(أ ف ب) - تظهر صور رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر الذي اعدمته الرياض على كل عمود انارة طوال الطريق المؤدية الى بلدته العوامية في المنطقة الشرقية في السعودية، في المملكة التي تنتشر في انحائها لافتات تحمل صور الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والشخصيات البارزة من العائلة المالكة، فان مشاهدة صور النمر التي رسمت كذلك على بعض الجدران، هو امر غير معتاد واستفزازي.
وقدم شهود عيان من العوامية التي تعد 30 الف نسمة في محافظة القطيف ذات الغالبية الشيعية، صورة نادرة عن الوضع في البلدة التي تعتبر مركزا لاضطرابات الاقلية وشهدت حوادث امنية متكررة خلال السنوات الاخيرة.
وكان النمر قوة محركة وراء احتجاجات السكان الشيعة التي بدأت العام 2011 وتطورت الى مطالبة بالمساواة، وكان بين 47 شخصا، معظمهم من السنة، دينوا بتهم الارهاب واعدموا في كانون الثاني/يناير الماضي، وقد اثار اعدام النمر تظاهرات في العوامية احرقت خلالها الاطارات واطلقت العيارات النارية. ولا تزال البلدة تحمل اثار ذلك، وتظهر اثار الاضرار على مبنى سكني من طابقين، الا ان الحياة تبدو طبيعية في العوامية والبلدات المحيطة بها.
يقول احد السكان ان "الحياة الطبيعية" مستمرة، لكنه طلب عدم الكشف عن هويته بسبب التوتر هذا الاسبوع مع اصدار احكام باعدام 15 مواطنا معظمهم من الشيعة بتهمة التجسس لحساب ايران.
مبان قديمة
ويتهم الشيعة السلطات بتهمشيهم، ويظهر التقادم على مبان في العوامية الواقعة في المنطقة الشرقية الشاسعة التي تحتضن معظم ثروة المملكة النفطية، وفي الليل فان الاضاءة في البلدة خافتة، كما ان شوارعها ضيقة بحيث لا تتسع سوى لمرور سيارتين في تناقض مع الطرق السريعة وواجهات المتاجر المضاءة والمباني الجديدة في الانحاء الاكثر ثراء من ساحل الخليج.
اما المساجد وغيرها من المباني فهي اكثر بساطة مقارنة مع غيرها في انحاء المملكة، كما ان العوامية تشبه بلدات المناطق الجنوبية او غيرها من مناطق البلاد الاقل ازدهارا نسبيا، وقد ازعج النمر الذي يقول الشيعة انه ناشط سلمي، السلطات بشدة العام 2009 عندما دعا الى اعادة اقليم البحرين والاحساء كما كان الامر ابان السلطنة العثمانية.
وزاد من غضب المسؤولين بعد بث كلمة مسجلة على الفيديو على الانترنت احتفى فيها بوفاة ولي العهد وزير الداخلية الامير نايف بن عبد العزيز، وعقب اعتقال النمر عام 2012 قال الامير احمد بن عبد العزيز الذي خلف الامير نايف وزيرا للداخلية ان النمر "مختل"، وكتب المؤرخ توبي جونز انه بمنتصف القرن العشرين اصبحت القطيف وغيرها من البلدات التي كانت "قلب وروح الحياة التجارية والثقافية" لساحل الخليج، مهمشة مقارنة مع مدن نفطية اخرى بينها الدمام، واضاف ان الثروة النفطية البراقة في السعودية، تناقضت في اواخر السبعينات، مع "الفقر المدقع" للمناطق الشيعية ذات الموارد المائية المحدودة، وفي السنوات التي تلت، اصبحت المنطقة الشرقية مركزا لجهود التنمية التي تقول الحكومة انها تخلق الوظائف، وخلال زيارة الى المنطقة الشرقية في تشرين الثاني/نوفمبر، افتتح الملك سلمان مشاريع للمياه والبيئة والزراعة اضافة الى مصانع بمليارات الدولارات. وقال ان جميع مناطق المملكة تتمتع بالازدهار والامن.
اشتباكات مسلحة وتفجيرات
عقب اندلاع الاحتجاجات عام 2011، نشرت الشرطة السعودية قائمة باسماء 23 مطلوبا اعتقل او قتل العديد منهم مذاك في اشتباكات مسلحة، ورسمت وجوه عدد من القتلى الذين يلقي السكان مسؤولية مقتلهم على قوات الامن، باللون الاسود على جدران مقبرة العوامية، واضافة الى الاضطرابات فقد ظهر نوع اخر من العنف قبل عامين.
فقد بدأ تنظيم الدولة الاسلامية الذي يعتبر المسلمين الشيعة كفارا، حملة من التفجيرات واطلاق النار ادت الى مقتل اكثر من 40 شيعيا في المنطقة الشرقية منذ 2014، وتظهر بيانات لناشطين حقوقيين ان 25 شيعيا ينتظرون تنفيذ حكم الاعدام بتهم تتعلق بحوادث في القطيف منذ العام 2012، والشهر الماضي حكم على ثلاثة اخرين بالاعدام لاطلاقهم النار على دوريات للشرطة، بحسب صحيفة "عرب نيوز"، وقتل ثمانية رجال شرطة على الاقل منذ 2014 في العوامية والقطيف حيث يتم اتخاذ اجراءات امنية غير عادية بمراكز الشرطة فيها اذ احيطت بجدران اسمنتية او حواجز للحماية.
اضف تعليق