اثارت حادثة التدافع التي تعد واحدة من اسوأ الكوارث في موسم الحج منذ 25 عاما، تساؤلات حول اهتمام الحكومة السعودية بإجراءات سلامة الحجاج رغم مليارات الدولارات التي توظفها المملكة لتحسين ظروف الحج.
وادى التدافع الخميس الى مصرع اكثر من 700 شخص خلال رمي الجمرات الذي يشارك فيه مئات الاف الحجاج المسلمين من جميع انحاء العالم.
وهذه ثاني كارثة خلال اسبوعين هذا العام بعد مقتل 109 اشخاص في سقوط رافعة في الحرم المكي.
ويعد هذان اول حادثين خطيرين يشهدهما موسم الحج منذ تسع سنوات، الا ان انتقادات تشير الى عيوب في ادارة موسم الحج الذي يستقطب سنويا نحو مليوني حاج.
يقول عرفان العلوي الذي ينتقد تطوير الحرم المكي، ان المشاكل تكمن في عدم ضبط الحشود واستراتيجية الحكومة للتطوير. وقال "حاولوا تحسين المرافق ولكنهم يخفقون دائما في منح الاولوية للصحة والسلامة" ويركزون على التطوير. بحسب فرانس برس.
واضاف العلوي مدير مؤسسة أبحاث التراث الإسلامي التي مقرها لندن ان مشاريع التطوير تمسح روابط ملموسة بالنبي محمد. وردا على سؤال عن الاسباب الاساسية لمثل هذه الكوارث قال "السبب هو الادارة".
واعلن مدير الشؤون الدينية في تركيا عن فقدان 18 حاجا تركيا بعد الكارثة والقى بالمسؤولية على "مشاكل خطيرة في الادارة" في مكة المكرمة.
واتهمت ايران السعودية بارتكاب اخطاء في ضمان امن الحجاج تسببت بالتدافع الذي اودى بحياة اكثر من 700 شخص اثناء مناسك الحج في منى، من بينهم نحو تسعين ايرانيا على الاقل.
فقد انتقد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي ما وصفه ب"الاجراءات غير الملائمة" التي تسببت في حادث التدافع.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن خامنئي قوله ان "على الحكومة السعودية ان تتحمل مسؤوليتها الثقيلة في هذا الحادث المرير"
وصرح رئيس منظمة الحج والزيارة في ايران سعيد اوحدي للتلفزيون الايراني ان "حادث اليوم نتيجة سوء ادارة وانعدام الجدية في التعامل مع امن الحجاج. لا تفسير اخر لذلك. ينبغي تحميل المسؤولين السعوديين المسؤولية".
وحتى قبل وقوع كارثة الخميس في منى القريبة من مكة المكرمة، اشتكى الحجاج من الوضع.
وقال حاج سوداني في منى وقت وقوع الحادث ان موسم العام هو الاقل تنظيما من بين اربعة مواسم سابقة حج ادى خلالها فريضة الحج. واضاف ان "الناس يعانون من الجفاف ويغيبون عن الوعي".
واضاف "انهم يتعثرون ببعضهم البعض" مضيفا ان رفيقه السعودي حذره من ان "شيئا ما سيحدث".
والاربعاء وعندما بلغ الحج ذروته بالصعود الى جبل عرفات على بعد كيلومترات قليلة من منى، اشتكى الحاج اليمني محمد المخلافي (54 عاما) من "انعدام التنظيم".
بينما قال الحاج التونسي ابو سليم (58 عاما) ان "المواصلات سيئة والسكن سيء والطعام سيء للغاية (...) رغم اننا دفعنا حوالى اربعة آلاف دولار (3603 يورو) للحضور الى هنا".
وقالت وزارة الداخلية السعودية انها نشرت مئة الف شرطي لضمان امن الحجاج وضمان لسلامة وادارة حركة المرور والحشود.
وكلف رجال الشرطة بحماية نحو مليوني حاج في المناطق المكتظة.
