ناقش مركز آدم للدفاع عنوان (دور المنظمات الدولية في حماية الاحتجاجات الشعبية في العراق)، تناولت تقارير المنظمات الدولية الأسباب العميقة التي أطلقت شرارة تظاهرات تشرين كالاحتقان الذي تولد من خلال المظالم والإقصاء والتهميش وكبت الحريات، الأمر الذي أدى إلى تحطيم الثقة وجسورها بين النظام والمجتمع، وكذلك الانحدار...

ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (دور المنظمات الدولية في حماية الاحتجاجات الشعبية في العراق)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.

قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الدكتور حسين تاج أستاذ جامعي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، وابتدأ حديثه قائلا:

"تناولت تقارير المنظمات الدولية (الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية) الأسباب العميقة التي أطلقت شرارة تظاهرات تشرين كالاحتقان الذي تولد من خلال المظالم والإقصاء والتهميش وكبت الحريات، الأمر الذي أدى إلى تحطيم الثقة وجسورها بين النظام والمجتمع، وكذلك الانحدار في المجال الاقتصادي وللفساد المالي والإداري.

ولا بد أن نشير الى أن هنالك عوامل عدة مساعدة منها تدهور مستوى التربية والتعليم داخل المجتمع، وكذلك محاصصة القوات الأمنية والعسكرية والهيئات والمفوضيات الدستورية المستقلة، وتطور وعي المجتمع في تلقي الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي كان لبعضها دور مهم في ترشيد الاحتجاجات الشعبية وتوعيتها.

ويقدم أحد تقارير الامم المتحدة توصيات محددة للحكومة العراقية، من بينها:

1- بذل جهود فورية للوفاء بالتزاماتها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، يتضمن ذلك بذل جميع الجهود لتحديد أماكن تواجد المتظاهرين والناشطين الذين لا يزالون مفقودين.

2- ضمان حماية المتظاهرين والنشطاء المشاركين في التظاهرات أو الذين شاركوا فيها سابقا من الاختطاف على أيدي جماعات مسلحة مجهولة الهوية يشار إليها عادة بـ "الميليشيات".

3- اتخاذ إجراءات فورية للتحقيق في جميع الحالات ومزاعم الاختطاف والاختفاء والتعذيب/ سوء المعاملة في سياق التظاهرات الجارية ومحاسبة المسؤولين عنها.

4- توضيح الهيكل القيادي وإطار المساءلة في منظومة الأمن العراقي، وولايات كل الأجهزة والكيانات والجهات الأمنية المعنية (بما في ذلك قوات الحشد الشعبي)، والأجهزة الأمنية التي لها سلطة رسمية للقيام بالاعتقال والاحتجاز (والظروف التي يجوز لها القيام فيها بالاعتقالات والاحتجاز)، وجميع مواقع الاحتجاز الرسمية، والزي الرسمي لجميع الأجهزة الأمنية، الكيانات والجهات الفاعلة.

5- اتخاذ خطوات لحل ونزع سلاح وإعادة إدماج الجماعات المسلحة العاملة خارج هياكل القيادة والسيطرة الرسمية.

وفي عام 2020 أصدرت ثمانية منظمات دولية ومحلية بياناً طالب الحكومة العراقية بالتحقيق في احتجاز النشطاء وغيرهم منذ بدء احتجاجات 2019 والإفراج عن جميع المعتقلين تعسفاً على خلفية الاحتجاجات السلمية.

لكن هنالك تساؤلات حول مدى استقلالية وحيادية هذه المنظمات، ومدى امكانية تأسيس منظمات اخرى محلية من قبل اشخاص كفؤين ومثقفين من أجل مراقبة أفضل لحقوق الانسان في العراق وحماية الاحتجاجات السلمية المطالبة بالتغيير الديمقراطي من اجل مستقبل أفضل للعراق".

