أسوأ ديمقراطية هي التي تأتي من النافذة وليس من الباب، تلك الديمقراطية التي تتبناها السلطة السياسية دون قبول شعبي لمبادئ الديمقراطية أو مظاهرها، أو عندما تقر الدولة مبدأ الديمقراطية دون أن تسن القوانين المنظمة للحراك الاجتماعي المدني، أو عندما تُفرض الديمقراطية من الخارج، فتنشأ عندئذ فوضى عارمة، تجعل...
ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (خيار الشعوب بين دكتاتوريات متوحشة وديمقراطيات فاسدة) بمشاركة عدد من أعضاء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد أسبوعيا بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، حيث قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية الاستاذ حيدر عبد الستار الاجودي، وابتدأ حديثه قائلا:
"شهدت السنوات الاخيرة انهيار العديد من الانظمة التي اتسم حكمها بالاستبداد والشمولية وتقديس الحاكم وانتهاك حقوق الانسان وقمع الحريات وعرفت عنها بالدكتاتورية (وهي احد أنظمة الحكم التي أخذت حيزا كبيرا من نشاط السياسات الحاكمة والتي شملت بلدانا مختلفة، تتركز فيه السلطة بيد حاكم بشكل فردي، يتولاها عن طريق الاستبداد وفرض القوة، أو يتم توليتها بطرق ديمقراطية تؤدي فيما بعد إلى تحول السلطة بيده، فيمارس السلطة بحسب إرادته، ويهيمن بسطوته على السلطة التشريعية ويسيطر على السلطة التنفيذية، ويحقق إرادته على القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدولة دون رقيب وحسيب)، واثبتت هذه الانظمة عدم قدرتها على تحدي الشعوب على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي المشترك بالرغم من انه كان يُنظر اليها على انها انظمة متوطدة ومنيعة.
وبالرغم من ان هذا التحدي الشعبي لم يقض على انظمة الحكم الدكتاتوري او الاحتلال القائم الا انه كشف عن الطبيعة الوحشية للأنظمة القمعية، فسجل الأنظمة الديكتاتورية في العديد من الدول حافل بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان رصدتها العديد من المنظمات الدولية على مدى عقود، وربما يتساءل البعض عن السبب في استمرار هذه الانظمة عقودا طويلة وتأخر محاولات شعوبها في الانتفاض عليها والتخلص منها، على الرغم من ان بعض الشعوب اصبح لديها خبرة كافية في التحدي الشعبي والوقوف بوجه الظلم.
ومن المؤكد ان انهيار الانظمة الدكتاتورية على مر تاريخ الشعوب لم يمحو جميع المشاكل الاخرى في المجتمعات، فالفقر والجريمة وعدم الفعالية البيروقراطية وتخريب البيئة هي ما تورثه الانظمة القمعية ولكن سقوط هذه الانظمة الدكتاتورية كان له الحد الأدنى من تخفيف معاناة ضحايا القمع، وفتح الطريق امام اعادة بناء هذه المجتمعات بوجود حريات سياسية وديمقراطية وشخصية وبوجود عدالة اجتماعية.
ومن الملاحظ انه خلال العقود الماضية أصبح هناك توجهات اكبر نحو تطبيق الديمقراطية والحرية في العالم، وبالرغم من هذه الظاهرة الايجابية الا ان هناك اعدادا كبيرة من الشعوب لا تزال تقبع تحت ظلم الانظمة الدكتاتورية العسكرية او الانظمة الملكية القمعية التقليدية او الاحزاب السياسية المسيطرة او الاحتلال الاجنبي او تكون في مرحلة انتقالية.
لذا نجد اليوم ان العديد من البلدان تمر في مرحلة من التغيير الاقتصادي والسياسي والاجتماعي السريع، فبالرغم من ان عدد البلدان الحرة قد ازدادت الا ان هناك خطر محدق يتمثل في ان العديد من الامم (اثناء هذه التغييرات الاساسية السريعة) تأخذ اتجاها معاكسا لتقع تحت نير انظمة دكتاتورية جديدة، حيث تسعى الزمر العسكرية واصحاب المطامع والمسؤولين المنتخبين والاحزاب السياسية المذهبية باستمرار فرض اراداتها، وتستمر ظاهرة انتهاك حقوق الانسان والحقوق السياسية للعديد من الشعوب.
فلا يزال الماضي لسوء الحظ يعشش بيننا، حيث تعتبر مشكلة الانظمة الدكتاتورية مشكلة متأصلة، فقد تعيش العديد من الشعوب تحت القمع المحلي او الخارجي وغالبا ما يكون الخنوع الى رموز السلطة والحكام دون مساءلة قد غرس في الذهن، ففي اكثر الحالات تطرفا تكون مؤسسات المجتمع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الدينية (خارج حدود سيطرة الدولة) قد اضعفت عمدا او حولت الى مؤسسات تابعة قد استبدلت بمؤسسات صارمة تستخدم من قبل الدولة او الحزب الحاكم للسيطرة على المجتمع، ويكون المواطنون قد شُتتوا لدرجة انهم اصبحوا كتلة من الافراد المعزولين الذين لا يستطيعون العمل معا لنيل الحرية او نيل ثقة بعضهم البعض او حتى المبادرة بأي شيء.
هنا تكون النتيجة بطبيعة الحال متوقعة حيث يصبح المواطنون ضعفاء لا حول لهم ولا قوة وتنقصهم الثقة بالنفس وغير قادرين على المقاومة، وغالبا ما يخافون الحديث عن مدى كرههم للنظام الدكتاتوري وحلمهم بالحرية حتى مع عائلاتهم واصدقائهم، حتى ان الرعب يدب في قلوبهم اذا فكروا جديا بالمقاومة، وفي النهاية تجدهم يعانون دون سبب ويواجهون مستقبلا بلا امل.
