نصف ديون سريلانكا تقريبا هي قروض من السوق بشكل سندات سيادية دولية، والصين أكبر دائني سريلانكا وتمتلك قرابة 10 بالمئة من الدين الخارجي للجزيرة، تليها اليابان والهند. استدانت الحكومة مبالغ كبيرة من بكين منذ 2005 لمشاريع بنى تحتية، أصبح العديد منها ممتلكات مكلفة لا يمكن التخلص منها...
الإفلاس السيادي هو فشل أو رفض حكومة دولة سيادية في سداد دينها بالكامل. وقد يرافقه إعلان رسمي من قبل الحكومة بعدم السداد (الرفض) أو السداد الجزئي لديونها (المبالغ المستحقة)، أو الوقف الفعلي للدفعات المستحقة.
هذا ما حدث لـ سريلانكا عندما أعلنت أنها ستتخلّف عن سداد مجموع ديونها الخارجية البالغة قيمتها 51 مليار دولار، في وقت تواجه الجزيرة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها وتشهد تظاهرات واسعة تطالب باستقالة الحكومة.
وتشهد سريلانكا التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة أزمة اقتصادية عميقة تتسم بنقص الغذاء والوقود وانقطاع التيار الكهربائي وتضخم متسارع وديون هائلة، في أسوأ ركود منذ استقلالها عام 1948.
وواجهت الحكومة صعوبات في تسديد الدين الخارجي وجاء القرار قبيل مفاوضات حول اتفاق انقاذ مع صندوق النقد الدولي سعيا للحؤول دون تعثر متكرر أكثر خطورة من شأنه أن يجعل سريلانكا تتخلف كليا عن سداد ديونها.
وقال حاكم البنك المركزي ناندال فيراسينغي للصحافيين في كولومبو "فقدنا القدرة على تسديد الدين الخارجي".
أضاف "هذا تخلف وقائي عن السداد تم التفاوض بشأنه. أبلغناه للدائنين".
يقول المسؤولون إن من شأن القرار تحرير مبالغ بالعملة الأجنبية لتمويل استيراد مواد غذائية ووقود وأدوية ضرورية جدا بعد أشهر من نقصها.
ونصف ديون سريلانكا تقريبا هي قروض من السوق بشكل سندات سيادية دولية، أحدها بقيمة مليار يورو يُستحق في 25 تموز/يوليو.
والصين أكبر دائني سريلانكا وتمتلك قرابة 10 بالمئة من الدين الخارجي للجزيرة، تليها اليابان والهند.
استدانت الحكومة مبالغ كبيرة من بكين منذ 2005 لمشاريع بنى تحتية، أصبح العديد منها ممتلكات مكلفة لا يمكن التخلص منها.
وأجّرت سريلانكا مرفأها الاستراتيجي هامبنتوتا إلى شركة صينية في 2017 بعد تعثرها عن خدمة الدين البالغ قيمته 1,4 مليار دولار المستحق لبكين، والمستخدم لتشييده.
وأثار ذلك مخاوف دول غربية والجارة الهند من أن تكون الدولة الواقعة في جنوب آسيا تقع ضحية فخّ ديون.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان إن إعلان التخلف عن السداد لن يمنع بكين عن تقديم المساعدة لاقتصاد سريلانكا الغارق في أزمة.
وأضاف "دائما ما بذلت الصين كل ما بوسعها للمساعدة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسريلانكا. سنواصل ذلك في المستقبل".
خوف من المستقبل
بدأت تداعيات الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في سريلانكا بالظهور بعد أن نسفت جائحة كورونا عائدات السياحة والتحويلات الخارجية.
فرضت الحكومة حظرا واسعا على الاستيراد سعيا للحفاظ على احتياطي العملة الأجنبية المتضائل ولاستخدامه لخدمة الدين الذي أعلنت الآن التخلف عن سداده.
غير أن نقص السلع الذي أعقب ذلك أجج غضبا شعبيا. ولقي ثمانية أشخاص على الأقل حتفهم خلال انتظارهم في طوابير للحصول على الوقود، منذ 20 آذار/مارس، وأفيد عن اثنين من الوفيات.
وقال المتظاهر فاسي سامودرا ديفي لوكالة فرانس برس خلال تظاهرة منددة بالحكومة في كولومبو "من المحزن أن نكون خائفين من المستقبل ومساره".
أضاف "هناك أشخاص يعانون... نحن جميعا موجودون هنا لأن المشكلات الاقتصادية تطالنا".
وكانت حشود قد حاولت اقتحام منازل مسؤولين حكوميين، قبل أن تفرقهم قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط.
ويتجمع آلاف الأشخاص أمام منزل الرئيس غوتابايا راجاباكسا المطل على البحر في العاصمة كولومبو لليوم الرابع من الاحتجاجات التي تطالبه بالتنحي.
