q
رحل عام 2020 بكل ازماته وكوارثه، وجاء عام 2021 محملا بالكثير من اليأس بالمستقبل والقليل من الامل به. والكثير من الشباب في العراق يسيطر اليأس على رؤيتهم للواقع وبعضهم يتشاءم الى حد يرى فيه الامل هو مجرد وهم. هل هناك امل بالمستقبل في آخر النفق...

رحل عام 2020 بكل ازماته وكوارثه، وجاء عام 2021 محملا بالكثير من اليأس بالمستقبل والقليل من الامل به. والكثير من الشباب في العراق يسيطر اليأس على رؤيتهم للواقع وبعضهم يتشاءم الى حد يرى فيه الامل هو مجرد وهم.

فما هو رأيكم هل هناك امل بالمستقبل في آخر النفق؟

وهل يؤدي اليأس الى الاستسلام والخنوع ام قد يؤدي الى انفجار الغضب؟

واذا كان هناك امل فكيف يمكن صناعته؟

وكيف يمكن للشباب قيادة قاطرة التغيير السائرة نحو المستقبل؟

شبكة النبأ المعلوماتية طرحت هذه الأسئلة على مجموعة من الأكاديميين والباحثين والكتاب، وكانت هذه الإجابات:

الدكتور محمد مسلم الحسيني:

المعمورة بكل زواياها واركانها تعرضت في عام 2020 إلى أكبر هزة صحية نفسية اجتماعية اقتصادية سببها ملك الفايروسات كوفيد 19 الذي ضعضع امان واستقرار ورفاه العالم. هذا الارهاص طغى في أثره وتأثيره على اوجاع العالم الأخرى فحصل على القدح المعلى وعلى الأثر الأكبر في إرباك حالة المجتمعات المتعثرة أصلا.

دون شك هناك أمل ونور في نهاية النفق يبشر في وصول لقاح مؤكد وفعال في منع انتشار هذا الوباء والخلاص من شره خلال عامنا الجديد هذا. هذه إشارة فرح للعالم كله صاحبتها إشارة فرح أخرى وهي رحيل سايكوباث أمريكا دونالد ترامب عن منصة الحكم حيث يعتبر هذا الرجل الخطير مصدر خطر هام يحدق بالعالم رغم عدم شعور الأكثرية بمدى خطره ومدى بعد حالته النفسية عن الاستواء رغم تحذير أهل الاختصاص والعلم. وهكذا فأنا شخصيا اعتبر زوال خطر ترامب لا يقل عن زوال خطر كورونا عن العالم.

الحالة العراقية تتشارك مع الحالة العالمية الحادة في الخلاص من هذين الأمرين لكن العراق مع الأسف سيبقى محتفظا بحالته المرضية المزمنة المتعلقة بحالته السياسية وحالته الاقتصادية والاجتماعية. علاج حالة العراق المزمنة مسألة صعبة جدا في نظري والمخرج منها رغم أنه ممكن لكن لا يسمح به سياسيا طالما بقي وعي العراقيين يراوح في مكانه وطالما صار العرق قبل العراق والطائفة قبل الوطن. وطالما بقي العراقي لا يدرك الفرق بين الصالح والطالح في خياراته السياسية وطالما تنظر الأحزاب المسيطرة على دفة الحكم إلى مصالحها قبل مصلحة الشعب والى إراداتها قبل ارادات الوطن. الحالة العراقية لا تبشر المحلل السياسي بخير لأنها حالة معقدة في جو معقد وظروف أعقد منها. عناء العراقيين الإداري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي قد يبقى متأرجحا من دون تحسن إن لم ينحدر أكثر إلى الهاوية في ظل الظروف الصعبة الداخلية والخارجية التي يعاني منها العراق. علاج الحالة العراقية يجب أن تكون جذرية تتعلق بعلاج أسباب الحالة وليس أعراضها ولكن لمن تشتكي ومن الذي يستجيب!!!

الباحث حامد الجبوري:

بصراحة لا ضوء في نهاية الأفق في العراق سواء السنة الجديدة ام السنوات التالية لها، بمعنى أن اليأس هو السمة الغالبة في مجتمعنا، ويُمكن إيعاز ذلك لمجموعة اسباب يمكن تشخيصها لتحديد ما يمكن من حلول لاحقاً، ومن أبرز تلك الأسباب هي:

أولاً: ضعف الحرية، فبحكم ضعف الحرية بمختلف أنواعها الفكرية، الاعتقادية، التعبيرية، السياسية، الاقتصادية وغيرها، دفعت لشعور الشباب بغياب المجال العام لتطبيق أفكارهم ومشاريعهم خصوصاً وأنهم يتطلعون لما يجري في العالم بفضل ثورة المعلومات والاتصالات.