الا ان العلوي قال ان هؤلاء الجنود ليست لديهم مهارات لغوية ولم يتلقوا التدريب المناسب "وليس لديهم اي معرفة بكيفية ادارة هؤلاء الناس".
واعلن وزير الصحة السعودي خالد الفالح ان التدافع مرده عدم التزام بعض الحجاج بالتعليمات.
وصرح الفالح لقناة الاخبارية الرسمية "لو التزم الكل بالتعليمات لما حصلت مثل هذه الحوادث"، وذلك بعد توجهه الى مكان الحادث. واضاف "الكثير من الحجاج يخرج في خارج موعد التفويج وهذا هو العامل الرئيسي" وراء مثل هذه الحوادث، معلنا تعبئة لاسعاف الجرحى ومعالجتهم.
ووقعت مأساة الخميس امام جسر الجمرات المؤلف من خمسة طوابق والذي بني في العقد الماضي وزدات كلفته عن مليار دولار وكان يهدف الى تحسين السلامة.
وبين 1994 و2006 وقعت اربعة حوادث تدافع خلال رمي الجمرات قتل خلالهما اكثر من الف شخص.
ويمتد الجسر المؤلف من خمسة طوابق لمسافة كيلومتر ويسمح لنحو 300 الف حاج في الساعة برجم الجمرات.
وقال العلوي "يجب ان يكون لديهم نظام لضبط الحشود بحيث يتحكمون في عدد الاشخاص الذين يدخلون والذين يخرجون" مشيرا الى ان مباريات الركبي وكرة القدم يحكمها نظام افضل لضبط الحشود.
ومن بين الاجراءات الامنية التي اتخذت خلال السنوات القليلة الماضية بناء قطار ينقل الحجاج، ونصب خيام مضادة للحريق لايواء الحجاج في منى.
وفي مطلع ايلول/سبتمبر عندما سقطت رافعة واودت بحياة نحو 109 اشخاص في الحرم المكي، تجاهل الحجاج الحادث.
ويقول المحللون ان الحادث ازعج الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بشكل كبير، ودفعه الى اتخاذ تحرك سريع ضد الشركة المقاولة التي جرى وقفها عن العمل.
وتم تجنب كارثة اخرى لاحقا عندما اندلع حريقان في فندقان للججاح. واصيب ستة حجاج في حريقين منفصلين اجبرا نحو 2500 حاج على الخروج من اماكن اقامتهم.
وأظهرت صور نشرت على حساب الدفاع المدني السعودي على موقع تويتر يوم الخميس حجيجا على محفات ينقلها عمال طوارئ إلى سيارة إسعاف.
وظهر في فيديو نشر على تويتر ولم يتم التحقق من صحته أشخاص بملابس الإحرام ممددين على جانب طريق فيما يحاول حجاج وعمال إنقاذ إنعاشهم. بحسب رويترز.
وأمر الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الداخلية بتشكيل لجنة تحقيق بشأن الكارثة ورفع النتائج إلى الملك سلمان بن عبد العزيز.
وأوضح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي في مؤتمر صحفي أن "الجهات الأمنية باشرت الحادث فور وقوعه وتعاملت مع الحالات الإسعافية وإنقاذ الحجاج الذين سقطوا نتيجة هذا التزاحم والتدافع حيث لازالت العمليات الأمنية جارية في الموقع."
وأضاف ان "أسباب ارتفاع الكثافة في هذا الشارع التي أدت إلى وقوع هذا الحدث لم تحدد حتى الآن حيث لا بد من إجراء تحقيق علمي ميداني شامل حتى يُمكن الوقوف على هذه الأسباب حيث قد يكون جزء منها مرتبطا بعدم التزام الحجاج بخطة التفويج وقد تكون لأي سبب آخر" آملا عدم الاستعجال في تحديد مسببات وقوع هذه الحادثة.
