q
{ }

عقد مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (مستقبل التحالف الوطني في ضوء متغيرات العملية السياسية بالعراق)، على قاعة جمعية المودة والازدهار بمشاركة مجموعة من الباحثين الأكاديميين والاعلاميين وناشطين في مجال حقوق الانسان.

وادار الحلقة النقاشية معاون مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية الدكتور قحطان طاهر، بادئا حديثه عن عملية تشكيل التحالفات السياسية وهي دائما ما تستند الى اسس المصلحة سواء كانت مصلحة عامة او خاصة، وتتحدد طبيعة هذه التحالفات وفق طبيعة الظروف التي تحيط بالعملية السياسية اثناء تشكيل تلك التحالفات سيما على المستويين المحلي والاقليمي والدولي، وبما ان التحالفات التي شكلت في العراق ودخلت العملية الانتخابية قد انشأت في ظروف خاضعة للتغيير ولا تتسم بالثبات، لذا برزت الكثير من الاحداث ادت بطبيعة الحال الى التأثير على هذه التحالفات لتشكل حينذاك ضاغطا عليها من اجل تغيير هذه التحالفات بطريقة او بأخرى، ولعل من اهم هذه الاحداث هي استيلاء داعش الارهابي على مناطق واسعة من العراق والتغيير في البيئة الدولية وخصوصا على مستوى الاتفاق النووي بين ايران والغرب.

وللبحث الاكثر في مستقبل التحالف الوطني واهم السيناريوهات المطروحة تم استضافة الدكتور احمد عدنان الميالي استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد ليعرض لنا اهم الاحتمالات المستقبلية للتحالف الوطني في ظل متغيرات العملية السياسية الجديدة الحاصلة الان وهي بطبيعة الحال مرهونة بثلاث احتمالات ديناميكية معقدة.

 الاحتمال الاول: احتمال التفكك والانشطار

ان فرضيات هذا الاحتمال تقوم على كون التحالف الوطني هو تحالف انتخابي وليس مؤسسة سياسية واقعية، كما انه شهد انسحابات سابقة وتعليق عضوية لأكثر من مرة لبعض من مكوناته، وفي اخر دورتين انتخابيتين دخلت مكونات هذا التحالف الانتخابات بشكل منفصل وحاولت ان تشكل الحكومة بعد الانتهاء من الانتخابات بعيدا عن بقية القوى والاطراف، لكنها لم تنجح فتحالفت مع القوى الاخرى داخل التحالف الوطني وهو كما يسمى تحالف الامر الواقع، ليكون هدفها الاساسي ليس تمثيل مكونات الشعب العراقي بكل مصالحه المتوافقة والمتعارضة بقدر ما كان الهدف الاسمى هو رئاسة الحكومة.

موضحا: بروز منافس قوي للتحالف الوطني وهو الحشد الشعبي وتحوله الى مؤسسة انتخابية وسياسية وتحمل مشروع سياسي واعد، ناهيك عن تجربة مجالس المحافظات في العام 2013 هي الاخرى غيرت طبيعة التحالفات وحولتها الى صراعات واضحة، حيث شهدت الساحة تسقيط سياسي واداري لأكثر من محافظ سبقها التفاف واتفاقات فككت التحالف الوطني على مستوى المجالس، وهذا مؤشر على فرضية انتهاء التحالف الوطني وانشطاره، خصوصا وان مكونات ذلك التحالف دائما تبحث عن مزاياها الخاصة بشكل منفصل عن مكوناته بل وتسعى ايضا الى تعزيز رؤيته الخاصة وتقوية قواعدها الخاصة ناهيك عن هيمنة كاريزما قياداته التي تعيش حالة من التنافس والصراع اكثر من حالة التعاون والانسجام.

