إذا اتفق القضاة على وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ارتكبت، سيصدرون مذكرة اعتقال. ويتعين أن تذكر المذكرة الشخص والجرائم المحددة التي يُطلب القبض عليه بسببها وبيان الوقائع التي يُزعم أنها تشكل تلك الجرائم. ويستطيع القضاة تعديل طلبات أوامر الاعتقال والموافقة...
قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان يوم الاثنين إنه طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين وثلاثة من قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لما ينسب لهم من دور في ارتكاب جرائم حرب.
وأضاف خان في بيان صدر بعد مرور ما يزيد على سبعة شهور على اندلاع الحرب في غزة أن لديه أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الرجال الخمسة "يتحملون مسؤولية جنائية" عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منسوبة لهم.
وذكر أنه طلب إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت. وأضاف أنهما يشرفان على الهجوم الإسرائيلي على حماس في غزة منذ الهجوم الدامي الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال خان إنه طلب كذلك إصدار مذكرات اعتقال بحق القياديين في حماس يحيى السنوار ومحمد المصري، القائد العام للجناح العسكري لحركة حماس والمعروف على نطاق واسع باسم ضيف، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
والأمر الآن بيد لجنة من قضاة الإجراءات التمهيدية لتحديد ما إذا كانت هناك أدلة كافية لإصدار أوامر الاعتقال. لكن المحكمة ليس لديها وسيلة لتنفيذ مذكرات الاعتقال، كما أن تحقيقاتها فيما يتعلق بالحرب على غزة تلقى معارضة منذ فترة طويلة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ونفى القادة الإسرائيليون والفلسطينيون في السابق مزاعم ارتكاب جرائم حرب، وانتقد ممثلون عن الجانبين قرار خان.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس آذار 2023 بخصوص جرائم حرب مزعومة في حرب أوكرانيا، لكن خطوة يوم الاثنين كانت المرة الأولى التي يسعى فيها خان للتدخل في صراع الشرق الأوسط.
وقال خان "لإسرائيل، شأنها شأن جميع الدول، الحق في اتخاذ إجراءات للدفاع عن سكانها. غير أن هذا الحق لا يعفي إسرائيل أو أي دولة من التزامها بالامتثال للقانون الدولي الإنساني".
وأضاف أن الجرائم ضد الإنسانية التي يُزعم أن إسرائيل ارتكبتها تأتي في إطار "هجوم واسع النطاق وممنهج ضد السكان المدنيين الفلسطينيين تطبيقا لسياسة الدولة".
وأردف قائلا "هذه الجرائم، في تقديرنا، مستمرة حتى يومنا هذا".
وقال إن الأدلة التي جمعها مكتبه تظهر أن إسرائيل حرمت المدنيين بشكل ممنهج من "أشياء لا غنى عنها لبقاء الإنسان"، بما في ذلك فرض قيود على الغذاء والماء والدواء والطاقة. وأضاف أن نتنياهو وجالانت يتحملان المسؤولية عن تعمد إسرائيل التسبب في معاناة بالغة وعمليات قتل بوصفها جريمة حرب.
ويواجه قياديو حماس اتهامات بتحمل المسؤولية عن جرائم منها الإبادة والقتل واحتجاز الرهائن والتعذيب والاغتصاب وغيرها من جرائم العنف الجنسي.
المدعي العام في مهب الرياح الأمريكية
يسعى المحامي البريطاني والمدعي الذي ساهم في إنهاء السياسة الأمريكية ضد المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما يضع منصبه من جديد في مهب مواجهة تصادمية مع الولايات المتحدة.
وبعد أشهر فقط من تعيينه في المنصب لولاية مدتها تسع سنوات في لاهاي، حول خان تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في أفغانستان بعيدا عن القوات الأمريكية وصب التركيز على الجرائم المزعومة التي ترتكبها حركة طالبان وأعضاء الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية المتشدد. وأثارت هذه الخطوة انتقادات من منظمات حقوق الإنسان واعتبرها البعض محاولة لكسب تأييد واشنطن.
