q

تواصل الحكومة الاسرائيلية وعلى الرغم من الاعتراضات الدولية، سياساتها الاستيطانية التوسعية في خرق واضح للقانون الدولي، حيث قامت اسرائيل في الفترة الاخيرة وكما تنقل بعض المصادر بتوسيع خططها الاستيطانية داخل الاراضي المحتلة، من خلال إقرار وإقامة العديد من المشاريع استيطانية والمصادقة على بناء المئات من الوحدات السكنية الجديدة بعد مصادرة الأراضي والعقارات تحت ذرائع مختلفة، وتعتبر إقامة المستوطنات في القانون الدولي بالإضافة إلى نقل سكان الدول المحتلة إلى الإقليم المحتل، مناقضة لكل المبادئ الدولية وميثاق الأمم المتحدة ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب في عام 1949.

ويمثل الاستيطان عقبة رئيسة أمام عملية السلام المتعثرة بين فلسطين وإسرائيل، إذ ما فتئت الأخيرة تعلن وتصادق على بناء مئات المستوطنات الجديدة كل سنة متجاهلة بذلك أصوات دولية تدعوها إلى العدول عن ذلك.

وفيما يخص اخر تطورات هذه القضية فقد أجمع أعضاء مجلس الأمن على انتقاد الاستيطان الإسرائيلي واعتبار أنه غير قانوني ويشكل تهديداً لحل الدولتين، من دون تحديد خطوات لوقفه، وذلك في جلسة شارك فيها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ورفض بان تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن معارضة الفلسطينيين التوسع الاستيطاني إنما هي تأييد للتطهير العرقي ضد الإسرائيليين، وقال إن موقف نتانياهو «مشين وغير مقبول».

ودعا إسرائيل إلى وقف سياسة التوسع الاستيطاني المستمرة منذ عقود في الضفة الغربية، مجدداً موقفه بأن الاستيطان غير شرعي، والاحتلال يجب أن ينتهي. كما شدد على ضرورة فتح المعابر أمام دخول البضائع إلى قطاع غزة، مع التأكد من أنها لا تستخدم لأغراض عسكرية.

من جانبها قالت السفيرة الأميركية سامنثا باور إن بلادها تعارض الأنشطة الاستيطانية التي تتعارض مع التزام إسرائيل حل الدولتين، مشيرة تحديداً إلى إعلان خطط استيطانية أخيراً في القدس. وأضافت أن الولايات المتحدة تشاطر القلق حيال محاولة إسرائيل وضع غطاء قانوني على بعض الوحدات الاستيطانية، مشيرةً إلى أن ممارسات تهجير الفلسطينيين تسرع الاستيطان وتهدد حل الدولتين. ودعت الطرفين إلى اتخاذ خطوات تعكس الاتجاه الحالي، وتعبر عن التزام حل الدولتين.

284 وحدة جديدة

على صعيد متصل وافقت إسرائيل على بناء 284 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات يهودية بالضفة الغربية المحتلة مما دفع الولايات المتحدة للقول بأن هذه السياسية قد تفضي إلى توسيع المستوطنات "بطريقة قد لا تكون محدودة". وقال مسؤولون أمريكيون إن انتقاد وزارة الخارجية الأمريكية يعد أول إشارة علنية من جانبها إلى أن إسرائيل ربما تتحرك باتجاه توسع استيطاني غير محدود على أراض يطالب بها الفلسطينيون لإقامة دولتهم.

وأضاف المسؤولون الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم أن التصريح الأمريكي يتسم بالقوة على نحو غير معتاد لكنه يعكس تغيرا في اللهجة وليس تحولا كبيرا في السياسة الأمريكية. وانهارت محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين في عام 2014 ولا توجد دلائل على أنها ستستأنف في أي وقت قريب. وقالت جماعة السلام الآن الإسرائيلية التي تراقب وتعارض البناء في المستوطنات إن لجنة التخطيط التابعة للإدارة المدنية أعطت إشارة البدء لبناء دار للمسنين يضم 234 وحدة سكنية في إلكانا و30 مسكنا في بيت أري و20 مسكنا في جفعات زئيف.