وبين الميالي: وهذا ينسحب تلقائيا على مسالة الاصلاحات والتغيير الحكومي وتمكين اجراءات مكافحة الفساد اذ لا توجد هناك رؤية موحدة اتجاه هذه الامور، وعلى هذا الاساس جاءت خطوة كتلة التيار الصدري منصبه بهذا الاتجاه حينما علقت عضويتها في التحالف الوطني ودعت الى تظاهرات واعتصامات ووصل الامر الى حد اجهاض العملية السياسية برمتها اذا لم تنفذ رؤيتها الخاصة بالإصلاح، كما ان موقف مكونات التحالف الوطني اتجاه السياسية الخارجية هو الاخر يسير بذات السياق حيث لا توجد رؤية موحدة بل هناك سياسات خارجية متعددة والامر ايضا ينسحب على خطاب التحالف الوطني حينما يغوص في تفاصيل العلاقات الدولية فالخطاب الدولي معاد لبعض الاطراف وصديقا لبعض الاطراف الاخرى، فلابد من تبادل الادوار بين قوى التحالف الوطني دون المساس بالثوابت المتفق عليها هذه هي اهم الفرضيات الواردة.

اما بخصوص نتائج هذا الاحتمال فهي تتلخص بالنقاط التالية:

1- في حال تفكك التحالف الوطني بشكل نهائي فان فرصة تحقيق اغلبية سياسية شبه معدومة.

2- القاعدة الشعبية الممثلة لهذا التحالف ستكون متأرجحة

اما بالنسبة للتوصيات والحلول والمطروحة كي نحظى بفرصة عدم تشظي التحالف الوطني فهي تتركز على النحو الاتي:

1- عدم اقتصار انشطة القوى السياسية داخل التحالف الوطني على مراهنات وتحركات انتخابية محدودة وانتهاج عمل سياسي مجتمعي ثقافي مستمر له تأثير وحضور.

2- تحويل التحالف الوطني الى مؤسسة سياسية عامة ضد التآكل وتقوية محاولات التجديد للقيادات بشكل ديمقراطي وسليم.

3- على قوى التحالف الوطني العمل على تجاوز اوضاع التشرذم وتشكيل قطب سياسي يوجه العمل السياسي فكرا وممارسة.

4- الاتفاق على انتهاج خطاب سياسي خارجي موحد عبر اتفاق قوى التحالف بتوحيد رؤاهم لتطوير العلاقة مع المحيط الخارجي من دون تقاطعات.

5- دعم الحركات الاحتجاجية وتبني الخيارات الشعبية

الاحتمال الثاني: هو بقاء التحالف على ما عليه

 اي التفكك والاجتماع ايام الانتخابات فقط، وهنا تبرز ثمة تقسيمات داخل كل قوة من قوى التحالف الوطني وهو امر طبيعي في علم السياسة وهذا يعزز فكرة عدم سقوط الحكومة في ظل هكذا تحالفات، النقطة الاخرى هذه القوى اندمجت في مشروع السلطة عبر هذا التحالف فبدل ان تكون اطراف هذا التحالف في المعارضة وخارج السلطة ابقى التحالف جميع القوى داخل السلطة رغم تناقضاته السياسية، وسمح لها بتكوين جمعيات ونقابات ومؤسسات استفادة من الحقائب الوزارية واستخدمتها لتجنيد الجمهور كي تمنعهم من الانشطار والنقطة التالي هي فوبيا الاخر من اهم نتائج هذا الاحتمال هي:

1- بقاء التحالف الوطني مكبلا وعاجزا كما هو الان.

2- التحالف الوطني فقد قدرته وسيبقى في حالة جمود

الحلول المتوقعة على النحو التالي:

1- يوجد امام التحالف الوطني فرص محدودة للتحرك نحو الفعل الحكومي.

2- الذهاب للنجف الاشرف لإعطاء فرصة لإعادة ثقة للمرجعية للبقاء على التحالف الوطني ودعم هذه المبادرات

الاحتمال الثالث: الاندماج والتكامل

 اهم فرضيات هذا الاحتمال هي:

1- النجاح السياسي في تنفيذ البرنامج السياسي الحكومي من خلال مساندة التحالف الوطني للبرنامج الحكومي وتأييد مستمر لمشاريع القوانين.

2- الضغط الشعبي المتصاعد والرافض للفعل السياسي بشكل عام قد يوحد قوى التحالف الوطني وهذا الفعل سوف يحقق استعادة الثقة من قبل المجتمع واعادة رصيده الضائع لدى الجماهير.

