أمضت إسبانيا وحليفتاها شهورا في إقناع دول أوروبية، منها فرنسا والبرتغال وبلجيكا وسلوفينيا، لحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطينية. وقال رئيس وزراء أيرلندا اليوم، تعلن أيرلندا والنرويج وإسبانيا أننا نعترف بدولة فلسطين. سيتخذ كل منا الآن أي خطوات وطنية لازمة من أجل تنفيذ ذلك القرار. وتابع أن...

أعلنت أيرلندا وإسبانيا والنرويج يوم الأربعاء أنها ستعترف بدولة فلسطينية في 28 مايو أيار، وقالت الدول الثلاث إنها تأمل في أن تحذو حذوها دول غربية أخرى، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى استدعاء سفرائها لدى الدول الثلاث.

وقال بيدرو سانتشيث رئيس الوزراء الإسباني إن هدف هذا التحرك هو تسريع جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حرب إسرائيل مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.

وأضاف سانتشيث خلال كلمة أمام مجلس النواب الإسباني “نأمل في أن يسهم اعترافنا وأسبابنا في اتباع دول غربية أخرى هذا المسار لأننا كلما زدنا، زادت قوتنا لفرض وقف لإطلاق النار وتحقيق الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس وإعادة إطلاق العملية السياسية التي يمكن أن تؤدي إلى إبرام اتفاق سلام”.

وأمضت إسبانيا وحليفتاها شهورا في إقناع دول أوروبية، منها فرنسا والبرتغال وبلجيكا وسلوفينيا، لحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطينية.

وقال سايمون هاريس رئيس وزراء أيرلندا في مؤتمر صحفي بدبلن “اليوم، تعلن أيرلندا والنرويج وإسبانيا أننا نعترف بدولة فلسطين”.

وأضاف “سيتخذ كل منا الآن أي خطوات وطنية لازمة من أجل تنفيذ ذلك القرار”.

وتابع أن دبلن تدعم الاعتراف الكامل بإسرائيل بشكل لا لبس فيه وتدعم أيضا حقها في الوجود “بشكل آمن وفي سلام مع جيرانها”، ودعا إلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.

وفي أوسلو، قال رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستوره إن الخيار الوحيد لحل سياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو “أن تعيش دولتان جنبا إلى جنب في سلام وأمن”.

وقال سانشيز أمام النواب الإسبان “الثلاثاء المقبل في 28 أيار/مايو، ستقرّ إسبانيا في مجلس الوزراء الاعتراف بالدولة الفلسطينية”. واتهم نظيره الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه “يعرّض للخطر” حلّ الدولتين في الشرق الأوسط من خلال سياسة “المعاناة والدمار” التي ينتهجها في قطاع غزة.

وقال سايمن هاريس من جهته “اليوم، تعلن إيرلندا والنروج وإسبانيا اعترافها بدولة فلسطين”، مضيفا أنه “يوم تاريخي ومهم لإيرلندا وفلسطين”.

قال وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن يوم الأربعاء إن أيرلندا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أساس حدود عام 1967.

وأوضح لراديو آر.تي.إي “عندما نعترف بدولة ما، فإننا لا نعترف بالحكومة الحالية، وإنما نعترف بالدولة من حيث عدد السكان الدائمين فيما يتعلق بحدود معينة، وفي هذه الحالة هي حدود 1967”.

وقال إن هذه “منطقة محددة تشمل غزة والضفة الغربية وعاصمة لدولة إسرائيلية ودولة فلسطينية في القدس”، مضيفا أن الاعتراف الرسمي سيكون في 28 مايو أيار.

وأعلنت إسرائيل أنها استدعت سفيريها في إيرلندا والنروج “لإجراء مشاورات طارئة”.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان “أوجه اليوم رسالة شديدة اللهجة إلى إيرلندا والنروج: لن تلزم إسرائيل الصمت على ذلك”.

 وأضاف “الخطوات المتسرعة للبلدين ستكون لها عواقب وخيمة، وإذا نفذت إسبانيا وعودها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية فستُتّخذ خطوات ضدها”.

أما الفلسطينيون فسارعوا إلى الترحيب.

وقال أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ عبر حسابه على منصة “إكس” إنها “لحظات تاريخية ينتصر فيها العالم الحرّ للحقّ والعدل بعد عقود طويلة من الكفاح الوطني الفلسطيني والمعاناة والألم والاحتلال والعنصرية والقتل والبطش والتنكيل والتدمير الذي تعرّض له شعب فلسطين”.