ثانياً: ضعف الفردية، مجتمعنا محكوم بعادات وتقاليد تنتهك الفردية وخصوصيتها، مما يعني أن الفرد لا يستطيع تحقيق طموحه وتطلعاته بسلاسة لأنه يحتاج لكسر قيد العادات والتقاليد التي تقف في طريقه لتحقيق أهدافه.

ثالثاً: خطف المجال العام، أن خطف المجال العام من قبل الحركات الدينية والسياسية -من خلال السلاح المنفلت- دفع لضياع أمل الشباب العراقي في بناء المستقبل.

رابعاً: في ظل غياب التربية الأخلاقية على حب الفضائل، كحب لأخيك ما تحب لنفسك؛ ونبذ الرذائل كالحسد، دفع لنمو ثقافة لا تحب التقدم للآخرين ومحاولة وضع العراقيل أمامها، وهذا ما ينسجم تماماً مع ضعف الفردية والحرية، وأصبح المجتمع قاتل للإبداع والتميّز، وبهذا الخصوص يقول عالم الكيمياء المصري محمد زويل "الغرب ليسوا أذكياء هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل".

في تقديري صناعة الأمل تكون مرهونة بصناعة الحرية والفردية والمجال العام والتربية الأخلاقية. وكل هذه تبدأ من القراءة ثم القراءة ثم القراءة، لأنها تخلق الأفكار والافكار هي التي تصنع العالم، إذ لا يمكن لإنسان أن يؤمن بفكرة الحرية ويعمل على تطبيقها دون معرفتها وأهميتها وتأثيرها وكذا الحال بالنسبة للفردية والمجال العام والأخلاق.

الدكتور حميد مسلم الطرفي:

في البدء لابد من الإشارة إلى أن المسار الكوني في جانبه المادي يسير بخط تصاعدي على مستوى الانجاز الحضري في بنائه ووسائل اتصالاته وطبه وسائر علومه وليس ذاك بخاف على بصير. أما في المجال الحضاري والبعد المعنوي فتتفق الأديان الابراهيمية على أن الأرض سائرة نحو الصلاح العام وسيتمكن المنقذ من قيادة العالم وهذا يعني أن هناك رقي بشري ونمو ايماني وتطور أخلاقي يُمكن المخلص من القيادة وبناء دولة العدل وبالتالي فمهما حصل من صعود ونزول في مؤشرات النمو والازدهار المعنوي فإن المحصلة ستكون الصعود لان الكون بمجمله يكدح للوصول إلى دولة العدل والله غالب على أمره. من هنا فالتفاؤل في أن القادم أفضل ليس أحلاماً ولا أمنيات بل واقع حتمي وإن انتابنا ألم هنا وزلزال هناك.

العراق تجاوز محنة كبيرة للأسف يحاول الإعلام التغطية عليها وصرف الأنظار عنها، إنها محنة الديكتاتورية التي مسخت البشر وحولتهم إلى آلات توجه وتقاد وتُساق كما يريد الديكتاتور، للأسف أن شبابنا لم يطلعوا على تلك الحقبة بشكل يمكنهم من تلمسها وفهمها كما لو كانوا عاشوا فيها، وهذه الفجوة قد توقعهم في منزلق العودة اليها فيندمون ولات حين مندم.

إن حرية النقد والتظاهر والاحتجاج والتعبير والعقيدة والعبادة هي جوهر ما دعت اليه الثورات الكبرى كما في اعلان حقوق الانسان والمواطن الفرنسي في 1789 والاعلان العالمي لحقوق الانسان في 1948 المعتمد كوثيقة في الامم المتحدة وسبب ذلك أن اعطاء هذه الحريات هو من يُشعر الانسان بإنسانيته أولاً ويفسح المجال للتغيير نحو الأفضل ثانياً.

