q
{ }
إنسانيات - حقوق

مركز آدم ناقش حق استرداد السيادة الشعبية

ملتقى النبأ الأسبوعي

ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات ضمن ملتقى النبأ الأسبوعي (استرداد السيادة الشعبية)، ماذا نقصد بالسيادة التي تسترد ومن هو صاحب هذه السيادة ومن هو الذي سوف يستردها وما هي الطرق والوسائل التي من خلال يمكن أن نسترد السيادة من المسؤولين العراقيين وهذا ما...

ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات ضمن ملتقى النبأ الأسبوعي الذي تستضيفه مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في مقرها بمدينة كربلاء المقدسة، حلقته النقاشية الموسومة (استرداد السيادة الشعبية)، وذلك في تمام الساعة العاشرة والنصف صباح يوم السبت الموافق (5/10/2019) بمشاركة مجموعة من الشخصيات الأكاديمية والقانونية ومدراء المراكز البحثية.

 افتتح الجلسة الحقوقي احمد جويد، مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، حيث أورد بيانا مقتضبا حول التظاهرات الأخيرة التي حصلت في أغلب مدن العراق، علما أن سبب تأخير نشر بيان يعود لأسباب فنية تتعلق بقطع الانترنيت من قبل السلطات الحكومية، لذلك فان مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات يستنكر تلك الأساليب غير المسؤولية من قبل الحكومة باستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين.

 لاسيما وان جميع القوانين الوضعية وبما فيها الدستور العراقي يبيح للمواطن العراقي أن يعبر عن رأيه وبشكل سلمي وحر، وأن له حق التظاهر وحق الاحتجاج وحق المطالبة بجميع حقوقه، ما شهدناه في الأيام السابقة هو وصمة عار في جبين جميع الأحزاب السياسية التي شاركت في تشكيل الحكومة، وفي جبين الحكومة بالذات لأنها تعاملت باسلوب دكتاتوري وقمعي محض، ضد أولئك الشباب الذين طالبوا بحقوقهم المشروعة.

وللوقوف على تفاصيل تلك القضية اعد الورقة البحثية الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، الباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، ورقة بحثية تناول من خلالها موضوع (استرداد السيادة الشعبية):

خارطة طريق لاسترداد السيادة

"بمناسبة التظاهرات التي انطلقت في عموم العراق منذ يوم الثلاثاء الماضي للمطالبة بالإصلاح ونبذ الفساد الذي نخر جسد الدولة العراقية، ناهيك عن المطالب الأخرى التي تتعلق بالخدمات وغيرها، في البدء لابد أن نضع خارطة طريق لشرح حيثيات وتفاصيل مفهوم استرداد السيادة الشعبية، فماذا نقصد بالسيادة التي تسترد؟، ومن هو صاحب هذه السيادة؟، ومن هو الذي سوف يستردها؟، وما هي الطرق والوسائل التي من خلال يمكن أن نسترد السيادة من المسؤولين العراقيين أو غيرهم؟، وهذا ما حاولنا الولوج إليه من خلال الأسئلة التي سوف تطرح عند انتهاء الورقة".

استرداد السيادة

"من الواضح والجلي أن الشعب هو مصدر السلطات أو انه السلطة التأسيسية العليا، وذلك على اعتبار أن الشعب هو من يضع أسس الدولة، وهو من يختار بمحض إرادته الانتقال لحالة الدولة، ويختار شكل هذه الدولة، ونظام الحكم في الدولة، ويفوض الحكام ممارسة السلطة نيابة عنه، وبحسب النظام الديمقراطي الذي سيتبع في هذا البلد أو ذاك، وهذا ما تلاعب فيه دور كبير العوامل الاجتماعية والثقافية والتاريخية، فنجد أن هناك دول ضاربة في الديمقراطية وتنقلت بين أنواع الديمقراطية حتى استقرت على نوع معين، أو نمط معين من الديمقراطيات".

"والعراق بطبيعة الحال ليس استثناء فمن بعد تجربة امتدت لمدة (16) عام، من بعد التغيير السياسي الشامل الذي حصل في العام (2003)، أيضا تنقل في أفنية الديمقراطية النيابية بين هنا وهنا، لذلك نحن نقصد أن الشعب هو صاحب السيادة كما يفترض، ونذكر أن أساس تلك المقولة يعود لجملة من الفلاسفة من مثل..(مونتسكيو / جان جاك روسو / ديكيه) امتدادا للفقه الحديث، حيث ركز على مسالة الفصل بين السلطات، وكيفية التعامل مع النظام الديمقراطي، وهل يتم اختيار النموذج المباشر ام شبة المباشر أم الديمقراطية النيابية ام غيرها".

"وهنا عندما نعود لكتابات (روسو) نجد انه يركز على أن الشعب هو مالك السيادة، حتى في كتابه (العقد الاجتماعي) يضع فيه عبارة يقول فيها (لو افترضنا أن الشعب عبارة عن ألف شخص فالسيادة تجزأ إلى ألف جزء وكل فردا يملك جزاءً من هذه الألف)، وبالتالي هو عندما يختار حاكم يمنحه تفويض بممارسة هذا الجزء نيابة عنه، فهنا جرى النقاش هل يستطيع الشعب استرداد هذه السيادة ام لا يستطيع استرداد هذه السيادة، وهذا هو أصل التسمية".

"علما إننا لا نقصد السيادة التي نعني بها السيادة التي تعود للدولة، فنحن عندما نقرأ في الدستور العراقي وفي المادة الأولى (أن العراق دولة واحدة ذات سيادة كاملة)، هناك نقصد سيادة الدولة أي سيادتها على إقليمها الجوي والمائي والأرضي، وهذه السيادة هي عبارة عن صفة تلحق السلطة السياسية، التي هي الركن الثالث من أركان الدولة وهي (إقليم/ شعب/ سلطة سياسية)، فالسلطة السياسية صفه من صفاتها ينبغي ان تتحلى بالسيادة، وهذه السيادة لها خصائص وهي على النحو التالي..(الأصالة / السمو / الديمومة / الوحدة)".

 "أي أن هذه السيادة أصيلة ولا تستمد من جهة أجنبية أو خارجية، لذلك الكثير من الفقه يناقش مسألة تدخل الدول في أعداد الدستور والاعتراف بالدول وإنشاء الدول وشق بعض الدول إلى شطرين أو ما إلى ذلك، وذلك على اعتبار انه يمثل اعتداء على سيادة دولة أخرى، خصوصا وأن السيادة سامية على الجميع ولها مظهران مظهر ايجابي وآخر سلبي، المظهر السلبي هو عبارة عن عدم الخضوع لأي قانون سوى القانون الذي تضعه الدولة لذاتها، اما بالنسبة للمظهر الايجابي فهو يمثل السيادة لهذا الإقليم، وإمكانية أن تضع قواعدها القانونية وما إلى ذلك من التفاصيل الطويلة التي لا نريد الخوض فيها مطولا، لأنها سوف تقودنا للنمط المعروف لدى الناس وهي السيادة التي تتبع الدولة، وهذا ليس محور حديثنا باعتبار إننا نتكلم عن الشعب وعن السيادة الشعبية".

