لا تزال أزمة السكن تمثل تحدياً كبيراً أمام خطوات التنمية في ظل زيادة في النمو السكاني وضعف في الإجراءات التي تهتم بتوسعة المدن وإنشاء أخرى في المناطق البعيدة عن الكثافة السكانية؛ الأمر الذي دفع العديد من المواطنين إلى تقسيم بيوتهم بين وحدات سكنية صغيرة ما انعكس على الواقع الخدمي...

ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (السكن في العراق بين الحق الدستوري وفوضى الحلول)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.

قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الأستاذ المحامي صلاح الجشعمي، وابتدأ حديثه قائلا:

"كفل الدستور العراقي في م/30 أولا الدولة بتأمين السكن للفرد الأسرة العراقية، رغم انه لم يقيد النص بوجوب تنظيم هذا الحق بقانون ويعتبر حق السكن متفرع من حق التمليك وهو الأصل وحق الاستعمال أنال الحق في السكن كأحد أهم الحقوق الإنسانية، إذ تضعه المواثيق الدولية في مصاف الحقوق الأساسية للإنسان.

وعلى الرغم من الإجراءات التي تتبناها الحكومة في حل مشكلة السكن من توزيع أراضي سكنية على شرائح محددة وبناء مجمعات سكنية عمودية وأفقية ودور واطئة الكلفة وتسهيل إجراءات دخول شركات الاستثمار في مجال السكن وتوزيع القروض، لا تزال أزمة السكن تمثل تحدياً كبيراً أمام خطوات التنمية في ظل زيادة في النمو السكاني وضعف في الإجراءات التي تهتم بتوسعة المدن وإنشاء أخرى في المناطق البعيدة عن الكثافة السكانية؛ الأمر الذي دفع العديد من المواطنين إلى تقسيم بيوتهم بين وحدات سكنية صغيرة ما انعكس على الواقع الخدمي وشوّه جمالية المدن، من جهة أخرى تظهر بيانات سابقة لوزارة التخطيط وجود أكثر من 4 آلاف مجمع عشوائي في عموم العراق.

وأشار اقتصاديون "والكلام للباحث" ان التضخم والنمو السكاني في ارتفاع مستمر، ما ساهم بزيادة الطلب على الوحدات السكنية بمعدل 50 - 100 ألف وحدة سنوياً وهناك رأي يصل إلى 250 إلف كل سنة وإن البلاد بحاجة إلى ما لا يقل عن 3 الى 5 ملايين وحدة سكنية لمعالجة أزمة السكن المتصاعدة في البلاد، كما أن أعداد الأسر العراقية تتزايد بشكل سنوي بفعل التزايد السكاني، إذ كان عدد الأسر يقارب 3.25 مليون أسرة سنة 2002 وتضخم حتى وصل إلى أكثر من 8.25 مليون أسرة حالياً ومازال العجز في قطاع الإسكان مرتفعاً كما أسلفنا، إضافة إلى قلة الأراضي السكنية المخدومة القابلة للتوزيع والبناء، في وقت تعول الحكومة على برامج تقضي بتوزيع أرض سكنية بمساحة 200 متراً للموظفين والشرائح الأكثر ضررا مع ما فيه من علل، مع توفير قروض ميسرة من البنوك الحكومية لبنائها، لكن الخطة مازالت تواجه عقبات كثيرة أبرزها انعدام الخدمات في المناطق المستهدف توزيع أرض السكن فيها للمواطنين من خطوط ماء وكهرباء وشبكات صرف صحي تستوجب على الحكومة مشاريع بمليارات الدولارات.

من الأسباب التي فاقمت من أزمة السكن هي:-

1- النمو الطبيعي للسكان بالولادات الهجرة الداخلية أو الخارجية للسكان في البلاد بسبب الجفاف أو انعدام فرص العمل وضعف التنمية الاقتصادية وغيرها.

2- انفراط الأُسر المركبة واستقلالها في أُسر منفردة بسبب التطور في المستوى الاقتصادي والثقافي والاجتماعي غير ذلك.

3- تهرؤ الأبنية السكنية الفعلية الموجودة واندثارها في كثير من مدن وأرياف العراق.

4- تراكم الطلب على الحاجة السكنية.

5- الحروب السابقة و الحصار الاقتصادي الذي جمد النمو الاقتصادي للبلد ونعكس بدورة على الخدمات و الإفراد.

6- انتشار العشوائيات و التجاوزات على أراضي الدولة ما بعد 2003 للسكن وبشكل غير مسبوق وعلى حساب الأراضي الصالحة للزراعة وكذلك تركزها على ضفاف الأنهار وما تحمله من مخاطر بيئية واغلبها إحياء فقيرة.

7- تشهد العقارات ارتفاع مهولا في الأسعار في عموم العراق، بطريقة مريبة يربطها البعض بعمليات غسيل الأموال.

وتلعب النزاعات السياسية واستحواذ السلطة في بقاء أزمة السكن وتفاقمها وعدم وجود هيئة مستقلة بموجب تشريع تتحمل مسؤولية وضع الخطط الإستراتيجية المستدامة وتتكفل بتقديم الحلول القانونية والعملية والميدانية لتصميم المدن وتوسعها وكيفية توفير الأموال المطلوبة لها لحل أزمة السكن المتفاقمة والمؤثرة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعراقيين وكسر البيروقراطية والمركزية الإدارية لهاذا الموضوع الحيوي.