وتفاقمت هذه الأزمة مع صدور سلسلة من القرارات المالية السيئة وإثر سنوات من الاستدانات المتراكمة، حسب خبراء اقتصاديين.
والعام الماضي، خفّضت الوكالات الدولية تصنيف سريلانكا، ما منع هذه الأخيرة من الوصول إلى أسواق رؤوس المال الأجنبية للحصول على قروض ضرورية لتمويل عملياتها لاستيراد السلع الغذائية والوقود والأدوية.
قالت وزارة المال السريلانكية إن إعلان التخلف عن السداد هو "حلّ أخير، بهدف تجنّب تدهور جديد للوضع المالي في الجمهورية".
وأضافت أن بإمكان الدائنين رسملة الدفعات المستحقة أو اختيار الحصول على أموالهم بالروبية السريلانكية.
وتسعى الحكومة للحصول على قرابة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي للسنوات الثلاث القادمة لإنعاش الاقتصاد، على ما أعلن وزير المال علي صبري أمام البرلمان.
وقال مسؤولو الوزارة لوكالة فرانس برس الأسبوع الماضي إن الحكومة تعدّ برنامجا لحاملي السندات السيادية وغيرهم من الدائنين يقضي بالاقتطاع من الودائع في المصارف وتجنب مزيد من التدهور المالي.
وطلبت سريلانكا من الهند والصين تخفيف دينها، إلا أن هاتين الدولتين فضلتا منحها المزيد من خطوط الائتمان التي تسمح لها بشراء المواد الأساسية.
وتشير التقديرات إلى أن سريلانكا بحاجة إلى 7 مليارات دولار لخدمة دينها العام هذا العام، مقابل 1,19 مليار دولار فقط من مبالغ الاحتياط في نهاية آذار/مارس.
وقالت المحللة في "أكسا إنفستمنت مانجرز" كلير ديسو لوكالة فرانس برس إن الأسواق قد توقعت بالفعل تخلفا عن السداد، رغم جهود الحكومة للبقاء قادرة على سداد ديونها.
وأضافت أن "سريلانكا أبدت استعدادا للدفع حتى اللحظة الأخيرة، حتى ولو كان ذلك على حساب شعبها".
مصير أموال التسونامي
وحضت سريلانكا مواطنيها الموجودين في الخارج على تحويل أموال إلى بلادهم لمساعدتها في شراء مواد غذائية ووقود نظرا للحاجة الماسة إليها، وذلك غداة إعلانها التخلف عن سداد مليار دولار من الديون الخارجية.
وقال حاكم البنك المركزي ناندلال فيراسينغي إنه يريد من السريلانكيين في الخارج "دعم البلاد في هذا المنعطف الحساس بالتبرع بالعملة الأجنبية نظرا للحاجة الماسة لها".
وقال فيراسينغي إنه فتح حسابات مصرفية للتبرعات في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا. ووعد الرعايا السريلانكيين بأن يتم إنفاق الأموال حيث هناك حاجة ماسة لها.
وأكد في بيان أن البنك "يؤكد أن تلك التحويلات بالعملة الأجنبية ستستخدم فقط لاستيراد سلع أساسية ومنها المواد الغذائية والوقود والأدوية".
وأوضح أن إعلان التخلف عن السداد سيوفر على سريلانكا قرابة 200 مليون دولار من الفوائد المستحق دفعها، مضيفا أن الأموال ستُستخدم لتسديد واردات ضرورية.
قوبلت دعوة فيراسينغي حتى الآن بتشكيك من السريلانكيين في الخارج.
وقال طبيب سريلانكي في استراليا لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه "لا نمانع في تقديم المساعدة، لكن لا يمكننا أن نأتمن الحكومة على أموالنا النقدية".
وقال مهندس برمجيات سريلانكي في كندا إنه لا يثق في أن الأموال ستُصرف على المحتاجين.
وأضاف في تصريحات لفرانس برس "هذه المبالغ يمكن أن تلقى نفس مصير أموال التسونامي" في إشارة إلى ملايين الدولارات التي تلقتها الجزيرة بشكل مساعدات بعد الكارثة التي ضربتها في كانون الأول/ديسمبر 2004 وأودت بـ31 ألف شخص على الأقل.
ويُعتقد أن جزءا كبيرا من التبرعات النقدية الأجنبية لصالح الناجين، انتهت في جيوب سياسيين ومنهم رئيس الوزراء الحالي ماهيندا راجاباكسا الذي أُجبر على إعادة مساعدات مالية لضحايا التسونامي من حسابه الخاص.
وتفاقمت هذه الأزمة مع صدور سلسلة من القرارات السياسية السيئة وإثر سنوات من الاستدانات المتراكمة واقتطاعات ضريبية غير حكيمة، حسب خبراء اقتصاديين.
