قالت لجنة الأمم المتحدة إن الحرب في غزة أودت بحياة المزيد من الأطفال في وقت أقصر وبمستوى من الوحشية لم نشهده في العقود الأخيرة. نظرا للوضع الحالي في غزة، فإن عدد الأطفال ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان يتزايد بشكل كبير. تحيي اللجنة اليوم العالمي للطفل بمزاج كئيب...
بمناسبة اليوم العالمي للطفل، قالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل إن ما كان ينبغي أن يكون احتفالا قد تحول إلى يوم حداد على أولئك الذين قتلوا في الصراع المسلح، بما في ذلك أكثر من 4600 طفل في غزة قتلوا خلال خمسة أسابيع فقط.
ويصادف 20 تشرين الثاني /نوفمبر اليوم العالمي للطفل إحياء لذكرى اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عام 1989، وهي أكثر معاهدة حقوقية تم التصديق عليها في التاريخ.
وفي بيان صدر، قالت اللجنة إن الحرب في غزة أودت بحياة المزيد من الأطفال في وقت أقصر "وبمستوى من الوحشية لم نشهده في العقود الأخيرة".
وبينما وصفت دعوة مجلس الأمن إلى هدن إنسانية وفتح الممرات الإنسانية بـ "الخطوة الإيجابية"، قالت إن القرار الصادر عن المجلس"لا ينهي الحرب التي تشن على الأطفال - إنه ببساطة يجعل من الممكن إنقاذ الأطفال من القتل في بعض الأيام، ولكن ليس في بعض الأيام الأخرى"، وجددت دعوتها إلى وقف إطلاق النار بشكل عاجل.
وقالت اللجنة إنه نظرا للوضع الحالي في غزة، فإن عدد الأطفال ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان يتزايد بشكل كبير.
وأضاف البيان: "تحيي اللجنة اليوم العالمي للطفل بمزاج كئيب. في مواجهة الحروب التي تؤثر على الأطفال في جميع أنحاء العالم، ندعو مجددا إلى وقف إطلاق النار، والعودة إلى أساسيات القانون الإنساني، وإجراء تحقيقات شاملة من قبل السلطات المختصة في جميع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في سياق النزاع المسلح".
ووفقا لمنظمة اليونيسيف، فإن ما يقدر بواحد من كل خمسة أطفال حول العالم، أو ما مجموعه 400 مليون طفل، يعيشون في مناطق الصراع أو يفرون منها.
وأعربت المديرة التنفيذية للمنظمة، كاثرين راسل، عن أسفها لأن الأطفال اليوم "يعيشون في عالم يزداد عداءً لحقوقهم".
وقالت إنه تم التحقق من أكثر من 315 ألف انتهاك جسيم ضد الأطفال في مناطق النزاع بين عامي 2005 و2022، ورجحت أن يكون الرقم أعلى من ذلك بكثير.
وبالإضافة إلى تأثير النزاع المسلح، شددت المديرة التنفيذية على أن تزايد الفقر وعدم المساواة وحالات الطوارئ الصحية العامة وأزمة المناخ العالمية تنتهك أيضا حقوق الأطفال.
وقالت: "لم يحدث في أي وقت منذ اعتماد اتفاقية حقوق الطفل قبل 34 عاما أن تعرضت حقوق الأطفال لخطر أكبر. ولهذا السبب يجب علينا أن نتصرف. إنني أحثنا جميعا - بدءا من اليونيسف وشركائنا في مجتمع حقوق الطفل إلى الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص - على أن نكون داعمين ومناصرين أقوى لإعمال حقوق الأطفال وحمايتها".
وبينما تتعرض حقوق الأطفال للهجوم، قالت السيدة راسل إنه يجب ألا يثبط ذلك عزيمتنا، بل يجب أن نكون "أكثر تصميما على ضمان الوفاء بوعد اتفاقية حقوق الطفل لكل طفل".
جرائم حرب.. قتل للأطفال ليس له مثيل
من جهته قال الأمين العام للأمم المتحدة إن عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة خلال الأسابيع الماضية يفوق أي رقم سجلته تقاريره السنوية عن الأطفال والصراعات المسلحة خلال السنوات السبع الماضية.