فالحكم الدكتاتوري يستطيع ايضا ان يتحول الى حكم دكتاتوري اخر والتاريخ كفيل بتوفير امثلة على ذلك، حيث يرى بعض الافراد والجماعات في سقوط النظام القمعي الدكتاتوري فرصة ليصبحوا هم الاسياد الجدد، وقد تختلف دوافع هؤلاء الافراد والجماعات ولكن غالبا ما تكون النتائج متشابهة بحيث يصبح نظام الحكم الدكتاتوري الجديد اشد بطشا وتحكما من نظام الحكم الدكتاتوري القديم.
أما الديمقراطية (والتي تعني بمفهومها الاصطلاحي، العملية السلمية لتداول السلطة بين الافراد او الجماعات التي تؤدي الى ايجاد نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ككل على شكل اخلاقيات اجتماعية) فقد فقدت اغلب مظاهرها وبقيت لا تحمل إلا اسمها فقط، وأكثر ما تجد دول العالم الثالث التي ترفع شعار الديمقراطية، تُرسخ كل استبداد وتفرّد عن طريق نظامها وأسلوب حكمها وشرائعها، ولعل أسوأ ديمقراطية هي التي تأتي من النافذة وليس من الباب، تلك الديمقراطية التي تتبناها السلطة السياسية دون قبول شعبي لمبادئ الديمقراطية أو مظاهرها، أو عندما تقر الدولة مبدأ الديمقراطية دون أن تسن القوانين المنظمة للحراك الاجتماعي المدني، أو عندما تُفرض الديمقراطية من الخارج، فتنشأ عندئذ فوضى عارمة، تجعل الناس لا تخضع للدولة، أو تقلل من هيبة الدولة.
ان بعض الدول تتسمى بالديمقراطية، ولكنها لا تسن قوانين دقيقة وصارمة تطال مقاصد الديمقراطية، فهي مثلاً تسمح بالتظاهر، لكن التظاهر لا يؤدي إلى ضغط إيجابي يجعل المشرع يعيد النظر في دواعي التظاهر وهو تظاهر سلبي، خاصة إذا كان التظاهر يتسم بالعنف والفساد وتدمير الممتلكات العامة، أو أن يكون التظاهر مدفوعاً من قبل السلطة السياسية، والأمثلة كثيرة، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
إن هناك عدداً كبيراً من الدول ترفع شعار الديمقراطية، غير أنها تفتقر إلى بعض الحريات الأساسية، وتفتقر أكثر إلى مدونة دستورية واضحة لتوطين مقاصد الديمقراطية ومن ثم تفعيلها، وهذه الدول عجزت، فأضحت ديمقراطيتها ديمقراطية فاسدة".
وللاستزادة من الآراء والمداخلات حول الموضوع نطرح السؤالين الآتيين:
السؤال الاول/ ما الذي يجعل الشعوب ترضخ للدكتاتورية على حساب الديمقراطية؟
السؤال الثاني/ لماذا تفشل الديمقراطية في بعض المجتمعات بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة؟
المداخلات
- الدكتور حميد مسلم الطرفي:
"يحمل البشر منذ ولادتهم خاصيتين نفسيتين (غريزتين) متركزتين في اذهانهم ومبررتين في عقولهم وهما أُسّان من أسس المشكلة السياسية في تكوين الدول والأنظمة السياسية عبر العصور التاريخية المختلفة وهما:
1- الطاعة والخضوع رضاً وقناعة أو خوفاً ورهبةً.
2- حب السيطرة والجاه استشعاراً لمسؤولية التغيير نحو الأفضل (حبّاً للغير) أو رغبةً في التسلط على الغير (حبّاً للذات).
وبوجود هاتين النزعتين لا يمكن لأي مجتمع بشري أن يستقر ويستمر من غير حاكم ومحكوم (وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن. ويستمتع فيها الكافر. ويبلغ الله فيها الأجل. ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدو. وتأمن به السبل...)، فكل ما اجتهد به الفلاسفة وفقهاء الأنظمة السياسية يقع في تنظيم هاتين النزعتين والخروج بما هو أفضل لتنظيم العلاقة بين صاحب السلطة والخاضع لها فمنهم من رأى حكم الأكثرية (الديمقراطية) وآخرون يرون حكم الأقلية (الاوليغارشية) وآخرين فضلوا حكم الفلاسفة أو الحكماء، ومنهم من اختار الديكتاتورية المستبدة العادلة (المستبد المستنير)، حتى وصل الأمر إلى دعوة الناس للخضوع إلى الحاكم الغالب، أي الخضوع لحكم القوي الذي يحسم الصراع على الحكم بالغلبة والقهر.
مما تقدم، فإن أرقى الشعوب وأكثرها تحضراً قد تخضع للدكتاتورية، فاليونانيون خضعوا لـ(كاليجولا) ابن أخت نيرون الذي أحرق روما برمتها وقتل أمه، وكان (كاليجولا) يجبر وزراءه أن يأكلوا مما يأكل حصانه، والألمان خضعوا لهتلر النازي، والروس لستالين الشيوعي والايطاليون لموسوليني الفاشي والكلام يطول.
إن بقاء الشعوب لمدة طويلة تحت نير الاستعباد وحكم الديكتاتور يغير من طباع الكثير من أفرادها فيؤمنون بمنطق القوة على حساب قوة المنطق، ويرون الخضوع بالقهر أفضل من الخضوع بالقناعة، وأن سجية البشر أن ينفذوا الأوامر بالخوف والرهبة من العقاب وليس بدافع الحب والاحترام للحاكم، وإن الحاكم ظالم وإن عدل في نظر المحكومين، فلابد له من أن يظلم لتستقيم الأمور.
الديمقراطية تعني حكم الأكثرية، وهي بذلك تواجه خطراً مميتاً، يضربها في الصميم، فهي تعاني اليوم مما بات يعرف بـ(الشعبوية)، وهي خطاب سياسي قائم على التزييف والمراوغة والحيل السياسية خطاب غير حقيقي يغري الأكثرية من العامة عبر محاكاة أمزجتهم وغرائزهم ليجعلهم يصطفون معه في الانتخابات خلافاً لمصلحة المجتمع والدولة، فالصناديق لا تفرز دوماً الأصلح والأفضل لاختيار الحاكم أو الممثل الأجدر لتحقيق تطلعات الشعب.