وكانت حشود قد حاولت اقتحام منازل مسؤولين حكوميين، قبل أن تفرقهم قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط.
ويتجمع آلاف الأشخاص أمام منزل الرئيس غوتابايا راجاباكسا المطل على البحر في العاصمة كولومبو الأربعاء لليوم الخامس على التوالي من الاحتجاجات التي تطالبه بالتنحي.
في الطوابير الطويلة التي تتشكل قبل الفجر خارج محطات الوقود، يعبر الجميع عن الخوف من عدم القدرة على إطعام عائلاتهم مع ارتفاع أسعار الأغذية.
وقالت ساجياراني، وهي ربة منزل من كولومبو، لوكالة فرانس برس "أنا هنا منذ خمس ساعات"، وهي تنتظر حصتها من الكيروسين لإشعال مواقد الطبخ التي تعتمد عليها الأسر الفقيرة في العاصمة.
وأضافت أنها رأت ثلاثة أشخاص يفقدون وعيهم وأنها هي نفسها عليها أن تذهب إلى المستشفى لتلقي العلاج، لكن مع وجود زوجها وابنها في العمل ليس لديها خيار سوى الانتظار تحت شمس الصباح الحارة.
قالت وقد رفضت ذكر اسم عائلتها "لم أتناول شيئًا، أشعر بالدوار والجو حار جدًا، لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ أحوالنا صعبة جدًا".
في الميناء، لا تستطيع الشاحنات نقل المواد الغذائية ومواد البناء إلى مراكز المدن الأخرى ولا جلب الشاي من المزارع الواقعة في المرتفعات في وسط البلاد.
سوء إدارة
توقفت الحافلات التي تقل العمال المياومين في العاصمة وأوقفت بعض المستشفيات العمليات غير الطارئة. كما تم تأجيل الامتحانات هذا الشهر بسبب النقص في الورق.
واعترفت الحكومة بأن الأزمة الحالية هي الأسوأ منذ استقلال البلاد عام 1948. ففي السنوات الأخيرة تعرضت البلاد التي خرجت من عقود من الحرب الأهلية عام 2009 لسلسلة من الكوارث والأحداث المؤلمة.
فقد عانت الزراعة جفافا كارثيا في العام 2016، وقضت هجمات نفذها إسلاميون متطرفون على السياحة في أحد عيد الفصح عام 2019 عندما أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 279 شخصًا. ثم جفف وباء كوفيد-19 التحويلات التي يرسلها السريلانكيون العاملون في الخارج.
فالسياحة وتحويلات المقيمين في الخارج هما مصدران حيويان للعملات الأجنبية اللازمة لسداد قيمة الواردات وخدمة الدين الخارجي للبلاد الذي يبلغ 51 مليار دولار.
لكن مرتضى جافرجي رئيس معهد أدفوكاتا للأبحاث ومقره في كولومبو، يقول إن "سوء الإدارة" الحكومية هو العامل الأكبر وراء كل هذا.
ويشير جافرجي إلى عجز عام مزمن وقرارات غير حكيمة بخفض الضرائب اتخذت قبل الوباء وحرمت الدولة من الإيرادات بالإضافة إلى دعم الكهرباء والخدمات العامة الأخرى التي استفاد منها الأثرياء بشكل غير متناسب.
وأدت القرارات السياسية السيئة إلى تفاقم المشكلات. فالعام الماضي، أعلنت السلطات أن سريلانكا ستصبح أول دولة تمارس الزراعة العضوية تماما وحظرت استيراد الأسمدة بين عشية وضحاها لإبطاء تناقص العملات الأجنبية.
وردا على ذلك، رفض المزارعون زراعة حقولهم ما تسبب في تضخم أسعار الأغذية فتم التخلي عن هذه السياسة بعد أشهر قليلة.
وتسعى سريلانكا حاليًا للحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي، لكن المفاوضات قد تمتد حتى نهاية العام، ومن ثم يستعد السكان لمواجهة أوقات أكثر صعوبة.
يقول جافرجي "أتوقع أن يكون الأمر أسوأ بكثير. إنهم للأسف غير قادرين على احتواء الأزمة لأن الأشخاص الذين تسببوا بها ما زالوا مسؤولين عن إدارة الاقتصاد".
في الليل، وبينما يغمر الضوء البرتقالي المنبعث من أضواء الشوارع الأحياء الأكثر ثراءً في كولومبو، تغرق أحياء واسعة من المدينة في ظلام تام تقريبًا.
وبسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي يستمر ساعات عدة كل يوم، تحاول بعض المطاعم والمحلات التجارية العمل على ضوء الشموع فيما يفضل تجار آخرون إغلاق محالهم عند حلول المساء.
