التفكير الإيجابي هو أحد أهم المفاتيح التي تفتح أبواب السعادة والنجاح في حياة الأفراد، ويعد هذا النمط من التفكير أداة قوية تساعد الإنسان على تعزيز صحته النفسية والجسدية، وتحقيق أهدافه الشخصية والمهنية بفاعلية أكبر، اذ يقوم التفكير الإيجابي على تبني نظرة متفائلة تجاه الحياة...

التفكير الإيجابي هو أحد أهم المفاتيح التي تفتح أبواب السعادة والنجاح في حياة الأفراد، ويعد هذا النمط من التفكير أداة قوية تساعد الإنسان على تعزيز صحته النفسية والجسدية، وتحقيق أهدافه الشخصية والمهنية بفاعلية أكبر. 

اذ يقوم التفكير الإيجابي على تبني نظرة متفائلة تجاه الحياة، والتركيز على الجوانب الجيدة في مختلف المواقف، مما يؤدي إلى خلق بيئة نفسية تعزز من قدرة الشخص على مواجهة التحديات والصعاب برؤية بناءة وإيجابية.

إن التفكير الإيجابي لا يعني تجاهل المشاكل أو إنكار وجودها، بل يتجاوز ذلك إلى كيفية التعامل معها بشكل مثمر. يعتمد التفكير الإيجابي على إعادة تأطير الأفكار السلبية وتحويلها إلى فرص للتعلم والنمو. في مواقف الفشل أو الإحباط، على سبيل المثال، يعلم التفكير الإيجابي الشخص كيف يستخلص الدروس والعبر من تلك التجارب، وكيف يواصل مسيرته بثبات وإصرار نحو تحقيق أهدافه. لذلك، يمكن القول إن التفكير الإيجابي يساهم في تطوير مرونة نفسية تعطي الأفراد القوة اللازمة لمواجهة التحديات بثقة وطمأنينة.

تشير الأبحاث النفسية إلى العديد من الفوائد الصحية والنفسية المترتبة على التفكير الإيجابي. الأشخاص الذين يتبنون التفكير الإيجابي يمتلكون قدرة أعلى على التعامل مع الضغوط الحياتية، كما أنهم يعانون أقل من الاكتئاب والقلق. إضافة إلى ذلك، فإن التفكير الإيجابي يعزز من نظام المناعة ويقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، ويسهم في طول العمر. أيضًا، من المعروف أن الأفراد الإيجابيين ينعمون بعلاقات اجتماعية قوية ومثمرة، حيث إن نظرتهم الإيجابية للحياة تنعكس على طريقة تعاملهم مع الآخرين وتجعلهم أكثر تعاطفاً وتفهماً.

عملية تبني التفكير الإيجابي تحتاج إلى تدريب مستمر وتطوير ذاتي، وهي تبدأ بتحديد وتعديل أنماط التفكير المعتادة. يمكن أن يجد الكثير من الأشخاص الفائدة في ممارسة بعض العادات اليومية التي تدعم التفكير الإيجابي، مثل كتابة المذكرات اليومية التي تسجل فيها الإيجابيات واللحظات السعيدة، وممارسة التأمل والاسترخاء، والتركيز على الامتنان للأشياء الجيدة في الحياة. كذلك، يمكن للاحتكاك بالأشخاص الإيجابيين والاستماع إلى المحتويات التحفيزية أن يعزز من تبني هذا النمط من التفكير.

وبالإضافة إلى ذلك، يمتلك التفكير الإيجابي تأثيرا كبيرا على الأداء المهني للأفراد. في بيئة العمل، يكون الموظفون الذين يتبنون التفكير الإيجابي أكثر قدرة على التحفيز الذاتي، وحل المشكلات بإبداع، والتفاعل بشكل أفضل مع زملائهم ومديريهم. هذا يؤدي إلى بيئة عمل أكثر إنتاجية وتحفيزاً، حيث يُقدر فيها الجميع الفرص والتحديات على حد سواء.

يجب التأكيد على أن التفكير الإيجابي ليس مجرد شعور مؤقت بالسعادة، بل هو طريقة حياة ونهج مستمر يعزز النمو الشخصي ويزيد من جودة الحياة. هو ليس حلاً سحرياً لكل المشاكل، ولكنه أداة قوية تساعد الأفراد على التعامل مع الظروف والمتغيرات بشكل أكثر كفاءة وإيجابية. إن تبني التفكير الإيجابي يفتح أمام الفرد آفاقاً واسعة لتحقيق أحلامه وطموحاته بطرق تعزز من رضاه عن نفسه وعن حياته.

