العلم يتلقى الضربة تلو الضربة.. بينما يقف الباحثون مشدوهين تحت وقع التغييرات التي جاءت أسرع مما كانوا يتخوَّفون، وأشدَّ عنفًا وإيلامًا. في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تبنّى القادة الأمريكان وجهة النظر القائلة بأن التقدم العلمي "أحد المفاتيح الأساسية لأبوابٍ تقود إلى أمن الأمّة الأمريكية...
بقلم: جيف توليفسون، وماكس كوزلوف، وألكسندرا ويتزي، ودان جاريستو

العلم يتلقى الضربة تلو الضربة.. بينما يقف الباحثون مشدوهين تحت وقع التغييرات التي جاءت أسرع مما كانوا يتخوَّفون، وأشدَّ عنفًا وإيلامًا.

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تبنّى القادة الأمريكان وجهة النظر القائلة بأن التقدم العلمي "أحد المفاتيح الأساسية لأبوابٍ تقود إلى أمن الأمّة الأمريكية، وإلى صحةٍ أفضل، ووظائف أكثر، ومستوى معيشي أعلى، وإلى نهضة ثقافية في البلاد". وعلى مدار العقود الثمانية التالية للحرب، اتفق المسؤولون الحكوميون من قطبَيْ السياسة الأمريكية (أي الحزبين الجمهوري والديمقراطي) على الاستثمار في المجال العلمي الأمريكي. كان هذا هو الحال حتى جاء الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في ولايته الثانية، التي لم يمضِ منها شهر واحد إلا وقد وجد الخوف طريقه إلى قلوب العلماء والباحثين من انهيار هذا الإجماع السياسي المنعقد منذ أمدٍ بعيد.

أقدمت الإدارة الأمريكية، وبسرعة غير مسبوقة، على تسريح آلاف الموظفين بالوكالات العلمية الأمريكية، وإدخال تعديلات على معايير المِنَح العلمية من شأنها تقليص الدعم المالي الفيدرالي المُقدَّم للعلوم تقليصًا شديدًا. على أن هذه الاقتطاعات ليست سوى جانب من جهود أوسع ترمي إلى خفض إنفاق الحكومة وتقليص القوى العاملة بها إلى حدٍّ بعيد.

تدخَّلت المحاكم الأمريكية في بعض الحالات، إلا أن معظم النواب الجمهوريين في الكونجرس بكلا مجلسَيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) يؤيدون أجندة ترامب في ولايته الثانية؛ خلافًا لما جرى إبان ولايته الأولى، بين عامَي 2017 و2021، عندما تصدَّي الكونجرس لجهود ترامب الهادفة آنذاك إلى الاقتطاع من تمويل العلوم. وفي نظر العديد من الباحثين، تدلّ وقائع الشهر الأول من الولاية الثانية للرئيس على نيته إعادة ترتيب الأولويات، بما قد يؤثر على مسيرة العلم والمجتمع طوال عقود قادمة.

يرى هارولد فارموس، المدير الأسبق لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH)، والذي يعمل الآن باحثًا في السرطان في كلية ويل كورنيل للطب بمدينة نيويورك، أن جميع هذه الإجراءات التي يُقدِم عليها ترامب "لم يسبق لها مثيل"، مضيفًا: "لم يسبق لأحد أن رأى تحوُّلًا [رئاسيًا] ينطوي على نسف مكوِّن أساسي، ورفيع القيمة، من مكونات منظومة الحكم في البلاد".

يُذكر أن إدارة الرئيس ترامب لم تستجِب لطلب Nature التعليق على ما جاء بهذا المقال.

في هذا التقرير، تستعرض Nature الإجراءات الهوجاء التي اتخذها فريق ترامب بخصوص العلوم حتى الآن (يمكنك الاطلاع على التسلسل الزمني لهذه الإجراءات أسفل المقال، بعنوان: صِدام مع العلم: حصاد شهرٍ من ولاية ترامب الثانية)، وتستمع إلى آراء عدد من المراقبين فيما تحمله الأيام المقبلة.

سرعةٌ جنونية

ما هي إلا ساعات قلائل من تنصيب ترامب رئيسًا، في العشرين من يناير الماضي، حتى أخذ المشهد العلمي ينقلب رأسًا على عقب. وكانت البداية بتوقيع الرئيس عشرات الأوامر التنفيذية، التي تمثّل توجيهات رئاسية ترسم للحكومة طريقة التصرُّف في إطار القوانين القائمة.

