سمة مهمة من سمات الحكم العالمي في تشكيل النموذج العالمي المتعدد المراكز يتمحور في التغيير الكبير في النسبة العامة للإمكانات الدولية الرائدة والمنظمات الدولية وكذلك في تآكل بعض أجزاء القانون الدولي والذي يفسره كل طرف على طريقته الخاصة ومصالحه الخاصة، فلا يتردد في استخدام القوة لتطبيقه
سمة مهمة من سمات الحكم العالمي في تشكيل النموذج العالمي المتعدد المراكز يتمحور في التغيير الكبير في النسبة العامة للإمكانات الدولية الرائدة والمنظمات الدولية وكذلك في تآكل بعض أجزاء القانون الدولي والذي يفسره كل طرف على طريقته الخاصة ومصالحه الخاصة، فلا يتردد في استخدام القوة لتطبيقه. وقد زادت تلك السمات من القدرة على التأثير في العمليات العالمية بحجة حماية المصالح الوطنية مما يؤشر انخفاض ملحوظ في قدرات المنظمات الدولية الرامية إلى الدفاع عن مصالح المجتمع الدولي بأسره وهكذا برز وتطور نظامًا قائمًا على ميزان القوى.
عامل توازن القوى له تأثير حاسم على صياغة وحل القضايا العالمية عبر المنافسة السياسية والاقتصادية والعسكرية الدولية وضمان الأمن الدولي والوطني والحفاظ على الاستقرار والتنمية المستدامة، غير إن أوضاع العالم لم تستقر جراءه وذلك نتيجة لتدهور الوضع الدولي وتزايد الصراع في العالم وتأثير عوامل عدم اليقين المرتبطة بالسلوك المتمركز حول الذات لبعض الدول الكبرى وظهور جهات فاعلة عالمية غير تابعة للدول وفي مقدمتها منظمات الإرهاب الدولي وحالات تدهور البيئتين البشرية والطبيعية ومشاكل تخصيص الموارد العالمية وأساليب إدارة القضايا الاجتماعية العالمية، وإن إنشاء نظام عالمي جديد لا يقوم على توازن القوى وعلى توازن المصالح سيؤدي ذلك إلى حالا أسوء مما يعني التعامل بسلوك عنيف للغاية مما يعد أمرا ليس مقبولا. وقد آثار سياقات الآمنين الوطني والدولي متناقضة جدا وخطيرة للغاية بظل التحديات والمخاطر والتهديدات لذلك لربما كان الأمر يتطلب معارضة منسقة للنماذج الحالية لهما، غير انه وعلى خلفية انخفاض مصداقية وفعالية المنظمات الدولية فأن هناك تدهورا في إمكانية إدارة العمليات في مجال الأمن الناتجة عن انعدام التطابق بين التهديدات وبين فرص المكافحة المشتركة مما يستلزم الفهم العلمي والإدراك التام لقضايا التكيف البيئية السياسية والديناميكية التحويل.
منطق التكيف يجب أن يعالج مشكلة تنسيق أنشطة المنظمات الدولية العاملة في مجال الأمن المحلي والإقليمي والدولي في إطار إستراتيجية عالمية واحدة، ويعالج أيضا مشكلة تنسيق هذه الاستراتيجيات مع الأمن القومي وإن تنفيذ النهج المقترح سيضمن القدرة على التنبؤ بتطور الأوضاع امنيا وإيجاد فرص إضافية لتخطيط الإجراءات لمنع تفاقم الأزمات، لذا يجب على مؤسسات ضمان الأمن القومي أن تتكيف مع واقع أوضاع العالم عبر تكييف وبرمجة المؤسسات الدولية مع الوقائع والتطورات المتعاقبة. وإن العوامل المترابطة به قد تعيق التنفيذ العملي لخطوات تنظيم تفاعل نماذج لضمان الأمن المحلي والدولي كما في استيعاب وإدراك أهمية مشاكل ضمانه وحاجته إلى التعاون في سبيل حلها مما قد يؤدي إلى تطوير وثائق دولية هامة ومحفزا محاولات وضع قواعد ومعايير وممارسات مشتركة تهدف إلى ضمان الاستقرار والتنمية المستدامة وقد أدى ذلك إلى نشر تأثيره إلى ظهور بعض الاتفاقات الإطارية العالمية وإدخالها التدريجي في ممارسة العلاقات الدولية عبر توحيد طبقة المشاكل العالمية المفترض حلها لتعزيز التعاون والتفاهم المتبادل.
لا تتزامن في إطار هذا الهيكل استراتيجيات الأمن الدولية والوطنية ولا تتزامن حتى في العديد من القضايا ذات الطبيعة المتعارضة مما يؤدي إلى تدني التضامن بين تصرفات أعضاء المجتمعين الوطني والعالمي وحتى إلى الافتقار التام للفهم المشترك للمشاكل الرئيسية في عصرنا. وان ذلك هذا الوضع يرجع إلى التناقضات الأمنية والإستراتيجية في المجال السياسي الدولي المتسم بالصراع بين حاجة موضوعية لتعزيز الحكم الجماعي وبين تأثير المجتمع البشري في تطور العولمة ورغبة القادة الحاليين بالاحتفاظ الصكوك التنظيمية الرئيسية في أيديهم.
