بينما تسارع الحكومات الأجنبية لإجلاء رعاياها من السودان، يقول من لا يملكون مكانا آخر للفرار إليه إنهم يشعرون بأن العالم تخلى عنهم. ومنذ اندلاع الاشتباكات، فر عشرات الآلاف من الناس إلى تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان. ومع مغادرة المدنيين للخرطوم في سيارات وحافلات، صارت شوارع العاصمة شبه خاوية...
قال مسؤولون إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة تضع خططا لاستقبال مئات الآلاف من الذين يتدفقون عبر الحدود السودانية هربا من العنف، وأضافوا أن الكثيرين منهم اضطروا للعودة إلى بلدان كانوا قد فروا منها في الماضي. وقال مسؤولو المفوضية في مؤتمر صحفي في جنيف إنهم يتأهبون لفرار 270 ألف شخص عبر حدود السودان.
وبينما تسارع الحكومات الأجنبية لإجلاء رعاياها من السودان، يقول من لا يملكون مكانا آخر للفرار إليه إنهم يشعرون بأن العالم تخلى عنهم.
وقالت وزارة الداخلية السودانية إن قوات الدعم السريع اقتحمت خمسة سجون بينها سجن كوبر في العاصمة الخرطوم حيث كان يجري احتجاز الرئيس السابق عمر البشير ومسؤولين كبار آخرين. وأن قوات الدعم السريع أطلقت سراح جميع النزلاء.
وأدى الصراع إلى تحول مناطق سكنية إلى ساحات حرب. وتسببت الضربات الجوية والقصف المدفعي في مقتل 459 شخصا على الأقل وإصابة ما يزيد على أربعة آلاف آخرين وتدمير مستشفيات والحد من توزيع المواد الغذائية في بلد يعتمد ثلث سكانه البالغ عددهم 46 مليون نسمة بالفعل على المساعدات.
وأثار نزوح موظفي السفارات ومنظمات الإغاثة من السودان مخاوف من تعرض المدنيين غير القادرين على مغادرة البلاد لخطر أكبر إذا انهارت الهدنة الهشة ومدتها ثلاثة أيام.
وأصابت الاشتباكات المستشفيات ومرافق أساسية أخرى بالشلل، وأجبرت العديد من الأشخاص على البقاء في منازلهم في ظل نقص إمدادات الغذاء والمياه.
ومع انتشار الجثث في الشوارع، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنها لم تتمكن من إدخال إمدادات جديدة ولا مزيد من أطقمها إلى السودان.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن نقص الغذاء والماء والدواء والوقود أصبح شديدا للغاية مع ارتفاع أسعار السلع. وأضاف المكتب أنه اضطر لتقليص أنشطته لأسباب تتعلق بالسلامة.
وتوقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن يفر مئات الآلاف إلى البلدان المجاورة.
لماذا يتخلى عنا العالم؟
وبينما تسارع الحكومات الأجنبية لإجلاء رعاياها من السودان، يقول من لا يملكون مكانا آخر للفرار إليه إنهم يشعرون بأن العالم تخلى عنهم.
وتساءلت سمية ياسين (27 عاما) "لماذا يتخلى عنا العالم وقت الحرب؟" واتهمت القوى الأجنبية بالأنانية.
ومنذ اندلاع الاشتباكات، فر عشرات الآلاف من الناس إلى تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
ومع مغادرة المدنيين للخرطوم في سيارات وحافلات، صارت شوارع العاصمة شبه خاوية وانحسرت فيها مظاهر الحياة اليومية العادية مع بقاء الموجودين في المدينة داخل منازلهم بينما يتجول المسلحون في الخارج.
وقالت الصحفية الفرنسية أوجستين باسيلي في مكالمة هاتفية أثناء محاولتها عبور الحدود إلى مصر "لم يتبق شيء في المتاجر، لا مياه ولا طعام. وبدأ الناس يخرجون مسلحين بالفؤوس والعصي".
وقال مسؤولون إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة تضع خططا لاستقبال مئات الآلاف من الذين يتدفقون عبر الحدود السودانية هربا من العنف، وأضافوا أن الكثيرين منهم اضطروا للعودة إلى بلدان كانوا قد فروا منها في الماضي.
