اليس من المضحك ان تتحدث عن انتهاكات بالجملة تتعرض لها حقوق الانسان لدى الأنظمة الإسلامية، او هكذا يحلو لها ان تعرف نفسها للعالم؟
والاغرب من ذلك ان تجدل دولا غربية (غير مسلمة) هي من تنتقد تلك الأنظمة وتراقب حقوق الانسان فيها، فيما ترفض تلك الأنظمة المسلمة، مثل تركيا والسعودية، الاعتراف بهذه الانتقادات، التي تعتبرها مهينة بحقها ومخالفة للأعراف الدبلوماسية والعلاقات التي تجمعها مع هذه الدول.
والكل يتذكر الازمة الدبلوماسية بين السعودية والسويد بعد تصريحات وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم، المنتقدة لتعذيب الناشط السعودي، رائف البدوي، والتي اعتبرتها "محاولة وحشية لإسكات الأشكال الحديثة للتعبير" وان هذه العقوبة "تعود إلى القرون الوسطى ... ولم يعد لها مكان في مجتمع يسمح بحرية وسائل الإعلام كما يسمح للناس بالتعبير عن وجهة نظرهم"، وقد جرى سحب السفير السعودي وإيقاف تأشيرة العمال السويديين في السعودية، ولم تنتهي الازمة الا باعتذار رسمي من قبل السويد كعقوبة على جراءتها في نقد الانتهاكات بصورة واضحة ومباشرة.
في تركيا حقوق الانسان اول من تنتهك واخر من تحرم، اردوغان الزعيم التركي القوي، أرعب كل الأصوات المعارضة والنشطاء والمحتجين على سياسية حزب العدالة والتنمية، المنفرد بالسلطة منذ 13 عاما، تحت طائل الاعتقالات والعنف المفرط والتهم والتهديد... وقد اشرت المنظمات الدولية لحقوق الانسان ارتفاع معدلات الاعتقالات العشوائية والسجن والاعتداء بالضرب والتهديد بصورة كبيرة في السنوات والاشهر الأخيرة.
النظام السعودي (الإسلامي) لم يكتفي بإهانة وانتهاك حقوق المواطن لديها في الداخل، بل تعداها لينتهك حقوق الانسان خارج حدود المملكة، فقد أعلنت منظمة (هيومن رايتس ووتش)، مؤخرا، في تقرير جديد أصدرته، أن "التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ضد الحوثيين شن غارات جوية في اليمن انتهكت قوانين الحرب وأدت إلى مقتل 309 مدنيين على الأقل وإصابة 414 آخرين على الأقل"... وهي ارقام قد تتضاعف في حال تم التدقيق عليها بشكل أكثر تفصيلا، ومع هذا فالأرقام تبدو مخيفة في عدد الضحايا المدنيين الذين فقدو حياتهم مقابل رغبات النظام السعودي (الإسلامي) بإعادة الرئيس اليمني الهارب (هادي) الى سدة الحكم بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك.
حكومة اردوغان هي الأخرى لم يقتصر إصرارها على انتهاك حقوق الانسان في الداخل فحسب، بل توسعت الى خارج حدودها، رغبة في كسب المزيد من النفوذ والقوة في الشرق الأوسط، وقد وجهت دول ومنظمات ومسؤولون كبار في الغرب، أصابع الاتهام الى تركيا باعتبارها أحد المنافذ الرئيسية لتمويل التنظيمات المتطرفة، وبالأخص تنظيم داعش، بالمال والرجال، عبر عمليات واسعة من تهريب النفط والسلاح وعبور المقاتلين من اوربا وباقي دول العالم اليها للوصول الى سوريا والرقة (معقل تنظيم داعش)، وقد حذرت روسيا الاتراك بعد حادثة اسقاط الطائرة الروسية واعتبرتهم "شركاء الإرهاب"، فيما تحدثت دول مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الامريكية عن وجود دلالات على هكذا تعامل، وحثت تركيا على بذل المزيد من الجهد لمنع هذه التعاملات... وقد اتهمت اطراف دولية عديدة تركيا بانها شريك تجاري مميز مع تنظيم داعش، اكثر التنظيمات الوحشية والهمجية على وجه الأرض.
مضايقة الأقليات هي احدى النقاط التي يشترك فيها كلا النظامين (السعودي والتركي) الإسلاميين... بل وقد تصل الأمور الى اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، كما في تركيا، او كفارا وخارجين عن الإسلام، كما في السعودية، حيث يتعرض المسلمون الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة الى اهمال وحصار قاسي للغاية، فيما ساهمت فتاوى التكفير والأفكار الوهابية المتطرفة التي بثها مشايخ السعودية للعالم على مدى عقود من الزمن، ونصت على تكفير الشيعة بالمطلق، الى هجمة قاسية على شيعة العالم راح ضحيتها مئات الالاف خلال العقد المنصرم... كما فجر عدد غير قليل من الانتحاريين نفسه داخل المملكة في دور العبادة والمساجد التي يصلي فيها الشيعة... مستندا على نفس الفتاوى الوهابية التي صدرت من السعودية.
اعتقد ان الشر والانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان، والتي صدرت من هاتين الدولتين، ينبغي ان تضع تحت المجهر، وان يحاكم قادتها والمسؤولون عنها تحت طائلة القانون الدولي والإنسانية... النفاق الدولي والمجاملة على حساب الحقوق ينبغي ان تنتهي، لان تلك الأنظمة (وغيرها الكثير في العالم) هي أنظمة مستبدة وليس لها أي علاقة ام الإسلامي المفترض، والا فان داعش الإرهابي يطلق على نفسه (الدولة الإسلامية)... وان كان الفرق بينهما ضئيل.
اضف تعليق