كان التواصل المباشر للمبعوث الخاص ويتكوف خطوة نحو تحقيق نتيجة مفيدة للطرفين… واتفق الجانبان على الاجتماع مجددا السبت المقبل. وأعلن ترامب بشكل مفاجئ يوم الاثنين أن واشنطن وطهران ستبدآن محادثات في سلطنة عمان، التي توسطت بين الغرب والجمهورية الإسلامية من قبل. وكانت محادثات يوم السبت غير مباشرة كما سعت إيران...

قالت إيران والولايات المتحدة إنهما عقدتا محادثات “إيجابية” وأيضا “بناءة” في سلطنة عمان يوم السبت واتفقتا على استئنافها الأسبوع المقبل، ويهدف الحوار إلى التوصل لحل بشأن برنامج طهران النووي المتسارع بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتنفيذ عمل عسكري إذا لم تنجح المحادثات في التوصل إلى اتفاق.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتلفزيون الرسمي “أعتقد أننا قريبون للغاية من التوصل إلى أساس للمفاوضات وإذا تمكنا من التوصل إلى هذا الأساس الأسبوع المقبل فإننا سنكون قد قطعنا شوطا طويلا وسنكون قادرين على بدء مناقشات حقيقية بناء على ذلك”.

وأضاف أن المحادثات، وهي الأولى بين إيران وإدارة ترامب، بما في ذلك ولاية ترامب الأولى بين عامي 2017 و2021، جرت في “أجواء بناءة وهادئة وإيجابية”.

ومضى يقول “اتفق الطرفان على مواصلة المحادثات… ربما السبت المقبل… ترغب إيران والجانب الأمريكي في إبرام اتفاق في المدى القصير. لا نريد محادثات من أجل المحادثات”.

وذكر بيان للبيت الأبيض أن المحادثات كانت “إيجابية وبناءة للغاية”، وجرت المحادثات بمشاركة ستيفن ويتكوف مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط وآنا إسكروجيما سفيرة الولايات المتحدة في سلطنة عمان ووزير الخارجية الإيراني.

وأضاف البيان “هذه القضايا معقدة للغاية، وكان التواصل المباشر للمبعوث الخاص ويتكوف اليوم خطوة نحو تحقيق نتيجة مفيدة للطرفين… واتفق الجانبان على الاجتماع مجددا السبت المقبل”.

وأعلن ترامب بشكل مفاجئ يوم الاثنين أن واشنطن وطهران ستبدآن محادثات في سلطنة عمان، التي توسطت بين الغرب والجمهورية الإسلامية من قبل.

وكانت محادثات يوم السبت غير مباشرة كما سعت إيران، إذ جرت بوساطة سلطنة عُمان، وليست وجها لوجه مثلما طلب ترامب.

وقال إسماعيل بقائي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن كل وفد جلس في غرفة منفصلة، وتبادل الطرفان الرسائل عبر وزير الخارجية العماني.

وقال عراقجي إن لقاء مباشرا قصيرا جرى بين الوفد الإيراني والوفد الأمريكي الذي ترأسه ويتكوف بعد خروجهما من المحادثات غير المباشرة.

وأضاف عراقجي “بعد أكثر من ساعتين ونصف الساعة من المحادثات غير المباشرة، تحدث رئيسا الوفدين الإيراني والأمريكي لبضع دقائق بحضور وزير الخارجية العماني عند مغادرتهما المحادثات. تم (اللقاء) وفقا لآدابنا السياسية”.

وقال مصدر عماني لرويترز يوم السبت إن المحادثات بين إيران والولايات المتحدة تركز على تهدئة التوتر في المنطقة وتبادل السجناء والتوصل إلى اتفاقات محدودة لتخفيف العقوبات على إيران مقابل كبح البرنامج النووي الإيراني.

ونفى بقائي تلك التصريحات دون تحديد الخاطئ منها.

وتتوسط سلطنة عمان بين القوى الغربية وإيران منذ فترة طويلة، وسبق أن توسطت في إطلاق سراح عدد من المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية المحتجزين لدى الجمهورية الإسلامية.

وأعاد ترامب، الذي انسحب في ولايته الأولى من الاتفاق النووي بين إيران وست قوى عالمية، فرض سياسة “أقصى الضغوط” على طهران. وتعتبر إسرائيل، حليفة واشنطن، البرنامج النووي الإيراني تهديدا لوجودها.