يخفف فقدان الذاكرة ويقلل تدهور الدماغ  

أكدت دراسة جديدة على وجود صلة بين السعادة والصحة، حيث وجدت أن التفكير الإيجابي حول عملية الشيخوخة يمكن أن يبطئ التدهور المعرفي لدى كبار السن.

وقام باحثون من كلية ييل للصحة العامة بالتحقيق في تعافي كبار السن من الضعف الإدراكي المعتدل (MCI)، وهو نوع شائع من فقدان الذاكرة. ووجدوا أن الذين لديهم "معتقدات عمرية إيجابية" كانوا أكثر عرضة للتعافي واستعادة مهارات التفكير والذاكرة الطبيعية من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك.

وقال مؤلفو الدراسة، بيكا ليفي ومارتن سليد، إن هذه الدراسة هي الأولى التي تربط العامل الثقافي - الموقف الإيجابي تجاه الشيخوخة - بتعافي الضعف الإدراكي المعتدل.

وقد ينسى من يعاني من الضعف الإدراكي المعتدل الأحداث الأخيرة أو يكرر نفس السؤال، أو يكافح مع التخطيط أو حل المشكلات، أو يصرف انتباهه بسهولة أو يستغرق وقتا أطول من المعتاد للعثور على الكلمة الصحيحة لشيء ما.

والأعراض ليست شديدة بما يكفي للتدخل بشكل كبير في الحياة اليومية، ولكن المصابين بهذه الحالة هم أكثر عرضة للإصابة بالخرف.

وأشار الباحثون: "يفترض معظم الناس أنه لا يوجد شفاء من الضعف الإدراكي المعتدل، ولكن في الواقع يتعافى نصف أولئك الذين يعانون منه. ولا يُعرف الكثير عن سبب تعافي البعض بينما لا يتعافى الآخرون. ولهذا السبب نظرنا إلى معتقدات السن الإيجابية، لمعرفة ما إذا كانت ستساعد في تقديم إجابة".

واستخدمت الدراسة المنشورة في مجلة JAMA Network Open ، بيانات من دراسة الصحة والتقاعد، وهي دراسة استقصائية وطنية، وتتبع الباحثون المشاركين الذين يبلغون من العمر 65 عاما فما فوق الذين خضعوا لفحص الضعف الإدراكي المعتدل والمعتقدات الإيجابية للعمر.

وتم إعطاء أكثر من 17 ألف مشارك محفزات مثل "كلما تقدمت في السن، شعرت بعدم الجدوى"، وسُئل كل منهم عما إذا كان يوافق أو لا يوافق على تحديد موقفه تجاه الشيخوخة.

وكما هو متوقع، كان أولئك الذين حافظوا على معتقدات عمرية إيجابية أكثر عرضة بنسبة 30% للتعافي من الضعف الإدراكي المعتدل، والتعافي بسرعة أكبر من أولئك الذين لديهم معتقدات عمرية سلبية، بغض النظر عن شدة الإدراك الأولية الضعيفة.

وفي الواقع، كان المشاركون الذين بدأوا الدراسة بإدراك طبيعي أقل عرضة للإصابة بضعف إدراكي معتدل على مدار الـ 12 عاما القادمة إذا كان لديهم موقف جيد تجاه التقدم في السن.

واقترح مؤلفو الدراسة أن "تدخلات الاعتقاد بالعمر على المستويين الفردي والمجتمعي" يمكن أن تشجع المزيد من الناس على التفكير بشكل إيجابي في الشيخوخة، وبالتالي عكس التدهور المعرفي في وقت لاحق من الحياة.

واقترحت الدراسات السابقة أنه يمكن تجنب مثل هذا الضعف من خلال تمارين يومية بسيطة، بينما وجدت أبحاث أخرى أن الطعام العالي المعالجة والتقاعد المبكر يمكن أن يسهما في ذلك. نقلًا عن موقع “RT”.

ذكاء أقل؟

ألقت دراستان نشرتا -العام الماضي- بعض ظلال الشك على قوة التفكير الإيجابي وتجنب المشاعر السلبية، إذ قد يرتبط بذكاء أقل.

