الخلاف بين حكومتين (احداهما يعترف بها المجتمع الدولي)، وصراع عنيف للسيطرة على مناطق حيوية وحقول للنفط بين الميليشيات والفصائل المسلحة المنتشرة على طول وعرض ليبيا، وتدخلات إقليمية كبيرة بلا قيود او حدود، هو الحال الذي يصفه المراقبون للمشهد العام في ليبيا، البلد العربي الافريقي الذي طالته موجة الربيع العربي عام 2011، لتسقط حاكمها المستبد (القذافي) الذي حكم البلاد لأربعة عقود من الزمن، ليفتح الباب بعدها على كل الخيارات المستقبلية المحتملة، والتي جمعت بين تقسيم البلاد الى دويلات متناحرة، او تدخلا ثاني لقوات اجنبية (ربما على ارض ليبيا وليس من خلال الضربات الجوية) من اجل إحلال السلام، وصولا الى احتمال ان تمكن التنظيمات الإرهابية من استغلال هذه الظروف الاستثنائية للسيطرة على ليبيا (او جزء منها) وإعلان الخلافة الإسلامية المزعومة، كما حدث في الخطوة التي اقدم عليها تنظيم ما يعرف (الدولة الإسلامية/ داعش)، بعد ان سيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا، مستغلا الوضع الأمني الضعيف والمرتبك، وحذر خبراء ومسؤولون امنيون بارزون، من خطورة الأوضاع الأمنية في ليبيا، وانها ظروف مثالية لتنامي التطرف وقيام الفصائل والجماعات الجهادية، التي قد تتدفق على ليبيا كما فعلت من قبل في العراق وسوريا.
وعدت دول اوربية الامر اشبه بالكابوس الذي ينذر اوربا بأيام صعبة، سيما وان قرب سواحل ليبيا (المطلة على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض) من اوربا يمكن المتطرفين من الوصول الى الغرب عن طريق البحر، وهو سيناريو لا تتمناه هذه الدول حاليا، مع تنامي الهجمات الفردية في الآونة الأخيرة على مواطنين داخل الاتحاد الأوربي من قبل متعاطفين مع تنظيم داعش، ويخوض الجيش النظامي معارك كبيرة لانتزاع السيطرة على ما يعرف بمنطقة الهلال النفطي، التي تعتبر من أغنى مناطق ليبيا النفطية، وهو موقف دعمته دول عربية ساندت الحكومة المعترف بها في قتالها للحكومة الموازية والمدعومة من ميليشيا إسلامية، خصوصا مليشيات فجر ليبيا التي تقود هجوما على المنطقة منذ فتره، وتضم منطقة الهلال النفطي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت (500 كلم شرق العاصمة وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس) تحوي المخزون الأكبر من النفط إضافة إلى مرافئ السدرة وراس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا.
وادى الاقتتال بين الفصائل المتناحرة في شرق وغرب البلاد، الى تدهور انساني وخدمي وامني كبير، فقد قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن القتال في مدينة بنغازي بشرق ليبيا وفي غرب البلاد أدى إلى تشريد عشرات الالاف منذ الصيف وعطل الخدمات الطبية والصحية، وبعد ثلاثة أعوام من سقوط معمر القذافي لا تزال ليبيا تعيش حالة من عدم الاستقرار فيما تتنافس حكومتان على السلطة وتقتتل فصائل مسلحة للسيطرة على الأراضي، وذكر الصليب الأحمر أن الصراع في بنغازي بين الفصائل الإسلامية والقوات التي تحالفت مع حكومة ليبيا المعترف بها دوليا في الشرق أجبر عشرات الالاف على مغادرة المدينة وأدى إلى نزوح المزيد داخليا، وقال أنطوان جراند رئيس وفد الصليب الأحمر لليبيا الذي يتخذ من تونس مقرا له "الخدمات في المستشفيات الرئيسية تعطلت بشكل كبير بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة ورحيل العاملين الأجانب والنقص الحاد في الإمدادات الطبية"، وقال الصليب الاحمر إن الصراع إلى الجنوب والغرب من طرابلس في الشطر الغربي من ليبيا وفي سبها وأوباري في الجنوب يؤدي إلى تشريد السكان، وتسبب الصراع في نقص الوقود والكهرباء والمياه وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتضرر البنية التحتية. وقال الصليب الأحمر إن الوضع الأمني المتدهور يجعل أيضا من الصعب على المنظمات الإنسانية الوصول للضحايا، وسحبت معظم الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية موظفيها ودبلوماسييها من ليبيا خلال الصيف عندما طرد فصيل فجر ليبيا منافسيه من العاصمة وشكل حكومته الخاصة في طرابلس، ويعمل مجلس النواب المنتخب وحكومة الرئيس عبد الله الثني الآن من الغرب، وتعتزم الأمم المتحدة إجراء محادثات لجمع الفصيلين على مائدة مفاوضات. بحسب رويترز.
