ما يدور في ساحة التطرف العالمي اليوم، يشبه الى حد بعيد (معارك الكر والفر) في ساحات الوغي، مع اختلاف الاساليب والخطط والاسلحة، والأدهى والأمر، أن حالات الصدام لا تقتصر على الشارع (الأدني في مستوى الوعي)، وانما يشترك قادة العالم او (قادة الحضارات) في هذا الصراع او الأصح (الصدام)، الأمر الذي يعكس تصادما لا يقبل الشك بين الحضارات التي تختلف ثقافاتها واتجاهاتها الفكرية ونظرتها الى (حرية التعبير).
ويبدو أن هذه الجملة (حرية التعبير) تمثل في عالم اليوم، وفي ساحة التطرف، الشماعة التي يتم تعليق أخطاء القادة السياسيين عليها، وهم قادة العالم الذين أخذوا ينجرّون الى سجالات ومعارك كلامية خطيرة، تعكس حالة من (صدام الحضارات) لا يمكن تجاهلها، أو حتى التنصّل من عواقبها، إن العالم كما يبدو امام مشهد محتقن، رسمه المفكرون سابقا، وتحدث عنه المحللون والكتاب، وألّفوا عنه الكتب الكثيرة، ولكن كان كل ذلك في معرض الافكار او في المجال النظري فقط، أما ما يحدث في ساحة التطرف العالمي اليوم، فإنه يمثّل تجسيدا لتلك الافكار، هذا اذا لم نتجاهل الجذور العميقة للحروب الكلامية المتطرفة بين قادة العالم (اوردغان/ نتياهو/ كامرون.. وغيرهم).
والمثير للدهشة دخول رجال الاديان في اللعبة، كما هو الحال مع الآراء المتضاربة لرجال الكنيسة، فمنهم من يرفض الاساءة للمقدس الديني، ومنهم من يرى العكس ويعلن أن شتم الاديان حرية شخصية!!، يجري هذا على مستوى العقول القيادية (ساسة، رجال دين) أما الشارع وما يحدث فيه من اعمال عنف بلغت درجة قصوى من الخطورة، فهي تمثل تضارب (الافعال وردودها)، وهذا يؤكد أن العالم يدخل اليوم في مخاض عسير، يجعله العنف والتطرف، أكثر ميلا للتصادم من الحكمة والاحتواء.
وكل الخطورة والمأساة تكمن في ظاهرة انزلاق العقول الكبيرة (القادة)، الى حالة الصدام، في تعبير لا يقبل الشك عن انحدار الحضارات الى (الصدام) بديلا عن (الحوار)، ولا مبالغة في هذا الرأي، ولا غلواء، خاصة اذا تابعنا أزمة (الرسوم المسيئة)، وتأجيجها بين فترة واخرى وفق ارادات مجهولة، لها حساباتها السياسية والاقتصادية وغيرها، إذ لم تجد طريقا اقصر الى اهدافها واجنداتها سوى (صدام الحضارات) بدلا من تحاورها!.
تصريحات هولاند الى أين؟!
فقد ندد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بشدة بأعمال العنف التي رافقت التظاهرات المناهضة لصحيفة "شارلي إيبدو" في العالم، وقال من "غير المقبول" حرق العلم الفرنسي، متعهدا بـ"معاقبة" المتورطين في ذلك. وحرق متظاهرون مناهضون لصحيفة "شارلي إيبدو" العلم الفرنسي في العديد من عواصم دول مثل نواكشوط في موريتانيا وداكار بالسنغال احتجاجا على رسم النبي محمد الذي نشرته الصحيفة الأربعاء الماضي.
وندد الرئيس الفرنسي بهذه الأعمال خلال الزيارة التي قام بها أمس السبت إلى مدينة "تول" وسط فرنسا قائلا: "لم ننته بعد مع مثل هذه التصرفات، يجب معاقبة المتورطين في أعمال حرق العلم الفرنسي سواء كانوا في فرنسا أو في الخارج". وأضاف هولاند: "أفكر خاصة في بعض الدول التي يصعب عليها فهم معنى حرية التعبير كونها حرمت منها. ودول أخرى قدمنا لها المساعدة لمحاربة الإرهاب. طبعا أنا أعبّر لها عن تضامن فرنسا، لكن في نفس الوقت، فرنسا لديها قيم ومبادئ، وخصوصا حرية التعبير".
هذا، وعرف النيجر، أعمال عنف خلال التظاهرات التي خرجت منددة بالرسوم التي نشرتها صحيفة "شارلي إيبدو" وأودت بحياة خمسة أشخاص في نيامي، إضافة إلى حرق عشرات الكنائس والمحلات التجارية وفنادق يملكها أجانب. ودعت السفارة الفرنسية في نيامي رعاياها المقيمين في هذا البلد إلى عدم الخروج إلى الشارع والبقاء داخل المنازل إلى غاية استتاب الوضع وعودة الأمن تجنبا لعدم وقوع ضحايا.
