اعلان موسكو عن الهدنة أثار شكوكا في أوكرانيا. وكتب مستشار الرئاسة الأوكرانية ينبغي لروسيا أن تغادر الأراضي المحتلة، فعندها فقط تقام هدنة موقتة. نفاقُكم لا يسري علينا. قال بايدن إنّ بوتين يسعى من خلال هذه الهدنة إلى متنفّس. وقال بريطانيا وقف إطلاق النار هذا لن يخدم آفاق السلام...
أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس بوقفٍ لإطلاق النار في أوكرانيا لمدة 36 ساعة مع احتفال المسيحيين الأرثوذكس بعيد الميلاد، بعد مناشدة من رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وهي خطوة سبق أن رفضتها أوكرانيا ووصفتها بأنها فخ.
ويحتفل كثير من المسيحيين الأرثوذكس، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في روسيا وأوكرانيا، بعيد الميلاد في السادس والسابع من يناير كانون الثاني.
ودعا بطريرك موسكو البطريرك كيريل في وقت سابق يوم الخميس طرفي الحرب في أوكرانيا لإعلان هدنة في عيد الميلاد.
وجاء في الأمر الصادر عن بوتين “بالنظر لدعوة قداسة البطريرك كيريل، وجهتُ وزير دفاع روسيا الاتحادية لوقف إطلاق النار على طول خطوط التماس في أوكرانيا من الساعة 1200 يوم السادس من يناير 2023 إلى الساعة 2400 من السابع من يناير 2023″.
وأضاف بوتين “وانطلاقا من حقيقة أن عددا كبيرا من معتنقي المذهب الأرثوذكسي يعيشون في مناطق القتال، فإننا ندعو الجانب الأوكراني إلى إعلان وقف لإطلاق النار والسماح لهم بحضور الصلوات في ليلة عيد الميلاد، وكذلك في يوم عيد الميلاد”.
ورفضت أوكرانيا في وقت سابق دعوة كيريل، إلا أنه لم يصدر عنها حتى الآن أي رد فعل على إعلان بوتين وقف إطلاق النار.
ووصف ميخايلو بودولياك المستشار البارز للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بأنها “بوق دعاية للحرب” وبأنها حرضت على “القتل الجماعي” للأوكرانيين وعسكرة روسيا.
وأضاف “بيان الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بشأن ‘هدنة عيد الميلاد‘ فخ وأحد أدوات الدعاية”.
وبدأ الجمعة سريان وقف إطلاق نار أعلنته روسيا من جانب واحد بمناسبة عيد الميلاد الأرثوذكسي إثر نداء من بطريرك الأرثوذكس الروسي كيريل فضلا عن اقتراح من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لكن بعيد دخول اطلاق النار حيز التنفيذ أفاد مراسل وكالة فرانس برس ان القصف متواصل في باخموت في منطقة دونيتسك.
من جهتها، أفادت السلطات الانفصالية في شرق أوكرانيا، كما نقلت عنها وكالات الانباء الروسية، عن قصف على مواقعها في دونيتسك نفذه الجيش الأوكراني قبل 15 دقيقة من بدء سريان وقف إطلاق النار نظريا.
اذا تم الالتزام بوقف اطلاق النار، فانه سيكون أول هدنة واسعة النطاق في اوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في شباط/فبراير. وكان تم وقف المعارك احيانا لفترات وجيزة في السابق في بعض المناطق، لاجلاء المدنيين على سبيل المثال من مصنع أزوفستال في ماريوبول (جنوب شرق) في نيسان/ابريل.
لكن اوكرانيا اعتبرت هذه المبادرة "ضربا دعائيا". وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن قرار بوتين يشكل "حجّة هدفها وقف تقدّم جنودنا في دونباس وتوفير العتاد والذخائر وتقريب جنود من مواقعنا (..) ما الحصيلة؟ مزيد من القتلى".
وكان بوتين دعا القوات الأوكرانية إلى التقيّد بهذه الهدنة كي تتيح لأتباع الطائفة الأرثوذكسية، كبرى الديانات في كل من أوكرانيا وروسيا على السواء، "حضور قداديس ليلة الميلاد ويوم ولادة المسيح".
وفي رسالة بثت بعد دقائق على بدء وقف إطلاق النار المعلن، أفاد نائب رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية كيريلو تيموشنكو عن قصف روسي على خيرسون (جنوب) أوقع ضحايا. لكنه لم يوضح موعد حصول هذه الضربة.
هدنة ام متنفس
وكان اعلان موسكو عن الهدنة الخميس أثار شكوكا في أوكرانيا. وكتب مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيلو بودولياك في تغريدة على تويتر "ينبغي لروسيا أن تغادر الأراضي المحتلة، فعندها فقط تقام +هدنة موقتة+. نفاقُكم لا يسري علينا".
في واشنطن قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنّ بوتين يسعى من خلال هذه الهدنة إلى "متنفّس".
واستهزأ بايدن بنظيره الروسي قائلاً إنّ بوتين "كان مستعدّا لقصف مستشفيات وروضات وكنائس... في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر وليلة رأس السنة".
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إن وقف إطلاق النار هذا "لن يخدم آفاق السلام" مطالبا بانسحاب نهائي للقوات الروسية.
واعتبرت الخارجية الألمانية من جهتها أن وقف إطلاق النار الروسي لن يجلب "لا الحرية ولا الأمان للأشخاص الذين يعيشون في خوف كلّ يوم تحت الاحتلال الروسي".
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعا بوتين خلال اتصال هاتفي إلى "وقف إطلاق نار أحادي الجانب" في أوكرانيا بهدف دعم "الدعوات إلى السلام والمفاوضات بين موسكو وكييف".
وردّ بوتين بأنّ روسيا منفتحة على "حوار جاد" مع أوكرانيا شرط أن تقبل السلطات الأوكرانية "الوقائع الجديدة على الأرض" عقب الهجوم الروسي في شباط/فبراير الماضي.
وأعلنت روسيا في أيلول/سبتمبر ضمّ أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها جزئيا أو بالكامل، على غرار ما فعلت مع شبه جزيرة القرم التي ضمتها في آذار/مارس 2014.
ويصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على انسحاب كامل للقوات الروسية من بلده بما يشمل القرم قبل أي حوار مع موسكو. وفي حال لم يحصل ذلك، تعهد زيلينسكي استعادة الأراضي الأوكرانية المحتلة بالقوة.
وندّد بوتين مرة أخرى خلال محادثاته مع إردوغان بـ"الدور المدمّر للدول الغربية" في النزاع، من خلال مدّ كييف بالأسلحة التي تشكل عنصرا أساسيا في حربها ضد موسكو.
واتهم الرئيس الروسي الدول الغربية "بتقديم أسلحة ومعدات عسكرية لنظام كييف وتزويده بمعلومات وأهداف عملياتية".
وأتى إعلان الهدنة من جانب روسيا بعد أقل من أسبوع على ضربة نفّذها الجيش الأوكراني ليلة رأس السنة أدت إلى مقتل 89 عسكريا روسيا على الأقل في ماكيفكا في شرق أوكرانيا.
وفي خطوة نادرة، اعترف الجيش الروسي بحدوث القصف الدامي الذي أثار انتقادات في روسيا للقيادة العسكرية.
الهدنة الروسية مجرد خدعة
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الهدنة التي أمرت بها روسيا للسماح للمسيحيين الأرثوذكس بالاحتفال بعيد الميلاد مجرد خدعة هدفها وقف تقدم أوكرانيا في منطقة دونباس الشرقية وجلب المزيد من الرجال والمعدات.
وأضاف زيلينسكي في خطابه الليلي المصور، متحدثا بالروسية وموجها حديثه إلى الكرملين والروس، أن موسكو تجاهلت مرارا خطة السلام الأوكرانية، وأن الحرب ستنتهي عندما تغادر قواتها بلاده أو تُطرد منها.
وتابع “إنهم يريدون الآن استخدام عيد الميلاد غطاء، وإن كان لفترة وجيزة، لوقف تقدم أبنائنا في دونباس وجلب المعدات والذخيرة والقوات بالقرب من مواقعنا”.