وقال مسؤولو المفوضية في مؤتمر صحفي في جنيف إنهم يتأهبون لفرار 270 ألف شخص عبر حدود السودان، وهو رقم متوقع أولي يشمل اللاجئين السودانيين الذين يعبرون إلى جنوب السودان وتشاد وكذلك عودة من كانوا قد نزحوا من جنوب السودان إلى ديارهم.
ولا يغطي هذا التقدير حتى الآن سوى اثنتين من الدول السبع المجاورة للسودان إذ لم يتم بعد إتمام التقديرات المتعلقة بالعدد المتوقع للنازحين إلى مصر وإريتريا وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا.
يستضيف السودان ما يربو على مليون لاجئ، كثيرون منهم فروا من صراعات في بلدان مجاورة مثل جنوب السودان. وفضلا عن ذلك، تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عمليات النزوح الداخلي في السودان شملت 3.7 مليون آخرين.
وقالت ماري هيلين فيرني ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنوب السودان إن المفوضية تخطط لاستقبال 125 ألفا من العائدين لديارهم، الذين يقيمون مؤقتا في السودان، ولعبور نحو 45 ألف لاجئ سوداني جديد إلى جنوب السودان.
وأضافت "نعلم أن عمليات العودة ستتم أولا، ومعظمهم من الخرطوم. ومن المرجح أن يكون تدفق اللاجئين بعد ذلك". ويقول مسؤولون في جنوب السودان إن عشرة آلاف لاجئ وصلوا إلى جنوب السودان بالفعل خلال الأيام الماضية.
وقالت المفوضية إنها تتوقع عودة الكثيرين إلى مناطق من جنوب السودان "شديدة الهشاشة نتيجة الصراع أو تغير المناخ أو انعدام الأمن الغذائي، أو مزيج من الثلاثة".
وقالت لورا لو كاسترو ممثلة المفوضية في تشاد، التي تفقدت منطقة الحدود الأسبوع الماضي، إن المفوضية تخطط لاستقبال 100 ألف لاجئ من السودان على أسوأ التقديرات، مضيفة أن نحو 20 ألفا وصلوا بالفعل.
وقالت عبر دائرة تلفزيونية من نجامينا "إنه حقا سباق مع الزمن لأن الناس بالفعل في أمس الحاجة إلى (المساعدات)".
وذكرت المفوضية أن لديها تقارير عن بدء وصول بعض النازحين إلى مصر، لكن لا توجد بعد أرقام دقيقة.
ودفع القتال الدامي المستمر منذ أكثر من أسبوع بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية عددا من الحكومات إلى إجلاء مواطنيها جوا وبحرا وبرا.
وفي الخرطوم، قال رجل عرف نفسه باسم أحمد إن المدنيين قد يدفعون ثمنا باهظا في بلد يبلغ عدد سكانه 46 مليونا ويمتلك تاريخا طويلا من الحروب الأهلية الدموية.
وقال بينما كان يقف أمام أشخاص يستقلون حافلة تغادر الخرطوم "يخشى الشعب السوداني من احتمال وجود ممارسات غير أخلاقية في الحرب ضد المدنيين واستخدام المدنيين كدروع بشرية".
وأضاف "هذه مخاوفنا بعد إجلاء الأجانب".
وقالت ألمانيا وفرنسا إن كلا منهما أجلت أكثر من 500 من الأجانب بينما بدأت بريطانيا عملية كبيرة لإجلاء مواطنيها.
وامتدت موجة العنف إلى الأجانب أنفسهم إذ تعرضت بعض السفارات لهجمات وجرى إطلاق النار على موكب دبلوماسي أمريكي وأصيب جندي فرنسي خلال مهمة إجلاء وقتل مساعد الملحق الإداري في السفارة المصرية بالخرطوم بينما كان يقود سيارته في طريقه إلى السفارة.
الأمم المتحدة لن تترك السودان
تدفق عشرات الآلاف من السودان إلى مصر وتشاد وجنوب السودان. لكن بالنسبة للأشخاص العاديين، فإن تكلفة خروجهم من البلاد ستكون باهظة.