ولإغناء الموضوع بالمزيد من الأفكار تم طرح السؤالين الآتيين:

س1/ هل ساهمت المنظمات الدولية في حماية احتجاجات (تشرين)، وكيف؟

س2/ كيف يمكننا ان نستفيد من تجارب هذه المنظمات، وهل من الممكن -عملياً- تأسيس منظمات محلية تراقب حقوق الانسان وتساهم في عملية التغيير الديمقراطي؟

المداخلات:

الدور الرقابي لحماية حقوق الإنسان

الدكتور اسعد كاظم شبيب/ أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة:

"قد يكون الجواب على هذا التساؤل نسبيا لأنه من جانب ان المنظمات الدولية كالهيئات التابعة للأمم المتحدة غالبا ما يكون لها جورج مباشر في حماية حركات الاحتجاج الشعبية او الشخصية من خلال التنديد او الدعم او حتى تصل إلى مرحلة انعقاد جلسات أممية لهذا الغرض وبهذا يكون دورها هنا واضح في محاولة وضع حدا للجرائم او الإنتهاكات التي تطال المحتجين، من هنا فان المنظمات الدولية كان لها دور رئيس في دعم حركة الاحتجاجات الشعبية (احتجاجات تشرين) التي اندلعت في بداية عام 2019 وقد لاحظنا ذلك من خلال عدت بيانات ولقاءات واجتماعات، من جانب اخر العوامل عديدة قد لا يكون الدور الدولي أو الاممي على مستويات المنظمات الداعمة للحقوق والحريات السياسية والاجتماعية دور ذات جدوى خاصة إذا ما وصلت اطراف الاحتجاجات من حركة ومؤيدين أومن قبل الطرف الرافض إلى مرحلة ممارسة سلوكيات عنيفة فيتحول دور المنظمات الدولية إلى دور المراقبة والحذر، مع هذا ان دور المنظمات الدولية هو دور حامي ومهمة في حماية السلم وحفظ حقوق الحركات الاحتجاجية، وهذا الدور ضرورة أن يدعمه لا ان يحارب حتى لا تستغل فجوة خلو اي بلد من الدور الرقابي على مستوى حماية حقوق الإنسان السياسية والاجتماعية".

ضرورة وجود المنظمات

الباحث حسن كاظم السباعي:

"رغم التساؤلات أو الشكوك التي تثار حول منظمات حقوق الإنسان في مدى حيادها واستقلالها أو ازدواجيتها ومدى قدرتها في حماية ملفات حقوق الإنسان، إلا أن لوجودها ضرورة ملحة، وما لم يوجد بديل آخر، فإنَّها بمثابة القشة التي يتشبَّث بها الغريق، ويبقى لها بعض الصدى مهما تلوّثت بالسياسة والمصلحة، وكمثال بين قوسين؛ في إحدى السنوات تم تعيين ملك البحرين رئيسًا للجنة حقوق الإنسان في منظمة ما!، وفي تلك السنة تحديدًا كان ملف القمع والبطش ثقيلًا داخل البحرين، وشر البلية ما يضحك، مع ذلك لم يستغنَ عن تلك المنظمة، ولم يتوقع أحد أيضًا أن يكون لتلك المنظمة تأثير ملموس غير بعض البيانات الخجولة لكنه ورغم كل ذلك كانت الحاجة إليها ماسَّة.

وبناءً على هذا فلا يختلف وضع العراق كثيرًا عن غيره، إلا أنَّ ما هو مطلوب في العراق هو أن يقارن نفسه مع البلدان الحرّة المتقدمة التي حلّت فيها الأحزاب الحرّة محل تلك المنظمات سواءً المحليّة منها والدولية، ذلك لأنَّ العراق قد تقدَّم عن غيره من دول الجوار. مع ذلك فالأمور في هذا المجال نسبية وليست مطلقة ومن خلال وجود المنظمات الحقوقية يمكن حماية المطالبين بحقوقهم والمساهمة في عملية التقدّم السياسي والديمقراطي".