وقد انتقدت الحكومة العراقية لحل أزمة السكن، سواء عبر منح القروض للمواطنين، أو عن طريق مشاريع الإسكان المحدودة، مع عدم وضع دراسة شاملة للعمل على بناء مشاريع إسكان وفق رؤية حديثة متطورة، تسهّل على المواطن البسيط وذوي الدخل المحدود اللجوء إليها على اقل تقدير.

أما القروض المقدمة من المصرف العقاري أو ضمن مبادرة صندوق الإسكان، بمنح قروض بدون فوائد أو بفوائد قليلة لشراء أو بناء وحدات سكنية، تجعل المواطن أو الموظف في حرج شديد، نتيجة لما يترتب عليه من دفع شهري للأقساط يفوق قدرته على السداد، إضافة إلى عدم كفاية القرض إلى تغطية تمام البناء مع ارتفاع الأسعار المطرد لمواد البناء، وهناك حالة تخلف في فلسفة تشريع قانون الاستثمار بما يتعلق باستثمارات القطاع السكني حيث ان عمل هيئات الاستثمار في العراق لا يواكب المشكلة وغياب وسائل جذب لقطاع العقار والسكن وهي بيئة استثمارية غير مشجعة.

وكانت الحكومة العراقية طرحت قبل نحو عام، مشروع "داري" في محاولة لحل أزمة السكن المتفاقمة، وتقدم عبر المنصة الالكترونية نحو ثلاثة ملايين مواطن للحصول على قطعة أرض ستكون غالبا في أطراف المدن، لإنشاء مدن جديدة ستكون بحاجة إلى بنى تحتية وأسواق أعمال، أما الواقع القانوني فهناك بون شاسع بين القوانين الموجودة واغلبها قديمة التشريع لا تواكب واقع الكثافة السكانية وتركيزها وكيفية بناء المدن السكنية وغياب رؤية سياسية تشريعية لغرض التنظيم القانوني الناجع والشامل لمسالة السكن، حيث ان النصوص أو القوانين التي عالجت مسألة السكن في العراق تتراوح بين قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل بتمليك شرائح معينة وقرارات مجلس الوزراء العراقي الذي نحى منحى مجلس قيادة الثورة العراقي المنحل، كذلك صدور قرار مجلس الوزراء بتكييف وضع العشوائيات على الاراض المثقلة بحقوق تصرفية أو قانون بيع وإيجار أموال الدولة أو قانون إيجار العقار وقانون ضريبة العقار وغيرها".

وللاستزادة من الآراء والمداخلات حول الموضوع نطرح السؤالين الآتيين:

السؤال الأول/ ما هي أسباب الحكومات المتعاقبة بعد التغيير في حل مشكلة السكن؟.

السؤال الثاني/ ما هي الرؤية الإستراتيجية و القانونية لحل أزمة السكن؟.

المداخلات

الدكتور محمد مسلم الحسيني؛ باحث علمي واستاذ جامعي‏ في بروكسل:

"أزمة السكن في العراق هي أزمة قديمة حديثة لكنها تفاقمت وتضاعفت مؤخراً بشكل ملفت للنظر حتى أصبحت واحدة من أهم أزمات العراقيين المعيشية. دواعي هذه الازمة كثيرة ومتعددة ولا تقتصر على عامل واحد وهذا ما يجعل أساليب علاجها متعددة أيضا حيث لا يوجد حل سحري واحد يمحي باقي الدواعي والآثار.

إيجازا يمكن التنظير في اهم أسباب هذه الأزمة بالنقاط التالية كي يتم بحث معالجتها لأن الأمور تعالج بأسبابها:

اولا/ التضخم السكاني: ازداد عدد سكان العراق وتضاعف خلال العقود الستة الأخيرة على نحو مطرد وبصيغة المتوالية العددية الهندسية مبتدئا بسبعة ملايين نسمة وعابرا لأكثر من اربعين مليون نسمة. هذا التزايد السكاني الملحوظ لم يقترن به تزايدا بزخم موازي في البنية التحتية والسكنية المطلوبة التي تواكب الحاجة والغرض. أسباب هذا التخلف كثيرة ومعقدة كتعقيد الحالة السياسية وارهاصاتها التي مرت بالعراق منذ بداية تلك الفترة حتى يومنا هذا.

ثانيا/ التغيرات الحاصلة في طبيعة المجتمع: تتغير طباع الشعوب بتغير الزمن ومستجدات المدنية، حيث كانت الأسر العراقية تجتمع في بيت واحد ويتزاوج الأبناء في بيوت الآباء وتكتفي العائلة بغرفة واحدة تلمها في كثير من الأحيان. تبدلت الصورة اليوم حيث تصبو العائلة الواحدة لوحدة سكنية خاصة بها لا يشاركها فيها أحد. كانت الدور السكنية بسيطة غير مكلفة بينما اليوم تبنى المساكن بمواصفات جديدة تواكب حركات الحضارة والمدنية في العالم وتكون مكلفة نسبياً.

كما أن نزوح السكان بشكل ملحوظ من القرى والأرياف إلى مراكز المدن لعب دورا هاما بازدحامها وتوسعها أيضا. في حين لعب ارتفاع حالات الانفصال والطلاق بين الأزواج في زمننا الحالي دورا في رفع الحاجة إلى وحدات سكنية مستقلة ومنفصلة. كل هذه المتغيرات زادت من شدة الحاجة ومن متطلباتها.