وان التأثير الأمني الحاسم على استراتيجيات ضمان الأمن الوطني والدولي يجعل من الممكن تصنيف التحديات والتهديدات التي تواجه المجتمع كعامل محدد لتطوير الاستراتيجيات المناسبة، وإدراكًا لذلك فأن كل الدول وائتلافاتها ليست مستعدة لعمل مشترك هادف لتعزيز وجهات النظر بشأن المساعدة الإنمائية وخصائص تأثيرها على حالة الأمن الدولي واتخاذ خطوات مشتركة للعطاء على أساس متفق عليه وإن عدم وجود إستراتيجية شاملة لمواجهة المشكلات الأمنية محليا وحتى دوليا يربك الوضع السياسي العالمي والإقليمي. كما إن التأثير القوي المزعزع للاستقرار ما هو إلا محاولات البعض للسيطرة واحتكار المجتمع الدولي من دون رقابة من جانب المجتمع الدولي ومن دون تحديد أولوية الإجراءات المعينة القائمة والمتوقعة. وتترتب على العواقب الخطيرة تصرفات أحادية من جانب بعض الدول والمنظمات في تحديد أشكال وطرق المواجهة لتصل أحيانا إلى استخدام تدابير القوة العسكرية في الرد، لذا ينبغي أن تهدف إستراتيجية الضمان الأمني إلى التقيد الصارم والدقيق لقواعد السلوك المعترف بها عالميا والملزمة على الساحة الدولية كما يجب أن تستند إلى آليات موثوقة للتأثير على تطور المواقف السياسية القائمة.
لن اخفي حقيقة انه والى ألان لم يتمكن المجتمع الدولي إنشاء نماذج فعالة وموثوق بها لحل المشاكل الأمنية ولا مواجهة التهديدات والتحديات، الأمر الذي يتطلب تشكيل وتفعيل القدرة الجماعية ومضاعفة تنشيط العنصر التنافسي في أنشطة عدد من منظمات والتي تعمل في الغالب في عزلة ولا تحضا بالتنسيق السليم ولا بتكامل الجهود لمواجهة وحدة تطوير المنشآت والوحدات والمؤسسات الأمنية. وهناك اتجاه مماثل يبتكر وضعا إشكاليا، إذ إن جوهر التناقضات بين وجود نظام واسع النطاق من المنظمات الأمنية المحلية مع المنظمات الدولية هو بعدم وجود الإرادة السياسية للمجتمع الدولي وأعضائه لتحقيق عمل هادف لتحسين كفاءة المؤسسات القائمة، ولتنسيق استخدام الموارد في حل مشاكل الأمن الدولي القائمة على إستراتيجية واحدة عبر الاسترشاد في الشؤون الدولية وحسب المصالح الوطنية للوصول إلى أساس معقولا لجميع التفاعلات وفقا للتراضي والتوافق.
لذلك يتطلب حل النزاع تطوير واستخدام استراتيجيات التكيف السياسي للمصالح الوطنية وتشابكها مع مصالح المجتمع الدولي بأسره في إطار نموذج تكاملي للأمن الدولي القائم على منطق ضبط النفس والقيود، وإن الشرط الأساسي للنظام يتترجم في مثالية قدرة الدول لضبط القرار والمجتمع الدولي ككل للحد من تصرفات بعض الجهات المحلية والإقليمية والدولية الفاعلة التي يضر سلوكها بمصالح الأمن الدولي بشكل عام. وان بعض المنظمات الدولية والدول الفردية لها ما يبرر الإعراب عن قلقها إزاء بناء الاستعدادات العسكرية ومعاملتها كتهديد للأمن الدولي أو الوطني وانتهاك لالتزامات التقييد العسكرب، لذلك يمكن استخلاص استنتاجات مماثلة من الزيادة في عدد ونطاق التدريبات ، واختيار موقعها ، والزيادة الحادة في إنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية ، والنمو في حجم مبيعات الأسلحة ولاسيما في مناطق الصراع المتزايد وبعض الخطوات الأخرى. ولمنع هذا السيناريو هناك حاجة إلى نظام متطور لتدابير المعلومات المتبادلة بشأن الأنشطة العسكرية استنادا إلى آليات موثوقة للرصد والتنبؤ، ومن الضروري إجراء تقييم شامل وعملي والتنبؤ بالعواقب المحتملة لإجراءات الدول لضمان الأمن القومي في سياق واسع عبر ربط تأثير الخطوات المتخذة في إطار التهدئة في كلا من حالة الأمن الدولي وحالة الأمن الوطني.
مع ما تقدم كله فتحتاج البلاد إلى سياسة أمن قومي متوازنة مع أولوية غير مشروطة للمصالح والقيم الوطنية وتراعي في الوقت نفسه الحقائق السياسية التي تتطور في الوضع الدولي ومصالح الدول الأخرى والمنظمات الدولية، وينبغي وضع منطق تنسيق المصالح، بالاعتماد على مبادئ الحد منها، وضبط النفس في الأساس لإستراتيجية الأمن الدولي، مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية، ومن المهم أن نجد طريقة لمطابقة أفضل السياسات المحلية مع العمليات الحقيقية في المجال الأمني، كما ومن المهم تجنب كل سياسة لينة أو موقف مرن من البلاد على حساب المصلحة الوطنية لأن المواجهة الأمامية في حقيقتها تهدف لتطوير الاتجاه العالمي نشوء وتطور والذي لا يعود على المعارضين والائتلافات المتنافسة بألتخبط بظروف فوضوية وجديدة حتى لو كانت غير موضوعية، كما وتحتاج كل دولة إلى نموذج تكاملي شامل يجمع بين مصالح المجتمع الدولي والمصالح الوطنية لها كما يجب أن يسهم النموذج في حل مجموعتين من القضايا وإنشاء أداة لدعم التأثيرات التنظيمية على الأمن الدولي واختيار الطرق المثلى للتفاعل مع منظمات الأمن الدولية لحماية المصالح الوطنية.
اضف تعليق