الجزائر مسيرات ارتجالية
في السياق نفسه اعتقلت الشرطة في الجزائر أكثر من 40 إسلاميا، من التيار السلفي، شاركوا في مسيرات بالجزائر العاصمة غير مرخصة تنديدا برسوم "شارلي إيبدو" وقاموا بأعمال عنف. وشهدت عدة مدن جزائرية، كالجزائر العاصمة ووهران يوم الجمعة الماضي، مسيرات عشوائية شارك فيها إسلاميون بعد صلاة الجمعة ورفعوا شعارا واحدا " أنا محمد". لكن الشرطة تدخلت وحاولت منع التحاق مصلين آخرين بالتظاهرات. كما فرضت إجراءات أمنية مشددة على السفارة الفرنسية والقنصليات والمراكز الثقافية الفرنسية المتواجدة في الجزائر.
وندد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأعمال العنف في نيامي وزيندر وقال ان فرنسا متضامنة مع سلطات النيجر. واتخذت الاحتجاجات طابعاً عنيفا أيضا في مدينة كراتشي بجنوب باكستان عندما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدفع مياه ضد المتظاهرين خارج مبنى القنصلية الفرنسية. وأصيب مصور يعمل لدى وكالة الأنباء الفرنسية بالرصاص خلال الاحتجاج. وأصيب عدد من أفراد الشرطة الجزائرية في اشتباكات مع محتجين في العاصمة الجزائر بعد اندلاع أعمال شغب في نهاية مسيرة احتجاج.
وقال أولوند "هناك توترات بالخارج حيث لا يعي الناس ارتباطنا بحرية التعبير. شهدنا الاحتجاجات وأود أن أقول أن جميع العقائد تحظى بالاحترام في فرنسا." وتلقى أولوند دفعة قوية في استطلاع للرأي لتعامله مع الهجمات حيث قفزت شعبيته الى أعلى مستوى في نحو عام ونصف. وارتفعت شعبيته الى 34 في المئة من 24 في المئة قبل الهجمات وفقا لاستطلاع بي.في.إيه. الذي نشرت نتائجه يوم السبت.
مكافحة كراهية الاسلام
في سياق متصل ندد المرصد الوطني لمكافحة كراهية الإسلام في بيان ب"الفعلة الفظيعة ذات الطابع المناهض للإسلام" والتي أودت بحياة مغربي (47 عاما) يقطن في فوكلوز (جنوب)، وقتل الضحية بعد تلقيه 17 طعنة سكين داخل منزله، فيما أصيبت زوجته بجروح قبل أن تبلغ الشرطة. فيما قتل مغربي بعد أن تلقى 17 طعنة سكين في فوكلوز (جنوب فرنسا) في جريمة نددت بها منظمة إسلامية باعتبارها تندرج في إطار "كراهية الإسلام". واقتحم رجل (28 عاما) مسلح بسكين منزل جاره بعد أن هشم الباب ثم سدد لجاره محمد المكولي (47 عاما) عدة طعنات قبل نزع سلاحه. وعاد إلى منزله بحثا عن سكين آخر وسدد طعنات أخرى لوالد الأسرة الذي تلقى ما مجموعه 17 طعنة. وهربت زوجة الضحية التي أصيبت عند محاولتها التصدي للمعتدي مع رضيعها وأبلغت الأمن.
وندد المرصد الوطني لمكافحة كراهية الإسلام في بيان ب"الفعلة الفظيعة ذات الطابع المناهض للإسلام". وبحسب رئيس المرصد عبد الله زكري، فإن زوجة الضحية شهدت بأنها سمعت المعتدي يصرخ "أنا ربك.. أنا إسلامك".
وقالت نيابة أفينيون "سيتم التثبت مما إذا كانت الجريمة تندرج في سياق كراهية الإسلام في إطار التحقيق". وعثر على المعتدي قرب مكان الجريمة وصرح بأقوال متضاربة وقد أدخل مستشفى نفسي حيث أشير إلى أنه يعاني من انفصام، بحسب النيابة. ووجهت إليه تهمة القتل.
الافتاء الاردنية تتهم
في السياق نفسه اتهمت دائرة الافتاء الاردنية في بيان نشر مؤخرا مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة ب"تأجيج الكراهية والفتنة في العالم اجمع" بعد نشرها رسما جديدا "مسيئا" للنبي محمد. واكدت دائرة الافتاء في بيانها "ما نشرته الصحيفة الفرنسية من الاساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم دليل على توافر القصد لتأجيج الكراهية والفتنة في العالم أجمع، الأمر الذي يجب الوقوف ضده بكل حزم وإصرار". بحسب فرانس برس.
واوضحت ان "رسل الله وأنبياؤه هم صفوة الخلق وأحبهم إلى الله عز وجل (...) والاساءة لأي رسول كريم منهم هي اساءة لجميع الرسل لاننا معشر المسلمين لا نفرق بين احد من المرسلين". واضاف "كما اننا لا نقبل الاساءة لأنبياء الله جميعا، فاننا لا نقبل الاساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم". وحملت الدائرة "المسلمون جميعا مسؤولية الدفاع" عن النبي محمد "من خلال التحلي بأخلاقه القرآنية وابراز صورته الحسنة المشرقة الناصعة امام العالم (...) والبعد عن العنف والارهاب والقتل، الذي لا يؤدي الا إلى تشويه صورة الاسلام والمسلمين".
