السلطة الحاكمة تحاول عبر وسائلها الإعلامية -في زمن يشهد طفرة في عالم التقنية والاتصالات الحديثة "الانترنت"، - بتحقيق ما لم تستطع تحقيقه عبر القبضة الأمنية والإعتقالات التعسفية والأحكام القاسية الجائرة وصدور أحكام الإعدام وتصديقها، وذلك من خلال نشر شائعات وأخبار مزيفة لتشويه سمعة العوامية وأهلها وأبنائها المؤيدين لحركة المطالبة بالإصلاح الشامل وتحقيق العدالة والحرية والتعددية والكرامة في الوطن لكافة المواطنين، والتضامن مع رمزهم الشيخ نمر باقر النمر، ورفضهم للحكم الصادر ضده وضد عدد من صغار السن بالإعدام.
ورفض أساليب السلطة القمعية والعقاب لأهل المنطقة وبالخصوص للعوامية وأهلها ليس جديدا، فالسلطة دائما مستعدة لاستخدام أبشع الوسائل للقضاء على أي حركة مطلبية شعبية ولو كانت سلمية، إذ إن الحراك الشعبي لأجل تحقيق الإصلاح ورفض الظلم والفساد في الوطن يتكرر بين فينة وأخرى، والعوامية دائما من المدن التي في الصدارة.
تاريخ من النضال والعقاب
شهدت المنطقة وبالخصوص العوامية 1347هـ ثورة نهضوية بقيادة الإمام الشيخ المجاهد محمد بن ناصر النمر العوامي 1277 – 1348 هـ المشهور باسم (الشيخ محمد بن نمر)، وهو عم الرمز الحالي الشيخ نمر باقر النمر،.. وقامت تلك الثورة بسبب غياب العدالة ووقوع المظالم وتفاقم الغضب الشعبي في المنطقة بسبب سياسة الحكومة الحالية، ولم تنجح تلك الثورة النهضاوية الشعبية نتيجة تبدل موقف الشخصيات والوجهاء في المنطقة (البحرين التاريخية: القطيف والأحساء وجزيرة البحرين) وبالخصوص المناطق القريبة، ورفضهم دعم مشروع الشيخ محمد النمر الإصلاحي، وتركه مع أهالي العوامية يواجهون التحديات لوحدهم، وللمعلومة ان أغلب العوائل في العوامية بينها قرابة مثل بقية المدن والبلدات في المنطقة، كما ان عوائل النمر والفرج والزاهر تعود إلى أصل وعائلة واحدة. وبسبب الموقف المقاوم لأهالي العوامية طوال التاريخ، وبالخصوص في التاريخ الحديث مع نشأة الدولة السعودية، كان نصيبها كبقية مدن وقرى المنطقة الاهمال والتهميش والمحاربة والتضييق..، وكأنه عقاب لمواقفهم الأولية الرافضة لسياسة الخضوع للسلطة.
الطفرة النفطية والحرمان
مع اكتشاف النفط في المنطقة وبداية الطفرة الاقتصادية حرمت الحضارات القائمة في الأحساء والقطيف من هذه الطفرة -عقود من الزمن-، وقامت الحكومة ببناء حاضرة جديدة باسم حاضرة الدمام والخبر والظهران، على حساب المناطق القديمة والتاريخية كمحاولة لإنهاء وجودها عبر حرمانها وتهميشها، وإجبار الأهالي للانتقال للمدن الجديدة المرتبطة باسم الدولة السعودية الجديدة لتفرض الحكومة سياسة التغيير الديموغرافي بشكل جديد كما تريد.
ومن خلال هذه السياسة كان نصيب مدن وقرى الأحساء والقطيف الاهمال والحرمان، ومن تلك المدن العوامية، حيث تم تقطيع جسدها إلى أوصال بسبب أنابيب النفط التي تخترق أراضيها لكي تصل إلى مصفاة رأس تنورة، ولم يكن نصيب المدينة وأهلها من الذهب الأسود سوى رؤية الأنابيب وسماع صوت تدفق الزيت، وشم رائحة النفط واحتراق الغاز المصاحب لعملية فرز الغاز عن الزيت، ومشاهدة البواخر العملاقة -التي دمرت الحياة البيئية البحرية– ترسو على سواحل المنطقة وبالتحديد في ميناء رأس تنورة القريب جدا من العوامية، ومع هذه الطفرة والصناعة تم تدمير البيئة ومنها مزارع العوامية الشهيرة!!.
العوامية مثل أغلب مدن المنطقة الأصلية دفعت ضريبة الطفرة الصناعة النفطية، حيث أصبحت محاصرة وممنوعة من التوسع والتمدد بسبب حجوزات شركة النفط ارامكو للكثير من الأراضي المحيطة بها –العوامية- لتأمين الأنابيب، ورغم هذا وفي خطوة استفزازية لزيادة الغضب الشعبي في العوامية والمنطقة، قيام الحكومة بتوزيع الأراضي القريبة من العوامية على أشخاص ليسوا من أهل العوامية أو أهل القطيف والمنطقة بل من خارج حدود المنطقة الشرقية، وحرمان أهل المنطقة الأصليين من ذلك !!.
المواطنون مع الإصلاح الشامل ولكن؟
المواطنون من كافة المناطق في ربوع الوطن ومنهم أهل الشمال ونجد والحجاز والاحساء والقطيف وكذلك العوامية، طموحاتهم وامالهم واحدة، بأن يتسع الوطن للجميع، وأن تسود العدالة والحرية والتعددية في الوطن حسب قوانين دستور يمثل الشعب، وأن ينعم كل مواطن بالعزة والكرامة والاحترام، وأن يحصل كل مواطن على حقوقه من الثروة، وأن يسمح لكافة المواطنين بالمشاركة في خدمة وإعمار الوطن، لا لعائلة تسيطر على الحكم في البلد وكأنه ملك خاص لها، وتصدر أحكام الإعدام لمن يخالف سياستها، ولا للمنح الخاصة لأشخاص.. لسرقة الأراضي، وسرقة الثروة الوطنية.
حل ملف العوامية والملفات الداخلية الأخرى مثل: ملف المعتقلين، وملف الإصلاحات؛ لا يتحقق عبر التهديد والقبضة الأمنية والترهيب والإعدام، وإنما عبر الحوار السياسي الوطني بمشاركة المواطنين من كافة أطياف الوطن، والمبادرة لتحقيق الإصلاح حسب رغبة الشعب.
اضف تعليق