دعا كيسنجر الى تقارب بين واشنطن وبكين اللتين تبقيان على خلاف بسبب عدة مواضيع، وقال الرئيس الصيني لكيسنجر إن الشعب الصيني يثمّن الصداقة ولن ننسى أبداً صديقنا القديم ومساهمتك التاريخية في تشجيع تطوّر العلاقات بين الصين والولايات المتحدة وتشجيع الصداقة بين الشعبين الصيني والأميركي. هذا الأمر غيّر العالم...
قبل خمسين عاماً، عاد نيكسون من زيارة مفاجئة للصين صدمت العالم وأثارت قلق القادة في موسكو، فقد تساءل القادة السوفيات عما إذا كانوا يشهدون ولادة تحالف الولايات المتحدة والصين الذي كانوا يخشونه منذ انهيار التحالف الصيني السوفياتي في أوائل الستينيات.
وكان هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي آنذاك سافر سراً إلى بكين في تموز/يوليو 1971 للتحضير لإقامة هذه العلاقات وتمهيد الطريق لزيارة الرئيس نيكسون التاريخية للعاصمة الصينية في 1972.
واضطلع كيسنجر بدور محوري في تطبيع العلاقات بين واشنطن وبكين في سبعينيات القرن الماضي حين كان وزيرا للخارجية ومستشارا للأمن القومي في إدارتي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد.
والآن يعود مرة أخرى الى الصين باعتباره مواطنا أمريكيا وليس مسؤولا رسميا، حيث استقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ كيسنجر بترحاب شديد ووصفه بأنه "صديق قديم" وسط جهود من جانب بكين وواشنطن لإصلاح العلاقات المتوترة.
وقد عبر البيت الأبيض عن أسفه لأن الدبلوماسي الكبير السابق هنري كيسنجر حظي في بكين باستقبال جمهور أكبر مما يحظى به بعض المسؤولين الأمريكيين الحاليين، وذلك بعد أن أجرى كيسنجر محادثات في الصين.
وقال البيت الأبيض إنه على علم بالرحلة لكنها زيارة خاصة قام بها مواطن أمريكي.
واجتمع كيسنجر البالغ من العمر 100 عام مع كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي ووزير الدفاع لي شانغ فو الذي يرفض إجراء محادثات مباشرة مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن.
وما زال وزير الدفاع الصيني الذي عُين في مارس آذار يخضع لعقوبات أمريكية بسبب دوره في شراء أسلحة عام 2017 من شركة روس أوبورون إكسبورت، أكبر مصدر للأسلحة في روسيا. ودأب مسؤولون صينيون على المطالبة بإسقاط هذه العقوبات التي فُرضت في 2018، حتى يتيسر إجراء المناقشات بين البلدين.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي "من المؤسف أن يتمكن مواطن عادي من لقاء وزير الدفاع وإجراء اتصال ولا تستطيع الولايات المتحدة ذلك".
وأضاف "هذا شيء نريد حله. هذا هو السبب في أننا نواصل محاولة إعادة فتح خطوط الاتصال العسكرية لأنها حين لا تكون مفتوحة ونمر بوقت مثل هذا تكون فيه التوترات عالية وسوء التقديرات عالية أيضا، ترتفع عندها المخاطر".
وقال كيربي إن مسؤولي الإدارة "يتطلعون إلى الانصات إلى الوزير كيسنجر حين عودته، لسماع ما سمعه، وما علمه، وما رآه".
وتصاعد التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم بسبب مجموعة من القضايا تضمنت الحرب في أوكرانيا وقضية تايوان والقيود التجارية.
وحاولت واشنطن إعادة إنشاء قنوات اتصال لمعالجة هذه القضايا وغيرها من خلال زيارات دبلوماسية رفيعة المستوى في الآونة الأخيرة.
واختتم المبعوث الرئاسي الأمريكي جون كيري محادثات مطولة مع بكين فيما يتعلق بجهود التصدي لتغير المناخ. كما زار وزير الخارجية الأمريكي الحالي أنتوني بلينكن بكين الشهر الماضي.