وقال رجل في الخرطوم عرف نفسه باسم كرم بينما كان ينتظر بالقرب من محطة للحافلات إن أجرة الحافلة إلى مصر ارتفعت ستة أمثال تقريبا إلى نحو 340 دولارا مضيفا "الأجرة تتغير كل يوم وتزيد".
وأنشأت مجموعات ومواقع إلكترونية وتطبيقات لتوفير المساعدة الطبية والإمدادات الأساسية.
ولقي خمسة من عمال الإغاثة حتفهم على الأقل منذ بدء القتال، وعلقت المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأغذية العالمي عملهما بعد سقوط موظفين لهما في السودان، مما يمثل ضربة لثلث السودانيين الذين كانوا يعتمدون على المساعدات قبل بدء القتال.
ووصل مئات الدبلوماسيين وعمال الإغاثة إلى بورتسودان على البحر الأحمر بعد رحلة برية استغرقت 35 ساعة من الخرطوم.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه سمح بنقل بعض موظفي المنظمة الدولية من أماكنهم مؤقتا.
وكتب على تويتر يقول "دعني أكون واضحا: الأمم المتحدة لن تترك(السودان). سنواصل القيام بعملنا داخل البلاد وخارجها".
الفرار من السجون
من جهتها قالت وزارة الداخلية السودانية إن قوات الدعم السريع اقتحمت خمسة سجون بينها سجن كوبر في العاصمة الخرطوم حيث كان يجري احتجاز الرئيس السابق عمر البشير ومسؤولين كبار آخرين.
وأوضح البيان أن اقتحام كوبر تسبب في مقتل وجرح عدد من منسوبي إدارة السجون وأن قوات الدعم السريع أطلقت سراح جميع النزلاء.
وذكر البيان أن الاقتحامات جرت في الفترة من 21 إلى 24 أبريل نيسان.
وقال الجيش السوداني يوم الأربعاء إن البشير لا يزال في مستشفى عسكري تحت حراسة الشرطة القضائية.
وقال الوزير السابق أحمد هارون المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور إنه سُمح له ولمسؤولين آخرين بمغادرة سجن كوبر.
وعقب أنباء عن عمليات هروب من السجن في الأيام القليلة الماضية، قال هارون إن الأوضاع في سجن كوبر تدهورت بشدة. وقال متظاهر كان مسجونا هناك في تسجيل صوتي نُشر يوم الأحد إن السجناء أُطلق سراحهم بعد أسبوع دون ماء ولا غذاء.
وخدم هارون والمسؤولون الآخرون الذين غادروا السجن تحت قيادة الرئيس السابق عمر البشير الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1989 وأطيح به في انتفاضة شعبية عام 2019. واتهمت المحكمة الجنائية الدولية هارون بتنظيم ميليشيات لمهاجمة المدنيين في إبادة جماعية في دارفور عامي 2003 و2004. ولم يتضح مكان البشير حتى الآن.
رحلة طويلة للهروب من الحرب
وسط ظلام الليل، كان عشرات المدنيين يغادرون السفينة التي أقلتهم من السودان الى مدينة جدة الساحلية في السعودية، وقد بدوا منهكين... وروى بعضهم لوكالة فرانس برس لحظات القلق والتوتر والمخاطر التي مرّوا بها في رحلة إجلائهم من البلاد التي اشتعلت فجأة بحرب دامية قبل أكثر من عشرة أيام.
في قاعدة الملك فيصل على البحر الأحمر، رست السفينة التابعة لسلاح البحرية السعودي ليل الاثنين الثلاثاء. بين الخارجين منها، نساء مسنات على كراس متحركة، وأطفال نائمون على أذرع والديهم، وأشخاص حملوا حقائب ممتلئة بما قرّروا أخذه معهم عندما قرّروا الهروب من المعارك والضربات الجويّة وتضاؤل المواد الغذائية والتموينية والسيولة.
وبلغ عدد الواصلين حوالى مئتين، في ثاني رحلة من نوعها خلال الأيام الأخيرة، ينتمون الى 14 دولة.
