تحققت مخاوف أكثر المتشائمين وهم يتابعون الخط البياني المتهاوي لأغلى سلعة في السوق العالمية، النفط، والتي شهدت بين عامين (2014-2015) بونا شاسعا في سعرها السوقي، فبعد ان تجاوزت عتبة (100) دولار، عادت لتنخفض الى عتبة (30) دولار، لتخسر 75% من قيمتها الحقيقية منذ منتصف عام 2014.
كل هذا يأتي في ظل توقعات بالمزيد من الخسائر عن مكانتها السابقة في وقت يشهد السوق العالمي تخمة في المعروض وتراجع لنمو الاقتصاد الصين، إضافة الى سياسية أوبك المبهمة وسط نزاع إقليمي واضح.
تراجع أسعار النفط الى (30) دولار للبرميل الواحد، يسجل مستوى قياسي جديد لم يشهدها النفط خلال (12) سنة الماضية، كما دفع بالتوقعات للوصول الى مستوى (20) دولار، الا ان هذا الانخفاض الحاد وغير المتوقع كمنت وراءه أسباب اقتصادية وأخرى سياسية، بحسب ما أوضح عدد من الخبراء.
طبعا الأسباب الاقتصادية، كما أسلفنا، تراوحت بين "تخمة المعروض المتصاعدة وتدهور الاقتصاد الصيني واضطرابات سوق الأسهم، فضلا عن ارتفاع الدولار الذي يجعل النفط أعلى تكلفة للبلدان التي تستخدم عملات أخرى لشرائه".
كل هذا دفع الى توقعات متشائمة لمستوى نمو الاقتصاد العالمي لعام 2016، ومع ان صندوق النقد الدولي سيصدر تحديثا لتوقعاته في وقت لاحق هذا الشهر، لكن مدير عام الصندوق، "كرستين لاغارد"، حذرت من أن هذا العام سيكون مخيبا للآمال، وذلك في مقال لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية.
كما دفع الدول التي تعتمد في اقتصادها على "النفط"، (خصوصا في الخليج) الى اصدار موازنات تعاني من عجز يفوق بعضها (100) مليار دولار، كما دفع بالبعض الاخر (السعودية) الى اصدار حزم من الإصلاحات الاقتصادية ورفع الدعم "جزئيا" عن الوقود وغيرها من السلع، إضافة الى تقليص الانفاق في بعض القطاعات التي تستنزف موارد الدولة.
لكن الأسباب السياسية التي ساهمت بشكل رئيسي في انحدار أسعار النفط، بحسب محللين، خصوصا بعد ان فشلت منظمة "أوبك" في توحيد مواقف أعضائها، فضلا عن التفاهم مع المنتجين خارج المنظمة.
الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران بحسب محللين لدى بنك أوف أمريكا ميريل لينش في مذكرة: "قد يؤدي التصعيد الجديد في التوترات بين السعودية وإيران إلى تصعيد الحرب القائمة على الحصة السوقية وخلق مخاطر نزولية جديدة لأسعار السلع الأولية".
وعلى الرغم من حاجة السعودية وإيران وغيرها من الدول الى التوصل الى اتفاق لتخفيض سقف انتاجها من اجل تعزيز أسعار النفط (مثلما حدث في ثمانينات القرن الماضي)، الا ان بوادر التوصل الى اتفاق مماثل تبدو شبه مستحيلة مع وجود ملفات ساخنة في سوريا واليمن والعراق ولبنان وغيرها، ما زالت عالقة بين القوى الإقليمية.
برأيكم، هل ستنحدر أسعار النفط الى عتبة (20) دولار خلال عام 2016؟، واي العاملين كان له الأثر الأقوى على أسعار النفط؟ الاقتصادي ام السياسي؟، وهل سيشهد عام 2016 موجة من الانهيارات الاقتصادية عالميا بسبب أسعار النفط؟، وهل سيتمكن العراق من الصمود امام المزيد من التراجع في أسعار النفط؟.
اضف تعليق