جاءت الفورة الدبلوماسية في الآونة الأخيرة بعد توصل إيران والقوى العالمية لاتفاق نووي وتضمنت عقد اجتماعات على مستوى عال بين الدول المعنية بالصراع السوري وروسيا في المقدمة، لكن على الرغم من ذلك كشف فشل الدبلوماسية الانقسامات الدائمة بشأن الأسد.
إذ يرى بعض المحللين ان راهن الأسد على أن يعتبره الغرب شريكا في الحرب ضد تنظيم داعش، ولكن على الرغم من أن الأولوية الآن في السياسة الأمريكية تجاه سوريا هي محاربة تنظيم داعش وليس الإطاحة بالأسد إلا أن واشنطن ملتزمة بموقفها بأن الأسد جزء من المشكلة،
في حين يرفض خصوم الاسد -ومنهم السعودية- التعاون مع دمشق خوفا من ان يضفي ذلك شرعية على حكمه ويقول الغرب ودول خليجية عربية انه جزء من المشكلة لا الحل وعليه الرحيل، وفشلت اتصالات دبلوماسية مكثفة في الآونة الاخيرة في تحقيق انفراجة بشأن نقاط الخلاف الرئيسية في الصراع.
بينما يرى محللون ان الدعم الدائم من لدن ايران وروسيا لبشار الاسد يعطي للصراع في سوريا نوعا من توازن القوى، وينبع دعم موسكو وطهران للأسد من حقيقة أنهما لا يريان بديلا عنه لمن يمكن أن يكون ضامنا لمصالحهما، ورغم أن الأسد يسيطر على خمس أو أقل من الأراضي السورية إلا أنهما ما زالا يعتبرانه حجر زاوية لما تبقى من الدولة بما في ذلك الجيش وقوات الأمن التي يعتقد كثير من الخبراء في الشأن السوري انهما سيتفككان بمجرد رحيله.
وتضغط سوريا من أجل ضم الحكومة السورية للجهود الدولية لمحاربة تنظيم داعش، والسعودية واحدة من الدول التي ترفض هذه الفكرة.
من جانب آخر يرى بعض المراقبين انه على الرغم اصرار أمريكا وحلفائها على ضرورة رحيل الأسد إلا أن المسؤولين الأمريكيين لا يحددون متى أو كيف، ويترك ذلك الباب مفتوحا أمام إمكانية بدء فترة انتقالية يستمر الأسد في السلطة خلالها وهي نقطة يستحيل تقريبا أن يقبلها مقاتلو المعارضة. وعلى أي حال رفضت روسيا فكرة أي تفاوض مسبق عن رحيل الأسد.
لذا يرى الكثير من المحللين انه على الرغم من مقاطعة الدول الغربية والعربية له بعد رهانها على رحيله السريع وسقوط نظامه، يحظى الاسد في المرحلة الراهنة بفرص البقاء كرئيس لسوريا بدرجة أكبر من أي وقت مضى، منذ بدء الصراع السوري قبل خمس سنوات.
انقسامات دائمة بشأن الأسد
في الوقت الذي هيمنت فيها أخبار السوريين الفارين من بلادهم على نشرات الأخبار خلال فصل الصيف الحالي لم تحقق مساع دبلوماسية أخرى تهدف لإنهاء الصراع المستمر منذ أربعة أعوام نجاحا، وعزز الفشل الكبير غير الملحوظ وجهة نظر خبراء في الشأن السوري يعتقدون انه لا حل يلوح في الأفق مع وجود واحدة من أكبر العقبات التي لا يمكن على ما يبدو تجاوزها وتتعلق بمستقبل الرئيس السوري بشار الأسد.
ونتيجة لذلك يبدو أن سوريا تتجه بشكل أكبر صوب الانقسام إلى مجموعة من الأراضي بينها دمشق مركز الحكومة حيث يبدو الأسد واثقا من البقاء بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، رغم أن بعض المسؤولين الغربيين يقولون إن حلفاء الأسد يدركون الآن إنه لا يمكن الانتصار أو تحقيق الاستقرار في سوريا إلا أن موسكو تعتزم دعمه بشكل أقوى من أي وقت مضى.
وكرر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في الآونة الأخيرة موقف روسيا بأن الأسد رئيس شرعي وانتقد الموقف الأمريكي قائلا إنه "غير مثمر" وشبه موقف الغرب تجاه سوريا بفشله في العراق وليبيا، وروسيا مستمرة في الوقت ذاته في دعم الأسد بالأسلحة.
