بعد تلك القراءة القانونية لنص التعديل انف الذكر فان زواج القاصر سواء كان احد الأطراف او كليهما قاصراً يخضع لأحكام قانون الأحوال الشخصية ولا يخضع لأحكام المدونة الشرعية المزمع إصدارها لاحقاً، وسواء تم العقد امام المحكمة او خارجها، ويبقى نطاق نفاذ قانون التعديل على الزوجين البالغين وكاملي الاهلية فقط...
بعد نشر قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، لابد من دراسة احكامه بعناية لأنه يتعلق بنظام الاسرة وتكوينها لذلك سيكون بعد فقرات من اجل سهولة الاطلاع والوضوح لغير المختص وسيكون نطاق سريانه هو القراءة الأولى ويليها عدة قراءات لاحقة.
لوحظ ان نص قانون التعديل فيه بعض الغموض الذي سيكون للقضاء دور في استجلائه ولشراح القانون الدور الأكبر في توضيح الاحكام عبر القراءات المتعددة للنص المنشور، ومن بعض الأمور التي لاحظتها في القانون وفي الفقرة (3/أ) من قانون التعديل تتعلق بمدى سريان القانون على المتزوجين الجدد بعد نشر القانون ونفاذه او المتزوجون من القاصرين قبل نفاذه، سأعرض لها على وفق الاتي:
1. ورد في الفقرة (3/أ) من قانون التعديل الاتي (للعراقي المسلم والعراقية المسلمة عند إبرام عقد الزواج بينهما وتسجيله في محكمة الأحوال الشخصية اختيار أن تطبق عليهما وعلى أولادهما القاصرين أحكام المذهب الشيعي الجعفري في جميع مسائل الأحوال الشخصية، وليس لهما تغيير خيارهما لاحقاً) ، حيث اجاز (للعراقي المسلم والمسلمة) اختيار ابرام عقد الزواج على وفق احكام المدونة الشرعية التي ستكتب لاحقاً.
وعند مراجعة تلك العبارة نلاحظ ان الاختيار يجب ان يكون من طرفي عقد الزواج، وحيث ان الاختيار هو تصرف قانوني لابد وان يصدر من الشخص البالغ وكامل الاهلية وعلى وفق ما ورد في المادة (4) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 التي لم يطالها التعديل وما زالت نافذة، حيث ورد فيها ( تتحقق الاهلية في عقد الزواج بتوافر الشروط القانونية والشرعية في العاقدين او من يقوم مقامهما)، وجميع من شرح قانون الأحوال الشخصية يقول بان الزوج او الزوجة يجب ان يكون كامل الاهلية وكذلك اذا تم العقد بواسطة الوكيل لابد وان يكون كامل الاهلية، وسن أهلية الزواج هو الثامنة عشر بموجب المادة (اما زواج القاصر الذي لم يتم الثامنة عشر سنة من عمره فانه استثناء وله شروط ذكرتها المادة (7/1) من القانون النافذ والتي لم يطالها التعديل وعلى وفق النص الاتي يشترط في تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشر).
2. اما الاستثناء فهو زواج القاصر الذي لم يكمل سن الثامنة عشر، حيث اجاز القانون ذلك الزواج لكن بشروط وعلى وفق احكام المادة (8) من القانون النافذ والتي لم يطالها التعديل، حيث يجوز زواج القاصر اذا قدم طلباً واكمل الخامسة عشر وبموافقة ولي امره الشرعي وعلى وفق النص الاتي (اذا طلب من اكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج فللقاضي ان يأذن به اذا ثبت له اهليته وقابليته البدنية بعد موافقة وليه الشرعي فاذا امتنع الولي طلب القاضي منه موافقته خلال مدة يحددها له فان لم يعترض او كان اعتراضه غير جدير بالاعتبار اذن القاضي بالزواج).
اما من لم يكمل الخامسة عشر وانما بلغها يجوز زواجه على ان يكون بأذن القاضي وموافقة ولي الامر الشرعي وبموجب حجة ضرورة قصوى وعلى وفق نص المادة (8/2) من القانون النافذ التي لم يطالها التعديل وجاء جاء فيها (للقاضي ان يأذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر اذا وجد ضرورة قصوى تدعو الى ذلك، ويشترط لإعطاء الاذن تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدنية).