كان بعض هذه الأوامر مُتوقَّعًا، ومنها انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، الموقَّع في عام 2015، والذي يهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم، وكذلك إنهاء عضوية الولايات المتحدة في منظمة الصحة العالمية. لكن كان هناك أيضًا أوامر غير متوقَّعة، سرعان ما تجاوبت أصداؤها في الأوساط العلمية.

من هذه القرارات، قرارٌ سعى من خلاله الرئيس إلى إرساء تصوُّر مغلوط يقول بوجود جنسَيْن بيولوجيّيْن فقط، هما الذكر والأنثى، ومن ثمّ حظر الإجراءات الفيدرالية "التي من شأنها دعم الأيديولوجية الجنسانية أو رعايتها بأي شكلٍ من الأشكال". يُذكر أن هذه الأيديولوجية ترتكز على فكرة تعدُّد الانتماءات الجنسانية (أو الأنواع الاجتماعية)، متجاوزةً التقسيمة الثنائية إلى ذكر وأنثى. وسارَعت الوكالات البحثية العاملة في مجال الطب الحيوي، مثل «المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها» (CDC)، إلى الاستجابة لهذا القرار من خلال عدة إجراءات، من بينها حَجب عدد من مجموعات البيانات من مواقعها الإلكترونية، وسحب مسوَّدات بحثية مُقدَّمة إلى الدوريات العلمية التابعة لها لتنقيتها من جملة من المفردات و المصطلحات، تشمل "النوع الاجتماعي" أو "الجندر"، و"المتحولين جنسيًا".

وبموجب أمر تنفيذي آخر، جرى تعطيل برامج «التنوُّع والمساواة والشمول الاجتماعي» (DEI)، التي وصفها ترامب بأنها "برامج [ترسخ] التمييز غير القانوني وغير الأخلاقي". وجرى تعميم رسالة على الموظفين الحكوميين عبر البريد الإلكتروني، مفادها أن أي موظف فيدرالي لا يبلِغ عن زملائه الذين يتحدَّون القرارات المتعلقة بهذه البرامج سوف يواجه "عواقب وخيمة". ومما أثار حفيظة علماء وباحثين كُثُر أن الوكالات شرعت بالفعل في إنهاء هذه البرامج، ومنها البرامج الرامية إلى إحلال العدالة البيئية، التي تستهدف حماية الجماعات السكانية منخفضة الدخل، والأكثر عُرضةً لآثار التلوث والتغير المناخي. بلغ الأمر ببعض الجمعيات العلمية والمؤسسات البحثية الخاصة أنْ حذفت أية إشارة إلى برامج «التنوع والمساواة والشمول» على مواقعها الإلكترونية، بناءً على دعوة ترامب في أحد أوامره إلى التحقيق مع المؤسسات والمنظمات غير الربحية وغير ذلك من الكيانات الخاصة التي لا تمتثل لقراراته.

في السابع والعشرين من يناير الماضي، ولم يكن قد مضى على تولّي الإدارة الأمريكية الجديدة سوى أسبوع واحد، قرّر مكتب الميزانية التابع للرئاسة تجميد جميع المنح والقروض الفيدرالية، بدعوى أنه بحاجة إلى مراجعة الإنفاق الحكومي لضمان اتساقه مع القرارات الإدارية. وثارت فوضى عارمة مع اتجاه عدد من الوكالات، منها «معاهد الصحة الوطنية» و«مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية» (NSF)، وكلتاهما من كبار الجهات الممولة لأبحاث العلوم الأساسية، إلى قطع مخصَّصات المِنَح، وإلغاء لجان المراجعة المسؤولة عن تمويل المنح البحثية، وتعليق التواصل مع طالبي المنح. ورغم أن قاضيًا فيدراليًا أوقف العمل بهذا القرار، يظلّ الاضطراب والارتباك سائدَين.

في بيئةٍ كهذه يعاني الباحثون الرئيسيون الذين يقودون فِرقًا بحثية، حسبما أفاد باحث جامعي، طلب عدم الإفصاح عن هويته حفاظًا على استمرار التمويل الذي يتلقاه لأبحاثه من عدة وكالات أمريكية. يقول إن الباحث الرئيس هو "المسؤول عن كل ما يخص إدارة المنح وإدارة فريقه". وتابع: "الخوف يسيطر على الكثيرين: لا يريدون أن يقولوا أو يفعلوا شيئًا خاطئًا"، فيخسروا الدعم المالي لعملهم البحثي، مستطردًا: "الفوضى تعمّ البيئة البحثية؛ وإنه لأمر مؤرِّق حقًا".

