DOUGLAS ELMENDORF/NITIN NOHRIA
دافوس - كما هو الحال في كثير من الأحيان، أشارت المحادثات غير الرسمية في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي اختتم في 26 يناير/كانون الثاني في دافوس، سويسرا، إلى مؤشر الثقة إديلمان، وهو استطلاع عام لثقة الجمهور في الأعمال التجارية والإعلام والحكومة والمنظمات غير الحكومية. وعلى كل حال، جل المشاركين في دافوس هم قادة في هذه المجالات، كما أن نتائج استطلاع الرأي الأخير واضحة للغاية.
في عام 2017، اعتبر 71٪ من المستجوبين على الصعيد العالمي أن المسؤولين الحكوميين غير جديرين بالثقة، وكانت لدى 63٪ من المشاركين نفس النظرة المتشائمة تجاه الرؤساء التنفيذيين. هذا ليس مفاجئا. وفي عشرات البلدان، كان الناس يعبرون عن تظلمهم ضد الوضع الراهن من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية، والاحتجاجات، وخيارات الإنفاق وصناديق الاقتراع.
عندما يفقد الناس الثقة في قادة القطاعين العام والخاص، يدفع المجتمع والاقتصاد ثمنا باهظا. ويؤدي عدم الثقة إلى الاستقطاب السياسي، والقلق الكبير بشأن المستقبل، وعدم اليقين في الشؤون الداخلية والدبلوماسية. وهذه الأعراض بدورها تعزز انعدام الثقة، وتخلق حلقة مفرغة.
ومن الواضح أن المواطنين يتوقعون المزيد من زعمائهم. وتحقيقا لهذه الغاية، وبصفتنا عميدي كلية هارفارد كينيدي وكلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، نسعى جاهدين لنقل قيم القيادة الفعالة لطلابنا. نحن نعلمهم أن القيادة ليست انتهازية ولا تسعى لتحقيق الفوز بأي ثمن. بل تهدف إلى تعزيز المصلحة العامة وجعل العالم مكانا أفضل.
إن القادة الأكثر كفاءة في مجال الأعمال لا يركزون فقط على الأرباح السنوية أو هزيمة منافسيهم، تماما مثل القادة الحكوميين الأكثر كفاءة، فهم لا يهتمون فقط بالفوز بالانتخابات أو الظفر بالعناوين الرئيسية. وفي أي مجال، يركز القادة الفعالون على كل من يخدمونه، كما يلتزمون ببعض القيم الأساسية.
إذا كان الناس في مواقع السلطة يطمحون إلى تحقيق هذه الرؤية للقيادة المبدئية - في العمل وفي حياتهم الخاصة - سيكون من السهل استعادة الثقة في الأعمال والحكومات والمؤسسات المدنية في جميع أنحاء العالم. ولكنهم يحتاجون أيضا إلى التفكير في الأسباب الجذرية للمشكلة.
أولا وقبل كل شيء، فالناس غالبا ما يشككون في صدق كلام قادتهم. ولتغيير ذلك، يجب أن يُظهر القائد الفعال أنه يقدر الحقيقة والأدلة فوق كل شيء آخر، وأنه يتخذ القرارات بناء على أسباب موثوقة، وليس مصالح شخصية. عند إغراء المصلحة الذاتية، يجب على القادة الطموحين محاكاة الشخصيات المعروفة بإخلاصهم وصدق كلامهم، مثل وارن بافيت أو وينستون تشرشل.
بالإضافة إلى الصدق، تتطلب القيادة الفعالة أيضا احترام الأفراد، بغض النظر عن خلفيتهم الشخصية أو تجاربهم السابقة. الناس يشعرون بخيبة أمل عندما لا يحظون بتقدير الحكومة ومجتمع الأعمال، خاصة عندما يكون جنسهم أو عرقهم أو دينهم أو هويتهم الجنسية أو أصلهم الوطني السبب في هذه المعاملة. ولمنع حدوث ذلك، ينبغي أن يركز القادة العامّون والخاصّون على بناء منظمات متنوعة وشاملة، كما فعل تيم كوك بعد أن أصبح الرئيس التنفيذي لشركة آبل.
وعلاوة على ذلك، احترام الناس يعني الاستماع إلى وجهات نظرهم وعدم مقاطعتهم، حتى إذا كنتَ لا توافقهم الرأي. ولذلك، ينبغي أن يدعم القادة الفعالون حرية التعبير، وأن يشاركوا في مواضيع غير حكومية، وأن يكونوا مستعدين للتوصل إلى حل وسط. حتى إذا كان القرار لا يناسب رأي الفرد، يريد الفرد - ويستحق - أن يُسمع.
ولذلك، يتمثل التحدي الذي يواجه القادة في إيجاد سبل للعمل مع الناس من وجهات نظر مختلفة دون التخلي عن مبادئهم الأساسية. يعد روبرت زيمر رئيس جامعة شيكاغو، مثالا على أسلوب القيادة هذا، فهو يدعم الخطابات الحرة والمفتوحة، حتى لو كانت الآراء غير شعبية أو غير سارة. وكما كتب زيمر في مجلة جامعة شيكاغو عام 2016، "لا يمكن النظر إلى الجامعات كملاذ للراحة، بل مكان لمواجهة الأفكار".
وأخيرا، تعني القيادة الفعالة استجابة ممتازة للعملاء أو الناخبين، كما فعل مايكل بلومبرغ كعمدة لمدينة نيويورك. عندما يعتقد الناس أن قادتهم لا يدافعون عن مصالحهم الخاصة أو لا يحلون مشاكلهم العملية، فإنهم سيفقدون الثقة بهم. ولإعادة بناء الثقة، يجب على المسؤولين الحكوميين بناء مؤسسات مدنية واتخاذ تدابير سياسية قوية والدفاع عنها لخدمة المصلحة العامة؛ ويجب على الشركات العمل بشكل فعال لخدمة أصحاب المصالح.
وبناء على ذلك، ينبغي على قادة القطاعين العام والخاص البحث عن سبل لمساعدة أولئك الذين يشعرون بخيبة أمل والمتخلى عنهم اقتصاديا واجتماعيا. ويُعد برنامج منظمة "يير أوب" نموذجا جيدا، وهي منظمة غير ربحية سريعة النمو أسسها خريج كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد جيرالد تشيرتافيان في عام 2000. "يار أوب" تساعد الشباب الحضري في اكتساب المهارات التي يحتاجونها في التعليم العالي والمهن. كما تُشكل منظمة "قانون الفتيات" التي أسستها خريجة كلية هارفارد كينيدي ريشما سوجاني في عام 2012 من أجل القضاء على الفجوة بين الجنسين في قطاع التكنولوجيا، نموذجا جيدا آخر.
ويُظهر نجاح هذان البرنامجان أنه إذا ركز القادة على خلق فرص للأشخاص الذين لم يعاملوا معاملة عادلة، يمكنهم بناء مجتمعات أكثر تماسكا وجعل المزيد من الناس أكثر استعدادا للمساهمة في الاقتصاد. وبالنظر إلى المستقبل، يجب على الحكومات، والشركات، ومنظمات المجتمع المدني أن تلتزم بقيادة تستند إلى القيم باعتبارها مهمتها الأساسية.
اضف تعليق