ورأت حركة حماس في ذلك “خطوة مهمة على طريق تثبيت حقنا في أرضنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس”. ودعت “الدول حول العالم إلى الاعتراف بحقوقنا الوطنية المشروعة، ودعم نضال شعبنا الفلسطيني في التحرر والاستقلال، وإنهاء الاحتلال الصهيوني لأرضنا”.

وكانت الدول الثلاث أصدرت في آذار/مارس مع كل من سلوفينيا ومالطا، بيانا مشركا أعربت فيه عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين.

ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية الثلاثاء رسالة مصوّرة موجّهة إلى إيرلندا عبر منصة “إكس” لتحذيرها من أن “الاعتراف بدولة فلسطينية من شأنه تحويلها إلى بيدق في أيدي إيران” وحماس.

وترى إسرائيل أن الاعتراف بدولة فلسطينية من دون حلّ تفاوضي يشكّل “مكافأة” لحركة حماس المدعومة من إيران، على الهجوم غير المسبوق الذي شنته في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل.

واعتبر وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه أن الاعتراف بدولة فلسطين “ليس من المحظورات”، لكن الوقت ليس مناسباً الآن لبلاده للقيام بذلك، وفق قوله.

في المقابل، رحّب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط “بالخطوة الهامة” التي تضع هذه الدول الثلاث “على الجانب الصحيح من التاريخ في هذا الصراع”.

ورحّب الأردن على لسان وزير الخارجية أيمن الصفدي “بالقرارات التي اتخذتها دول أوروبية صديقة اليوم”. وقال “نحن نثمّن هذا القرار، ونعتبره خطوة مهمة وأساسية على طريق حل الدولتين الذي يجسّد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو من عام 1967”.

وقالت الأمم المتحدة إن “1,1 مليون شخص يواجهون مستويات كارثية من الجوع وتبقى غزة على شفير المجاعة”.

وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الثلاثاء تعليق توزيع المواد الغذائية في رفح بسبب بسبب “نقص الإمدادات وانعدام الأمن”.

وإزاء القيود الصارمة التي تفرضها الدولة العبرية على دخول المساعدات برّا، أعلنت الولايات المتحدة في آذار/مارس إقامة ميناء موقت في غزة في مبادرة اعتبرتها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمسؤولون الأميركيون أنفسهم، غير كافية.

وعلى وقع الحرب والمجاعة الوشيكة، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الاثنين إصدار مذكرات توقيف في حقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وكذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية ورئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة يحيى السنوار وقائد كتائب القسام محمد ضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

مواقف مترددة

كانت السويد التي تضم جالية فلسطينية كبيرة أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي في أوروبا الغربية تعترف بدولة فلسطين عام 2014. واتخذت ست دول القرار ذاته في وقت سابق وهي بلغاريا وقبرص والجمهورية التشيكية والمجر وبولندا ورومانيا.

ومنذ عقود يُنظر إلى الاعتراف بدولة فلسطينية على أنه بمثابة خاتمة عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

اما بلجيكا رغم أنها تعد من بين دول الاتحاد الأوروبي الأكثر انتقادا لإسرائيل، فوضع بلجيكا الراهن أكثر تعقيدا إلى حد ما، إذ يتطلب توليها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، قدرا معينا من الحياد بشأن المواضيع التي تولد الانقسام الأوروبي الداخلي. ولعل هذا هو السبب وراء عدم انضمام الحكومة البلجيكية إلى مجموعة الدول ذات التوجه المماثل، التي تطالب بالاعتراف بفلسطين.

وفي الوقت نفسه، ستجري بلجيكا انتخابات وطنية في يونيو/حزيران، الأمر الذي يضيف المزيد من عدم اليقين بشأن مسارها المستقبلي حول الاعتراف بفلسطين.

بدوره قال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه يوم الأربعاء إن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس من “المحظورات” بالنسبة لفرنسا، لكن قرارا من هذا القبيل يجب أن يأتي في الوقت المناسب وألا يكون مجرد موقف سياسي.

وأضاف في بيان “هذه ليست قضية رمزية أو مسألة تتعلق بموقف سياسي، وإنما أداة دبلوماسية في سبيل الوصول إلى حل يستند إلى دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن”.