دولة بحكومتين
في سياق متصل قال عبد الله الثني رئيس الحكومة المعترف بها في ليبيا ان حكومته ستواصل حملة عسكرية لاستعادة العاصمة طرابلس، وليبيا منقسمة بين حكومتين منذ ان سيطرت جماعة مسلحة تطلق على نفسها فجر ليبيا على طرابلس بعد معركة مع جماعة منافسة استمرت شهرا وانشأت برلمانا وحكومة، وأجبر ذلك رئيس الوزراء عبد الله الثني على الانتقال الي شرق ليبيا حيث يوجد ايضا مقر مجلس النواب المنتخب، وأبلغ الثني ان قواته تتقدم صوب طرابلس من الغرب وانها ستسيطر ايضا على المعبر الحدودي الرئيسي مع تونس، وقال الثني "تتحرك القوات نحو طرابلس لتحريرها" زاعما ان قواته استولت على بلدة غربي العاصمة، وشنت قوات الثني المتحالفة مع جنرال سابق ومقاتلين قبليين في الزنتان بالجبال الغربية غارات جوية على طرابلس، وتقول الحكومة المنافسة في طرابلس (التي يتهمها خصومها بانها تعتمد على الإسلاميين) إن مصر ودولة الامارات العربية تساعدان الثني بالضربات الجوية، ونفى الثني هذا، وسئل في مقابلة تلفزيونية عما إذا كانت السعودية ودولة الامارات العربية تعرضان مساعدة انسانية فقال "إخوتنا في المملكة العربية السعودية والامارات وإخوتنا في مصر، الحقيقة على استعداد تام لكل ما تطلبه الحكومة ومجلس النواب"، وقال برنادينو ليون مبعوث الامم المتحدة الخاص الي ليبيا انه يعتزم إطلاق جولة جديدة من محادثات السلام بين اطراف الصراع، واضاف ان المحادثات ستشمل ايضا هذه المرة البرلمان المنافس الذي مقره طرابلس لتوسيع حوار فشل حتى الان في تحقيق تقدم. بحسب رويترز.
فيما أعلن في مدينة درنة بشرق ليبيا تشكيل "مجلس شورى مجاهدي" المدينة، الذي يضم مختلف المقاتلين الإسلاميين، تحسبا لأي هجمات قد يشنها الجيش الليبي وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على هذه المدينة الخارجة عن سلطة الدولة، وقال هذا المجلس في بيان أول حصلت وكالة الأنباء الفرنسية على نسخة منه أن "الجميع شاهدوا ما حل ببنغازي المنكوبة من دمار للمؤسسات وهدم للبيوت وحرق للمساجد والجامعات على أيادي أتباع حفتر الآثمة"، مشيرا إلى أن "أبناء وثوار المدينة تنادوا ووحدوا صفوفهم وشحذوا هممهم وتعاهدوا على دفع العدو إحقاقا للحق ونصرة للمظلومين"، ودعا المجلس في بيانه جميع سكان المدينة إلى الانخراط في الائتلاف، وتوجه إلى الإسلاميين الذين يقاتلون في بنغازي "إننا معكم في حرب المجرم حفتر وجنوده، سترون منا ما تقر به أعينكم وتسر به قلوبكم ولن تؤتوا من قبلنا بإذن الله"، وكان مسلحون إسلاميون نظموا في درنة عرضا عسكريا لآليات ومقاتلين يحملون الرايات السوداء، وذلك تمهيدا لإعلان تشكيل المجلس، وكان إسلاميون متشددون بينهم حركة "أنصار الشريعة"، التي صنفها مجلس الأمن الدولي "إرهابية"، أعلنوا تشكيل "مجلس شورى ثوار بنغازي" للتصدي لقوات حفتر بعدما أطلق الأخير "عملية الكرامة" في 16 أيار/مايو الماضي بهدف "اجتثاث الإرهاب" من ليبيا.