وقال مسؤول عسكري سوري لرويترز إنه كان هناك في الآونة الأخيرة "نقلة كبيرة" في الدعم العسكري الروسي بما في ذلك أسلحة جديدة وتدريب، وأضاف المسؤول السوري "علاقتنا تتطور دائما ولكن في هذه الأيام حدثت نقلة نوعية. نصفها بالعربية نقلة نوعية وهو ما يعني كبيرة"، ويصعب التحقق من هذه التأكيدات ولكن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أبدى قلقه إزاء تقارير بزيادة التدخل الروسي في مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الروسي يوم السبت. ونقلت صحيفة ذا نيويورك تايمز عن محللين مخابراتيين أمريكيين قولهم إن روسيا أرسلت فريقا عسكريا متقدما إلى سوريا.
وقال دبلوماسي يتابع الصراع إن ما يعكس المأزق بشأن وضع الأسد أن بعض الأفكار التي تطرح على المائدة من أجل احراز تقدم في العملية السياسية تتجنب مسألة مستقبل الأسد.
إلا أن هذه ما زالت أكبر عقبة أمام احراز تقدم دبلوماسي فيما يتعلق بالحرب التي تتجلى تداعياتها بشكل لم يسبق له مثيل في أوروبا التي تواجه أزمة هجرة أججها المهاجرون السوريون، وتمثل أيضا تعقيدا كبيرا لجهود محاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي استغل الصراع الذي أسفر عن مقتل ربع مليون شخص في سوريا وشرد 11 مليون آخرين.
ورغم حملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلا أن التنظيم الجهادي ما زال يسيطر على مساحات كبيرة في سوريا ويعتزم مواصلة التقدم تجاه مدن كبيرة واقعة تحت سيطرة الأسد في الغرب كما أنه له وجود بالفعل في أحياء جنوبية بدمشق.
وقال أندرو تابلر المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد واشنطن "لا أرى تغييرا كبيرا من الإيرانيين والروس. هناك أقاويل بأنهم ملوا ولكن موقفهم ثابت، "يعتقدون أن الرحيل الفوري للأسد سيؤدي إلى انهيار النظام. وترى واشنطن أيضا أن أي انهيار سريع للنظام سيكون بمثابة هدية لتنظيم الدولة الإسلامية. هم في مأزق: إذا رحل الأسد على الفور فسيساعد ذلك تنظيم الدولة الإسلامية ولكن إذا لم يرحل على الإطلاق فلن يكون هناك أمل في جمع شتات سوريا ثانية"، وتابع "الفورة الدبلوماسية في الآونة الأخيرة تأتي لأن الجميع يشعر بالقلق وهم محقون في ذلك. لكن النتائج سيئة بشكل ملحوظ. يبدو أنهم يدعمون المواقف السياسية السابقة في المنطقة عندما يتعلق الأمر بسوريا".
ولم يبد الأسد (49 عاما) الذي تولى السلطة قبل 15 عاما بعد وفاة والده حافظ الأسد رغبة في التفاوض رغم خسارته المزيد من الأراضي لمقاتلي المعارضة هذا العام واعترافه بأن الجيش السوري يعاني نقصا في الأفراد.
وسمح الدعم العسكري من حلفاء في طهران وموسكو للأسد باستيعاب تقدم المسلحين الذين رغم أنهم مزودون بمعدات أفضل من ذي قبل إلا أنهم ما زالوا عاجزين أمام الضربات الجوية للحكومة السورية.
وقال بشار الزعبي قائد إحدى جماعات المعارضة التي تقاتل الأسد في جنوب سوريا لرويترز عبر تطبيق واتس آب من سوريا إنه حتى الآن ليس هناك حل سياسي حقيقي بسبب الدعم غير المحدود من روسيا وإيران.
وقلل الأسد الذي يصف كل الجماعات التي تقاتله بالإرهابية من إمكانية احراز تقدم سياسي وشيك. وفي مقابلة في الآونة الأخيرة قال إن الحرب ستقترب من نهايتها فقط عندما تتوقف الدول التي تتآمر على سوريا عن القيام بذلك في إشارة إلى السعودية وتركيا.