متظاهرون، بينهم باحثون وأطباء، يحتجُّون على إجراءات إدارة ترامب أمام وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية بالعاصمة واشنطن في التاسع عشر من فبراير الماضي.

متظاهرون، بينهم باحثون وأطباء، يحتجُّون على إجراءات إدارة ترامب أمام وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية بالعاصمة واشنطن في التاسع عشر من فبراير الماضي.

زعزعة أركان المنظومة العلمية

جاءت قرارات ترامب غير المسبوقة في الوقت الذي تنتعش فيه شراكته مع رائد الأعمال الملياردير إيلون ماسك. يعمل الشريكان معًا على خفض الإنفاق الفيدرالي وتقويض وكالات مثل «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية»، التي تموّل بحوث الأمراض وإجراءات الوقاية ورعاية المرضى عالميًا.

وفي إطار السعي إلى تحقيق هذا الهدف، سارعت إدارة ترامب – من خلال وزارة الكفاءة الحكومية، التي يتردَّد أن ماسك يعمل مستشارًا لها – إلى تقليص العمالة الفيدرالية، بما يشمل تسريح نحو 280 ألف باحث ومهندس. بدأ هذا الاتجاه في الثلاثين من يناير الماضي، بإرسال عرض عبر البريد الإلكتروني إلى جميع الموظفين الفيدراليين يحثُّهم على "الانتقال من الوظائف منخفضة الإنتاجية في القطاع العام إلى وظائف أعلى إنتاجيةً في القطاع الخاص"؛ ومن ثمّ تقدَّم حوالي 75 ألف موظف باستقالاتهم، بناءً على وعدٍ باحتفاظهم برواتبهم حتى سبتمبر القادم. وفي منتصف فبراير الماضي، بدأت عمليات التسريح في مختلف قطاعات الحكومة الأمريكية بالموظفين قيد الاختبار، وعادةً ما تنطبق تلك التسمية على الموظفين الذين شغلوا وظائفهم في غضون العاميْن الماضييْن؛ بما يعني أن هذه الإجراءات كانت أشدَّ وطأةً على شباب الباحثين.

وفي تعليق لباحث بمعاهد الصحة الوطنية طالت إجراءات خفض العمالة زملاءه بالمختبر، وطلَب عدم الإفصاح عن هويته لأنه غير مسموح له بالحديث إلى وسائل الإعلام، قال: "قرارات التسريح هذه على قدرٍ من العشوائية والقسوة يفوق قدرتي على الوصف". ويُقال إن إخطارات التسريح المُرسَلة إلى العاملين عبر البريد الإلكتروني قد تذرَّعت بضعف الأداء الوظيفي، حتى بالنسبة إلى الموظفين الذين أقرّ مشرفوهم بأن أداءهم "استثنائي". وأضاف الباحث: "اختاروا مجموعة من أفضل الموظفين وأكثرهم براعةً ممن انضموا إلى الحكومة قبل فترة وجيزة، وقرروا إنهاء خدماتهم".

يتوقع الكثيرون أن تترتَّب على هذه القرارات إشكاليات قانونية. يقول مسؤول بالاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة «لوكال 3403»، الذي يمثّل الباحثين في المؤسسة الوطنية للعلوم ومؤسسات أخرى، إن الاتحاد "يُجري تقييمًا لجميع الخيارات القانونية المتاحة في مواجهة القرار الأرعن بفصل العاملين الفيدراليين".

وفي الأثناء، أشاعت إدارة ترامب حالةً من الفوضى والاضطراب في مجال الطب الحيوي حين أعلنت في السابع من فبراير الماضي أن معاهد الصحة الوطنية سوف تطبق سياسة من شأنها اقتطاع مليارات الدولارات من المخصصات السنوية للجامعات والمستشفيات وغيرها من المؤسسات البحثية الأمريكية. يُتوقع أن تخفض هذه السياسة تكاليف النفقات البحثية العامة من حوالي 40% في المتوسط، إلى نسبة ثابتة من مخصصات المِنَح البحثية تبلغ 15%. تشمل هذه التكاليف نفقات الكهرباء، والتخلص من النفايات، وغير ذلك من مصاريف العناية بالمرافق، إلى جانب المصاريف الإدارية، كما تُضاف إلى أموال المنح المخصصة للوازم المختبرات والمواد الكيميائية ورواتب الباحثين. وقد تم تعليق العمل بهذه السياسة بانتظار ما ستُسفر عنه القضايا المرفوعة ضدها باعتبارها سياسة غير قانونية.

الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب بثَّت القلق حتى في صفوف بعض الجمهوريين من أصحاب التيار المحافِظ. لذلك يرى أنتوني ميلز، رئيس «مركز التكنولوجيا والعلوم والطاقة» في «معهد المؤسسة الأمريكية»، وهو مركز بحثي محافِظ يقع مقره بالعاصمة واشنطن، أن الإدارة الأمريكية ينبغي أن تُشرك الجهات المعنية في مناقشة أمورٍ مثل إصلاح معاهد الصحة الوطنية، وأن تشجّع باحثيها على أخْذ المخاطرة، بدلًا من إشهار سياسة التخويف والترهيب. يقول: "وسط هذه الفوضى العارمة، أخشى أن تضيع فرصة الإصلاح البنّاء".

انقضى الشهر الأول.. ماذا بعد؟

يرى خبراء السياسات الذين تحدَّثوا إلى Nature أن موجة التغييرات لم تنحسر بعد، وأننا سنشهد المزيد منها فيما هو آت. يُذكر أن كثيرًا من السياسات التي وضعها ترامب موضع التنفيذ في أول شهر من ولايته الثانية يتسق مع الأطروحات المُقدَّمة في «مشروع 2025» Project 2025؛ وهو برنامج العمل الذي أعدَّته «مؤسسة التراث» The Heritage Foundation، وهي مركز بحثي يميني يقع مقره بالعاصمة واشنطن. كان ترامب قد أنكر صلته بهذه الوثيقة رسميًا إبان حملته الرئاسية؛ ومع ذلك، انضم العديد من مؤلِّفيها الآن إلى إدارته.

مما دَعت إليه الوثيقة أيضًا، إيقاف الدراسات المناخية الجاري العمل عليها في «الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي»، وخصخصة العديد من خدمات الأرصاد الجوية المُقدَّمة من «خدمة الطقس الوطنية الأمريكية». كما تضمنت الوثيقة الحثَّ على أن تُوقف وزارة الطاقة الأمريكية استثماراتها في تقنيات الطاقة النظيفة، وأن تركّز على أبحاث العلوم الأساسية بدلًا منها، مع ذكر علوم الكَمّ والذكاء الاصطناعي كأمثلة على هذا النوع من العلوم.

ويبدو أننا سنشهد مزيدًا من إجراءات تقليص القوى العاملة الفيدرالية؛ فمن بين ما تدعو إليه الوثيقة آنفة الذكر، إجراء تغيير شامل للقواعد الحاكمة للخدمة المدنية بالولايات المتحدة، والتي تضمّ العاملين بالحكومة، ومنهم الباحثون الذين تم اختيارهم على أساس الخبرة، وليس بالتعيين استنادًا إلى قرار سياسي. وتناقلت وسائل الإعلام خبرًا يفيد بأن إدارة ترامب تعكف على صياغة تشريع قد يفتح الباب على مصراعيه أمام فصل العديد من هؤلاء العاملين.

وثمة مؤشرات أيضًا على احتمال إقدام الإدارة الأمريكية على اعتماد خفضٍ كبير لميزانيات الوكالات العلمية. تجري الآن المحادثات النهائية حول ميزانية العام الجاري في الكونجرس الأمريكي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لتبدأ قريبًا دورة الميزانية الجديدة لعام 2026. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما مقدار هذه الاقتطاعات؟ "كل شيء ممكن"، هكذا تجيب جينيفر تسايتسر، التي تدير مكتب الشؤون العامة في «اتحاد الجمعيات الأمريكية للبيولوجيا التجريبية»، الكائن مقره بمدينة روكفيل في ولاية مريلاند الأمريكية.

