موقع ستراتفور-ترجمة أحمد عبد الأمير
يخطط رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لتعديل حكومته، لكن فعل ذلك يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الحكومة المضبوط توازنها بعناية في البلاد. فمنذ مطلع شباط، عندما أعلن رئيس الوزراء عن نيته استبدال تسعة أعضاء في مجلس الوزراء بمهنيين وتكنوقراط وأكاديميين، واجهت الحكومة ضغوطا متصاعدة من الجمهور. وكانت مطالب الإصلاح والاحتجاجات ضد الفساد في ازدياد مستمر. رغم ذلك بذل العبادي جهدا في استشارة المشرعين والقادة من مختلف ألوان الطيف السياسي حول عملية التغيير الوزاري، وسوف يضطر إلى أن يخطو بحذر لتجنب إثارة المزيد من الاضطرابات.
في 23 آذار، أعلن النائب البرلماني مهدي الحافظ أن اللجنة النيابية لإختيار الوزراء قدمت للعبادي قائمة بأسماء المرشحين للنظر فيها. ويخطط رئيس الوزراء، في المقابل، الكشف عن أسماء المرشحين الذين تم اختيارهم له في الـ 27 من آذار. واعتمادا على من يختاره العبادي، فإن تمثيل الأحزاب السياسية والجماعات العرقية في البلاد قد يتغير، لاسيما إن كان رئيس الوزراء يعطي الأولوية للخبرة أكثر من أي انتماء معين. وإذا فعل ذلك، فانه من المرجح أن يواجه أصواتاً معارضة كبيرة من جميع الاطراف.
من الناحية النظرية، فإن مخاطر تغيير التمثيل السياسي كان ينبغي التخفيف من آثارها من خلال الطريقة التي يستخدمها البرلمان في إختيار مرشحي هذه الأحزاب والجماعات العرقية. وقد طلب العبادي من جميع كتل المكونات في البلاد طرح مرشحين تكنوقراط من الجماعة السياسية والدينية الخاصة بها. ومع ذلك، لم يتعهد رئيس الوزراء بدعم المحاصصة السياسية الموجودة حالياً، وأن صمته حول هذه القضية يجعل العديد من السياسيين العراقيين في حالة مزاج حاد.
ومع الاقتراب السريع من اختيار التشكيلة الوزارية النهائية، فإن مراقبة ردود فعل العديد من الأفراد والجماعات السياسية العراقية سيكون مهماً في تحديد كيف أن التعديل سيؤثر على استقرار العراق.
من تراقب
مقتدى الصدر: الزعيم الشيعي البارز انتقد بشدة حكومة العبادي لبطء تقدمها في مكافحة الفساد. ويشغل هو وأنصاره حاليا نحو 34 في المئة من مقاعد البرلمان، ودعا إلى استبدال جميع الوزراء في الحكومة. وبما أن العبادي من المرجح أن يزيح تسعة فقط من هؤلاء، فإن معسكر الصدر لا يكون عندها راضيا تماما عن هؤلاء المعينين ليحلوا محل الوزراء، بغض النظر عمن يختاره العبادي، وأن مطالبات الصدر باجراء تعديل وزاري شامل ربما ستستمر، وإذا فقد أنصاره الأماكن داخل الوزارات العراقية، فإن إعتصامهم المتواصل ضد الفساد يمكن أن يتصاعد إلى إحتجاجات أكبر.
الكرد: كرد العراق قلقون من أن التعديل سوف يخفض من تمثيلهم في بغداد، ليس فقط من حيث العدد ولكن أيضا فيما يتعلق بأي من الوزارات سيقودون. ويقود الساسة الكرد حاليا وزارات الثقافة والهجرة والمالية، ورفض وزير الثقافة الكردي فرياد راوندوزي بالفعل ترك منصبه. وإذا ما اسندت هذه المناصب الوزارية لمسؤولين من غير الكرد، فإن ذلك يمكن أن يضر بعلاقات بغداد مع حكومة إقليم كردستان.
السنة: على نحو مماثل، فإن الأقلية السنية في العراق سوف تحتج إذا ما أضعف التعديل الوزاري من وجودها في الحكومة. وفي حال انخفاض تمثيل السنة، فان معارضتهم لإدارة العبادي يمكن أن تتصاعد، مغذية الاضطرابات السنية بشكل أوسع في جميع أنحاء العراق.
وإذا ثبّت العبادي مرشحيه من التكنوقراط بنجاح، فإن الحكومة العراقية قد تكون في وضع أفضل للتعامل مع التحديات الاقتصادية المستمرة في البلاد بالمستقبل. ومع ذلك، فإنه سيكون من المستحيل لرئيس الوزراء إرضاء جميع الجهات السياسية الفاعلة في العراق، بغض النظر عمن يختار لحكومته المقبلة. ونتيجة لذلك، فإن أي تغييرات ستحدث في الأيام المقبلة ربما لن تكون بالحجم الذي كان في ينوي العبادي تحقيقه في البداية، ولا فعّال بالقدر الذي يأمله المراقبون المهتمون بهذا الشأن. علاوة على ذلك، فإن جهود العبادي ستفعل القليل لثني الاحتجاجات التي يقودها الصدر، والتي من المتوقع أن تستمر في الأسابيع المقبلة.
اضف تعليق