على الرغم من تفشي وباء كورونا المستجد في الهند، التي أصبحت مركز الإسلاموفوبيا في آسيا، تتواصل ممارسة الضغوط والاضطهاد ضد المسلمين، كثيرا ما تثير الهند الجدل بخطابها المعادي بشدة للإسلام، وجرائم الكراهية، وانتهاك الحقوق الذي تتبعه ضد المسلمين، وفاقم تفشي وباء كورونا من ممارسات الشرطة الهندية....
على الرغم من تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد - 19) في الهند، التي أصبحت مركز الإسلاموفوبيا في آسيا، تتواصل ممارسة الضغوط والاضطهاد ضد المسلمين، كثيرا ما تثير الهند الجدل بخطابها المعادي بشدة للإسلام، وجرائم الكراهية، وانتهاك الحقوق الذي تتبعه ضد المسلمين، وفاقم تفشي وباء كورونا من ممارسات الشرطة الهندية ضد الطلاب والناشطين ممن شاركوا في مظاهرات دامت لشهور ضد قانون المواطنة الذي تم تعديله أواخر 2019، وفي الوقت الذي تسعى فيه دول العالم لإخلاء السجون بسبب انتشار هذا الوباء، تعمل الحكومة الهندية على ملء سجونها بكل من يعارضها بالقول أو العمل.
ووفقًا لخبر منشور على موقع "Newsclick" في الهند، فقد تم اعتقال عدد من الصحفيين والناشطين والطلاب المسلمين، أو اتخاذ "إجراءات قانونية" ضدهم من قبل الشرطة بموجب "قانون منع الأنشطة غير القانونية" (UAPA )، بدءا من مطلع أبريل/ نيسان الماضي، وكانت السلطات الهندية قد فرضت حظر التجوال في البلاد، في 25 مارس الماضي بسبب تفشي وباء كورونا.
المسلمون يُذبحون في الهند والعالم لا يبالي
اتهم كاتب بريطاني المجتمع الدولي بالتثاقل في إدانة المذبحة التي تعرض لها المسلمون في الهند، فبينما كان المسلمون يُقتلون في الهند، بدا العالم متثاقلا في إدانة أعمال العنف التي شهدتها العاصمة نيودلهي، على حد تعبير باتريك كوبيرن في مقاله بصحيفة إندبندنت البريطانية، وعقد الصحفي المتخصص بحروب الشرق الأوسط مقارنة بين مذبحة نيودلهي في 23 فبراير/شباط 2020 وأعمال العنف التي حدثت بحق اليهود في 9 و10 نوفمبر/تشرين الثاني 1938 في كل ألمانيا والنمسا المحتلة ومناطق في تشيكوسلوفاكيا المحتلة من قبل القوات الألمانية.
لم يشغلهم "كورونا" جرائم وحشية ضد مسلمي "نيودلهي"
في قلب العاصمة الهندية لا حديث يعلو فوق حديث الخناجر ولا مفر من أنهار دماء المسلمين على يد الهندوس، تحت مرأى من قوات الأمن الهندية، وهو ما كشفت تفاصيله صحيفة الأوبزرفر البريطانية في مقال لـ"كنان مالك"، الذي وصف العنف الذي تشهده العاصمة الهندية بوحشية تستهدف المسلمين ليس اضطرابا أمنيا، كانت شرارة هذه الاشتباكات قانون الجنسية المثير للجدل الذي يقول المسلمون إنه مجحف بحقهم، عندما اعتمد البرلمان الهندي في ديسمبر 2019 قانونا جديدا يقضي بمنح الجنسية لأبناء الأقليات التي تعاني الاضطهاد الديني في 3 دول مجاورة هي: بنجلاديش وباكستان وأفغانستان، ويشترط لذلك أن يكونوا قد دخلوا الهند قبل 31 ديسمبر 2014، وألا يكونوا من المسلمين.
ويحمل الكاتب مسؤولية الدماء التي تراق في شوارع الهند للحزب القومي الهندوسي وأيديولوجيته، التي يصفها بأنها خبيثة، قائلا: "إن ما شهدته دلهي في الأسابيع الماضية هو عنف يستهدف المسلمين على يد عصابات قومية هندوسية، أغلب عناصرها من أنصار الحزب الحاكم في البلاد، والذين كانوا يرددون شعارات طالمجد للإله راما، والهند للهندوس" كانت أعمال العنف قد بدأت بعد تصريح أدلى به مسؤول في الحزب الحاكم، يُدعى كابيل ميشرا، في تجمع شعبي، قال فيه إنه إذا لم تتدخل الشرطة لإخلاء الشوارع من المتظاهرين ضد قانون الجنسية، فإنه وأنصاره سيقومون بالمهمة، وبعد ساعات من تصريح ميشرا، بدأت هذه العصابات في مهاجمة المتظاهرين، وبعد أيام بدأوا في حرق بيوت ومتاجر المسلمين ومساجدهم وقتل من المسلمين 50 شخصا، بحسب مصادر أمنية، وتعرض بعض الهندوس لهجمات وحرقت بيوتهم ومتاجرهم، وهو ما دعا البعض إلى الحديث عن انفلات أمني، ومنهم من نسب العنف للمسلمين، أن ما يجري في الهند ليس نزاعا دينيا بين الهندوس والمسلمين، وإنما هو صراع سياسي بين تصورين مختلفين لما ينبغي أن تكون عليه الهند. تصور يريد بلادا منفتحة علمانية، وآخر يريدها بلادا هندوسية منغلقة.
