وبفضل استخدام هذه التكنولوجيا المبتكرة، يعاد استخدام كميات هائلة من شمع العسل المستخدم من قبل مربي النحل. وتؤدي التكنولوجيا المطبقة إلى ضمان حفاظ شمع العسل المعاد تدويره على شكله وبنيته ودقة الخلية ورائحته. وإضافة إلى ذلك، أضحت الأسس المصنوعة حديثًا تتكون بالأساس من شمع العسل الطبيعي...
بفضل القليل من المساعدة من التكنولوجيا، تمد إحدى التعاونيات يد العون للشباب من أجل كسب لقمة العيش بما يتيح لهم العيش حياة أفضل
لقد انطلقت شرارة كل شيء بفضل 15 من الشباب في جنين، الضفة الغربية، الذين كانت تحدوهم الرغبة في الاستفادة ممّا تنطوي عليه تربية النحل في فلسطين من إمكانات لكسب لقمة عيشهم. وما يخفى على الكثيرين في العالم أن فلسطين من المنافسين الكبار في سوق تربية النحل؛ فالتقديرات تشير إلى وجود قرابة 000 86 خلية نحل في عام 2020 في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو عدد شهد زيادة في السنوات الثلاث الماضية.
وفي يوليو/تموز 2017، اجتمع مربو النحل هؤلاء المفعمون بالطموح لإنشاء نظام دعم يعرف باسم تعاونية الحنون للعسل. وباتت هذه المجموعة تستدرج شبابًا من خلفيات مختلفة، ما جعلها تصبح بسرعة مجموعة قوية من الأفراد الذين يعملون على امتداد مختلف مراحل دورة إنتاج العسل.
وقد بدأ أحد أعضاء التعاونية، وهو السيد إسلام دغلس، طبيب بيطري سابق يبلغ من العمر 23 عامًا، تربية النحل كهواية قبل أربع سنوات. ولم يَدُرْ في خَلَده آنذاك أن خلايا النحل الخمس التي اشتراها بمدخراته ستتضاعف أربع مرات وتصبح مصدرًا موثوقًا للدخل.
وانطلاقًا من هذا النجاح، بادر إسلام وأحمد نزار، وهو عضو آخر في التعاونية متخصص في علم التغذية، إلى التواصل مع منظمة الأغذية والزراعة في عام 2020 التماسًا للدعم لتحسين مشاريعهما في مجال تربية النحل ومساعدة أعضاء التعاونية على زيادة الدخل من إنتاجهم.
اضطلعت المنظمة بادئ ذي بدء بتقييم للاحتياجات جنبًا إلى جنب مع التعاونية ووزارة الزراعة الفلسطينية وأخصائيي تربية النحل. وقامت بعد ذلك، بفضل تمويل من حكومة كندا، بتزويد التعاونية بآلة لإعادة تدوير شمع العسل وتوجيه فني مصمم بما يتناسب مع الاحتياجات. وكانت تلك أول مرة يتم فيها استقدام هذه الآلة واستخدامها في مشاريع تربية النحل في فلسطين. وباتت هذه الآلة التكنولوجية المبتكرة تمكِّن التعاونية من إعادة استخدام شمع العسل الذي تعرض للضرر أو التلف في خلايا نحل العسل.
وعادة ما يتم فرك شمع العسل على الجدران الداخلية للخلايا الخشبية لإغراء النحل بزيارتها. وتعيد هذه الآلة، التي تم اعتمادها مؤخرًا، استخدام شمع العسل الذي يجمعه المزارعون من خلايا النحل القديمة. وتتولى الآلة تذويبه وجعله متجانسًا وتنظيفه في خزان خاص. ثم تقوم بضخ الشمع في خزان تبريد، وبسطه ووضعه في أشكال وقطعه لتشكيل قوالب أساس جديدة لشمع العسل، بما يكفل جميع متطلبات الجودة والسلامة.
وبفضل استخدام هذه التكنولوجيا المبتكرة، يعاد استخدام كميات هائلة من شمع العسل المستخدم من قبل مربي النحل. وتؤدي التكنولوجيا المطبقة إلى ضمان حفاظ شمع العسل المعاد تدويره على شكله وبنيته ودقة الخلية ورائحته. وإضافة إلى ذلك، أضحت الأسس المصنوعة حديثًا تتكون بالأساس من شمع العسل الطبيعي، ما يجعلها تحظى بقبول أكبر من جانب نحل العسل.
ينتج أعضاء التعاونية، باستخدام شمع العسل المعاد تدويره، شموعًا معطرة وغير ذلك من المواد المتخصصة. وهم يسعون الآن إلى فتح متجر لبيع منتجاتهم.
لقد تسنّى لكل من إسلام وأحمد، في غضون عام واحد من استخدام آلة إعادة التدوير، توفير حوالي 840 5 دولارًا أمريكيًا (000 18 شيكل) - وهو ما يمثل نسبة 28 في المائة - في شمع العسل. وهذه النتيجة لا تبشر بالخير لمستقبل جمعية الحنون فحسب، وإنما أيضًا لقطاع تربية النحل في فلسطين ككل التي استوردت حوالي 60 طًنا من شمع العسل الصناعي في عام 2020.
ومن خلال تحسين ممارسة إعادة تدوير شمع العسل، يمكن للقطاع توفير قرابة 50 في المائة في المصروفات ذات الصلة. وعلاوة على المنافع الاقتصادية الكبيرة، تحول هذه الآلة دون التخلص من كميات هائلة من شمع العسل المستخدم، ما يؤدي إلى التقليل من حجم المخلّفات الناتجة عن أنشطة تربية النحل. إضافة إلى ذلك، يعد شمع العسل المعاد تدويره ذا جودة أعلى من الخيارات المصطنعة المستوردة المتداولة في السوق، ما يسفر عن وجود منتجات أكثر أمانًا ومراعاة للبيئة.
وبفضل استخدام شمع العسل المعاد تدويره، تمكّن أبو يوسف، مؤسس التعاونية، من زيادة دخله من خلال إنشاء مجموعة متنوعة من المواد المتخصصة، بما في ذلك العسل مع المكسرات والشموع المعطرة والمكملات الغذائية للنحل لتعزيز إنتاج العسل ومنتجات أخرى شتّى. وفي ظلّ التوسع المستمر لنموذج مشروعه والطلب المتزايد من المستهلكين، بات أبو يوسف وأعضاء آخرون يسعون الآن إلى فتح متجر لبيع منتجاتهم.
واليوم، ينضوي تحت لواء تعاونية الحنون 50 عضوًا من الشاب، 36 من الذكور و14 من الإناث. وإن الحماس الذي يتملّك الشباب، مثل أحمد وإسلام، يشكل مصدر إلهام لتعاونيات أخرى في فلسطين للبحث عن فرص استثمارية مبتكرة ومراعية للبيئة يمكن أن تعزز سبل العيش المحلية ومجمل نوعية معيشة السكان.
اضف تعليق