قامت المملكة المتحدة، منفردة، بإعادة إطلاق المشروع التدميري ضد سورية، من خلال تنظيم عملية عسكرية تحت علم زائف في كفرزيتا بمحافظة إدلب، والتي كشف عن مختلف جوانبها وزير الخارجية، وليد المعلم. لقد نظمت المخابرات البريطانية «إم16» نشر هذه المواد السامة، بادعاء أنها تلقت شهادة من...
بقلم تييري ميسان
لم يكن من هدف لـ«المجموعة المصغرة» التي أُنشئت برئاسة ديفيد ساترفيلد في بداية العام الجاري 2018 في واشنطن، سوى إعادة إحياء مشروع رامسفيلد-سبروفسكي الرامي إلى تدمير هياكل الدول في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي سورية بشكل خاص.
كانت تضم المجموعة في البداية كلاً من الولايات المتحدة، والسعودية، وفرنسا، والأردن، والمملكة المتحدة (انطلاقاً من استبعاد تدمير البلدان العربية المنضوية في المجموعة، في المدى المنظور).
ظلت المجموعة في بدايتها سرية، لكن سرعان ما انكشفت حقيقة هذا الكيان علناً، بعد انضمام ألمانيا ومصر إليه، وصارت تبدو أكثر عقلانية في توجهاتها، إذ باتت تسعى الآن لخروج مشرف من الأزمة، فأجرت مؤخراً اتصالات مع مجموعة أستانا.
ومع ذلك، قامت المملكة المتحدة، منفردة، بإعادة إطلاق المشروع التدميري ضد سورية، من خلال تنظيم عملية عسكرية تحت علم زائف في كفرزيتا بمحافظة إدلب، والتي كشف عن مختلف جوانبها وزير الخارجية، وليد المعلم.
لقد نظمت المخابرات البريطانية «إم16» نشر هذه المواد السامة، بادعاء أنها تلقت شهادة من طفلة سورية تدعى هالة. فأنشأت لها، في 29 تموز الفائت، حساباً باسمها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، فاشتركت فيه على الفور نحو ثلاثين وسيلة إعلامية كبرى، من بينها على سبيل المثال، محطة بي بي سي، وإذاعة أوروبا الحرة، وراديو ليبرتي، وبوز فيد، وهوفينغتون بوست، أي وسائل الإعلام التي شاركت عن سابق إصرار وتصميم في الدعاية البريطانية للحرب ضد سورية، وهي تنتظر إشارة البدء لتطلق حملتها.
وبالتزامن مع تلك الترتيبات، نشرت وزارة الدفاع الأميركية في مياه الخليج المدمرة سوليفان التي تحمل على متنها 56 صاروخ كروز، وأرسلت إلى قاعدة العديد في قطر، القاذفة الإستراتيجية ب-ب1 المحملة أيضاً بأربعة وعشرين صاروخ كروز تطلق من الجو.
وهنا لابد أن نتساءل: إذا كان قد ثبت لنا بالدليل القاطع مسؤولية رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي عن تصرفات المخابرات البريطانية الآن في سورية، إلا أنه من غير المعروف لنا، من المسؤول الذي أعطى الأوامر بنشر الجيش الأميركي في المنطقة.
أما الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، السائر دوماً في ركب لندن، فقد حرض على استئناف الحرب على سورية في خطابه إبان الاجتماع السنوي لسفرائه في باريس، ضارباً عرض الحائط بإرادة الشعب السوري، الذي انتخب رئيسه ديمقراطياً عام 2014، ووضع نفسه مكان الشعب السوري حين قال بالحرف: «علينا أن نحترم سيادة سورية، لكن ينبغي علينا أن نحترمها فعلاً، من خلال السماح للشعب بالتعبير عن نفسه، وأن يجسد ذلك».
وفي الواقع، فقد بدأ واضعو هذه الخطة يدركون جيداً أنهم خسروا الحرب فعلياً، من وجهة نظر سورية فقط. ويبدو أن هدفهم الجديد بات يصبو إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير. أي إلى إثارة صراع مع روسيا، قد يفضي إلى حرب، سرعان ما تصبح عالمية.
لكن رد سورية وروسيا اقتصر على الكشف عن الوقائع على الأرض. ثم أرسلت روسيا كميات ضخمة من المعدات العسكرية إلى طرطوس على متن سفينة الشحن «سبارتا 3». كما عززت موسكو وجودها قبالة السواحل السورية (حالياً عشر سفن وغواصتان) ومناورات عسكرية واسعة النطاق، تضم 25 سفينة، وثلاثين طائرة حربية.
ذُعرت وزارة الخارجية الأميركية مما يجري، فأرسلت السفير جيمس جيفري لتهدئة دول المنطقة، الذي سيزور، برفقة مساعد ديفيد ساترفيلد، الكولونيل في الاستخبارات العسكرية، جويل ريبورن، كلاً من إسرائيل، والأردن، وتركيا. وسوف يطمئن الوفد الأميركي جميع محاوريه، أنه ليس لدى واشنطن أي نية في قصف سورية تحت ذريعة ملفقة.
اضف تعليق