وبناءً على ما تقدم، باتت فكرة المستبد المستنير أو الديكتاتور العادل تلامس أذهان قطاعات واسعة من الشعوب، متناسيةً أن التاريخ لم يحدثنا إلا عن أنفار معدودة من الديكتاتوريين الذين اتصفوا بالعدل والاستنارة، وان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما يقول مونتسكيو، فالديكتاتور يتمسكن حتى يتمكن، وغريزة حب السيطرة والتسلط لديه تنمو مع قوته وقوة حرسه حتى يتحول إلى إله في الأرض (ما علمت لكم من إله غيري) (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، وان الديكتاتورية العادلة قد لا تصلح إلا مع امام صادق ناطق بالحق ومعصوم ومسدد من الله لا يساوي الحكم عنده إلا كعفطة عنز أو ورقة توت في فم جرادة تقضمها إلا أن يقيم به (بالحكم) حقاً أو يدفع به باطلاً كما كان يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام.
أخيراً فإن ديمقراطيةً عرجاء تلقى الله بأموال الشعب أفضل ألف مرة من ديكتاتورية مستبدة تلقى الله بدماء شعبها وأمواله، مع الإشارة إلى أن الإصلاح والتوق إلى الأفضل ديدن الشعوب المتحضرة وتلك مهمة النخب المثقفة والمثابات الاجتماعية والدينية والطبقة الوسطى ممن يحظون بالاحترام ووفرة البدائل يمضون على بصيرة من أمرهم ولا ينفذون أهواء غيرهم ممن يستبدلون الرمضاء بالنار والله المستعان".
- الدكتور اسعد كاظم شبيب:
"هناك جملة أسباب تجعل شعبا ما يرزح تحت نظام حكم الشخص الواحد او المستبد او الطاغية وما الى ذلك من مسميات، ومن تلك الأسباب الجانب العاطفي او الابعاد النفسية السيكولوجية التي تتحكم في ذهنية البسطاء من الناس، فسلوكيات الحاكم المستبد دائما ما تكون ذات منحى مؤثر في تلك السلوكيات فتوجد في النتيجة شخصية متضخمة وتتمثل بالمستبد نفسه الذي تعلو في شخصيته سمات التسلط والاستبداد ومن ثم يتحول هذا الحاكم الى طاغية يصادر حقوق الناس وحرياتهم وكرامتهم وأول المضطهدين هم مؤيدوه، لذا عد نظام الحكم الاستبدادي نظاما جائرا ظالما وقد جربت عدد من الأنظمة السياسية في العالم هذا النمط من الحكم ومن ذلك العراق فقد شهد نظاما استبداديا تسلطيا الذي ذهب ضحية حكمه وطغيانه عشرات الالاف من الضحايا والمغيبين.
وكان من واقع التجربة السياسية التي عاشها البلد ان نشهد نظاما مختلفا يعتمد الديمقراطية وفلسفة التداول السلمي للسلطة والمحاسبة والشفافية وما الى ذلك من معالم الحكم الرشيد لكن للأسف الشديد اتجهت التجربة السياسية بعد التغيير من النظام الاستبدادي في عام 2003 الى طرق أخرى لا تقل سوءا عن تجربة الحكم الاستبدادي، من هنا كان ينبغي على القوى السياسية التي حكمت البلد بعد التخلص من النظام الاستبدادي العمل على ترصين عملية التحول الديمقراطي لكن الذي حدث هو بخلاف ذلك، وهذا ما يحتاج الى عمل مجهد في سبيل الإصلاح السياسي في البلد".
- الباحث صادق الطائي:
"فشل العالم الغربي في اقناع الناس والصحافة الوطنية وعناصر الاحزاب والرأي العام بمناهجه وافكاره واقتراحاته ازاء اكثر المشاكل العالقة مثل أفغانستان وغزة والحجاب في فرنسا وطرحه لفكرة الديمقراطية وحقوق الانسان واحترام المقابل مهما يحمل من فكر مناقض، من هنا أصبحت بضاعته التي يتفاخر بها (الديمقراطية) وإعطاء الحرية للطرف الاخر وقدمت مجموعة من آراء وافكار وتجارب وسياسات قامت بها هنا وهناك تمثل تناقض في مدّعيات وسلوكيات الغرب، أنهم يريدون ان يقدموا بضاعتهم التي تسمى (الديمقراطية) كي يضمنوا عمليات السرقة والتلاعب بالسوق والتصنيع وغيرها كثير، وان نفس الدول الغربية (الديمقراطية) هي التي توُجّد القائد الدكتاتور وهي التي تمكنه من العيش بسلام وتعطي الفرصة للاستمرار (العراق) مثلاً جميعا نعرف من كان وراء الحرب ضد ايران وسوريا من وراء العمليات الاجرامية والتصفيات في لبنان والسودان اذن الديمقراطية المهلهة الان هي نفس الدكتاتورية المنهزمة عند المجرم صدام، الكل يعرف ان الديمقراطية في العراق هي أسوء واقدم وأشكل نظام حكم في سلّم الديمقراطيات المعمول بها في العالم، واعتقد فشل الديمقراطية في بعض المجتمعات ووقوفها عاجزة بتحقيق تقدم وتنمية وتصاعد في الخدمات الاجتماعية الى ثلاثة اسباب هي في البحث عن نوع الديقراطية حقيقية ام محوّرة (مستنسخة) لا تفي بالغرض مثال انك تعد انسان ان تقدم له مَلّك ولكن تقدم له ابليس بزي مَلّك، بلا شك سوف تتعطل وتفشل الديمقراطية الهجينة.