صِدام مع العلم: حصاد شهرٍ من ولاية ترامب الثانية

20 يناير: الأوامر التنفيذية التي وقَّعها ترامب في يوم عودته إلى البيت الأبيض

الإعلان عن أوامر بالغة التأثير، منها أوامر قضت بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ ومن منظمة الصحة العالمية. فيما استهدَفت فئة أخرى من القرارات تقليصًا حادًا للقوى العاملة الفيدرالية، وتجميد المساعدات الخارجية، وإيقاف البرامج والأنشطة التمويلية والجهود التي تستهدف تعزيز التنوع الاجتماعي في مختلف قطاعات الحكومة الأمريكية.

21 يناير: تعليق أنشطة «معاهد الصحة الوطنية»

أدى التوقف المطوَّل لبرامج الاتصالات الخارجية التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، التي تتبعها «معاهد الصحة الوطنية» (NIH)، إلى تعليق المعاهد للجان مراجعة المنح البحثية، وما يتصل بها من أنشطة سفر وتدريب.

27 يناير: تجميد جميع المنح الفيدرالية

أعلنت مذكرة صادرة عن مكتب الإدارة والميزانية الأمريكي تجميد جميع التمويلات الفيدرالية، المقدَّرة قيمتها بتريليونات الدولارات. وفي اليوم التالي، أوقَف قاضٍ قرار التجميد؛ غير أن بعض الوكالات الأمريكية، بما فيها «المؤسسة الأمريكية الوطنية للعلوم» (NSF)، استمرّت في تعليق الأنشطة التمويلية.

31 يناير: اختفاء قواعد بيانات تتبع «المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها»، وفرض الرقابة على الأوراق البحثية

امتثالًا لأوامر ترامب التنفيذية بخصوص التنوع الاجتماعي، واستبدال المصطلحات ذات الصلة بالنوع الاجتماعي (أو الجندر)، سحَبت «المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها» (CDC) عديدًا من الصفحات على موقعها الإلكتروني، ومنها صفحات تحوي إحصاءات تتصل بفيروس العَوز المناعي البشري (HIV) وبصحة المراهقين. كما أمرَت المراكز باحثيها بسَحب جميع المسوَّدات البحثية قيد المراجعة لدى المجلات العلمية، لتنقيتها من المصطلحات ذات الصلة بالجندر. ثم عادت المواقع الإلكترونية للمراكز إلى العمل مؤقتًا في أعقاب أمر قضائي صدَر في الحادث عشر من فبراير الماضي.

عقب تجميد المساعدات الخارجية، أُخطِر مسؤولون في «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية» بأن إدارة ترامب أزمعت خَفض عدد العاملين بالوكالة من أكثر من 10 آلاف موظف إلى نحو 290 موظفًا، بما يهدد جهود مكافحة الأمراض مثل الإيدز والملاريا. وفي الثالث عشر من فبراير، أوقف قاضٍ أمريكي تجميد تمويل المساعدات مؤقتًا.

7 فبراير: خَفض تمويل «معاهد الصحة الوطنية»

أصدرت «معاهد الصحة الوطنية» بيانًا أعلنت فيه أنها ستخصم من الأموال المُوجَّهة إلى "التكاليف غير المباشرة"، والتي تنفقها المؤسسات البحثية الأمريكية على استهلاك الكهرباء، والتخلص من النفايات، وغير ذلك من الخدمات الضرورية. اقترحت «معاهد الصحة الوطنية» خفض التمويل من حوالي 40% في المتوسط إلى 15%؛ بما يعني اقتطاع مليارات الدولارات من ميزانية الوكالة. وقُبيل بدء سريان السياسة الجديدة في 10 فبراير، أصدَر قاضٍ أمرًا مؤقتًا بوقف التغيير في سياسة التمويل.

14 فبراير: بدء تسريح العاملين في الوكالات العلمية الأمريكية

بدأ آلاف الموظفين بعدة جهات علمية أمريكية يتلقَّون إخطارات بإنهاء خدماتهم، في إطار جهود إدارة ترامب الرامية إلى إعادة تشكيل القوى العاملة الفيدرالية وخَفضها. ومن هذه الجهات: «معاهد الصحة الوطنية» و«المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها» و«المؤسسة الوطنية للعلوم» و«وكالة حماية البيئة الأمريكية». يُذكر أن هؤلاء الموظفين كانوا "تحت الاختبار"، بما يعني عادةً أنهم باشروا العمل منذ أقل من عامين؛ وذلك برغم أن بعضهم كان قد ترقّى في عمله أو انتقل إلى قسمٍ جديد للتو.

* هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور بمجلة Nature بتاريخ 20 فبراير 2025.

اضف تعليق