 "والتي هي السلطة التأسيسية أو الشرعية التي تسبغ من قبل الشعب على الحاكم وعلى السلطة الحاكمة، أو على الهيئات العامة في الدولة وعلى رأسها الهيئة التشريعية والهيئة التنفيذية، فلو أخذنا مثالا على ذلك الدستور العراقي لعام (2005)، فعندما يتكلم المشرع الدستوري في المادة (الخامسة)(عن سيادة القانون والشعب هو مصدر السلطات وشرعيتها ويمارسها من خلال الوسائل الديمقراطية التي تتمثل بالاقتراع العام السري المباشر)، أيضا المادة (السادسة) أوردت حقيقة (التداول السلمي للسلطة)، والتداول السلمي يتم من خلال المؤسسات الدستورية التي أنشأها دستور (2005)".

 "فكلامنا يدور حول السيادة الشعبية أو في الشرعية التي يسبغها الشعب على السلطات العامة وعلى الحكام، حتى يمارسوا السلطة على الشعب وباسم الشعب، علما ان الفحوى من هذا القول ان الشعب هو عبارة عن مجموعة من الناس، لذا لابد من إسباغ نوع من النظام القانوني عليهم من خلال الاعتراف لهم بالشخصية المعنوية، والشخصية المعنوية نعني بها الدولة، فالدولة لها شخصية معنوية وهي مكونة من مجموع الشعب، فهذه الشخصية المعنوية ليس لها لسان ويد تبطش بها، فتحتاج إلى من يمثلها وينطق باسمها ويتصرف لحسابها ويرعى مصالحها، وليس لذلك الا الحكام أو الهيئات العامة".

 "فهنا الشعب لابد أن يمنح السيادة التي يملكها او يمنح تفويضا أو يمنح هؤلاء الشرعية بنحو معين وبحسب الطريقة التي يتبعها، وللتذكير فقط أن الديمقراطية المباشرة هي غير مطبقة الا في بعض الكانتونات الصغيرة في جبال سويسرا، وهناك الديمقراطية شبه المباشرة المطبقة في سويسرا نفسها في دستور (1874) ودستور عام (1999) النافذ عام (2002)، التي تتجلى فيها إرادة الشعب بوضوح من خلال الاقتراع الشعبي والحل الشعبي والاعتراض الشعبي وإلى أخره من الإجراءات، التي يمكن من خلالها جمع تواقيع (100) ألف مواطن لاقتراح مشروع قانون، وأيضا يمكن جمع تواقيع (100) ألف مواطن للاعتراض على مشروع قانون، وهذه مسالة نظمها المشرع الدستوري السويسري بشكل متقن، من خلال هذين الدستورين".

 "فالعراق اختار الخيار الثالث وهو الديمقراطية النيابية، وهذه الديمقراطية تقتضي منا أن نختار نواب عن الشعب كي يمارسوا السلطة والسيادة نيابة عن الشعب ولمدة محددة، والسبب لأن أركان هذا النظام النيابي تتجلى بوجود هيئة منتخبة نيابة عن الشعب تتمتع بصلاحيات حقيقية، الركن الثاني هو توقيت مدة النيابة من (4/ 6) سنوات، اما الركن الثالث هو الفصل بين النائب وناخبيه خلال تلك المدة، الا من خلال وسائل ضغط شعبية غير مباشرة، علما أن النائب المنتخب في البرلمان العراقي ومهما كان انتماءه الديني والقومي والطائفي، سوف يمثل الأمة العراقية بجميع تكويناتها، وهو لا يمثل الدائرة الانتخابية التي جاء منها".

 "من هنا نقول اذا أن العلاقة بين الناخب والنائب غير واضحة المعالم، والسبب لان الديمقراطية النيابية طبقت في العديد من الدول فلعبة المذاهب الفلسفية الدور في إنضاجها، فنجد الدول التي ساد فيها المذهب الفردي أو الرأسمالي كان لها شكل ولون معين، وفي الدول التي مالت أو تميل نحو النمط الاشتراكي نجد هذه الديمقراطية مختلفة تماما عنها في تطبيقاتها، وكذلك في الدول التي أخذت طريقا وسطا يحلو للبعض أن يسميه المذهب الاجتماعي، وهذا المذهب غير موجود إلا في مخيلة البعض، بل هناك أفكار لبعض ألفلاسفة من أمثال ألفقيد (ديكيه) الذي يتبنى مسالة الدفاع الاجتماعي و (وروسو) وغيرهم من الفلاسفة الفرنسيين المحدثين".

 "ما نريد أن نقوله أن فكرة السيادة ارتبطت بشرعية سلطة الدولة، بعبارة ثانية بشرعية سلطة الهيئات العامة، أي أن هذه الهيئات هل هي شرعية في تكوينها؟، وهل هي شرعية في ممارستها، وهل هذه الشرعية التي تسبغ في التأسيس تستمر بالضرورة؟ ام ممكن أن تسحب في يوم من الأيام وفي لحظة من اللحظات، وما هي الأسباب التي قد تؤدي إلى سحب هذه الشرعية أي استرداد السيادة الشعبية؟، وهل يختلف هذا الأمر من دولة إلى أخرى، وما هو تطبيقه في العراق..

العلاقة بين النائب والناخب

"هنا ثمة نظريتان لعبت دور كبير وهما..(نظرية سيادة الأمة) و(نظرية سيادة الشعب)، النظرية الأولى سادت بعد الثورة ألفرنسية تأثرا بأفكار الفقيه..(مونتوسكيو/روسو)، وهذه النظرية تعمد إلى انه السيادة تكون للأمة أي لمجموع الشعب وليس للأفراد، وبالتالي العلاقة بين الناخبين والنواب تكون ليست علاقة مباشرة، وإنما سوف يطبق الكلام الورد سابقا حيث ينظر للانتخاب على انه وظيفة وليس حقا، لذلك الناس مجبورون على الانتخاب أولا، وهناك قيود قد تفرض على الناخب فنشترط فيه ثروة معينة أو تعليم معين أو مسالة محددة، وذلك حتى يدرج اسمه في سجل الناخبين او لا يدرج، وهذا ما طبق في الدستور الفرنسي للعام (1791) ميلادية، واستمر هذا الكلام حتى دستور عام (1946) بعد التحرير من ألمانيا وانتهاء الحرب العالمية الثانية، بقى الفقه الدستوري واللجنة شكلت لوضع الدستور مختلفة حول هل يتبنون (نظرية سيادة الأمة) ام (نظرية سيادة الشعب)".