اقتصار دور المنظمات على التنديد والإدانة

الباحث جواد العطار:

"لم تكن تظاهرات تشرين من عام ٢٠١٩ عفوية كما يعتقد الكثيرون، رغم انها بدأت مطلبية تطالب بالتعيين والخدمات الا انها تطورت الى أكثر من ذلك وحققت أهدافا كبيرة في إسقاط الحكومة وتغيير قانون الانتخابات والدعوة الى انتخابات مبكرة، ولم تكن عفوية وتلقائية في استمرارها والدليل انطلقت مظاهرات مماثلة لها في لبنان بعد اقل من أسبوعين ولو تركت مطالب المظاهرات مفتوحة لكان حدث ما لا يحمد عقباه حيث ان مطالبها تجاوزت الخدمات الى إسقاط العملية السياسية برمتها وكافة القوى الموجودة في الساحة، لكن ظهور جائحة كورونا واستفحالها حال دون تحقيق أهدافها، فهي وبلا شك جزء من الصراع في المنطقة.

اما عن دور المنظمات الدولية في حماية تظاهرات تشرين ٢٠١٩، فان المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان وحرية التعبير يقتصر دورها على التنديد والإدانة وليس لها قرارات ملزمة للدول بل هي بيانات تشكل عمليات ضغط على الحكومات، فلا دور لها يذكر في حماية المتظاهر من المندسين ولا دور لها على الارض لأنها تخشى على موظفيها اماكن الخطر.

اما بخصوص تأسيس منظمات محلية لمراقبة حقوق الانسان، فهناك تجارب مماثلة في العراق وتعمل منذ سنوات تحت مظلة منظمات المجتمع المدني التابعة اصلا الى الحكومة ورئاسة مجلس الوزراء ومنها المرصد العراقي لحقوق الانسان ومنظمة الشفافية ومنظمات تعزيز الديمقراطية وحرية الرأي وهي كثيرة، لكن ما يؤخذ على هذه المنظمات انها عبارة عن أشخاص اولا ليس عمل مؤسسي منظم، اما ثانيا انها تعمل تحت مظلة حكومية مما يفقدها الكثير من الاستقلالية، وثالثا ليس لها سوى الاعلام منبرا لها ولا تمتلك أية آليات فعالة للضغط على الحكومة او حماية المتظاهرين".

تكوين رأي عالمي من خلال تقارير المنظمات

الدكتور علاء إبراهيم الحسيني/ أستاذ جامعي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

"لا يوجد هناك دولة في العالم او نظام سياسي في العالم لا يريد ان يظهر امام الرأي العام العالمي بمظهر يحترم الانسان او على اقل تقدير لا يمتلك هذه الحقوق والحريات ومنها الحكومة العراقية كأي حكومة اخرى تسعى للظهور بهذا المظهر امام الرأي العام العالمي، اضافة لذلك لا نستطيع ننكر ان هذه المنظمات لها باع طويل في رقابة لكثير من الانظمة وفي تعاملها مع الشعوب وفي تعاملها مع الازمات وفي تعاملها مع ملف الاحتجاجات ومسألة حقوق الانسان والحريات كما في كوريا الشمالية وكوبا وغيرها، وتراقب ملف حقوق الانسان في الدول الديمقراطية والتي لها باع طويل بالديمقراطية وبالتالي هي ترصد من خلال شبكة كبيرة من المراقبين وكذلك من خلال ما تحصل عليه من ادلة وشهادات مرئية ومسموعة وما شاكل ذلك تضعها على شكل تقارير تعلنها للرأي العام وترفعها الى المنظمات ذات الصلة وبالتحديد المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة واذرعه المتمثلة بالمفوضية السامية لحقوق الانسان التي تجتمع دورياً لمناقشة ملفات حقوق الانسان في الدول، وكذلك تأخذ بنظر الاعتبار هذه التقارير وهذه المنظمات التي تعدها كمنظمة العفو الدولية وغيرها، باعتبار انها تستند الى ادلة مادية، لذلك العراق يحرص حتى في اوقات الازمات بأنه يخرج بمظهر انه يحترم حقوق الانسان ويقدر الحقوق ويحترمها ولا يعتدي عليها لذلك كانت احد الامور التي اجبرت الحكومة العراقية على عدم استخدام اجراءات اشد قسوة هي التقارير التي قد ترصدها هذه المنظمات وان كانت قد اتخذت اجراءات غاية بالعنف والقسوة.