إن الأمل يحدونا وبقوة أن تغييراً سيحصل حتماً نحو الأفضل إذا ما استطاع الشباب أو استطاعت النخبة منهم أن تُمسك بأدوات التغيير الأساسية وتحافظ عليها وأولها الحرية، فهي المفتاح لكل تغيير قادم ان شاء الله، ونحن حين نتحدث عن التغيير فإننا نعني بذلك الحكم الرشيد ودولة الانسان التي تليق بنا. أدعو الله أن يحفظ العراق والعراقيين من كل سوء وان يفتح لهم في عام 2021 كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور اسعد كاظم شبيب:

قد تكون منغصات وكوارث سمة عام معين وهذا ما ينطبق مع عام 2020 الذي انصرم قبل ايام وحل عام 2021، ويتأمل الناس فيه أمنيات بسيطة بعد ما شاهدوا هول وباء كورونا الذي يعد أحد ابرز علامات عام 2020 الحزينة حيث قضى على عشرات الآلاف من الناس وأصاب الملايين، لكن ينبغي أن نكون واقعيين ان الآمال وحدها لا تصنع المعجزات والمستحيلات.

اذن لا نتوقع من عام 2021 ونحن نعيش السكون وتتعاظم علينا ملفات التخلف وضياع الفرص في بناء الدولة والمجتمع وانتشار فساد السلطة، وبالتالي لابد من العمل وتقديم الافضل على المفضول وفق روى علمية وطنية حديثة تستطيع ان تلبي كل طموحات أبناء المجتمع، من هنا يبقى الأمل سمة كل المجتمعات والأفراد الراغبة بالنهوض الذاتي والوطني وصدق من قال: لولا الامل لانقطع العمل. ونأمل ان تتعاضد كل القوى المفكرة والوطنية بتحقيق أمل المجتمع والأفراد في العراق في بناء منظومة الانسان كمقدمة لبناء الدولة ومؤسساتها للوصل إلى دولة الرفاهية الاقتصادية، والكفاءة الذاتية والوطنية، والعدالة الاجتماعية.

الباحث جواد العطار:

يعتبر الشباب القوة القادرة على التغيير والبناء والإعمار، وهم الشريحة الأهم في المجتمع لأنها قادرة على العمل والتطوير وهم قادة المستقبل، لذلك تولي الامم والدول المتقدمة شريحة الشباب اهمية قصوى من ناحية ازالة همومها وتوفير الأجواء لإطلاق ابداعها ومثابرتها في خدمة قضايا الوطن بدءا من خلق جيل واعي قادر على حماية الأمن الى توفير مستلزمات التعليم والتثقيف والاهم توفير فرص العيش الكريم وابعاد الشباب عن هموم الحياة من خلال تقديم المعونة المالية في حال البطالة مثلا؛ وتوفير فرص العمل والانتاج في مختلف مناحي الحياة وافضل ما يمكن تصوره هو التوجه الجديد بدعوة الشباب لولوج الحياة السياسية والتدريب على المشاركة في صنع القرار وهذا ما نشاهده بالعديد من الدول الغربية وفي تجارب اخرى بتركيا وتونس وحتى بعض الدول الافريقية.

إذن إهمال الشباب وعدم إيلاء أحلامهم وتطلعاتهم هو إهمال للمستقبل وتدمير للحاضر، ومع الاسف هذا ما حدث لشريحة الشباب في العراق... فالولاء للوطن تشتت بينهم الى الولاءات الاخرى الطائفية والعشائرية والمناطقية وضاعت منهم الهوية ومعه الانتماء؛ وهما اللبنة الاساسية في بناء جيل واعي قادر على النهوض بمتطلبات الحاضر ومواجهة مصاعب الحياة.

لقد ترك العراق شبابه طيلة اربعة عقود يواجهون أصعب مرارات الحياة من حرب طويلة اكلت الاخضر واليابس الى حصار طويل وخانق الى احتلال بغيض وارهاب ومفخخات وازمات سياسية واقتصادية عاصفة لا تتوقف، فأصبح لدينا جيل ينظر الى المستقبل نظرة سوداوية يملؤها اليأس من التغيير الى الافضل. وتقف اسباب اخرى وراء ذلك اضافة الى ما تقدم منها:

١. سياسات النظام البائد في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.

٢. الاحتلال الذي أخل بالكثير من القيم في الدولة والمجتمع.

٣. السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة بعد عام ٢٠٠٣ والى الان، والتي تتحمل الجزء الاكبر من مشاكل الشباب لأنها جاءت في حقبة التغيير التي كان من المفترض ان تفتح ابواب الأمل من جديد بعد حقبة قاتمة وطويلة من الديكتاتورية والحرب والحصار.

٤. الطبقة المثقفة التي تتحمل جزءا من المشكلة لأنها هربت من البلاد مع اول هزة عام ٢٠٠٦، وتركت فراغا لم يملئه احد وشجعت الشباب على الاقتداء بهم في التفكير بترك البلاد وسيادة حال اليأس من القادم. ونقصد بالمثقفين الأساتذة والعلماء والفنانين وكافة المبدعين بكل المجالات.