والزيارات بشكل ثابت التي يقوم بها مسؤولون إيرانيون لدمشق تسلط الضوء على دعم طهران لحليف يؤمن مصالحها في بلاد الشام بالتحالف مع حزب الله اللبناني الذي يقاتل إلى جانب قوات الأسد في سوريا.
وقال مصدر دبلوماسي روسي كبير "ما يقترحه شركاؤنا من تغيير النظام في دمشق أمر غير مشروع. يقولون فقط إنه يجب أن يرحل الأسد - وماذا بعد ذلك. لا أعتقد أن لديهم أي فكرة"، وتابع "لم يكن هناك إرهابيون في العراق ونفس الأمر في ليبيا. والآن الدولة الليبية تنهار والإرهابيون يتحركون هناك"، وقدم المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا مايكل راتني وجهة نظر مغايرة بعد زيارته لموسكو في 28 اغسطس آب.
وقال بيان أمريكي "نحن ندرك أن استمرار الأسد يؤجج التطرف ويوزيد التوترات في المنطقة. ومن ثم فان الانتقال السياسي ليس ضروريا للشعب السوري فقط وانما أيضا جزء مهم من القتال للتغلب على المتطرفين".
وفي أقرب تعليقات خلال أسابيع توضح ما يمكن أن تعتبره موسكو مقبولا لاحراز تقدم فيما يتعلق بالتعامل مع الأسد قالت روسيا يوم الجمعة إن الرئيس السوري مستعد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة يقتسم من خلالها السلطة مع معارضة معتدلة.
ودعا ستافان دي ميستورا وسط الأمم المتحدة لدى سوريا الأطراف المتحاربة إلى المشاركة في مجموعات عمل بقيادة الأمم المتحدة للتعامل مع الأمور بما في ذلك القضايا السياسية والدستورية وقضايا الجيش والأمن، وقال دبلوماسي غربي يتابع الصراع إن خطة دي ميستورا ستكون "بطيئة للغاية، "في الوقت الحالي لا أحد يتحدث عن رحيله (الأسد) أو بقائه... السوريون يحبون ذلك... دمشق هادئة".
الأسد مستعد لاقتسام السلطة مع المعارضة
من جانبه قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الرئيس السوري بشار الأسد مستعد لاجراء انتخابات برلمانية مبكرة ولاقتسام السلطة مع معارضة بناءة، وروسيا وايران هما الحليفتان الدوليتان الرئيسيتان للاسد في الحرب التي تعصف بسوريا منذ أربع سنوات ونصف وقتل خلالها ربع مليون شخص. بحسب رويترز.
وأوضحت موسكو انها لا تريد أن يترك الاسد السلطة وبعد ان سيطر تنظيم الدولة الاسلامية المتشدد على مناطق كبيرة من سوريا والعراق دعت الولايات المتحدة والسعودية للعمل مع دمشق لمحاربة العدو المشترك.
وقال الرئيس الروسي على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك بأقصى شرق روسيا "نريد فعلا ايجاد نوع من التحالف الدولي لمكافحة الارهاب والتطرف"، وأضاف بوتين انه تحدث مع الرئيس الامريكي بشأن هذا الامر وقال "لهذا الغرض نجري مشاورات مع شركائنا الامريكيين.. تحدثت شخصيا بشأن هذه المسألة مع الرئيس الامريكي اوباما"، وقال "نحن نعمل مع شركائنا في سوريا. وبشكل عام هناك تفاهم بأن توحيد الجهود في محاربة الارهاب يجب ان يسير بالتوازي مع نوع من العملية السياسية في سوريا نفسها"، واستطرد "والرئيس السوري يتفق مع هذا وصولا الى اجراء انتخابات مبكرة لنقل انها برلمانية واجراء اتصالات مع ما يسمى المعارضة الصحية واشراكهم في الحكومة".
وقال بوتين "من المستحيل اليوم ان تنظم عملا مشتركا في ساحة المعارك مع كل هذه الدول المهتمة بمحاربة الارهاب ولا غنى عن اقامة على الاقل نوع من التنسيق بينها"، وأضاف ان رؤساء هيئات اركان القوات المسلحة للدول "القريبة" من الصراع قاموا بزيارة موسكو مؤخرا لمناقشة هذا الامر. ولم يذكر تفاصيل.