وفي مقال بموقع سايكولوجي تودي ذكر الدكتور نيك مورغان "أن هذا جاء بمثابة مفاجأة بالنسبة لي"، نظرًا لأن عالم الأعمال والاستشارات هو عالم يتغذى على التفاؤل والحديث الإيجابي عن النفس، "يمكنك أن تفعل ذلك!" "يمكنني إنجاز ذلك في الوقت المناسب!".

إذن ما العيب في التفاؤل؟ وجدت الدراسة الأولى التي نشرت عام 2023 في مجلة "الشخصية وعلم النفس الاجتماعي" (Personality and Social Psychology Bulletin) أن لمسة من التشاؤم تعتبر علامة على ارتفاع معدل الذكاء، وأن هذه الفكرة تكون واقعية أكثر عندما يتعلق الأمر بالشؤون المالية واحتمالات النجاح في بدء مشروع تجاري جديد.

وكما لاحظ الدكتور كريس داوسون، المؤلف الرئيسي للدراسة أن "تدني القدرة المعرفية يؤدي إلى المزيد من التحيزات الذاتية، حيث يخدع الناس أنفسهم بشكل أساسي".

وقال مورغان إن "هذه الدراسة أتت كصفعة على وجهنا نحن المتفائلين" وذلك لأن داوسون يواصل استهداف أولئك الذين يبدؤون أعمالًا تجارية صغيرة بشكل مباشر حيث إنه ذكر في الدراسة "أن فرص بدء مشروع تجاري ناجح ضئيلة، لكن المتفائلين يعتقدون دائمًا أن لديهم فرصة وسيبدؤون أعمالا محكوما عليها بالفشل".

وقال مورغان إن التفاؤل هو الذي دفعه إلى بدء مشروعه منذ 27 عاما وهو عمل لا يزال مزدهرًا حتى الآن، وإن القلق كثيرا هو ما جعله يستمر إلى وقتنا هذا فالقلق أبدا لا يختفي. وأكد مورغان أنه يجب إضفاء القليل من الواقعية أو حتى التشاؤم وذلك للبقاء على الطريق الصحيح وتحقيق النجاح.

وأما الدراسة الثانية التي نشرت عام 2023 في "إيموشين" (Emotion) فركزت على طريقة استجابتنا للمشاعر السلبية. ووجدت أنه إذا حكمنا على استجاباتنا العاطفية السلبية بأنها خاطئة أو غير مناسبة، فإننا أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب. ومن ناحية أخرى إذا قبلنا المشاعر السلبية كجزء طبيعي من الحياة، فمن المرجح أن نختبر الجوانب المفيدة لتلك المشاعر.

وقال مورغان إن "الغضب يمكن أن يكون مفيدا عندما نتعرض للظلم، والقلق يمكن أن ينبهنا إلى التحديات في البيئة التي نحتاج إلى معالجتها، والخوف يمكن أن يجعلنا نعرف أننا بحاجة إلى الحذر من التهديدات حولنا".

ووفقا لمورغان فإن هذه الدراسات مجتمعة تساعدنا على إدراك أنه على الرغم من أن التفاؤل قد يكون ضروريًا لبدء الأمور، فإن جرعة مناسبة من الواقعية قد تكون مجرد تذكرة لمنعنا من المبالغة في التوقعات، وقبول الإحباطات التي تأتي بشكل طبيعي مع مد وجزر الحياة، وتحديدًا في شكل مشاعرنا السلبية، وسيساعدنا هذا على التنقل في الحياة العملية بشكل أكثر سلاسة.

فالعواطف هي علامات، وهي أدلة على أن هناك شيئًا خاطئًا -أو صحيحًا- في الوقت الحالي، ومن الجيد الانتباه إليها دون إصدار أحكام. نقلًا عن موقع “الجزيرة نت”.

كن سعيداً..5 طرق للتفكير بإيجابية

يمكن أن يؤدي الشعور بالسعادة والتفاؤل، إلى إطالة عمر الإنسان، والمساعدة على إدارة الإجهاد، وانخفاض خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والشرايين، والحماية من نزلات البرد، وفقاً لما أشارت إليه عيادة "مايو كلينيك" الأمريكية.

وهذا الأمر ليس سيئاً على الإطلاق، خصوصاً أن التفكير بشكل إيجابي لا يكلف الإنسان شيئاً.