ونشرت الصحيفة الفرنسية على صفحتها الاولى رسما كاريكاتوريا للنبي محمد يذرف دمعة حاملا لافتة كتب عليها "انا شارلي" على غرار الملايين الذين تظاهروا الاحد دفاعا عن حرية التعبير. وكتب على اعلى الرسم بالعنوان العريض "كل شيء مغفور" في عبارة تهدف الى التهدئة وتتناقض مع اسلوب الصحيفة الهزلي.
إحراق الكنائس!
على الصعيد نفسه أحرقت عشر كنائس في نيامي النيجيرية بأيدي متظاهرين كانوا يحتجون على رسم كاريكاتوري للنبي محمد نشرته أسبوعية "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة. وإضافة إلى مقتل خمسة أشخاص في نيامي توسعت التظاهرات لتشمل أيضا مدينة مارادي الواقعة بين نيامي والمدينة الثانية في البلاد زيندر التي شهدت تظاهرات أدت إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة 45 آخرين بجروح. وأفاد مصدر أمني مساء أن 255 مسيحيا لجأوا إلى ثكنة عسكرية في زيندر (جنوب) كما اختبأ نحو 70 شخصا في كنيسة إنجيلية بحماية نحو مئة عنصر من الشرطة خوفا من أعمال الشغب، حسب ما أفاد اثنان منهم. وأعلنت فرنسا "إدانتها للجوء إلى العنف في نيامي والبارحة في زيندر" كما أعلن وزير الخارجية لوران فابيوس في بيان حرص فيه على "الإعراب عن تضامنه مع سلطات النيجر". ونتيجة هذا الفلتان أصدر نحو عشرين من العلماء المسلمين في البلاد نداء دعوا فيه السكان إلى الهدوء.
وقال الداعية ياو سونا عبر التلفزيون الرسمي موجها كلامه إلى المتظاهرين "لا تنسوا أن الإسلام لا يرضى بالعنف. أدعو الرجال والنساء إلى الهدوء. إن الإسلام لا يقبل أعمال التخريب". كما قال شيخ آخر "أدعو الشبان الذين يتحركون بدافع الحمية الإسلامية إلى وقف أعمال العنف هذه التي تصيبنا جميعا". وأحصيت في نيامي ثماني كنائس محروقة غالبيتها إنجيلية على الضفة اليسرى لنهر النيجر، واثنتين على الضفة اليمنى. كما تم تخريب العديد من الحانات والفنادق ومتاجر بيع مشروبات وأغذية يملكها غير المسلمين أو أي مقار تحمل علامة تدل أنها لشركات فرنسية بحسب فرانس بريس. وقتل خمسة اشخاص في نيامي خلال تظاهرات عنيفة احتجاجا على نشر اسبوعية شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة رسما كاريكاتوريا للنبي محمد، وذلك غداة مقتل خمسة اشخاص آخرين في زيندر، ثاني كبرى مدن النيجر، كما اعلن الرئيس محمدو ايسوفو. وقال ايسوفو في خطاب الى الامة انه "في نيامي الحصيلة هي خمسة قتلى، جميعهم مدنيون وبينهم اربعة قتلوا في كنائس وحانات"، مضيفا انه تم ايضا العثور صباح السبت على "جثة متفحة داخل كنيسة" في زيندر، لتضاف الى القتلى الاربعة الذي سقطوا في المدينة الجمعة. وكانت الحصيلة السابقة التي اعلنها وزير الداخلية حسومي مسعودو مساء الجمعة لأعمال العنف في زيندر بلغت اربعة قتلى و45 جريحا. واضاف ايسوفو في خطابه الذي بثه التلفزيون الوطني ان "ما جرى عندنا بالامس في زيندر واليوم في نيامي يدعونا للسؤال: هذه الكنائس التي احرقت، هل يمكننا القبول بهذا الامر؟ أي ذنب ارتكبته كنائس النيجر ومسيحيوها؟".
وتابع "اولئك الذين ينهبون دور العبادة هذه ويدنسونها ويضطهدون ويقتلون مواطنيهم المسيحيين او الاجانب المقيمين في بلادنا لم يفهموا شيئا من الاسلام". واضافة الى العاصمة نيامي توسعت التظاهرات لتشمل ايضا مدينة مارادي الواقعة بين نيامي والمدينة الثانية في البلاد زيندر التي شهدت تظاهرات دموية الجمعة. وافاد مصدر امني مساء السبت ان 255 مسيحيا لجأوا الى ثكنة عسكرية في زيندر (جنوب) كما اختبأ نحو 70 شخصا في كنيسة انجيلية بحماية نحو مئة عنصر من الشرطة خوفا من اعمال الشغب، حسب ما افاد اثنان منهم وكالة فرانس برس. واعلنت فرنسا "ادانتها للجوء الى العنف اليوم في نيامي والبارحة في زيندر" كما أعلن وزير الخارجية لوران فابيوس في بيان حرص فيه على "الاعراب عن تضامنه مع سلطات النيجر".
