لم يكن الحماس والهتافات بين العراقيين عند مواجهة إيران في الأردن فقط، وانما في ساحة التحرير في بغداد أيضا، ومثلت مباراة المنتخب رسالة مهمة حفزت المتظاهرين للثبات من اجل تحقيق مطالبهم المشروعة، فقد شكلت مباراة العراق وإيران التي جرت الخميس على ستاد عمان الدولي في الاردن متنفسا لآلاف العراقيين...
لم يكن الحماس والهتافات بين العراقيين عند مواجهة إيران في الأردن فقط، وانما في ساحة التحرير في بغداد أيضا، ومثلت مباراة المنتخب رسالة مهمة حفزت المتظاهرين للثبات من اجل تحقيق مطالبهم المشروعة، فقد شكلت مباراة العراق وإيران التي جرت الخميس على ستاد عمان الدولي في الاردن متنفسا لآلاف العراقيين في المملكة للتعبير عن دعم "الثورة" في بلدهم، تكللت بفرحة الفوز.
وتوجه آلاف العراقيين نحو الملعب قبل ساعات من المباراة التي وفر الاتحاد العراقي لكرة القدم دخولا مجانيا لحضورها في ستاد عمان الدولي، وهو أكبر ملعب في الاردن يتسع لنحو 25 الفا، وارتدت مجموعات من الجمهور العراقي اللون الأسود وكمامات سوداء في إشارة تضامنية مع المتظاهرين في ميدان التحرير في بغداد، وبينما منعهم الأمن الأردني من ادخال لافتات سمح لهم بحمل علم العراق فقط. بحسب فرانس برس.
رسالة مهمة في الوقت المناسب
وقال الأربعيني العراقي المقيم في عمان مصطفى عبدالله لفرانس برس "هدفنا الأهم أن نبعث رسالة واضحة لشعب العراق سنة وشيعة واكراد اننا نرفض تدخلات ايران وعملائها ببلدنا"، متهما إيران بأنها "سبب البلاء كله الذي حل بالعراق بعد سقوط نظام صدام حسين، دمرتنا"، ويتهم بعض العراقيين إيران بهندسة النظام السياسي الذي ينخره الفساد والمحسوبيات منذ 16 عاماً، ويقول الرجل الذي حمل علما عراقيا بيمينه "جئنا لا لنؤازر فقط منتخبنا في منافسته إيران في الملعب بل ايضا لنؤازر اخوتنا المتظاهرين في منافستهم الأكبر وثورتهم ضد إيران والظلم في العراق".
تراجع عدد العراقيين المقيمين في الأردن في السنوات الأخيرة إلى نحو 70 ألفا، بعد أن تجاوز عددهم عقب سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين 750 الفا غالبيتهم من السنة، وانتشر رجال الأمن ومكافحة الشغب بكثافة في محيط وداخل الملعب الذي دخله اكثر من 15 الف عراقي، بينما أعاق تزامن المباراة مع مباراة أخرى للأردن واستراليا مؤازرة الاردنيين للفريق العراقي، وقالت الشقيقتان نورس ونور مشهداني "حضرنا لنؤدي واجبنا أولا بمؤازرة منتخبنا، وثانيا لنعبر عن دعمنا لاخوتنا الذين ثاروا ضد الفساد والظلم في العراق".
وترى الشابتان المقيمتان في عمان أن المباراة "شكلت متنفسا" لهما كفسحة مؤقتة بعيدا عن "مشاهد الدم والنار" في بلدهم، ويجمع جمهور أسود الرافدين على أن مؤازرة منتخبهم في المباراة ضد ايران في الاردن تسهم في رفع عزيمة المتظاهرين في العراق كما يسهم بذلك الفوز تماما،
أما سارة (25 عاماً) فقالت "فرحوا هذا الشعب والجمهور (...) نحن هنا في التحرير منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر، لكن اليوم هو اليوم الأول الذي نجتمع فيه بفرحة وبدافع قوي. المنتخب يثبت أن لدينا أبطالاً في كل مكان وليس فقط في ساحة التحرير".