وشدد متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية على دعم برلين لحل على أساس دولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وكان المتحدث يرد على سؤال لصحفي يوم الأربعاء على قرار دول أوروبية الاعتراف بدولة فلسطين.

وقال المتحدث في مؤتمر صحفي دوري في برلين “لا تزال دولة فلسطينية مستقلة هدفا راسخا للسياسة الخارحية الألمانية”، مضيفا أن تحقيق هذا الهدف يجب أن يكون من خلال الحوار.

وقال البيت الأبيض يوم الأربعاء إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يعتقد أن إقامة دولة فلسطينية يجب أن يتم من خلال المفاوضات وليس عبر الاعتراف بها من جانب أطراف منفردة وذلك بعد أن قالت أيرلندا وإسبانيا والنرويج إنها ستعترف بدولة فلسطينية هذا الشهر.

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض “الرئيس مؤيد قوي لحل الدولتين وكان كذلك طوال حياته المهنية”.

وأضاف أنه يعتقد أن الدولة الفلسطينية يجب أن تتحقق من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين وليس من خلال الاعتراف بها من أطراف منفردة.

وكانت الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا الغربية أبدت استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية يوما ما، لكن ليس قبل التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الشائكة مثل الحدود النهائية ووضع القدس.

إلا أنه بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر والحرب التي شنتها إسرائيل ضد غزة ردا على ذلك، بدأ دبلوماسيون يعيدون النظر في أفكار كانت خلافية في الماضي.

رد إسرائيلي بتوسيع الاستيطان

من جهتها قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية يوم الأربعاء إنها أمرت باستدعاء فوري للسفيرين الإسرائيليين من أيرلندا والنرويج، ردا على قرار البلدين الاعتراف بدولة فلسطينية.

وذكر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن قرار الاعتراف بدولة فلسطينية يقوض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وجهود إعادة 128 رهينة لا يزالون محتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وأضاف كاتس “لن تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي… نحن عازمون على تحقيق أهدافنا، إعادة الأمن لمواطنينا ومحو حماس واستعادة الرهائن”. وتابع “لا توجد أهداف أنبل من هذه”.

وردا على ذلك قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية يوم الأربعاء إن الجيش وافق على السماح للإسرائيليين بالعودة إلى ثلاث مستوطنات سابقة في الضفة الغربية كان يحظر عليهم دخولها منذ صدور أمر بإخلائها عام 2005.

تقع المستوطنات الثلاث، وهي سانور وغانيم وكاديم، قرب مدينتي جنين ونابلس الفلسطينيتين، وهما من معاقل الفصائل المسلحة في شمال الضفة الغربية.

وكان قد جرى السماح بدخول مستوطنة رابعة هي حومش في العام الماضي بعد أن أقر البرلمان تعديلا لما يسمى (قانون فك الارتباط) لعام 2005. وكان الحصول على إذن من الجيش الذي يسيطر بشكل كامل على الضفة الغربية مطلوبا لأي عودة للمستوطنات الثلاث السابقة.

وجاء إعلان الجيش هذه الخطوة بالتزامن مع إعلان ثلاث دول أوروبية أنها ستعترف رسميا بدولة فلسطين، ووسط استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة.

واتخذ الجيش القرار على الرغم من الضغوط الدولية على إسرائيل للحد من التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية التي يريد الفلسطينيون أن تشكل المساحة الأكبر من دولتهم المستقلة في المستقبل، إلى جانب غزة.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في بيان إن “السيطرة اليهودية على يهودا والسامرة (الاسم الذي عادة ما يطلقه الإسرائيليون على الضفة الغربية) تضمن الأمن، وتطبيق قانون إلغاء فك الارتباط سيؤدي إلى تطوير استيطاني وتوفير الأمن لسكان المنطقة”.

واعتُبر تعديل العام الماضي لقانون فك الارتباط بمثابة فتح الطريق أمام إعادة بناء مستوطنات الضفة الغربية السابقة التي تم إخلاؤها عام 2005 بموجب خطة أشرف عليها رئيس الوزراء السابق أرييل شارون.

وشملت الخطة، التي عارضتها حركة المستوطنين في ذلك الوقت، أوامر بإخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية في غزة وعددها 21. ولم تطل الخطة معظم مستوطنات الضفة الغربية باستثناء المستوطنات الأربع التي سيكون من الممكن الآن العودة إليها مرة أخرى.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 500 ألف مستوطن يهودي يعيشون حاليا في الضفة الغربية، وهي جزء من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، بالإضافة إلى 200 ألف آخرين يعيشون في القدس الشرقية.