القائمين عليها، هل هم صادقون في جعلها ركنا أساسيا في الحكم، ام قرار تكتيكي لمرحلة مرت به البلد، وربما تحتاج عنصر الوقت الديمقراطية عقدين من الزمن حتى تعطي ثمارها، ليس من الصحيح خلال سنة تقول اين ثمار الديمقراطية التي وعدتمونا بها، هناك بعض الشعوب استغرقت الفكرة الجديدة قرن او اكثر حتى اعطت ثمارها الان، حتى اصبح يشار لها في صحف
العالم".
- الباحث حسن كاظم السباعي:
"لو اعتبرنا أن مفهوم الديمقراطية مثالي وان تطبيقه سيؤدي إلى سعادة الشعوب دون أي مضرات جانبية وانتقادات، فإنَّه سيحصل حتما على مؤيدين وستطمح إليه الشعوب وتضحي بالغالي والنفيس من أجل الوصول إليه.
إلا أن (الواقع الفعلي) هو الذي جعل بعض المجتمعات تفضل الديكتاتورية وترضخ لها على حسابه، هذا الواقع سجّل تأخرا ملحوظا في مدى تحقيقها للتنمية والعدالة بسبب قلة النزاهة في الإدارة وما يشوبها من كذب وغش واحتكار وغيره، وكمثال على ذلك فإن الدين أمر لا يشك به وبفاعليته في المجتمع المتدين، لكنه أصبح أسيرا بيد من لا يتقن العمل به أو حتى لا يؤمن به إيمانا حقيقيا فإن المتدينين أنفسهم سينجذبون للنظام اللاديني على حساب النظام (الديني) حتى يخرج من الأسر.
من هنا وبناء على هذا الأساس؛ فإن عدم الإقبال على الديمقراطية ليس هو بسبب إشكال وارد فيها، كما أن القبول بالديكتاتورية ليس بسبب أنها أفضل أو أنها تملك شعبية ما، ولكن الاستغلال السيئ وغير الصحيح لتلك المفاهيم في التطبيق أدى إلى ذلك.
أما فيما يتعلق بسبب فشل الديمقراطية في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في بعض المجتمعات؛ فإن وجود بعض الأحزاب التّي تهدف إلى بلوغ السلطة من أجل الحصول على مزاياها وثرواتها؛ لإشباع رغباتهم الشخصية لا لأجل بناء المجتمع وحل مشاكله أمر مفروغ منه، كذلك هنالك عامل آخر قلما يُرى في المجتمعات الديمقراطية وهو: إن شدة التزام الأحزاب بقوانين النظام بصرامة أو بعدل دون التحلي بروح الإحسان؛ هو الذي يضع حجر عثرة أمام التقدم المنشود.
فلو افترضا ان أحزابا ما التزموا بالديمقراطية واستطاعوا أن يمسكوا زمام الأمر، فإن قصارى ما يبلغونه هو تحقيق النظام في إطار القوانين الموجودة، ولا ينظرون إلى ما وراء ذلك إذ أن بعض الأمور قد تتطلب بعض الإيثار من إستثناءات وتضحيات شخصية من القادة لتحقيق المزيد من العدالة والتنمية. وكمثال نستذكر نيلسون مانديلا أول رئيس لجنوب أفريقيا بعد اضمحلال نظام الفصل العنصري حيث رغم حقه القانوني في الاستمرار بالسلطة لدورة ثانية إلا أنه فضَّل التنازل عنها وهو في ذروة مجده فصار رمزا لمن لا يفكر بمصالحه الشخصية بقدر ما يفكر في تقدم شعبه، كذلك قد يوجد في بعض القادة من يقدمون مصالحهم الشخصية أو الفئوية الخاصة على المصالح العامة بل وأحيانا على حساب العامة كذلك.
من هنا تبرز أهمية الالتزام بالمبادئ والأسس المعنوية والإنسانية أولا والأنظمة الموضوعة لحفظ العدالة ثانيا وتقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة والأطماع من سلطة وكرسي أو المزايا الوقتية المختلفة".
- الدكتور رياض المسعودي:
"ان الديمقراطية في كثير من دول العالم هي منفعة للنظام الدكتاتوري من خلال تكريس هذه السلطات عبر البوابات الديمقراطية ولم تأتي الديمقراطية كحل وانما كوسيلة لتكريس الأنظمة الدكتاتورية وكثير من الأنظمة الدكتاتورية تسعى لبقاء الديمقراطية من اجل بقاء السلطة لأطول فترة ممكنة، الديمقراطية الركن الأساسي فيها الناخب والركن الثاني هو المرشح والركن الثالث هو القانون والركن الرابع هو الجهة التي تنظم اجراء الانتخابات، وان الغريب هناك ثلاثة اركان ضد واحد والشعب ليس له دور في ركن المرشح والجانب الاخر الشعب ليس له دور في إقرار القانون ويقر من قبل السلطة التشريعية والتي تمثل الجهات السياسية المكونة لذلك النظام، وكذلك المفوضية التي هي انعكاس لواقع القوى السياسية في تلك الدولة وهذه ثلاثة اركان مقابل ركن واحد وهو الناخب.
نأتي هنا ونتساءل هل ان الديمقراطية سلوك مجتمعي ام سلوك سياسي؟، فاذا كانت الديمقراطية سلوك مجتمعي فلا يوجد ديمقراطية داخل المجتمعات لا في العشيرة ولا في الأحزاب ولا يوجد أي تفكير ديمقراطي داخل هذه الأحزاب لكي تنتج حتى في الدول الراقية والدول المتقدمة، وان الشعوب بعد الربيع العربي رفضت النموذج الإسلامي لأنها لا تؤمن بهذا المصطلح الديمقراطي كونه مصطلح لا يمتلك جذور، والشعوب في وادي والجهات التي تدعم وتعزز الديمقراطية في وادي آخر، وان دور المواطن ينتهي بعد ان يلقي بورقة الاقتراع بالصندوق لأنه لا يحل مجلس النواب العراقي الا بقرار منهم ويبقى اربع سنوات وانه بعد ستة اشهر اذا كان عمله غير جيد فالشعب لا يستطيع التغيير بل ينتظر اربع سنوات وتحدث تغييرات افقيا وعموديا داخل هذا النظام.