ثالثاً / اختلال التوازن بين العرض والطلب العقاري: نتيجة للتضخم السكاني المقرون بتغير حالة المجتمع وسوء التعامل المركزي مع متطلبات الحالة واحتياجاتها، بدأت أزمات السكن في العراق تلوح براياتها في الافق. ازداد الطلب على الوحدات السكنية بمعدل 50 إلى 100 ألف وحدة سكنية سنوياً وبتوالي السنين تراكمت الحاجة للوحدات السكنية حتى وصلت إلى الملايين من هذه الوحدات، حيث لم تعالج هذه الحاجات السكنية كما ينبغي منذ يوم بروزها. عدم التوافق بين العرض والطلب واختلال الموازنة فيه أدى إلى إرتفاع في أسعار العقارات بشكل لافت للنظر حتى فاقت اسعار العقارات في بعض الأماكن في العراق أسعار العقارات في المدن والعواصم الأوربية!.

رابعاً/ غياب التخطيط وفساد الإدارة: كما غاب التخطيط وفسد التعامل في شؤون البلاد العامة الاخرى فقد غاب التخطيط السكني في العراق وفسدت إدارته أيضا! توقفت وتعطلت الكثير من المشاريع السكنية المقررة وانتشرت مشاريع البناء الوهمية في البلاد وبرزت ظاهرة تبييض الاموال وضعفت سلطة الدولة وتفاقمت بيروقراطية الإجراءات وابتزت الأحزاب المستثمرين في قطاع العقارات منذ بداية زمن التغيير في العراق وحتى هذه الساعة.

غاب التخطيط الحكومي الجدي والناجز عن هذا القطاع الهام والأساسي في حياة العراقيين مما أدى هذا إلى تفاقم أزمة السكن والى بروز التجاوزات والأبنية العشوائية من جهة وتشويه الأحياء السكنية وفقدان جمالها ورونقها بسبب تقسيم الأراضي إلى وحدات سكنية صغيرة وضيقة وزوال مساحات خضراء مطلوبة في التخطيط السكني للأحياء والمدن من جهة أخرى.

هذه الاخطاء والتغيرات زادت من تسليط الضغوط على البنية التحتية المتعبة أصلا وفاقمت المشكلات المناطة بها وصعبت طرق معالجتها.

خامساً/ خلل في الإستثمار العقاري: لم تتصرف الحكومات المتعاقبة بما ينبغي في حقل الاستثمار العقاري فهي لم تستثمر بنفسها كما يجب في هذا النطاق ضمن مطالب الحاجة ولم تشجع أو تراقب أو تخطط لاستثمارات القطاع الخاص في هذا المجال. في كثير من دول العالم تقوم الحكومة ببناء وحدات سكنية في معظم احياء المدن مخصصة لذوي الدخل المحدود مقابل بدل إيجار شهري بسيط ومحدود وهذا ما يسمى هناك بـ"الاسكان الإجتماعي" حيث يقلل هذا الاجراء من شدة أزمة السكن ويخفف من بؤس الفقراء. فليس من الضروري أن يمتلك جميع الناس عقاراتهم كي تملأ حاجة السكن، هذا الإجراء غير موجود في العراق رغم اهميته والحاجة الماسة له ودوره في التكاتف الإجتماعي من أجل تأمين استقرار الأسر محدودة الدخل.

إسداء القروض العقارية للمواطنين قد لا ينقذ من المأزق في ظل غياب الأراضي المخصصة للسكن او شحتها وارتفاع أسعارها، لذلك لابد للدولة أن تخطط في توسيع رقعة السكن من خلال خلق مدن سكنية جديدة وإنشاء مجمعات سكنية فيها وتسهل منح اجازات الإستثمار العقاري وتوفر أراضي سكنية جديدة تسد حاجات المواطنين الملحة.

الإستثمار العقاري لدى الدولة بنفسها من جهة وتشجيع القطاع الخاص في ذلك من جهة اخرى سوف يسرع من وتيرة الأعمار ويختصر الزمن المطلوب لذلك. كما على الدولة مسؤولية مراقبة المستثمر العقاري ومنعه من المغالاة في جعل الفارق كبيرا بين سعر كلفة البناء وثمن البيع حفاظا على مستوى الأسعار ومنعا للاستغلال والمضاربة. دون شك إقامة "مبادرة صندوق الإسكان" بمنح قروض تسهيلية خالية من الفوائد لذوي الدخل المحدود سوف تسهل ايضا من صعوبات شراء العقارات لكن يجب أن توفر الأرضية الملائمة لذلك وان تكون هذه القروض طويلة الأجل بما يخص التسديد ولا تربك المقترض في قيمها.

سادساً/ عدم الاهتمام في البناء العمودي: رغم الأزمة السكنية الحادة التي تمر بها البلاد وشحة الأراضي السكنية المتوفرة ورغم التوسع السكني الأفقي الهائل لم نلحظ اهتماما كبيراً موازياً في البناء العمودي وهو حل جذري كبير لأزمة السكن في كل أنحاء العالم. البناء العمودي خصوصا في مراكز المدن هو ضرورة ملحة لتخطي الحاجة السكنية فيها. في أغلب دول العالم يعتبر البناء العمودي سبيل متبع وناجز لحل أزمة السكن في المدن الكبيرة الرئيسية.