وقال بوتين إن على الغرب الا يلوم الا نفسه في أزمة المهاجرين التي شهدت فرار مئات الآلاف من الشرق الأوسط عن طريق البحر المتوسط وطرق برية بمنطقة البلقان فلقي كثيرون حتفهم خلال محاولة الوصول الى الاتحاد الأوروبي، وأضاف "بطبيعة الحال أولا وقبل كل شيء هذه هي سياسة شركائنا الأمريكيين. أوروبا تنفذ هذه السياسة دون تفكير بموجب ما يسمى التزامات الحلفاء ثم اكتوت بنارها".
بريطانيا في سوريا
على صعيد آخر اقتربت بريطانيا بشكل أكبر من القيام بعمل عسكري في سوريا في الوقت الذي قال فيه وزير كبير إنه لابد من معالجة أزمة المهاجرين في أوروبا في منبعها وقالت صحيفة إنه قد يتم إجراء تصويت في البرلمان في الشهر المقبل بشأن قصف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وقال وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن إنه يتعين على بريطانيا وأوروبا إيجاد وسيلة لمعالجة الصراع في سوريا بالإضافة إلى منح اللجوء للفارين بشكل حقيقي من الاضطهاد، وأردف قائلا في مقابلة مع رويترز على هامش اجتماع لوزراء مالية مجموعة العشرين في تركيا "لابد من مواجهة المشكلة في المنبع وهي نظام الأسد الشرير وإرهابيو داعش ولابد من خطة شاملة لسوريا أكثر استقرارا وأكثر سلاما. بحسب رويترز.
"إنه تحد ضخم بالطبع.. لكن لا يمكن ترك تلك الأزمة تستفحل. علينا أن ننخرط في مواجهة ذلك"، وقالت صحيفة صنداي تايمز إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يريد إجراء تصويت في البرلمان في أول أكتوبر تشرين الأول لتمهيد الطريق أمام توجيه ضربات جوية لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين كبار إنه يسعى أيضا لشن هجوم عسكري ومخابراتي ضد مهربي البشر"، وقالت صحيفة لوموند الفرنسية في وقت سابق يوم السبت إن فرنسا تفكر في شن غارات جوية على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا لتنضم بذلك إلى تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة.
وقال كاميرون إن بريطانيا ستستقبل"آلافا آخرين" من اللاجئين السوريين . ويواجه كاميرون ضغوطا للقيام بمزيد من الخطوات ردا على أزمة المهاجرين في أوروبا، وقالت صنداي تايمز إن كاميرون مستعد لقبول 15 ألف لاجيء من مخيمات واقعة قرب سوريا، وتتعرض حكومته لضغوط كي تفعل المزيد لمعالجة هذه الأزمة في أعقاب نشر صور لجثة طفل سوري يرقد ميتا على شاطىء تركي وهو ما أدى إلى تحريك مشاعر الناس.
وقال أوزبورون إن الحكومة البريطانية ستعلن مزيدا من التفاصيل عن خطتها هذا الأسبوع، وأضاف "نعم لا بد أن نمنح اللجوء لأولئك الفارين فعلا من الاضطهاد. دول مثل بريطانيا فعلت ذلك دائما. نحن من بين مؤسسي نظام اللجوء. سنقبل آلافا اخرين (من المهاجرين) كما قال رئيس الوزراء"، ومضى قائلا "لكن عليك في نفس الوقت التأكد من أنك تقدم المساعدات لمخيمات اللاجئين على الحدود... وأننا نفعل ما يلحق الهزيمة بتلك العصابات الإجرامية التي تتاجر بالبؤس الإنساني وتعرض ارواح الناس للخطر وتقتل الناس، وقال أوزبورن ان حل أزمة المهاجرين يعني أيضا مواجهة حكومة الرئيس بشار الأسد "الشريرة" في سوريا وتنظيم الدولة الإسلامية.
وأشار كاميرون إلى أنه يود أن يطلب من البرلمان البريطاني التصويت على الانضمام إلى الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا بعد رفض النواب الضربات العسكرية في سوريا في 2013.
ولكن كاميرون قال إنه لن يمضي قدما في إجراء تصويت جديد في البرلمان إلا إذا كان هناك "إجماع حقيقي" في بريطانيا على قصف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وفسرت بعض وسائل الإعلام البريطانية هذا التصريح على أنه علامة على قلق كاميرون من أن حزب العمال المعارض لن يؤيد مثل هذه الخطوة إذا فاز في سباق زعامة الحزب جيريمي كوربين اليساري والمرشح الأوفر حظا للفوز وأحد المنتقدين بشدة لدور بريطانيا في الحرب في العراق.