ان المؤسسة الدينية لم تكن قادرة منفردة على احتواء الشباب وتطويع ميولهم وبث روح الأمل في نفوسهم لعدة اسباب منها: اختلاف ميول الشباب اولا؛ اندفاعهم وسرعة تغير قرارهم ثانيا؛ وثالثا؛ سهولة وقوعهم في شباك الأفكار المنفرة من الدين والبعيدة عن اخلاقياته.

إذن، مسألة الشباب اليوم تعتبر قضية ذات أولوية كبرى تفوق كل المشاكل المطروحة، فالاهتمام بالشباب ينبغي ان ينطلق من توفير حياة حرة كريمة لهم لا بالتعيين الحكومي بل بتوفير فرص العمل لهم بعيدا عن المحسوبية والمنسوبية والفساد في القطاع العام والخاص على السواء، والاهم من كل ذلك صياغة هوية وطنية لكل شاب عندما يدرك ان الأمل موجود في بلاده وان القادم خير والمستقبل افضل، وهذا لن يأتي من فراغ بل من برامج توعية تتحمل مسؤولياتها الحكومة وكافة الفعاليات الوطنية والاجتماعية.

الباحث ميثاق مناحي العيسى:

انا شخصياً لا اريد ان اكون متشائماً ابداً بقدر ما اريد ان اكون واقعيا ونتيجة للظروف الراهنة والقراءة المستقبلية لها، ولمعطيات وافرازات العملية السياسية على مدار السنوات الماضية والتجارب والمحن الصعبة التي مرت بها هذه العملية دون استثمار، ادى الى فقدان الامل بشكل كبير وبدأ السخط والتذمر وغياب الامل لدى كل شرائح المجتمع العراقي، مما ادى الى خضوع بعض طبقات المجتمع وتسليمها بالأمر الواقع وانفجار بعض طبقاته، ولاسيما على مستوى فئة الشباب او الطبقة الوسطى بشكل عام او ما يمكنني ان اسميهم بالفئات العمرية التي لم تعاصر حقبتي صدام حسين والحرب الطائفية العراقية بعد الغزو الامريكي للعراق 2003، وانتفاضة تشرين كانت وما زالت وستبقى مؤشر لهذا الفقدان بالأمل، وهنا تكمن خطورتها، ولاسيما في ظل غياب الحلول الناجعة في مواجهة ظاهرة الاحتجاجات المتكررة.

الدكتور رائد الهاشمي:

أعلل النفس بالآمال أرقبها-----ما اضيق العيش لولا فسحة الأمل

رحم الله قائل هذا البيت الذي دائماً أؤمن به وأتخذه قاعدة لي في حياتي، ولكن أستميح شاعرنا العذر بأن كلامه الرائع وحكمته البليغة لم تعد تنطبق على الواقع العراقي المرير، فلقد نجحت الطبقة السياسية بكل مكوناتها وتفاصيلها أن تقتل كل خيوط الأمل في النفوس وأوصلت المواطن العراقي الى قمة اليأس والقنوط فلا أمل يرتجى منهم ولاتغيير منشود ولا تحسن في حالة المواطن العراقي، فالفساد بفضلهم قد استشرى واصبح ظاهرة عامة وخيرات البلد قد نهبت وخزائنه قد فرغت والفقير قد زاد فقره والمريض قد زادت آلامه والمواطن قد زادت معاناته وعجلة الفساد قد زادت سرعتها ولا يستطيع أحد أن يوقفها.

عام 2021 سيكون أسوأ من كل الأعوام المريرة السابقة لأن المشاكل فيه تضخمت والوضع الاقتصادي زاد في الانهيار والركود والديون تفاقمت والأداء السياسي زاد فشلاً وتلكؤاً والفجوة بين المواطن والسياسي قد زادت سعتها وثقة المواطن بالطبقة السياسية قد انعدمت ولا أمل بغدٍ أفضل الا بتغيير هذه الوجوه التي جثمت على صدور العراقيين، وكان الله في عون المواطن العراقي في عام جديد مليء بالمرارة والمعاناة.