وفي الوقت نفسه تشن إسرائيل هجمات، بما في ذلك الغارات الجوية، في أنحاء المنطقة أدت إلى إضعاف إيران وجماعات متحالفة معها. وبدأت إسرائيل شن هذه الهجمات بعد تعرضها لهجوم من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في أكتوبر تشرين الأول 2023.

وتتعامل طهران مع المحادثات بحذر وتشك في إمكانية أن تؤدي إلى اتفاق، كما أنها متشككة تجاه ترامب الذي هدد مرارا بقصف إيران إذا لم توقف برنامجها المتسارع لتخصيب اليورانيوم.

وفي حين تحدث كل جانب عن فرص تحقيق بعض التقدم، فإن الهوة بينهما لا تزال متسعة بشأن الخلاف المستمر منذ أكثر من عقدين. وتنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية، لكن الدول الغربية وإسرائيل تعتقد أنها تحاول سرا تطوير وسائل صنع قنبلة نووية.

وأوضح بقائي “هذه بداية. لذا من الطبيعي في هذه المرحلة أن يتبادل الجانبان مواقفهما الأساسية عبر الوسيط العماني”.

ومن شأن ظهور مؤشرات على أي تقدم المساعدة في تهدئة التوتر في المنطقة المشتعلة منذ عام 2023 مع اندلاع الحرب في غزة والأعمال القتالية بين إسرائيل وجماعة حزب الله في لبنان وتبادل إطلاق الصواريخ بين إيران وإسرائيل وهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر والإطاحة بالنظام في سوريا.

خطوة للأمام نحو تسوية

وقالت الرئاسة الأميركية في بيان “كان التواصل المباشر مع المبعوث الخاص (ستيف) ويتكوف اليوم خطوة للأمام في تحقيق نتيجة مفيدة للطرفين”، مضيفة أن الجانبين اتفقا على “الاجتماع مجددا السبت المقبل”.

وأفادت إيران بأنّ وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي توسط في المحادثات رفيعة المستوى في مسقط.

وكان الأميركيون دعوا إلى أن تكون الاجتماعات مباشرة وجها لوجه.

وقال وزير الخارجية العماني إن المناقشات جرت في “جو ودي” مشيرا إلى أن الهدف منها يكمن في إبرام “اتفاق عادل وملزم”.

وأضاف “سنواصل العمل سويا”.

هذه المحادثات هي الأعلى مستوى بهذا الشأن منذ انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى في 2018 من الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني المبرم العام 2015 بين إيران والقوى الكبرى مقابل رفع العقوبات عنها.

وقبيل بدء المحادثات، قال عراقجي بحسب مقطع فيديو نشره التلفزيون الرسمي إنّ بلاده تسعى لاتفاق “عادل ومشرف”.

وصرح أنّ “نيتنا هي التوصل إلى اتفاق عادل ومشرف على أساس المساواة. وإذا تبنى الطرف الآخر أيضا الموقف نفسه”.

وتسعى إيران التي أضعفت حربان خاضتهما إسرائيل في قطاع غزة ولبنان حليفين رئيسيين لها هما حركة حماس وحزب الله، إلى تخفيف وطأة العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات طويلة والتي تخنق اقتصادها.

ووافقت طهران على هذا الاجتماع رغم معارضتها لسياسة “الضغوط القصوى” التي تنتهجها إدارة ترامب حيالها والتهديدات العسكرية المتكررة.

في المقابل تسعى الولايات المتحدة ومعها حليفتها إسرائيل عدوة طهران اللدودة، إلى الحؤول دون اقتراب إيران من امتلاك السلاح النووي.

ولم تلحظ اي تدابير أمنية إضافية حول فندق البستان الفخم الذي استضاف المباحثات، بحسب صحافيّين في فرانس برس.

كما بدت العاصمة العمانية هادئة وبدون تدابير أمنية مشددة أو رفع أعلام أميركية أو إيرانية في الأماكن العامة.

وقال ويتكوف لصحيفة وول ستريت جورنال “موقفنا اليوم” ينطلق بمطالبة إيران بتفكيك برنامجها النووي بالكامل وهو موقف يتمسك به المتشددون في أوساط ترامب لكن لا يتوقع كثيرون أن تقبل به إيران.

وأضاف “هذا لا يعني أننا على هامش ذلك لن نجد طرقا أخرى للتوصل إلى تسوية بين البلدين” مؤكدا أن “الخط الأحمر بالنسبة لنا هو عدم إضفاء الطابع العسكري على القدرة النووية” الإيرانية. 