وهنا، يقدم خبراء في علم النفس والعلوم السلوكية خمس نصائح لمساعدتك على التفكير بشكل جيد:

ـ سيطر على ردود فعلك التلقائية: وقال عميد كلية جامعة أرغوسي اللوطنية للعلوم السلوكية الدكتور جيفري سوبرينا: "يجب أن يفهم الأشخاص طريقة ردة فعلهم الطبيعية للتعامل مع العالم الخارجي،" مضيفاً أن "بمجرد أن يكتشف الأشخاص ميولهم النفسية ونزعاتهم الشخصية، يمكنهم البدء في تغيير سلوكهم."

ـ إعادة صياغة أفكارك:

واقترح سوبرينا أنه يجب على الأشخاص أن يعمدوا إلى تغيير المنظور الخاص بهم، وإعادة صياغة أفكارهم بإيجابية أكبر لدى التعثر في رد فعل سلبي.

أما السؤال البسيط الذي يمكن أن يطرحه الأشخاص، فيتمثل بـ "ما هي بعض الإيجابيات؟.

وأشار سوبرينا إلى أن الأمر يتطلب حوالي 90 يوم لتغيير العادات الشخصية، فضلاً عن أن الاحتفال بالانتصارات الصغيرة، يعتبر وسيلة رائعة لتعزيز السلوك الجديد، موضحاً: "يجب عدم ترك الأفكار السلبية تتغلب عليك."

وأوضح سوبرينا أن "الأشخاص الذين يفكرون بشكل ايجابي، يدركون وجود السلبية، ولكن يجب أن يختار الأشخاص طريقة التفكير التي سيعتمدونها." 

ـ لا تصدق كل ما يقوله العقل:

وشرحت الطبيبة النفسية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بوبي إميل: "يوجد حقيقة معروفة بعدم تصديق ما يقوله العقل،" مضيفة: "نحن ننصهر بميولنا الداخلية، إلى درجة تملي علينا شعورنا وتصرفاتنا."

وقالت إميل: "من خلال مراقبة أفكارك السلبية وتصديقها، والتصرف على أساسها، قد يكون سهلاً التخلي عنها،" مضيفة: "يجب على الأشخاص مواجهة هذا التفكير ووضع مسافة بينهم وبين ردود الفعل."

ـ التخلي عن الخوف:

بدورها، قالت المعالجة النفسية في نيويورك تيري كول إن "العنصر الأساسي الذي يحرك المشاعر السلبية، يتمثل بالخوف،" مضيفة أن "غالبية الأشخاص لديهم شعور بالخوف من المستقبل وماذا قد يحصل ولا يحصل."

وترى كول أن الحل يكمن في تحديد الأشخاص للفكرة المخيفة فور أن تطرأ على بالهم. وقالت كول: "أغمض عينيك، حتى تدرك جيداً أين تشعر بذلك الخوف. وركز على تلك البقعة من خلال العقل وآلية التنفس، وتصور أن الجهد يذهب بعيداً، واستبدل الفكرة المخيفة بفكرة جيدة."

وتعتبر ممارسة التأمل بشكل يومي لفترة 10 دقائق مفيدة جداً.

وقالت كول "يجب عدم تصديق ما يمليه عليك شعورك بالخوف، وعدم التفاعل معه."

ـ ابحث عن التغيرات في مزاجك:

في بعض الأحيان يمكن أن تكون الحياة صعبة قليلا، فيما الأخبار القاسية أو الشعور بالخسارة يمكن أن تجعل الإيجابية أمراً صعباً. وفي هذه الأوقات، يوصي كول باستخدام ما وصفه بـ"تغييرات المزاج."

أما تغيير المزاج، فيمكن أن يحصل ببساطة من خلال أحد أفراد الأسرة، أو تذكر تجربة سعيدة، حتى تتحول التجربة العاطفية إلى أمر أكثر ايجابية.

واقترحت كول أهمية بدء كل يوم من خلال سماع ثلاثة أشياء يشعر الشخص بامتنان لها، وإنهاء اليوم من خلال تبادل التفكير في اللحظة المفضلة إليه خلال اليوم. بحسب موقع “سي إن إن”.

تأثير التفاؤل والتفكير الإيجابي على النوم

كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة "إلينوي" الأميركية، أن التفاؤل يساعد في تحسين جودة النوم، فالأشخاص المتفائلون يستطيعون النوم لفترات أطول ولا يعانون الأرق.

