q
السلطة الحاكمة مستمرة على تكرار نفس السياسات الخاطئة وعدم الاستفادة من التجارب السابقة التي تؤدي للغضب والانفجار واندلاع الثورات، ولكن هذه الثورة الأخيرة ثورة فبراير هي الأكثر وضوحا وربما الأكثر تضحية والسبب قد يعود لوجود وسائل الإعلام المتنوعة بفضل شبكة الإنترنت \"الإعلام الجديد\" وغيرها التي نقلت...

مر عقد منذ اندلاع ثورة فبراير في البحرين عام 2011 ومازالت الثورة مستمرة رغم القمع الوحشي الرسمي، انها تجربة ثرية وغنية تستحق الدراسة، وتأتي هذه الثورة ضمن مسلسل الثورات والاحتجاجات السابقة التي تشهدها البحرين كل عشر سنوات تقريبا، ولن تكون هذه الأخيرة في ظل سياسة العائلة الحاكمة المتجذرة في عالم الاستبداد والفساد وعدم احترام حقوق الإنسان؛ أي ان سياسة العائلة الحاكمة المستبدة والمفسدة هي سبب تلك الثورات والاحتجاجات؛ بإصرارها على إدارة الدولة حسب مزاجها بامتلاك كل الصلاحيات، وحرمان الشعب من بناء دولة المؤسسات حسب إرادة الأمة.

وللأسف ان السلطة الحاكمة مستمرة على تكرار نفس السياسات الخاطئة وعدم الاستفادة من التجارب السابقة التي تؤدي للغضب والانفجار واندلاع الثورات، ولكن هذه الثورة الأخيرة "ثورة فبراير" هي الأكثر وضوحا وربما الأكثر تضحية والسبب قد يعود لوجود وسائل الإعلام المتنوعة بفضل شبكة الإنترنت "الإعلام الجديد" وغيرها التي نقلت جزءا مما يحدث على الأرض، فهي تحمل صور ومواقف للبطولة والصمود والصبر، وكذلك صور مأساوية دموية حيث سقط العشرات من الشهداء الأبرياء أطفال رضع ونساء وشيوخ وشباب، واعتقالات تعسفية وتعذيب وتحرش بحق الآلاف.. على أيدي القوات المسلحة منها الأجنبية من خارج الحدود و المرتزقة التي جلبتهم السلطة -المرفوضة- لقمع ثورة الشعب المسالم؛ ذنبهم التواجد في المظاهرات الشعبية السلمية، انها ثورة تستحق القراءة والاستفادة منها لمعرفة أسباب اندلاعها وتفاعل الشعب معها وأسباب عدم تحقيق الأهداف لغاية الآن.

في البداية لابد من تقديم التحية والتقدير لكل من شارك في تلك الثورة الشعبية والتي مازالت حية مستمرة لغاية اليوم منذ اندلاعها قبل عشر سنوات؛ وذلك يعود لله -سبحانه وتعالى- وبفضل إرادة وتضحيات الشعب المناضل، وبفضل دماء الشهداء الأبرار حيث سقط العشرات -رجال ونساء وأطفال- بالإضافة للمعتقلين والمعتقلات، فهم الأبطال الذين يستحقون التمجيد.

رحم الله الشهداء الأبرار، وتقبل تضحيات المعتقلين والمعتقلات، وألهم عوائلهم الصبر والصمود، وعجل الله بشفاء الجرحى والمصابين، والإفراج عن المعتقلين والمعتقلات.

وحشية العائلة الحاكمة

لقد كشفت ثورة شعب البحرين السلمية عن مدى وحشية حكومة البحرين والحكومات الخليجية المستعدة لاستخدام أبشع الأساليب القمعية الوحشية بكافة الوسائل العسكرية وجلب قوات أجنبية ضد الشعب الأصيل ولو كان يعارض ويتظاهر بشكل سلمي؛

فكيف لو لجأ الشعب للقوة والعنف؟.

فحتما الحكومات ستحول البلد إلى أرض حرب مدمرة وستسفك الدماء وقتل الأبرياء، فهي لا يهمها البلاد والعباد وإنما الحكم والسلطة، وكأنها تقول نحن أو الأرض المحروقة!!!.