وأعلن ترامب عن المحادثات بشكل مفاجئ قبل أيام قليلة خلال حديث أمام صحافيين في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

وقال ترامب الجمعة لصحافيين في طائرة الرئاسة الأميركية “اير فورس وان” قبل ساعات من بدء المحادثات “أريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة. لكن لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي”.

وأكد علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الجمعة، أن إيران تبحث عن اتفاق “واقعي وعادل” مع الولايات المتحدة مضيفا أن “اقتراحات مهمة وقابلة للتطبيق باتت جاهزة”.

وتأتي المحادثات بين الجانبين اللذين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ عقود، عقب تهديدات متكررة بشن عمل عسكري من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل على الجمهورية الإسلامية.

وقال ترامب الأربعاء، ردا على سؤال عما سيحدث إذا فشلت المحادثات في التوصل إلى اتفاق، “إذا تطلب الأمر تدخلا عسكريا، فسيكون هناك تدخل عسكري”.

وردا على تهديد ترامب، قالت إيران إنها قد تطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما حذرت الولايات المتحدة من أنه سيكون “تصعيدا”.

وكان اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن بعد ثلاث سنوات يهدف إلى الحؤول دون امتلاك إيران السلاح الذري.

وكانت المملكة المتحدة والصين وفرنسا وروسيا وألمانيا الأطراف الأخرى في الاتفاق الذي كان عراقجي أحد مهندسيه.

وتؤكد طهران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط.

بعد انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجا. ومطلع كانون الأول/ديسمبر، أعلنت أنها بدأت تغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو “ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60%”، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الأخير أن إيران تمتلك 274,8 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 %، معربة عن “قلق عميق”.

ببلوغها عتبة تخصيب عند مستوى 60%، تقترب إيران من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي.

وقال كريم بيطار المحاضر بدراسات الشرق الأوسط في كلية العلوم السياسية في باريس، أن “الأولوية الوحيدة لإيران هي استمرارية النظام، واحتمال الحصول على بعض الأكسجين، بتخفيف بعض العقوبات، لاستعادة زخمها الاقتصادي مرة أخرى، لأن شعبية النظام تراجعت بشكل كبير”.

ورأى رئيس جمعية الصحافيين العمانية محمد العريمي أنّ المفاوضات قد تستمر “شهورا” وقد تشمل “ربما ملفات عالقة كملفات الصواريخ الايرانية التي طورتها خلال السنوات الماضية (..) وأمن الممرات المائية”.

وأضاف “انا شخصيا لا اعتقد ان اجتماعات اليوم في مسقط سوف تحل كل هذه الملفات. هذه الملفات تحتاج إلى فرق فنية”.

فرصة حقيقية للمحادثات

وقالت إيران إنها ستمنح المحادثات رفيعة المستوى المقررة مع الولايات المتحدة يوم السبت “فرصة حقيقية”، بعد أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقصفها إذا فشلت المحادثات.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية عن مجيد تخت روانجي نائب وزير الخارجية الإيراني قوله “دون تهديدات وترهيب من الجانب الأمريكي، سيكون هناك احتمال جيد للتوصل لاتفاق”.

وأضاف “نرفض أي إكراه واستقواء”.

وزادت التكهنات بأن واشنطن ربما تستعد لمهاجمة إيران بعد الهجمات الجوية الأمريكية على الحوثيين في اليمن، المتحالفين مع طهران والذين هاجموا ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر دعما لحركة حماس.

في الوقت نفسه، استأنفت إسرائيل حملتها العسكرية المدمرة على حركة حماس، التي تتلقى أيضا دعما من إيران بعد وقف لإطلاق النار استمر عدة أسابيع فيما لا يزال وقف إطلاق النار مع جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران هشا.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن الرئيس دونالد ترامب يريد أن تعلم إيران أن “جميع الخيارات مطروحة” لمنعها من تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل المحادثات المقررة يوم السبت بين الوفدين الأمريكي والإيراني.

وأضافت “هدف ترامب النهائي هو ضمان عدم تمكن إيران من امتلاك سلاح نووي”، وأن ترامب يؤمن بالدبلوماسية، لكن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة” إذا لم تفلح الجهود الدبلوماسية.

