نور ملاس/وول ستريت جورنال-ترجمة أحمد عبد الأمير
قال مسؤولون عراقيون وغربيون إن الصراع بين سماسرة السلطة الشيعة في العراق يشكل تهديدا على الاصلاح الحكومي الذي يطمح إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وإن الصراع على السلطة، الذي يشمل الميلشيات المدعومة من إيران، قد أصاب عمل السيد العبادي بالشلل، الأمر الذي دفع إلى تدخل نادر من جانب المرجع الديني الأعلى للشيعة آية الله العظمى علي السيستاني، الذي أيد خطة الإصلاح الرامية إلى تبديد التحديات التي تواجه الحكومة، بحسب مسؤول عراقي.
إن دعم السيستاني قد قلّص، على الأقل في الوقت الراهن، من التوترات المتصاعدة بين الجماعات الشيعية، وكان سببا في وقوف العراقيين، على نطاق واسع، خلف خطة السيد العبادي.
وصرح مسؤول دبلوماسي غربي في بغداد حول التوترات السياسية أن "العراق مثل برميل ممتلئ بالوقود وجاهز للانفجار"، مضيفا "ينبغي فعل شيء ما".
ولكن هناك قلق عالق بهذا الصراع، ويمكن ان يضيف طبقة جديدة للأزمات المتعددة التي تعصف بالعراق، في الوقت الذي تحاول فيه البلاد احتواء جماعة الدولة الاسلامية المتطرفة، ومنع التوترات الطائفية بين السنة والشيعة والكرد من أن تؤدي إلى تمزيق العراق.
ويقول مسؤولون عراقيون وعرب وأمريكيون إن جذر الانقسامات الأخيرة يكمن في قوات الحشد الشعبي، التي هي في الغالب مجموعة شيعية شبه عسكرية تشكلت العام الماضي لقتال جماعة الدولة الاسلامية المتطرفة، وقد اصبحت هذه القوات تتمتع بشعبية بنطاق واسع بين العراقيين الذين يرونها على أنها بفاعلية تفوق بكثير تلك الخاصة بالجيش الوطني، إلا أن بعض الفصائل العاملة ضمن هذه القوة، من التي تستمد ارشاداتها وتموليها وتدريبها من قبل إيران، الراعي الشيعي الاقليمي، قد أصبحت اليوم تشكل تهديدا متزايدا لرئيس الوزراء الشيعي العراقي.
وقال عزت الشابندر المساعد السابق لسلف السيد العبادي نوري المالكي إن "الأمر هو حول الصراع على زعامة الطائفة الشيعية".
ومنذ شهر من الآن، يتخذ العراقيون الشوارع كل اسبوع للتنفيس عن الاحباط الذي أصابهم نتيجة انقطاع التيار الكهربائي الذي جعل من الناس يتصببون عرقا في ذروة حرارة الصيف، حيث ينظر للمظالم السارية منذ مدة طويلة هنا على أنها رمز الفشل الحكومي وسوء الإدارة، حيث بدأت الاحتجاجات في معاقل الشيعة بالعراق، في الجنوب، ثم امتدت إلى العاصمة.
وعندما انضمت المليشيات الشيعية والأحزاب السياسية إلى المظاهرات بكامل قوتها في يوم الجمعة، أصبحت الاحتجاجات منتدى للتوترات المتصاعدة داخل الطائفة التي تشكل الأغلبية في البلاد.
ودعا زعيم الميليشيا الشيعية الموالية لإيران عصائب أهل الحق، في وقت سابق من هذا الشهر، علانية، السيد العبادي إلى الاستقالة إن لم يكن قادرا على السيطرة على "الظروف التي هي أكبر منك".
وردا على الاحتجاجات، قدم السيد العبادي مجموعة كبيرة من التدابير الاسبوع الماضي الهادفة إلى إصلاح الحكومة ومكافحة الفساد الرسمي، حيث من المفترض ان تؤدي هذه الاجراءات إلى إنهاء المحاصصة على الأساس الطائفي والحزبي، الأمر الذي يمكن ان يقلب النظام السياسي الذي وضع الكتل الشيعية في السلطة منذ العام 2003، عندما أطاح الغزو بقيادة الولايات المتحدة بنظام صدام حسين الذي يهيمن عليه السنة، وهو الاحتمال الذي هز المؤسسة السياسية الشيعية في البلاد.
وتحرك رئيس الوزراء بجرأة ضد مسؤولين اعتادوا على العمل مع إفلاتهم من العقاب، إضافة إلى المنافسين السياسيين، بضمنهم السيد المالكي الذي من المقرر أن يخسر منصبه كنائب أول للرئيس بموجب هذه الاصلاحات، حيث يتهمه منتقديه بمحاولة تقويض الحكومة.