لا نرى حتى يومنا هذا حركة معمارية جارية وكما ينبغي في العراق بهذا الاتجاه رغم الحاجة الماسة لها. مهما كانت أسباب وتعليلات الحكومة لهذا الأمر فهذا لا يعفيها عن التغاضي بأمر سيكون اضطراريا تقوم الحكومة بإنجازه طوعاً أو كرها في قابل الأيام والسنين".

الدكتور علاء ابراهيم الحسيني؛ أكاديمي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

"حق السكن هو من أهم حقوق الإنسان التي تبنتها الوثائق القانونية سواء الدولية أو الوطنية، فقد أشار إليها العهد الدولي في المادة 11 وأشار إليها الإعلان العالمي في المادة 25 وتبنتها الوثائق العراقية على رأسها الدستور العراقي في المادة (28، 29، 30) وغيرها من المواد الدستورية التي أشارت إلى حق الملكية وأشارت إلى حق السكن، وان المشرع الدستوري في المادة 30 أشار إلى مسألة مهمة وهي السكن الملائم والكريم وكأنما يضع لنا معيارين: الأول؛ وهو الملائمة، والثاني؛ هو الكرامة، أي ان يكون السكن ملائم للمواطن العراقي وكريما في ذات الوقت، السكن يجب ان يكون ملائم مع احتياجات بحسب حجم العائلة واستعمالات العائلة أو الأسرة العراقية ويحفظ له كرامته بأن تتوفر له في هذا السكن مقومات الكرامة الإنسانية على رأسها الخدمات الأساسية التي لا غنى عنها للسكن من مياه الشرب الصالحة للاستعمال البشري ومن خدمات البلدية، الكهرباء وغيرها من الخدمات التي تحفظ كرامة الإنسانية وتؤمن له السكن الكريم.

الأسباب التي آلت إلى تصدع قدرة الحكومة العراقية على توفير السكن الملائم الكريم للشعب العراقي كثيرة ولم تكن وليدة اليوم بل، هي متوارثة من سنوات سابقة على رأسها التخلف الذي حصل في دوائر الدولة الأساسية التي تعنى بقضية السكن مثل دائرة البلدية ودائرة الماء والكهرباء وغيرها من الدوائر التي تعجز ان توفر خدمات تتلائم مع الطلب المتزايد على الوحدات السكنية، تخلف قانون الاستثمار عموما والاستثمار السكني خصوصا هذا خلف مواكبة الطلب المتزايد على السكن كذلك البيروقراطية القاتلة في ما يتعلق بتحويل جنس الأرض من أراضي زراعية إلى أراضي سكنية وما تزال اغلب المحافظات ومدن العراق تشكو من عدم تغيير جنس الأرض حتى تكون أراضي مخدومة وإحياء تستطيع الدوائر الخدمية ان توفر لها الخدمات.

لذلك هنالك الكثير من الأشياء التي تؤدي إلى ان تجعل السكن في العراق لا يعتبر سكناً كريماً وان أهم معضلة تواجهنا هي معضلة التغير المناخي الذي جعل الكثير من المناطق السكنية في العراق في حقيقتها هي غير صالحة للسكن بسبب المتطلبات التي نحتاجها اليوم للتغلب على هذه المشكلة، وهنالك مشكلة أخرى خصوصاً في الأرياف والمناطق البعيدة عن المدن الكبيرة هي التوسعات في المشاريع النفطية والكهربائية وعلى حساب المناطق السكنية وقربها من المناطق السكنية فجعل هذه المناطق السكنية لا توفر متطلب السكن الملائم أو السكن الكريم مثل الكثير من مناطق البصرة العشوائية بالتحديد والتي هي قريبة من المشاريع النفطية والتي توفر لها بيئة قاتلة لسكان هذه المناطق، وبالتالي لا يمكن ان نطلق على هذه المناطق أو المساكن هي مناطق كريمة وإنها تلبي حاجات الإنسان، وتضاعفت أسعار المنازل إلى عشرات الإضعاف وبالتالي الأسر الميسورة لا يمكن ان تحصل على عقار أو سكن مناسب، وحتى المجمعات السكنية التي ساهمت الدولة في إنشائها من خلال منح رخص وإجازات استثمارية إلى ان تباع هذه الوحدات السكنية بمبالغ كبيرة جدا واشتراطات صعبة على المواطن العراقي تصل إلى ان يكون هذا المواطن إما موظف أو لديه كفلاء اثنين من الموظفين ويحصل إلى عقاري بالتالي تكون الشركة الاستثمارية هي الرابح الأكبر على حساب المواطن الذي سوف يبقى يعاني الأمرين من خلال تمويل القروض التي سوف يدفعها لهذا نحن بعيدين كل البعد عن التزام السلطات العامة بتوفير السكن الملائم أو الكريم للمواطن.

الحلول ممكن ان تبدأ بحلول تشريعية وتنتهي بحلول اقتصادية أو مالية ولابد ان يكون تكامل في الرؤيا بين الجوانب الاقتصادية والقانونية حتى توضع استراتيجية سكن مناسب وملائم للمواطن العراقي".

الدكتور حميد الهلالي؛ باحث وناشط حقوقي:

"أزمة السكن تكاد تكون شاملة ولكنها تبرز في المحافظات الجاذبة للسكان بشكل اكبر.. بغداد وكربلاء والنجف والبصرة واربيل.. وطبعا السبب الرئيس هو عدم وجود خطة إنمائية تشمل كل المحافظات أولا وتوفير فرص عمل للحد من الهجرة ونتيجة لشح المياه التي أدت إلى نزوح أقضية بقصباتها وقراها في الجنوب، ومازال الزخم يزداد مما سبب فوضى في وضع خطط للسكن حيث هناك زيادة مضطردة للعوائل ولا توجد رؤيا أو استراتيجية.