ومضت قائلة “لكنه يوضح للإيرانيين ولفريقه للأمن القومي أن جميع الخيارات مطروحة وأن على إيران اتخاذ خيار: فإما الموافقة على طلب الرئيس ترامب، أو تحمل عواقب وخيمة، وهذا ما يشعر به الرئيس. إنه متمسك بهذا الرأي بشدة”.

وعاود ترامب في فبراير شباط تطبيق سياسة “أقصى الضغوط” على إيران، والتي تشمل إجراءات لخفض صادراتها النفطية إلى الصفر بهدف منعها من امتلاك سلاح نووي. وقال هذا الأسبوع إنه في حال فشل المحادثات “ستكون إيران في خطر كبير”.

وقال ترامب للصحافيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية “اير فورس وان”، “أريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة. لكن لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي”، وذلك قبل ساعات من لقاء مبعوثه ستيف ويتكوف بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في عُمان. 

وتصاعدت النبرة الخميس بين الجانبين، اذ لوّحت طهران عن طريق شمخاني بـ”إجراءات رادعة” في حال تواصل التهديدات بحقها، تصل الى حد “طرد” مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعدما حذّر ترامب من عمل عسكري ضد إيران في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

وردا على ذلك، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن طرد طهران مفتشي الوكالة الأممية “سيشكل تصعيدا وخطأ في الحسابات من جانب إيران”، وأن “التهديد بعمل كهذا لا ينسجم بالطبع مع تأكيدات إيران بشأن برنامجها النووي السلمي”.

وكشف ترامب في مطلع آذار/مارس أنه بعث رسالة الى طهران يعرض عليها فيها إجراء مفاوضات، لكنه لوّح بعمل عسكري ضدها في حال عدم التوصل لاتفاق.

وردت طهران بتأكيد انفتاحها على مفاوضات غير مباشرة، رافضة إجراء محادثات مباشرة طالما واصلت الولايات المتحدة سياسة “الضغوط القصوى”.

وأثار ترامب صدمة واسعة بإعلانه هذا الأسبوع خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أن واشنطن ستجري مباحثات “مباشرة” مع طهران.

قبيل الاجتماع، واصلت واشنطن سياسة “الضغوط القصوى”، معلنة فرض عقوبات على إيران استهدفت شبكتها النفطية وبرنامجها النووي.

وقلل رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي الجمعة من تأثير هذه الخطوة. وقال “مارسوا أقصى الضغوط من خلال العقوبات المختلفة، لكنهم لم يتمكنوا من منع البلاد من المضي قدما”.

وتشتبه بلدان غربية تتقدمها الولايات المتحدة، إضافة الى إسرائيل، في أن إيران تسعى إلى التزوّد بالسلاح النووي. من جهتها، تنفي طهران هذه الاتهامات وتؤكد أن برنامجها النووي مصمّم لأغراض مدنية.

وفي رد على سؤال بشأن خيار العمل العسكري، قال ترامب “إذا لزم الأمر، تماما”. وأضاف “إذا تطلب الأمر تدخلا عسكريا، فسيكون هناك تدخل عسكري. وإسرائيل بطبيعة الحال ستكون مشاركة بقوة في ذلك، وفي مركز القيادة”.

وسادت تكهنات واسعة النطاق بأن إسرائيل قد تهاجم، ربما بمساعدة الولايات المتحدة، منشآت إيرانية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد.

وأمل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الخميس بأن تؤدي المحادثات الى “السلام”، مضيفا “كنا في منتهى الوضوح بأن إيران لن تحصل أبدا على السلاح النووي، وأعتقد أن هذا ما قاد إلى هذا الاجتماع… ولدينا أمل كبير”.

ورحبت أطراف معنية باتفاق العام 2015، بالمباحثات الأميركية الإيرانية.

وحضّت ألمانيا، طهران وواشنطن، على التوصل الى “حل دبلوماسي”، بينما شدد الاتحاد الأوروبي على عدم وجود بديل من الدبلوماسية في ملف إيران النووي.

وكرّر المسؤولون الإيرانيون مرارا حذرهم من تجربة المباحثات مع الولايات المتحدة، مشددين على ضرورة بناء الثقة والاتعاظ من التجارب الماضية، خصوصا في ظل انقطاع العلاقات بين البلدين منذ أكثر من أربعة عقود.