صدامات في كراتشي
وأطلقت الشرطة الباكستانية طلقات تحذيرية واستخدمت خراطيم المياه لتفريق متظاهرين ينتمون لحزب "الجماعة الإسلامية"، كانوا يحتجون بعد صلاة الجمعة على مجلة "شارلي إيبدو" أمام قنصلية فرنسا في كراتشي. و"الجماعة الإسلامية" من بين كبرى الأحزاب الإسلامية في باكستان.
وقد دعت "الجماعة الإسلامية"، وهي من بين كبرى الأحزاب الإسلامية في باكستان، إلى تظاهرات وطنية بعد صلاة الجمعة للاحتجاج على نشر أسبوعية "شارلي إيبدو" الساخرة رسما جديدا يمثل النبي محمد على صفحتها الأولى في أول عدد أصدرته الأربعاء بعد الهجوم الذي تعرضت له في 7 كانون الثاني/يناير وأسفر عن مقتل 12 شخصا. ونظمت كذلك تظاهرات الجمعة في إسلام آباد ولاهور (شرق) وبيشاور (شمال غرب) وفي مولتان (وسط) حيث تم حرق علم فرنسي.
فيما دانت باكستان، ثاني بلد مسلم في العالم حيث يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة، الاعتداء على "شارلي إيبدو" لكن خلال الأيام الأخيرة اشتد الجدال لاسيما إثر خروج تظاهرة في بيشاور (شمال غرب) وندد رئيس الوزراء نواز شريف والبرلمان بإجماع أعضائه بنشر رسم جديد يمثل النبي محمد على الصفحة الأولى لـ "شارلي ايبدو" الأربعاء واعتبروه "تجديفا". وأعلن وزير الشؤون الدينية الفدرالي سردار يوسف العضو في حزب "الرابطة الإسلامية" الباكستانية أن "وسائل الإعلام التي نشرت تلك الرسوم يجب حظرها ويجب ضبط كل النسخ وحرقها".
ونددت "جماعة الأحرار"، أحد فصائل حركة "طالبان" الباكستانية المتمردة بالرسم الجديد وأشادت بمرتكبي الهجوم على "شارلي إيبدو" ودعت إلى الاقتصاص من "أعداء الإسلام" كما اكدت فرانس بريس.
النمسا ومركز الحوار بين الاديان
في سياق متصل دعا المستشار النمساوي فيرنر فايمان بلاده إلى الانسحاب من مركز للحوار بين الأديان ترعاه السعودية في فيينا أصبح محور جدل شديد بشأن سجل حقوق الإنسان في المملكة. واصبح فايمان أحدث وأكبر سياسي نمساوي يقترح الانسحاب من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الاديان والثقافات الذي افتتح في عام 2012. ودفعت السعودية تكاليف القصر الذي يأوي المركز وتحملت ميزانية السنوات الثلاث الاولى. وقال فايمان لصحيفة دير ستاندارد في مقابلة نشرت مؤخرا "هذا المركز لا يفي على الاطلاق بهدف الحوار ويلزم الصمت بشأن القضايا الاساسية لحقوق الانسان. لن نتسامح ازاء هذا. أعتقد ... اننا يجب ان ننسحب (منه)." وكانت النمسا في الايام الاخيرة قد انتقدت الحكم الذي صدر بجلد مدون سعودي 1000 جلدة لادانته بالإساءة للإسلام. واستدعت وزارة الخارجية السفير السعودي لتقديم احتجاج رغم انه تم تأجيل جولة ثانية من الجلد العلني.
وقالت وزيرة العدل السابقة كلاوديا بانديون-أورتنر نائب رئيس المركز التي تعرضت لانتقادات في العام الماضي بسبب تصريحاتها التي بدا انها تقلل فيها من شأن سجل حقوق الانسان السعودي لوكالة أنباء إيه.بي.إيه. انها ستستقيل من منصبها قريبا. ودعا وزير الخارجية سباستيان كورتس الذي ينتمي لحزب الشعب المحافظ الى التحلي بضبط النفس في الوقت الذي يقوم فيه باعداد تقرير بحلول منتصف العام بشأن مدى التزام المركز بمهمته. وحذر الرئيس النمساوي هاينز فيشر والكردينال الكاثوليكي كريستوف شونبورن من رد فعل متسرع. ورغم تمويل الرياض فان مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الاديان والثقافات ليس كيانا سعوديا. وتدعمه معاهدة دولية وقعتها النمسا واسبانيا والسعودية. والفاتيكان مراقب مؤسس وله تمثيل في مجلس ادارة المركز الذي بموجب المعاهدة يجب ان يضم ثلاثة مسيحيين وثلاثة مسلمين ويهوديا وهندوسيا وبوذيا. وفي نوفمبر تشرين الثاني ندد الزعماء الكبار المسلمين والمسيحيين واليهود بعنف المتشددين الجهاديين مثل تنظيم الدولة الاسلامية في مؤتمر عقده المركز. ولم يتسن على الفور الاتصال بأحد في المركز للتعقيب على تصريحات فايمان.