فضيحة المجتمع الدولي

وهذه الجريمة البشعة من قبل العائلة الحاكمة في البحرين كشفت وفضحت المجتمع الدولي، والدول التي تتشدق بدعم حقوق الإنسان والديمقراطية، وفضح الشعوب الخليجية والعربية والعالمية التي لم تتعاطف ولم تتحرك برفض ما يحدث من قمع واستبداد واعتداء وقتل حكومي ولدعم شعب البحرين البطل الذي هو جزء من الشعب الخليجي؛ الذي تحرك وثار لأجل بناء دولة العدالة والحرية والكرامة والتعددية وتطبيق الديمقراطية في دولة تمثل إرادة الشعب لا العائلة الحاكمة؛ وتكون البحرين نموذجا لبقية دول الخليج الأخرى لبناء اتحاد خليجي يمثل إرادة الشعوب.

الخميس الأسود في البحرين

لقد شاهد العالم ما حدث في يوم الخميس الدامي 17 فبراير حيث ارتكبت العائلة الحاكمة عبر جلاوزتها ومرتزقتها، وجلب قوات أجنبية.. جريمة وحشية ضد شعب ‎البحرين المسالم المعتصم في دوار اللؤلؤة أطفال وشباب ورجال ونساء، تم الهجوم الحكومي الخليفي الوحشي عند وقت الفجر بكل عنف واستخدام وسائل الحرب والقتل والتدمير..، وسقط خلالها شهداء في الدوار، وملاحقة المعتصمين الجرحى والمصابين، ومنع علاجهم في المستشفيات وبالخصوص في مستشفى السلمانية. إنها جريمة دموية لا تنسى من قبل السلطة الحاكمة ضد الشعب الأصيل المسالم، جريمة تؤكد على وحشية العائلة الحاكمة القاتلة.

تضحيات شعب البحرين الثائر

خلال ثورة فبراير سيطر الشعب على الشوارع والساحات في البحرين بشكل سلمي في ظل غياب الحكومة وخاصة العسكرية خوفا من الشعب الثائر المستعد للتضحية.

ولكن ما أسباب عدم تحقيق أهداف الثورة لغاية الآن وما هي التأثيرات، وما الطرق التي يمكن من خلالها تحقيقها، وما الحلول الممكنة بعد مرور عقد على إنطلاق الثورة بعد التضحيات الكبيرة والصبر والصمود وتحمل المسؤولية بالإضافة إلى الأزمات التي يعاني منها الشعب الصابر والصامد بسبب الاعتقالات التعسفية الواسعة والاعدامات والفصل من الوظائف والدراسة، وانتشار البطالة والفقر، والتعذيب النفسي نتيجة الترهيب وافتقاد الأهل والأحبة لسنوات طويلة بسبب الاعتقال التعسفي أو الإعدام أو التهجير.. ؛ وكذلك السلطة فهي تعاني من أزمات كثيرة وخطيرة رغم الدعم والمساعدة التي تجدها من الأنظمة الحاكمة في المنطقة الخليجية وبعض الدول الأخرى التي سكتت عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد شعب البحرين؟.

تساؤلات مثيرة حول ثورة فبراير البحرين والتأثيرات

البحرين قلب الخليج، وشعبها جزء من الشعب الخليجي الذي هو شعب واحد، ويفتخر شعب البحرين الأصيل بأنه يقف ويتضامن مع أهله العرب من الخليج إلى المحيط في كل قضاياهم، وللبحرين مكانة لدى أهل سواحل الخليج من الشمال إلى الجنوب، من الشرق إلى الغرب، وخاصة لدى من يعرفون باسم البحارنة وهو لقب يطلق على أهل المنطقة الأصليين في دول الخليج نسبة إلى اسم البحرين التاريخي الذي يشمل الساحل الشرقي من الجزيرة العربية، قبل تأسيس الدول الحديثة حسب حدود رسمها الإستعمار. وكل حر وشريف حتما يقف مع الأحرار الشرفاء في البحرين للمطالبة بحقوقهم وتشييد وطن لكافة المواطنين حسب إرادتهم، ورفض الحكومة المستبدة المفسدة التي تتحكم بالبلاد والعباد.

ثورة فبراير شعب البحرين اندلعت بسبب استبداد وفساد السلطة الحاكمة التي تتعامل بان البلاد والعباد ملك خاص لها، ورغبة الشعب بتشييد وطن لجميع المواطنين قوانينه حسب دستور يمثل إرادة الأمة لا حسب مزاج الحاكم وعائلته. الثورة ورغم ما حققته من انجازات تحسب للشعب البحراني.. إلا أنها واجهت تحديات ضخمة... إلا أن صوت ظلامة وثورة شعب البحرين وصلت إلى أصقاع المعمورة،.. ومازال الشعب صامدا شامخا صابرا.