وإضافة إلى ذلك قالت السلام الآن إن اللجنة أصدرت 179 تصريح بناء بأثر رجعي مما يضفي الشرعية حسب القانون الإسرائيلي على مبان بنيت من قبل في مستوطنة عوفاريم. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي في إفادة صحفية في واشنطن "نشعر بقلق بالغ من إعلان الحكومة المضي قدما في الخطط المتعلقة بهذه الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية."

وأضاف "نشعر بانزعاج على وجه الخصوص من سياسة الموافقة بأثر رجعي على وحدات ومواقع استيطانية غير مرخصة تعد ذاتها غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي. هذه السياسات تعطي فعليا للحكومة الإسرائيلية ضوء أخضر لتعزيز الأنشطة الاستيطانية بطريقة جديدة قد لا تكون محدودة." وجاء قرار الإدارة المدنية الإسرائيلية بعد يومين من قول مبعوث بارز للأمم المتحدة في بيان لمجلس الأمن الدولي إن تزايد عمليات البناء الاستيطاني -التي تعتبرها أغلب الدول غير مشروعة- تمثل عقبة أمام إقرار السلام مع الفلسطينيين.

ورفضت إسرائيل انتقادات نيكولاي ملادينوف منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط وقالت إن اليهود عاشوا في يهودا -وهو الاسم التوراتي للضفة الغربية- لآلاف السنين. وردا على تصريحات ملادينوف قال بيان من مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني "طالب رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله بالضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان واتخاذ قرارات جدية لوقفه بناء على التقرير الأممي لمنسق عملية السلام في الشرق الأوسط الذي أكد تصعيد إسرائيل من استيطانها وخطورة ذلك على حل الدولتين."

وجاء ذلك خلال لقاء الحمد الله في مكتبه برام الله مع القنصل الأمريكي العام في القدس دونالد بلوم. وذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية اليسارية إن إسرائيل تعتزم توسيع المستوطنة اليهودية في الخليل لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات. ويقيم نحو ألف مستوطن تحميهم القوات الإسرائيلية وسط نحو 230 ألف فلسطيني في الخليل التي شهدت أحداث عنف متكررة. بحسب رويترز.

ودعا تقرير أصدره رباعي السلام في الشرق الأوسط -الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا- إسرائيل إلى "وقف سياسة بناء المستوطنات وتوسعتها". وقال إن 570 ألف إسرائيلي على الأقل يعيشون في المستوطنات. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن هناك "تسريعا كبيرا" للنشاط الاستيطاني منذ نشر التقرير مع إعلان إسرائيل خططا لبناء أكثر من 2500 وحدة منها ما يزيد على 700 وحدة تمت الموافقة عليها بأثر رجعي في الضفة الغربية.

كما وافقت اسرائيل على بناء 560 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة معاليه ادوميم في الضفة الغربية المحتلة، بحسب ما اعلن متحدث باسم المستوطنة. واكد المتحدث انه تم ابلاغ رئيس بلدية مستوطنة معاليه ادوميم بشكل رسمي بقرار رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع افيغدور ليبرمان بالسماح لتخطيط بناء منازل في المستوطنة. ويأتي القرار بعد دعوات متزايدة في اسرائيل الى رد قاس بعد سلسلة هجمات قام بها فلسطينيون. وبحسب وسائل الاعلام فان نتانياهو اعطى موافقته على مشروع بناء 240 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات القدس الشرقية وكذلك 600 وحدة للفلسطينيين في بيت صفافا، وهي حي عربي في المدينة. ورفض مكتبا نتانياهو وليبرمان التعليق على هذا الامر.

مبالغ اضافية

في السياق ذاته اقرت الحكومة الاسرائيلية تخصيص مبلغ قدره 18 مليون دولار اميركي من اجل تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، مؤكدة عزمها على الرد على "التدهور الامني" في المستوطنات. وقالت الحكومة ان وزراء الشؤون الاجتماعية والتنمية الزراعية والصناعة والامن والسياحة اقدموا على تخصيص اموال لمواجهة موجة العنف التي بدأت في تشرين الاول/اكتوبر 2015 مع ازدياد هجمات يشنها فلسطينيون بواسطة سكاكين.