في السياق نفسه اوردت رويتر أن السعودية تتعرض لضغوط من دول غربية بسبب جلد المدون رائف بدوي الذي أدين بالإساءة للإسلام.. لكن يبدو أن المملكة أشد قلقا من المخاطرة بإثارة غضب محافظيها إن هي أعفته من العقوبة. وزادت الملابسات السياسية التي تكتنف عقوبة جلد بدوي على دفعات أسبوعية بالهجوم على مقر صحيفة شارلي إبدو الأسبوعية الساخرة في باريس ونشر الصحيفة رسوما جديدة للنبي محمد يوم الأربعاء. وتحاول المملكة صف المسلمين المحافظين وراءها في حملة على متشددي تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية لكنها أثارت غضب كثيرين منهم لما رأوه موقفا ضعيفا من جانبها في قضية الرسوم الساخرة. كانت الرياض قد أصدرت بيانا يدين الهجوم على مقر شارلي إبدو -وهي إدانة رددها محافظون سعوديون- لكنها لم تنتقد الرسوم الساخرة بشدة كما أن سفيرها في باريس شارك في مسيرة تضامن في باريس رفع مشاركون فيها الرسوم المسيئة للنبي. وقال مصطفى العاني وهو خبير أمني عراقي تربطه صلات قوية بوزارة الداخلية السعودية "هم تحت ضغط في الداخل خاصة من جانب السلفيين كي يعاقبوا أمثاله. إنها مسألة تتعلق بشرعية الدولة. علينا أن نتذكر أن هؤلاء الناس لهم نفوذ كبير في الشارع." ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين السعوديين.
وانتقدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحكم على بدوي الذي كان قد اتهم رجال الدين بالتطرف في موقعه (الليبراليون السعوديون) والذي أثار موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي. والرجوع عن إدانته سيبدو لبعض الإسلاميين السعوديين خيانة للقيم الإسلامية الأساسية. وعلى خلفية الاضطراب الإقليمي أصدرت السلطات عقوبات أقسى على مختلف أشكال المعارضة من قيادة النساء للسيارات إلى التعليقات المؤيدة للإسلاميين المتشددين على مواقع التواصل الاجتماعي وزادت استخدام عقوبة الإعدام التي تنفذ بحد السيف. يزيد على ذلك أن كبار رجال الدين يهيمنون على سلطة القضاء الأمر الذي يجعل إلغاء أحكامه أمرا غير مريح بشكل خاص للأسرة الحاكمة لأنها غير منتخبة وتعتمد على تأييد رجال الدين في جزء من شرعيتها.
المحافظون لماذا غاضبون؟
في مثال على الغضب الذي يعتمل في نفوس المحافظين قال الناشط الإسلامي محسن العواجي لرويترز إنه لن يتحدث عن قضية بدوي بسبب غضبه إزاء نشر رسوم جديدة تصور النبي في شارلي إبدو. وقال إنه لا وقت الآن للتفكير في قضية بدوي وسط "الكراهية التي يبديها الغرب تجاه كل المسلمين" بنشر الصور المسيئة للنبي. وقام مسؤول في وزارة الداخلية بجلد بدوي 50 جلدة يوم الجمعة 9 يناير كانون الثاني. وتأجل جلده 50 جلدة أخرى الجمعة 16 يناير لأسباب طبية بحسب مصدر تحدث إلى رويترز. وسيجلد بدوي 50 جلدة كل أسبوع إلى أن يجلد ألف جلدة ثم يبدأ في تنفيذ باقي الحكم بسجنه عشر سنوات أيضا. ولا تكاد الصحافة السعودية تورد الجدال الدائر حول جلد بدوي مما يبرز الحساسيات الرسمية تجاه المسألة. لكن هناك جدالا في وسائل التواصل الاجتماعي حول عدالة العقوبة. وأشارت تغريدة على تويتر تحمل اسم فاطمة إلى أن السعودية تدين الهجمات الإرهابية على شارلي إبدو في فرنسا بينما تجلد في نفس الوقت بدوي لأنه استعمل الحق في حرية التعبير. ووصفت الحكومة السعودية بالجهل. لكن رأي إبراهيم الزبيدي -وهو مستخدم آخر لتويتر- والذي تمثل في أن كل من يهاجم الإسلام يستحق مصير بدوي يبدو أكثر تطابقا مع آراء السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال العواجي إن العناصر المحافظة ربما تتعاطف مع المتشددين بعد هجمات شارلي إبدو. وأضاف أن الناس غاضبون من الحكومة لاعتقادهم أنها تبدي احتراما للغرب أكثر مما تبديه للنبي. وتابع أن السعوديين شاركوا في مظاهرة باريس بينما رفعت فيها رسوم تسىء للرسول.