تدخلات اقليمية حتمية
بدورهم قال مسؤولون أمريكيون كبار إن الولايات المتحدة ليس لديها آمال تذكر في محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في ليبيا لأن دولا في الشرق الأوسط تتحدى المطالبات بإنهاء الحرب التي تدور بالوكالة في البلاد، ووجه مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليبيا برناردينو ليون الأسبوع الماضي الدعوة للفصائل الرئيسية للاجتماع لبدء حوار بروح من "الموضوعية والمصالحة" ولكن لم يتم الإعلان عن موعد ومكان اللقاء، وقال مسؤولون أمريكيون إن مصر والإمارات العربية المتحدة وقطر وجميعها دول حليفة للولايات المتحدة تواصل حث الفصائل المحلية على القتال بدلا من المصالحة، وتساءل مسؤول أمريكي رفيع طلب عدم الإفصاح عن اسمه "ما هو الهدف؟ ما هي خطة النجاح هنا؟ يبدو جليا أنه كلما زاد عدد الدول الأجنبية الضالعة في ليبيا زادت حالة عدم الاستقرار"، وتدعم مصر والإمارات العربية المتحدة الحكومة المعترف بها دوليا بقيادة عبد الله الثني التي تعمل في شرق البلاد، ويقول مسؤولون أمريكيون إن قطر تساعد قوات فجر ليبيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس ولكن قطر تنفي ذلك، ويقول محللون أمريكيون إن الحكومة المصرية بشكل خاص قوضت في الأسابيع الماضية المساعي الدبلوماسية من خلال دعمها لحفتر الذي شن سلسلة من الضربات الجوية، وقالوا إن ذلك شجع الثني، وقالت كلوديا جازيني المحللة البارزة في شؤون ليبيا في مجموعة الأزمات الدولية المستقلة إن القوات الشرقية نما لديها اعتقاد مفاجئ فيما يبدو أن بمقدرها استعادة البلاد بأسرها. بحسب رويترز.
وقالت "لا أعتقد أن هذه العقلية ممكنة من دون دعم مصر سرا وعلانية"، وشدد المسؤولون الأمريكيون البارزون على أن الانقسامات القبلية والسياسية العميقة هي المصدر الجوهري للصراع الذي اندلع بعد انتفاضة عام 2011 المدعومة من حلف الأطلسي والتي أنهت حكم معمر القذافي، وجعلت مصر والإمارات العربية المتحدة ليبيا جزءا من حملتها لسحق جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الإسلاميين معلنة إياها جماعة إرهابية، وتؤيد قطر الإخوان وغيرهم من الإسلاميين الذين تقول إنهم معتدلون، وفي نموذج مشابه لما يجري في سوريا فإن الفوضى الناتجة تفيد الجماعات الليبية المتشددة التي أعلن بعضها نفسه حليفا لتنظيم الدولة الإسلامية، وقال مسؤول رفيع آخر في الإدارة الأمريكية "ما لا نراه حتى الآن هو كيف نربط هذه الأشياء بعضها ببعض"، وتقول واشنطن إنها قضت شهورا وهي تحاول تخفيف الخصومات داخل ليبيا وخارجها. والتقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في سبتمبر أيلول مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة وحثه على ترك الليبيين يقررون مصيرهم بأنفسهم، وفي نوفمبر تشرين الثاني هدد مسؤولون أمريكيون بفرض عقوبات على الفصائل الليبية التي تواصل القتال وحثوا القوى الإقليمية على دعم الحوار لا التحرك العسكري، ولكن دعا السيسي الولايات المتحدة إلى مساعدة رئيس الوزراء المنتخب في ليبيا في سحق إسلاميي ليبيا، وقال بن فيشمان الخبير في شؤون ليبيا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن نية واشنطن كانت تتركز بوضوح على حملتها على مقاتلي الدولة الإسلامية، وأضاف "ما دام التركيز الأساسي للسياسة الأمريكية في المنطقة ما زال هو الدولة الإسلامية وإيران، فمن الصعب للغاية تشكيل تحالف جديد في محاولة لتصحيح المسار في ليبيا".