وتم تخصيص ملايين عدة من الشواكيل الاضافية للمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة التي يقيم فيها 400 الف مستوطن اسرائيلي، لعامي 2017 و 2018. وقال قرار صادر عن الحكومة الاسرائيلية "يتطلب التدهور الامني في يهودا والسامرة (الاسم الاستيطاني للضفة الغربية المحتلة) الذي اثر على العديد من مجالات الحياة بما في ذلك الامور النفسية والمالية، استجابة فورية من السلطات".

واعتبر حاييم كاتس وزير الشؤون الاجتماعية ان "من واجبنا تعزيز المجتمعات (الاستيطانية) التي تعد في الخط الامامي في المعركة ضد الارهاب وتواجه ببطولة التحديات الامنية والاجتماعية المعقدة في هذا الوضع". وتشهد الاراضي الفلسطينية واسرائيل اعمال عنف منذ الاول من تشرين الاول/اكتوبر تخللها مقتل 207 فلسطينيين برصاص اسرائيلي و32 اسرائيليا واميركيين واريتري وسوداني في مواجهات وعمليات طعن ومحاولات طعن. بحسب فرانس برس.

وتراجعت اعمال العنف في الاسابيع الاخيرة. من جهته، انتقد النائب عمير بيريتس من حزب العمل المعارض، الحكومة "القومية" واتهمها ب "هدر الاموال للمستوطنات السياسية بدلا من مساعدة الازواج الشباب" في الدولة العبرية. واعتبر صائب عريقات امين سر منظمة التحرير الفلسطينية ان اسرائيل "تقوم بكل ما بوسعها لتخريب اي جهد لتحقيق سلام عادل ودائم". ووصف عريقات القرار بانه "صفعة اخرى في وجه المجتمع الدولي". وراى ان "الوقت حان للمجتمع الدولي ليتحمل مسؤولياته تجاه هذه الحكومة المتطرفة التي تدعم علنا الفصل العنصري وتقف ضد حل الدولتين" الاسرائيلية والفلسطينية.

القانون الاسرائيلي

الى جانب ذلك دعا وزيران اسرائيليان من حزب يميني قومي متطرف في الحكومة التي يقودها بنيامين نتانياهو الى تطبيق القانون الاسرائيلي في مستوطنات الضفة الغربية ما يعني بحسب المعارضة انه دعوة لضم ثلثي الاراضي الفلسطينية المحتلة. وقالت وزيرة العدل ايليت شاكيد من حزب البيت اليهودي خلال لقاء " هدفي هو انه في غضون عام من الان، سيتم تطبيق القوانين التي يصوت عليها الكنيست في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)". ويعيش قرابة 400 الف شخص في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.

ويعتبر المجتمع الدولي الاستيطان غير قانوني ويشكل عقبة رئيسية في طريق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وتخضع المستوطنات حاليا لقوانين وتعليمات القيادة العسكرية. من جهته، اكد وزير التعليم نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي الذي يرفض قيام دولة فلسطينية، في حديث للاذاعة العامة انه يجب وضع حد لهذا "الشذوذ". وقال بينيت "لا يوجد سبب يسمح بامكانية طرد اسرائيلية تسكن في مستوطنة لانها حامل بينما الامر غير قانوني في تل ابيب".

واوضح ان هذا المقترح سيتم تطبيقه في منطقة "ج" التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية المحتلة وتقع تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي بشكل كامل وتوجد فيها الكتل الاستيطانية الكبرى. ويعيش قرابة 150 الف فلسطيني في منطقة "ج"، حيث تسيطر اسرائيل بشكل كامل على كافة مسائل التخطيط، ولا تمنح تراخيص بناء للفلسطينيين وتصدر اوامر هدم بشكل متكرر. واقر بينيت بانه يتم تطبيق القانون الاسرائيلي كامر واقع "منذ سنوات" في المستوطنات، موضحا بان "مقترح ايليت شاكيد يهدف الى ترتيب الوضع ليتم تطبيق القوانين بطريقة اكثر فعالية وسرعة". فرانس برس.