وتقدم كل من بان جي مون الأمين العام للأم المتحدة والبيت الأبيض بتعازيهم في ضحايا حادث الحج.
وقال المتحدث باسم بان في بيان "مما يزيد من الأسى حيال هذا الحادث المأساوي هو حدوثه في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك في نهاية موسم الحج السنوي."
وفي واشنطن قال ند برايس المتحدث باسم البيت الأبيض إن "الولايات المتحدة تتقدم بأحر تعازيها لعائلات مئات الحجاج الذين قتلوا والمئات الذي اصيبوا في التدافع المفجع في منى بالمملكة العربية السعودية."
وأفادت وكالة فارس الإيرانية شبه الرسمية أن طهران استدعت القائم بالاعمال السعودي وتقدمت بشكوى رسمية بشأن الكارثة.
وشارع 204 أحد شارعين رئيسيين عبر الخيام في منى وصولا إلى موقع رمي الجمرات. وكان 346 حاجا على الأقل قتلوا جراء التدافع في منطقة رمي الجمرات في 2006.
وقال الدفاع المدني عبر تويتر "تباشر الفرق الآن تفكيك الكتل البشرية وتفويج الحجيج إلى طرق بديلة."
وأضاف أن أكثر من 220 سيارة إسعاف وأربعة آلاف عامل إنقاذ توجهوا إلى الموقع لنجدة الجرحى. وعرضت قناة (العربية) التلفزيونية لقطات لموكب من سيارات الإسعاف يجتاز الخيام في منى كما نقل بعض المصابين في طائرات هليكوبتر.
وقال حاج عربي طلب عدم ذكر اسمه إنه كان يتمنى أن يرمي الجمرات بنفسه يوم الخميس لكنه خائف من المخاطر.
وقال "أنا منهك جدا بالفعل وبعد ما حدث لا يمكنني الذهاب. سأنتظر الليل وإذا لم يحل الموقف سأرى ربما أوكل شخصا آخر برمي الجمرات نيابة عني."
وشملت جهود تحسين احتياطات السلامة أثناء رمي الجمرات توسيع المكان وبناء جسر من ثلاثة طوابق حوله وزيادة عدد نقاط دخول الموقع والخروج منه.
وينتشر أكثر من مئة ألف من أفراد الشرطة لتفريق التجمعات قبل أن تصل إلى مستويات كثافة خطيرة وتم نشر الآلاف من كاميرات الفيديو.
وكرر ضابط في مكبرات الصوت قائلا "أيها الحجاج... ما في شخص يدفع الثاني وما ترجعوا من نفس الطريق اللي جيتوا منها. غادروا من الجهة الثانية."
كان نحو 110 من زوار الحرم المكي قد لاقوا حتفهم قبل أسبوعين عندما سقطت رافعة تستخدم في أعمال توسعة الحرم بسبب عاصفة.
حمل وزير الصحة السعودية خالد الفالح مسؤولية الحادث المأساوي الذي ذهب ضحيته أكثر من 700 شخص في منى إلى بعض الحجاج. وقال في تصريح تلفزيوني "لو التزم الكل بالتعليمات لما حصلت مثل هذه الحوادث" في إشارة إلى الحجاج، بينما اتهمت طهران الرياض "بارتكاب أخطاء في ضمان أمن الحجاج". بحسب فرانس برس.
وصرح الفالح لقناة الإخبارية الرسمية "لو التزم الكل بالتعليمات لما حصلت مثل هذه الحوادث"، وذلك بعد توجهه إلى مكان الحادث.
وأضاف الفالح "الكثير من الحجاج يخرج في خارج موعد التفويج وهذا هو العامل الرئيسي" وراء مثل هذه الحوادث، معلنا تعبئة لإسعاف الجرحى ومعالجتهم.
وتعهد الوزير بإجراء تحقيق "سريع وشفاف" في الحادث.