اضافة لذلك هذه المنظمات لها دور في تكوين رأي عام عالمي ورأي دولي ضاغط على أي دولة ومنها العراق ولعل تراجع الحكومة العراقية في بعض الاوقات او الظروف والمواقف ازاء لطلبات كثيرة من المعتصمين لعل احد اسبابها هي التقارير التي ترفعها المنظمات العالمية، والخلاصة ان لهذه المنظمات دور لا يمكن ان ينكر، وان التقارير التي تقدمها هذه المنظمات انطلقت من قاعدة قانونية، وان العراق قد صادق على الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ومنها مثلاً الاعلان العالمي لحقوق الانسان كذلك منها العهد الدولي الخاص بالحقوق والحريات لعام 1966م ومنها اتفاقية الامم المتحدة لمناهضة التعذيب والاختفاء القسري، وان اغلب هذه المعاهدات قد انضم لهن العراق في حقب مختلفة وبالتالي هناك التزامات تقع على السلطة الحاكمة في البلد بأن تحترم الحقوق والحريات ولا تعتدي عليها وتبيح للمواطنين حرية الرأي والتعبير بكل وسائل السلمية، وكانت هذه الاحتجاجات تحت هذه الوسائل السلمية لذلك كانت هذه المنظمات على ارضية قانونية متخذه اجراءاتها وتجمع معلوماتها بشكل توثيقي من اجل تكوين ملفات تقدم للأجهزة المعنية، وكذلك الى المنظمات التابعة للأمم المتحدة الموجودة في العراق وغيره مكونة ملف يدفع الى مجلس الامن خصوصاً اذا ما ارتفعت الافعال التي يجابه بها المحتجون الى مستوى الجرائم ضد الانسانية او جرائم عدوان على حرية الرأي والتعبير، فهذه المنظمات لها دور كبير وان كان غير واضح للعيان في حماية حقوق الانسان في العالم والعراق، وربما تتهمها الحكومات بأن تقاريرها مسيسة الى حد ما، لكننا لا نتفق مع هذا لأنها تهمة جاهزة تلصق بكل الاحرار الذين ينشدون الحرية".

دور المنظمات في كشف الحقائق

احمد جويد/ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

"ان هذه المنظمات تلعب دور كبير وخصوصاً مع الانفتاح العالمي ومع قضايا وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية ويكون أثرها سريع وملحوظ، وتختلف عن السابق حينما كانت الدول شبه مغلقة لعدم وجود تواصل بين شعوب العالم بهذه الصورة التي نشهدها اليوم، لكن دور هذه المنظمات يبقى صناعة رأي عام ضاغط وليس لها دور ملزم حينما تضع او تصدر تقاريرها الى الجهات المختصة او بأملائها عن طريق المؤتمرات الصحفية ويبقى دورها هو كشف الحقائق، وسلبياتها هي تركز على النتائج بدل ان تتجه للأسباب التي تفضح القضايا في نهايتها، وخصوصاً منظمة (هيومن) تنظر بعين واحدة للحقائق، ولا تنظر المنظمات لكافة الشعوب بنظرة واحدة، فبعض القضايا تركز عليها مع انه توجد انتهاكات كثيرة تقع على شعوب اخرى لا تتطرق لها وان تطرقت فبتقارير خجولة وتكاد لا تذكر، فأما عن اتهامها بانها مسيسة لا نقول ليس له وجود من الصحة لكن نقول ان البعض من اعضائها يكون تمويلهم او خلفياتهم تكون خلفيات سياسية معينة او مناصب معينة في جهات اخرى، لكن بالتالي لا يمكن الاستغناء عنها لأنها بالنتيجة تبحث عن حقوق الانسان والدفاع عنه وعن حرياته.

