تسمح لنا عشرات الصراعات المحلية التي حدثت خلال القرن العشرين والعقدين الاوليين للقرن الحادي والعشرين باستخلاص بعض التعميمات والاستنتاجات على الرغم من تنوعها الكبير في الأوضاع السياسية والعسكرية والجغرافية غير انه ومع ذلك فيمكننا تمييز بعض الأنماط لمعظم حروب العصابات وحركات التمرد...
تسمح لنا عشرات الصراعات المحلية التي حدثت خلال القرن العشرين والعقدين الاوليين للقرن الحادي والعشرين باستخلاص بعض التعميمات والاستنتاجات على الرغم من تنوعها الكبير في الأوضاع السياسية والعسكرية والجغرافية غير انه ومع ذلك فيمكننا تمييز بعض الأنماط لمعظم حروب العصابات وحركات التمرد.
لا يمكن خوض الحرب بالقوة فقط فهناك عدة طرق لشن الحرب لذا فإن أساليبها تشمل التأثير النفسي على العدو والضغط السياسي والدبلوماسي وتدابير التأثير الاقتصادية والكفاح المسلح من التخريب المنفرد والأعمال الإرهابية إلى الحرب العالمية شاملة, فيتم توظيف الكفاح المسلح بدوره كوسيلة للقوات المسلحة والخدمات الخاصة وهي الاستخبارات والاستخبارات المضادة عبر تشكيل حرب العصابات أو كما يعرف بالمتمردين أو المعارضين، إذ يتم اللجوء إلى أشكال وأساليب حرب العصابات في الحالات التي لا يكون فيها للنضال المسلح المفتوح مع خصم أعلى فرصة حقيقية للنجاح وهذه الحرب غير المتماثلة هي التي تعطي للجانب الضعيف الفرصة الوحيدة للفوز.
مفاهيم "حرب العصابات" و "حركة حرب العصابات" تختلف اختلافا كبيرا عن بعضها البعض وهكذا فإن الأعمال المسلحة للجماهير ضد المعتدي أو نظامه الداخلي المناهض للديمقراطية والقوات المسلحة الرئيسية والمحددة تعرف في اعلام النظام بحرب العصابات وفصائل ومجموعات المعارضة, وأن إستراتيجية حرب العصابات يجب أن تغطي نظرية وممارسة إعداد وإجراء وتنظيم العمليات الاستراتيجية التي تتم بالتصادم مع القوات النظامية أو يجب أن تكون العنصر الرئيسي لتحقيق الأهداف الاستراتيجية. وإن استراتيجية حرب العصابات والنشاط العملي لقيادة قواتها يجب أن تمنع الأعمال التي من شأنها أن تنبه الجيش في سياق العمليات حتى لا يكون من الصعب عليها التغلب على تدابير مكافحة العصابات أو حتى قبل اكتمال العمليات التي تصل إلى الهدف.
أهم العوامل المؤثرة في نجاح أو فشل حرب العصابات هي الوضع العسكري السياسي لقوات الجيش وتكوينها النوعي ومستوى التسلح فضلا عن تكتيكات حرب العصابات المضادة التي اختارتها وإمكانية تكوين تشكيلات حزبية وكذلك البيئة الاجتماعية التي تتكشف فيها حرب العصابات بالإضافة إلى تعلق الأمر بإجراء حرب عصابات ضد معتد أجنبي وإن أحد العوامل المهمة لذلك هو نتائج العمليات القتالية للجيش النظامي على الجبهة الرئيسية للعمليات العسكرية ومستوى استعداد الدولة للقيام بحرب عصابات. ومن الناحية الإستراتيجية يمكن تقسيم الدورة الكاملة للتطور الكامل "للحرب الصغيرة" إلى ثلاث مراحل متتالية هي الدفاع والتوازن والهجوم ونعتقد أن تسلسل بداية وتغيير هذه الأطوار مهم جدا عند التسلق إلى مستويات أعلى إذ لا يسمح بالتخطي أو المرور المتعجل للمراحل السابقة التي تتراكم خلالها العوامل الكمية والنوعية التي يمثل مجموعها بداية للمرحلة التالية.
إذا لم تكن حركة العصابات المسلحة أو المتمردين في مهدها وكانت قادرة على البقاء على قيد الحياة في المرحلة الأولى من تطورها فإنها ستتمكن من تطوير الأساليب في منطقة أخرى وسيستمر هذا التوسع وعلى نطاق متزايد على الدوام فالأسلحة والذخائر والمتفجرات التي تم الحصول عليها وشراؤها من بلدان أخرى لربما ستكون كافية لتوفير مستلزمات جيش المتمردين، وحتى إنشاء مخازن سرية خارج المناطق المتقدمة والبدء بتسليح جزء من السكان الذين يدعمون حركة حرب العصابات, ومن المميزات أنه في هذه المرحلة تبدأ مظاهر الانتظام في الظهور والتي تظهر عادة في حقيقة أن أفضل جزء من قوات العصابات معزول ومسلح بأفضل الأسلحة ومجهز بأفضل القادة والمقاتلين وهذه الانفصاليات الصدمية الخاصة قادرة بالفعل على حل مجموعة واسعة من المهمات القتالية فهي تلعب دور الحارس في القيادة، ولا ننسى بذلك إن الاستمرار في تشكيل فرق جديدة ومليشيات وقوات للدفاع عن النفس فإنه يدفع كلا المكونين للتطور.