الباحث حسن كاظم السباعي:

كما أنَّ قطار الزمن لا يتوقف، كذلك الأمل بالتغيير، و‎لا يوجد فرق بين الأيام والشهور والسنوات ولا يفصلهم شيء سوى هذه الأرقام الاعتبارية أو التعاقدية الرمزية للتميز بين الفواصل الزمنية، كذلك لا يوجد أي فرق بين ٢٠٢٠ و ٢٠٢١، فالشمس هي الشمس والقمر هو القمر، ومع ذلك يطلق على الأيام والليالي عبارة "الجديدان"، وبناءً على هذا المبدأ يُمكن صناعة الأمل وطرد اليأس والاستسلام والخنوع مع كل لحظة أو طرفة عين، ذلك ‎لأن الإنسان بما يحمل من فكر وإرادة، يبعثان في خلجات نفسه روحًا من العزم والاعتبار من الماضي، للمضي نحو الأفضل، فحتى إن لم يكن ثمة بارقة نور في الأفق توحي بوجود أمل في التغيير لكنَّ الأنفس والهمم هي من تستطيع أن توجد هذا التغيير المنشود.

أي على الصعيد الفردي أو الذاتي؛ ليرجع كل واحد منا لقراءة ما في نفسه، ويتأمّل ما حوله من أحداث ومتغيرات، فلا داعي لليأس لتوفر مقومات كثيرة باعثة على الأمل، يجب استيعابها ودركها، ذلك لأنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.‎ لأن المحاولات الفردية ان اجتمعت وتحوَّلت إلى طاقات فإنّها ستصنع التيار المتصاعد، وقد صنعت من قبل، ودفع الشباب حياتهم ثمنًا لآمالهم، ولهم أن يواصلوا من حيث انتهوا ويكمّلوا المشوار شريطة أن يضعوا تجارب الماضي نصب أعينهم، وذلك بعدم اعطاء الفرصة لمن يريد أن يركب الموجة باستخدام العنف والفساد، فكما أنّ هنالك عنف وفساد في السلطة فيمكن أن يكون ذلك في المجتمع أيضًا. من هنا فإنَّ أي تغيير أو قيادة تغييرية لابدّ أن تكون من خلال توفر التربة اللازمة وبعد توفرها سيكون انتظار المناخ المناسب، وان اجتمع التربة والمناخ سيؤتي الغرس أكله بإذن ربه، ‎أما التربة هنا؛ هو أن يربّي الشباب أنفسهم ‎بالأخلاقيات وبمفاهيم المجتمع المدني كـ اللاعنف وتقبّل كافة الأفكار والآراء.

والمناخ؛ بانتهاز الفرص والمشاركة حسب الخبرة، والاعتبار من التاريخ لتجنب الأخطاء السابقة.. وعمومًا؛ الأعوام المقبلة تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت، ومن بشائر التغيير أيضًا، ‎فعلى الصعيد الدولي؛ تتعرض قواعد لعبة الكبار للاهتزاز، وتستعد لاستقبال السنة الجديدة لتقبل هذا التغيير، أيضًا؛ بروز حالات من الوعي المجتمعي الجديد وهذا ما يلمس بوضوح في أحداث الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، وكذلك؛ آفاق العالم -على إثر الوباء "كورونا"- ليصحو على ضرورة تغيير المعادلات الاجتماعية والاقتصادية، وإعادة النظر في مجمل العلاقات الدولية. ‎وهنا يتجلى أمر التنافس بين الإرادات المختلفة، وهنا أيضًا محك امتحان حقيقي لكل واحد منا، لأن يستغل الفرصة ويقتحم مجالات المشاركة، ومواقع التأثير على كل قرار يتخذ بشأن الشعوب.

وخلاصة القول؛ إنَّ أي تغيير متوقع يبدأ من الذات ومن أخلاقيات الأفراد ومن صغائر الأمور، وعليها تُبنى التغييرات الجذرية الكبرى، فالتغيير من الذات هو الذي يبقى ويصمد، أما ذلك الضجيج الذي يمارسه المال والإعلام ليست إلا زبدًا سرعان ما يختفي ويزول كسرعة ظهوره.

الباحث جميل عودة:

بعض الناس يعيش الماضي ويرى انه أجمل من الحاضر، وبعض الناس يعيش المستقبل ولا يلتفت الى حاضره ولا ماضيه. وهؤلاء لا يحصدون الا خيبات الامل وتمر الايام والسنون وهم على حالهم لا تغير ولا تجديد. وبعض الناس يحمّل الآخرين كل اسباب فشله فاذا لم يحصل على طعام حمّل والديه او الحكومة المسؤولية. واذا لم يحصل على عمل حمل الحكومة المسؤولية الكاملة عن بقاءه دون عمل. وهكذا دواليك فمثل هؤلاء يفشلون في حياتهم ويعيشون عالة على اهلهم ومجتمعاتهم.