وردا على أسئلة الصحفيين، في مؤتمر صحفي في نيويورك، حول ما يحدث في غزة ولماذا لا تُوصف بعض الأعمال بأنها جرائم حرب، قال غوتيريش إنه كان دائما واضحا للغاية في الحديث عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني وخروقات حماية المدنيين.
وأضاف أنطونيو غوتيريش أن المهم هو الحقائق على الأرض وليست المسميات التي تختص جهات معينة بتحديدها، وأشار إلى التقرير الذي يصدره سنويا حول الأطفال الذين يُقتلون أثناء الصراعات المسلحة.
وقال إنه قدم على مر السنوات السبع الماضية تقارير أظهرت أن أكبر عدد من الأطفال الذين قُتلوا في عام واحد من قبل طرف واحد كان عام 2017 أو 2018 من قبل حركة طالبان. وكان ثاني أعلى رقم يُعزى للحكومة السورية وحلفائها حين بلغ عدد الأطفال القتلى نحو 700 طفل.
وأضاف الأمين العام مخاطبا الصحفيين: "أضيفت روسيا على التقرير العام الماضي، وكان عدد الأطفال القتلى 350. كانت لدينا أيضا السعودية، لو تتذكرون الضجة آنذاك فيما يتعلق باليمن، كان العدد الأقصى خلال ذلك العام 300 طفل. وبدون الخوض في دقة الأرقام المعلنة من قبل سلطات الأمر الواقع في غزة، فمن الواضح أن آلاف الأطفال قتلوا في غزة خلال الأسابيع القليلة الماضية. هذه هي النقطة المهمة: نحن نشهد قتل مدنيين على نطاق غير مسبوق في أي صراع منذ توليتُ منصبي".
وأكد الأمين العام أنطونيو غوتيريش دعوته للوقف الإنساني لإطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية بدون عوائق، والإفراج عن الرهائن، والحاجة لإنهاء انتهاكات القانون الدولي الإنساني وضمان حماية المدنيين.
وردا على أسئلة الصحفيين قال إنه من المهم تحويل هذه المأساة إلى فرصة بما يتطلب التحرك- بعد الحرب- بشكل حاسم ولا يمكن عكسه لتحقيق حل الدولتين.
وأكد غوتيريش أهمية تولي سلطة فلسطينية مُعززة المسؤوليات في قطاع غزة بعد الحرب. وقال: "أتفهم أن السلطة الفلسطينية لن تتمكن من القدوم أثناء الهجمات الإسرائيلية على غزة بما يعني أن على المجتمع الدولي النظر في فترة انتقالية. لا أعتقد أن وجود كيان أممي للحماية في غزة يعد حلا. أعتقد أننا بحاجة إلى نهج متعدد الأطراف، تتعاون في إطاره دول وجهات مختلفة".
وبالنسبة لإسرائيل، قال الأمين العام إن الولايات المتحدة بالطبع هي الضامن الرئيسي لأمنها. وبالنسبة للفلسطينيين، قال إن الدول المجاورة والبلدان العربية يقومون بدور أساسي في ذلك.
وأكد غوتيريش أهمية عمل جميع الأطراف معا لتهيئة الوضع لفترة انتقالية تسمح للسلطة الفلسطينية المعززة بتولي المسؤوليات في غزة، والتحرك-بناء على ذلك- بشكل حاسم نحو تحقيق حل الدولتين بناء على المبادئ التي وضعها المجتمع الدولي.
الارتفاع المأساوي في الوفيات بين الأطفال في غزة
بدورها قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إن استمرار تقييد حصول الأطفال على المياه وخدمة الصرف الصحي في غزة، سيؤدي إلى ارتفاع مأساوي– ولكن يمكن تجنبه – في أعداد الوفيات بين الأطفال.
وأفاد جيمس ألدر، المتحدث باسم اليونيسف بأن هذا الأمر "سيكون مميتا"، مشيرا إلى بدء هطول الأمطار في غزة بما يعني مواجهة الأطفال تهديدا خطيرا لتفشي الأمراض على نطاق واسع.
وفي المؤتمر الصحفي نصف الأسبوعي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، قال ألدر إن احتمال وقوع خسائر في الأرواح على نطاق واسع في غزة بشكل كبير يتصاعد إذ يوجد حوالي 800 ألف طفل نازح في القطاع "يبحثون باستماتة – وفي بعض الأحيان عبثا - عن الملاذ الآمن في ملاجئ مكتظة بالناس".
وأوضح أن هناك أجزاء من غزة وخاصة في الشمال - حيث يعيش ما يصل إلى 700 ألف شخص – يكافح فيها الناس للحصول على ما لا يزيد عن 3 لترات من الماء في اليوم. وأضاف أنه في بعض الأيام، ونظرا لمشاكل التوزيع والدمار الهائل، لا يجد الناس أي مساعدات على الإطلاق.
وذكر أن الحد الأدنى الذي يجب أن يحصل عليه الشخص من المياه يوميا سواء كان في ظروف مجاعة أو حرب، هو 15 لترا يوميا. وأشار إلى أن التحكم في الوقود والحصول على المياه، "يعني التحكم فيما إذا كان الآلاف أو ربما عشرات الآلاف من الأطفال سيعيشون أم سيموتون".
وقال المتحدث باسم اليونيسف إن إجمالي عدد القتلى بين الأطفال أصبح أمرا مثيرا للاشمئزاز، مشيرا إلى أن التقارير تفيد بمقتل 5,350 طفلا حتى الآن في غزة. وأضاف أن "الحزن أصبح متأصلا في غزة"، مكررا أنه بدون وقود كاف، وبدون ما يكفي من المياه، سوف تتدهور أوضاع الأطفال.
وتحدث المسؤول الأممي عن الظروف التي يعيشها النازحون في ملاجئ وكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، قائلا إن هناك وحدة استحمام واحدة لكل 700 شخص في ملاجئ الأونروا، ومرحاضا واحدا لكل 150 شخصا.
وأضاف على سبيل المثال "فكر فيما يعنيه ذلك بالنسبة لفتاة مراهقة". ونبه إلى أن خدمات الصرف الصحي ستنهار إذا لم يتوفر ما يكفي من الوقود، محذرا من أن هذا الأمر يشكل "عاصفة مثالية لانتشار الأمراض. وعاصفة مثالية لوقوع مأساة".
وقال ألدر "إننا نشهد بالفعل ما يقرب من عشرة أضعاف المتوسط الشهري لحالات الإسهال بين الأطفال دون سن الخامسة، بالإضافة إلى زيادة في حالات الجرب والقمل والجدري المائي، والتهابات الجهاز التنفسي".
ودعا المتحدث باسم اليونيسف إلى السماح بتوفير المواد الخاصة بالمياه والصرف الصحي، والمعدات اللازمة للإصلاح الطارئ وتشغيل خدمات المياه والصرف الصحي الحيوية، بما في ذلك المضخات، والمعدات الكهربائية والميكانيكية، والمولدات.
وطالب أيضا بتوفير الوصول الآمن والفوري ودون عوائق لإمدادات يومية كافية من الوقود لاحتياجات وتشغيل إمدادات المياه والصرف الصحي الحيوية لجميع الأطفال والمواطنين في غزة.
وجدد الدعوة كذلك إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، والعودة الفورية والآمنة للأطفال المختطفين.
وقال المسؤول الأممي إنه "بدون هذه الأمور، سيشهد عالمُ غير مبالٍ موت عدد لا يحصى من الأطفال في غزة".
الحرمان غير المسبوق في غزة
قالت الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) إن عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة خلال أربعة أسابيع تجاوز العدد الإجمالي للأطفال الذي قضوا في الصراعات المسلحة في 22 دولة في أي عام منذ سنة 2020.
وأشارت رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا، إلى مقتل أكثر من 4300 طفل في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر وفق وزارة الصحة في القطاع.
في إحاطة للصحفيين بشأن دراسة أممية حول الأثر الاجتماعي والاقتصادي المتوقع للنزاع على دولة فلسطين، قالت دشتي إن التقديرات تشير إلى أن 35 ألف وحدة سكنية قد تم هدمها بالكامل، وحوالي 212 ألف وحدة سكنية تعرضت لأضرار جزئية وذلك حتى الثالث من الشهر الحالي.
وأضافت دشتي أنه إذا استمرت تلك الحرب "فإن غالبية سكان غزة قد يجدون أنفسهم بلا مكان يذهبون إليه يعتبرونه بيتا، أو ليقيموا فيه".
وأفادت بأن 96 في المائة من سكان غزة يواجهون الآن "حرمانا غير مسبوق" من جميع الخدمات الأساسية، وسقطوا في "فقر متعدد الأبعاد".
ونبهت إلى أن التداعيات السلبية للحرب وصلت بالفعل إلى البلدان المجاورة مثل لبنان والأردن ومصر، مما أدى إلى تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية.
بدوره، قال الأمين العام المساعد ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبد الله الدردري: "أن يخسر الاقتصاد الفلسطيني 4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال شهر واحد، هذا أمر لا يمكن مقارنته بأي صراع شهدناه من قبل".
وأضاف الدردري في نفس المؤتمر الصحفي أن الاقتصاد السوري (على سبيل المثال) كان يخسر واحدا في المائة من الناتج المحلي الإجمالي شهريا بسبب الصراع هناك.
وأوضح أنه بعد شهرين من القتال، "ستخسر فلسطين وليس غزة فحسب، 16 عاما من التنمية البشرية"، مضيفا أنه سيتم القضاء على الصحة والتعليم والبنية التحتية والنمو الاقتصادي، و"ستعود فلسطين إلى عام 2005".
صور مروعة بمدرسة تابعة للأونروا
بعد مقتل وإصابة الكثيرين في هجمات على مدرستين في غزة، أكد مسؤولون في الأمم المتحدة ضرورة وقف الهجمات على المدارس "وعدم استهداف الأطفال والملاجئ والمدارس"، ودعوا إلى الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
وقالت أديل خُضر المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن مشاهد القتل والدمار في أعقاب الهجمات على مدرستي الفاخورة وتل الزعتر في غزة- والتي أسفرت عن مقتل العديد من الأطفال والنساء- مروعة ومفجعة.
وشددت على ضرورة وقف هذه الهجمات الفظيعة على الفور. وقالت إن الأطفال والمدارس والملاجئ ليسوا هدفا.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل على وسائل التواصل الاجتماعي: "نرى صورا مروعة لأطفال ومدنيين يُقتلون في غزة- مرة أخرى- فيما كانوا يحتمون في مدرسة يتعين دائما أن تتمتع بالحماية".
وشددت على ضرورة وقف القتل والدمار والمعاناة، وإنهاء "هذا الكابوس، الآن، الذي يعيشه الأطفال".
مشيرا إلى تلك الهجمات، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) أنه تلقى "صورا ومقاطع فيديو مروعة لعشرات القتلى والمصابين في مدرسة أخرى تابعة للأونروا يحتمي بها آلاف المُهجرين شمال قطاع غزة".
وأكد، على موقع أكس، ضرورة ألا تصبح تلك الهجمات أمرا اعتياديا، داعيا إلى وقفها. وقال إن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية لا يمكن أن ينتظر أكثر من ذلك.
أشار مارتن غريفيثس وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إلى "الأخبار المأساوية عن مقتل أطفال ونساء ورجال أثناء احتمائهم بـ مدرسة الفاخورة شمال غزة".
وقال: "إن الملاجئ أماكن للأمان والمدارس أماكن للتعلم. لا يمكن للمدنيين، ولا ينبغي لهم، أن يتحملوا هذا الأمر أكثر من ذلك. يجب أن تسود الإنسانية".
الوضع في غزة يائس للغاية
ووصف مسؤولان في منظمة الصحة العالمية الوضع في غزة بأنه "يائس للغاية"، وشددا على ضرورة بذل الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، وتهيئة الظروف المناسبة للوصول إلى المتضررين من الصراع في جميع أنحاء قطاع غزة.
من جنيف وغزة، تحدث إلى الصحفيين في نيويورك كل من الدكتور مايكل راين المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، وروبرت هولدن كبير مسؤولي الطوارئ في فريق المنظمة في غزة، حيث قدما إحاطة شاملة حول آخر تطورات الوضع الصحي في قطاع غزة.
بشأن آخر حصيلة الوفيات، قال الدكتور مايكل راين إنه ما من شك في آخر الأرقام التي تم التحقق منها، والتي زادت قليلا عن 11 ألف حالة وفاة في غزة، حتى يوم الجمعة، ولكن "من المؤكد أن العدد ارتفع منذ ذلك الحين"، مبينا أن المنظمة تحاول الحصول على بيانات أكثر تفصيلا.
وأوضح أن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين قتلوا هم من النساء والأطفال، ولا تزال هناك أعداد كبيرة من الأشخاص في عداد المفقودين، وقد يشمل ذلك ما يصل إلى 1,500 طفل.
وقال إن النظام الصحي في غزة يتعرض لضغوط شديدة، مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من المستشفيات مغلقة وليس هناك سوى سبعة مستشفيات من أصل 36 تعمل في غزة. وتقريبا جميع المرافق الصحية في الجزء الشمالي، توقفت عن العمل.
وبالإضافة إلى مخاطر الجروح والإصابات المباشرة، حذر مسؤول منظمة الصحة العالمية من انتشار الأمراض بسبب اكتظاظ الملاجئ، مشيرا إلى أن الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الـ 24 ساعة الماضية قد فاقمت من الوضع.
وأشار إلى أن المخاطر الصحية لا تتعلق فقط بالإصابة بأمراض الإسهال، والانخفاض المفاجئ في درجة الحرارة، ولكن هناك أيضا مشكلة الالتهاب الرئوي لدى الأطفال الذين هم عرضة للأوبئة بسبب حالتهم التغذوية. وأضاف:
"قطعا، هذه بيئة مناسبة لانتشار الأوبئة على نطاق واسع بين هؤلاء السكان. ويمثل هذا خطرا على الصحة العامة في الوقت الحالي وسيبدأ في الاقتراب من نفس مستوى أزمة الإصابات التي نواجهها في المستشفيات".
وتابع قائلا: "تشكل التغذية في حد ذاتها تحديا كبيرا. التغذية هي أساس الصحة. وهي الأساس لنمو الطفل. وفي الوقت الحالي، انخفض مستوى استهلاك السعرات الحرارية لدى الأطفال إلى ما دون المستوى الحرج. لذلك تم بذل الكثير لمحاولة معالجة هذا الأمر ولجلب الإمدادات. لكن بصراحة، العديد من العاملين في مجال الصحة أنفسهم أصبحوا نازحين".
قبل الأزمة الحالية، كان في غزة ما يقرب من 3,500 سرير لخدمة المرضى. أما الآن فقد تقلص العدد إلى 1,400 سرير ويصعب الآن دعم العديد من هذه الأسرّة بالإمدادات.
وقال الدكتور مايكل راين إن أكبر مخاوف المنظمة في الوقت الحالي يكمن في حدوث نزوح آخر للمرضى.
وأشار إلى نزوح 1.7 مليون شخص، "وهناك خطر حقيقي بإمكانية نزوح الكثير منهم مرارا وتكرارا الأمر الذي يزيد من مخاطر الصحة العامة بالنسبة للسكان".
متحدثا عبر الهاتف من رفح في غزة، تحدث الدكتور روبرت هولدن كبير مسؤولي الطوارئ في فريق منظمة الصحة العالمية في غزة عن الزيارة التي قام بها فريق مشترك بين وكالات الأمم المتحدة بقيادة منظمة الصحة العالمية إلى مستشفى الشفاء خلال يومي السبت والأحد الماضيين.