وأكد بقائي الجمعة أن إيران “لن تُصدر أحكاما مُسبقة ولن تتنبأ” قبل المحادثات، مضيفا “نعتزم تقييم نوايا الطرف الآخر وجديته يوم السبت، وتعديل خطواتنا التالية بناء على ذلك”.

سيد المفاوضات الإيراني مكلف بتجنب الحرب

يواجه عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني والدبلوماسي المخضرم، أحد أكثر التحديات في مسيرته المهنية إذ يستعد لقيادة المحادثات مع الولايات المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد وتجنب توجيه ضربة عسكرية لبلاده.

وتتعامل المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران مع المحادثات التي ستجرى في سلطنة عمان بحذر، إذ تتشكك في إحراز تقدم وفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، الذي هدد مرارا بقصف إيران إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

لكن رغم خبرته الطويلة، فالأمر لن يكون نزهة بالنسبة لعراقجي، وهو سليل عائلة من تجار أصفهان وانضم إلى الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 عندما كان شابا يافعا وقاتل في الحرب بين إيران والعراق في ثمانينيات القرن العشرين قبل أن يبدأ مسيرة دبلوماسية باهرة.

ورغم ضعف التفاؤل في طهران بشأن إحراز تقدم في المحادثات، فإن المؤسسة السياسية تبدو واثقة من قدرة عراقجي على اللعب بأوراق إيران بحنكة ودهاء.

وقال المحلل السياسي سعيد ليلاز المقيم في إيران وهو أيضا من المطلعين على الشأن السياسي “عراقجي هو الشخص المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب”.

وأضاف “إنه أحد أقوى وزراء الخارجية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، ويمنحه الزعيم الأعلى صلاحيات كاملة، ويتمتع بدراية عميقة بجميع جوانب القضية النووية”.

ووقع اختيار الرئيس مسعود بزشكيان على عراقجي ليكون وزيرا للخارجية العام الماضي، إذ اكتسب الرجل دمث الأخلاق سمعة طيبة باعتباره “سيد المفاوضات” الصعبة عندما اضطلع بدور رئيسي في المحادثات التي أسفرت عن إبرام الاتفاق النووي في عام 2015.

ويصف دبلوماسيون غربيون شاركوا في المحادثات بين إيران وست قوى عالمية عراقجي بأنه “دبلوماسي جاد وصريح يتمتع بالكفاءة والمعرفة الفنية”.

وفي 2018 خلال ولايته الرئاسية الأولى، وجه ترامب ضربة قاصمة للاتفاق النووي بالانسحاب منه وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران. وخفف الاتفاق العقوبات الدولية على طهران مقابل فرض قيود على برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

لعب عراقجي أيضا دورا محوريا في محادثات غير مباشرة سعت لإحياء الاتفاق خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن (2021-2025)، وهي محادثات باءت بالفشل. واستبدل عراقجي بأحد غلاة المحافظين المناهضين للغرب.

وبعد ذلك بقليل، عين عراقجي في منصب الأمين العام للمجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية وهو هيئة مهمة تقدم المشورة للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، مما أدخله إلى الدائرة المقربة لمن له القول الفصل في شؤون البلاد.

ولد عراقجي في طهران عام 1962 لأسرة ثرية متدينة تمتهن التجارة. وكان في السابعة عشرة من عمره عندما اندلعت الثورة الإسلامية وأشعلت حماسة راديكالية في نفوس الكثير من الشبان الإيرانيين.

وبعد الإطاحة بنظام الشاه المدعوم من الولايات المتحدة ووسط وعود المستقبل الجديد، انضم عراقجي للحرس الثوري ليقاتل في الحرب مع العراق بين 1980 و1988.

وبعد انتهاء الحرب، انضم لوزارة الخارجية في 1989 وأصبح سفيرا لبلاده لدى فنلندا من 1999 إلى 2003 ولدى اليابان من 2007 إلى 2011 قبل أن يصبح المتحدث باسم وزارة الخارجية في 2013.

حصل عراقجي على درجة الدكتوراه في السياسة من جامعة كنت البريطانية ثم عين نائبا لوزير الخارجية في 2013.

ومعروف عن عراقجي تدينه وإيمانه القوي بمبادئ الثورة الإسلامية، وشغل مناصب في عهد رؤساء براجماتيين وآخرين من غلاة المحافظين.

وخلال تلك السنوات، حدد البرنامج النووي علاقة إيران بالعالم إلى حد كبير. وتقول طهران إنه مخصص لأغراض مدنية لكن الكثير من الدول الغربية تصر على أن هدف البرنامج هو تطوير وسائل تصنيع قنابل نووية.