والشيء الثاني هو ثقافة البناء في العراق والتي تعتمد السكن الأفقي وهذا يحتاج لمساحات هائلة ومبالغ طائلة وخدمات مستحيلة بالذات خدمات الماء والكهرباء والمجاري. التحول إلى بناء عمودي عصري بخدمات متطورة وسكن عصري مدعوم من الدولة سيحد من أزمة السكن وستكون كلفة ووقت انجازه قصيرة قياسا بالبناء الأفقي، هذا السكن يمكن ان يكون للعاملين في الدولة، بشروط ميسرة ولا ضير مؤثث حتى يكون إقبال عليه ومضمون من الدولة..

ومن الممكن الاستثمار وفق أحدث ما توصل له العلم.. من خدمات غاز واتصالات وكهرباء مخفية لا وجود لأسلاك ولا وجود لقطع.. مع ساحات وحدائق وأسواق ومدارس ومستوصفات وعيادات أهلية وغيرها من الخدمات ملاعب ونوادي رياضية، وإيقاف تجريف الأراضي الزراعية لخطورتها على الأمن الغذائي البيئة والصحة العامة".

الدكتور خالد العرداوي؛ مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية:

"احياناً نقوم بتهويل المشكلة وتهويلها لأسباب ربما تكون من صناع القرار أنفسهم بمحاولة التغطية على فشلهم كشماعة النظام السابق، والنمو السكاني يعتبر العراق فيه الأعلى على العالم من ناحية النمو السكاني ونلاحظ النسبة العالمية 1.9 ونلاحظ ال10 الأولى هي نيجيريا باكستان أثيوبيا والكنغو الديمقراطية وتنزانيا والهند وملاوي وانغولا والعراق 56 على العالم بما يتعلق بالنمو السكاني والنمو السكاني بالعراق يعتبر بالوضع الطبيعي جداً حيث تعتبر دولة شرق أوسط إسلامية تشجع الزواج المتعدد وتشجع كثرة الأولاد تلقائياً هذه النسبة السكانية تعتبر نسبة طبيعية جداً، وحالياً نلاحظ النمو ينخفض والمنحنى يميل إلى الانخفاض، وإذا ما كان النمو السكاني في العراق في الوضع الطبيعي ومعتدل ونلاحظ في نفس الوقت ثروات العراق جيدة جداً وان مساحة العراق جيدة جداً والقضية ابعد من قضية السكن، وفي حال تطبيق اللامركزية مثلا ومع وجود سلطة إنفاذ النظام بوضع ضعيف مع وجود الميلشيات والفساد والجريمة المنظمة وفي ظل الدولة المركزية يعتبرون أنفسهم مقيدين وفي ظل الدولة اللامركزية سيستحوذون على كل منطقة إدارية ويسيطر عليها طرف من حزب ويتصرف بها ويحول الناس إلى عبيد، وهذا يدل إلى ان مشكلتنا بالعراق هي مشكلة نظام حكم وقيادة سياسية تدير هذا النظام.

ومشكلتنا ليست مشكلة زيادة سكانية او مشكلة موارد ولكن المشكلة الحقيقة هي مشكلة نظام الحكم ونحن لم نمتلك نظام حكم فاعل خلال كل الحكومات حتى في الحكم الملكي والدولة العراقية موزعة إقطاعيات وكان لدينا قانون للإقطاع من اقسى قوانين العالم وعندما جاء العهد الجمهوري زاد المشكلة إلى الاسوء من خلال الشعبوية والتآمر والانفلات وحزب يتآمر على حزب وهذا ما دعا الحكومات عدم الاهتمام بقضية أزمة السكن وأي أزمة أخرى، وعدم توفير السكن للمواطنين دعا الناس إلى اللجوء إلى العشوائيات وعدم احترام القانون والحكومة التي لا تعطي لهم الحقوق.

الدكتور قحطان حسين؛ أكاديمي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية:

"بخصوص عجز الحكومات المتعاقبة في العراق عن إيجاد حلول ناجعة لمرحلة السكن، والأزمة بدأت تتفاقم سنة بعد سنة لأسباب عديدة منها طبيعة النظام السياسي والفوضى السياسية والفساد المالي والإداري الكبير والبيروقراطية التي وقفت حجر مانع إمام كل استراتيجيات الاستثمار في قطاع الإسكان وضعف القانون وعدم القدرة على تطبيق القوانين التي تسهم بعدم المضاربة في قطاع السكن، وضعف في مجال الإدارة والتنظيم في جميع قطاعات الحياة من ضمنها قطاع الإسكان بسبب عدم الاستقرار في العراق.