وقال اللبناني سهيب عائشة الذي يدير مصنع بلاستيك في السودان منذ أكثر من عشر سنوات، "الحمدلله ربّ العالمين، خرجنا سالمين بعد أن قطعنا طريقًا طويلًا من الخرطوم إلى مدينة بورتسودان استغرق قرابة 10 أو 11 ساعة".
وروى سهيب وهو يحمل طفلته، لوكالة فرانس برس، أن رحلة السفينة "من بورتسودان إلى جدّة استغرقت بحدود العشرين ساعة".
وقالت امرأة لبنانية رفضت الكشف عن اسمها، "كان هناك الكثير من اللحظات الصعبة، شعرنا خلالها بالخوف والتوتر والقلق". وأضافت "لم نكن ننام ولا نأكل ولا نشرب. لقد عشنا أيامًا صعبة".
وعبّر الأشخاص الذين وصلوا إلى الأراضي السعودية الاثنين عن ارتياحهم لخروجهم من السودان حيث أعلنت لجنة الأطباء أن المعارك تسبّبت في "انهيار كامل وشامل لنظام الرعاية الصحية" في البلاد، وأدت الى امتلاء "المشارح والشوارع بالجثث".
وقال السعودي فهد السهيل الذي كان يرتدي الزي التقليدي بعد نزوله من السفينة، "بدأت حرب طاحنة قوية في الحقيقة. انتقلنا من الخرطوم إلى سنجة وفي طريقنا كانت هناك مناوشات وإطلاق نار لكننا سلكنا طريقًا صحراويًا إلى كسلا ثم إلى بورتسوادان".
وأعلنت السعودية إنجاز أول عملية إجلاء لمدنيين من السودان إلى جدّة السبت شملت أكثر من 150 شخصًا بينهم دبلوماسيون أجانب ومسؤولون.
ونقلت طائرة عسكرية نحو 30 شخصًا من رعايا كوريا الجنوبية، بينهم طفل وراهبة إلى قاعدة الملك عبدالله الجوية في جدّة.
وأفادت وزارة الخارجية السعودية في بيان أن إجمالي من تم إجلاؤهم من السودان إلى المملكة بلغ 356 شخصًا هم 101 سعودي و255 أجنبيًا من 26 بلدًا.
وبثّت وسائل الإعلام السعودية الرسمية تغطية مباشرة وشاملة لعمليات الإجلاء، كما نشرت بيانات شكر من الدول التي أُجلي مواطنوها في هذه العمليات.
وبثّت قناة "الإخبارية" الحكومية مشاهد تُظهر السفينة وهي تقترب من ميناء جدّة في وقت متأخر من ليل الاثنين في حين كان ركاب يلوّحون بأيديهم ويبتسمون وآخرون يصوّرون مشهد الوصول بهواتفهم.
وبدا عناصر من القوات المسلحة السعودية يساعدون رجلًا مسنًا في النزول من السفينة وسط زغاريد وتصفيق حار، فيما كان آخرون يقدّمون الأعلام السعودية والورود للركاب.
ورأى الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام عمر كريم أن عمليات الإجلاء "تُظهر بالطبع حرص السعودية على تقديم نفسها كلاعب مركزي في حالات الأزمات الإقليمية والاستفادة من النفوذ الذي تتمتع به لدى طرفَيّ هذا النزاع".
إلا أن المسؤولين السعوديين يواجهون ضغوطًا للقيام بأكثر من مجرّد تسهيل عمليات الإجلاء، نظرًا إلى علاقاتهم الوثيقة بالجنرالين اللذين تتقاتل قواتهما في الخرطوم.
وقال المحلل آلان بوسويل لدى مجموعة الأزمات الدولية لفرانس برس "السعودية لاعب أساسي في دبلوماسية وقف إطلاق النار في السودان".
واعتبر أن "الحكومات الإفريقية وتلك الغربية تتطلّع إلى الرياض للمساعدة في إقناع الجيش السوداني بإعطاء فرصة للمحادثات".
السفير السويسري ورحلة الفرار الصعبة
بدوره روى السفير السويسري في السودان رحلة الفرار الصعبة من البلاد ضمن مهمة إجلاء جرت بمساعدة فرنسية وكيف كانت الضربات الجوية تتسبب في اهتزاز حافلة إجلاء تقل دبلوماسيين إلى قاعدة عسكرية.