وقد تحميه سمعته في طهران من الانتقادات الداخلية إذا اضطرت إيران إلى التنازل عن قضايا رئيسية في المحادثات مع الولايات المتحدة.

يقول مسؤول إيراني كبير إن عراقجي، رغم أنه عليم ببواطن الأمور السياسية ووثيق الصلة بخامنئي، فقد نأى بنفسه عن “الصراعات والخلافات الداخلية السياسية” بين الأطراف المختلفة.

وتابع المسؤول قائلا “تربطه علاقات جيدة بالزعيم الأعلى وبالحرس الثوري وبكل الأطراف السياسية في إيران”.

أين توجد القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط؟

للولايات المتحدة قواعد في أنحاء الشرق الأوسط منذ عقود، وأكبرها، استنادا إلى عدد الأفراد، قاعدة العديد الجوية في قطر التي‭ ‬أنشئت في عام 1996.

وتوجد قواعد أمريكية أيضا في البحرين والكويت والسعودية والإمارات.

وهناك نحو 30 ألف جندي أمريكي في أنحاء المنطقة، بانخفاض حاد عن السابق حين كانت القوات الأمريكية تشارك في عمليات كبيرة. وكان هناك أكثر من 100 ألف جندي أمريكي في أفغانستان في عام 2011 وأكثر من 160 ألفا في العراق في عام 2007.

ولدى الولايات المتحدة نحو ألفي جندي في سوريا في قواعد صغيرة معظمها في الشمال الشرقي. وهناك نحو 2500 جندي أمريكي في العراق بعضهم في قاعدة يونيون 3 في بغداد.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إنها أرسلت قوات إضافية إلى الشرق الأوسط في الأسابيع القليلة الماضية.

وأرسلت أيضا نحو ست قاذفات بي-2 في مارس آذار إلى قاعدة عسكرية أمريكية بريطانية في جزيرة دييجو جارسيا في المحيط الهندي يقول خبراء إنها تضع الأمريكيين في وضع مثالي للتدخل السريع في الشرق الأوسط.

وقال وزير الدفاع الأمريكي بيتر هيجسيث إن الأمر متروك لإيران لتقرر ما إذا كانت ستفسر ذلك على أنه رسالة إلى طهران.

وأرسل البنتاجون طائرات أخرى ومزيدا من معدات الدفاع الجوي منها منظومة دفاع صاروخي من طراز باتريوت.

وتوجد حاملتان أمريكيتان للطائرات في الشرق الأوسط، وتحمل كل منهما آلاف الجنود وعشرات الطائرات.

وتتمركز القوات الأمريكية في الشرق الأوسط لأسباب مختلفة.

وفي بعض البلدان مثل العراق، تقاتل القوات الأمريكية مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية وتقدم المشورة العسكرية للقوات المحلية، لكنها تعرضت لهجمات من فصائل مدعومة من إيران في السنوات القليلة الماضية وردت على هذه الهجمات.

ولدى الأردن، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، مئات من المدربين الأمريكيين الذين يجرون مناورات عسكرية مكثفة على مدار العام.

وفي حالات أخرى، مثلما في قطر والإمارات، تنتشر القوات الأمريكية لطمأنة الحلفاء وإجراء التدريبات والاستعانة بها حسب الحاجة في العمليات بالمنطقة.

وتشن الولايات المتحدة حملة قصف لقوات الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

والقواعد الأمريكية هي منشآت تخضع لحراسة مشددة، تتضمن أنظمة دفاع جوي للحماية من الصواريخ أو الطائرات المسيرة. ولا تتعرض هذه المنشآت في دول مثل قطر والبحرين والسعودية والكويت للهجوم عادة.

لكن القوات الأمريكية في العراق وسوريا تعرضت لهجمات متكررة في السنوات القليلة الماضية.

ومنذ عام 2023، شنت جماعة الحوثيين أكثر من 100 هجوم على سفن قبالة سواحل اليمن فيما يقولون إنه تضامن مع الفلسطينيين بعد حرب إسرائيل في غزة على مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) المدعومين من إيران.

وتشمل هذه الهجمات هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن البحرية الأمريكية في المنطقة. ولا تقارير حتى الآن عن أضرار لحقت بسفن حربية أمريكية نتيجة هجوم للحوثيين.

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس

اضف تعليق