من جهتها نددت وزارة الخارجية السورية "بالتدخل" البريطاني في شؤون سوريا بعد تصريحات وزير بريطاني رفيع بأن بلاده تقترب بشكل أكبر من القيام بعمل عسكري في البلد الذي تمزقه الحرب، وقالت وكالة الأنباء السورية إن وزارة الخارجية أرسلت خطابين إلى مسؤولي الأمم المتحدة تعترض فيهما على "المواقف السافرة" التي يتخذها المسؤولون البريطانيون واتهمت بريطانيا وفرنسا بتبني سياسات "استعمارية".
أمريكا وروسيا
الى ذلك قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن وزير الخارجية جون كيري عبر اثناء اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف يوم السبت عن قلق الولايات المتحدة من تقارير عن زيادة الوجود العسكري الروسي في سوريا، واضافت الوزارة "أوضح الوزير أنه إذا كانت هذه التقارير صحيحة فإن هذه الأعمال قد تؤدي إلى تصعيد الصراع وإزهاق المزيد من أرواح الأبرياء وتزيد من تدفق اللاجئين وتخاطر بحدوث مواجهة مع التحالف المناهض لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يعمل في سوريا". بحسب رويترز.
وتابعت الوزارة ان كيري ولافروف اتفقا على أن المناقشات بشأن الصراع في سوريا ستستمر في نيويورك حيث تعقد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من الشهر الحالي، ونسبت تقارير متعددة لوسائل اعلام الي مسؤولين امريكيين وصفهم زيادة في القوات الروسية في سوريا في توسيع للدعم العسكري الروسي للرئيس السوري بشار الاسد وسط الحرب الاهلية التي تعصف بالبلاد.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين بإدارة اوباما لم تذكر اسماءهم ان روسيا ارسلت فريقا عسكريا الي سوريا ووحدات اسكان سابقة التجهيز تكفي لايواء مئات الاشخاص الي مطار سوري وسلمت محطة متنقلة للمراقبة الجوية هناك.
واضافت الصحيفة ان مسؤولين امريكيين قالوا ان الاسكان المؤقت يشير الي ان روسيا قد تنشر ما يصل الي ألف مستشار عسكري او عسكريين اخرين في المطار الذي يخدم اللاذقية المدينة الساحلية الرئيسة في سوريا، وقالت الصحيفة إن المسؤولين لا يرون مؤشرات على أن روسيا تعتزم نشر قوات برية بأعداد كبيرة لكن ربما تجهز المطار ليكون قاعدة لنقل امدادات عسكرية أو نقطة انطلاق لضربات جوية دعما للأسد.
وذكرت صحيفة لوس انجليس تايمز أن المخابرات الأمريكية جمعت أدلة من صور التقطتها أقمار تجسس تشير إلى مركز تجمع عسكري محتمل، وقال لافروف الشهر الماضي انه ينبغي للولايات المتحدة ان تتعاون مع الاسد -وهو حليف لموسكو منذ وقت طويل- لقتال متشددي تنظيم الدولة الاسلامية الذين سيطروا على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، والولايات المتحدة على خلاف مع روسيا بشان الحرب الاهلية في سوريا حيث تساند موسكو الاسد في حين تريد واشنطن انتقالا سياسيا لإنهاء حكمه.
وقال مصدر أمني أمريكي لرويترز إن هناك مؤشرات الي تحرك روسي لتدخل أبعد من الدعم السخي الذي قدمته موسكو على مدى السنوات القليلة الماضية لكن المصدر لم يذكر تفاصيل، وأضاف المصدر إن الولايات المتحدة ستراقب الوضع لترى ما إذا كان أي تزايد للوجود العسكري الروسي في سوريا سيستخدم لصد تنظيم الدولة الإسلامية أم لدعم الأسد.
من يدير الصراع في سوريا؟
من جهتهم قال محققون في جرائم الحرب يتبعون الأمم المتحدة إن السوريين محاصرون بين قصف الحكومة للمناطق المدنية وجماعات إسلامية لا ترحم في صراع تديره على نحو متزايد قوى خارجية ويتسم "بانتشار التطرف". بحسب رويترز.