وقال الرئيس جو بايدن الشهر الماضي إنه يريد مقابلة شي في الأشهر المقبلة، حيث يأمل بعض المسؤولين في إجراء محادثات وجها لوجه في أقرب وقت قد يكون مع انعقاد قمة مجموعة العشرين في سبتمبر أيلول في نيودلهي أو مع اجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي المقرر في نوفمبر تشرين الثاني في سان فرانسيسكو.
الصديق القديم
من جهته دعا كيسنجر الى تقارب بين واشنطن وبكين اللتين تبقيان على خلاف بسبب عدة مواضيع، بدء من حقوق الانسان وصولا الى التجارة والأمن القومي.
وقال الرئيس الصيني لكيسنجر بحسب ما أوردت وسائل الاعلام الرسمية إن "الشعب الصيني يثمّن الصداقة ولن ننسى أبداً صديقنا القديم ومساهمتك التاريخية في تشجيع تطوّر العلاقات بين الصين والولايات المتحدة وتشجيع الصداقة بين الشعبين الصيني والأميركي".
وأضاف "هذا الأمر لم يفد فقط البلدين إنّما غيّر العالم أيضاً".
وتابع الرئيس الصيني "يشهد العالم حالياً تغيّرات لم نشهدها منذ قرن، والنظام الدولي يمرّ بتغيّر هائل".
وقال شي أيضاً إنّ "الصين والولايات المتحدة على مفترق طرق مرة أخرى ويجب على الطرفين مرة جديدة القيام بخيار".
وردّاً على ذلك، شكر كيسنجر شي على استضافته في المبنى رقم خمسة في دار ضيافة الدولة دياويوتاي حيث التقى في 1971 برئيس الوزراء آنذاك تشو إنلاي.
وقال الدبلوماسي السابق إنّ "العلاقات بين بلدينا ستكون محورية بالنسبة للسلام في العالم ولتقدّم مجتمعاتنا".
دبلوماسي أسطوري
وكان هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي آنذاك سافر سراً إلى بكين في تموز/يوليو 1971 للتحضير لإقامة هذه العلاقات وتمهيد الطريق لزيارة الرئيس نيكسون التاريخية للعاصمة الصينية في 1972.
وأدّى انفتاح واشنطن على بكين التي كانت معزولة آنذاك إلى ازدهار الصين التي تعدّ الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة.
ومنذ مغادرته مهامه، قدّم كيسنجر الحائز على جائزة نوبل للسلام خدمات استشارية للأعمال في الصين وحذّر من أيّ تحوّل في السياسة الأميركية.
وقال التلفزيون الصيني الرسمي "سي سي تي في" الخميس إنه "منذ العام 1971 زار الدكتور كيسنجر الصين أكثر من مئة مرة".
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن كيسنجر قوله لوزير الدفاع لي شانجفو إنه "في عالم اليوم، تتعايش التحديات والفرص ويجب على كل من الولايات المتحدة والصين تبديد سوء التفاهم والتعايش سلميا وتجنب المواجهة".
وكان كيسنجر اجتمع بكبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي الذي شكره على "مساهماته التاريخية في تحسين العلاقات بين الصين والولايات المتحدة".
وقال وانغ إن "السياسة الأميركية تجاه الصين تحتاج إلى حكمة دبلوماسية على طريقة كيسنجر وشجاعة سياسية على طريقة نيكسون".
ووفقًا لتقرير CCTV، قال كيسنجر إنه نظرًا للوضع الحالي، يجب أن تلتزم (الولايات المتحدة) بالمبادئ المنصوص عليها في بيان شنغهاي وتفهم "الأهمية القصوى" التي تعلقها الصين على "مبدأ الصين الواحدة".
ويذكر أن بيان شنغهاي الموقع بين الولايات المتحدة والصين في عام 1979 ينص على أن الولايات المتحدة تقر - لكنها لا تعترف - بالموقف الصيني المتمثل في وجود صين واحدة وتايوان جزء من الصين.
الاحتواء المستحيل
وأكد كبير مسؤولي العلاقات الخارجية في الصين وانغ يي خلال لقاء مع وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسسنجر في بكين أن "تطويق الصين واحتواءها مستحيلان".