وبلغت معارضة المحكمة الجنائية الدولية ذروتها خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أعضاء المحكمة وحظرت الحسابات المصرفية للمدعية العامة السابقة.
وفي علامة على تحسن العلاقات، تم إلغاء العقوبات في عهد الرئيس جو بايدن.
وفي يونيو حزيران من العام الماضي، قام وزير العدل الأمريكي بأول زيارة على الإطلاق إلى المحكمة الجنائية الدولية في تاريخ المحكمة الممتد منذ 22 عاما. والتقى ميريك جارلاند بخان ودعم تحقيقه المتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية ومذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة اتجه نحو منعطف خطير يوم الاثنين بعدما ظهر خان على شبكة سي.إن.إن ليعلن عن مساعيه القانونية التالية للصراع في الشرق الأوسط.
وسرعان ما انتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن مساعي خان لإصدار أوامر لإلقاء القبض على مسؤولين إسرائيليين كبار ووصفها بأنها “مخزية”.
وانتقد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المدعي العام خان وقال إنه كان من المقرر أن يزور خان إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث التعاون مع المحكمة. وأضاف بلينكن أن خان قام بدلا من ذلك بالظهور على شاشة التلفزيون ليعلن الاتهامات.
وقال بلينكن “هذه الظروف وغيرها تثير التساؤلات حول شرعية ومصداقية هذا التحقيق”.
ووصف رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون المنتمي للحزب الجمهوري قرار خان بالسعي لإصدار مذكرات اعتقال بأنه “بلا أساس وغير شرعي”.
وسلطت الاحتجاجات في المدن والجامعات الأمريكية والعديد من الدول الغربية الأخرى الضوء على تنامي الغضب على مستوى العالم إزاء هذه القضية. وحتى الرئيس جو بايدن، أقرب حليف لإسرائيل، نأى بنفسه عن حكومة نتنياهو.
والمحكمة الجنائية الدولية هي أول محكمة دولية دائمة لجرائم الحرب في العالم. وتلتزم الدول الأعضاء فيها وعددها 124 دولة بالاعتقال الفوري للشخص المطلوب إذا كان موجودا على أراضي دولة عضو، لكن المحكمة ليس لديها وسيلة لتنفيذ أوامر الاعتقال.
وتتدخل المحكمة الجنائية الدولية فقط عندما تكون الدولة غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك بنفسها. وتقول إسرائيل إن جرائم الحرب المزعومة في غزة يجري التحقيق فيها محليا.
وإسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة ليستا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك الصين وروسيا.
ولم تسلم دول أعضاء في الماضي مشتبها بهم دخلوا أراضيها، بمن فيهم الرئيس السوداني السابق عمر البشير، المطلوب منذ عام 2005 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
لكن إذا صدرت أوامر ضد القادة الإسرائيليين، فقد تجد الدول الأعضاء في المحكمة، بما في ذلك جميع دول الاتحاد الأوروبي تقريبا، نفسها في موقف صعب من الناحية الدبلوماسية.
وقال ريد برودي، وهو محام مخضرم في جرائم الحرب، "هذا منعطف في تاريخ العدالة الدولية. فالمحكمة الجنائية الدولية لم توجه أبدا، خلال أكثر من 21 عاما على إنشائها، لائحة اتهام ضد مسؤول غربي. في الواقع، لم تفعل ذلك أي محكمة دولية منذ نورمبرج (ضد ممثلي ألمانيا النازية)".
وقُتل 35 ألف فلسطيني على الأقل في الحرب المستعرة بغزة بحسب وزارة الصحة في القطاع. وحذرت منظمات الإغاثة من انتشار الجوع والنقص الحاد في الوقود والإمدادات الطبية.