ونتأمل ان يكون في مجتمعاتنا العربية والاسلامية منظمات تحاول ان تتجاوز اخطاء هذه المنظمات وان تنظر للإنسان بحيادية بغض النظر عن خلفياته العقائدية والقومية وغيرها، فان قضية حقوق الانسان قضية متأصلة منذ ان خلق الله الانسان، فإنها تؤكد فعلا عن حماية حقوق الانسان وحريات الانسان وخاصة الدين الاسلامي فإننا رأينا سيرة النبي الاكرم (ص) ومنهاج الائمة في قضايا كثيرة كيف انهم يحاولون حماية هذه الحقوق وان يحافظوا على حرية التعبير وحرية المعارضة لكن مع الاسف الشديد هناك سلطات أعقبت فترة الرسالة حاولت ان تقضي على هذه الحريات تماماً ويكون الولاء للحاكم، مشكلة عانى منها العالم العربي والاسلامي ان رجال الدين اصبحوا رجال حكم وسلطة يأتمرون بأمره ويحافظون على عرشه، واليوم نريد ان نأسس سلطة قوية تدافع عن الناس بالدرجة الاولى قبل أي سلطة اخرى".

تطوير المنظمات من خلال تقديم الملاحظات

حسين علي عبيد/ كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:

"هذه المنظمات لم تساهم ولو بشكل بسيط ولم يكن هناك نتائج فعلية بدورها بسبب كثرة الشهداء والمختطفين والمغيبين فبعد القضاء سنتين على المظاهرات هناك مجموعة من الناشطين لم يجدوهم ولم يعرفوا ان كانوا احياء او اموات، وكل ذلك سببه قلة تدخل المنظمات في حماية الاحتجاجات، ويمكن من خلال بعض التوصيات او الملاحظات الاستفادة من هذه المنظمات في تطويرها، ويكون لها دور في زيادة وعي الشعب وتطوير لملف حقوق الانسان في العراق".

عدم الزامية قرارات المنظمات

الدكتور حسين أحمد سرحان/ باحث مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:

"ان قرارات هذه المنظمات غير ملزمة للحكومات وبالتالي رأينا الكثير لقرارات منظمة (هيومن رايتس) بخصوص اقليم كردستان او غيرها وردود الحكومات عليها، وممكن ان يكون دورها غير مباشر بخلق رأي عام باتجاه التدويل او نشر قضية معينة في دولة معينة مثل مظاهرات تشرين فهي تساهم بشكل غير مباشر بحماية حقوق الانسان وحرية الرأي العام والتعبير، فإن الاستفادة منها هو انها تستحضر تجارب عالمية في موضوع القوانين والاطر التنظيمية والقانونية والخاصة بحقوق الانسان وحرية التعبير في بلدان مختلفة والاستفادة من تجارب البلدان بنقلها للتجارب، وتدويل القضية العراقية وموضوع الانتخابات وصدور قرارات من مجلس الامن الدولي وآخرها الاشارة او البيان الذي صدر من مجلس الامن الدولي فيما يخص الثناء والاشادة بالانتخابات العراقية فهي بهذا الاطار تعمل لكنها تبقى مهما تكن هذه النتائج والتشخيصات فهي غير ملزمة للحكومة العراقية وبالتالي يعتبر دورها رقابي لا اكثر".