وغياب الإستراتيجية الواضحة للإسكان ومن مظاهرها عدم وجود تعاون أو تنسيق ما بين الوزارات، ودائما ما نسمع ان للبلديات أراضي ولكن تواجه من هيئة الاستثمار أو وزارة التخطيط بسبب الروتين الإداري وأحيانا تصل إلى ان وزارة تحاول تفشل مشاريع وزارة أخرى التي تريد ان تنشط موضوع الإسكان، وكذلك موضوع المضاربات الذي أصبح ظاهرة خطيرة بسبب غسيل الأموال والفساد المالي الكبير واخذ أصحاب رؤوس الأموال يستحوذون على قدر كبير جدا من قطاعات الإسكان والمشاريع بسبب الفساد وشراء الذمم من قبل المسؤولين ويؤسسون إلى مشاريع إسكان بمبالغ خيالية جداً تتجاوز قدرة المستحقين لهذا الإسكان والأسباب عددية جداً.

والمقترحات التي من الممكن تقديمها لحل هذه الأزمة وباعتقادي ان المرحلة الحالية أفضل من المرحلة السابقة من ناحية الاستقرار ومن ناحية التخطيط في مجال دعم واسع من إطراف سياسية والحكومة الحالية تهيئت لها البيئة والظروف المناسبة لكي تتبنى مشروع استراتيجي هادف وطموح للإسكان من خلال وضع رؤى ومقترحات ودراسات من قبل خبراء متخصصين والاستعانة بشركات متخصصة في مثل هذه المشاريع، وان الظرف الحالي يحتاج إلى تشريع ينظم قطاع الإسكان ويتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية ويضع فيه كل الاعتبارات الاجتماعية والسياسية لتنفيذ خطة طموحة للإسكان لعل من ابرز من بنودها تحديد أسعار الأراضي وإجراء مسوحات وكشوفات من قبل البلدية للأراضي التي ممكن ان تستثمر قطاعات إسكان فيها، وكذلك منع إي مضاربة في قطاعات الإسكان وقد أصبحت أزمة كبيرة تواجه الإسكان في العراق ويجب على الدولة وضع التعليمات الصحيحة والقوانين الصحيحة لكي تصل هذه الأراضي لمستحقيها الفعليين وليس للمضاربين الذين هم جزء من الأزمة وجزء من المشكلة".

الدكتور حسين السرحان؛ أكاديمي وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية:

"النمو السكاني في العراق هو ليس نمو طبيعي بل الأعلى في المنطقة 2.8 حسب تقرير البنك الدولي 2023، العراق الاقتصاد والمناخ والمؤشرات جداً خطيرة، ان رؤيا العراق لعام 2030 تنسجم مع أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة التي هي 17 هدف ويفترض ان تتحقق في عام 2030، والحكومة العراقية ألزمت نفسها في توفير السكن الملائم من خلال استراتيجية الفقر 14.18، والإستراتيجية الأخرى 18.22 واحد أبوابها هو موضع السكن الملائم باعتباره احد أهداف التنمية المستدامة، وان جهود الدولة في موضوع المجمعات السكنية هو كله جهد قطاع خاص وربما قطاع العقارات يأتي بعد البنوك من خلال النشاطات أو هو الأول.

وان طبيعة الأسعار في الوحدات السكنية هو موضوع التضارب والفساد والصفقات التي تحصل به، وان مبادرة البنك المركزي حلت الكثير من المشاكل وقدمت قروض ولكنها ليست في المستوى المطلوب، ومشكلتنا في العراق من خلال الحكومات المتعاقبة أنها للأسف الصيغ التوافقية للنظام الحاكم في العراق وظفت كل نشاطات المجتمع من سكن وصحة وتجارة اقتصاد باتجاه خدمة المصالح الحزبية بالدرجة الأولى، أما الجانب الأخر المهم ان موضوع السكن في العراق ومن خلال أزمة المناخ فان التغيير الديموغرافي للمناطق بدأ يختلف وبعض المناطق يصبح فيها كثافة سكانية والبعض الآخر تخلى من السكان، والالتزامات الحكومية في هذا الموضوع ضعيفة جدا وتكاد تكون معدومة وللأسف هو ليس الملف الوحيد الذي تعجز به مؤسسات الدولة، والصيغ التوافقية انعكست على التناسق المؤسساتي في العراق لذلك نحتاج إلى إرادة سياسية وإرادة وطنية في هذا الموضوع نابعة من نظام حكم يمثل الجماهير".

احمد جويد؛ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

"آفة المشاكل في العراق هي الفساد وان المشكلة التي تواجه مشكلة السكن هي مشكلة مركبة، تتمثل بالفساد المنتشر في داخل هيئات الاستثمار وغيرها بالإضافة إلى قضية غسيل الأموال التي تستخدم في قطاع العقارات التي تؤدي إلى صعود الأسعار من خلال سرقة المال العام، وان الحلول ممكن ان تبدأ من الإرادة السياسية والحل الثاني هو الحل التشريعي المناسب وكذلك تفعيل أدوات الرقابة، ومن خلال الأزمات ممكن إيجاد الحلول من خلال استقطاب الأيادي العاملة وحل أزمة البطالة بالإضافة إلى استهلاك مواد البناء وان اغلب المعامل تم بيعها من خلال صفقات مشبوهة والحديد غير مستثمر بشكل جيد وممكن استثماره بسهولة داخل العراق، وكذلك الكهرباء وموادها التي تستورد من الأردن وتركيا وغيرها برغم وجودها لدينا في العراق كمعمل قابولات الناصرية الذي يوجد فيه أجود أنواع الكابلات الكهربائية الخاصة في البنى التحتية لخدمات السكن وهي أفضل من المواد المستوردة ولكن لا يتم استثمارها بشكل جيد، وكذلك يجب استحداث مدن جديدة لحل مسألة السكن وهذا ما عملته اغلب الدول من خلال الخدمات ولكن غياب الإرادة ووجود الفساد هو الذي ينتهك حق الإنسان بالسكن".