ما هي الأسباب التي أدت لعدم تحقيق أهداف شعب البحرين خلال ثورة فبراير لغاية اليوم؟.

أولا نريد التأكيد بأن ثورة فبراير شعب البحرين مازالت مستمرة لغاية اليوم رغم الممارسات القمعية الوحشية من قبل العائلة الحاكمة في البحرين: اعتقالات تعسفية وتعذيب وتحرش وقتل وملاحقات للأطفال والنساء والشباب والشيوخ..، وتهجير وسحب الجنسية، والفصل من الأعمال والدراسة "حصار اقتصادي"، والهجوم على المنازل والمحلات التجارية وعلى العوائل عبر فرق بلطجية حكومية كأسلوب ترهيب للشعب.

تحية للشعب الثائر الصابر الصامد؛ بفضل تضحياته، فإن ثورة البحرين مازالت موجودة والعائلة الحاكمة القمعية والمستبدة والقاتلة والحكومات الداعمة في الخليج تشعر بالقلق والخوف رغم ما تملكه من سلطة وقوة عسكرية وأدوات قمع وقتل.. العائلة الحاكمة في البحرين وغيرها في المنطقة ترتجف من صمود الشعب المقاوم الصامد الصابر المستعد للتضحية لنيل حقوقه.

هل من الأسباب -التي أدت لعدم تحقيق أهداف ثورة فبراير في البحرين-؛ أن الثورة قامت بشكل شعبي تلقائي نابع من الشعب مباشرة كما حدث في تونس، وبالتالي لا يوجد خطط مرحلية واستراتيجية للحراك والثورة والتغيير ضمن تيار يحرك ويشرف على الثورة؟.

هل السبب عدم توقع من تصدى للثورة كقيادات، ان الثورة الشعبية قادرة على السيطرة على الميادين والساحات والشوارع والقدرة على رفع شعار "الشعب يريد تغيير النظام" والتعبير عن الرأي والهتاف ضد الحاكم والأسرة الحكمة بشعار "ارحلوا".. "تسقط العائلة الحاكمة"،.. وعدم التفكير في ردة فعل الحكومة الدموية؟.

اما انه كان هناك تفاؤل وتوقعات أكبر بأن السلطة ستقدم استقالتها رضوخا واستجابة لمطالب الشعب الذي ملأ الشوارع والميادين والساحات، بتلك السرعة والسهولة، وعدم وجود خطط إذا حدث ذلك بالتوجه للسيطرة على المواقع المهمة والمراكز الحيوية في الدولة مثل وزارة الإعلام ومجلس الشعب ومجلس الوزراء وعلى المراكز الأمنية والمنافذ الجوية والبحرية والبرية.. لإعلان نجاح الثورة وكيفية التعامل مع الواقع الجديد، وأن الشعب رفع مستوى التفاؤل والقدرة على إسقاط العائلة الحاكمة عبر التظاهر السلمي فقط؟.

هل السبب تدخل دول الجوار لقمع الشعب ومساعدة ودعم العائلة الحاكمة عبر استخدام أبشع الأساليب القمعية والانتهاكات ضد الشعب؛ اعتقالات تعسفية وبالخصوص للقيادات والرموز وممارسة التعذيب والتحرش التي طالت الأطفال والنساء والشيوخ لكسر إرادة الشعب المحافظ السلمي؟.

هل السبب قيام الحكومة وعبر لجان وفرق بلطجية وفوضوية بإشراف حكومي لترهيب وتخويف الشعب بالاعتداء على الممتلكات والأعراض؛ لكسر إرادة الشعب وترهيبه؟.

هل السبب؛ عدم تغطية الإعلام العربي كقناة الجزيرة وغيرها، للثورة في البحرين وعدم تفاعل الشعب العربي بدعم شعب البحرين عبر برامج التواصل؟.

هل السبب؛ عدم تفاعل الشعب الخليجي مع شعب البحرين بأنه جزء من الشعب الخليجي الذي هو شعب واحد؟. اما السبب هو قيام الإعلام العربي بدور سلبي مضاد للثورة بتصنيف الثورة البحرينية بأنها طائفية شيعية قد تخلى الشعب العربي والخليجي عن الشعب البحريني الذي تعرض لاشرس أساليب القمع الدموي حيث سقط العديد من الشهداء، بالاضافة لتشويه وتزييف شعارات الثورة؟.