فالديمقراطية هي سلوك عام يشمل الفرد والعائلة والمدارس، ونحتاج الى ثقافة ديمقراطية تكريس هذا المبدأ في المجتمع ولكنه موضوع صعب في ظل وجود قدوة غير ديمقراطية، فيجب الابتعاد عن الانتخاب على حسب المحسوبية والمنسوبية وهذه عملية صعبة جداً وكلما رجعنا للخلف بالانتخابات ستكون الأولى أفضل من الثانية وهكذا من 2005 الى 2023 وان اغلب الديمقراطيات عندما تفشل تصل الى الدكتاتورية ويحدث عليها انقلاب".
- الدكتور صلاح البصيصي مختص بالقانون الدولي العام:
"موقف القانون الدولي العام من النظام الديمقراطي باعتبار ان الديمقراطية في بعض الدول غير قابلة للولادة وان البيئة غير مهيأة وهل يمكن ان تفرض الديمقراطية باعتبار نحن غير متفقين مع الدكتاتورية كنظام استبدادي غير مقبول اطلاقاً، ولكن الديمقراطية بالطريق السلمي غير قابلة للتحقيق خاصة في الدول النامية والعربية، وممكن ان تفرض بالقوة خاصة عن طريق الأمم المتحدة او المنظمات الدولية، وان هذه التجربة نجحت في الاتحاد الأوربي وان أي دولة لا تنضم الى الاتحاد الأوربي ان لم تكن دولة ديمقراطية وهذه اهم أسباب رفض تركيا من قبل الاتحاد الأوروبي، فالفكرة ان القانون الدولي لا يتدخل بالشؤون الداخلية والمصير الداخلي واختيار نظام الحكم ولا يمكن للأمم المتحدة او مجلس الامن التدخل بها، لذلك الأمم المتحدة روجت لنشر الديمقراطية، وواحدة من الأسباب التي دعت الى ذلك في العراق هو اسقاط النظام السابق وكان الهدف ان العراق يعيش بأجواء الديمقراطية، والحقيقة هذا لم يحدث لعدة أسباب، وان البيئة لم تكن مناسبة والعراق عانى كثيراً من الاستبداد لذلك لا يمكن في يوم وليلة ان نغير الشعب العراقي، لان الديمقراطية حتى في اوروبا جاءت بعد تجارب طويلة وازمات كثيرة، ونتمنى ان تزدهر هذه الملتقيات التي نحسن الظن بها وان تبعد فكرة ان الإصلاح بعيد من خلال اقامة دورات علمية وثقافية من اجل الارتقاء بمستوى تفكير الشعب بالاختيار الأفضل والمحاولات ستبقى مستمرة نحو الأفضل".
- الدكتور علاء الحسيني:
"ان أسباب الفشل كثيرة تقف في مقدمتها غياب المؤسسات وان البلدان التي انتقلت فجأة بتغيير سياسي او تغيير عسكري او تغيير بتدخل دولي انتقلت من حكم دكتاتوري الى حكم يخيل للبعض بأنه ديمقراطي، وهي تفتقد للمؤسسات التي من شأنها ان توطد أسس النظام الديمقراطي وتحتاج الى ان توطن هذا النظام مؤسسة قضائية والى مؤسسة عسكرية غير مؤدلجة قادرة على تبني خيارات الشعب ولا تتدخل وانما هي تحمي النظام ككل وليس بوصفه كمصلحة لشخص او حزب او فئة او طائفة وتحتاج الى مؤسسة إعلامية لا تسوق الفشل على انه نجاح، ولا يمكن لنظام ديمقراطي ناشئ ان ينمو ويكبر دون ان تكتمل هذه المؤسسات وان لم تكن هناك مؤسسات قادرة على دفع إرادة الشعب نحو الامام لا يمكن لهذه الإرادة ان تتغلب على المصاعب وان تبني نظام ديمقراطي، لذلك لا نتصور ان نجد ديمقراطية حقيقية في بلد يعاني من ازمات مثل السودان او ليبيا، يعاني من ازمة ثقافية قبل ان تكون ازمة اقتصادية او اجتماعية ولا يمكن ان نتصور ان يعافى العراق فجأة وينتقل الى نظام ديمقراطي كاملا، ولليوم هو يحتاج الكثير من العمل لكي ننتج مؤسسات حقيقية، لكن المشكلة في العراق وسبب تشوه المؤسسات هو الدستور العراقي الذي كتب على عجالة في وقت لم يكن مهيئ لا الشعب ولا صانع القرار السياسي ولا حتى لجنة كتابة الدستور ما كانت مهيأة ان تضع أفكار حاكمة لفترات في المستقبل، لذلك خلق نظاما سياسيا مشوها ونظاما اقتصاديا اكثر من مشوه وعقيم لذلك لا نتصور ان الديمقراطية ستزدهر في العراق".