ويؤكد الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي أن المستوطنات غير قانونية، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تشدد على الروابط التاريخية والدينية والسياسية للشعب اليهودي بالمنطقة، فضلا عن الاعتبارات الأمنية.

وعلى الرغم من المعارضة الدولية، يتواصل توسع المستوطنات بقوة في ظل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

ترحيب فلسطيني

هذا ورحبت السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم الأربعاء بقرار أيرلندا وإسبانيا والنرويج الاعتراف بدولة فلسطينية.

وقالت السلطة الفلسطينية في بيان “هذه الخطوة تعكس حرص إسبانيا على دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة والمشروعة في أرضه ووطنه”، وحثت دول العالم على أن تعترف بدولة فلسطين وحل الدولتين.

وورد في بيان حماس “نرحب في حركة المقاومة الإسلامية بإعلان كل من النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين ونعتبرها خطوة مهمة على طريق تثبيت حقنا في أرضنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة”.

وفي مخيم شاتيلا قرب بيروت، رحب لاجئون فلسطينيون الأربعاء بقرار إيرلندا والنروج واسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة اعتبرها البعض “معمّدة” بالتضحيات على وقع الحرب في غزة، وأمل آخرون أن تدفع دولاً أخرى لاتخاذ خطوة مماثلة.

ويقول علاء غزلان (26 سنة) الذي تتحدر عائلته أساساً من حيفا “سعيدون بهذا القرار ونأمل أن يعترف العالم كله بفلسطين”.

ويضيف “بات لدي أمل بالعودة الى بلدي الذي وُلدت خارجه وحُرمت منه لكنه رغم ذلك يعيش فييَّ”، معتبراً أن توقيت الاعتراف اليوم “مهم جداً لأننا عانينا كثيراً.. فما يجري في غزة حالياً لم يحصل في اي بلد” في العالم.

ورحّبت منظمة التحرير الفلسطينية بخطوة الدول الثلاث معتبرةً أنها “لحظات تاريخية”، في حين قالت حركة حماس إن ما جرى “خطوة مهمة” على طريق تثبيت حقوق الفلسطينيين.

ومنذ بدء الحرب في غزة، يتابع اللاجئون الفلسطينيون يوميات الحرب لحظة بلحظة مع وجود أقارب لهم وأفراد من عائلاتهم في القطاع المحاصر.

ويقيم نحو 250 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، بحسب الأمم المتحدة، في ظروف معيشية صعبة. ويتوزّع قرابة نصفهم على 12 مخيماً أقيمت تباعاً إثر النكبة الفلسطينية وقيام دولة إسرائيل في العام 1948.

وتقول ربة المنزل سماح العمري (50 عاماً) التي كانت عائلتها في عداد من فروا عام 1948، أنّ على الدول كافة أن تحذو الخطوة ذاتها لأنّ “الأرض حقنا” ومن أجل ذلك “يموت الشعب في فلسطين”.

في مخيم شاتيلا المكتظ بسكانه وفي أزقته الضيقة، تتزين الجدران المتداعية بشعارات ورايات وخرائط لفلسطين، الى جانب صور لقادة فلسطينيين، بعضهم من حماس.

ويقول أبو مجدي (63 عاماً)، بينما يضع كوفية على كتفيه ويعلق قلادة على شكل خريطة فلسطين لفرانس برس، إن اعتراف الدول الثلاث “جاء معمداً بالدم والشهداء”.

ويتوقّع الرجل الذي فرّت عائلته من حيفا عام 1948 ويقدّم نفسه على أنه “مناضل من أجل فلسطين” أن يغير الاعتراف “مستقبل الأجيال كلّها ومستقبل القضية الفلسطينية … لم نكن نحلم بأن يرتفع علم فلسطين في المحافل الدولية”.

وفي مقهى صغير في المخيم المكتظ بسكّانه، يبدي أمين سرّ اللجنة الشعبية في مخيم شاتيلا سليمان عبد الهادي (70 عاماً) امتنانه “للقرارات التي اتخذتها الحكومات الكريمة” الثلاث في توقيت ذي دلالة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

ويقول “نرى مستقبلاً مضيئاً للقضية الفلسطينية. فما حصل اليوم هو نتيجة للتضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني على مدى 76 عاما من الاضطهاد والقتل والتدمير. إنه نتيجة حتمية”.