هل السبب؛ عدم تحرك المجتمع الدولي والدول الغربية التي ترفع شعار دعم الديمقراطية في العالم مثل أمريكا لدعم ومساندة شعب البحرين، أما ما حدث هو العكس إذ وقفت أمريكا مع تدخل القوات المسلحة الأجنبية السعودية لمواجهة شعب البحرين السلمي؟.

هل من الأسباب إستخدام العائلة الحاكمة القوة القمعية الدموية الوحشية والاعتقال والتعذيب والتشهير..، ونتيجة لذلك تراجع وضعف البعض، وجعل السلطات البحرين تزيد من القبضة الحديدية لكسر إرادة أكبر عدد من القيادات والمتظاهرين، حيث إن الحكومة تراهن على تعب واستسلام الشعب نتيجة ما تمارسه من قمع وحشي وحصار اقتصادي خانق؟.

تحية لكل من شارك في الثورة -ثورة فبراير- بالحضور والتظاهر أو من خلال التغطية الإعلامية أو بأي طريقة... تحية للمعتقلين والمعتقلات وخاصة القيادات والرموز فصمودهم هو أعظم سلاح ضد السلطة المستبدة والمفسدة والدموية التي هي سبب الثورة.

ورغم كل ما حدث من ملاحظات ساهمت في عدم تحقيق أهداف الثورة لغاية الآن، نريد التأكيد على تفاعل شعب البحرين الذي قدم تضحيات كبيرة: شهداء وجرحى وتعرض الآلاف للاعتقال التعسفي والتعذيب وبالخصوص صمود القادة والرموز؛ ان تضحيات وصمود الشعب البحراني ودماء الشهداء جعلت الثورة باقية صامدة قوية؛ تفضح كل الوسائل الإعلامية التي لم تغطي أحداث الثورة بانصاف ودعمها أو من قام بتزييف شعارات الثورة، وتعري الدول التي تتبجح باسم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان ولكنها تعاملت ب لا أرى لا اسمع لا اتكلم حول الثورة وما يتعرض له الشعب من إنتهاكات وحشية على يد السلطة المستبدة.

والأهم أنها عرت وفضحت العائلة الحاكمة في البحرين بأنها سلطة ضعيفة، تستمد القوة بجلب قوات عسكرية من خارج حدود البلاد وجلب مرتزقة من انحاء العالم؛ لقمع وقتل الشعب البحراني الأصيل، وبفضل تضحيات شعب البحرين تعرف العالم عن حقيقة ثورة شعب البحرين المقاوم وصمود القادة في سجون الاعتقال التعسفي الذي يقوم كل عقد من الزمن بثورة شعبية للمطالبة بحقوقه وتشييد وطن يمثل إرادة الأمة وما يقدمه من تضحيات رغم قمع السلطة الحاكمة وحملات التشويه الحكومية ضد الثورة والشعب الثائر، وذلك من خلال وسائل الإعلام الحديثة التي أجبرت على رصد ما يحدث في البحرين من ثورة شعبية وقمع وقتل حكومي ولو بخجل.

تحية لنساء البحرين "الحرائر" فدورهن عظيم في ‎فبراير الثورة كالرجل والشاب والطفل، بل أعظم فهي الأم التي تصنع الثوار، وقدمت تضحيات كبيرة، فهناك معتقلات تعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي والتحرش والقتل، وتحلت بالصبر والصمود رغم اعتقال الزوج والابن والأخ. ساعد الله أم الشهداء والمعتقلين والمعتقلات الأبرياء. المرأة الواعية الصابرة والصامدة قادرة على صناعة جيل جديد من الثوار.

حتما تلك أسباب وهناك أسباب أخرى كثيرة قد ساهمت في عدم تحقيق أهداف الحراك والثورة الشعبية السلمية بإقامة نظام ديمقراطي حسب إرادة الشعب لكي ينعم الجميع بالعدالة والحرية والكرامة والتعددية والسلام خلال العشر سنوات الماضية، حسب دستور يمثل إرادة الشعب لا مزاج الحاكم وعائلته.

ما هي الأسباب من وجهة نظرك؟.

اضف تعليق