وأضاف “ماذا سيمنحهم ذلك؟ فقط زيادة أخرى في إجمالي خسائرهم”.
وتحتفل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بعيد الميلاد في السابع من يناير كانون الثاني. وتم الاعتراف باستقلال الكنيسة الأرثوذكسية الرئيسية في أوكرانيا منذ 2019 وترفض أي إشارة إلى الولاء لبطريرك موسكو. وغيَّر عدد كبير من المسيحيين الأوكرانيين موعد الاحتفال بعيد الميلاد إلى 25 ديسمبر كانون الأول كما هو الحال في الغرب.
وقال زيلينسكي إن إنهاء الحرب يعني “إنهاء عدوان بلدكم… إن هذا مستمر في كل يوم يكون فيه جنودكم على أرضنا… وستنتهي الحرب إما عندما يغادر جنودكم أو نطردهم”.
وحث الروس على تحدي تصوير رئيسهم فلاديمير بوتين الحرب على أنها ضرورية لحماية مصالح موسكو من الغرب والقضاء على القوميين.
وتابع زيلينسكي “العالم بأسره يعرف كيف يستغل الكرملين الانقطاعات في الحرب لمواصلتها بقوة جديدة”.
وأضاف “لكن لإنهاء الحرب بشكل أسرع، نحتاج إلى شيء مختلف تماما. نحتاج إلى أن يجد الروس الشجاعة داخلهم، وإن كان ذلك لمدة 36 ساعة، وإن كان ذلك خلال عيد الميلاد، لتحرير أنفسهم من الخوف المخزي من رجل واحد في الكرملين”.
وكرر مسؤول أوكراني كبير رفض كييف لأي اتفاق سلام مع موسكو من شأنه أن يسمح لروسيا بالإبقاء على الأراضي الأوكرانية التي تحتلها القوات الروسية.
وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق يوم الخميس بأن موسكو منفتحة على الحوار بشأن أوكرانيا لكن كييف سيتعين عليها قبول خسارة الأراضي التي تطالب بها روسيا.
وكتب مستشار الرئاسة الأوكراني ميخايلو بودولياك على تويتر “لماذا من المستحيل عقد اتفاق مع الاتحاد الروسي؟” .
وأضاف “الاتحاد الروسي (بوتين) يعرض على أوكرانيا والعالم تحت كلمة” محادثات” الاعتراف “بحقها في الاستيلاء على الأراضي الأجنبية … هذا غير مقبول تماما”.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إن دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف إطلاق النار لمدة 36 ساعة في أوكرانيا “نفاق” وإن الطريق الوحيد لاستعادة السلام هو أن تسحب روسيا قواتها من البلاد.
وقال ميشيل في تغريدة على تويتر “انسحاب القوات الروسية هو الخيار الجاد الوحيد لاستعادة السلام والأمن. الإعلان عن وقف إطلاق النار من جانب واحد زائف وينم عن النفاق مثل عمليات الضم غير القانونية والاستفتاءات المصاحبة لها”.
وغزت روسيا أوكرانيا في فبراير شباط 2022 فيما تسميه موسكو “عملية عسكرية خاصة”. وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف ودمرت مساحات شاسعة من أوكرانيا.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الصعوبات التي يواجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا جعلته يعرض وقف إطلاق النار لمدة 36 ساعة لأنه “يحاول تنفس الصعداء”.
وردا على سؤال بشأن الهدنة المقترحة، قال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض “أنا متردد في الرد على أي شيء يقوله بوتين. أجده أمرا لافتا للانتباه أنه مستعد لقصف المستشفيات ورياض الأطفال والكنائس… يوم الخامس والعشرين وفي رأس السنة الجديدة. أعني أنني أعتقد أنه يحاول تنفس الصعداء”.
واتهم أناتولي أنتونوف سفير روسيا لدى واشنطن الإدارة الأمريكية بعدم الرغبة في أي تسوية سياسية، مضيفا أنه “حتى” وقف إطلاق النار المعلن من جانب واحد يوصف بمحاولة لالتقاط الأنفاس.