- الدكتور خالد العرداوي:
"ان الفشل ليس من جراء فشل الديمقراطية، وانما هو فشل الديمقراطية الفاسدة وليست الديمقراطية الحقيقية، وان الأخيرة لو تم الاخذ بها وتبنيها بالفعل لحققت النجاح، لذلك نظلم الديمقراطية عندما نقول فشلت، في حقيقة الامر الناس يفشلون في إدارة وتطبيق الديمقراطية الحقيقية، والمشكلة هي مشكلة الانسان نفسه عندما يتبنى قيم لا يؤمن بها، وان الديمقراطية الفاسدة اسوء بنتائجها من الدكتاتورية وهذا متفق عليه من الخبراء المهتمين بالعلوم السياسية، واذا ما كانت الدكتاتورية ترتبط بالنظام ولو بالقهر فالديمقراطية الفاسدة ترتبط بالفوضى وهي دائما مظهر من المظاهر السيئة، ولذلك حتى البعض بدأ يتراجع عن فكرة ان الديمقراطية في اسوء مظاهرها افضل من الدكتاتورية في احسن مظاهرها، وان الشعوب التي ترضخ للدكتاتورية لانها لم تجد بديل ديمقراطي حقيقي ولذلك هي تسير على ما اعتادت عليه عند أصحاب السلطة والعلاقات البينية بين المجتمع، فالسلطة هي من تتبنى خيار الديمقراطية ومشكلتها عدم صدق نوايا أصحاب السلطة لانهم عندما يجدون الحراك الشعبي والحراك الاجتماعي والضغط الدولي يجعل شكوك حول شرعية النظام ومشروعيته تحاول ان تعيد الشرعية للنظام من خلال بعض المظاهر، وهذه المظاهر لن تكون ديمقراطية حقيقية فهم يغلفون نظام الحكم الدكتاتوري بغطاء ومظاهر ديمقراطي مثل الانتخابات الصورية للدكتاتوريات لكي يكتسبوا شرعية هي مفقودة اصلاً.
ان السير بخيار الديمقراطية يحتاج الى مرتكزات أساسية: المرتكز الأول هو تطبيق احكامها وقواعدها بشكل حقيقي وكامل، اما المرتكز الثاني هو إيجاد المؤسسات الدستورية الديمقراطية التي تضمن وتحمي الديمقراطية نفسها، اما المرتكز الثالث هو قبول نتائج الخيار الديمقراطي سواء كنت إسلامي او غير إسلامي ومشكلتنا اليوم في مجتمعاتنا لا احد يقبل خيار الناس بل على العكس يريدون فرض الخيار على الناس، والحقيقة ان السلطة هي سلطة الشعب سواء كانوا إسلاميين او غير إسلاميين، وهم لا يريدون القبول بخيار الشعب بل فرض الخيارات والقرارات عليهم، اما مشكلة الديمقراطية التي تأتي من خارج السلطة انهم يريدون الديمقراطية للوصول للسلطة وتسمى بمرحلة التمكين ولكن متى ما وصلت للسلطة واتخذت خيار الديمقراطية غير مسموح عمل الشعب بالخيار الديمقراطي مثل ما حدث في تونس ومصر، والمحصلة النهائية هي ان الديمقراطية ليست نظام حكم بل نظام حياة وان لم نؤمن بالديمقراطية كنخب ومجتمع على مستوى القيم وعلى مستوى السلوك وعلى مستوى النتائج فليس من الممكن ان ننجح بمجال الديمقراطية وان معظم من جاء للسلطة بغطاء ديمقراطي كانوا غير مؤهلين في بلدنا وعندما لا يكون هناك ناس مؤهلين في تطبيق التجربة الديمقراطية يفقد المعيار الأخلاقي لذلك فشلت التجربة الديمقراطية في مجتمعاتنا".
- الشيخ مرتضى معاش:
"ابدأ الحديث بسؤال: هل هناك خيار للشعوب في اختيار نظام الحكم بين الديكتاتورية والديمقراطية؟، يجب الإجابة على هذا السؤال اولاً، ليس هناك سيادة للدكتاتور على شعبه مما يستلزم التدخل الإنساني لا السياسي لحماية الانسان ولحماية الشعب وهذا واجب انساني، فالشعب لا يختار الدكتاتورية الا لانه يخاف من القمع ويفضل أمنه على حريته فيتنازل عن حريته وكرامته وانسانيته فهو مكره على خيار بين الامن والحرية.
وهناك جدل آخر بين الفوضى والنظام، لان الديمقراطية فيها تعددية كبيرة والتعددية صعب السيطرة عليها لذلك دائما تخلق الفوضى، ولكن الفوضى تبقى ضمن اطار الدولة واطار الاحترام لذلك تبقى هذه الفوضى مسيطر عليها على عكس الدكتاتورية التي اذا فلتت انفجرت.
وكذلك فيها جدلية القانون هل هو لقمع الشعب او لخدمة الشعب وهذه الجدلية حتى في الديمقراطية الفاسدة موجودة وان القانون يستخدم لقمع الشعب لبقاء النخبة الفاسدة مسيطرة على الحكم، وهناك دكتاتوريات ناعمة مثل الدكتاتورية الموجودة في سنغافورة، وكذلك هناك ديمقراطيات متوحشة مثل الموجودة في الولايات المتحدة.
ان المشكلة الأساسية في الديمقراطية هي الانتخابات والتي بشكل عام تؤدي الى الفساد لأنها تعتمد على رشوة وشراء أصوات الناخبين ولو بصورة شرعية والناخب هو من يمارس عملية خلق الديمقراطية الفاسدة، أي ليس لدينا نخبة فاسدة فحسب بل لدينا ناخب هو الذي يؤدي في سلوكه النفعي الى انتاج النخب الفاسدة التي تريد الوصول الى السلطة بأي طريقة كانت، لذلك فإن العلاقة الزبائنية بين الأحزاب والناخبين في الانتخابات تؤدي الى انتاج اقطاعيات تؤدي الى نشوء الديمقراطية الفاسدة.
كما ان الديمقراطيات في الدول المتقدمة قائمة على المصالح المحلية الضيقة ولاتلتزم بالمبادئ وحقوق الانسان كما تدعي، لذلك فهي تدعم الديكتاتوريات المتوحشة، فالديمقراطية القائمة على المبادئ وحماية الحقوق والحريات هي ديمقراطية لا تتجزأ ولا بد ان تطبق بكل الأحوال والبقاع.
ان أحد الإشكاليات التي تؤدي الى فشل الديمقراطية في مجال التنمية هي الديمقراطية الاستهلاكية والمفتوحة على الاستهلاك المفرط بدعم من الشركات الرأسمالية التي تعمل بقوة على احتكار الساحة وتشجع على الاستهلاك الاعمى من اجل زيادة أرباحها، في مقابل تدمير التنمية التي يحتاجها المواطن العادي".