وأكد وانغ للمسؤول الأميركي السابق البالغ مئة سنة "تطور الصين يتمتع بدينامية داخلية ومنطق تاريخي مطلق، ومحاولة تغيير الصين مستحيلة وتطويق الصين واحتواؤها مستحيلان".
وأشاد وانغ كبير مسؤولي الدبلوماسية في الحزب الشيوعي الصيني ب"الصداقة التي أقامتها (الصين) مع الأصدقاء القدامى"، وشكر كيسنجر على "مساهماته التاريخية في تحسين العلاقات بين الصين والولايات المتحدة".
وقال وانغ إن "سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة لا تزال مستمرة وتتبع المبادئ التوجيهية الأساسية التي اقترحها الرئيس شي جينبينغ، وهي الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين".
وأضاف الدبلوماسي الصيني أن "هذه المبادئ التوجيهية الثلاثة أساسية وطويلة الأجل وهي الطريق الصحيح للصين والولايات المتحدة، وهما دولتان عظيمتان، للتوافق".
وتابع أن "السياسة الأميركية تجاه الصين تحتاج إلى حكمة دبلوماسية على طريقة كيسنجر وشجاعة سياسية على طريقة نيكسون"، في إشارة إلى الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون الذي أقام علاقات دبلوماسية مع الصين الشيوعية.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة أن "كيسنجر قال إنه في عالم اليوم تتعايش التحديات والفرص ويجب على الولايات المتحدة والصين إزالة سوء التفاهم والتعايش سلميًا وتجنب المواجهة".
وأضافت أن كيسنجر "أعرب عن أمله في أن يتحلى الجانبان بالحكمة ويبذلان جهودهما القصوى لتحقيق نتائج إيجابية لتنمية العلاقات الثنائية وحماية السلام والاستقرار في العالم".
ونقلت وزارة الخارجية الصينية عن وانغ قوله خلال الاجتماع "السياسات الأمريكية تجاه الصين تتطلب حكمة كسينجر الدبلوماسية وشجاعة نيكسون السياسية".
وكان هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي آنذاك سافر سراً إلى بكين في تموز/يوليو 1971 للتحضير لإقامة هذه العلاقات وتمهيد الطريق لزيارة الرئيس نيكسون التاريخية للعاصمة الصينية في 1972.
وأدى انفتاح واشنطن على الصين التي كانت معزولة آنذاك إلى ازدهار الدولة الآسيوية التي تعد الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة.
ولطالما تم تكريم كيسنجر من قبل النخبة الأميركية وحصل على جائزة نوبل للسلام لتفاوضه على وقف إطلاق النار في فيتنام.
لكن ينظر إليه كثيرون على أنّه "مجرم حرب غير مدان" لدوره في أحداث عديدة من بينها توسيع حرب فيتنام إلى كمبوديا ولاوس ودعم انقلابات في تشيلي والأرجنتين وغضّ الطرف عن الفظائع الجماعية التي ارتكبتها باكستان خلال حرب استقلال بنغلادش في 1971.
وشغل كيسنجر منصب وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي في إدارتي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد.
قيود تجارية
وتؤثر مجموعة من القضايا على العلاقات الصينية-الأمريكية بما في ذلك شراكة الصين مع روسيا ومطالبها بالسيادة على تايوان التي تخضع للحكم الديمقراطي، ودعوات أمريكية إلى فرض قيود تجارية على التكنولوجيا الحديثة.
وقال وانغ بخصوص تايوان إن الولايات المتحدة يجب أن تتنحى جانبا فيما يتعلق "بالأنشطة الانفصالية الساعية لاستقلال تايوان" إذا كانت تأمل حقا في تحقيق الاستقرار في مضيق تايوان.
وقالت رابطة صناعة أشباه الموصلات الصينية إن الإجراءات التي تتخذها الحكومة الأمريكية لفرض قيود تجارية تهدد عولمة قطاع أشباه الموصلات وتهدد مصالح المستهلكين.