المنظمات ونزاهة عملها

باسم حسين الزيدي/ باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات:

"ان المنظمات الدولية لا يمكن نكران حضورها ومصداقية عملها وتأثيرها على العلاقات الانسانية في المجتمع الدولي، لكن السؤال يبقى على مدى مساهمتها في حماية احتجاجات تشرين، وهناك علامات استفهام حول هذه المنظمات ونزاهة عملها وخلو اياديها من الشبهات والفساد الذي يحيط بها وبتشكيلها ومدى عملها في السنوات الماضية، وهل انها تتفاعل مع جميع المظاهرات والاحتجاجات والخروقات التي تحدث ضد حقوق الانسان، وهل تتعامل مع جميع الدول التي تعاني من انظمة دكتاتورية مستبدة، وهل يعتبر عمل هذه المنظمات عمل سياسي ام حقوقي انساني ام الامرين معا؟، عند الاجابة على هذه الاسئلة سنعرف انها قادرة على حماية احتجاجات تشرين، وكذلك يوجد منظمات محلية عليها ملاحظات حول طبيعة تأسيس هذه المنظمات والجهات التي تقف خلفها فإن هناك منظمات تمويلها وطبيعة تأسيسها عليه علامات استفهام كثيرة، ان وضع العراق الخاص ادى الى ارباك عمل هذه المنظمات وبالتالي لم تصل الى مستوى نطمح به مقارنة بالحراك الذي حدث مع احداث تشرين".

ممارسة الضغوط على المنظمات

الاديب علي حسين عبيد/ كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:

"كان هناك دور واضح للمنظمات الحقوقية في احتجاجات 2019 في مواجهة العنف الذي تعرض له المحتجون وكانت المنظمات تحاول ان تحد من هذا العنف، يجب ان نأخذ بنظر الاعتبار الضغوط الفعلية على هذه المنظمات وضغطها بنفس الوقت، فإنها كان لها دور واضح ومؤثر في تقليل الاضرار التي واجهت المتظاهرين، وتطور هذه المنظمات متساوي مع تطور هذه المنظمات الرسمية وغير الرسمية في البلد فمؤكد ان المنظمات ستسمو بنفس الطريقة وتلعب دور جوهري مهم".

صناعة ثقافة مجتمعية تؤمن بحقوق الانسان

الشيخ مرتضى معاش:

"حقوق الانسان تحتاج الى ثقافة مجتمعية تؤمن بحقوق الانسان والاستفادة من هذه المنظومة من اجل حماية الانسان في ذلك المجتمع، ولكن للأسف في مجتمعنا وفي المجتمعات الاخرى ليست هناك ثقافة ترتبط بحقوق الانسان، فإن الثقافة الامنية اقوى من الثقافة الحقوقية مع ان السلم الاجتماعي يتحقق من خلال تطبيق حقوق الانسان وليس من تطبيق الامن بالشكل العنيف، والثقافة الامنية الموجودة التي تعطي الحق لرجل الامن ان يكون له قدرة وقوة وسطوة حتى على ان يكون فوق القانون لا زالت مسيطرة ومهيمنة على البلد، ولاحظنا كيف كان هناك قمع شديد نتيجة سطوة رجل الأمن على الواقع الاجتماعي الموجود وتأييد بعض الناس له، ولكن انتهاك حقوق الانسان يزيد من التفكك والهشاشة الاجتماعية والامنية ولا يؤدي الى تطبيق الامن بشكل مجد، وانتهاك الحقوق ليست قضية موجودة في احتجاجات تشرين فقط وانما موجودة في القاموس التعليمي والعنف الاسري وبعض الاعراف الاجتماعية والواقع الاداري كانتهاك حقوق وكرامة المواطن في الدوائر الحكومية، فكله موجود في واقعنا، فالمجتمعات التي يكون لها تطور اجتماعي والسياسي في الديمقراطية بشكل جيد نلاحظ انها تكون متطورة في حماية حقوق الانسان وتكون منظماتها المحلية منظمات قوية.

بالإضافة الى ان المفوضية المستقلة لحقوق الانسان كانت من أفضل المنظمات في نقل التقارير عن احتجاجات تشرين وهذا يدل ان الهيئات الحكومية المستقلة كلما خرجت من يد المحاصصة والاحزاب تصبح لها قوة وتأثير جيد في انجاح المشروع الديمقراطي وانجاح الدولة في العراق.