اتهمت ايران السعودية بالتقصير في اجراءات السلامة بعد التدافع الذي اودى الخميس بحياة اكثر من 700 شخصا بينهم 90 ايرانيا بالقرب من مكة المكرمة خلال الحج.
واعلن سعيد اوحدي رئيس منظمة الحج الايرانية للتلفزيون الايراني ان طريقا اغلق "لاسباب مجهولة" بالقرب من مكان رمي جمرة العقبة بالقرب من منى "مما تسبب بهذا الحادث الماساوي". واضاف ان اغلاق هذا الطريق لم يبق سوى ثلاثة طرق اخرى للوصول الى الجمرات.
ورأى اوحدي ان الحادث وقع "نتيجة سوء ادارة وانعدام الجدية في التعامل مع سلامة الحجاج ولا تفسير اخر لذلك"، مؤكدا انه "ينبغي تحميل المسؤولين السعوديين المسؤولية".
من جهته، وصرح نائب وزير الخارجية الايراني امير عبد اللهيان ان وزارة الخارجية في طهران ستستدعي ممثل السعودية في ايران لطلب توضيحات بخصوص الحادث.
وقال للتلفزيون الحكومي "لا يمكننا باي حال الا نكترث باللامسؤولية التي برهنت عليها السعودية ويجب ان يتم تسوية ذلك عبر القنوات الدبلوماسية".
واتهم عبد اللهيان ايضا المسؤولين السعوديين بانهم نظموا "بطريقة سيئة" الاجراءات الامنية خلال الحج، واعلن ان ايران اقامت خلية استقبال خاصة في مكان الحادث لمساعدة الحجاج الايرانيين.
وصرح لوكالة الانباء الايرانية الرسمية ان "المسؤولين السعوديين مسؤولون عن هذا الحادث ويجب ان يتخذوا اجراءات عملية فورا لادارة الازمة وتأمين اعلى درجان السلامة للحجاج".
تسلسل لبعض الحوادث التي وقعت خلال مواسم الحج
وفيما يلي بعض الحوادث الأخرى التي وقعت خلال مواسم الحج في السنوات الماضية بحسب رويترز..
* ديسمبر كانون الأول عام 1975 - أدى انفجار موقد للطهي يعمل بالغاز في خيام الحجيج إلى اندلاع حريق أودى بحياة أكثر من 200 حاج.
* يوليو تموز 1987 - وقعت اشتباكات بين محتجين إيرانيين وقوات الشرطة السعودية أسفرت عن مقتل أكثر من 400 حاج إيراني.
* يوليو تموز 1990 - تعرض 1426 حاجا للموت سحقا داخل نفق المعيصم قرب مكة بالسعودية أثناء شعيرة رمى الجمرات.
* مايو ايار 1994 - قتل 270 حاجا خلال حادث تدافع قرب جسر رمي الجمرات في منى قرب مكة.
* ابريل نيسان 1997 - قتل 343 حاجا في حريق شب في مخيمات الحجاج في منى ما دفع السلطات إلى إقامة مخيمات مستديمة مقاومة للحرائق في مدينة الحجاج.
* ابريل نيسان 1998 - قتل 119 حاجا سحقا تحت الأقدام.
* فبراير شباط 2004 - قتل 251 حاجا في حادث تدافع قرب جسر رمي الجمرات.
* يناير كانون الثاني 2006 - لاقى 362 حاجا حتفهم سحقا عند المدخل الشرقي لجسر رمي الجمرات.
* سبتمبر أيلول 2015 - قتل 111 من زوار المسجد الحرام إثر سقوط رافعة تستخدم في أعمال توسعة الحرم المكي بسبب عاصفة قبل أيام بدء مناسك الحج.
* سبتمبر أيلول 2015 - قال الدفاع المدني السعودي إن 717 حاجا لاقوا حتفهم اليوم وأصيب 805 آخرون في حادثة تدافع بمنطقة منى خارج مدينة مكة حيث يؤدي نحو مليوني شخص فريضة الحج.
اضف تعليق