وأضافت الرابطة في بيان "أي ضرر يلحق في الوقت الراهن بسلسة الإمداد العالمية التي تشكلت على مدى العقود الماضية بالتوازي مع عملية العولمة قد يخلق تأثيرا سلبيا لا يمكن تجنبه أو إصلاحه للاقتصاد العالمي".
وأشار البيان إلى أن قطاع أشباه الموصلات الصيني يرحب بالتعاون المفتوح وسيواصل الابتكار.
وجاء البيان بعد أن التقى مسؤولون تنفيذيون من شركات رقائق أمريكية مع مسؤولين كبار من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الاثنين لمناقشة السياسة حيال الصين.
كيف ينظر كيسنجر الى الصين؟
ويرى كيسنجر أنه على واشنطن الوصول إلى تفاهم مع بكين لضمان الاستقرار، وإلا سيواجه العالم فترة خطيرة كتلك التي سبقت الحرب العالمية الأولى.
وقال كيسنجر إن الأمر المهم يتعلق بما إذا كان بمقدور الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الوصول إلى تفاهم مع الصين حول نظام عالمي جديد.
وأضاف: "إذا لم نصل إلى هذه النقطة وإذا لم نصل إلى تفاهم مع الصين بهذا الشأن سنكون في الوضع الذي سبق الحرب العالمية الأولى في أوروبا حيث كانت الصراعات المستمرة تحل على أساس فوري لكن أحدها كان يخرج عن السيطرة في مرحلة ما".
وتابع: "الأمر الآن أكثر خطورة مما كان عليه في السابق"، مضيفا أن الأسلحة فائقة التطور التي يمتلكها الجانبان قد تؤدي إلى صراع خطير للغاية.
وذكر أن الولايات المتحدة ستجد على الأرجح أن من الصعوبة بمكان أن تتفاوض مع خصم مثل الصين سرعان ما سيتفوق ويصبح أكثر تقدما في بعض المجالات.
وأوضح أن المسألة الأخرى هي ما إذا كانت الصين ستقبل بهذا النظام الجديد مشيدا بمهاراتها في تنظيم نفسها لتحقيق تقدم تكنولوجي تحت سيطرة الدولة، وأن على الغرب أن يرتقي بأدائه.
وأشار إلى أن قوة الصين الاقتصادية لا تعني أنها ستتفوق تلقائيا في كل المجالات التكنولوجية في هذا القرن.
شخصية مثيرة للجدل
في عيد ميلاده المئة، ما زال وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر يلقى آذانا صاغية من كبار قادة العالم ويقدم نصائحه بمهارة في القضايا الجيوسياسية، وما زال يثير إعجابا بقدر ما يسبب انقساما.
يعتبر البعض الرجل الذي احتفل بمئويته صاحب رؤية بينما يرى آخرون أنه "مجرم حرب"، لكن "الحكيم" بقامته المحنية ونظارتيه الشهيرتين بإطارهما الكبير الداكن، ما زال نشيطا.
وقد شارك وزير الخارجية الأسبق في حفل تكريم بمناسبة بلوغه من العمر مئة عام في نادي نيويورك الاقتصادي النخبوي جدا حيث أطفأ شموعا على كعكة من الشوكولاتة.
وبالتأكيد، لم يعد يظهر علنا إلا نادرا وغالبا عن طريق الفيديو كما حدث في دافوس في كانون الثاني/يناير الماضي، ولكن بالنسبة للرجل الذي ترك بصمته على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن العشرين، تبقى هذه الاستمرارية استثنائية.
ويحتفظ مكتبه في نيويورك وشركته الاستشارية "كيسنجر أسوشيتس" بمكانة كبيرة نسبيا لدى النخبة في واشنطن والخارج، بما في ذلك بين الديموقراطيين مثل وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون التي قالت في أحد الأيام إنها "تعتمد على نصائح صديقها".
كيسنجر الذي كان لاعبا رئيسيا في الدبلوماسية العالمية خلال الحرب الباردة وحائز نوبل للسلام، أطلق التقارب مع موسكو وبكين في سبعينات القرن الماضي، معتمدا على رؤية براغماتية للعالم تعد نوعا من "السياسة الواقعية" على الطريقة الأميركية.