اما بالنسبة للمنظمات الدولية فإن بعضها منظمات لاتؤدي دورها في حماية حقوق الانسان خصوصا بعض المنظمات المرتبطة بالأمم المتحدة بل تساهم بتقوية القوى الامنية المستبدة والقامعة وتحمي المنتهكين لحقوق الانسان ولا يوجد لها دور مهم، اما المنظمات الغربية فدورها روتيني شكلي من اجل ان تستفاد منها بعض الدول الغربية في عملية استغلالهم للضغط على خصومهم عبر ملفات حقوق الانسان، فإن متابعتهم لملفات الناشطين والحقوقيين والمنتهكة حقوقهم في بلداننا مجرد تقارير بلا متابعة جادة، مع ان واجبها ان تكون فاعلة في أمرين اساسيين وهو ايقاف القمع، والثاني عدم الافلات من العقاب للقامعين، السبب الرئيسي هو ان بعض الدول الغربية قد تكون دول قامعة ومنتهكة لحقوق الانسان وخاصة تجاه المسلمين فإن المسلم الذي يرتكب جناية يعتبرون فعله ارهابيا اما الغربي او الاوربي الذي يرتكب عمل ارهابيا يعتبرونه مختلا عقليا كما ان المرأة المحجبة والمنقبة ليس لها حقوق، وكذلك تعامل هذه الدول مع الدول الاستبدادية من خلال ما يربطها من مصالح وليس من خلال مبادئ حقوق الانسان.

ولتطوير ثقافة حقوق الانسان في بلادنا يجب ان يكون لدينا تطور في الجهاز الامني على مستوى راقي في فهم حقوق الانسان وكذلك ثقافة مجتمعية تدافع عن الانسان قبل ان تدافع عن حق رجل الامن او السلطة في قمع الانسان".

حيادية الراصدين والمبعوثين من المنظمات

الدكتور قحطان حسين طاهر/ أستاذ جامعي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

"نعم انها ساهمت الى حد ما في حماية المتظاهرين من انتهاك حقوقهم وحرياتهم لكن عملها بشكل عام يواجه عقبات وتحديات كثيرة هذه التحديات والعقبات قللت من اسهامات هذه المنظمات في حماية حقوق الانسان والتحديات في مصداقية التقارير فإننا نعرف ان وسائلها تقتصر على ادوات دورية وبيانات صحفية ولا يوجد غيرها، فمصداقية التقارير يكون محل جدل هل ان كل ما يصدر من المنظمات من تقارير صحفية ومعلوماتية جميعها بمصداقية مطلقة؟، الكثير يرى انها ليست تقارير بمصداقية مطلقة لأسباب عديدة منها ان المبعوثين الذين تكلفهم المنظمات لإرسال التقارير في بعض الاحيان يتعرضون الى ضغوط او انهم في طبيعتهم غير حياديين ويتأثرون بمزاج الرأي العام والمصالح السياسية، جميعها تؤثر على حيادية الراصدين والمبعوثين الذين يغذون المنظمات بالمعلومات التي تتضمن تقاريرهم، هذه المصداقية احيانا تكون محل جدل اذ ان هذه المنظمات تتعرض الى ضغوط من حكومات وجهات سياسية او منظمات اجتماعية، فإن هذه المنظمات ستخضع لهذه الضغوط مرغمة خصوصاً اذا كانت تأتي من حكومات فاعلة ولها وزنها في النظام الدولي او كانت اماكنها على اراضي هذه الدول الفاعلة، فمثلا مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة مقره في الولايات المتحدة فأنه لا يكون قادر على اعداد تقرير يدين الحكومة الامريكية ويكون عاجز عن اصدار تقرير عن حكومة تكون حليفة للحكومة الامريكية او الولايات المتحدة، وذلك لطبيعة علاقاتها بالحكومات ان كانت طبيعة العلاقة بين المنظمة والحكومة التي تمارس نشاطها في اراضيها ودية او متشنجة وبالتالي فإن المصداقية والموضوعية ستقل، وسهولة تحديد الجهة المنتهكة اذا كانت واضحة ومؤثرة ومثبتة فمن الطبيعي انها ستثبتها لكن ان كانت الجهة المنتهكة جهة مجهولة كما حصل في مظاهرات تشرين والانتهاكات التي حصلت من قبل جهة مجهولة والتي ذهب ضحيتها الكثير من المتظاهرين.