اتهامات لمودي بتحويل الهند إلى بلد هندوسي
كانت أعمال العنف التي شهدتها الهند للمرة الثانية في الحياة السياسية لمودي، وفي عام 2002، عندما كان رئيساً لوزراء ولاية غوجارات، قُتل أكثر من 000 1 شخص، معظمهم من المسلمين، في ثلاثة أيام من أعمال الشغب، وبرأت لجنة عينتها المحكمة مودي من تورطه في أعمال العنف، وفي غياب حماية الشرطة، ذكرت صحيفة الغارديان أن بعض الهندوس يقومون بدوريات في المناطق الإسلامية لحماية السكان من العصابات ويرحبون بالمسلمين في منازلهم لحمايته وعزز القانون مخاوف الأقلية المسلمة التي تعد 200 مليون نسمة من أصل 1,3 مليار نسمة في الهند، من تحويل المسلمين إلى مواطنين درجة ثانية في بلد يشكل فيه الهندوس نسبة 80 في المئة من السكان، ويعيش في السنوات الأخيرة توتراً سياسياً ودينياً.
ويتهم معارضو ناريندرا مودي رئيس الوزراء بأنه يريد تحويل الهند العلمانية إلى بلد هندوسي بشكل كامل ويشير خصومه خصوصاً بأصابع الاتهام إلى الخطاب الناري الذي اعتمده مسؤولو حزبه خلال الحملة الانتخابية المحلية في دلهي مطلع العام، ووصف مسؤولون من حزب "بهاراتيا جاناتا" المتظاهرين ضد قانون الجنسية بأنهم "جهاديين"، ودعا بعضهم إلى حبسهم أو قتلهم، وانتقد قاضٍ في المحكمة العليا في دلهي بشدة الشرطة، ودعاها إلى التحقيق بالمسؤولين في حزب "بهارتيا جاناتا" المتهمين بتأجيج الكراهية ونقل هذا القاضي ليلاً إلى محكمة في ولاية أخرى، ما أثار جدلاً شديداً، واعتبر المفكر المعروف براتاب بهانو ميهتا في مقال نشر في صحيفة "إنديان إكسبرس" أن "لا شك أن الدولة كانت قادرة على وقف العنف بشكل أسرع إذا ما أرادت"، معرباً عن قلقه من أن يكون ذلك "تمهيداً لمجزرة، أو على الأقل عزل" للمسلمين في الهند.
هندوتفا: تغذية التطرف بالفن
"كل بيت سيكون زعفران".. تصيح المغنية لاكسمي دوبي التي توهب حياتها لصيانة القومية الهندوسية، وتدعم حزب بهاراتيا جاناتا باستخدام موسيقى البوب هندوتفا، ولهذا تزين خلفيات أغانيها دائمًا بألوان تمثل الهندوسية وتصيح بمنتهى القوة: علينا أن نجعل الإرهابيين يهربون من أرضنا المباركة" تعتبر دوبي واحدة من أشهر نجوم الهند الذين يدافعون بقوة عن استمرار صعود موسيقى البوب هندوتفا، وخاصة بعدما التف حولها الهندوس، بعض النظر عما أحدثته من جدل في الأوساط العالمية خلال السنوات القليلة الماضية بسبب تسويقها للتطرف، وتبلغ من العمر 30 عامًا وتؤمن بالتفوق الهندوسي، وتقول إن مشاعر الغضب ضد المسلمين تكاثرت عندها بسبب معايشتها لتصرفات الجماعات الدينية المتطرفة التي خربت كثيرًا في الهند وارتكبت مجازر ضد الهندوس، وكان ذلك بداية تشكيل اعتقادها أن المسلمين يخططون للسيطرة على الهند.
انخرطت لاكسمي في حملات تناهض زواج المسلمين من الهنديات الهندوسيات، فهي من وجهة نظرها حيلة لتحويل أكبر عدد ممكن من الهندوس للإسلام، لا سيما أن منطق الزواج ليس متبادلًا، ولا تقدم المسلمات في المقابل على الزواج من غير مسلم بسبب أحكام الشريعة الإسلامية التي ترفض زواج المسلمة من غير مسلم، وهي ثغرة تنفذ منها الدعاية الهندوسية لإثبات سوء نية المسلمين وعقائدهم، وجدت لاكسمي شعبية كبرى بعد أن وصل رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى السلطة عام 2014، وأصبحت المغنية الشابة المقصد الأول لمسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا، خلال حملات الترويج المكثفة لـ"الهندوتفا"، التي أخذت طابعًا وجوديًا ومسألة حياة أو موت للأمة الهندوسية خلال السنوات القليلة الماضية في شعارات الحزب الحاكم.
حملات إعدام بحق المسلمين
تستخدم السلطات الهندية القانون ضد أصغر الأخطاء للمسلمين في البلاد، ويتحول إلى حملات عداء واستهداف في وسائل التواصل الاجتماعي وفي العلاقات الاجتماعية، وبعد ما نشرته صحف ووسائل إعلام وسياسيون عن أن المسلمين ينشرون فيروس كورونا في الهند، اشتعلت أحداث عنف وكراهية ضد المسلمين في مناطق كثيرة من البلاد، ويتم تهميش المسلمين ولا يستقبلون في الأسواق والصيدليات والمستشفيات.
كما واجه المسلمون خطابات التحريض والكراهية إثر اكتشاف حالات مصابة بفيروس كورونا بين أشخاص شاركوا في فعاليات نظمتها جماعة التبليغ (إسلامية) في العاصمة نيو دلهي في الأول من شهر مارس قبل إعلان فرض حظر التجوال في البلاد، واستمر استهداف المسلمين على يد الأشخاص والمؤسسات الموالية للحكومة ومن بينها القنوات التلفزيونية ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والكتاب والصحفيون.
اضف تعليق