 "على الجانب الآخر (نظرية سيادة الشعب) تنظر إلى تقسيم السيادة على الشعب، وأن كل شخص يمتلك جزء من السيادة، وبالتالي الانتخاب سوف يكون حق ولا يكون وظيفة، ولا يمكن الا أن نطبق الاقتراع العام، الذي لا يشترط في الناخب كمية شروط تعجيزية إلا الشروط التنظيمية، وهي تتعلق بالسن أو الجنسية أو ما شاكل من الأمور ذات العلاقة، لذلك عندما نأتي للحالة العراقية وأي الأسلوبين هو يعتمد، نجد أن العراق مازج بين الأمرين أي بين (نظرية سيادة الأمة) و(نظرية سيادة الشعب)، لأنه تكلم عن مجلس النواب العراقي (وانه يتكون من مجموعة من الأعضاء بنسبة واحد نائب عن كل (100) ألف نسمه، وهم يمثلون الشعب العراقي".

"فلما اورد تلك العبارة اخذ من بعض مبادئ (نظرية سيادة الأمة) ومن بعض مبادئ (نظرية سيادة الشعب)، لان في المادة (الخامسة) تكلم صراحة (إن الاقتراع هو اقتراع عام وليس مقيد)، اذا العراق مازج بين النظريتين، لهذا الفقه الدستوري لما يريد أن يقول هل يستطيع الناخب أن يسترد السيادة أم لا يستطيع أن يسترد السيادة؟، هنا نأتي لتطبيق هاتين النظريتين فهل الشعب هو السيد ام الأمة هي السيد؟، وفق المادة (الخامسة) الشعب هو السيد، لكن وفق المادة (49) الأمة هي السيد، على اعتبار أن النائب يمثل مجموع الشعب العراقي".

 "لذلك هو غير ملزم بتقديم أي تبرير لدائرته الانتخابية عن فشلة في تمثيل إرادة الناخبين والدائرة الانتخابية، بالتالي نجد الدستور العراقي وقع في إشكالية حقيقية في صياغته وفي تمكين الناخب من مسالة المرشح، الذي سيفوز بثقة هذه الدائرة أو تلك، كذلك نجد الانفصال الحقيقي بين الناخب والنائب بعد الفوز بالانتخابات، لان النائب مطمئن على سلامة موقفه خلال اربعة سنوات آتية سوف يقضيها في البرلمان دون حسيب او رقيب، لذلك المسألة ضبابية في العراق ويعتريها الكثير من الضبابية والاشكاليات".

"وهذا يرجع لضياع الهوية في الدستور العراقي لعام (2005)، لأننا لو كنا نميل إلى المذهب الفلسفي الفردي، لكنا نقدس الفرد على حساب الجماعة، ولو كنا نميل للمذهب الاشتراكي، لكنا نقدس الجماعة على حساب الفرد، ولو كنا نميل للمذهب الاجتماعي الذي يوازن بين الاثنين، لكنا قد حصلنا على ما نريد، ولكن ما حصل في دستور عام (2005) انه لم يميل نحو المذهب الفردي الذي تبناه في المادة (الأولى والخامسة) وغيرها من المواد، ولا مال نحو المذهب الاشتراكي الذي كان مطبقا في دستور عام (1970) وما سبقه من دساتير، ولا مال نحو مذهب اجتماعي معروف وفلسفة معروفة في الموازنة بين الفرد والجماعة والمجتمع".

"ففي خطابات النظام السابق على سبيل المثال كنا نستشعر اللهجة القومية فيفنى الشعب عن بكرة أبيه ليبقى الحاكم أو الدكتاتور أو الدولة، وكأنما الدولة هي الغاية وليس الشعب، واليوم أيضا نسمع ذات الخطاب عند بعض القادة العراقيين حيث يقولون (نحن أمام خيار الدولة أو اللادولة)، وهنا يركز على ذات الحقيقة التي نطق بها النظام السابق فالغاية هي بقاء الدولة وليفنى الشعب كله، علما أن الغاية الأكيدة هي إسعاد الشعب وعلو كرامة الإنسان، فلو اخذنا بالفلسفة الإسلامية نجد أن الإسلام رفع من كرامة الإنسان من خلال نصوص كثيرة (لا اكراه في الدين) و(كرمنا بني ادم) وغيرها من السور والآيات القرآنية".

"لكن من الغريب بمكان أن بعض القادة العراقيين وهم من خلفية إسلامية ينظرون للدولة وللنظام السياسي والعملية السياسية على انها مقدسة وهي الغاية، وهذه إشكالية بحد ذاتها فالرسول الكريم (ص) حينما يتحدث (عن حرمة المؤمن عند الله سبحانه وتعالى أعظم من حرمة الكعبة)، لكننا بالمقابل نتكلم عن حرمة العملية السياسية على انها أعظم من حرمة الشعب العراقي بأكمله، لذلك نقول ما هي الوسائل التي يمكن أن نسترد بها السيادة والتي نص عليها دستور عام (2005)، ففي المادة (20) من دستور عام (2005) نصت على التالي (انه للمواطنين رجالا ونساء المشاركة في الشأن العام)، وهذا نص لا يقبل الجدل والخلاف عليه، وكذلك يتمتعون (بالحقوق السياسية) ومن ضمنها.. (الانتخابات/التصويت/الترشيح)".

 "فنقول أن المشاركة بالشأن العام كيف تكون وهي مضمونة لي كمواطن عراقي، وليس من حقي التظاهر والاحتجاج اذا كانت سياسة الحكومة فاشلة في هذا الملف أو ذاك، وكيف اتهم بالعديد من التهم المنافية للروح الوطنية أو الميول لجهات أجنبية أو للنظام البعثي، وذلك لمجرد اني اعترضت على سياسة حكومية أو فشل برلماني، علما ان كل عمل البرلمان هو محل شك وريبة وعلامات استفهام غريبة وعجيبة، الأمر الآخر أن الدستور حدد ثلاثة طرق وهي..

الوسيلة الأولى: الانتخابات/ فعندما يأتي استحقاق انتخابي يستطيع الشعب أن يسترد السيادة من المرشحين الذين فشلوا في تحقيق تطلعات الشعب.

الوسيلة الثانية: التصويت/ فهل الدستور فيه لهو حتى نقول أن الانتخاب هو التصويت، إذا التصويت يعني به الاستفتاءات الشعبية، على مشاريع القوانين وعلى سياسات حكومية وعلى خطط وبرامج، فيمكن لرئيس الوزراء وللبرلمان العراقي أن يطرح مسالة الاستفتاءات الشعبية، فيمكن للبرلمان العراقي الآن أن يعرض بعض المسائل على الاستفتاء الشعبي، ومن خلال هذا الاستفتاء ممكن أن نسترد السيادة.