صراع سياسي وقانوني
الى ذلك اشتد الصراع السياسي في ليبيا مع تصعيد حكومة موازية سيطرت على العاصمة معركتها لأجل السلطة والشرعية فاستولت على حقل نفطي مهم حسبما قاله قائد أمني وعقدت اول اجتماع مع وزير خارجية زائر، واستولى لواء مسلح من فصيل فجر ليبيا وهو احد الفصائل التي تدعم الحكومة الموازية على حقل الشرارة أكبر حقول النفط في البلاد حسبما قاله قائد مسؤول عن الأمن في الموقع، وإذا تأكد ذلك فستكون أول محاولة من الحكومة الموازية للسيطرة فعليا على انتاج النفط، وعينت الحكومة ومقرها طرابلس وزير نفط في تحرك يرى محللون إنه يهدف لمزيد من الضغط على المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا التي ظلت في السابق بعيدة عن القوى السياسية التي تفكك اوصال البلاد، ورغم أن المؤسسة قالت إن حقل الشرارة سيفتح مجددا إلا أن الاضطراب المتزايد القى بشكوك على قدرة ليبيا على الحفاظ على التعافي الحديث في انتاجها والذي ساهم في انخفاض بحوالي 30 في المئة في اسعار النفط العالمية منذ يونيو حزيران، وقال القائد عبد الحميد كرير الذي ينتمي الى قوات من بلدة الزنتان متحالفة مع الحكومة المعترف بها دوليا والتي فرت الى شرق البلاد إن مدير الحقل يؤكد على اعادة فتح الحقل لمجرد انه يريد اقامة علاقات جيدة مع "الغزاة"، لكنه أضاف انه سيكون من الصعب إعادة فتح حقل الشرارة متوقعا حدوث تصعيد، واشار الى ان المهاجمين ينتمون الى فجر ليبيا. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الفصيل الذي يسيطر على طرابلس، وتجاوز انتاج ليبيا النفطي 900 الف برميل يوميا في سبتمبر أيلول وهو ما يزيد كثيرا على 100 الف برميل يوميا في يونيو حزيران، لكنه يبدو الآن تحت التهديد بصورة متزايدة وانخفض بالفعل إلى حوالي 500 الف برميل كحد أقصى.