تصاعد الضغط الغربي
وعملت الأسرة الحاكمة في السعودية بقوة خلال العقد الماضي على بناء قاعدة تأييد دينية لحملتها على تنظيم القاعدة ثم في الآونة الأخيرة على تنظيم الدولة الإسلامية الذي يهاجمها لعلاقاتها بالغرب وحملتها على خطوات متدرجة لنشر الليبرالية في المجتمع السعودي. وسجن رجال دين أيدوا الجماعات المتشددة علنا وعزل آخرون بسبب تعليقات اعتبرت متطرفة ومارست السلطات ضغوطا على مدى سنوات على كبار رجال الدين ليدينوا القاعدة والدولة الإسلامية والجماعات المماثلة باعتبارها جماعات "ضالة". أما مصدر الانتقادات الغربية الشديدة للسعودية فيتمثل في تطبيقها الحدود بما فيها الإعدام بحد السيف والجلد وكذلك فيما يعتبره الغرب حرمانا للمرأة من المساواة بالرجل. لكن عندما زار الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرياض في مارس آذار قالت واشنطن إنه لم يناقش حقوق الإنسان مع الملك عبد الله في الاجتماع الذي تركز على الصراعات في المنطقة مما يعكس حدود الضغط الغربي.
ومع ذلك أوقف آل سعود أحيانا تطبيق بعض الحدود في قضايا أثارت غضبا عالميا على نحو خاص مثل معاقبة ضحايا الاغتصاب لتجاهلهن قيود الفصل بين الجنسين. وبينما يبدو من غير المرجح أن يثير الملك عبد الله غضب الرأي العام في الداخل بإصدار عفو عن بدوي قال العاني إنه يمكن أن يستجيب للضغط الدولي المتزايد بوقف الجلد قبل اكتماله لكن دون إصدار قرار رسمي.
وفي شأن ادانة الرسوم المسيئة قال فهد بن سعد الماجد الأمين العام لهيئة كبار العلماء في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية "جرح مشاعر المسلمين بهذه الرسومات لا يخدم قضية ولا يحقق هدفا صائبا وهو في المحصلة النهائية خدمة للمتطرفين الذين يبحثون عن مسوغات للقتل والإرهاب." وبعد هجوم على مقر شارلي إبدو في باريس من قبل مسلحين إسلاميين أسفر عن مقتل 12 شخصا نشرت الصحيفة في طبعتها الأولى رسما على غلافها للنبي محمد وهو يبكي. ونشرت الصحيفة رسوما عديدة تسخر من الرموز الدينية ومن بينها المسيح والبابا فرنسيس والنبي محمد. وأعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن الهجوم وقال إن قيادته أمرت بشن الهجوم ردا على إهانة النبي. وفي حين أدان زعماء مسلمون في جميع أنحاء العالم بشدة الهجوم قال كثيرون إن قرار نشر رسوم جديدة للنبي محمد استفزاز من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل عنيف. وقال بيان هيئة كبار العلماء "واجب العالم أن يصنع الاحترام المتبادل والتعايش البناء ولن يكون ذلك بإهانة المقدسات والرموز الدينية." وأصدرت الرياض بيانا لإدانة هجوم الأسبوع الماضي لكنها لم تنتقد بشدة الرسوم. وتحاول المملكة حشد المسلمين المحافظين خلف حملة ضد المتشددين الإسلاميين في تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية لكنها أثارت غضب كثيرين لما اعتبروه ردا ضعيفا على الرسوم.
تركيا وإسرائيل، حرب كلامية
وقد دارت حرب كلامية بين تركيا وإسرائيل بخصوص الهجمات الإرهابية التي ضربت باريس الأسبوع الماضي، فبعد أردوغان الذي استغرب "كيف تجرأ نتانياهو بالتظاهر ضد الإرهاب في باريس، اتهم رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو نتانياهو بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" في غزة شبيهة بتلك التي ارتكبها الإرهابيون في باريس. وتتواصل الحرب الكلامية بين أنقرة وتل أبيب غداة التجمع الدولي الذي شهدته باريس ضد الإرهاب وحضره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، حيث اتهم رئيس الوزراء التركي الإسلامي المحافظ أحمد داود أوغلو الخميس نظيره الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" في قطاع غزة شبيهة بما ارتكبه "الإرهابيون" الذين نفذوا اعتداءات باريس الأسبوع الماضي. وقال داود أوغلو للصحافيين قبل المغادرة في زيارة لبروكسل أنه "على غرار الإرهابيين الذين نفذوا مجازر باريس، ارتكب نتانياهو جرائم ضد الإنسانية على رأس حكومة نفذت مجزرة بحق أطفال كانوا يلعبون على شواطئ غزة".
وأدلى رئيس الوزراء التركي بتصريحاته وسط حرب كلامية محتدمة بين تركيا وإسرائيل وفي وقت تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه "يصعب عليَّ أن أفهم كيف تجرأ" نتانياهو على المشاركة في التظاهرة التي جرت في فرنسا مؤخرا. ورد نتانياهو منددا بـ"الكلام المعيب" وأكد أن "على المجتمع الدولي أن يعلن رفضه لتصريحاته (أردوغان) المعيبة لأن الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تنجح إلا إذا اتبعت مبادئ أخلاقية واضحة". وغالبا ما ينتقد أردوغان الذي يحكم تركيا بلا منازع منذ العام 2003 الدولة العبرية وقد اتهمها في تموز/يوليو بأنها "تخطت هتلر على صعيد الوحشية".
