ان على السادة أعضاء مجالس المحافظات الحاليين قراءة المشهد السياسي الحالي، ومعرفة البيئة الداخلية التي يتحتم عليهم مراعاتها وتلبية احتياجات مواطنيهم فيها؛ ذلك لعدم شعور الفرد ان اختياره كان من الأخطاء التي لا تصحح، وقد ينتظر لأربعة أعوام قادمة ليعاقب الأعضاء من خلال التثقيف على عدم تكرار الاختيار...
بصفتك أحد المشاركين في انتخابات مجالس المحافظات السابقة، هل فكرت في صحة اختيارك، وهل تأملت قليلا لتعرف انه كان صحيحا ام خاطئا؟
لو عادت عقارب الساعة الى الوراء واجرينا تقيما عمليا لعملية الانتخاب ومعايير الاختيار لوجدنا ان الاغلب قد يكون غير راض عن اختياره لعضو مجلس المحافظة، وان الاختيار وقع على الأسوأ من بين المرشحين، ففي الشهور الماضية لم يثبت الواقع ان الانتخاب كان صحيحا.
وعدم صحته تتأتى من الاعتبارات الآتية، ففي المقام الأول اثبتت الانتخابات ان الشعب العراق لم يتعلم الدرس ولم يستفد من الماضي، وقع في ذات الأخطاء التي وقع فيها في الممارسات الانتخابية السابقة، التي وظف فيها المال العام واعتمدت على الوعود الكاذبة وأساليب الخداع السياسي.
واستثمارا لجميع المميزات السابقة انتخبت شخصيات لم تكن مؤهلة سياسيا لتكون أعضاء مجلس محافظات، لديها رؤية سياسية وأفكار خدمية تنهض بالواقع المتراجع وتحقق الفائدة لشرائح المجتمع دون التمييز بين الجمهور الضيق للحزب او المرشح، ولهذا بقيت الأوضاع في حالة من الركود المريب.
يغيب عن اذهان الجمهور الناخب في لحظات الاختيار ان عملية التصويت غير قابلة للتجربة او الخطأ، وان التصويت لشخصية وصعودها ضمن قائمة الأعضاء، يعطيها الحصانة والحق القانوني من اجل مزاولة العمل السياسي لمدة أربع سنوات، وفي هذه المدة لا يمكن إعادة النظر او التراجع.
وقد وفرت حالة عدم التراجع الفرصة للكثير من الشخصيات السياسية التي حصلت على مقاعد بطرق غير مشروعة، وفرت لهم فرصة التنصل عن المسؤولية وعدم الإيفاء بالوعود التي الزموا بها أنفسهم، امام ناخبيهم ابان الحملات الانتخابية ومهرجانات العروض الخدمية.
كثير من الشخصيات لم تستحق الانتخاب، وقع عليها الاختيار لما تمتلكه من مال سياسي اغدقت به على ضعاف النفوس الذين يسيل لعابهم امام ثمن بخس لا يساوي خيانة الضمير والتخلي عن المبادئ، التي لم تحل دون الانزواء الى العوائل والتكتلات السياسية التي هيمنت على مفاصل الحكومات المتعاقبة.
الأخطاء او التقصير وبعض الآثار في عمل مجالس المحافظات يتحمل جزء كبير منها الجمهور، فالمجالس السابقة عليها الكثير من الملاحظات وساهمت بشكل كبير في تعطي حركة الاعمار والتنمية في اغلب المحافظات، فلم تخضع الحكومات المحلية السابقة الى مراقبة ومحاسبة فعلية للمقصرين من أعضاءها، مما أدى الاستمرار في النهج الخاطئ.
ومن آثار الأخطاء هو خلو المدن من المشروعات الاستراتيجية وغياب التخطيط الدقيق لمعرفة احتياجات المدينة من مشروعات صحية ومباني تربوية، الى جانب ذلك الإبقاء على المؤسسات الحكومية القديمة والآيلة للسقوط والتي هي بالأساس تقع في مراكز المدن يجد المراجع صعوبة في إيقاف عجلته.
وقعت المجالس الحالية بخطأ فادخ وبصورة مبكرة، عندما أقدمت على ابرام عقد لتجهيز سيارات باهظة الثمن لجميع الأعضاء، تتجاوز كلفة هذا العقد الأربعة مليارات دينار عراقي، والاهم بالموضوع والذي اثار حفيظة الشارع ان مبالغ الشراء سيتم استقطاعها من قانون الامن الغذائي، الذي من المفترض ان يتم صرفها على مرافق خدمية للمواطنين.
قول الختام، ان على السادة أعضاء مجالس المحافظات الحاليين قراءة المشهد السياسي الحالي، ومعرفة البيئة الداخلية التي يتحتم عليهم مراعاتها وتلبية احتياجات مواطنيهم فيها؛ ذلك لعدم شعور الفرد ان اختياره كان من الأخطاء التي لا تصحح، وقد ينتظر لأربعة أعوام قادمة ليعاقب الأعضاء من خلال التثقيف على عدم تكرار الاختيار والاعتناء والتمحيص لمن يمثله في المرحلة القادمة.
اضف تعليق