اما عن كيفية الاستفادة من تجارب المنظمات الدولية في تأسيس منظمات محلية تراقب حقوق الانسان فممكن ان نستجمع تجارب المنظمات الدولية الفاعلة وخصوصا غير الحكومية منها، فإن تقارير منظمة (هيومن) تقارير تحتوي على اهمية وموضوعية واحيانا تتفوق في التأثير على تقارير تصدرها الامم المتحدة فيمكننا الاستفادة منها من خلال ارادة وطنية مخلصة من مجموعة اشخاص يتبنون فكرة تأسيس هذه المنظمة والتخطيط لعملها وتهيئة كل مستلزمات عمل هذه المنظمة، والتنسيق مع منظمات عريقة تعمل في ميدان حماية حقوق الانسان مثل المفوضية الاوربية لحماية حقوق الانسان او (هيومن رايتس واج) او غيرها، والتنسيق معها سيعزز عمل هذه المنظمات ويرفدها بالخبرة والمعلومات وآليات العمل.

اما الامر المهم هو ضمان التمويل المستقل فأن أي منظمة تعمل بكل المجالات ومنها حقوق الانسان فأنها تحتاج الى تمويل ويجب ان يكون مصدر التمويل مستقل لا يتبنى غايات سياسية فنكون قد وفرنا عنصر مهم من عناصر نجاح هذه المنظمة، اما اذا كان غير مستقل فأنها ستفشل بعملها، ايضا من الامور الاخرى التي تساهم في انجاح عمل المنظمات المعينة موضوع المقرات ان المناورة في هذا الموضوع مهم جدا للمنظمات ان كان مقرها في الدولة كالعراق فأنها تحتاج الى مقر آخر بديل للدواعي الامنية ويجب ان لا تتصادم مع الحكومة بتقاريرها او مع جهات سياسية او احزاب فأنها يجب ان تؤمن مقر بديل تلجأ له عندما يكون مقرها الاصلي معرض للتهديد والمخاطر".

عدم الحصول على المعلومة الدقيقة من الافراد

الكاتب والصحفي علي صالح الطالقاني/ مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام:

"الكثير من هذه المنظمات فقدت عوامل مهمة وهي الحصول على المعلومة الدقيقة وهذا يتبع الافراد الذين يعملون معها كونهم يتعرضون للابتزاز والضغوط والتهديد، ان الهيئات الشبه حكومية ايضا تتعرض للضغوطات والمحاصصة السياسية كونها واقعة بين مشاكل المواطنين والانتهاكات التي يتعرضون لها ومراعاتها للجوانب الحكومية فمن هي الجهة المعنية بمحاسبة هذه الانتهاكات والتي باستطاعتها ان تقاضي، ان القضاء اصبح متهما ومسيسا ولم ينصف الكثير من القضايا، فيجب ان تكون منظمات المجتمع المدني منظمات تطوعية اكثر مما هي معنية بالتمويل فعملية حقوق الانسان هي جزء من العملية الديمقراطية في العراق اذ يجب ان يكون هناك متطوعون من المثقفين والنخب والسياسيين المستقلين من اجل نقل هذه المعاناة". عمل الكثير من المنظمات الدولية وفي كثير من الاحيان ماهو إلا صرف الاموال على قوة من المفترض ان تكون ناعمة وذات جدوى، لكنها خشنة بسبب الفساد وباب من أبوابه.. منها من يرفع راية اصلاح قطاعات معينة لكنها بالمحصلة إلا مظاهر. فكثير من المنظمات المحلية تكون فائدتها أكبر..

وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور حسين تاج بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.

...........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2021
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق