في سياق التحديات الأمنية التي فرضتها الجماعات الارهابية وما نتج عنها من سلوكيات اقل ما يقال عنها بانها مدمرة وقاتلة للنفس المحترمة التي حرم الله قتلها إلا بالحق، والتي تستهدف الإنسان بصورة مباشرة وتنتهك حقوقه وحرياته، عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان، (مسؤولية الدول عن جرائم المرتزقة والإرهابيين الذين يحملون جنسيتها) والتي حضرها مجموعة من الباحثين في مراكز الدراسات والمهتمين بالشأن الحقوقي.
أدار الحلقة النقاشية معاون عميد كلية القانون بجامعة كربلاء، الدكتور علاء إبراهيم محمود مرحبا بالضيوف الباحثين، حيث افتتح حديثه بمقدمة حول "مسؤولية تلك الدول التي تسمح لأولئك المرتزقة والإرهابيين لعبور حدودها او حمل جنسيتها، للتوجه الى سوريا والعراق للقيام بعمليات ارهابية، بل هناك مسؤولية دولية تترتب عليهم لاسيما وفق قرارات مجلس الامن وبالتحديد القرار 2178 لسنة 2014، والقرار 2253 لسنة 2015، التي اتت على الكثير من الاحكام لمحاربة كيان داعش الارهابي وتجفيف منابع تمويله، وفرض اجراءات قمعية ضد التنظيم وبالتحديد اجراء حظر على سفرهم وكذلك اسقاط الجنسية عن الكثير منهم، كإجراء اداري اتخذته بعض الدول الاوربية ولابد من تكراره في أوربا، خصوصا في تركيا على اعتبارها تمثل ممرا وممولا للجماعات الارهابية".
بعدها ترك الوقت الى صاحب الورقة النقاشية التدريسي في جامعة بابل الدكتور عبد الرسول عبد الرضا حيث طرح "جانباً مهماً من مناقشة هذه الظاهرة الخطيرة، كونها تعالج موضوع الإرهاب على اعتباره ظاهرة متحركة ومتشعبة، وتكاد ان تتشكل بأشكال وصور متنوعة. فالإرهابيون في حالة تزايد مستمر وضحايا الارهاب كذلك في حالة تزايد مستمر، عندها راجعنا سلسلة طويلة من القرارات الأممية، فوجدنا إن هناك منطقة فراغ قانوني وهي منطقة لم يتدخل فيها المشرع الدولي، فإننا عندما نتحدث عن المقاتلين الاجانب كأنما نتحدث عن اشخاص قادمين من كوكب اخر، والحال انهم منسوبون سياسيا وقانونيا الى دولهم فهي مثلما يكون عليها واجب حمايتهم على أساس جنسيتهم".
وأضاف الباحث "يفترض وبنفس المبدأ أن تسأل دولياً عن الأعمال الإرهابية لمواطنيها في الخارج ذلك لأن السيادة لا تتجزأ". فالجنسية هي الرابطة التي نستطيع على اساسها ان نؤسس المسؤولية للدول التي ينتمي اليها الارهابيين، وهذا المعنى له سبق تاريخي يصل الى ايام الدولة العثمانية وأخيرا حادثة "لوكربي" حيث حددت المسؤولية على ليبيا من خلال شخصين ففرض الحصار على ليبيا واخذت التعويضات"، "بالإضافة الى ذلك حادثة الممرضات البلغاريات حيث تحملت تلك الدولة الاضرار وبلغت قيمة التعويض بما يقدر بمليون دولار للطفل الواحد وكان عددهم اكثر 400 طفل، مرة اخرى ايضا راجعنا قرارات مجلس الامن المتعلقة بلجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، وجدنا ان العراقي في حرب الكويت لا يستطيع ان يطالب بالتعويضات على اساس كون جنسيته عراقية وحرم من استلام اي تعويض، وعلى العكس من ذلك فجميع الدولة كنت الابواب مفتوحة امامها للمطالب بالتعويضات".
واضاف:" فعلى اساس تلك الشواهد تبلورت لدينا قناعات قانونية لسد الفراغ القانوني، لان جميع قرارات مجلس الامن لم تتعرض الى حقيقة نسب الارهابيين لدولهم ويتم التعامل معهم كونهم معزولين عن بلدانهم، وبالتالي ان بلدانهم بمنأى عن المسؤولية بل انها تعيش في وضع امني افضل مما تعيشه البلدان التي يحصل فيها الارهاب، وهنا ثمة مجافاة للعدالة واختلال واضح في التوازن العالمي بين دول متضررة من الارهاب وبين دول تنعم بالأمن والسلام، وان حقيقة الوضع القائم تجعل من دول المقصد مكب نفايات فكل شخص عليه علامة استفهام ومحاذير امنية يعطى له الأذن بالمغادرة، ومن ثم تأتي دولة العبور فتسهل له عملية العبور ويمر الحادث مرور الكرام. ولأجل "تحريك المسؤولية الدولية لدولة جنسية الإرهابيين فان ذلك يتطلّب مقوّمين":
الأول: "تقديم سند قانوني لإثبات المسؤولية على أساس أفعال مواطنيها ذات الطابع الإرهابي العابر للحدود".
الثاني: " آلية تحريك المسؤولية الدولية أمام جهة تُمارس دور قضائي تحت مظلة مجلس الأمن في ظل وجود عوائق لآلية تحريك المسؤولية الدولية أمام محكمة العدل الدولية".