غضب في إسرائيل
جاء رد الفعل الإسرائيلي غاضبا يوم الاثنين من طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت لما ينسب إليهما من ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وأثار الإعلان عن الطلب دفاعا تحركه الصدمة من الإسرائيليين الذين شعروا بالغضب من مقارنة رئيس وزرائهم بقيادة حماس حتى أن خصوم نتنياهو السياسيين التفوا حوله.
ووصف زعيم المعارضة يائير لابيد القرار بأنه "كارثة". وقال بيني جانتس الجنرال العسكري السابق الذي ينتمي لتيار الوسط ما حدث بأنه "جريمة ذات أبعاد تاريخية". وانضم جانتس إلى حكومة الوحدة التي شكلها نتنياهو العام الماضي وقت الحرب، وهو المرشح الأبرز لتولي منصب رئيس الوزراء.
وفي تل أبيب الليبرالية، التي شهدت العام الماضي بعضا من أكبر الاحتجاجات في تاريخ إسرائيل على خطط نتنياهو للحد من سلطات القضاء، عبر سكان عن غضبهم.
وقال باراك رابينوفيتش، وهو مسؤول تنفيذي في مجال توفير رأس المال الاستثماري ويبلغ من العمر 45 عاما "السنوار قيادي إرهابي. والجمع بين الثلاثة أمر سخيف للغاية، ولا يوجد قاسم مشترك بينهم".
وتراجعت شعبية نتنياهو، الذي قضى أطول فترة في رئاسة وزراء إسرائيل، منذ بداية حرب غزة إذ حمله العديد من الإسرائيليين مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي أدت إلى هجوم حماس، واتهموه بالفشل في القيام بما يكفي لإعادة حوالي 130 رهينة إسرائيلية تحتجزهم حماس.
لكن بعض الإسرائيليين اعتبروا احتمال إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء بمثابة هجوم على الدولة بأكملها ومؤشر على تزايد العداء لإسرائيل على الصعيد الدولي.
وقال أورون أوري، وهو مسؤول تنفيذي في مجال الإعلان والتسويق في تل أبيب يبلغ من العمر 59 عاما "أعتقد أنه عار".
وأردف قائلا "لم تكن هذه الخطوة ضد نتنياهو و(وزير الدفاع يوآف) جالانت فحسب، بل ضد الدولة بأكملها... إنها ضدنا نحن الإسرائيليين".
وأضاف "سيأتي وقت يصدرون فيه مذكرات اعتقال بحق الإسرائيليين، وليس فقط بحق حكومتنا أو رئيس وزرائنا أو وزير دفاعنا".
ولا يزال التأثير السياسي للقرار على نتنياهو، الذي هزت انقسامات داخلية عميقة حكومته الائتلافية، غير واضح على المدى الطويل لكن الأخبار الصادمة منحته فترة راحة مؤقتة على الأقل من مشاكله الداخلية.
وتحدى جانتس رئيس الوزراء بكل وضوح يوم السبت وطالبه بإعداد استراتيجية واضحة "لما بعد" الحملة العسكرية في غزة، لكنه ألقى بثقله خلف نتنياهو عقب الإعلان عن قرار المدعي العام للمحكمة في لاهاي.
وقال "عقد مقارنات بين قادة دولة ديمقراطية مصممة على الدفاع عن نفسها في مواجهة الإرهاب الخسيس وبين قادة منظمة إرهابية متعطشة للدماء (حماس) هو إمعان في تشويه العدالة وإفلاس أخلاقي صارخ".
وقال الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج في بيان "أي محاولة للمقارنة بين هؤلاء الإرهابيين الوحشيين وحكومة إسرائيل المنتخبة ديمقراطيا، التي تعمل على الوفاء بواجبها في الدفاع عن مواطنيها وحمايتهم بالكامل، مع الالتزام بمبادئ القانون الدولي أمر مشين ولا يمكن لأي أحد أن يتجاوزه".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين طلب إصدار مذكرة اعتقال بحقه عبثي وإنها خطوة غرضها استهداف إسرائيل بأكملها.
