q

ان تدريس الوطنية كمادة في مناهج التعليم الرسمي وإقامة المؤتمرات باسم الوطنية، يؤكد على وجود أزمة وخلل ومشكلة وطنية متفاقمة في الوطن. وهذه الأزمة والمشكلة موجودة منذ عقود أي مع تأسيس الدولة ولكنها ظهرت على السطح نتيجة قدرة الشعب مؤخرا على التعبير عن آرائه عبر وسائل التواصل الحديثة.

السلطة الحاكمة التي لم تعمل لبناء دولة حضارية حديثة حسب دستور شعبي يمثل إرادة كافة شرائح الشعب، ونتيجة رصدها لآراء ومواقف الشعب وحالة التذمر والغضب..، ربما قد شعرت بخطورة الوضع على مستقبلها نتيجة سياستها المدمرة للوطنية، فبدأت تحاول أن تحل الخلل بطريقتها من خلال تدريس الوطنية في المناهج التعليمية وتوزيع النشرات، وتخصيص البرامج الاعلامية وإقامة المؤتمرات ك الحوار الوطني.

هل الوطنية تدرس؟!

عندما تخصص السلطة مادة لتدريس الوطنية، وتخصص برامج إعلامية حول ذلك فهذا يعني وجود خلل ومشكلة في الحس الوطني هذا من جهة، ومن جهة اخرى أن السلطة غير راضية على مستوى الوطنية حسب مواصفاتها كعائلة حاكمة، وهذا يدل على وجود فجوة بين المواطن والسلطة الحاكمة التي تحاول استغلال الوطن للحصول على ولاء الشعب لها كعائلة حاكمة باسم الوطن. والمسؤولية عن وجود هذه الأزمة الوطنية الخطيرة تقع حتما على السلطة اولا لأنها المسؤولة عن إدارة الوطن، ونتيجة سياستها البعيدة عن الوطنية الحقيقية كالتعامل بأن الوطن ملك خاص للعائلة الحاكمة واحتكار السلطات والإستبداد والفساد واضطهاد كل مواطن وطني مخلص لوطنه يطالب بالإصلاح والتغيير، وثانيا المجتمع.

الوطنية ليست مادة للتدريس، وليست مجرد فقرة في قانون أو جنسية تمنح وتسحب حسب مزاج السلطة.

ولا تتحقق المواطنة الحقيقية من خلال الحوار الوطني. بل ذلك يؤكد على أزمة وخلل في المنظومة الوطنية والحس الوطني.

الوطنية مزيج بين تربة الأرض ودم وروح المواطن، المواطنة تأتي من خلال حصول المواطن على حقوقه الكاملة ومنها حق المشاركة في تقرير مصير وطنه، وأن يكون له قيمة ورأي ودور مؤثر، وغير مهمش، ولا يوجد تمييز واستغلال للسلطة باسم المواطنة، فبذلك يتم تشويه المواطنة.

المجتمع بحاجة ل دولة القانون والمؤسسات حسب دستور يضمن الحقوق الوطنية للجميع بلا تمييز، دستور يمثل رأي الأمة مباشرة عبر صناديق الانتخاب المباشرة التي تكرس العدالة والحقوق والحرية والتعددية، واحترام التنوع الثقافي والفكري، والرأي والرأي الآخر، ومحاسبة المسؤولين المفسدين الذين يستغلون السلطة.

أين حقوق الإنسان؟

بعض الدول تتفاخر بوجود وزارة أو مؤسسة أو هيئة حكومية باسم حقوق الإنسان، -حقوق المرأة- أو الوطنية، وهذه الوزارات والهيئات دليل واضح على وجود أزمة ومشكلة على صعيد الحقوق الإنسان والمرأة وغياب الوطنية في تلك الدولة التي تحاول من خلال وجود مباني ووزراء ومسؤولين بمسميات حقوقية ووطنية من خداع المواطنين وتزييف الحقائق وتغطية الإنتهاكات الصارخة والاعتداءات الفادحة.

لايمكن تكريس الوطنية والتعايش السلمي وحقوق الإنسان -والمرأة بالخصوص- ومكافحة الفساد من خلال وزارات وهيئات حكومية صورية، لأن الأنظمة الحاكمة الاستبدادية الشمولية قائمة على الفساد واحتكار السلطة ورفض الديمقراطية ورفض الإصلاح، واعتقال وقتل النشطاء بسبب التعبير عن الرأي.

نعم لـ دولة القانون والمؤسسات دولة الكرامة والحقوق والحرية والبناء للإنسان الناجح حسب المنظومة الأخلاقية -المعاملة الإنسانية-، واعمار الوطن (الأرض).

اضف تعليق