مبيّناً" ضرورة وجود حد أدنى من السيطرة القانونية للدولة على مواطنيها عبر الحدود، اضافة الى ذلك لابد ان تعتمد الجنسية لتحديد دول العبور والمصدر، وإن تقصير الدولة في تنظيم قاعدة بيانات ترصد من خلالها حركت مواطنيها في الداخل والخارج ومتابعتهم للحيلولة دون ارتكابهم أعمال تضر بدولتهم والدول الاخرى ".
المداخلات
بعد ذلك جاءت المداخلات على النحو التالي:
الدكتور خالد عليوي العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية: "تحدث حول ضرورة الفصل ما بين المرتزق والإرهابي، فالأول يمكن تحميل دولته المسؤولية، أما الثاني إن الدولة التي ينتمي لها الارهابي لا تعترف بإعماله الإرهابية، على سبيل المثال أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الارهابي هو عراقي هل يتحمل العراق مسؤوليته أفعاله، اخيرا نحن نعيش في عالم يخضع لحق القوة وليس لقوة الحق".
من جهته الدكتور بشير جياد حسين معاون مدير مستشفى النسائية والتوليد التعليمي في كربلاء طرح الاسئلة التالية:" هل من المتوقع ان يحصل اجماع اممي على إصدار هذا القرار، وآمل أيضا أن يشكل فريق من الدبلوماسية العراقية وشخصيات ذات خبرة من الخارجية العراقية والباحثين من اجل إقناع الدول دائمة العضوية بضرورة دعم هكذا قرار".
من جانبه قال الاستاذ احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات: "نحن ندفع وبقوة بهذا المقترح الى الدبلوماسية العراقية، من اجل العمل مع الاخ الباحث والمهتمين بالشأن الحقوقي لإيجاد آليات يعتد بها للدفع بهذا المشروع، كي تتحمل دول المصدر المسؤولية كاملة، وبالتالي نحن كمركز حقوقي وكمنظمات مجتمع مدني، لابد ان نكون الى صف هذا المشروع حتى لو لم يتم التصويت عليه إلا إننا نتقدم خطوة باتجاه الحد من الجرائم الارهابية".
بدوره الاستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المتقبل للدراسات الستراتيجية: قال، "إن السياسية العراقية ما بعد 2003 قائمة على المهادنة، وهذا ما لمسناه من تصرف السفير السعودي في العراق وهو يدفع باتجاه تشكيل فريق من المحامين للدفاع عن ارهابي المملكة السعودية في السجون العراقية، وهنا لابد ان نلزم انفسنا بحقيقة اننا امام دولة داعمة للإرهاب، شيء آخر وجود الفضائيات الداعمة للإرهاب وهي تتحدث جهارا نهارا الا انها لم تواجه الاغلاق ولم يتحرك عليها قانونيا".
على الصعيد ذاته يرى الصحفي عصام حاكم:" ان الحكومة العراقية الى الان غير جادة في تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة بحق القتلة والمجرمين، كما إن الدول الدائمة العضوية التي سنحتكم اليها هي التي اسست تلك التنظيمات وسهلت سفرهم افراد وجماعات بغية حصرها في مناطق واهداف منتخبة مسبقا".
الاعلامي عدي الحاج عضو اتحاد الوكالات العراقية: يسئل "لماذا لا يتم مطالبة الدول التي نفذ إرهابيوها عملياتهم في العراق بالتعويضات؟، ولماذا لا يتم تفعيل قرارات مجلس الامن من قبل الدول وخصوصا جرائم داعش؟".
من جانب آخر قال الدكتور محمد ناظم محمد تدريسي في قسم الفقه واصوله جامعة كربلاء للعلوم الاسلامية:" هناك بعض الدول الاوربية عمدت الى اسقاط الجنسية عن رعاياها اثر قيامهم بعمليات ارهابية فهل نستطيع الزام تلك الدول ومحاسبتها رغم اسقاطها للجنسية".
على الصعيد نفسه قال الحقوقي كرار العنزي ممثل املاك محافظة كربلاء:" الدولة العراقية عاجزة عن المعاملة بالمثل مع رعايا الدول الاخرى، وايضا استفسر عن مصادر القوة التي يمتلكها العراق للدفاع عن حقوقه".
إلى ذلك يرى الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام:" دخول القانون كقوة ناعمة للدفاع عن بلدنا هي أفضل من استخدام وسائل القوة، وهناك نقطة اساسية بعض الدول التي شارك ارهابيها في العراق وسوريا فهناك دول قاصرة واخرى مقصرة، والامر هنا ينسحب على بعض الدول الاوربية مثل بلجيكا كونها تتماهى عن ملاحقة الارهابيين على اراضيها والسماح لهم بمغادرة البلاد، كما أشار الى انه ولا يوجد حد فاصل ما بين المرتزقة والارهابيين.
وخرجت تلك الحلقة النقاشية بمجموعة توصيات أهمها، مفاتحة مجلس الوزراء حول مشروع القرار بغية استكمال متطلباته لغرض إرساله الى وزارة الخارجية العراقية بغية اتخاذ الاجراءات اللازمة تمهيدا لطرحه امام مجلس الامن الدولي والنظر في إمكانية اعتماده.
...................................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
هـ/7712421188+964
http://ademrights.org
[email protected]
https://twitter.com/ademrights
اضف تعليق