وأضاف نتنياهو “أرفض مقارنة المدعي العام في لاهاي المثيرة للاشمئزاز بين إسرائيل الديمقراطية والقتلة الجماعيين بحماس”.
وتابع “بأي جرأة تقارن حماس التي قتلت وأحرقت وذبحت وقطعت رؤوسا واغتصبت وخطفت إخوتنا وأخواتنا وجنود جيش الدفاع الإسرائيلي الذين يخوضون حربا عادلة”.
مساواة بين الضحية والجلاد
وانتقد سكان في قطاع غزة يوم الاثنين سعي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قائلين إن القرار يساوي بالخطأ بين قادة الحركة الفلسطينية وقادة إسرائيل الذين يشنون حربا في القطاع الفلسطيني منذ أكتوبر تشرين الأول.
وتقول أم صامد، وهي أم لستة أطفال، نزحت بين عدة أحياء في مدينة غزة بسبب الحرب “العالم ظالم وبيشوف بعين واحدة، كيف بيساووا بيننا وبين الاحتلال؟… هي حماس عندها طيارات قصفت فيها تل أبيب؟ ولا قتلت 35 ألف بني آدم غير الآلاف اللي لسه مفقودين؟ هادا جنون”.
وقال محمد فاروق (25 عاما)، والذي يسكن أيضا مدينة غزة، إن طلب المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق الضيف إلى جانب نتنياهو وجالانت هو “نكتة”.
وأضاف “خليهم يعتقلوا نتنياهو في أول سفرية له بره إسرائيل مهو كل شوي مسافر، وإذا بيقدروا ييجوا غزة مشان يعتقلوا الضيف اللي أساسا ما بيطلع من غزة لإنه طول عمره مشغول وهو بيقاتل الاحتلال، يعملوها”.
ردود فعل على قرار المحكمة الجنائية
وفيما يلي بعض ردود الفعل على القرار:
- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو:
طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية سخيف وخطوة غرضها استهداف إسرائيل كلها. "أرفض مقارنة المدعي العام في لاهاي المثيرة للاشمئزاز بين إسرائيل الديمقراطية والقتلة الجماعيين بحماس". وأضاف "بأي جرأة تقارن حماس التي قتلت وأحرقت وذبحت وقطعت الرؤوس واغتصبت وخطفت إخوتنا وأخواتنا وجنود جيش الدفاع الإسرائيلي الذين يخوضون حربا عادلة".
- الرئيس الأمريكي جو بايدن:
"دعوني أكن واضحا: أيا كان ما يعنيه هذا المدعي العام، لا يوجد أي تكافؤ على الإطلاق بين (موقفي) إسرائيل و(حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية) حماس".
- وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن:
قال في بيان إن الولايات المتحدة ترفض طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين في إسرائيل وحركة حماس. وأضاف "نرفض أن يجعل المدعي العام (موقف) إسرائيل مكافئا لحماس".
- حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس):
تندد حماس بطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية إصدار أوامر اعتقال بحق ثلاثة من قادة الحركة وتطالب بإلغائه. طلب مدعي المحكمة إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع تأخر سبعة أشهر.
- واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية:
"توجيه طلب إصدار مذكرات توقيف لقادة من حماس ومسؤولين إسرائيليين هو خلط ما بين الضحية والجلاد والشعب الفلسطيني من حقه الدفاع عن نفسه. "المطلوب من المحكمة إصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين الذين يواصلون جرائم الإبادة في قطاع غزة لوقف هذه الجرائم".
- رئاسة جنوب أفريقيا:
"ترحب جنوب أفريقيا بإعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان طلب إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين وثلاثة من قياديي حماس استنادا إلى زعم ارتكابهم جرائم حرب. "يتعين المساواة بين الجميع في تطبيق القانون لدعم سيادة القانون الدولي وضمان محاسبة من يرتكبون جرائم بشعة وحماية حقوق الضحايا".