الوسيلة الثالثة: القضائية/ فعندما نأتي للمادة (92/ 93) من دستور عام (2005) التي نظمت المحكمة الاتحادية العليا، وكانت واحدة من اختصاصاتها النظر في التهم الموجهة لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء، فهنا يمكن للشعب أن يتحرك قضائيا لكي يسترد السيادة من ممثليه في السلطة التنفيذية ممن فشلوا في تحقيق تطلعاته، بمعنى أدق حينما يرتكب احد الوزراء جريمة ترقى على مستوى الخيانة العظمى أو انتهاك الدستور، بالتالي عندما يمكن هذا الوزير او ذاك الاقتصاد الإقليمي من الاقتصاد العراقي هذه تعتبر جريمة عظمى، وهي تحتاج لجرأة كي يرفع دعوة أمام المحكمة الاتحادية العليا، لكن الدستور العراقي علق هذا الأمر على صدور قانون، وهذا غير متوفر إلى الآن بفعل المناكفات السياسية التي تعيق عمل البرلمان وتعطل عمل المحكمة الاتحادية العليا، في مسائلة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء.

الوسيلة الرابعة: وردت في المادة (38) وتكلمت عن حرية الرأي والتعبير بكل الوسائل، وأيضا تكلمت عن الصحافة وعن حرية التجمهر والتظاهر، وهذه المادة علقت على صدور القانون وهو لم يصدر إلى الآن، بالتالي ما نشاهده الآن هو قمع لم يسبق له مثيل للتظاهرات السلمية التي خرجت في عموم أرجاء العراق.

ختاما نحن لدينا وسائل عديدة لاسترداد السيادة شعبيا وهي.. (الانتخابات/ التصويت/ الجانب القضائي/ والجانب الذي يتعلق بالتظاهر والاحتجاج التي تمارسها القطاعات الشعبية من اجل استرداد السيادة الشعبية).

ولبلورة الرؤية أكثر يمكن طرح الأسئلة التالية):

السؤال الأول: كيف يمكن عراقيا استعادة السيادة الشعبية من المسؤولين وممثلي الشعب ممن فشلوا في تحمل المسؤولية وصون الأمانة؟

يمكن ان نحول تلك الأزمة إلى فرصة للتصحيح

- الدكتور حسين أحمد السرحان، رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الإستراتيجية في جامعة كربلاء وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، يعتقد "إن القوى السياسية العراقية ان صح التعبير حاولت تذويب كل الوسائل التي يستطيع من خلالها الشعب العراقي استرداد صلاحياته وسيادته، فنجد أن قانون الانتخابات ومنذ العام (2005) وإلى الآن فنجد القائمة المغلقة وكوارثها وسانت ليغو، فكل هذه الوسائل لم تعد تجدي نفعا لاسترداد السيادة الشعبية، والسبب أن قانون الانتخابات فيه مجافاة كبيرة وانتقاص كبير مع فلسفة النظام الديمقراطي في العراق".

 أضاف السرحان "لذا فان الرقابة الشعبية هي الوسيلة الأكثر نجاعة في الوضع العراقي، خصوصا وأن موضوع الانتخابات لم يعد يجدي نفعا لأنه صمم بطريقة لا يمكن لها التغيير الا بمشاركة كبيرة جدا اي تتجاوز (95%)، طبعا ومع ضمان وجود دائرة انتخابية نزيهة، لكن بوجود هذه الدائرة الانتخابية وبوجود قانون الانتخابات لم تعد هذه الوسيلة قادرة على استرداد السيادة الشعبية، أما بالنسبة لموضوع التصويت والاستفتاء فقد تم تناسيه من قبل السلطات التنفيذية والتشريعية، لذلك نعول كثيرا على الرقابة الشعبية، لذا فالوسيلة الأساسية لموضوعة التغيير او التصحيح أو استرداد السيادة الشعبية تتحقق من خلال الرقابة الشعبية، وهذه القضية هي الأكثر حساسية وأكثر فاعلية للجمهور"

 يكمل السرحان "والسبب في ذلك لان لدينا في النظام السياسي رقابة سياسية وأخرى شعبية، فمجلس النواب العراقي على سبيل المثال مهمته الأساسية التشريع، ولكن المهمة الثانية هي الرقابة، هذه الرقابة وبما أن مجلس النواب يتكون من مجموعة أحزاب وقوى سياسية فهو يكون أساس الرقابة السياسية، التي تراقب عمل الحكومة وعمل البرلمان وباقي أجهزة الدولة، فالرقابة الشعبية أساسية ومهمة فعادة ما صناع القرار يستند لهذه الرقابة الشعبية لتمرير أهدافه الوطنية لبناء الدولة".

 أضاف أيضا "في الوضع العراق حتى هذا الاسلوب يتم محاربته بشكل قاسي جدا، ونجد أن الحكومات الثلاثة الماضية لم تحسن التعاطي مع هذا الموضوع، فكل رؤساء الحكومات التي تعاقبت على الحكومة العراقية ما بعد (2003)، يتكلمون عن إمكانية التغيير وإمكانية تصحيح النظام السياسي، لكنهم جميعا يشكون من معارضة القوى السياسية لهذا التغيير، لذلك يمكن لصانع القرار التنفيذي والتشريعي أن يستند على هذه الرقابة لمواجهة القوى السياسية"

 يختم السرحان "فاليوم رئيس الوزراء العراقي يتحدث صراحة ومن دون خجل او وجل عن قضية فساد كبير في الدولة حتى وصل لبيع المناصب، وهذا أمر خطير حينما يعترف رئيس الوزراء بتلك الحقيقية، وهنا يستطيع رئيس الحكومة أن يضع القاعدة الشعبية ظهير له لمواجهة تلك التحديات، وبالتالي يمكن ان نحول تلك الأزمة إلى فرصة للتصحيح، لكن للأسف الشديد القوى السياسية لا تمتلك رؤية واضحة وفلسفة واضحة لبناء الدولة، ناهيك عن ذلك هي أسيرة أمرين الأمر الأول داخلي يتمثل بقوى وأحزاب وشخصيات وهيئات مسيطرة دينية وغير دينية، وأسيرة للخارج الذي هو يسعى لعدم بناء الدولة في العراق".

لا يوجد لدينا فصل بين السلطات بل لدينا سلطة واحدة فقط

- الشيخ مرتضى معاش، رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يستفسر أولا عن معنى العملية السياسية، فهل هو عبارة عن مصطلح تضليلي واضح جدا الغاية منه التحايل على الناس؟ فما علاقة هذا المفهوم بالدستور وبالنظام السياسي؟ فهذا الأمر يحتاج للكثير من التوضيح، أيضا هناك إشكالية أخرى حول مفردة استرداد السيادة الشعبية، فمعناه أن النظام الموجود الآن هو نظام غير شرعي، لان السيادة الشعبية هي التي تعطي الشرعية لهذا النظام، فإذا كان النظام مستلب السيادة من الشعب اذا هو غير شرعي".