وفي مؤشر إلى أن رؤيته للعالم لم تتغير، أكد أمام مضيفيه أنه من واجب الولايات المتحدة الدفاع عن "مصالحها الحيوية". وقال "يجب أن نكون دائما أقوى من أجل مقاومة أي ضغط".
وحتى بشأن الحرب في أوكرانيا عندما دعا إلى وقف لإطلاق النار. قال "وصلنا إلى نقطة حققنا فيها هدفنا الاستراتيجي"، معتبرا أن "المحاولة العسكرية الروسية لابتلاع أوكرانيا فشلت".
لكن صورة الرجل ذو الصوت الأجش واللهجة الموروثة من أصوله الألمانية، ما زالت مرتبطة بصفحات مظلمة في تاريخ الولايات المتحدة مثل دعم انقلاب 1973 في تشيلي أو غزو تيمور الشرقية في 1975، وبالتأكيد فيتنام.
وقال المحامي المتخصص بحقوق الإنسان ريد كالمان برودي "بالنسبة لي ليس هناك أي شك في أن سياسته تسببت بمقتل مئات الآلاف وتدمير الديموقراطية في عدد من البلدان"
واضاف "أنا مندهش لأنه أفلت من العقاب".
في الواقع، لم يواجه الرجل أي ملاحقات قضائية ورفضت دعوى كانت قد رفعت ضده في 2004.
وفي تحقيق يؤكد موقع "ذي انترسبت" للصحافة الاستقصائية استنادا إلى وثائق من أرشيف وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وشهادات ناجين أن حملة القصف الأميركية في كمبوديا بين 1969 و1973 التي كان هنري كيسنجر مهندسها، تم التقليل من حجمها إذ إنها أودت بحياة عدد من المدنيين أكبر بكثير مما تم الاعتراف به.
ويشير منتصر مأمون المؤرخ في جامعة دكا إلى أن كيسنجر "دعم بنشاط الإبادة الجماعية في بنغلادش" في 1971.
وقال "لا أرى أي سبب للإشادة بكيسنجر" مؤكدا أن كثرا في دول عدة يشاطرونه وجهة نظره هذه بما فيها فيتنام.
وترى المؤرخة كارولين أيزنبرغ من جامعة هوفسترا في الولايات المتحدة أن "المفارقة هي أننا نتذكر أنه صنع السلام لكننا ننسى كل ما فعله لإطالة أمد الحرب ليس فقط في فيتنام بل وفي كمبوديا ولاوس أيضا".
ولد اليهودي الألماني الشاب هاينز ألفريد كيسنجر في 27 أيار/مايو 1923 في فورث في بافاريا، ولجأ في سن الخامسة عشرة إلى الولايات المتحدة مع عائلته قبل أن يصبح مواطنا أميركيا في سن العشرين.
والتحق نجل المدرس بالاستخبارات العسكرية والجيش الأميركي قبل أن يبدأ دراسته في جامعة هارفارد حيث كان طالبا لامعا وعمل في التدريس أيضًا.
وفرض كيسنجر نفسه وجها للدبلوماسية العالمية عندما دعاه الجمهوري ريتشارد نيكسون إلى البيت الأبيض في 1969 ليتولى منصب مستشار للأمن القومي ثم وزير الخارجية. وقد شغل المنصبين معا من 1973 إلى 1975.
وقد بقي سيد الدبلوماسية الأميركية في عهد جيرالد فورد حتى 1977.
في تلك الفترة، أطلق الانفراج مع الاتحاد السوفياتي وتحسن العلاقات مع الصين في عهد ماو، خلال رحلات سرية لتنظيم زيارة نيكسون التاريخية إلى بكين في 1972.
كما أجرى وبسرية تامة أيضا وبالتزامن مع قصف هانوي، مفاوضات مع لي دوك ثو لإنهاء حرب فيتنام.
ولتوقيعه وقف إطلاق النار منح جائزة نوبل للسلام مع الفيتناميين الشماليين في 1973، في واحدة من أكثر الجوائز إثارة للجدل في تاريخ نوبل.
اضف تعليق