عبد الصاحب كيشوان؛ مدير مؤسسة مصباح الحسين:

"غياب الرؤيا الحكومية بعيدة المدى بخصوص وضع التصاميم الأساس للمدن، والدليل على ذلك كثرة التغييرات التي تحدث في التصاميم بشكل شبه سنوي، إضافة إلى التوسع العشوائي الذي يحدث بدون إي إحصائية ومجرد يمنح أرقام وأراضي غير مخدومة والشرائح غير متساوية بشكل كامل وهذا ما يخلق نوع من الخلل بالتوزيع، إضافة إلى ذلك هو موضع الهجرة الذي يحدث في بعض المناطق وهو بعيد عن قضية التغيير المناخي وغيرها وأحيانا يدخل العنصر السياسي بشكل واضح لخلق مجتمع سياسي لحزب ما على حساب المدينة".

الشيخ مرتضى معاش؛ باحث في الفكر الإسلامي المعاصر:

"ان أزمة السكن هي ليست أزمة حالية بل هي ازمة عشوائية السكن التي هي مشكلة تاريخية مركبة من عدة عقود بسبب التكدس والتراكم في الأزمات وتأخر العراق في الانفتاح على الزمن المعاصر وعدم الدخول التدريجي في عصر الحداثة بسبب الانقلاب العسكري الذي حصل في سنة 1958، وفي العصر الملكي بدأ الدخول في الحداثة والتطور العمراني المرتب المنظم ولكن بعد الانقلاب العسكري وصعود الشعبوية الشمولية في الأنظمة الحاكمة وتوزيع الأراضي بعشوائية أدت إلى هذه الأزمة الكبيرة المركبة، خاصة مع حلول للمشاكل بطريقة ترقيعية مما أدى إلى تفاقمها.

والعشوائية في السكن هي من مظاهر الشعبوية العالمية مثل ما حصل في أمريكا اللاتينية وخصوصا البرازيل. ومن أسباب ظهور العشوائيات هي احتكار الدولة للملكية وخصوصا الدولة البيروقراطية الجامدة المتخلفة وهذا يؤدي إلى ان الناس يبحثون عن حلول عشوائية، اما في العصر الحديث فهو ظهور الاقطاعيات المقننة التي لها نفوذ داخل الدولة حيث قامت بالاستيلاء على أملاك الدولة وتوزيعها وتفتيتها بحسب سلطتها وقدرتها وبطريقة المحاصصة وهذا الذي زاد المشكلة تعقيداً وأدت إلى توالد مشاكل أخرى.

وان احد أسباب عشوائية السكن هو ضعف الاقتصاد وهشاشة القطاع الخاص وغياب الاستثمار السليم في عملية البناء الحقيقي للاقتصاد، حيث يذهب الاستثمار للمضاربة بالعقارات وليس للاستثمار الحقيقي للقطاع الخاص وتشغيل اليد العاملة، ومن المشاكل أيضا هو غياب الذوق العمراني.

أما بالنسبة للحلول فتكمن في القضاء على العشوائية وتمكين اللامركزية وبالنتيجة وقف أيادي الدولة في التحكم من إدارة الناس في شؤونهم، وهذه المركزية هي التي تمنع الناس من التقدم والعمل السليم، لذلك فإن اللامركزية تساعد على الاستثمار والتمدد الأفقي وعدم التكدس وتوزيع القدرات والاستثمارات على كل البلاد، ولابد من إيقاف التكدس المركزي في العاصمة بغداد أو حتى نقلها ونقل الكثير من الاستثمارات الى المحافظات الأخرى وخصوصا الجنوبية فيرجع الناس لمدنهم ويكونون قادرين على العمل فيها، وهذا من الحلول الإستراتيجية التي يمكن ان تخفف العبء عن العاصمة وتنعش المحافظات المهملة والتي تشهد نزوحا سكانيا عنها.

وكذلك بناء المدن الجديدة المتكاملة الذكية بحيث تكون متفوقة على المدن التقليدية من ناحية البيئة والطرق والحياة المرفهة".

الدكتور رياض المسعودي؛ عضو البرلمان العراقي السابق:

قضية السكن فيها شقين، السكن والإسكان وهناك فرق بينهما، المشكلة في العراق مشكلة مركبة مشكلة في السكن أو الإسكان بالتالي هذه قضية كبيرة جدا وهناك ملاحظة دائما ما نسمعها لكن لم تحن الفرصة في التعليق عليها قضية الكلام على الأحزاب بالجانب الحقيقي المشكلة هي في طبقة وإفراد فاسدين موجودين في كل دول العالم في البشرية تعمل في ظل عنوان يتخذ من حزب أو من رجل الدين أو من رجل العشيرة أو من عنوان القوة غطاء لممارسة أعماله الدنيئة، القضية لا تخص أي حزب ولا أي دولة بل أشخاص عبارة عن آفات مجتمعية تتخذ غطاء مرة عشائري، والجميع يعلم عندما طالب السيد الحلبوسي في استضافة وزير الداخلية مع ان القضية طبيعية جدا وحق برلماني لاحظنا حضور بعض العشائر لمساندة الوزير مع أن القضية جدا بسيطة وبعد انتهاء العيد لم يحضر وزير الداخلية أي انحسمت عشائريا وبدأت هذه المشكلة تظهر وهي غياب الهوية وغياب النظام السياسي، أيضا -وعلى سبيل المثال- شركة بولسيرفس البولندية أتت للعراق في عام 1967 لاعداد دراسة عن بغداد لغاية عام 2000 كلفتهم الحكومة بإعداد هذه الدراسة لمدة 30 عام مخطط أساس وكل التفاصيل عنها، ان الغريب العجيب هو ان هذه الشركة عندما جاءت طالبت بقضيتين أساسيتين الأولى هي (تعداد سكاني) لأنها وحسب قولها لا تستطيع ان تقوم بالدراسة بدون تعداد السكان وهي شركة ليست وزارة ولا حكومة ولا شراكة ولا هي شركة جاءت عبر بوابة منظمة دولية، عندما جاءت هذه الشركة بطلب من الحكومة العراقية طلبوا إجراء تعداد والحكومة بهذه المكانة في تلك الحقبة اضطرت إلى تعداد سكاني في عام 1970 ظاهرة غريبة لأن التهداد يجري كل عشرة سنوات عام 47و57وصولا لعام 1997، فقد كان تعداد عام 1970 بناء على طلب الشركة، وتم إجراء التعداد على مستوى الدولة وليس على مستوى بغداد.

أما على مستوى الأسرة فلدينا ثلاثة أشكال من الاسر، أسرة نووية والثانية ممتدة والثالثة مركبة أي نحن الان لا نعرف نوعية الأسر الموجودة في العراق إذن فقدنا ركن أساسي جدا في عملية بناء سياسة الإسكان، النقطة الأساسية والمهمة انه الوحدات السكنية في العراق مقدارها مجهول وانه بحدود 380000 وحدة سكنية في العراق هي ليست ملكا لعائلة بل شخص واحد يمتلك عدة وحدات 3 أو 6 أو 8 أو لكنها محسوبة وحدة سكنية لعائلة، وهنا حدثت إشكالية لأننا لا نعرف تقدير الحاجةالفعلية للسكن. كانت الحاجة مليونين وأكثر في عام 2012 وحدة سكنية ولكنها مبنية على معايير وحدة سكنية مثالية وهذا يقودنا لسؤال أخر، هل ان معيار الوحدة السكنية المثالي أو الوظيفي؟ ويوجد فرق بينهما، الـ(هيبيتاد) وهي منظمة دولية تعنى بشؤون المستوطنات والمستقرات البشرية تقدر حجم الوحدة السكنية للفرد بمقدار 91 م ونحن لا يوجد لدينا الان أسرة كاملة تسكن ب 50 أو 60 م للفرد الواحد تسميه المنظمة بالمثالية أما في العراق فلا يتوفر مقدار واحد أو اثنين، كلف الوحدة السكنية هي النقطة الأساسية، كلفة الوحدة السكنية الوظيفية عادة ما يكون منخفض وكلف الوحدات السكنية المثالية يكون مرتفع إذن هل نحن نبحث عن وحدة سكنية وظيفية أم مثالية؟ الوحدة المثالية تكون مكلفة أما الوظيفية عادة تكون منخفضة.

عرضت إحدى الشركات الإندونيسية بواسطة السفير الاندنوسي مشروع لبناء 3 مليون وحدة سكنية بكلف 35 إلف دولار للوحدة السكنية الواحدة وهذا الموضوع لم يناقش أبدا، والغريب هو ان هذه الشركة الإندونيسية الان تشيد في البحرين وفي بريطانيا وفي نيجيريا.

رئيس الكونغو"والكلام للدكتور رياض" قد افتتح قرية وقبل ان يقص الشريط سألهم عن القرية الزراعية ووفرة المياه بها لسد الحاجة وفترة نفادها فأجابوه من 5 إلى 10 سنوات وبذلك ترك القرية الزراعية ولم يقم بالافتتاح وقال ان هذه القرية بعد 10 سنوات ستصبح عالة على الحكومة ومبدأ الاستدامة غير متوفر يمثل هكذا مشاريع.

وتقدر العشوائيات في العراق ب 4000 وفي حكومة حيدر العبادي لغاية نهاية شهر 12 في عام 2016 أصبحت تقدر 520 إلف وحدة سكنية عشوائية والتقطوها بالصورة الفضائية لكي لا يضيف احد وحدات سكنية جديدة هل تم السؤال عن القيمة للمالية لـ 250 إلف.

أما الجانب الآخر فهو توزيع القطع السكنية والقروض التي لدينا ليست كالقروض التي في السعودية –على سبيل المثال- فيكون قيمة القرض فيها يغطي تمام المشروع وما هو الفرق بين قرض تمام المشروع وقرض يسد 60% أو 70% الفرق انك تبقى 20 سنة تدفع 20% من راتبك الشهري وهذا يعادل دفع بدل الإيجار للوحدة السكنية و20 سنة ليست كمدة 5 سنوات حتى يستعيد المواطن عافيته المالية بل، 20 سنة وعندما تسحب قرض سيغطي 60% وستبقى 40% من أين سيأتي المواطن بالمبلغ المتبقي؟ هذا أيضا تحميل إضافي في عنق صاحب السكن والقروض هي مشكلة بالأساس والشروط الموضوعة يجب ان تكون لديك قطعة ارض غير مبنية وباسمك".

وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الأستاذ صلاح الجشعمي، بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.

..........................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2023
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق