بدأت أسواق النفط تشهد صراعات جديدة لم تكن موجودة من قبل مع انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بين الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، ومنافسه دونالد ترمب، لا سيما مع تنافس المرشحيْن على هذه الأسواق، ولا سيما النفط والغاز...

بدأت أسواق النفط تشهد صراعات جديدة لم تكن موجودة من قبل مع انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بين الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، ومنافسه دونالد ترمب، لا سيما مع تنافس المرشحيْن على هذه الأسواق.

وفي هذا الإطار، يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الكثيرين يتساءلون عن تأثير انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024، في أسواق الطاقة العالمية، ولا سيما النفط والغاز.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدّمه الدكتور أنس الحجي أسبوعيًا عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، التي جاءت هذا الأسبوع بعنوان "تطورات أسواق النفط والغاز وتوقعات النصف الثاني من 2024".

وأضاف: "الأمر الأول يتعلّق بمخزون النفط الإستراتيجي الأميركي، إذ تحاول إدارة الرئيس جو بايدن منذ مدة إعادة ملء هذا المخزون، فكانت تشتري بحدود 3 ملايين برميل شهريًا، لتعويض الكميات التي أفرغوها في عام 2022، وهي 180 مليون برميل".

أثر الانتخابات الأميركية في أسواق النفط

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، الدكتور أنس الحجي، إن الولايات المتحدة تمكّنت حتى الآن من الملء بحدود 25 مليون برميل في مخزون النفط الإستراتيجي، ولكن الإشكالية هنا أنهم خططوا لشراء 6 ملايين برميل في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول المقبليْن.

ولكن، وفق الحجي، في اللحظة الأخيرة عندما علموا بالهجوم الإيراني على إسرائيل قرروا أن يتوقفوا عن الشراء، ومن ثم ليس هناك شراء خلال الشهريْن المقبليْن، وهذا واضح تمامًا، لأن الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

إعادة ملء مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن هذا يمكّن الإدارة الأميركية من السحب من المخزون الإستراتيجي إذا واصلت أسعار النفط ارتفاعها، لافتًا إلى أن الأسعار ارتفعت منذ اجتماع أوبك+ حتى الآن بحدود 7 دولارات للبرميل.

لذلك، حسب التقديرات، ستلجأ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السحب من مخزون النفط الإستراتيجي بحدود 30 إلى 60 مليون برميل خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول المقبلين 2024، وهو الرقم الإجمالي المتوقع للسحب، إذا وصلت أسعار برميل خام غرب تكساس الارتفاع إلى أعلى من 90 دولارًا للبرميل، وتابع: "ولكن هناك ألاعيب سياسية كثيرة، ومن الصعب الثقة بالسياسيين، لذلك من الممكن أن يُسحب من مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي حتى إذا كانت أسعار النفط (خام غرب تكساس الوسيط) أقل من ذلك".

الأمر الثاني، وفق الحجي، هو أن أسعار النفط ارتفعت في الأيام الأخيرة، وأحد الأسباب الرئيسة لهذا الارتفاع هو عطلة الاستقلال في الولايات المتحدة، في 4 يوليو/تموز، وهي عادة ما تكون مصحوبة بأعداد هائلة من المسافرين، فهي بداية موسم السفر الأميركي.

أسعار النفط

ومن ثم، من المتوقع أن تكون هناك زيادة في الطلب على كل أنواع الوقود، ولكن الإشكالية هنا تتمثّل في وقود الطائرات، لأن هناك عدد مسافرين تاريخيًا، وفي المقابل لا يوجد عدد كافٍ من الطائرات، بسبب إيقاف طائرات "بوينغ 732 ماكس"، وبالتالي أعداد المسافرين أكبر، في حين لا توجد زيادة في الطلب على وقود الطائرات، لعدم وجود طائرات.

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن عطلة عيد الاستقلال ستؤدي إلى زيادة الطلب على الوقود، ومن ثم من المتوقع أن تشهد أسواق النفط ارتفاعًا في الأسعار، مضيفًا: "سنرى ما سيحدث بعد أسبوع أو أسبوعيْن بعدما تنتهي العطلة وينتهي معها هذا الطلب الإضافي".

بعد ذلك، بحسب الحجي، سيتضح ما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستتجه إلى السحب من مخزون النفط الإستراتيجي خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول المقبليْن أم لا.

ما أثر فوز ترمب في أسواق النفط؟

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه كثير ما تأتيه أسئلة بشأن مقولته السابقة إن "ترمب من أسوأ الرؤساء الذين مروا على الولايات المتحدة بالنسبة إلى صناعة النفط وأسواقه"، مؤكدًا أن هذا الكلام صحيح لأسباب كثيرة.

وأضاف: "أول هذه الأسباب أن ترمب من أكبر الرؤساء المؤيدين لأن تكون أسعار النفط وأسعار البنزين منخفضة جدًا، وفي عهده -حتى على تويتر- لم يترك دولة أو شركة نفطية إلا وهاجمها، لأنه يريد أن تكون الأسعار منخفضة.

سياسات ترمب مقابل توجهات بايدن

ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن ترمب خدع السعودية في عام 2018، عندما أقنعها بزيادة الصادرات لتعويض غياب النفط الإيراني الذي كان -حينها- يعتزم فرض عقوبات عليه، و-بالفعل- بعدما زادت المملكة صادراتها، منح كل زبائن إيران استثناءات.

وتسبب ذلك، وفق الحجي، في انهيار أسعار النفط بصورة مريعة، ما تسبب في خسائر كبيرة لصناعة النفط وأسواقه، لافتًا إلى أن كراهية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لصناعة النفط مثبتة ومدونة منذ ما يزيد على 25 عامًا، سواء في مقابلات أجريت معه، أو حتى في كتاباته وكتبه.

وتابع: "الجميع يتذكرون مقولات ترمب، إذ إنه ينظر إلى نفط الخليج كله على أنه ملك للولايات المتحدة الأميركية، ويرى أن أموال العراق ودول الخليج يجب أن تكون أموالًا أميركية، وهذه هي نظرته إلى موضوع النفط".

صناعة النفط والغاز

في المقابل، حققت صناعة وأسواق النفط أرباحًا خيالية في عهد الرئيس جو بايدن، إذ إن أكبر إنتاج للنفط في التاريخ حدث في عهده، وكذلك أكبر إنتاج للغاز في تاريخ الولايات المتحدة حدث في عهده، بالإضافة إلى ذلك شهدت مدة حكمه أكبر صادرات للنفط والغاز المسال.

وأردف: "يمكن لدونالد ترمب أن يجعل الحياة بالنسبة إلى صناعة النفط وأسواقه أسهل، من ناحية عدم الخوف من أن يتفاجأ قادة الصناعة بأمور تقلقهم أو تضرهم في المستقبل، ولكن من الناحية المالية يُعد بايدن أفضل بكثير لصناعة النفط من ترمب".

اضف تعليق