وقال أنتونوف في تصريحات نُشرت باللغتين الروسية والإنجليزية بصفحة السفارة الروسية على فيسبوك، “كل هذا يعني أن واشنطن عازمة على قتالنا ‘حتى آخر أوكراني‘، وأن مصير الشعب الأوكراني لا يقلق الأمريكيين على الإطلاق”.
تعبئة جديدة لتغيير مسار الحرب
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا تخطط لاستدعاء مزيد من القوات لشن هجوم كبير جديد، مع أن موسكو تواجه بعض أكبر الانتقادات الداخلية للحرب بسبب هجوم قُتل فيه عشرات المجندين الجدد.
ودأبت كييف لأسابيع على قول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتزم إصدار أمر بإطلاق حملة تجنيد جماعي أخرى وإغلاق الحدود لمنع هروب الرجال من التجنيد.
وقال زيلينسكي في خطابه المسائي المصور يوم الثلاثاء “لا شك لدينا أن قادة روسيا الحاليين سيلقون بكل ما في جعبتهم وبكل من سيمكنهم حشدهم لمحاولة تغيير مسار الحرب وتأخير هزيمتهم على الأقل”.
وأضاف “يجب أن نخرب هذا السيناريو الروسي. نستعد لهذا. يتعين أن يخسر الإرهابيون. يجب أن تفشل أي محاولة لشن هجومهم الجديد”.
وأرجعت وزارة الدفاع الروسية السبب في ضربة صاروخية أوكرانية دامية أسفرت عن مقتل 89 عسكريا إلى استخدام الجنود الروس للهواتف المحمولة بصورة غير قانونية، وهي أكثر الضربات دموية التي أقرت موسكو بأنها نُفذت على قواتها منذ بداية الحرب.
وإذا كانت روسيا تخطط لتعبئة جديدة، فقد تُضعف وفاة عشرات المجندين عشية العام الجديد الروح المعنوية للجنود الروس. وفر مئات آلاف الرجال من روسيا حينما أمر بوتين باستدعاء جميع من هم على قوى الاحتياط في سبتمبر أيلول للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية عقب انتكاسات عسكرية.
وقال بوتين الشهر الماضي إنه لا حاجة لمزيد من التعبئة. ولكن، في إشارة إلى أن الكرملين قد يدرس الآن فكرة التعبئة، أطلقت جماعة وطنية غير معروفة تدعم أرامل الجنود الروس دعوات لبوتين تطلب منه إعلان تعبئة واسعة النطاق لملايين الروس. ولم يعلق الكرملين على ذلك الطلب.
وأوقفت روسيا فعليا كل المعارضة المباشرة للحرب، إذ حظرت قوانين الإعلام الصارمة الانتقاد العلني. ولكنها في المقابل أطلقت العنان للمدونين المؤيدين للحرب، ويتابع مئات الآلاف بعضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتعالت أصوات كثير منهم في انتقاد ما يصفونها بأنها حملة عسكرية فاترة ولا تُقاد بكفاءة، وعبروا عن غضبهم هذا الأسبوع حول الهجوم الذي قتل جنودا روسا كانوا ماكثين في إحدى الكليات المهنية في منطقة دونيتسك عشية العام الجديد.
ووُجهت الانتقادات إلى القادة العسكرين لا إلى بوتين، الذي لم يعلق علنا حتى الآن على الهجوم.
وأنحت وزارة الدفاع الروسية، التي رفعت حصيلة الوفيات الرسمية في الهجوم إلى 89 من 63، باللائمة على الجنود لاستخدامهم للهواتف المحمولة بما يخالف القانون، وهو ما قالت إنه أدى إلى تحديد أوكرانيا موقع القاعدة في ماكيفكا القريبة من دونيتسك العاصمة الإقليمية.
وكتب سيميون بيجوف، وهو مراسل حربي روسي بارز منحه بوتين وسام الشجاعة، على تيليجرام أن قصة الهواتف المحمولة “تبدو محاولة واضحة للتملص من المسؤولية عن الفشل” وأن ثمة طرق أخرى كان بوسع أوكرانيا رصد مكان القاعدة بها.