ووفق الدراسة التي شارك فيها أكثر من 3500 شخص، تراوحت أعمارهم بين 32 و51 عاما، فإن المتفائلين يستطيعون النوم لفترات أطول غير متقطعة.

ويحصل من هم أكثر إيجابية على قسط جيد من النوم بنسبة 78 في المئة، في حين يعاني المتشائمون من أعراض الأرق والميل للنعاس خلال النهار.

وينصح خبراء بالنوم لمدة 7 ساعات على الأقل في الليلة للتمتع بصحة جيدة، علما أن تحسين جودة النوم يؤدي إلى نمط حياة أفضل، في حين تسبب قلة النوم ونوعيته الرديئة بعدد من المشكلات الصحية بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بالبدانة وارتفاع ضغط الدم وغيرها. بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”.

عقبة أمام تحقيق أهدافك

قبل نحو 15 عاماً بدأ رجل الأعمال مايكل ستوشولم عملاً تجارياً مع صديق رسم له صورة وردية لمستقبل العمل ووعده بتحقيق كثير من النجاح.

وما كان من ستوشولم إلا أن صدقه وشعر بمعنويات عالية، وكأن قول الشيء يعني تحقيقه بالفعل. فهل تعتقد حقا أن التفكير الإيجابي، رغم كل شيء، خطوة عامة نحو النجاح؟

يقول توشولم، الذي يقيم في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن وعمل سابقاً في شركة ميرسك للشحن ومن ثم واصل طريقه كمستشار لشركات كبرى في قضايا الإستدامة: "يوجد التفكير الإيجابي في الحمض النووي لمعظم رجال الأعمال". ويضيف: "إذا لم تفكر بطريقة إيجابية، لن تستطيع أبداً أن تنشئ شركة".

لكن عندما تهاوت شركته، تعلم من ذلك درسا مهما، وهو أن هناك جانبا سلبيا للإفراط في التفكير الإيجابي. ويقول: "لا يكفي أن تكون إيجابياً وسعيداً بأنك محظوظ، إذ ينبغي أن يمتزج ذلك بالواقعية".

كانت قوة التفكير الإيجابي، ولا تزال، مبدأً إرشادياً لرجال الأعمال على الأقل منذ عام 1936 عندما نشر نابليون هيل كتابه "فكر واغتن". بعد ذلك بعشرين عاماً ألف نورمان فينسينت بيل كتاب "قوة التفكير الإيجابي" والذي بيع منه أكثر من 21 مليون نسخة على مستوى العالم.

وفي الآونة الأخيرة استحوذ كتاب (السر) لمؤلفته روندا بايرن على اهتمام رجال الأعمال وغيرهم لما تضمنه من وعود بالنجاح على أساس التفكير الإيجابي.

وحسب كتب التفكير الإيجابي تلك، تقف الأفكار السلبية والشكوك عائقاً في طريق النجاح. لكن في الحقيقة، توصل باحثون إلى أن التفكير الإيجابي له جوانب قصور أيضا، وأن التفكير الإيجابي يمكن أن يكون سبباً في الحد من نجاحك.

القوة الجذابة للخيال

تقول غبرييل أوتينغين، أستاذة علم النفس بجامعة نيويورك وصاحبة كتاب "إعادة التفكير في التفكير الإيجابي"، إنها اكتشفت عندما بدأت دراسة التفكير الإيجابي أن الطاقة التي تقاس بمستوى ضغط الدم تنخفض عندما يتخيل الشخص أمورا سعيدة عن المستقبل مثل الحصول على وظيفة أو كسب مال.

وتضيف: "تكمن المشكلة في أن الناس لا يحررون طاقتهم ليحققوا رغباتهم".

عندما يتخيل الناس بلوغ أهدافهم فربما لا يبذلون جهداً كافياً لتحقيقها على أرض الواقع، حسب أوتينغين، التي وجدت، على سبيل المثال، أنه بعد عامين من تخيل خريجي الجامعة حصولهم على عمل، ينتهي بهم المطاف إلى الحصول على دخل أقل وتلقي عروض عمل أقل من أولئك الخريجين الذين كانت تنتابهم مشاعر القلق والشك. وتبين أيضاً أنهم قدموا عدداً أقل من طلبات العمل.