- الدكتور حميد الهلالي:
"الديمقراطية ليست وسيلة للوصول الى السلطة، وهي سلوك عام يشمل الفرد والعائلة والمدارس، بعض الاحيان نمارس الدكتاتورية في مجتمعاتنا وعندما نتعامل بسلوك منافي للديمقراطية ونريد صناعة ديمقراطية فهذا عمل منافي للالتزام الاخلاقي الشخصي ولا يمكن الحدوث، كما ان صناديق الاقتراع كاذبة ولا تنتج ديمقراطية حقيقية بل تنتج سلطات دكتاتورية، ولكي نتخلص من هذه الازمة نحتاج الى ثقافة ديمقراطية، وهذا الموضوع صعب في ظل قدوة غير ديمقراطية، ويجب الابتعاد عن الانتخاب على حسب المحسوبية والمنسوبية، وهذه عملية صعبة جداً وكلما رجعنا للخلف بالانتخابات ستكون الأولى افضل من الثانية وهكذا من 2005 الى 2023 وان اغلب الديمقراطيات عندما تفشل تصل الى الدكتاتورية ويحدث عليها انقلاب".
- الأستاذ خليفة التميمي:
"الولايات المتحدة في المدارس الابتدائية يعملون مباريات للأطفال على صغر سنهم يرشحون اثنين مرشحين منهم كل واحد منهم يعبر عن الحزب الذي سوف يحكم، فتلاحظ على صغر سنهم يلاحظون الثغرات والفكر لهذا الحزب ويلاحظ الأخطاء التي وقعت في الماضي والتي سوف تقع بالمستقبل، ولا يتورع على انه يشخص الأخطاء والسلبيات ويحاول الانتصار على خصمه بكل الوسائل الممكنة، هذه الثقافة يجب ان تتعمم بكل الديمقراطيات لان الامريكان مقتنعين اذا ما ضحك عليك شخص مرة فهذا العار عليه اما اذا ضحك عليك مرتين فالعار عليك، وهذا يرجعني الى التجربة الديمقراطية التي مر بها العراق والديمقراطية التي فرضت عليه من قبل أمريكا، ولابد من تربية ديمقراطية والا عودة الديكتاتورية بأبشع صورها في العراق".
- الاستاذ حسين علي حسين:
"يجب البحث عن سبب تكوين هذه الخيارات بالنسبة للشعوب وكيف يمكن معالجتها، والشعوب أصبحت بين خيار الدكتاتورية المتوحشة والديمقراطية الفاسدة بسبب قلة الوعي السياسي وكثرة الجهل السياسي عند الناس والكسل لدى الشعوب وكان الاجدر على النخب المتابعة وزيادة وعي الناس من خلال بناء شخصية الافراد ونتمنى ان يكون القادم افضل بالتأكيد".
- الاستاذ حامد الجبوري:
"هناك مجموعة عوامل تؤدي الى رضوخ الشعوب الى الدكتاتورية على حساب الديمقراطية واهمها العامل التاريخي المتمثل في تركة الاستعمار، وكذلك العامل الاجتماعي الذي يتمثل بالعادات والتقاليد المجتمعية التي لا تتم على الرأي الصحيح وانما تتم عن طريق رأي الانسان الأكبر بصرف النظر بدقة وصحة هذا الرأي، وكذلك العامل الديني وهذا يتعلق بمصدر السلطة اذا كان سماوي او ارضي وفي حال اذا كان سماوي فلا نقاش او جدال في رأيه، بينما الديمقراطية هي تقوم على أساس النقاش والنقد والانتقاد، بالإضافة الى العامل الاقتصادي والدولة اذا ما سيطرت وهيمنت ووضعت يدها على الاقتصاد سيتم حصر جميع مصادر الإنتاج بيدها في هذه الحالة ستكون هناك دكتاتورية تنسجم مع رؤية الحاكم الدكتاتوري، بينما الديمقراطية تقوم على العكس وبما انها هي من المجتمع فيجب ان يكن الاقتصاد للمجتمع وليس بيد الدولة، وهذا جزء مهم بما يتعلق في العراق وخصوصاً مسألة الاقتصاد الريعي النفطي لان الاقتصاد الريعي هو اقتصاد دائما يعبر عن صناعة كثيفة لرأس المال وليس صناعة كثيفة في العمل، فمن جانب النفط قليل في توفير فرص العمل لانه يحتاج الى رأس مال اكبر ومن ناحية ثالثة الدولة هي من تسيطر عليه فاصبحت في ظل وجود ديمقراطي فهنا أصبحت الديمقراطية فاسدة بحكم الريع النفطي وعدم وجود اقتصاد حقيقي مولد لفرص العمل قائم على القطاع الخاص سواء الشركات او افراد، والانسان دائما بالمجتمعات الذي يمتلك مصدر للعيش بشكل مستقل بالتأكيد ستكون مسائل الديمقراطية للحاكم السياسي قوية بحكم لا يؤثر على اداءه الانتخابي بينما اذا كان مرتبط الاقتصاد والعيش بالدولة فهنا سيكون تحيز في مسألة الاختيار والمسائلة فمسألة فك الاقتصاد عن الدولة يؤدي الى نزاهة العملية الديمقراطية بشكل عام".