ودأبت إسبانيا وإيرلندا منذ سنوات على مناصرة الفلسطينيين. واليوم، مع تزايد عدد القتلى في قطاع غزة جراء الهجوم الإسرائيلي الذي يهدف إلى القضاء على حركة حماس، أطلقت دعوات عالمية لوقف إطلاق النار والتوصل لحل دائم يحقق السلام في المنطقة.

الموجة الأولى من الاعتراف

وأُعلنت دولة فلسطين في تشرين الثاني/نوفمبر 1988 من قبل منظمة التحرير الفلسطينية خلال جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر العاصمة.

وتؤكد الدولة في وثيقتها التأسيسية أنها "تؤمن بحل المشاكل الدولية والإقليمية بالوسائل السلمية"، و"ترفض التهديد باستخدام القوة أو استخدامها والعنف والترهيب".

استند إعلان تأسيس دولة إسرائيل بشكل واضح إلى خطة التقسيم التي أقرتها الأمم المتحدة لإقامة "دولة يهودية مستقلة في فلسطين". ولم تشر الخطة إلى دولة عربية، وهو الاحتمال الذي تم استبعاده فعليا في نهاية الصراع العربي الإسرائيلي الأول في عام 1949، إذ تم دمج 77بالمئة من فلسطين في دولة إسرائيل الجديدة، وتم ضم 22% للأردن وإسرائيل. أما نسبة الـ 1% المتبقية فكانت تديرها مصر تحت مسمى "قطاع غزة".

خلال تلك الفترة، اعتبر الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران أن "شعبي إسرائيل وفلسطين سيضطران إلى العيش معا كجيران يوما ما" وقرر، دون الذهاب إلى حد الاعتراف، رفع مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في باريس إلى رتبة "الوفد العام" لفلسطين.

بعد حرب الأيام الستة، خططت منظمة التحرير الفلسطينية، عقب عقدين من الزمن، لإقامة دولة فلسطين على 23% من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل في عام 1967. وأعقب إعلان الجزائر اعتراف أكثر من نصف أعضاء الأمم المتحدة بفلسطين.

رفض الجانب العربي خطة إعلان تأسيس وطن قومي لليهود في نفس اللحظة التي وافقت عليها القيادة الإسرائيلية، مما أدى إلى حرب أهلية بين اليهود والعرب في فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني. وعندما انتهى الانتداب في مايو/أيار 1948، تم إعلان دولة إسرائيل من قبل "مجلس وطني يمثل الشعب اليهودي في فلسطين والحركة الصهيونية في العالم".

منذ عام 1988، اعترفت 139 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية. تقول إسرائيل إن خطة البلدان التي تعتزم سلك نفس النهج تعد بمثابة "مكافأة للإرهاب"، ومن شأنها أن تقلل فرص التوصل لحل تفاوضي للصراع في غزة.

وحسب المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي عمر الرداد، فإن قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل دول أوروبية، لن يؤثر على مسار العمليات العسكرية والحرب، إلا أنه بالنهاية سيشكل ضغطا سياسيا على إسرائيل.

رغم ذلك، يضيف الرداد موضحا "أعتقد بالنهاية أن الخطوة ستشكل ضغطا على الولايات المتحدة، وعلى إسرائيل التي تقول إنها لن تقبل بإقامة دولة فلسطينية، خاصة في ضوء حالة من الارتباك والتشدد داخل إسرائيل".

من جانبه، يرى الباحث الإسرائيلي في العلاقات الدولية يوآب شتيرن، أن موقف الدول الثلاث ناتج عن غياب أي مفاوضات في الأفق، إلى جانب رفض نتانياهو الاعتراف الضمني بحق الفلسطينيين في إقامة دولة.

من جهة أخرى يقول شتيرن "إن الخطوة تشكل ضربة للموقف الإسرائيلي وللدبلوماسية الإسرائيلية، رغم أن تداعياتها حتى هذه اللحظة رمزية فقط، إذ لا أعتقد أن هذا يعني تغييرا في موقف تل أبيب بشكل عام أو أن تكون له آثار عملية على إسرائيل حتى هذه اللحظة".

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس


اضف تعليق