وأغلقت سويسرا بالفعل سفارتها في الخرطوم وأجلت كل الموظفين السويسريين وعائلاتهم خلال الأيام القليلة الماضية وسط المواجهات التي تسببت في مقتل المئات منذ 15 أبريل نيسان.
وقال السفير كريستيان وينتر للصحفيين خلال مؤتمر على مدرج الطائرات أمام طائرة الجيش السويسري التي أقلته من جيبوتي إلى أرض الوطن "كانت عملية الإجلاء صعبة للغاية لأن القتال استمر حتى خلال العملية".
وتابع "سمعنا أصوات إطلاق النار وحتى الطائرات التي قصفت بعض الأحياء القريبة من المكان الذي كنا نمر فيه. لقد سمعناها وحتى الحافلة كانت تهتز. وهو ما يعني أنها كانت قريبة وخطيرة".
وقال وينتر إنه لم يتم إجلاء موظفي السفارة المحليين مع الموظفين السويسريين.
واستطرد "ما يثير قلقنا هو ما يحدث لزملائنا المحليين".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية إنه على عكس ما حدث في أفغانستان التي أجلت سويسرا منها 230 أفغانيا في المجمل عام 2021، فإن معايير إجلاء الموظفين المحليين لا تنطبق على السودان. وأضاف أن بيرن تواصل تقديم الدعم لهم.
وجرى نقل فريق وينتر إلى السفارة الفرنسية في الخرطوم، ثم استقل حافلات برفقة عناصر من قوات الدعم السريع إلى قاعدة عسكرية خارج العاصمة. ووصلوا إلى بيرن في ساعة مبكرة من صباح يوم الثلاثاء.
وقال السفير إنه اضطر للابتعاد عن الطريق ليحتمي من تبادل إطلاق النار عندما اندلع القتال لأول مرة قبل عشرة أيام. وخلال الأيام التالية، أصيب مقر إقامته بالخرطوم بنيران القصف المتبادل التي أخطأت النوافذ ببضعة سنتيمترات.
وذكرت وزارة الخارجية السويسرية أنه تم إجلاء سبعة موظفين وخمسة مرافقين.
وقال وزير الخارجية السويسري خلال المؤتمر الصحفي ذاته إن بلاده تترقب الفرص لإجلاء بعض مواطنيها المتبقين في السودان والبالغ عددهم مئة، لكنه أقر بأنه قد يكون من غير الممكن إخراج من يحملون أيضا الجنسية السودانية.
وتابع الوزير "الأمر ليس سهلا جدا لأنه لا يُسمح لحاملي الجنسية المزدوجة بمغادرة البلاد بسبب جنسيتهم السودانية، وسنرى ما سيحدث".
وقال السفير إن نحو 30 شخصا، من أصل 100 سويسري ما زالوا في السودان، عبروا عن رغبتهم في المغادرة.
رحلة عائلة من السودان إلى مصر
كانت روان الوليد تتوقع أن تسافر جوا من الخرطوم إلى القاهرة الأسبوع الماضي لحضور حفل زفاف، لكن الحال انتهى بها في رحلة برية من السودان إلى مصر على متن حافلة استأجرتها عائلتها للهرب من الحرب.
غادرت عائلة روان بعد أن أصاب صاروخ منزلها في حي العمارات بالخرطوم في 18 أبريل نيسان، مما أدى لتدمير المرحاض، وسط احتدام القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وشأنهم شأن غيرهم من السودانيين الذين يمكنهم تحمل التكلفة، دفعوا أربعة ملايين جنيه سوداني (6750 دولارا) لاستئجار حافلة لنقل نحو 50 فردا من أفراد العائلة الكبيرة لمسافة نحو 1000 كيلومتر شمالا وسط الأراضي السودانية وعبر الحدود إلى مدينة أسوان المصرية.
وقالت روان، البالغة من العمر 24 عاما وتعمل في مجال التسويق الرقمي، إن القتال كان كثيفا بينما كانت الحافلة تتجه جنوبا للخروج من الخرطوم على طريق اعتاد الكثيرون على استخدامه للفرار من المدينة، قبل أن تعاود الاتجاه إلى الشمال.
