دكار (رويترز) - قالت المنظمة الدولية للهجرة يوم الجمعة إن عدد المهاجرين الذين يلقون حتفهم من الجوع والعطش في الصحراء الافريقية يماثل على أقل تقدير عدد من غرق منهم في البحر المتوسط خلال موجة هائلة لتهريب البشر من ليبيا الى اوروبا هذا العام.
وقال مكتب المنظمة في النيجر إن عدد من يسافرون عبر صحراء النيجر الشاسعة للوصول الى شمال افريقيا واوروبا يمكن أن يتجاوز المثلين هذا العام ليصل الى 100 الف. وكثيرا ما يتعرض المهاجرون لإساءة المعاملة من جانب مهربي البشر الذين يتركونهم ليموتوا في الصحراء اذا نفدت أموالهم.
وعبر اكثر من 170 الف مهاجر البحر المتوسط الى ايطاليا العام الماضي وغرق اكثر من ثلاثة آلاف. ومع تزايد أعداد من يحاولون العبور هذا العام تتوقع المنظمة زيادة كبيرة في أعداد من يلقون حتفهم في هذه الرحلة الخطيرة.
وأثارت القضية قلقا شديدا في اوروبا الشهر الماضي بعد أن غرق اكثر من 800 شخص حين انقلب قارب صيد في أسوأ كارثة من نوعها.
واستفادت عصابات التهريب من الانفلات الأمني في ليبيا لتنقل عشرات الآلاف إلى اوروبا في زوارق متهالكة. ويصل المهاجرون في البداية الى ليبيا من مختلف أنحاء افريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط.
ومدينة اجاديز في النيجر واحدة من نقاط العبور الرئيسية للمهاجرين في الصحراء الذين يغادرون دول غرب افريقيا الفقيرة متجهين الى شمال افريقيا ثم اوروبا.
وقال جوسيب لوبريت رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في النيجر "ليبيا باب مفتوح... في عام 2015 نقدر أن 100 الف مهاجر سيعبرون عن طريق النيجر اي تقريبا مثلي العدد العام الماضي."
وقال لوبريت إن النيجر لا تستطيع ان تفعل الكثير لوقف تدفق المهاجرين لأن كثيرين يتوافدون من دول أعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) مثل نيجيريا ومالي وجامبيا والسنغال وهو ما يسمح بحرية الحركة بين الدول الأعضاء وعددها 15.
ووفقا لأحدث الأرقام التي صدرت عن المنظمة فإن ما يقدر بنحو 38 الف مهاجر عبروا الى ايطاليا بين يناير كانون الثاني ومنتصف مايو ايار وتأتي الأعداد الأكبر من اريتريا والصومال ونيجيريا يليها جامبيا وسوريا والسنغال ومالي. ويشهد فصل الصيف الذي بدأ مؤخرا ذروة عبور المهاجرين للبحر.
وتقدر المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة العالمية المنظمة أن حجم "تجارة" تهريب المهاجرين في ليبيا ربما يتجاوز 300 مليون دولار في العام.
* أقفاص في الصحراء
وقالت اداما دياو (30 عاما) وهي سنغالية هاجرت الى الجزائر عام 2008 مع زوجها على أمل الوصول الى اوروبا لكنها ستعود الى بلادها بدونه "في الصحراء هناك الكثير من المشاكل."
وأضافت في مركز للمهاجرين تابع للمنظمة الدولية للهجرة في نيامي عاصمة النيجر "يحبسون الناس في أقفاص... ثلاثة أو أربعة أشخاص لأيام الى أن تصبح لا تدري إن كانوا قد ماتوا. اذا ماتوا يحرقون الجثث."
وقال لوبريت إن المهربين في بعض الأحيان يحبسون المهاجرين ويجبرون عائلاتهم على سداد مبالغ مالية للإفراج عنهم.
واضطر مهاجرون لدفع أموال ليس للمهربين وحسب بل ودفعوا رشا لمسؤولين أمنيين على طول الطريق.
وقال لوبريت "حين تنفد أموالهم يتركون... الناس يموتون في الصحراء بقدر ما يموتون في البحر. في الحقيقة سأندهش لو لم يكن عددهم اكبر ممن يلقون حتفهم في البحر المتوسط."
وقال لوبريت إن بعثة للمنظمة الدولية للهجرة مؤخرا الى بلدة ديركو الشمالية أنقذت 85 مهاجرا قالوا إن مهربين تركوهم في الصحراء بعد أن نفد مالهم. واحتموا تحت الشجيرات وعلى الرمال أملا في أن يأتي من ينقذهم.
ووعدت النيجر باتخاذ إجراءات صارمة بعد أن مات 92 مهاجرا من الجوع والعطش في الصحراء في اكتوبر تشرين الاول 2013 عندما تركهم مهربون كانوا يصطحبونهم الى الجزائر. وأظهر تحقيق أجرته رويترز العام الماضي استمرار التهريب بمباركة ضمنية من مسؤولين محليين.
وقال لوبريت إن الشبان الذين ينتظرون في اجاديز وغيرها من البلدات الصحراوية معرضون لخطر أن تجندهم جماعات إسلامية متشددة في الصحراء الافريقية.
وأضاف "وقف تدفق هؤلاء المهاجرين على الحدود سيسبب المزيد من المشكلات" مضيفا أن المشكلة الحقيقية هي قلة فرص العمل في بلادهم.
وقال "نحتاج الى تمويل برامج تنمية على مستوى المجتمعات حتى لا يكون هناك هذا الحافز لمحاولة الهجرة."
وقال لوبريت إن المنظمة الدولية للهجرة تطلق برامج بتمويل من الاتحاد الأوروبي لتوعية المهاجرين بمخاطر الرحلة والصعوبات المحيطة بالحياة في اوروبا بالاستعانة ببرامج إذاعية واستضافة مهاجرين سابقين للحديث معهم.
وقال لوبريت "المهربون يقولون لهم إن المسافة من ليبيا الى الساحل الايطالي لا تتجاوز 15 كيلومترا لكنها تصل إلى 300."
اضف تعليق