من جانبه، ندد النائب ياكوف بيري من المعارضة الوسطية بما وصفه ب "الضم غير المعلن" بينما اعتبرت صحيفة يديعوت احرونوت ان المقترح يعني "الضم من الباب الخلفي". واحتلت تصريحات شاكيد عناوين الصحف الفلسطينية. وذكرت صحيفة الحياة الجديدة انها عبارة عن "قنبلة سياسية". وبحسب الصحف الفلسطينية، فان داعمي المشروع يرغبون بضم كل الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واختاروا الوقت الذي ستكون الولايات المتحدة فيه منشغلة بالحملة الانتخابية وبعد رفض اسرائيل للمبادرة الفرنسية.

جمعية استيطانية

من جانبها اعلنت جمعية استيطانية "الاستحواذ" على منزل في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة في حين نددت منظمة غير حكومية اسرائيلية بانشاء مقر لمنظمة مؤيدة للاستيطان في حي اخر في الجزء المحتل من المدينة. واوضحت جمعية “عطيرت كوهنيم” التي تعمل على تهويد القدس ان "مبنى جديدا في البلدة القديمة اصبح بايدي اليهود". وبينما تؤكد الجمعية انها "استحوذت" على المبنى، ندد الفلسطينيون بما وصفوه "بالاستيلاء تحت حماية الشرطة" وتوسعا استيطانيا.

وتعتبر اسرائيل ان القدس بشطريها عاصمتها "الابدية والموحدة" بينما يرغب الفلسطينيون بجعل القدس الشرقية المحتلة عاصمة دولتهم العتيدة. وللاستيلاء على املاك الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة تلجأ المنظمات الاستيطانية اما الى قانون املاك الغائبين او الى سماسرة لشراء الممتلكات. وبموجب قانون املاك الغائبين الذي اقرته اسرائيل عام 1950 صادرت الدولة العبرية املاك الفلسطينيين والعرب الذين كانوا غائبين في 1 ايلول/سبتمبر 1948 عن الاراضي الواقعة تحت سيادة دولة اسرائيل الناشئة حديثا.

ويشكل بعض السماسرة الفلسطينيين واجهة للمنظمات الاستيطانية المتطرفة من اجل شراء المنازل بطريقة قانونية تماما. وجمعية "عطيرت كوهانيم" نشطة جدا في الاستيلاء على مبان داخل وحول البلدة القديمة، حيث تقع الاماكن المقدسة لدى الديانات السماوية الثلاث. وتؤكد في كل مرة انها تقوم فقط "بتسهيل عمليات الاستحواذ". وقالت المنظمة الاستيطانية ان "المبنى سيقوم باستيعات ثلاث او اربع عائلات يهودية وطلاب مدارس دينية تلمودية"، وتقدر الجمعيات الاستيطانية وجود الف مستوطن في الحي الاسلامي في البلدة القديمة، بالاضافة الى 4 الاف اخرين في الحي اليهودي الذي يعتبر حيا استيطانيا. بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى، نددت حركة السلام الان الاسرائيلية المناهضة للاستيطان ب"تشييد مبنى ضخم باسم بيت امانا في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية" سيضم مقر شركة "امانا" التي تعد "شركة خاصة تعمل على تأسيس او تكبير المستوطنات وكانت تقف خلف عدد من البؤر الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية". وامانا تابعة لحركة "غوش ايمونيم" الاستيطانية التي اطلقت الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة ابان سبعينات القرن الماضي. وتتهم حركة السلام الان حكومة بنيامين نتانياهو، الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل، بانها "تقوم بعمل قذر" عبر "مصادرة اراضي من الفلسطينيين عبر طريقة غير قانونية لمنحها لامانا".

اضف تعليق