وفي إشارة أخرى على تحول القوى توجه وزير الخارجية السوداني علي كرتي إلى طرابلس للاجتماع مع عمر الحاسي رئيس وزراء الحكومة الموازية، وكان مبعوث تركي اجتمع بالفعل مع الحاسي الذي لم تعترف القوى الغربية بحكومته، ولم تعين الحكومة المعترف بها دوليا والتي انتقلت إلى طبرق في الشرق منذ أغسطس آب وزير نفط مما أثار تساؤلات عمن سيمثل ليبيا حين تجتمع منظمة أوبك للدول المنتجة في فيينا في وقت لاحق، وقال جيفري هاوارد محلل شؤون أفريقيا في كونترول ريسكس إن التطور في حقل الشرارة يسلط الأضواء على الصراع بين الفصائل السياسية المتنافسة التي تسعى لادارة البلاد، وحذر من أن معارضة القوى الغربية للحكومة الموازية المرتبطة بعدد من الفصائل الإسلامية يمكن أن تقيد قدرة ليبيا على تصدير النفط، وقال "قد نرى عقوبات تفرض إذا سيطرت جماعات إسلامية على منشآت وستكافح ليبيا حينئذ لجذب مشترين موثوق بهم، وفي سبتمبر أيلول بدأت الأمم المتحدة حوارا بين الفصائل بناء على افتراض أن مجلس النواب الذي يوجد مقره في الشرق ايضا هو المجلس الشرعي، وتعرضت هذه المكانة لضغوط بسبب حكم من المحكمة العليا الليبية يعتبر أن انتخاب المجلس غير دستوري، ويقع مقر المحكمة في طرابلس لكن رد الفعل الخافت من القوى الغربية يظهر الصعوبات في التعامل مع الوقائع الجديدة، وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إن حقل الفيل المجاور للشرارة يمكن ان يعود للعمل وكان انتاجه توقف بسبب انقطاع الكهرباء نتيجة العنف في حقل الشرارة، ومن ناحية أخرى أوقف اعتصام احتجاجي لحراس بشأن أجور غير مدفوعة الصادرات من مرفأ الحريقة الشرقي وظل المرفأ مغلقا، وقال مسلحون استولوا على مرافئ نفطية في السابق للضغط من أجل مطالب بحكم ذاتي إقليمي انهم سيعلنون الاستقلال في الشرق إذا اعترف العالم بالحكومة المنافسة في طرابلس. بحسب رويترز.
فيما عقد المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان المنتهية ولايته)، مؤخرا، أولى جلساته بعدما اعادت له المحكمة العليا الحياة بإبطالها صلاحية مجلس النواب الذي انتخب في 26 حزيران/ يونيو الماضي والمعترف به دوليا، وقالت وكالة الأنباء الموالية لهذا البرلمان غير المعترف به من الاسرة الدولية إن "المؤتمر عقد اليوم أولى جلساته الرسمية في مقره بالعاصمة الليبية طرابلس"، لكن بدا واضحا من خلال لقطات للجلسة نقلتها محطات تلفزة محلية ان النصاب القانوني للجلسة لم يكن مكتملا بسبب مقاطعة عدد كبير من النواب الجلسة لعدم اعترافهم بقرار المحكمة العليا، ونقلت الوكالة عن عمر حميدان المتحدث باسم المؤتمر قوله إن اعضاء البرلمان ابدوا "عدم ارتياحهم" من "أداء رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برناردينو ليون وطريقة ادارته للحوار الوطني الليبي بين الفرقاء السياسيين"، وشهدت العاصمة طرابلس وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للمطالبة بتغيير ليون، وقالت الوكالة إن اعضاء المؤتمر ناقشوا كذلك "الأمور المتعلقة بتسيير الميزانية خاصة بعد صدور قرار المحكمة العليا"، وأضافت أن "رئيس المؤتمر نوري بوسهمين طلب من رئيس وأعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بموافاته بما توصلت اليه حتى يتسنى له القيام بالمهام الدستورية المنوطة به"، وأشارت إلى أن "المؤتمر قرر في جلسته اليوم اقالة مبعوث ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة ابراهيم الدباشي وتكليف أحد أفراد البعثة لإدارتها مؤقتا".