 "النقطة الأخرى المهمة هي إشكالية تكامل النظام السياسي فلا يوجد لدينا فصل بين السلطات، بل لدينا سلطة واحدة فقط، وهي سلطة السلطة التنفيذية وسلطة الكتل والأحزاب السياسية، وهذا بحد ذاته إشكالية في شرعية هذا النظام، لتكامل النظام السياسي ولاسترداد السيادة الشعبية نحتاج للتالي..

أولا: استقلالية منظمات المجتمع المدني، وهي غير مستقلة لأنها تابعة قانونا للدولة.

ثانيا: حرية وسائل الإعلام.

ثالثا: عدم تكامل المؤسسات الدستورية في العراق واستقلاليتها، فعلى سبيل المثال البرلمان العراقي الان متعسف لابد ان يقابله المجلس الاتحادي وهو غير مشكل، أيضا لابد ان يكون انتخابات للمجالس المحلية وقد تم إلغائها، وهذا إشكال كبير جدا في تكامل الشرعية.

 أضاف معاش "اما بخصوص الفرق بين (سيادة الأمة) و(السيادة الشعبية) فالأمر واضح، خصوصا وأن البرلمان الاتحادي له سيادة الأمة، ولكن هناك مؤسسات خدماتية تأتي من خلال المجالس البلدية والمحلية هي التي تستطيع أن تقدم السيادة الشعبية للمواطنين، وهذا نتيجة لعدم تنظيم النظام السياسي بشكل صحيح، فالآن لدينا في العراق ديمقراطية مركزية، وهذا تناقض كبير حيث نجمع النقيضين الديمقراطية والمركزية، فنحن لم نطبق اللامركزية وهي احد أهم أركان السيادة الشعبية، وهي التي تستطيع ان تحارب الفساد وتعطي للفرد العراقي حقوقه المشروعة".

يكمل معاش "الأمر الآخر الذي يخل بالسيادة الشعبية هي عدم محاسبة هؤلاء التابعين للخارج، المشكلة الأساسية في الشعب العراقي انه لا يستطيع المطالبة بحقوقه بشكل قوي، وذلك من خلال استخدام القانون والقضاء، للنيل من أولئك الذين يقدمون مصالح الدول الإقليمية على مصالح الشعب العراقي، وكذلك بالنسبة المتعاونين مع الدول الإقليمية ومزدوجي الجنسية الذي سرعان ما يتخلون على العراق ولأبسط الأسباب، بل على العكس نحن نجد المسؤول العراقي هو الذي يدعي على المؤسسات الإعلامية والحقوقية ويطالبها بالتعويض وبالضرر، بالإضافة إلى ذلك المواطن يخاف من بطش المليشيات التي ساهمت بقتل المتظاهرين السلميين وبدم بارد".

يختم معاش "لذا على الشعب العراقي أن يفعّل قواعده الشعبية بصورة سلمية وقانونية وقضائية، كي يمارس حقه الشرعي في الاحتجاج والتظاهر، علما أن الانتخابات بصورتها الحالية سوف لن تؤدي إلى النتائج المرجوة.

الكتل والأحزاب ليس لها علاقة بعموم الشعب

- الدكتور حميد الهلالي، عضو مجلس محافظة سابق وحقوقي، يرى "الإشكالية الحقيقية تكمن في التمثيل الشعبي، فنحن من اخترنا هذا النظام على أساس التمثيل الشعبي، وكانت المصيبة الكبرى والفخ الكبير الذي وقعنا فيه هو قانون الانتخابات، حيث وقع الاختيار في بادئ الأمر على القائمة المغلقة، وهذا القانون عزز لدينا حالة التجمع المناطقي والقومي والديني والمذهبي والطائفي، من ثم انتقلنا لكل القوانين الأخرى التي تفصل بين القاعدة الجماهيرية والعملية السياسية أو الكتل السياسية، وخلال تلك التي الفترة التي استمرت إلى (16) عام لم تع القوى السياسية العراقي بان الشعب العراقي يحتقن، وأن مجمل السلوكيات والتعاملات الحزبية والحكومية المذلة والقاهرة سوف تؤدي للإخلال بالعملية السياسية".

أضاف الهلالي "حتى وصل بهم الأمر وبعد مضى كل تلك الفترة الطويلة تم اختيار لمجالس المحافظات قانون (سانت ليغو1.9)، وهذا دليل أكيد على أنهم لا يحترمون الشعب ولا يحترمون خيارات المتظاهرين، وأيضا حتى في ميزانية عام (2019) أشارت الجماهير العراقية إلى وجود أبواب غير عادلة لانه تم الإصرار على الموازنة، لذلك لابد أن ندرك حقيقة ثابتة بان الكتل والأحزاب ليس لها علاقة بعموم الشعب، لذا ما يحصل اليوم هو انتقام حقيقي من تلك الطغمة السياسية، بالتالي الجيل الذي نزل للتظاهرات هو جيل لا يعبأ بمشاكلنا وبهمومنا وبالمندسين وبصدام، بل هو جيل شاب أدرك بان العملية السياسية فاشلة".

لا توجد ديمقراطية في العراق

- الدكتور خالد عليوي العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، يؤكد لا توجد ديمقراطية في العراق، ولا يوجد نظام ديمقراطي في العراق، لذلك انا شخصيا اشعر بالخجل من تلك العملية السياسية، التي أسميتها الديمقراطية وبدء من العام (2003) وإلى الآن، اليوم أثبتت هذه الديمقراطية أنها ديماغوجية وقحة لطبقة سياسية وقحة تحكم هذا البلد، فما حصل في العراق في الأيام السابقة لم يحصل في تونس وفي السودان وفي مصر، لم يحصل في تلك الأنظمة الدكتاتورية، بل لم يحصل في البحرين التي نحن نحتج عليها، فما حصل في العراق وهذا الاستخدام المفرط للقوة وفي أربعة أيام فقط (60) قتيل وأكثر من (2000) جريح".

أضاف العرداوي "في السودان التظاهرات امتدت لثلاثة أشهر يتظاهرون في السودان ولم يحصل ما حصل في العراق، علما أن الشعب السوداني هناك حاصر العديد من المؤسسات الحكومية من مثل وزارة الدفاع والقصر الجمهوري لما يحصل هذا الأمر، أيضا لم يحصل هذا الأمر في مصر، ولاحظنا بعد فترة من التظاهرات حاولت السلطات المصرية أن تتدخل لكنها ظهرت وهي تشعر بالاعتذار، وحتى (زين الدين بن علي) عندما شعر بان الشعب التونسي تظاهر بالضد منه، قال أن الرسالة وصلت وأن الشعب التونسي على حق وغادر البلاد، ولكن في هذه الدولة ونعني هنا دولة العراق لم يظهر أي مسؤول سياسي ليعتذر للشعب العراقي، بالتالي لا يوجد شيء اسمه سيادة شعبية في ظل العملية التي نعمل في ظلها".