تقول أوتينغين: "يتخيلون ويحلمون بها ومن ثم يشعرون بأنهم أنجزوا مهمتهم ويستريحون". وبالتالي يفقدون دوافعهم اللازمة لجعل الأمور تتحقق على أرض الواقع.

وتقول نيميتا شاه، مديرة مجموعة "علماء النفس المهنيون" التي تتخذ من لندن مقرا لها، إن الناس يشعرون في الغالب بالإحباط لعدم قدرتهم على الإفصاح عن رغباتهم ومن ثم يشعرون بالذنب لوجود أفكار سلبية لديهم، معتقدين أن تفكيرهم المتشائم هو جزء من المشكلة.

وتضيف: "الأمر يشبه الحاجة إلى إصلاح فوري للنظام الغذائي"، مشيرة إلى أن الأحلام الوردية بشأن المستقبل قد تخلق حافزاً مؤقتاً، لكنها على المدى البعيد تضفي على الناس شعوراً سيئا.

مفطورون على ذلك

فهل ينبغي أن نقلق ونفكر بأن الأسوأ قريب منا في غالب الأحيان؟ هذا أمر صعب في حقيقة الأمر، خاصة وأن التفاؤل أمر مجبول في نفسية الإنسان، كما تقول تالي شاروت، مؤلفة كتاب "فضل التفاؤل" ومديرة مجموعة "مختبر الدماغ الوجداني" التي تتخذ من لندن مقراً لها وتركز على دراسة كيفية تأثير العاطفة على الدماغ.

كانت شاروت تعكف على دراسة تأثير الأحداث السلبية على العاطفة عندما وجدت أن الناس مفطورون على التفكير الإيجابي. طلبت شاروت في تجاربها الأولية من الناس أن يتخيلوا سيناريوهات سلبية للمستقبل، مثل فقد الوظيفة أو الانفصال عن الشريك.

وقد اكتشفت أن الناس يغيرون تلقائياً التجربة السلبية إلى تجربة إيجابية، فعلى سبيل المثال تراهم يقولون إنهم انفصلوا عن شريكهم ووجدوا شريكاً أفضل. وتضيف: "لقد أفسدت ما كنت أقوم به من تجارب". لكنها أدركت أن الناس يميلون نحو التفاؤل بالفطرة. وتضيف: "إنهم يتخيلون أن المستقبل سيكون أفضل من الماضي".

توصلت شاروت إلى أن 80 في المئة من الناس يميلون للتفاؤل بغض النظر عن الثقافة أو البلد الذي يعيشون فيه، وهو ما يساعد الناس على أن يكون لديهم الحافز.

وتظهر الدراسات أيضاً أن المتفائلين يعيشون عمرا أطول ويتمتعون على الأرجح بصحة أفضل. وتقول شاروت إن الأفكار الإيجابية يمكن أن تنعكس بصورة إيجابية على الشخص الذي يؤمن بها، فالأشخاص الذين يتوقعون أنهم سيعيشون لمدة أطول تجدهم يمارسون الرياضة ويحرصون على تناول غذاء صحي، كما يساعد التفاؤل أصحابه على التغلب على الظروف الصعبة التي تواجههم.

لكن الإفراط في التفاؤل أيضاً يجعل الناس يقللون من حجم الأخطار وقد يكون عائقاً أمام تحقيق أهدافهم.

احتواء سلبيتك الداخلية

لكن إذا كان ميلك الطبيعي هو أن تكون إيجابياً في تفكيرك، فسيحتاج الأمر إلى ممارسة وتدريب لكي يصبح لديك قدر من السلبية يحد من التفاؤل المفرط لديك.

وقد طورت أوتينغتون بعد عقدين من الأبحاث وسيلة يطلق عليها "ووب"، وهي اختصار لكلمات تعني الرغبة والنتيجة والعقبة والخطة. وترشد هذه الوسيلة، التي تتوفر أيضا كموقع على الإنترنت وتطبيق على الهواتف الذكية، الناس عبر سلسلة من التدريبات صممت لمساعدتهم على تطوير خطط متماسكة للوصول إلى أهدافهم طويلة وقصيرة الأمد، من خلال المزج بين التفكير الإيجابي والانتباه لأي جوانب سلبية أو عقبات.