وصل أفراد العائلة إلى نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع وسُمح لهم بالمرور.
قالت روان "لا يزال الأمر مخيفا للغاية لأنك لا تشعر بالأمان. كان طريقا طويلا جدا. كانت معي جدتي، وهي كبيرة جدا في السن، وكان هذا مرهقا للغاية بالنسبة لها".
وكانت الحافلة من بين أولى حافلات السودانيين الذين شردهم القتال التي تصل إلى الحدود المصرية يوم الجمعة. وقالت روان إن حرس الحدود تحلوا بالمرونة، إذ سمحوا بالعبور لأشخاص أوشكت صلاحية جوازات سفرهم على الانتهاء وحتى بعض الشبان الذين تزيد أعمارهم قليلا عن 16 عاما، رغم أن القواعد الأمنية تنص على ضرورة حصول الذكور البالغين على تأشيرة لدخول مصر.
واستقلوا القطار من أسوان إلى القاهرة، ليستكملوا رحلة استغرقت 72 ساعة.
تشعر روان بالارتياح لابتعادها عن القتال، لكنها تركت وراءها أصدقاء وأقارب من بينهم شقيقها الشاب، إذ كانت الأسرة تخشى ألا تتمكن من استخراج تأشيرة دخول في الوقت المناسب.
وقالت في مقابلة أجريت معها في مجمع سكني تقيم به في الجيزة "لم نكن نعرف إن كان سيتمكن من عبور الحدود".
ولأن شبكات الإنترنت والهواتف أصبح لا يمكن التعويل عليها بشكل متزايد، تضطر أحيانا للاتصال بالجيران للاطمئنان على شقيقها. وقالت روان "إنه بمفرده، بلا كهرباء ولا ماء ولا طعام. لا نعرف ماذا يحدث له".
وأدى القتال الدائر في الخرطوم إلى محاصرة الكثيرين داخل منازلهم أو أحيائهم، ودمر معظم المستشفيات أو أغلقها، وأدى لانقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة، وتسبب في غياب القانون وانتشار السلب والنهب في بعض المناطق.
وتدوي أصوات الضربات الجوية والقصف المدفعي في أنحاء الخرطوم ليلا ونهارا.
وقالت روان "لقد كان هذا مخيفا جدا بالنسبة لنا وللناس في السودان. الأطفال يشعرون بالخوف... نعم نجوت، لكنني ما زلت قلقة على الذين تركتهم ورائي. الوضع كارثي للغاية".
وقالت روان "أردنا حكما مدنيا". وأضافت "نحن أبرياء. دُمرت منازلنا بينما يتقاتل رئيس المجلس العسكري مع نائبه ولا علاقة لنا بهذا".
ويقيم في مصر ما يقدر بنحو أربعة ملايين سوداني، وحتى قبل القتال كان المزيد من السودانيين يتجهون شمالا هربا من الركود الاقتصادي في بلادهم.
وعندما وصلت عائلة روان إلى القاهرة سمعوا أطفالا يطلقون مفرقعات نارية احتفالا بعيد الفطر.
وقالت روان "هذا جزء من الصدمة التي نعيشها. أي صوت للألعاب النارية يخيفنا".
الدول التي اجلت مواطنيها من السودان
دفع الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع الدول الأجنبية إلى المسارعة بإجلاء دبلوماسييها ورعاياها.
وأجلت عدة دول رعاياها جوا بينما توجه آخرون إلى بورتسودان على البحر الأحمر على بعد 800 كيلومتر تقريبا من الخرطوم برا.
وفيما يلي بعض الدول التي تقوم بعمليات إجلاء من السودان:
- ألمانيا
نقلت مهمة إجلاء ألمانية 500 شخص في المجمل من أكثر من 30 دولة إلى بر الأمان حتى صباح يوم الثلاثاء، ومن بينهم مواطنون بلجيكيون وبريطانيون وهولنديون وأردنيون وأمريكيون بالإضافة إلى الألمان.
وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك إن الجهود جارية لإجلاء من تبقى من الألمان لكنها لم تحدد عددهم.
