مايكل روبين/موقع كومنتري ماغازين-ترجمة أحمد عبد الأمير
إنه حلم طالما راود قادة اقليم كردستان بتحويله إلى دبي جديدة، ولطالما عمل الأكراد إلى جسر التوازن الدقيق بين الولايات المتحدة وتركيا وإيران، في الوقت الذي آلت فيه مساحات كبيرة من البلاد تمتد بين بغداد والموصل وكركوك إلى الفوضى الطائفية والحرب الأهلية، وظلت أجزاء من العراق تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان العراق تنعم بالاستقرار والأمان النسبيين. لقد قامت حكومة اقليم كردستان ببيع حقوق التنقيب عن النفط والغاز، ووجدت شركات النفط العالمية احتياطات هائلة منهما. ومثال على ذلك إن موقع حكومة الإقليم الالكتروني يشجع على الاستثمار الدولي، الأمر الذي يجعل من الكرد العاديين يحملون كل التوقعات بأنهم سيستفيدون من هذه السقطة، حيث تدفقت الأموال إلى الإقليم، غير أن ذلك لم يكتب له النجاح على اية حال.
لقد تراجعت حكومة إقليم كردستان على الدوام عن الدفع المالي المقابل لكميات النفط المستخرجة، إلى جانب تراجعها عن التزاماتها تجاه المستثمرين، وهي تلقي باللائمة بذلك على بغداد لفشلها في تحويل حصة كردستان من الميزانية، وعلى سلسلة المعارك الأخيرة ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
ان القاء اللوم على بغداد غالبا ما يكون استراتيجية ناجحة لإبعاد الجمهور عن لوم الحكومة حول التكاليف الحقيقية للفساد وسوء الادارة، فبعد عقود من التمييز وامور أخرى أكثر سوءاً، قبل الكرد الرواية القائلة أن الخطأ يكمن في بغداد، والأمر مغاير حيث أنه ليس فقط بوجود كردي هو الآن وزير المالية العراقي، وهو أيضا خال مسعود بارزاني، ويقوم بمعاملة حكومة إقليم كردستان بشفافية، فقد أبرم رئيس الوزراء حيدر العبادي اتفاقا نفطيا مع حكومة إقليم كردستان بعد وقت قصير من توليه منصبه، فعندما لم تدفع الرواتب الخاصة بموظفي كردستان في كانون الأول 2013، في السليمانية على سبيل المثال، فإن الحقيقة أن بغداد كانت حينها قد حولت الأموال إلى حكومة إقليم كردستان، إلا أن تلك المبالغ فقدت إلى حد ما بين أربيل والسليمانية، وعلى الرغم من التكلفة العالية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية، فإن جزءاً من هذه النفقات هو عبارة مال تم تسريبه من الخزينة ودفعه إلى المقاتلين "الأشباح" من البيشمركة الذين هم موجودون على الورق فقط وليس في الواقع.
حقيقة، أن الاحتيال الخاص بوجود موظفين أشباح هو أحد الأسباب التي تجعل حكومة إقليم كردستان ممتنعة عن تبني المصرفية الحديثة والتحويل الالكتروني للرواتب.
تحط حكومة إقليم كردستان بانتظام من أي صحافي كردي مستقل يكتب عن الفساد أو المحسوبية شأنها شأن الحكومة العراقية في ظل حزب البعث، وتقوم بانتظام باستجواب الكرد العائدين من السفر إلى الخارج- بما في ذلك برنامج الزائر الدولي الذي تنظمه وزارة الخارجية الأمريكية- لضمان أنهم لم يتحدثوا إلى محللين أو صحافيين تخشى أن ينتقدوا بتقاريرهم الوضع في إقليم كردستان. وعكس ذلك تقوم حكومة إقليم كردستان العراق بإمطار المسؤولين الأمريكيين السابقين، والضباط السابقين، ومحللي المراكز البحثية بوابل من الهدايا، والعقود، والنقد المالي لكي يتغنوا بها.
قد يكون الصحفيون سطحيين-فهم يهبطون إلى داخل وخارج الإقليم بسرعة- لكن المستثمرين المسؤولين والأسواق العالمية لا ينجرفوا بسهولة تحت تأثير الواقية الخطابية، إنهم يريدون أن يعرفوا الحقائق، يروا الكتب و.. في المناطق حيث أن التعتيم يمثل قاعدتها الأساس، وان يقتنعوا أن خط الحكومة متجذر في الواقع.
حسنا، بما أن النقد المالي قد جف، فإن حكومة إقليم كردستان حاولت مؤخرا الاستفادة من أسواق الدين العالمية لمدة خمسة أعوام، بسندات اقتراض بقيمة مليار دولار، وقد أخبرتهم الأسواق أن ذلك سيكلف فوائد بمقدار 12 بالمئة. في المقابل، فإن دين ساحل العاج هو باستحقاق أطول من ذلك بكثير- كانون الأول 2032- بعوائد 6.43 بالمئة، وان الدين الحكومي العراقي هو مع حلول العام 2028 وباستحقاق تجاري عند 8.2%. اثنا عشر عاما مقابل ورقة بخمس سنوات هي صفعة في الوجه وعلامة على الانعدام التام بالثقة بإلادارة التي تنتهجها حكومة الإقليم. واقعا، عندما تقوم حكومة الإقليم بالتلميح عن رغبتها بإجراء استفتاء يؤدي إلى الاستقلال- تنوه إنها تسقط على كل بضع سنوات باستثناء تلك التي لم تعمل أبدا- حيث تؤشر الاسواق العالمية أن الكرد قريبين جدا من الافلاس وانهم يعتقدون ان حكومة اقليم كردستان قد حطت بالاقتصاد الكردي بالأرض. في الواقع، إنها تقول الكثير من أن المستثمرين الدوليين الآن لديهم ثقة أكبر بكثير بمستقبل العراق من مستقبل كردستان العراق.
إذا كانت كردستان حقا ديمقراطية كما يقول ممثلوها، فإنه حان الوقت منذ أمد طويل على برلمان الإقليم ليطرح أسئلة صعبة حول الرئيس والإدارة التي ينتهجها رئيس حكومة إقليم كردستان فيما يتعلق بالاقتصاد، وعلاقات المستثمرين، وسيادة القانون.
اضف تعليق