يكمل العرداوي "الدساتير عندما توضع هي توضع بإرادة سياسية في تطبيق نصوصه، هذا الدستور الذي وضع شاركت فيه المرجعية وشاركت فيه قوات الاحتلال وشاركت فيه الطبقة السياسية، وذلك من اجل الإبقاء على وضع سياسي فاسد، فلم يوضع بإرادة شعبية عازمة على تطبيق نصوصه، والدليل على ذلك أن هنا أكثر من (50) قانون مؤجل، ولحد الآن المؤسسات الدستورية في هذا البلد، بالتالي لا يوجد اليوم استرداد للسيادة الشعبية إلا بإسقاط الطبقة السياسية الحاكمة في العراق الآن".

أضاف أيضا "فإذا لم قتلنا نحن على أيديهم سوف يقتل أبنائنا على أيديهم ويقتل أحفادنا على أيديهم، لذا نحن محكومين اليوم بحكم طائفي موجود في العراق، لا توجد له أي قوانين ولا توجد له اي قواعد، فلا حكومة تسقط ولا مسؤول يحاسب ولا فاسد يحاسب، فمن هم هؤلاء الفاسدون الذين يتحدث عنهم رئيس الوزراء الدكتور (عادل عبد المهدي)، أليس رؤساء الكتل السياسية الحاكمة في العراق، ثلث العراق يسقط على يد داعش ورئيس الوزراء السابق متشبث بالسلطة، واليوم يقتل العراقيين بالعشرات وبهذه الطريقة غير المبررة، ففي هذه الدولة لا يوجد مستشار يشير على المسؤول السياسي، ولا توجد مؤسسات قضائية تحكم، ولا يوجد ادعاء عام أو رقابة شعبية أو رقابية دستورية، فلا يوجد شيء".

 كما أشار العرداوي "والدليل على ذلك ليس ببعيد فرئيس الوزراء العراقي يلقي خطابه للجماهير العراقية الساعة الثانية فجرا، فأين المستشارون وأين الحكماء الذي ينصحون رئيس الوزراء العراقي عن موعد ذروة المشاهدة للتلفزيون، لان المسؤول فاسد وتعود على الفساد هو يحاول أن يستخدم اسلوب الرشوة، حيث يصف ضحايا التظاهرات من القتلى بأنهم شهداء وسوف يستلم حقوق الشهداء وقطعة ارض سكنية، والأمر كذلك ينطبق على قتلى القوات الأمنية، بالتالي أصبح القاتل والمقتول هم من شريحة الشهداء".

 وأوضح العرداوي "والسيادة الشعبية الوحيدة هي إسقاط الطبقة السياسية الموجودة في العراق، هذه الطبقة سواء كانوا إسلاميين او علمانيين أو قوميين، فالكل مشترك وهم عبارة عن مجموعة من الخونة، الذين خانوا العراق وخانوا تاريخ العراق وخانوا تضحيات أبناء العراق وخانوا حتى التراب الذي يمشون عليه في العراق، واحدة من الأشياء المهمة التي وضعت في الدستور العراقي هي منع حملة الجنسية المزدوجة من استلام منصب حكومي في العراق، فلماذا هؤلاء المسؤولون بأجمعهم يحملون أكثر من جنسية".

ويبين العرداوي "السبب لان هؤلاء لا يحترمون القانون، ولم يأتوا ليطبقوا القانون في العراق، ولم يأتوا ليطبقوا نظام ديمقراطي في العراق، لذا نحن وأصبحنا للأسف الشديد شهداء زور على عملية سياسية بائسة، سواء كنا رجال دين أو مثقفين وأكاديميين أو نخب، نحن اليوم عبارة عن شهداء زور على طبقة سياسية تخون هذا البلد وتسرق خيراته وتستنزف طاقاته، وبالنتيجة بعد عشر سنوات حينما يشب أولادنا سوف يقتلون في الشوارع، وعندها سوف تبادر الدولة مرة أخرى لتصف هولا القتلى بالشهداء، وذلك من اجل تكرار سيناريو إعطاء رشوة للناس".

 يختم العرداوي "وهذا خلاف منطق محاسبة هؤلاء القتلة ومن يقف خلفهم، ففي مصر على سبيل المثال وفي السودان لم تتجرأ الأجهزة الأمنية على إطلاق النار على المتظاهرين، ونحن بطريقة بشعة وبربرية تم تصفية هؤلاء للمتظاهرين، لذلك نحن لدينا شعب يعيش في سجن وتحكمه ديمقراطية فاشية لطبقة سياسية فاشية، ولا يمكن أن تسترد السيادة الشعبية إلا أن تسقط هذه الطبقة.

التظاهر والاعتصام لاسترداد السيادة

 - الدكتور قحطان حسين الحسيني، الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، يجد "إن العراق يعيش حالة من الديمقراطية، علما أن الرأي المتفق عليه أن الديمقراطية في العراق هي عرجاء ومشوهة، ولم تكتمل مؤسساتها وملامحها لحد الآن، من الطبيعي أن الشعب هو مصدر السلطات، وهو الذي يمنحها بطرق دستورية وقانونية لأشخاص يمارسونها نيابة عنه، وما العقد الاجتماعي الا وسيلة يتم من خلالها تفويض الأشخاص لممارسة السيادة عن الشعب، وقد يتساءل البعض كيف يمكن للشعب أن يسترد السيادة اذا انتهك وكيله هذه السيادة".

أضاف الحسيني "الطرق القانونية والدستورية التي أشارت إليها الورقة يمكن ان تتحقق في حالة وجود نظام ديمقراطي متكامل، لكن بما إننا شخصنا وجود ديمقراطية عرجاء، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم اللجوء إلى هذه الطرق لاسترداد السيادة الشعبية، الوضع السياسي في العراق معقد جدا بكل جوانبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية، الديمقراطية المطبقة والتي من المفترض أن تكون الديمقراطية النيابية، للأسف تحول دون ممارسة الشعب للسيادة أو المشاركة فيها، وهي تحدد مدة العقد الاجتماعي وهي عبارة عن أربعة سنوات، فخلال تلك المدة لا يتمكن الشعب من استرداد السيادة".

 يكمل الحسيني "فقط من حقه أن يراقب وأن ينتظر أربعة سنوات لكي يمارس دوره في الاسترداد، ولكن الإشكالية التي نواجهها في استرداد السيادة هي ليست مستحيلة بل تأتي من خلال..(الاستفتاء/ والانتخابات كل أربعة سنوات/ الرقابة الشعبية / السلطة القضائية)، لكن الإشكالية التي يواجهها الوضع العراقي المعقد في كل جوانبه.. انه لا التزام أخلاقي ولا قانوني بشروط العقد من قبل الوكلاء، والذين عم الأشخاص القابضين على السلطة، الإشكالية الأخرى لا توجد لدينا سلطة قضائية مستقلة ومهنية في ممارسة مهامها، وذلك على اعتبار انها خاضعة لهيمنة سياسية كبيرة وواضحة، هي التي تتحكم بمجريات ما يصدر من السلطة القضائية من قوانين".