- فرنسا
أبلغ الرئيس إيمانويل ماكرون حكومته بأن البلاد أجلت أكثر من 500 شخص من السودان، من بينهم أكثر من 200 مواطن فرنسي بالإضافة إلى مواطنيين أمريكيين وبريطانيين وآخرين. وقال إن أحد رجال الكوماندوز الفرنسيين أصيب في تبادل لإطلاق النار أثناء الإجلاء لكن حالته مستقرة.
وقال مصدران دبلوماسيان إن باريس أرسلت أيضا سفينة حربية إلى بورتسودان للمساعدة في نقل من تم إجلاؤهم.
- إيطاليا
أجلت طائرات عسكرية إيطالية أقلعت من جيبوتي 83 إيطاليا و13 آخرين، من بينهم أطفال والسفير الإيطالي، الليلة الماضية.
وقال وزير الخارجية أنطونيو تاياني إن بعض الإيطاليين العاملين في المنظمات غير الحكومية وحملات التبشير قرروا البقاء في السودان بينما نُقل 19 آخرون إلى مصر قبل يومين.
- بريطانيا
قالت بريطانيا إنها بدأت عملية إجلاء "واسعة النطاق" لمواطنيها يوم الثلاثاء وستعطي الأولوية للعائلات التي لديها أطفال وكبار السن والمرضى. وقال وزير الخارجية جيمس كليفرلي إن بريطانيا تعمل بشكل وثيق مع شركائها الدوليين.
وتقدر الحكومة أن هناك نحو أربعة آلاف بريطاني في السودان. وأجلت دبلوماسييها وعائلاتهم يوم السبت.
- هولندا
قال وزير الخارجية فوبكه هوكسترا إنه تم إجلاء نحو 100 هولندي من السودان منذ يوم الأحد.
وغادر نصف العدد إلى الأردن على متن أربع رحلات إجلاء هولندية نقلت أيضا حوالي 70 شخصا من 14 دولة أخرى.
وتسعى الدولة إلى إجلاء حوالي 150 مواطنا هولنديا في المجمل. وعززت الجهود الدولية بطائرتين عسكريتين، متاحتين أيضا للجنسيات الأخرى.
- الولايات المتحدة
أجلت القوات الأمريكية دبلوماسيين أمريكيين وبعض الدبلوماسيين الأجانب يوم السبت.
وقالت واشنطن يوم الاثنين إن عشرات الأمريكيين يسافرون برا في قافلة تقودها الأمم المتحدة إلى بورتسودان، وإن عشرات آخرين عبّروا عن رغبتهم في المغادرة. وقالت إنها تنشر عتادا بحريا للمساعدة في عمليات الإجلاء إذا لزم الأمر.
- روسيا
لم تعلن روسيا بعد عن أي إجلاء لأعضاء سفارتها أو رعاياها من الخرطوم. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الروس في السودان على اتصال وثيق مع موسكو. وأضاف "التعاون والمشاورات يجريان على مدار الساعة، وهناك احتمالات مختلفة قيد البحث. في الوقت الحالي، لم يُتخذ أي قرار".
- اليابان
قال رئيس الوزراء فوميو كيشيدا إنه تم إجلاء جميع اليابانيين الذين كانوا يرغبون في المغادرة.
وذكر أن 45 غادروا مساء يوم الاثنين على متن طائرة عسكرية يابانية، وغادر ثمانية آخرون بمساعدة فرنسا وجماعات أخرى.
- قبرص
قالت قبرص يوم الثلاثاء إنها فعّلت آلية إنقاذ إنسانية للسماح لدول ثالثة باستخدام منشآتها لإجلاء المواطنين الأجانب من السودان.
- الصين
قالت وزارة الخارجية الصينية إن معظم الصينيين تم إجلاؤهم بأمان في مجموعات إلى الدول المجاورة.
- أوكرانيا
قالت إنها أنقذت 87 من مواطنيها، معظمهم من الطيارين وفنيي الطائرات وعائلاتهم، من أصل 138 مدنيا في المجمل، من بينهم مواطنون من جورجيا وبيرو.
- جنوب أفريقيا
قالت إنها تتوقع مغادرة آخر 12 من مواطنيها الذين تعلم أنهم موجودون في السودان يوم الثلاثاء.
اضف تعليق