إردوغان و "صراع الحضارات"
في سياق مقارب حذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من "صراع الحضارات" بعد هجمات إسلاميين متشددين في باريس وبدا أيضا ينتقد فرنسا لسماحها لزوجة أحد المسلحين بالسفر إلى سوريا عبر تركيا. ومن قبل اتهم إردوغان -وهو مسلم سني متدين- الغرب بالنفاق بعد الهجمات التي أوقعت 17 قتيلا بينهم 12 في هجوم على مقر الصحيفة الأسبوعية الساخرة شارلي إبدو. وقتل المسلحون الثلاثة أيضا في عمليات أمنية.
وقال إردوغان في اجتماع لرجال الأعمال في العاصمة التركية أنقرة إن شارلي إبدو معروفة برسومها الاستفزاية. وأضاف إردوغان الذي صار منتقدا صريحا بشكل متزايد لما يراه تصاعدا لرهاب الإسلام (إسلاموفوبيا) "نتابع بقلق شديد الهجمات على الإسلام التي تختبىء وراء الهجمات على المجلة (الصحيفة) الساخرة في فرنسا." وتابع "رغم كل جهودنا لمنعه فإن ما يقال إنه صراع الحضارات يعاد إلى الحياة." ونشرت شارلي إبدو رسوما عديدة سخرت من المسيح والنبي محمد وشخصيات دينية مثل البابا فرنسيس. وفي أول عدد صدر من الصحيفة بعد الهجوم على مقرها نشرت رسما جديدا للنبي محمد أثار غضبا جديدا لدى بعض المسلمين.
وقال إردوغان إن قرار الصحيفة طبع ملايين النسخ من هذا العدد لا صلة له بحرية التعبير بل إنه على خلاف ذلك "إرهاب لحرية الآخرين." ويجري حاليا التحقيق مع صحيفة تركية نشرت بعض محتويات العدد. ودون ذكر اسماء بدا إردوغان يقصد السلطات الفرنسية التي سمحت لحياة بومدين زوجة أحد المسلحين بالسفر إلى تركيا في الأيام التي سبقت الهجمات. ويعتقد أنها في سوريا الآن. وقال إردوغان "إنهم يتحدثون عن الأشخاص الذين يسافرون من تركيا لكن يجب أن يتعلموا أولا كيف يفحصون جوازات السفر لهؤلاء الناس وهم يغادرون دولتهم."
وشددت تركيا إجراءات الأمن على حدودها بعد أن واجهت انتقادات لسماحها لمئات الأوروبيين بدخول سوريا المجاورة للانضمام إلى جماعات متطرفة من بينها تنظيم الدولة الإسلامية. وقال مسؤول فرنسي هذا الأسبوع إن التعاون المخابراتي بين باريس وأنقرة قوي مشددا على أن تركيا لم تخطىء لأنها لم تلق القبض على حياة بومدين. وقال المسؤول لرويترز "هذا ليس ويجب ألا يكون موضوعا لأن هناك الكثير مما لا يزال يجب فعله وهناك أشخاص آخرون نحتاج لتعقبهم. إننا لا نلوم تركيا مطلقا."
وتركيا حليف رئيسي للغرب في معركته ضد الجهاديين الاسلاميين. لكن زعماءها أصبحوا قلقين بدرجة أكبر بشأن ما يرون انه خوف متصاعد من الاسلام في أوروبا فضلا عن تزايد انتقاداتهم الحادة لاسرائيل.
الغرب والايديولوجية الخبيثة
من جانبه تعهد الرئيس الامريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالتصدي "للايديولوجية الخبيثة" للمتطرفين الاسلاميين وقالا انه يجب السماح لأجهزة المخابرات بتعقب المتشددين على الانترنت رغم المخاوف المتعلقة بالخصوصية. وعقد أوباما وكاميرون محادثات بالبيت الابيض على مدى يومين وسط مخاوف متزايدة في أوروبا بشأن الخطر الذي يمثله المتطرفون بعد مقتل 17 شخصا في هجمات في باريس وخوض السلطات البلجيكية معركة بالاسلحة النارية مع من يشتبه أنهم ارهابيون. وقال كاميرون في مؤتمر صحفي مشترك بالبيت الابيض مع أوباما بعد محادثاتهما "إننا نواجه أيديولوجية خبيثة ومتعصبة تريد ان تشوه أحد الاديان الرئيسية في العالم وهو الاسلام وصناعة صراع وارهاب وموت. سوف نواجهها مع حلفائنا أينما ظهرت."