- المستشار النمساوي كارل نيهامر:
"إننا نحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية احتراما كاملا. غير أن حقيقة ذكر زعيم منظمة حماس الإرهابية، التي هدفها المعلن هو القضاء على دولة إسرائيل، في نفس الوقت الذي يذكر فيه الممثلون المنتخبون ديمقراطيا لتلك الدولة ذاتها، أمر لا يمكن فهمه".
- السناتور جيم ريش، العضو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي:
"لا يوجد سبب يدفع المحكمة إلى التحقيق مع إسرائيل، لأنها ليست طرفا في نظام روما الأساسي. لدى إسرائيل سلطة قضائية تؤدي عملها على أكمل وجه".
- وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش:
سعي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت "استعراض للنفاق وكراهية اليهود. "مذكرات اعتقال بحقهما هي مذكرات اعتقال بحقنا جميعا".
- سامي أبو زهري، القيادي البارز في حركة حماس:
قرار المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق ثلاثة من قادة الحركة الفلسطينية "مساواة بين الضحية والجلاد". وأضاف أن قرار المحكمة يشجع إسرائيل على الاستمرار في "حرب الإبادة".
- ريد برودي، مسؤول ادعاء معني بجرائم الحرب:
"اعتقد كثيرون أن هذا الطلب لن يأتي أبدا... يواجه القادة الإسرائيليون أخيرا محاسبة قانونية على أفعالهم. وبالمثل، يواجه كبار مسؤولي حماس العدالة بسبب الاحتجاز القاسي وغير الإنساني للرهائن وغيره من الجرائم ضد الإنسانية. "إذا تسنت الموافقة على إصدار أوامر الاعتقال، فإنها ستجعل نتنياهو رجلا مطلوبا، في نفس فئة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين والرئيس السوداني عمر البشير".
- هيومن رايتس ووتش:
"لقد واجه ضحايا الانتهاكات الجسيمة في إسرائيل وفلسطين جدارا من الإفلات من العقاب لعقود من الزمن. وهذه الخطوة الأولى المبدئية التي اتخذها المدعي العام تفتح الباب أمام محاسبة المسؤولين عن الأعمال الوحشية المرتكبة خلال الأشهر الماضية على أفعالهم في محاكمة عادلة. وعلى الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية الاستعداد لحماية استقلال المحكمة بحزم إذ من المرجح أن تتزايد الضغوط العدائية بينما ينظر قضاة المحكمة في طلب (المدعي العام كريم) خان".
- رئيس وزراء التشيك بيتر فيالا:
"اقتراح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق ممثلي حكومة منتخبة ديمقراطيا مع قادة منظمة إرهابية إسلامية أمر مروع وغير مقبول على الإطلاق". "يجب ألا ننسى أن حماس هي التي هاجمت إسرائيل في أكتوبر وقتلت وأصابت وخطفت الآلاف من الأبرياء. هذا الهجوم الإرهابي غير المبرر على الإطلاق هو الذي أدى إلى الحرب الحالية في غزة ومعاناة المدنيين في غزة وإسرائيل ولبنان".
- المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك:
"هذا الإجراء لا يساعد في تحقيق وقف القتال أو إخراج الرهائن أو إدخال المساعدات الإنسانية".
- وزارة الخارجية الفرنسية:
“تدعم فرنسا المحكمة الجنائية الدولية واستقلالها ومكافحتها للإفلات من العقاب في كافة الحالات”. وأكدت الوزارة تنديدها “بالمذابح المعادية للسامية” التي ارتكبتها حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول وكذلك تحذيراتها من انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي بسبب الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة.
وقالت الوزارة “فيما يتعلق بإسرائيل، الأمر متروك للدائرة التمهيدية بالمحكمة كي تقرر ما إذا كانت ستصدر مذكرات الاعتقال هذه بعد فحص الأدلة التي قدمها المدعي العام”.
- وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني:
“يبدو لي أمرا غريبا حقا، وأود أن أقول غير مقبول، مساواة حكومة منتخبة بشكل شرعي من قبل الشعب في دولة ديمقراطية مع منظمة إرهابية هي سبب كل ما يحدث في الشرق الأوسط”.
ماذا سيحدث بعد ذلك في المحكمة الجنائية الدولية؟
يذهب طلب المدعي العام كريم خان إلى الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية. وستتألف الدائرة من ثلاثة قضاة: رئيسة المحكمة، القاضية الرومانية يوليا موتوك، والقاضية المكسيكية ماريا ديل سوكورو فلوريس لييرا، والقاضية رين ألابيني جانسو من بنين.
ولا توجد مهلة يتعين خلالها على القضاة أن يحسموا أمرهم قبل انقضائها في مسألة إصدار أوامر الاعتقال. في القضايا السابقة، استغرق الأمر من القضاة ما بين شهر وبضعة أشهر.
وإذا اتفق القضاة على وجود "أسباب معقولة" للاعتقاد بأن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ارتكبت، سيصدرون مذكرة اعتقال. ويتعين أن تذكر المذكرة الشخص والجرائم المحددة التي يُطلب القبض عليه بسببها وبيان الوقائع التي يُزعم أنها تشكل تلك الجرائم.
ويستطيع القضاة تعديل طلبات أوامر الاعتقال والموافقة على أجزاء فقط مما يطلبه المدعي العام. ويمكن أيضا تعديل الاتهامات وتحديثها لاحقا.
وينفى زعماء إسرائيل وحماس مزاعم ارتكاب جرائم حرب، وانتقد ممثلو الجانبين قرار خان.
هل سيعتقل نتنياهو وزعماء حماس؟
يلزم نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى السوابق القانونية في قضايا تنطوي على أوامر اعتقال ضد رؤساء دول في الحكم، جميع الدول الموقعة على المحكمة الجنائية الدولية وعددها 124 دولة باعتقال وتسليم أي فرد يسري ضده أمر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية إذا وطأت قدماه أراضيها.
لكن ليس لدى المحكمة أي وسيلة لتنفيذ الاعتقال. وعقوبة عدم اعتقال أي شخص هي الإحالة إلى مجلس الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وفي نهاية المطاف الإحالة إلى مجلس الأمن الدولي.
وتسمح قواعد المحكمة لمجلس الأمن الدولي بتبني قرار يوقف أو يؤجل التحقيق أو المحاكمة لمدة عام، مع إمكان تجديد ذلك إلى أجل غير مسمى.
وفي الحالات السابقة التي تجاهلت فيها دولة ما التزامها باعتقال فرد يواجه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، كان أقصى ما واجهته هذه الدولة هو التوبيخ.
وبإمكان إسرائيل أو السلطات الفلسطينية أيضا تقديم التماس رسمي إلى مكتب المدعي العام لتأجيل القضية إذا كانت تحقق بنفسها أو تحاكم الأشخاص أنفسهم على الأفعال الإجرامية المزعومة ذاتها.
وسيكون على المدعي العام حينئذ إيقاف النظر في القضية مؤقتا ومراجعة ما إذا كانت الطرف الذي طلب التأجيل يجري بالفعل تحقيقا فعليا. وإذا رأى المدعي العام أن التحقيقات التي يجريها هذا الطرف غير كافية، يمكنه التقدم بطلب للقضاة لإعادة فتح التحقيق.
هل ما زال بإمكان نتنياهو ويحيى السنوار السفر؟
نعم يستطيعان. ولا يؤدي طلب إصدار أمر اعتقال أو إصدار أمر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية إلى الحد من حرية الفرد في السفر. لكن بمجرد إصدار مذكرة اعتقال، يصبح المستهدفون بمذكرات الاعتقال عرضة لاحتمال الاعتقال إذا سافروا إلى دولة موقعة على المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي قد يؤثر على عملية صنع القرار.