3. بموجب النصوص أعلاه فان التعديل يشمل فقط من يطلب ابرام عقد زواج جديد من البالغين كاملي الاهلية، لان نص الفقرة (3/أ) من قانون التعديل المقترح اضافتها الى نص المادة (2) من القانون النافذ، أشار الى مصطلح (الاختيار) والاختيار تصرف قانوني لا يصدر الا من كامل الاهلية وعلى وفق احكام المادة (46) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل التي جاء فيها (كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلیة غیر محجوز علیه يكون كامل الاھلیة لمباشرة حقوقه المدنية.).
وحيث ان سن الرشد هو سن الرشد ھي ثماني عشرة سنة كاملة. على وفق احكام المادة (106) مدني، وحيث ان قانون التعديل أجاز ابرام عقد الزواج الجديد من خلال الاختيار للعراقي المسلم والمسلمة.
لذلك لا يجوز ان يختار الا من بلغ سن الرشد القانوني (أكمل الثامنة عشر سنة) على وفق ما تقدم، مما يعني ان القاصر سواء كان الزوج او الزوجة لا يسري عليه قانون التعديل، لان الطرفين او أحدهم لا يملك حق الاختيار بحكم القانون كونه لم يبلغ سن الرشد.
4. ما يؤكد ذلك ان قانون التعديل لم يمنح لولي امر القاصر حق الاختيار او من يقوم مقامه، وانما فقط لمن يطلب ابرام عقد الزواج، بمعنى ان زواج القاصر يكون خاضع لأحكام القانون النافذ رقم 188 لسنة 1959 المعدل، وعند بلوغ طرفي العقد يجوز آنذاك ان يختاروا تطبيق احكام المدونة وعلى وفق ما ورد في التعديل.
5. ما يعزز هذا القول أيضا، ان القانون النافذ عندما أجاز ابرام العقد لغير البالغين وكاملي الاهلية فانه جاء بنص صريح خول ولي الامر الموافقة على الزواج وبأذن المحكمة، بينما في التعديل لم يرد مثل هذا النص، ومن ثم لا يجوز افتراض مد نطاق التعديل على غير البالغين لسن الرشد القانوني.
6. قد يكون عقد الزواج بين القاصرين او احد اطرافه قاصراً قد تم خارج المحكمة، فان تصديقه يخضع لأحكام القانون رقم 188 لسنة 1959 المعدل، حيث لم يتطرق التعديل الى كيفية تصديق عقود الزواج الخارجية، وانما ابقاها على وفق الاحكام القانونية النافذة في القانون رقم 188 لسنة 1959 المعدل.
7. كذلك فان قانون التعديل لم يسمح للمتزوجين قبل نفاذ التعديل من طلب تطبيق احكام المدونة الشرعية عليهم، اذا كان احد طرفيه او كلاهما من القاصرين اللذين لم يبلغا سن الرشد (اكمل ثمانية عشر سنة) وعلى وفق ما ورد في الشق الثاني من الفقرة (3/أ) من التعديل حيث ورد فيها الاتي (وبالنسبة إلى عقود الزواج التي أبرمت وسجلت قبل تاريخ نفاذ هذا القانون يحق لكل من طرفيها كاملي الأهلية تقديم طلب الى محكمة الأحوال الشخصية لتطبق عليهما وعلى اولادهما القاصرين الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية في المذهب الشيعي الجعفري اذا كان العقد وقع على وفق هذا المذهب).
حيث جاء بصريح العبارة ان يقدم الطلب من كاملي الاهلية فقط، وليس من القاصرين.
الرأي: بعد تلك القراءة القانونية لنص التعديل انف الذكر فان زواج القاصر سواء كان احد الأطراف او كليهما قاصراً يخضع لأحكام قانون الأحوال الشخصية ولا يخضع لأحكام المدونة الشرعية المزمع إصدارها لاحقاً، وسواء تم العقد امام المحكمة او خارجها، ويبقى نطاق نفاذ قانون التعديل على الزوجين البالغين وكاملي الاهلية فقط.
اضف تعليق