وقال مدونون آخرون موالون لروسيا إن الهجوم تفاقم بسبب تخزين ذخيرة في الموقع. ولم تؤكد موسكو هذا حتى الآن.
وقال بيجوف إن حصيلة الوفيات ستزداد وأضاف “البيانات المعلنة هي على الأرجح لمن جرى التعرف على هويتهم حتى الآن. قائمة المفقودين أطول من ذلك للأسف”.
وقال روب لي، وهو أحد كبار الزملاء بمجموعة باحثي معهد بحوث السياسات الخارجية، إن موسكو لديها مشكلة في التسكين الآمن للمجندين الجدد قرب خط المواجهة في الشتاء.
وأضاف في تغريدة “من الصعب تسكينهم بسبب الافتقار إلى قيادة الوحدات الصغيرة، وسيؤدون بشكل أسوأ في الصقيع من الجنود المدربين”. وأضاف أن تسكينهم بالقرب من أماكن تخزين الذخيرة “هو فشل قيادي بكل بساطة”.
وقالت أوكرانيا بشكل مبدئي إن مئات الروس قُتلوا في ماكيفكا، وإن عددا ضخما من الجنود الروس قُتل في هجوم مماثل في قاعدة منفصلة في منطقة خيرسون جنوب البلاد في الليلة نفسها، وهو ما لم تؤكده موسكو حتى الآن.
وقال أندري تشيرنياك، المسؤول في قسم الاستخبارات بوزارة الدفاع الأوكرانية، في تعليقات للمنفذ الإعلامي آر.بي.سي-أوكرانيا إن كييف لا تتوقع توقف هجمات روسيا هذا العام على الرغم من الحصيلة البشرية الكثيفة.
وأردف “بحسب تقديرات الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، ربما يخسر الجيش الروسي في الأشهر الأربعة أو الخمسة المقبلة ما قد يصل إلى 70 ألف شخص. وقيادة الدولة المحتلة (روسيا) مستعدة لهذه الخسائر”.
وأضاف أن القادة الروس “يفهمون أنهم سيخسرون لكنهم لا يعتزمون إنهاء الحرب”.
وفي إشارة إلى الغرب بأن روسيا لن تتراجع بشأن أوكرانيا، أرسل بوتين فرقاطة يوم الأربعاء إلى المحيط الأطلسي مسلحة بصواريخ كروز من الجيل الجديد الأسرع من الصوت، التي يمكنها قطع مسافات بسرعة أكبر خمس مرات من سرعة الصوت.
وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، في تحديثها اليومي ليوم الأربعاء، إن روسيا شنت سبع ضربات صاروخية و18 ضربة جوية وأكثر من 85 هجوما باستخدام أنظمة صواريخ متعددة خلال الأربع والعشرين ساعة المنصرمة على البنية التحتية المدنية في ثلاث مدن أوكرانية هي كراماتورسك وزابوريجيا وخيرسون.
وأضافت “ثمة قتلى في صفوف المدنيين”. وتنفي روسيا استهداف المدنيين.
ولم يتسن لرويترز التحقق من تقرير ساحة المعركة من مصادر مستقلة.
وقالت هيئة الأركان العامة أيضا إن القوات الروسية واصلت التركيز على التقدم بالقرب من مدينة باخموت بمنطقة دونيتسك، حيث يُعتقد أن كلا الطرفين فقدا الآلاف من قواتهما خلال أسابيع من الحرب.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين لوكالة إنترفاكس إن بوتين يعتزم التحدث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء. واضطلعت تركيا بدور الوسيط إلى جانب الأمم المتحدة في اتفاق أُبرم العام الماضي يسمح بتصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية.
تشكيك في الاستراتيجية الروسية
وأثارت الضربة التي وقعت بعد منتصف ليلة رأس السنة على مدرسة تم تحويلها إلى ثكنة عسكرية في ماكيفكا غضب القوميين الروس وبعض المشرعين، والذين شككوا في الاستراتيجية العسكرية المستخدمة هناك. وقالت روسيا في وقت سابق إن 63 جنديا روسيا قتلوا.
