحد يعطي لواحد وواحد يعطيها لواحد إلا لو واحد شوي عنده رحمة يعتقها في سبيل الله يقول يعني عتقتك وبياخدها أو ياخدها على دار ضيافة“. وتزوجت سلوى من أحد المقاتلين في التنظيم القادمين من طاجيكستان.
وفرت سلوى برفقة صبيين عراقيين هما مصطفى وضياء وكانا من جيرانها لمدة عامين حتى مع تنقل المنازل التي يسكنون فيها في مناطق في سوريا مع تقهقر التنظيم نحو الباغوز. وروت سلوى كيف طلب منهم المتشددون اعتناق الإسلام حتى لا يتعرضوا للأذى بعد أسرهم في العراق لكن رغم استجابتهم لذلك إلا أنهم فصلوا النساء عن الرجال وأخذوا الصبية الذين تتراوح أعمارهم بين السابعة والخامسة عشرة لمعسكرات لغسل المخ والتدريب على القتال.
ومن بين المغادرات للباغوز ايضا كانت هناك ضحايا للتنظيم ومن بينهن أيزيدية تدعى أديبة. وقد خضعت أديبة، وهي أم لطفلين، للعبودية لمدة 5 سنوات منذ هاجم التنظيم قريتها الصغيرة في سنجار بشمال العراق في عام 2014. وكان زوجها واحداً من بين مئات الرجال الأيزيديين الذين قتلهم التنظيم، وقد أجبرت على التحول للإسلام، وكانت ضحية عبودية جنسية. وتقول إن مغربيا استعبدها وكان يضربها باستمرار ويغتصبها وهو والد طفلها البالغ من العمر عامين. وقالت أديبة "كان علي الزواج منه، لم يكن طيبا معي عندما نكون لوحدنا فقد كان غاضبا دائما، ولكن أمام الناس كان يعاملني جيدا".
وعشية مصرع آسر أديبة الأول أخذها مغربي آخر اسمه أحمد، الذي استسلم لقوات سوريا الديمقراطية وهو ينفي استعباد أديبة. وتم نقل العديد من الأشخاص الذين أجلوا من الباغوز مؤخرا، ومن بينهم الكثير من المقاتلين الأجانب الذين سافروا لسوريا والعراق ليعيشوا في كنف تنظيم الدولة، إلى مخيم الهول الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق البلاد
اضف تعليق