ربما كنت ترغب، على سبيل المثال، في أن تنشيء شركة لكنك أدركت أنك تكره أن تطلب أموالاً من الناس أو أنك لا ترغب في أن تعمل لساعات طويلة. حينها بإمكانك إما أن توجد طريقة للإلتفاف على هذه العقبات، من قبيل أن تلجأ إلى متخصص في المبيعات أو الإلتزام بالعمل لعدد ساعات محددة، أو ربما تقرر أن العقبات كبيرة للغاية والأمر لا يستحق كل هذا العناء، قبل أن تمضي قدماً وتتصرف بشكل بائس.

وتقول أوتينغن: "يمكنك على الأقل تنحية الأهداف جانباً دون تأنيب ضمير وبإمكانك القول لا، لقد تمعنت في الأمر ووجدت أنه لا يناسب حياتي".

عندما بدأ ستوشولم شركة "سبراوت" لصناعة الأقلام قبل عدة سنوات تعلم دروساً من إخفاقاته السابقة في مجال الأعمال التجارية. فقد وثق الإتفاقيات ووضع خطة للطواريء فيما لو سارت الأمور على نحو سيء.

والآن تبيع شركته في كل شهر 450 ألف قلم في 60 دولة، وهي نتائج فاجأت حتى ستوشولم نفسه الذي يقول: "يثار كلام كثير عن كونك إيجابي عندما تكون صاحب شركة. لكن عكس الإيجابية ليس السلبية، ولكن امتلاك الذكاء اللازم لتكون واقعياً تجاه ما يمكن أن تحققه وتنجزه". بحسب موقع “بي بي سي”.

لا تأخذ الأمر بشكل شخصي

يرتبط مزاج المرء بالأشخاص المحيطين به، فمن الممكن أن يؤثر الاحتكاك بشخص تعيس بشكل سريع على حالتك النفسية، وتنتشر الطاقة السلبية في المكان، وبذلك يتعكر مزاج الشخص السعيد.

ما الذي يمكنك القيام به للحفاظ على طريقة تفكير إيجابية؟ وكيف يمكنك التصدي للتفكير السلبي حتى لو كنت محاطًا بأشخاصٍ سلبيين؟

ورغم أنه من الصعب التغاضي عن تعاسة من حولنا، فإن كون هؤلاء الأشخاص في مزاج سيئ طوال الوقت يؤثر على حالتك النفسية أيضا، ويمكن أن يؤدي إلى تركيزك بشكل مفرط على الجانب السلبي من حياتك، وهو ما قد يدفعك إلى التذمر والحديث عنه للآخرين.

وبحسب تقرير نشرته مجلة "لا فيدا لوثيدا" الإسبانية، هذه هي الطريقة التي يمكن أن تتسبب في نقل عدوى التعاسة، حيث يتوقف الأشخاص أحيانا عن التعبير عن مشاعرهم، مما يجعلنا نتوقف بدورنا عن فهم مشاعرهم، وينتج عن هذا الأمر حلقة مستمرة من السلبية لا تفيد أحدا. فلا تدع أحدا يؤثر على طريقة تفكيرك الإيجابية.

السلبيون لن يرضوا عموما عن أي شيء تقوله أو تفعله. ودائما ما يشعر هؤلاء الأشخاص بالبؤس، لذلك لا تأخذ الأمر بشكل شخصي، لأنه لا يمكنك التحكم في أفكار الآخرين وعواطفهم. ويمكنك أن تسأل نفسك ما إذا كنت سببا في تعاسة أحدهم، مما يجعله يتصرف بطريقة سيئة معك، على غرار:

– التحدث بالسوء عنك.

– تركك خارج أمور تتعلق بالعمل.

– تجاهلك أو تركك بمفردك.

– عدم الاهتمام لما تتحدث عنه.

– رفض دعواتك أو إلغاء مخططاته معك.

هل يجب أن تسمح بتعريض نفسك لسوء المعاملة؟ بالطبع لا. لكن في الوقت نفسه بينما تدافع عن نفسك، لا تدع لهذه الأمور سبيلا لتؤثر على مشاعرك. هؤلاء الأشخاص يتعاملون مع مخاوفهم ولا يشعرون بالأمان بسبب افتقارهم لآليات التعامل الإيجابية.