وعلت الهتافات والصيحات من ساحة التحرير، حيث نصبت شاشات عملاقة تحلق حولها شبان يتظاهرون منذ نحو شهر ونصف للمطالبة بـ"إسقاط النظام"، ومع بدء النشيد الإيراني قبيل انطلاق المباراة، علت صافرات الاستهجان من قبل المتواجدين، الذي يعتبرون أن احتجاجاتهم تشمل إيران التي يتهمونها أنها وراء النظام القائم الذي ينخره الفساد والمحسوبية، وعلى وقع قرع الطبول، هتف الحاضرون في ميدان التحرير كما في عمان "إيران برا برا، بغداد تبقى حرة"، ودوت أصوات الألعاب النارية في أنحاء بغداد، مع تسجيل العراقيين الهدفين.
وفي محيط ساحة التحرير، كانت سيارات السايبا الصفراء الإيرانية الصنع والشهيرة كسيارات أجرة في العراق، تجوب شوارع بغداد رافعة الأعلام العراقية ومطلقة هتافات التشجيع للمنتخب، لطالما كانت العلاقات العراقية الإيرانية معقدة. ففي عهد الرئيس السابق صدام حسين، خاض البلدان حرباً ضروس دامت ثماني سنوات (1980-1988). لكن بعد الاجتياح الأميركي وسقوط نظام البعث في العام 2003، عززت طهران نفوذها في العراق عبر أحزاب وفصائل مسلحة موجودة في السلطة حالياً.
ورغم أن العديد من العراقيين الشيعة يزورون إيران بانتظام لزيارة المقامات المقدسة، أو للعلاج أو مجرد السياحة، باتت الجمهورية الإسلامية اليوم العدو الأول لغالبية المتظاهرين، وكان آخر لقاء جمع المنتخبين في نهائيات آسيا في الإمارات العام الحالي، وانتهى بالتعادل السلبي. أما آخر زيارة للمنتخب الإيراني للعراق فكانت نهاية العام 2001، ضمن تصفيات مونديال 2002، وخسر فيها صاحب الأرض بهدفين لهدف.
فوز تاريخي ومثير
قاد اللاعب الدولي علاء عباس المنتخب العراقي الى فوز تاريخي ومثير على نظيره الإيراني 2-1 الخميس على ستاد عمان الدولي في إطار الجولة الخامسة من التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة لكأس العالم في قطر 2022 وكأس آسيا في الصين 2023.
وسجل عباس هدف الفوز الثمين لأسود الرافدين في الدقيقة الثانية من الوقت البدل الضائع مستغلا النقص العددي في صفوف المنتخب الإيراني الذي أكمل المباراة بعشرة لاعبين بعد طرد قائده مسعود شجاعي قبل نهاية المباراة بعشر دقائق بسبب نيله الإنذار الثاني.
وانتهى الشوط الأول بهدف لمثله، حيث افتتح المنتخب العراقي التسجيل في وقت مبكر عن طريق اللاعب مهند علي (11) وعادله احمد نور الله (25)، وعزز المنتخب العراقي بهذا الفوز صدارة المجموعة الثالثة رافعا رصيده الى 10 نقاط، مقابل 8 نقاط للبحرين التي تعادلت اليوم مع هونغ كونغ صفر-صفر، بينما بقي المنتخب الإيراني ثالثا بـ 6 نقاط، وهونج كونج رابعة بنقطتين وكمبوديا في المركز الخامس والأخير بنقطة واحدة.
وجرت المباراة وسط أجواء مشحونة واحتياطات أمنية مشددة وترتيبات استثنائية وشهدت حضورا جماهيريا كبيرا من أبناء الجالية العراقية، وقد أطلقوا من مدرجات ستاد عمان الدولي العديد من الهتافات ضد النظام الإيراني وسط التظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها البلاد للشهر الثاني والتي أودت بحياة 330 شخصا.
وقد تسبب الوضع الامني في نقل المباراة الى العاصمة الأردنية عمان وكذلك الحال لمواجهة العراق والبحرين التي ستقام يوم الثلاثاء المقبل في نفس الملعب، وشهدت المباراة هتاف الجماهير العراقية "إيران برا برا .. العراق تبقى حرة" و"بالروح بالدم نفديك يا عراق".
اضف تعليق