تُسمى هذه المرحلة "مرحلة التوازن" إذ أن التطوير النشط لقواعد الدعم وتوسيع المناطق والعمليات الجريئة والواسعة النطاق تأتي بالوقت الذي يصبح فيه المواجهات ضد حركة العصابات المتنامية المهمة الرئيسية للجيش وتشكل المواجهة الشرسة للقوات غير النظامية والنظامية المحتوى الرئيسي للحرب. ويجب أن تستند جميع انواع حروب العصابات على مبادئ الفن التشغيلي وأن يتم التعبير عنها في إعداد وإجراء تشكيلات النطاق التشغيلي, وقد تكون هذه الإجراءات عمليات للإيقاف المتزامن لأهم المنشآت العسكرية أو الصناعية أو وسائل النقل في منطقة واسعة أو إن تكون تلك العمليات ضد مجموعات عقابية كبيرة من الجيش ولصالح القوات النظامية. ولابد إن نؤكد ضرورة تشكل تكتيكات حرب العصابات وبحسب النظرية والممارسة الخاصة بإعداد وتنفيذ أعمال الأفراد والمجموعات والفصائل والتشكيلات الخاصة بالتآمر والتغلب على أنشطة الجيش المضادة لمكافحة الإرهاب وتنفيذ المهام المسندة وإلحاق الأضرار بالعدو من دون التورط معه وكذلك الإجراءات الدفاعية القسرية, وإن تكتيكاتها هي استخدام جميع الهجمات المعروفة بغض النظر عن الوقت وبغض النظر عن بياناته الأخرى. ويعتبر هذا التكتيك انتهاكا للتكتيكات الخارجية للعدو وتقطيع أوصال قواته وشلل لنظام التنظيم والإدارة وإجراءات العدو بمقاومة الحوادث والمفاجآت التي فقدت فيها العديد من فوائد القوات النظامية المرتبطة بهذا النظام.
بالنسبة لحرب العصابات لا يعتبر القتال المفتوح مثل الهجوم والدفاع عاملاً مميزًا ويرجع ذلك إلى القدرات القتالية المحدودة للمقاتلين والخسائر الكبيرة الحتمية بينهم وانخفاض كفاءتهم وإن تقدمهم ممكن في الليل وفي ظروف الرؤية المحدودة, واحيانا قد تنشأ حالة أخرى عندما فشل الهجوم في تحقيق مفاجأة تمكن المهجوم عليه من تنظيم الدفاع، وفي حالة الهجوم المفاجئ لقوات الجيش على معسكر حرب العصابات، فإن هدف الدفاع ليس هزيمة الجيش بل تهيئة الظروف للتراجع أو الخروج من البيئة ويجب أن يكون رجال العصابات قادرين على تحييد نقاط القوة في الجيش النظامي، الذي يتألف في المقام الأول من قوة النيران الضخمة والمخزون الذي لا ينضب من الأسلحة والذخيرة والطعام.
تكتيك تكتيكي آخر يستخدم على نطاق واسع من قبل رجال العصابات حول العالم هو ما يسمى الاستيلاء على الحزام وإن القيام بمعركة في نطاق القنبلة اليدوية يسمح بالتعويض عن عدم وجود أسلحة ثقيلة ويمنع الجيش من تحقيق الاستفادة من قوته النارية, وان إحدى السمات الرئيسية لتكتيكات حرب العصابات الثابتة هي "المناورة السرية السريعة" فيجب أن يتحرك رجال العصابات مثل المياه المتدفقة والرياح السريعة وبالمعنى الواسع للكلمة لتسمح هذه المناورة بخداع الجيش فإذا كان رجال العصابات يتحركون باستمرار فإن ضربات الطيران والمدفعية سيتم تطبيقها على مساحة خالية وستقوم قوات الجيش بإنفاق الوقود والذخائر والمواد الغذائية وموارد الماكينات بلا هدف فلذلك يجب إخفاء أو تدمير أي شيء لا يمكن حمله, وبالنظر إلى الطبيعة المحددة للإجراءات فإن الطرق الرئيسية لحل المهام القتالية تتمثل في الكمائن والغارات والحرائق والتخريب.
اضف تعليق