وقالت وزارة الدفاع إن أربعة صواريخ من قاذفات هيمارس الأمريكية الصنع سقطت على المبنى، مضيفة أنه “نتيجة انفجار الرؤوس الحربية لصواريخ هيمارس انهارت أسقف المبنى”.
وأضافت الوزارة في بيانها على تطبيق تيليجرام أن لجنة تحقق في ملابسات الهجوم.
وأشارت الوزارة إلى أنها شنت ردا على ذلك ضربات جوية على مركز للعتاد بالقرب من محطة سكة حديد دروزكيفكا في دونيتسك، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 200 عسكري أوكراني وتدمير أربع قاذفات هيمارس وأكثر من 800 صاروخ.
وأشارت تقديرات أوكرانيا وبعض المدونين القوميين الروس إلى أن عدد القتلى بالمئات، إلا أن مسؤولين موالين لروسيا يقولون إن هذه التقديرات مبالغ فيها.
وذكرت وكالة ريا نوفوستي للأنباء أن عدة مدن روسية شهدت مسيرات لإحياء ذكرى القتلى، منها سامارا التي ينتمي إليها بعضهم. ووضع المعزون الزهور في وسط سامارا.
وجاءت الضربات الصاروخية على ماكيفكا في الوقت الذي كانت روسيا تشن فيه هجمات ليلية بطائرات مسيرة على كييف ومدن أوكرانية أخرى. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه الليلي أن الهجمات تهدف إلى “إنهاك شعبنا ودفاعاتنا المضادة للطائرات وطاقتنا”.
وقال المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية يوري إهنات للتلفزيون الأوكراني إن 84 طائرة مسيرة أسقطت في هجومين روسيين منذ العام الجديد.
وقال “هناك زيادة في استخدام الطائرات المسيرة في جميع الاتجاهات“، مضيفا أن القوات المسلحة الأوكرانية تنظم مجموعات متنقلة لمطاردتها باستخدام سيارات جيب ومركبات أخرى مزودة بمدافع رشاشة مضادة للطائرات وكشافات.
وقال إيجور جيركين، أحد القادة السابقين للقوات المؤيدة لروسيا في شرق أوكرانيا والذي برز ضمن المدونين العسكريين القوميين الروس، إن عدد الضحايا من القتلى والجرحى يبلغ مئات الأفراد. وقال إن الذخيرة كانت مخزنة في الموقع دون اتباع طريقة التمويه.
وكتب مدون عسكري روسي آخر يدعى أرخانجيل سبيتزناز زد، لديه أكثر من 700 ألف متابع على تيليجرام، “ما حدث في ماكيفكا مروع”.
“من الذي أتى بفكرة وضع أفراد بأعداد كبيرة في مبنى واحد؟ حتى الحمقى يدركون جيدا أنه في حالة تعرض المبنى لهجوم بالمدفعية فسيكون هناك العديد من الجرحى والقتلى”.
وامتد إعلان الغضب إلى المشرعين. ولم يطالب جريجوري كاراسين، عضو مجلس الاتحاد الروسي (الغرفة العليا بالبرلمان الروسي) والنائب السابق لوزير الخارجية، بالانتقام من أوكرانيا وداعميها في حلف شمال الأطلسي فحسب، بل طالب أيضا “بتمحيص داخلي صارم”.
وطالب سيرجي ميرونوف، المشرع والرئيس السابق لمجلس الاتحاد، بمساءلة جنائية للمسؤولين الذين “سمحوا بتكدس جنود في مبنى بلا حماية… ولكل السلطات الأعلى التي لم توفر المستوى المناسب من الأمان”.
ولجأت روسيا إلى توجيه ضربات جوية جماعية ضد المدن الأوكرانية بعد تعرضها لهزائم في ساحة المعركة في النصف الثاني من عام 2022.
وتنفي روسيا استهداف المدنيين فيما تسميها “عملية عسكرية خاصة” بدأت في 24 فبراير شباط، حيث قتل آلاف الأشخاص ونزح الملايين وتحولت مدن إلى أطلال وأعيدت إلى الأذهان انقسامات حقبة الحرب الباردة.
اضف تعليق