وأضاف المحققون أن تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مناطق واسعة من محافظات بشمال وشرق سوريا امتد إلى وسط البلاد وجنوبها ليبث الرعب ويرتكب جرائم ضد الإنسانية، ويستند أحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة لتوثيق أعمال القتل والاغتصاب والخطف التي ارتكبتها كل الأطراف في سوريا بين شهري يناير كانون الثاني ويوليو تموز إلى 355 مقابلة بالإضافة إلى صور فوتوغرافية وأخرى التقطتها الأقمار الصناعية وسجلات طبية، وقالت لجنة التحقيق التابعة للمنظمة الدولية ويقودها باولو بينيرو "يتردد صدى صرخة من أجل السلام والمحاسبة"، وأضاف التقرير دون أن يذكر أسماء "أن قوى دولية وإقليمية تدير الحرب على نحو متزايد خاصة وفقا لما يتماشى مع مصالحها الجغرافية الاستراتيجية".
ويحارب الجيش السوري وجماعة حزب الله اللبنانية مقاتلي المعارضة وتحظى دمشق بدعم مالي وعسكري من إيران. وتلقي سوريا باللوم في تقدم مقاتلي المعارضة ببعض المناطق في الآونة الأخيرة على دعم تقدمه لهم تركيا وقطر والسعودية، وقال التقرير "أسفر التنافس بين القوى الإقليمية على النفوذ... عن تفاقم يبعث على القلق للبعد الطائفي بعد تدخل مقاتلين أجانب ورجال دين متشددين".
وتابع أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد تواصل قصف المناطق السكنية في حلب ودير الزور وإدلب ودمشق ودرعا جوا "مما أدى إلى خسائر مدنية واسعة النطاق". وأضاف أن طائرات هليكوبتر سورية أسقطت براميل متفجرة ودعا إلى وقف استخدام الأسلحة غير المشروعة، وقال التقرير "يواصل المحققون التحري عن مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية في شكل غاز الكلور و/أو غاز الفوسجين في سرمين وسراقب وقميناس وبنش وبلدات وقرى أخرى في إدلب في مارس وابريل" في إشارة إلى مزاعم إسقاط براميل متفجرة تحتوي على غاز سام في المحافظة الواقعة بشمال غرب سوريا.
وقال المحققون الذين أجروا مقابلات مع 600 سجين سابق منذ 2011 "كلهم تقريبا ضحايا تعذيب أو شهود عليه. حضر الكثير منهم وفاة سجناء.
"الحكومة مسؤولة عن وفاة المعتقلين على نطاق واسع"، وأضاف أن تنظيم الدولة الإسلامية كثف هجماته على محافظتي حمص والحسكة. وتابع أن مقاتلي التنظيم هاجموا مجتمعات كردية وكان أعنف هجوم لهم في مدينة عين العرب (كوباني) في يونيو حزيران إذ يقدر أنه أسفر عن مقتل 250 مدنيا.
وتابع "ارتكب تنظيم الدولة الإسلامية القتل والتعذيب والاغتصاب والعبودية الجنسية والعنف الجنسي والتهجير القسري وغير ذلك من التصرفات غير الإنسانية في إطار هجوم واسع النطاق على السكان المدنيين وصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية".
وتعتبر هذه التصرفات أيضا جرائم حرب علاوة على استغلال التنظيم للأطفال في القتال والهجوم على أهداف ثقافية تحظى بالحماية، وقادت جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا مكاسب مقاتلي المعارضة في إدلب "وفرضت أيديولوجيتها المتشددة".
وقال التقرير "مازالت اللجنة تحقق في تقارير عن قيام مقاتلي الدولة الإسلامية بإلقاء مثليين جنسيا من فوق مبان عالية وقيام جبهة النصرة بقطع رؤوسهم"، وأشار التقرير إلى أن ضربة جوية بقيادة الولايات المتحدة على منطقة بير محلي في حلب في ابريل نيسان أسفرت عن سقوط 60 قتيلا على الأقل من المدنيين فيما أسفرت ضربة على منطقة دالي حسن في حلب في يونيو حزيران عن مقتل أسرة تضم خمسة أطفال، ولم يتضح الهدف العسكري من الهجومين.
اضف تعليق