هوية الدولة الديمقراطية ومدنيتها لا يمكن ان تلغى امام فكر حزب او طائفة او فرد، والدفاع عن الهوية المدنية للدولة واحترام التعدد والتنوع فيها يعني الدفاع عن الدستور الضامن الاعلى للحريات والمدافع عن التنوع العراقي، المؤمنون بالديمقراطية والتعددية والحياة المدنية التي تعد العمود الاساس لهوية الدولة...
يطرح هذه الايام شعار (الحريات اولا) لمواجهة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الحريات العامة من أطراف عدة تسعى للهيمنة على المشهد المجتمعي والمؤسسي، دعاة الاستبداد ومناهضو الحريات احجار وشظايا من صنم الدكتاتور الذي تهشم في ساحة الفردوس في التاسع من نيسان 2003.
تعلمنا مذ كنا صغارا ان الحرية تؤخذ وتنتزع انتزاعا ولا تستجدى او تعط. فهي ليست هبة من احد يهبها لهذا ويمنعها عن ذاك، وهي ليست مكرمة من مكارم السياسي لصاحب الرأي. بل هي مقوم اساسي من مقومات الحياة السوية. اقرتها الشرائع الدولية وامضتها الدساتير الوطنية. ولكن من يتمتع بها ومن يستثمرها ويسبح في فضائها؟ نقول ان حرية التعبير يتمتع بها صاحب الرأي الحر الذي يفرض هيبته واستقلاليته ويتمتع بالمصداقية والموضوعية والحرص والنزاهة فيما يكتبه.
وقد جاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان ( 1948) (المادة 19 لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود).
ولكن كل الوقائع تشير الى ان السياسي الايديولوجي لا يمكن ان يمنح الحرية للآخرين لأنه لا يرى الا موثوقاته الايديولوجية، بل يشعر ان الحرية تهدده لأنها تفتح الافاق للآراء الاخرى. لهذا فالحرية ارضية التعدد والتنوع وعدوة الواحدية والوثوقية.
هذه الحرية لا يمكن ان يتمتع بها من تحاصره ايديولوجيته التي تحوله الى مومياء او حجرة صماء، ففاقد الشيء لا يعطيه، بل الايديولوجية والحرية على طرفي نقيض، اذ ان هكذا عقلية لا يمكن ان تسمح للآخرين ان يمارسوا حرياتهم الا وفق ما ترى احجار الايديولوجيا الصماء. فهي لا تسمح لاحد ان يتجاوزها او يقفز عليها او ينفلت من اطارها او ترسيمتها، فسماؤها محدودة ومحددة سلفا ومنطقة المناورة فيها محاصرة ومحددة فتكبل من يعتنقها مهما ادعت من مدعيات ، فهي لا تغني الا على ليلاها، ولا تسمح لاحد ان يغرد على اغصانها الا وفق ما ترى وتشتهي، بعض المسؤولين الحكوميين يسعون الى تحويل المؤسسات التي يديرونها الى اقطاعيات حزبية يلغون داخلها التعدد والتنوع العراقي المعروف والمعترف به دستوريا وقانونيا.
هوية الدولة الديمقراطية ومدنيتها لا يمكن ان تلغى امام فكر حزب او طائفة او فرد، والدفاع عن الهوية المدنية للدولة واحترام التعدد والتنوع فيها يعني الدفاع عن الدستور الضامن الاعلى للحريات والمدافع عن التنوع العراقي، المؤمنون بالديمقراطية والتعددية والحياة المدنية التي تعد العمود الاساس لهوية الدولة، عليهم مواجهة الانتهاكات التي يتعرض لها الدستور على يد البعض ممن يتجاوز على الحريات الفردية والعامة.
اضف تعليق