وقال أوباما انه وكاميرون يتفقان على ان أجهزة المخابرات والقوة العسكرية وحدهما لن يحلا المشكلة وعلى العمل معا بشأن "استراتيجيات لمواجهة التطرف العنيف الذي يؤدي الى تجنيد عناصر ودفعها للتشدد ويحشد الناس وخاصة الشبان لممارسة الارهاب." وتمثل قدرة المتطرفين على التواصل ونشر دعاية بشأن التجنيد على الانترنت تحديا للسلطات. وعبر أوباما وكاميرون عن مخاوفهما بشأن المواد المشفرة التي يمكن ان تمنع الحكومات من تعقب متطرفين يعتزمون تنفيذ هجمات. وتشعر شركات التكنولوجيا بالقلق من تقنيات المراقبة بعد ان سرب ادوارد سنودن المتعاقد السابق مع المخابرات الامريكية تفاصيل سرية بشأن الكيفية التي تجمع بها الحكومة البيانات من الشركات مثل جوجل وياهو ومايكروسوفت وإيه.تي.آند تي. وفيريزون. وقال كاميرون "إننا لا نسعى للابواب الخلفية" للوصول الى الاتصالات الالكترونية. وأضاف "إننا نؤمن بالابواب الامامية الشديدة الوضوح من خلال عمليات قانونية تساعد في المحافظة على البلد آمنا." وقال أوباما ان الجدل من جانب الجماعات المدافعة عن الحريات المدنية وعن الخصوصية كان "مفيدا" لكنه قال ان الضمانات القانونية قائمة لمنع الحكومة من القيام بدور "الشقيق الاكبر". واضاف أوباما ان الحكومة الامريكية تعمل مع شركات التكنولوجيا للتعامل مع مخاوف الخصوصية دون منع التحريات.
كاميرون يجيز الإساءة إلى الدين
فيما أبدى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، اختلافه مع حديث البابا فرانسيس، الأسبوع الماضي الذي قال فيه إن من الخطأ الاستهزاء بالديانات الأخرى. وقال كاميرون في مقابلة مع القناة الأمريكية، "سي بي إس" إنه في مجتمع حر، يحق لأي شخص الإساءة إلى ديانة شخص آخر. وأضاف كاميرون قائلا إن وسائل الإعلام يجب أن تكون قادرة على نشر أشياء حتى لو كانت مسيئة للبعض طالما أن الأمر لا يتجاوز حدود القانون. وجاء كلام كاميرون في سياق مقابلة مع برنامج "واجه الأمة" على القناة المذكورة إذ طلب منه مقدم البرنامج الإجابة عن سؤال بشأن كيفية إيجاد التوازن الصحيح (بين احترام الأديان والحق في حرية التعبير) في أعقاب قول البابا إن ثمة حدودا لحرية التعبير.
وكان البابا قال إن الأديان يجب أن تحظى بالاحترام بحيث لا يُساء لمعتقدات الناس أو يُستهزأ بها. وأجاب كاميرون على السؤال المطروح عليه قائلا "أعتقد أنه في مجتمع حر، يحق الإساءة إلى الدين". وأوضح كاميرون قائلا "أنا مسيحي، وإذا قال شخص كلاما مسيئا للمسيح، فإني قد أجد كلامه مسيئا، لكن في مجتمع حر، لا يحق لي الانتقام منه". وأضاف رئيس الوزراء البريطاني قائلا "طالما أن المطبوعات تلتزم بالقانون، فإن من حقها (أي المطبوعات) نشر أي شيء حتى لو كان مسيئا للبعض". وقال كاميرون الذي يزور الولايات المتحدة بخصوص التهديدات الإرهابية الحالية "بصراحة، نحن في هذا الصراع ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف منذ أكثر من عقد ونصف العقد، ولهذا، نعرف ماذا ينبغي القيام به لتحقيق الانتصار (على الإرهاب). يتطلب الأمر الكثير من المثابرة". وأضاف رئيس الوزراء قائلا "رغم أن التهديات أخذت أشكالا مختلفة، فإنها لا تزال قائمة بسبب وجود مشكلة جوهرية في قراءة تقدس الموت المسموم، وهذا تحريف لإحدى الديانات الرئيسية في العالم".
وقال أسقف أوكسفورد السابق، ريتشارد هاريز، في مقال نشره في صحيفة الإندبندنت أون صنداي البريطانية إن البابا أخطأ عندما أدلى بهذا الكلام. وأوضح الأسقف قائلا "أنا معجب بشدة بالبابا، لكن فيما يخص أننا لا يجب أن نسيء إلى ديانات الآخرين، فإنني شعرت بالذعر عندما قال بأن المرء يحق له توجيه لكمة لمن يسب أمه". وأضاف الأسقف قائلا إن "الإشارة إلى توجيه لكمة، يمكن أن تكون بسهولة مبررا لاستخدام العنف عند التعرض للإساءة". وكان البابا فرانسيس قد قال إنه من الخطأ استفزاز الآخرين بإهانة معتقداتهم. ودافع البابا عن حرية التعبير قائلا إن "القتل باسم الله أمر عبثي". وأضاف أن "لكل دين كرامته" وأن "هناك حدودا". وقال "اذا اساء صديق الى والدتك، فيمكنه ان يتوقع لكمة، وهذا امر طبيعي. لا يمكنك ان تستفز ولا يمكنك ان تهين دين شخص آخر. ولا يمكنك أن تهزأ منه". وقال "الكل يتمتع بالحرية، لكن أيضا بالالتزام بأن يتحدث عما يفكر فيه من أجل الصالح العام... لدينا الحق في أن نتمتع بهذه الحرية دون الإساءة".
اضف تعليق