أضاف أيضا "الإشكالية الثالثة هي غياب الإرادة الجماعية والمشتركة للشعب، وهذه هي الإشكالية الأكبر والأكثر تأثيرا، والتي تحول دون تغيير المطلوب والمنشود، فاغلب الطبقات الاجتماعية هي تنتقد الحكومة، لكن عندما تخرج فئة اجتماعية محرومة مضطهده مغلوب على أمرها تحس بالحرمان للتظاهر والتعبير عن الرأي، نجد طبقة وفئات كثيرة جدا تعترض ولا تشارك، بل هي تدعم تتبنى مواقف محبطة لهذه المظاهرات وكأنما تقف بالضد منها، الوضع السياسي والاجتماعي العام في العراق معقد، والحلول تكاد تكون قاصرة أمام هذا التعقيد في المشهد العام".

يختم الحسيني "الوسيلة الوحيدة الباقية للشعب لاسترداد السيادة الشعبية هي التظاهر والاعتصام وفق القانون، حتى لا يتهمون باتهامات شتى تبرر للسلطة ممارسة العنف معهم، لكن يبقى التظاهر والاعتصام هي الوسيلة الوحيدة للضغط على هذه الطبقة الحاكمة لاسترداد السيادة ولتقويم المسار المنحرف، الذي اتبعوه طيلة هذه السنوات العديدة من الحكم".

استرداد السيادة بقضاء مستقل

- الحقوقي احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، يعتقد "إن الجميع يدرك ما هي أسباب الفشل، وما هو حجم الدكتاتورية الذي تمارسه السلطة القابضة على القرار في بغداد، بالتالي يمكن وصف ما يجري في العراق الآن بأنه انقلاب على الشرعية من قبل رؤساء الكتل السياسية في العراق، لذلك لا يمكن استرداد السيادة ما لم يكون هناك قضاء مستقل وشجاع، كي يصدر مذكرات إلقاء القبض على رؤساء الكتل السياسية في العراق بتهمة الخيانة العظمى، فما يجري في العراق هو خيانة عظمى حيث تم الانقلاب على الدستور، وحنث في اليمين، وعمالة للخارج على حساب المصالح الوطنية".

أضاف جويد "المساءلة اليوم بيد القضاء ويسانده الشعب، عند ذاك من الممكن أن نحقق خطوات ايجابية في هذا المسار، وإلا لو بقى الجلاد والجاني هو الخصم والحكم فليس هناك ثمة حلول أمام الواقع العراقي، الأمر الآخر أن الشعب العراقي يواجه مشكلة الجهل بالقانون، ناهيك عن غياب القيادة الواضحة والمطلبية الواضحة، لذا لابد أن ينصب كل هذا الحراك وهذه الدماء على قضية محددة وهي تغيير الطبقة السياسية، وذلك كي تسترد السيادة".

اغفال الجانب الاقتصادي

- الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمة، التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة كربلاء، والباحث الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، يؤكد على أن الرؤية الاقتصادية المفقودة لدى الحكومات المتعاقبة في العراق ستؤدي إلى أزمة حادة، ففي مناسبات متعددة اشرنا إلى أن هناك نمو سكاني عالي، وهناك مخرجات لوزارة التعليم العالي بأعداد كبيرة، يقابلها درجات وظيفية بأعداد منخفضة، وحتى هذه الدرجات الوظيفية هي خاضعة للمحسوبية، فلذلك مشكلة البطالة كانت قنبلة موقوتة لم تدرك الحكومات السابقة والحالية بانها نهايتها ستكون كبيرة".

 أضاف آل طعمة "بالتالي مشكلة البطالة لم يتم التعامل معها بجدية، وهي تختلف عن باقي المشاكل الأخرى لأنها تلامس الواقع المعاشي للفرد العراقي، لذا فان جميع الحلول التي تطرح طرحها في الأيام السابقة هي حلول ترقيعية، ولم تكن حلول جادة بل هي أشبه بمخدر لعبور الأزمة، فهذه المشكلة جدية والحكومة لا تتعامل بالأرقام، فعلى الحكومة أن توفر سنويا قرابة (200) ألف فرصة عمل، وهذا لا يمكن أن يكون الا من خلال الشراكة مع القطاع الخاص".

 يكمل آل طعمة "لذلك فان ابرز وجوه القصور في الحكومة الحالية أنها أغفلت الجانب الاقتصادي، وهذا مما عجل في فناء تلك الحكومات".

إسقاط الحكومة من خلال التظاهرات

- حامد عبد الحسين الجبوري، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، يتصور أن الحلول التي اقترحتها الورقة أصبحت غير مجدية لاسترداد السيادة الشعبية، لذلك الخيار الوحيد المجدي هو إسقاط الحكومة من خلال التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات الشعبية، وهو بمثابة جرس إنذار لكل الحكومات اللاحقة بان الشعب هو سيد القرار".

المشكلة تتعلق بالفساد

- عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية، يعتقد "إن المشكلة في الحكومة الحالية والحكومات السابقة تتعلق بالفساد، بالتالي من يستطيع الإطاحة بكبار الفاسدين سوف يمضي بالدولة لبر الأمان، نحن لسنا أمام دولة فاسدة بل أمام مجموعة قليلة من الفاسدين، بالنتيجة هؤلاء الأشخاص يعطلون مسار الدولة، فيستخدمون التعيين المركزي لغرض انتخابي ويسيطرون على هيئات الاستثمار لشركاتهم الخاصة، ويسيطرون على الجانب الزراعي والجانب الصناعي لاقتصادياتهم، بالتالي كل من يخرج عن تلك الدائرة هو لا يدخل في هذا الفناء".

 أضاف الصالحي "عندها الدولة بأكملها أصبحت أسيرة لتلك الشخصيات والزعامات السياسية، فأي حكومة تأتي عليها أن تقدم هذا الملف أمامها، اما تغيير الشخصيات أو تغيير الوزراء أو تغيير البرلمان أو إجراء انتخابات مبكرة، وكل هذه الحلول هي عناوين للتهدئة، لكن السؤال المهم هل تستطيع الحكومات القادمة أن تقدم هؤلاء الأشخاص إلى القضاء، وهل سيتخذ القضاء الإجراءات اللازمة بهم، هذا ما سننتظره في قادم الأيام خصوصا وأن حكومة السيد عادل عبد المهدي قد انتهت".

السؤال الثاني: ما السبيل لاستنهاض الشعب وتفعيل المسائلة الشعبية بكل تجلياتها؟

- الدكتور حسين أحمد السرحان، برى ان "استنهاض همة الشعب يأتي من خلال وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني".