- الاستاذ احمد جويد:
"فرض ديكتاتورية على شعب واعي وحر هي مشكلة، وفرض ديمقراطية على شعب جاهل وغير واعي تعتبر مشكلة ايضا، وان صناديق الاقتراع اذا كانت في هذه الشعوب التي لا تعرف مصلحتها ولا تميز بين الصالح والطالح ولا تعرف معنى الديمقراطية وهي بالأساس ممارساتها كلها غير ديمقراطية فالذي سوف تفرزه صناديق الاقتراع هو اسوء من الذي تفرزه الدكتاتورية، وانه على الأقل القبول بالدكتاتور الذي يوفر الامن والخدمات ولا يوفر الحرية وهذا يعتبر جزء منه مكسب للشعوب، لكن اذا كان العكس والحاكم يعتبر شرعيته من مكسب الانتخابات ولديه قوة مطلقة كحاكم شرعي، والذي نشاهده اليوم عبارة عن دكتاتورية ولكن من خلال صناديق الاقتراع، وفي شعب مثل العراق حتى لو تم تغيير الدكتاتور سوف يجلبون دكتاتور اخر والشعوب التي تجد في نفسها وعي سياسي ولا تعرف مصلحتها ومصلحة اجيالها عليها ان تبقى تحت دكتاتورية مثل دكتاتورية سنغافورة او في الامارات وغيرها من الدول الدكتاتورية التي تشهد بلدانها التنمية والخدمات".
- الاستاذ مرتضى المطيري:
"اعتقد ان هناك هرم يمثل الدكتاتورية الحاكمة ولا يوجد أي أساس للديمقراطية، وان الأخيرة هي آلية للالتفاف وتركيز الأسس والركائز الدكتاتورية، وان الدكتاتورية من وجهة نظري هي عبارة عن هرم يبرز رأسه أحيانا وله ركائز واسس، وهذه الركائز في كل دول العالم موجودة وهي الدولة العميقة بتشكيلاتها بمجاميع الضغط واللوبيات واحيانا تكون مجاميع اقتصادية ومجاميع فكرية واحياناً تكون ذات مسحة دينية وهي دكتاتورية غير طافية للسطح، اما الديمقراطية منذ نشأتها في الاغريق وتطورها على يد الرومان وانتقالها هي كانت تمثل بمرحلة من المراحل وخصوصا في مرحلة الديمقراطية المباشرة، ان هناك مجموعة من النبلاء يقومون باختيار الحاكم وهذا الحاكم خاضع بشكل او بأخر لمصالح النبلاء فبالتالي النبلاء يكرسون مصالحهم الدكتاتورية، حتى الان في العراق هناك دولة عميقة غير واضحة للعيان بشكل صريح هي التي تفرز آليات سياسية لكنها تحتاج الى قضايا وآليات شكلية متمثلة بقضية الانتخابات وغيرها، وان الدكتاتورية غير مرتبطة بالخراب والدمار في كل الأحوال فبعض الدكتاتوريات مرتبطة بالتنمية، وابرز الدكتاتوريات الموجودة في الصين إضافة الى دول الخليج، وان مسألة خيارات الشعوب هي تركيبة نفسية للبشر ومن خلال ممارساتها عبر التاريخ يميل للخضوع والعبودية والبحث عن الرمزية سواء كانت رمزية سياسية او رمزية دينية او حتى الى رمزية اقتصادية ولا اعتقد لوجود الديمقراطية المنشودة التي تبني لنا المدينة الفاضلة".
- الاستاذ باسم الزيدي:
"ابدأ كلامي بكلام للراحل السيد محمد الشيرازي (رحمه الله): "الشعوب الواعية شعوب لا تقهر ابداً"، والوعي هو ناتج من مجموعة قيم وثقافات وتراكم معرفي وعلمي يصل بها الى ان لا تخير بين السيء والاسوء بل بين الأفضل والأفضل او المهم فالاهم، وقد كنا متحمسين للديمقراطية والترويج لها في بداية الامر ولكن بدأت الانتكاسات شيء فشيء وكل انتخابات نتحسر على سابقاتها ومن سيء الى اسوء ولكن السؤال الذي يؤرقنا هل ان العراق يحب الدكتاتورية ويبتعد عن الديمقراطية؟، ولم اجد تعبيرا دقيقا يوصف الديمقراطية الموجودة في العراق الا بحالة توطين للديمقراطية وان التوطين يعني تكييف لشيء معين وفق اعراف وعادات وثقافات محلية وهذا الذي يجري بالعراق، والاخير جاءته الديمقراطية ولكن كيفها بطريقة تتناسب مع فكره ومع مستوى نضوجه لذلك همنا كبير ونحتاج الى دراسات للوصول الى ثقافة الديمقراطية في العراق كأسلوب حياة وطريقة معيشة بكل تفاصيلها".
- الاستاذ عدنان الصالحي:
"الديكتاتورية خيار للشعوب، والدليل لو سمح لنا بأجراء استفتاء حقيقي وواقعي في العراق تحت عنوان هل ترغب بالعودة للنظام البعثي في العراق بدون أي تدخل؟ سيكون باعتقادي نسبة عالية قد ترغب بالعودة والدليل الحديث المتأصل لو رجعنا على وضعنا السابق سيكون افضل لأغلب الشعب، ولان الدكتاتورية لها قواعد ومن قواعدها دكتاتورية الأشخاص مثل الدكتاتورية الإدارية والعشائرية وحتى العائلية وهذه الدكتاتوريات الصغيرة تعيش في الدكتاتورية الكبيرة وتنمو لان هي قوامها، كما ان للدكتاتورية أجزاء وخيارات الشعوب من هذه الأجزاء اما دكتاتوري بمساحته التي يشغلها في قوام الدكتاتورية الاصلية او هو متخاذل وخائف وايضاً منسحب من مسؤوليته التي يقوم بها، فيوفر خيار للدكتاتورية وجزء من الشعب العراقي كان من هذا الجانب، والمفترض ان استبدال الدكتاتوريات لا يكون بشكل مباشر بل يكون بمرحلة انتقالية مرحلة تكيف للمجتمعات ومرحلة نقاهة حتى تنمو الديمقراطية شيئا فشيئا في المجتمع والا سيتم توفير فوضى او تنشئ دولة عميقة ومنها تنشأ دكتاتورية غير ظاهرية وتسخير الديمقراطية كأسلوب حكم للدكتاتورية"
وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الاستاذ حيدر الاجودي بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك برأيه حول الموضوع سواء بالحضور او من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما توجه بالشكر الى الدعم الفني الخاص بالملتقى.
اضف تعليق