وأوضح أن الفريق الأممي، وبمجرد وصوله، يوم السبت، تواصل مع الفريق الطبي في المستشفى لفهم التحديات التي يواجهونها وأولوياتهم فيما يتعلق بما يمكن تقديمه من دعم، مشيرا إلى أن العاملين في المستشفى طلبوا إخلاء بعض المرضى ذوي الحالات الحرجة.
وقال الدكتور روبرت هولدن إنهم وجدوا 33 مولودا جديدا في حالة حرجة، توفي اثنان منهم خلال يومي السبت والأحد، مبينا أن العاملين في المستشفى طلبوا، على سبيل الاستعجال، المساعدة في تسهيل نقل هؤلاء الأطفال من مستشفى الشفاء إلى مستشفى في جنوب غزة. وأضاف قائلا: "تمكنا من القيام بذلك بفضل شجاعة ومساعدة الهلال الأحمر الفلسطيني وسائقي سيارات الإسعاف العاملين معه. تمكنا من إحضار هؤلاء الأطفال مع بعض أفراد الطاقم الطبي الذين كانوا يعتنون بهم حتى يتمكنوا من توفير الرعاية المستمرة أثناء الرحلة وفي المستشفى المُستقبل في الجنوب. تم نقل الأطفال مباشرة إلى وحدة العناية المركزة لتلقي المستوى المناسب من الرعاية. وقمنا أيضا بإحضار أفراد من عائلات هؤلاء الموظفين".
وقال إن فريق الأمم المتحدة يخطط للعودة إلى مستشفى الشفاء في الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن المستشفى به عدد من المرضى في حالة حرجة ويخضع بعضهم لغسيل الكلى ولم يتلقوا العلاج منذ عدة أيام وتابع قائلا:
"بالإضافة إلى ذلك، لدينا شخص في العناية المركزة ويحتاج إلى نقل، ثم لدينا 25 مريضا يعانون من إصابات خطيرة في العمود الفقري وسنحاول المساعدة في تسهيل الأمر مع الهلال الأحمر الفلسطيني".
وقال إن المنظمة ستحاول المساعدة في تسهيل نقل المتبقين من هؤلاء المرضى- الذين يبلغ عددهم 220- إلى مستشفيات الجنوب إضافة إلى عدد من الموظفين.
وأشار الدكتور هولدن إلى البيئة المعقدة التي تشوب عملية نقل هؤلاء المرضى نسبة لاستمرار القتال في وحول المستشفى. وأضاف:
"بينما نقوم بهذا التخطيط والتفكير فيما يمكننا القيام به أكثر للمرضى في الشفاء، فإننا نحاول التفاوض لضمان حصولهم على الغذاء الكافي والمياه الصالحة للشرب والتدفق المستمر للإمدادات الطبية والوصول لتوفير الوقود حتى نتمكن من تشغيل المولدات والإنارة".
وبرغم أن التركيز حاليا على مستشفى الشفاء، لكنه قال إنه ليس المستشفى الوحيد الذي يحتاج إلى اهتمام عاجل. فهناك المستشفى الإندونيسي وكذلك المستشفى العربي- أول المستشفيات التي تم ضربها في وقت مبكر من هذا الصراع ولم يعد يعمل.
وقال مسؤول منظمة الصحة العالمية إن المستشفيين يستخدمان حاليا لتجميع الأشخاص الذين يعانون من الرضوح. وقال إن منظمة الصحة العالمية تنظر في كيفية تقييم هذه المستشفيات خلال الأيام المقبلة والنظر في إمكانية إعادتها إلى الخدمة الأمر الذي قال إنه يبدو صعبا في سياق الأحداث الحالية.
"نحن بحاجة إلى جلب المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة وحرجة. لكن في الوقت نفسه، نفكر ونخطط ونحاول العمل على كيفية الاستمرار فعليا في تقديم الخدمات للسكان النازحين الموجودين في تلك المستشفيات شمال غزة".
وقال إن مئات الآلاف من الأشخاص موجودون في شمال القطاع.
اضف تعليق