وحدهم الشباب الذين يفكرون بحاضرهم ويخططون لحاضرهم ويعملون من أجل حاضرهم ويطورون قدراتهم من أجل حاضرهم هم الناجحون وهم الرابحون وهم الراضون عن أنفسهم.

مشكلة الشباب انهم لا يفكرون بحاضرهم ولا يفكرون بتطويره ولا يمتلكون ذاتيا أدوات التفكير وأدوات التطوير والدولة بمفاصلها الثلاثة هي الاخرى غير قادرة على الاخذ بيد الشباب وكل ما تفعله بعض الوزارات مثل وزارة العمل هي اجراءات ترقيعية.

ان مسؤولية المؤسسات المجتمعية تتلخص في الآتي:

١. فتح مراكز تدريبية للشباب تعمل على تأهيل الشباب للعمل في السوق الحرة.

٢. تثقيف الشباب ان العمل في مؤسسات الحكومة لا يطور من مهاراتهم ولا قدراتهم بل بالعكس تماما وان كان يوفر مبلغا ماديا شهريا لهم.

٣. التأكد ان الدولة أي دولة لم ولن تستطيع توفر فرص عمل حكومية لكل خريج.

٤. التنسيق مع النقابات والاتحادات المهنية لوضع خطط عريضة لتشغيل وتنمية قدرات طالبي الوظائف.

٥. التنسيق مع الجامعات الاهلية للموائمة بين النظري والعملي وحاجة السوق. كما فعلت العتبات الحسينية والعباسية التي وفرت فرص عمل لبعض خريجي جامعاتها.

٦. ممارسة الضغوط على رئاسة الوزراء ووزارة التخطيط والمالية لوضع فقرات في الموازنة العامة تدعم الشباب دعم حقيقي على مستوى التأهيل والقروض والمتابعة.

بناء على ما تقدم ولان موضوع الشباب هو من الموضوعات التي تؤثر يوميا على حياة الناس فاني اقترح ان تعمل المؤسسات المجتمعية على تأسيس ائتلاف مدني لتدريب وتشغيل الشباب مهمته التخطيط والندوات والتنسيق والضغط بالاستعانة بالشباب.

الناشط محمد علاء الصافي:

من أكبر المشكلات التي يعانيها الانسان في بلادنا هو ثقافة اليأس والاستسلام، والتي يتم تعزيزها باستمرار من قبل السلطة الحاكمة وتفرعاتها.

هذه الثقافة تقودنا نحو نتيجة واحدة الفشل المستمر وعدم إنتاج نموذج ناجح في أي مجال وتسويقه بالشكل الصحيح.

اليأس ينتج نفسياً عن أسباب مثل الفشل الإجتماعي او المادي أو العاطفي وغيره من التعاملات اليومية في الحياة مع البشر. يمكن التخلص منه عن طريق العلاج النفسي وحل المشكلات المسببة له والنجاح في العمل أو الهوايات او العلاقات العاطفية أو التخلص من ذكريات وأفكار سابقة من الطفولة أو الشباب ربما تكون هي السبب.

مفردة "الشباب" مرادفة لـ "الربيع" فهي أمل بحد ذاتها، نحتاج فقط ان نغير من طريقة التفكير والاتجاه بعيداً عن من يزرع ثقافة اليأس، أجد من الضروري ان نفكر بطريقة عكسية مع من يضرب نموذج النجاح ويعزز الفشل في المجتمع، مثلاً، نجد ان موجة ما تتجه باتجاه العنف والتخريب او زيادة المشاكل الاجتماعية نتجه بالعكس منها تماماً نحو ثقافة اللاعنف والمبادرات الايجابية وهكذا.

نجد ان ثقافة الحكام تتجه نحو الاستبداد والصنمية، نتجه بالضد منها نحو التعددية والحرية الفكرية.

يُمكن للإنسان أن يعيش بلا بَصر ولكنه لا يمكن أن يعيش بلا أمل.

والشباب في العراق لديهم فرصة ذهبية خلال عام ٢٠٢١ بكنس من يقف عقبة امام مستقبلهم الاقتصادي والمعرفي من خلال اغتنام فرصة التغيير من خلال الانتخابات، نسبتهم ستكون الاعلى والاكثر تأثيرا هذه المرة من بين كل التجارب الانتخابية خلال تاريخ الدولة العراقية الحديثة.

اضف تعليق