رئيس الوزراء اتخذ خطواته الأولى الرئيسة لترشيق الحكومة، الأحد، بعد أن تم إقرار مقترحاته الأسبوع الماضي، فقد قام العبادي بإلغاء 11 منصب وزاري، من بينها ثلاثة نواب لرئيس الوزراء، ودمج ثماني وزارات لتكون أربعة.
وقد أبدى خصوم العبادي الشيعة دعمهم للاصلاح بعد ان حاز على تأييد السيد السيستاني، وهو المرجع الروحي الأكثر وقارا لدى الشيعة، والذي يتخذ من مدينة النجف جنوبي البلاد مقرا له.
وقال مسؤول شيعي كبير إن "المشهد كان يتجه إلى صراع شيعي- شيعي" قبل تدخل السيد السيستاني".
لقد تشكلت قوات الحشد الشعبي بعد دعوة السيد السيستاني إلى حمل السلاح لقتال تنظيم الدولة الاسلامية، ولكن الصعود العسكري السريع والطموحات السياسية المتنامية أصبح بمجموعه يمثل مشكلة بالنسبة لآية الله، بحسب بعض المسؤولين العراقيين ودبلوماسيين غربيين.
وقال مسؤول شيعي بارز إن السيد السيستاني تدخل بعد جولة من الاحتجاجات التي "حاولت مجاميع مقربة من إيران سرقة الحركة".
وقال سجاد جياد، وهو محلل عراقي، إن تحركات السيد السيستاني الأخيرة كانت إلى حد ما عرضا حقيقيا للتضامن مع الشعب الذي يطالب بالتغيير، وقد تحفزت هذه التحركات بصورة جزئية من خلال رؤية رئيس الوزراء في طريق مسدود.
وأوضح جياد أن "جزءا منها كان حول قضية الميليشيات التي تخرج وترفع ملفاتها السياسية"، مضيفا أن واحدة من النتائج المحتملة يمكن أن تبين "أنهم قادرين على زعزعة استقرار الحكومة، والحصول على تصويت حجب الثقة عن رئيس الوزراء".
ولكن بالنسبة لبعض اللبراليين من الشيعة والسنة والكرد العلمانيين الذين انتقدوا في الماضي النفوذ الإيراني في شؤون بلادهم، فإن التطورات الأخيرة تثير قلقا جديدا، فقد بدأوا هذا الأسبوع بانتقاد ما يعتبرونه دورا متزايدا للسيد السيستاني في الشؤون السياسية.
علاوة على ذلك، قدمت لجنة برلمانية، الأحد، تحقيقا إلى رئيس البرلمان حول كيفية سقوط الموصل، المدينة الواقعة شمالي البلاد وهي ثاني أكبر مدن العراق، بيد تنظيم الدولة الاسلامية العام الماضي. ويتوقع ان يحيل التقرير العشرات من كبار المسؤولين إلى المحاكم لدورهم في الهزيمة، وفقا لمشرعين، مبينين إن الأمر يمكن أن يؤدي إلى توجيه الاتهام لكبار المسؤولين بما فيهم السيد المالكي.
ومن المقرر أن يصوت البرلمان على نتائج التقرير يوم الاثنين، وبعد ذلك سيتم إحالته إلى كل من رئيس الوزراء العبادي والنائب العام، الأمر الذي قد يضع رئيس الوزراء على طريق تصادمي جديد مع السيد المالكي، والمنافسين الآخرين.
ومهد السيد العبادي، في وقت سابق من يوم الأحد، الطريق أمام محاكمة عسكرية لكبار القادة حول سقوط مدينة أخرى، وهي الرمادي. فقد استولى تنظيم الدولة الإسلامية على الرمادي مركز محافظة الأنبار، في ايار، بما كان يمثل نكسة كبيرة للحكومة في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال مشرعون "كيف كان عمل رئيس الوزراء سريعا فيما يخص التحقيق في التقصير العسكري بالرمادي، في مقابل تحقيق دام عام حول الموصل، الذي بدا ليظهر عزما جديداً.
السيد المالكي، الذي أعرب في البداية ببيان، عن دعمه إصلاح الحكومة، ظهر منذ ذلك الحين مستفهما حول بعض هذه التدابير، ففي المقابلات التلفزيونية المحلية، وصف الخطوات الخاصة بإلغاء مناصب نائب الرئيس والدعوة للسماح لرئيس الوزراء باستبدال المحافظين بـأنها "غير دستورية".
وقال محمد القاص، وهو أحد المحتجين في تظاهرات يوم الجمعة في بغداد، حاملاً العلم العراقي، إنه لم يعد فقط يشارك في مسيرة لأجل المطالبة بالخدمات الأساسية أو بحكومة أفضل.
وأضاف القاص، البالغ من العمر 48 عاما، أن "هناك الكثير من التأثيرات الخارجية التي تعمل في العراق، وإن إيران على رأس ذلك"، وأن "على العبادي أن يتخلص من ذلك".
اضف تعليق