3- تراجع النفوذ الايراني في العراق بنسبة 80% بسبب الاتفاق النووي لصالح المظلة الامريكية

واخيرا نتائج هذا الاحتمال:

1- تحول التحالف الوطني من مظلة للأحزاب والقوى الشيعية الى تحالف وطني عراقي منفتح على كل المكونات والاحزاب الاخرى.

2- اسقاط كل الرهانات على اسقاط العراق وجعل كل الازمات داخل الحدود لا خارجها.

3- تقسيم القدرات بين الدولة والاحزاب والمجتمع من اهم ملامح الاستقرار السياسي الاجتماعي في النظم الديمقراطية.

المداخلات:

اوضح الحاج جواد العطار عضو الائتلاف الوطني العراقي والقيادي في المجلس السياسي للعمل العراقي: الى ان بدايات تشكيل التحالف ودوافعه الاساسية تسير باتجاه تجسير الاستحقاق السياسي للأكثرية، الهاجس الاخر هو الاحساس التاريخي بالإقصاء النقطة الاخرى التي تحكمت في التشكيل وبقائه هي الاستحقاق الانتخابي وما يعرف بالمحاصصة داخل نفس التحالف، طبعا هناك مؤثرات قد تعترض طريق هذا التحالف بداية واستمرارا ومستقبلا وهذا يتمحور حول دور ايران والمرجعية والتحديات الداخلية والتحديات الخارجية، الشيء الاخر لابد ان نشير الى وجود سلبيات رافقت هذا التحالف حيث يوجد اختلاف تاريخي في الرؤى بين مفاصل ذلك التحالف، اضف الى ذلك التحالف لم يستطع الى الان ان ينجز نظام داخلي يحتكم اليه لحل المشاكل العالقة كذلك الحال بالنسبة لعملية انتخاب رئيس للتحالف هي ايضا تواجه مخاض صعبة. المكون العقلي للتحالف الوطني ينظر لموضوعة المكاسب باهتمام بالغ. أما بالنسبة لمستقبل التحالف الوطني اعتقد سوف يراوح في مكانه ولفترة طويلة الا في حالات معينة وخارج الحسابات الاعتيادية.

من جهته أشار مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام علي الطالقاني الى ضرورة العودة الى الخلف كي نراقب عن نشأة التحالف الوطني منذ تأسيسه فان سمة تشكيل هذا التحالف قامت على اساس ادارة البلاد لكن النهج الذي اتبع من قبل قيادة التحالف كان يسير دون رؤية حقيقة لإدارة العملية السياسية، السبب الاخر كانت دوافع التشكيل لا تخلو من اصطفاف سياسي ونوع ما طائفي نتيجة الضغوط الطائفية التي تمر بها المنطقة والخوف من الاخر، في وقت يفترض على التحالف الشيعي ان يبادر لاحتواء الجميع من اجل ادارة العملية السياسية.

وأضاف اما مرحلة الادارة هي ايضا أفرزت عامل مهم وهو عدم وجود من يشتغل بالسياسة داخل التحالف الوطني، شيء اخر التيار الصدري كان من بين اهم المكونات التي سجل لها موقف الانسحاب.

اما اهتزاز الثقة بالنسبة للقواعد الشعبية يرجع سببه للإخفاقات المتكررة ناهيك عن ملفات الفساد التي طالت جميع المكونات السياسية لذلك فان شعبية التحالف الوطني مرهونة بعودة الثقة.