ولا توجد قيود على الزعماء السياسيين أو المشرعين أو الدبلوماسيين في ما يتعلق بمقابلة الأفراد الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية. لكن من الناحية السياسية، قد ينظر لمثل هذا الأمر على أنه شيء معيب.
ويعتبر طلب المحكمة الجنائية الدولية مسألة منفصلة، على سبيل المثال، عن القضايا المعروضة على المحاكم التي تطالب بفرض حظر أسلحة على إسرائيل أو محاولات جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإسرائيلي على رفح.
وإذا قرر القضاة أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت يرتكبان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التحديات القانونية التي تستدعي فرض حظر أسلحة في أماكن أخرى، حيث أن دولا كثيرة لديها أحكام ضد بيع الأسلحة إلى الدول التي قد تستخدمها بطرق تنتهك القانون الإنساني الدولي.
ما هي المحكمة الجنائية الدولية؟
فيما يلي بعض الحقائق عن المحكمة الجنائية الدولية:
- تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 للمحاكمة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والعدوان حين تكون الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على الاضطلاع بذلك بنفسها. ويمكنها إجراء الملاحقات في الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء أو التي ترتكبها أطراف أخرى على أراضي الدول الأعضاء. وتضم المحكمة 124 دولة عضوا. وتبلغ ميزانيتها لعام 2024 نحو 187 مليون يورو.
- تجري المحكمة 17 تحقيقا تمتد من أوكرانيا ودول أفريقية مثل أوغندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وكينيا إلى فنزويلا في أمريكا اللاتينية ودول آسيوية، مثل ميانمار والفلبين، بحسب موقعها على الإنترنت.
- يقول موقع المحكمة إن هناك حتى الآن 31 قضية مطروحة أمام الجنائية الدولية، وإن بعض القضايا بها أكثر من مشتبه به واحد. وأصدر قضاة المحكمة أكثر من 40 أمر اعتقال.
- هناك 21 شخصا في مركز الاحتجاز التابع للمحكمة، وقد مثلوا أمامها. وما زال 17 شخصا لم يلق القبض عليهم. وأُسقطت اتهامات موجهة إلى سبعة أشخاص بسبب وفاتهم. وأصدر القضاة 10 إدانات وأربعة أحكام بالبراءة.
- من بين الإدانات العشر، تعلق خمس منها فحسب بجرائم الحرب الأساسية وجرائم ضد الإنسانية نظرت فيها المحكمة، بينما تعلقت إدانات أخرى بجرائم مثل التأثير على الشهود. والمدانون الخمسة جميعهم قادة ميليشيات أفارقة من جمهورية الكونجو الديمقراطية ومالي وأوغندا. وتراوحت الأحكام بين تسع سنوات إلى 30 سنة في السجن. وأقصى عقوبة سجن ممكنة هي السجن مدى الحياة.
- أحد الهاربين البارزين هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المتهم بارتكاب جريمة حرب تتمثل في ترحيل غير مشروع لمئات الأطفال من أوكرانيا. وأصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق بوتين في مارس آذار 2023. وقال الكرملين إن هذه خطوة بلا معنى. ونفت موسكو مرارا الاتهامات بارتكاب قواتها فظائع أثناء غزوها لجارتها.
- المحكمة تحظى بدعم كثيرين من أعضاء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن قوى أخرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ليست أعضاء وتتذرع هذه الدول بأن المحكمة قد تُستغل في محاكمات ذات دوافع سياسية.
- إسرائيل ليست عضوا في المحكمة ولا تعترف بولايتها القضائية، لكن الأراضي الفلسطينية أصبحت دولة عضوا فيها عام 2015. وفي عام 2021، فتحت المحكمة تحقيقا رسميا في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في أكتوبر تشرين الأول العام الماضي إن للمحكمة سلطانا قضائيا على أي جرائم حرب يحتمل أن يكون مقاتلو حماس ارتكبوها في إسرائيل أو ارتكبها إسرائيليون في قطاع غزة.
اضف تعليق