تحد نفسك كي تتطور

تعد الحاجة (بسبب العمل أو بحكم الصداقة أو القرابة) إلى أن تكون بالقرب من الأشخاص السلبيين أمرا صعبا، حيث يمكن أن تصيبك التعاسة، ومن الصعب إيجاد علاج لها. ولكن بدلاً من التفكير في فظاعة الموقف، أخبر نفسك أنك ستتعلم من خلاله.

هذا التغيير البسيط في عملية الإدراك يبدو طفيفًا، لكنه يعتبر عاملا قويا. فعوضا عن التذمر يمكنك أن تعتبر الاحتكاك بالأشخاص السلبيين فرصة للتحسن، وعلى هذا النحو ستتمكن في المرات القادمة من تفادي هذا الموقف. وبغض النظر عن صعوبة الأمر بالنسبة لك، فإنه ليس بصعوبة ما يشعر به الأشخاص التعساء. فكر بطريقة إيجابية واعمل على أن تكون شخصا أفضل.

ابتعد عن الأشخاص التعساء

هناك فضائل لعدم التفاعل باستمرار مع الأشخاص التعساء. ويجب أن تتعلم متى تتراجع وتستغرق الوقت الذي تحتاجه بجدية. هذا الأمر بالغ الأهمية خاصة إذا كنت تعمل أو تعيش مع هذا النوع من الأشخاص. عندما تحتاج للابتعاد عنهم وتركيز على أفكارك، لا تتردد في القيام بذلك. يجب أن تكون على اتصال مع نفسك حتى لا تؤثر سلبية الشخص الآخر عليك.

وكقاعدة عامة، يعد الوقت ضروريا حتى عندما تعيش أفضل أوقات حياتك وفي أكثر الظروف إيجابية. يمكن أن يساعدك ذلك على التخلص من التوتر ومعالجة المشاعر السلبية واتخاذ قرارات ذكية. وفيما يلي بعض الطرق الرائعة لكسب الوقت:

– كتابة مذكرات.

– أداء تمارين التأمل.

– الاستمتاع بهواية.

– طبخ وجبة جيدة.

– تخصيص وقت لممارسة نشاط جديد.

الفكاهة والمرح

يمكن للفكاهة أحيانا أن تولّد وضعا متوترا ومحرجا لدى الأشخاص الذين لا يشعرون بالسعادة في حياتهم. لكن يمكنك القيام بالتالي:

سرد نكات مضحكة

إذا كنت تجيد سرد النكات فأظهر مهاراتك في كل مرة تصبح فيها الأمور متوترة للغاية، يمكنك أن تضحك حتى نفسك أو وضعك أو أي شيء آخر. فقط عليك أن تحافظ على إيجابيتك.

غير لهجتك

إذا أصبحت الأمور أكثر جدية في محادثة ما حول شيء غير مهم، يجب عليك تغيير لهجتك، وأن تتحدث عن المسألة بطريقة إيجابية. يمكن أن يساعدك ذلك على تحويل الحالة المزاجية السيئة إلى شيء أكثر إنتاجية.

تحدث عن الأشياء السعيدة

عندما تتاح لك الفرصة لبدء محادثة مع أشخاص غير سعداء في حياتهم، تحدث عن شيء إيجابي يجعلك سعيدا، لأن ذلك يمكن أن يمنع الشخص الآخر من الشكوى.

ركز على نفسك

عندما تصبح سلبيا بسبب من حولك، فإنه يجب عليك توجيه أفكارك والتركيز على نفسك. في نهاية الأمر، أنت الشخص الوحيد الذي عليك أن تهتم بنفسك لبقية حياتك.

4 نصائح للاهتمام بنفسك

وتاليا بعض النصائح التي تساعدك على الاهتمام بنفسك والتركيز عليها أمام أشخاص تعساء:

– انتبه إلى المشاعر والأفكار والغرائز التي تواجهها.

– قيّم نفسك أمام الناس غير السعداء، ضع نفسك أولا.

– لا تضيع طاقتك في محاولة تغيير مشاعر شخص آخر.

– ركز على الأشياء التي تحبها أو التي تهمك، وتجاهل الانتقادات.

فالمشاعر الإيجابية التي ننقلها إلى العالم غالبا ما تؤثر على المحيطين بنا. بالطبع، لن ينجح هذا دائما، لكن عندما ينجح سيكون أمرا سحريا. وإذا لم تقم بذلك، فستشعر بشيء جميل حقا عند القيام به. بحسب موقع “الجزيرة نت”.

اضف تعليق