إعلان غير دستوري
وكانت الدائرة الدستورية بالمحكمة الليبية العليا قضت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري بعدم دستورية تعديل الاعلان الدستوري المؤقت للبلد والذي انتخب بموجبه مجلس النواب ما أعاد الحياة للمؤتمر المنتهية ولايته في 7 شباط/فبراير الماضي، من جهة أخرى أعلن مقرر مجلس النواب الليبي المنتخب في 26 حزيران/يونيو أن البرلمان يدرس نقل جزء من جلساته من شرق ليبيا الى وسطها في مدينة راس لانوف، ونقل الموقع الإلكتروني الرسمي لمجلس النواب عن مقرر المجلس النائب صالح قلمة محمد قوله إن "النواب تدارسوا في جلسة اليوم امكانية نقل جزء من جلسات مجلس النواب من مدينة طبرق (1600 كلم شرق طرابلس) إلى مدينة راس لانوف (600 كلم شرق) الواقعة في منطقة الهلال النفطي بوسط ليبيا"، ويتخذ البرلمان الليبي المعترف به دوليا والحكومة المنبثقة عنه من مدينتي طبرق والبيضاء في شرق ليبيا مقرا مؤقتا منذ آب/أغسطس الماضي بعد سيطرة مليشيات "فجر ليبيا" على العاصمة طرابلس، وقال محمد إن "النواب أحالوا طلبا مقدما من الحكومة الليبية المؤقتة بتخصيص ميزانية للطوارئ إلى اللجنة المالية في البرلمان لدراستها وإبداء الرأي حيالها تمهيدا لاتخاذ قرار بشأنها"، وكان النائب الثاني لرئيس مجلس النواب حميد حومة غادر الإثنين مدينة طبرق على راس وفد يضم 26 نائبا، في زيارة إلى مدينة غات الواقعة في أقصى الجنوب الغربي لليبيا على الحدود مع الجزائر، بحسب ما ذكر الموقع الرسمي للمجلس، وأكد "حكماء ووجهاء مدينة غات" في بيان "تمسكهم بالشرعية ممثلة في مجلس النواب والحكومة المنبثقة منه رغم ما تتعرض له مدينتهم من حصار من قبل مليشيات خارجة عن الشرعية تستهدف ارغامهم على التخلي عن الشرعية التي انتخبوها بكل حرية".
وقال رئيس مجلس مشايخ وحكماء غات رجب احمد المصري في كلمة له ترحيبا بالوفد إن "المدينة محاصرة من قبل مليشيات خارجة عن الشرعية قامت بمنع دخول المؤن والادوية ومختلف احتياجات السكان عن طريق المنافذ البرية"، من جهته حث النائب الثاني لرئيس مجلس النواب حميد حومة "الحكومة على العمل من أجل فتح ممر آمن للدخول الإمدادات وتوفير كل ما تحتاجه المدينة وبشكل سريع"، وكان تحالف القوى الوطنية الليبية الذي يتزعمه رئيس وزراء ليبيا الأسبق محمود جبريل دعا إلى "المحافظة على استقرار الأجهزة الشرعية الحالية حفاظا على تماسك البرلمان ووحدته في وقت يشكك البعض في شرعيته محاولا إقناع المجتمع الدولي بذلك"، واضاف هذا التحالف الذي يعد التيار الليبرالي الأكبر في ليبيا "رغم اقتناعنا أن أداء هذه الحكومة هـو دون المستوى المطلوب إلا أن تحالف القوى الوطنية يؤكد على ضرورة المحافظة على استقرار الأجهزة الشرعية الحالية"، وأشار التحالف الذي تأسس في العام 2012 وفاز بالأغلبية في انتخابات المؤتمر الوطني العام الى أن "وحدة التيار الوطني في مواجهة هجمة قوى التطرف تسمو فوق كل الاعتبـارات الآن"، مناشدا النواب في البرلمان الذي انتخب في 26 حزيران/يونيو والمعترف به من الأسرة الدولية "التعـاون مع هذه الحكومة ومراقبتها ومتابعتها حتى تقوم بالمهام المنوطة بها ليستـعيد الوطن وحدته وتبـدأ مسيرة بـنـاء الدولة"، وكانت مليشيات فجر ليبيا المكونة في مجملها من جمات إسلامية منحدرة من مدينة مصراتة (200 كلم شرق) أعادت إحياء المؤتمر الوطني العام وشكلت حكومة موازية برئاسة عمر الحاسي تحت اسم "حكومة الانقاذ الوطني" قبل أن تقضي المحكمة العليا في 6 تشرين الثاني/نوفمبر بحل مجلس النواب.
اضف تعليق