- الشيخ مرتضى معاش، يرى أن وعي الشارع العراقي هو اكبر من وعي النخب، فالنخب اليوم إذا لم تنتقل من طريقة عمل القبائل إلى طريقة جديدة فسوف تنقرض، تلك الطريقة الانانية القائمة على الصراعات والنزاعات والغنائم والاحتكار والتهميش، اليوم نحن نحتاج لعقد اجتماعي يحقق الربح للجميع، بالتالي هذا العنوان سوف يحقق المساءلة العادلة ويبدد تلك القبائل وتلك الكانتونات، فالعقد الاجتماعي هل الذي يوفر التوازن بين الحاكم والمحكوم ويحقق السيادة الشعبية".

أضاف معاش "الأمر الآخر الذي أود الإشارة إليه فان شركة (أمازون/ تسلا/ غوغل) سوف يضعون في الفضاء قرابة (10) ألف قمر صناعي للأنترنيت المباشر، وبذلك سوف ينتهي عهد قطع الانترنيت في الكثير من الدول.

- الدكتور حميد الهلالي، يصف التحولات الجارية الآن في المشهد السياسي العراقي انها جاءت بفضل هؤلاء الشباب، وأن جميع الفلسفات والطروحات الحوارية والفكرية والنقاشية لم تقدم شيئا ملموسا على ارض الواقع، بالتالي نحن ملزمين اليوم بدعم أولئك الشباب بطرائق شتى اقل ما يقال عنها بانها بعيدة عن الشجب والاستنكار والتنديد".

- الدكتور خالد عليوي العرداوي، يعتقد "إن استنهاض الإرادة الشعبية من خلال ترسيخ القيم المدنية وقيم المواطنة داخل المجتمع، عندما يكون لدينا مواطن يدرك بأنه مواطن يتساوى في الحقوق والواجبات مع كل المواطنين الآخرين ضمن في الكيان السياسي، بحيث يتساوى المواطن البسيط مع رجل الدين والمثقف والسياسي، عند ذاك سوف ندرك بان هذه المؤسسات السياسية وبجميع فلسفاتها هي جاءت لخدمة المواطنين، فنحن إذا عززنا هذه القيم المدنية انه رجل السلطة وصانع القرار ليس سيد على شعبه وإنما هو خادم لشعبه.

أضاف العرداوي "فالموظف والمسؤول عندما يحسن بالوظيفة يحترم وتعاد الثقة له، ومتى ما اخطأ وقصر في واجبه يعزل لان وجوده في المنصب الحكومي جاء لخدمة الناس، بالتالي أن ترسيخ القيم المدنية وقيم المواطنة هل الذي يضمن لنا استعادة الإرادة الشعبية هذا جانب، والجانب الآخر أن الشيء الذي أخاف القوى السياسية اليوم إلا وهو العالم الرقمي، فتعزيز التعاون والتواصل بين الناس عبر العالم الرقمي، أنتج لنا واقعا جديدا فالذي يكتب في العالم الرقمي يتحول بطريقة أخرى إلى العالم الواقعي".

يكمل العرداوي "وهذا ما تشير إليه حقيقة (إن الكتابة على الجدران تنذر بسقوط السلطان)، فعندما كانت الناس تحكمهم أنظمة مستبدة ولا توجد حرية إعلام، فكان الناس يعبرون عن تمردهم على السلطة من خلال الكتابة على الجدران في الليل، لذلك اليوم الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي هي مقدمة لسقوط أي حكومة".

- الدكتور قحطان حسين الحسيني، يرى أن المعادلة الحاصلة والمطبقة في العراق للأسف أن الشعب أساء استخدام السيادة وأساء تفويضها، فأساء المفوضون استخدام السلطة واستخدموا القمع اتجاه من فوضهم باستخدام السلطة، فهذه هي البديهية التي حصلت في العراق للأسف، فهناك مقولة دائما تتردد في الأذهان وهي.. (كَيفَمَا تَكُونُوا يُوَلَّىٰ عَلَيكُم)، هذه الحقيقة أيضا تحققت للشارع، يجب على الشعب بكل فئاته نخبوية وطبقات عامة أن يراجعوا أنفسهم ويراجعوا مواقفهم، فلو تأملنا كيف يتزاحم الأشخاص من كل الطبقات الاجتماعية على أبواب المسؤولين ويتملقون، لن تنفع لنا كل آمال للتغيير نحو الأحسن".

أضاف الحسيني "فعلينا ابتداءً كشعب وكنخبة وطبقات عامة أن نراجع المواقف ونراجع السلوكيات، فهذه المراجعة هي المدخل الحقيقي للتغيير نحو الأفضل".

- الحقوقي احمد جويد، يرى أن الشعب لو أحسن اختيار نوابه فمن السهل عليه استرداد السيادة، خصوصا وأن الحكومة هي التي ترسم السياسات العامة، وبالتالي أن ممثلي الشعب هم الذين يحاسبون الحكومة، وأقرب مثال على ذلك مكالمة تلفونية بين الرئيس الأمريكي والرئيس الأوكراني تكاد تطيح بالرئيس الأمريكي".

- عدنان الصالحي، يعتقد انه خطأ قاتل عندما يتصور الإنسان انه يستطيع أن يستغفل الإنسان إلى ما لا نهاية، وهذا ما تصورته القوى السياسية في العراق وحتى بعض المرجعيات، بالنتيجة ثقافة الاستغفال لم تؤثر على أولئك المتظاهرين الشباب ذو الأعمار الصغيرة، المثلبة الثانية أنهم وضعوا مستشارين سيئين في سدة الحكم، فرئيس الوزراء لديه كلمة مهمة عن أوضاع مهمة يلقيها الساعة الثانية ليلا، بالإضافة إلى ذلك كانت هناك أخطاء قاتلة أقدمت عليها الحكومة هي التي فاقمت الوضع بنحو أسوء، لذلك لابد ان تدرس تفاصيل ما جرى ويجري الآن في العراق حتى لا يكرر مرة أخرى، وإلا فان العراقيين بشكل عام سقط لديهم شيء اسمه المقدس".

- حامد عبد الحسين الجبوري، يقترح على المراكز البحثية التابعة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام على عقد مؤتمر موسع يختص بمدراء المراكز ودعوة جميع النقابات والاتحادات التي تهتم بالشأن العراقي، وذلك بغية إيجاد خارطة طريقة لمواجهة التحديات التي يواجهها الشعب من قبل الحكومة".

 أخيرا يختم الدكتور علاء الحسيني بان الشعب العراقي يجب أن يقرأ بصورة مختلفة، لأن الشعب العراقي يعيش الثورة لأسباب تكاد تكون إقليمية أو اجتماعية أو اقتصادية، لذلك الشعب العراقي اليوم يطلب التغيير وهي سنة من سنن الحياة.

..........................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم)، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org

 

اضف تعليق