من جانبه الدكتور حيدر طعمة تدريسي وباحث في مركز الفرات اثار موضوعة الاوضاع الحالية وهل هي تنبئ بخروج التيار الصدري عن التحالف الوطني، هذه من جهة اما من جهة اخرى فالاحتمال الاقرب هو بقاء ايران مظلة للتحالف الوطني للسيطرة على القرار السياسي في العراق

داعش وأسعار النفط

واعتبر مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات احمد جويد، لا توجد متغيرات في العملية السياسية في العراق وما يجري الان هو نتاج الازمات الامنية والاقتصادية فلولا دخول داعش الى العراق والانهيار الحاصل في اسعار النفط لم تحرك اي شخص للإصلاح حتى ومع وجود افة السرقات المنظمة والفساد الكبير الذي ينخر بجسد الامة العراقية الان الكل يبحث عن مخرج لكتلته او حزبه ويلقي باللائمة على الاخرين من اجل ان يتنصل عن المسؤولية، اعتقد التيار الصدري وفيما لو استمر على موقفه ستصل الامر الى حد المواجهة المباشرة مع التحالف الوطني، ومن المتوقع ايضا خروج حزب الله من رحم منظمة امل واعني هنا خروج تحالف عراقي جديد له تأثير ويكون هو اللاعب الاكبر على الساحة العراقية.

من جانبه بيّن المشرف العام لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام الشيخ مرتضى معاش ان التحالف الوطني هو اساس العملية السياسية في العراق، ولكن هناك تساؤل عن هوية التحالف هل هو تحالف انتخابي ام هو تحالف شيعي، وهل هو لأعضائه فقط ام انه يمثل الشيعة في العراق؟ هناك ايضا مجموعة من السلبيات منها ان سلوكيات هذا التحالف قائمة على الغلبة والاستحواذ على السلطة، واستخدام مفهوم الابتزاز داخل التحالف من اجل تحقيق بعض المصالح وهناك نوعين من الابتزاز، ابتزاز يقوم على اساس المعادلة الصفرية وايصال الخصم للقبول بكل شيء وهذا ما تم الترويج له عبر فوبيا تدمير التحالف، والثاني هو اختلال ومقاومة الاصلاح من خلال فوبيا فوضا الامن، فهل يبقى أعضاء التحالف في الماضي ويعيدون تكرار الممارسات التي أوصلت البلد للحضيض، ام سيتحولون نحو المستقبل بعيدا ترحيل الملفات، اما بالنسبة للتوقعات الطبيعية هو بقاء التحالف على حاله، اما التوقعات المفاجئة فهو ظهور تحالف شيعي جديد بموازين قوى جديدة، السؤال الاهم الان هل يستمر التيار الصدري بحركته بشكل تصاعدي ام سيتوقف؟

الدكتور عمران الكركوشي من قسم الإعلام في جامعة كربلاء، قال ليست لدينا خيارات سوى التحالف الوطني هو المطروح على الساحة الان، اما موضوعة الاحتجاجات التي يقودها التيار الصدري فهي من اجل الحصول على المزيد من الامتيازات والمكاسب، الوضع العراقي هو الحلقة الاضعف في موازين القوى الدولية فبعد انسحاب روسيا من سوريا هناك اعادة ترتيب الشرق الاوسط الجديد، اعتقد ان وجد هناك تغير في العراق فهو ليس بمستوى الطموح فلا يمكن تغير الوضع ما لم يتم تعطيل البرلمان وانتخاب حكومة جديدة، الشيء الاهم ان المنطقة تسير باتجاه المزيد من الاستقرار كون الدول الغربية تضغط من اجل تجاوز ازمة اللاجئين والتصدع الذي رافقها على مستوى العلاقات الاوربية والامر ايضا ينسحب موقف المرشح الاكثر جدلا في امريكا وهو يدعو الى انكفاء الولايات المتحدة على نفسها ومعالجة مشاكلها مع الجانب الصيني.

وقد توجه بعدها صاحب الورقة النقاشية الدكتور احمد عدنان الميالي، بالإجابة على التساؤلات والإشكاليات، خاصة فيما يتعلق بموضوعة ايجاد نظام داخلي للتحالف الوطني، وايضا احتمالية خروج الصدر من التحالف الوطني وهو شيء وارد علما بان الصدر هو رجل المرحلة الان اما بخصوص ايران فهي سوف تتخلى عن التحالف الوطني وستراهن وتدعم شخصية ما، والقراءة الدولية تقول ان العراق خارج العباءة الايرانية وقريب من امريكا اما مسالة ترحيل الازمات هي التي جعلت بقاء الوضع على ما عليه هو سيد الموقف.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية

http://mcsr.net

اضف تعليق