ويعلو الغضب إزاء حكومة الرئيس غوتابايا راجاباكسا، أحد أفراد أسرة حاكمة حظيت بشعبية في السابق في أوساط الأغلبية السنهالية لأنها أنهت الحرب الأهلية العرقية ضد نمور التاميل.
لكن شعبية الرئيس راجاباكسا ومن حوله انهارت. وخلال هذا الشهر، حاول حشد غاضب اقتحام مقر الرئيس.
وقال محمد افكر الطالب الذي تظاهر مع الالاف تلبية لدعوة من ائتلاف المعارضة اليساري، "لقد قادونا الى حافة الهاوية".
وشرح الشاب البالغ 20 عامًا لوكالة فرانس برس كيف أن صعوبات الحياة اليومية لا تترك له الوقت حتى ليفكر في فرصه الضعيفة للعثور على عمل عندما ينهي دراسته.
وقال "لا يمكننا حتى توفير الضروريات. ولا حتى إعداد الشاي في المنزل. صار مستقبلنا محل استفهام. نحن نحتج هنا لأن الأمور يجب أن تتغير".
أقارب الرئيس
أزاح الرئيس السريلانكي غوتابايا راجاباكسا اثنين من أشقائه وابن شقيقه من الحكومة، بعد الغضب الشعبي حيال سوء إدارة عائلته الحاكمة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد والدعوات إلى استقالته.
وانقلب عشرات النواب على الإدارة ورفضت أحزاب المعارضة الدعوات التي وجهها الرئيس للانضمام إلى حكومة وحدة، فيما يصر الاخير على أنه سيبقى في منصبه لتوجيه سريلانكا أثناء الأزمة.
ورغم ذلك، طالبت باستقالة راجاباكسا احتجاجات حاشدة ضمت آلاف الأشخاص الذين يخيمون خارج مكتبه المطل على البحر منذ اكثر من أسبوع.
وتحتفظ الحكومة الجديدة برئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، الشقيق لأكبر لغوتابايا وزعيم الحزب الحاكم في سريلانكا فيما تستبعد شقيقيه شامال وباسيل، وزير المال السابق.
كما تم استبعاد نامال، نجل ماهيندا الأكبر الذي كان يدير وزارة الرياضة ويعد الزعيم المقبل قبل الأزمة.
تتألف الحكومة الجديدة من 21 وزيرا، وهو عدد أقل بسبعة عن الحكومة السابقة التي استقالت بشكل جماعي قبل أسبوعين بعد اندلاع الغضب الشعبي جراء المحسوبية والفساد.
ويحق للوزراء الحصول على العديد من السيارات الرباعية الدفع ومجموعة كبيرة من الحراس الشخصيين وكمية غير محدودة من الوقود، بالإضافة إلى بدل سكن وترفيه.
وقاد وزير المال الجديد علي صبري وفدا إلى واشنطن نهاية الأسبوع لبدء محادثات مع صندوق النقد الدولي اعتبارا من الثلاثاء، على ما أفاد مسؤولون.
وتسعى سريلانكا للحصول على ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لتجاوز أزمة ميزان المدفوعات وتعزيز الاحتياطات المستنفدة.
وأعلنت "لانكا آي أو سي" Lanka IOC التي تبيع الوقود بالتجزئة وتغطي ثلث السوق المحلي، الاثنين أنها رفعت سعر الديزل بـ75 روبية إلى 327 لليتر بينما تم رفع البنزين بـ35 روبية إلى 367 روبية (1,20 دولارا).
ومنذ مطلع العام، ارتفعت أسعار البنزين بنسبة 90 في المئة، بينما ارتفع الديزل المستخدم عادة في المواصلات العامة بنسبة 138 في المئة.
ولم ترفع "شركة سيلان للبترول" Ceylon Petroleum Corporation، التي تساهم في ثلثي السوق وفرضت قواعد لتقنين استهلاك الوقود الأسبوع الماضي، أسعارها فورا، لكن لم يكن من الممكن العثور على الوقود في معظم محطات البنزين.
وذكرت "لانكا آي أو سي"، الفرع المحلي لـ"شركة النفط الهندية" أن التراجع الكبير في قيمة العملة المحلية أجبرها على رفع الأسعار مجددا، بعد ثلاثة أسابيع على زيادتها بنسبة 20 في المئة.
وقالت الشركة إن "خسارة الروبية أكثر من 60 في المئة من قيمتها خلال الشهر الأخير أجبر +لانكا آي أو سي+ على رفع أسعار بيع التجزئة مجددا وهو أمر سيدخل حيّز التنفيذ اعتبارا من اليوم".
وأصبحت الأغلبية البرلمانية لراجاباكسا موضع تساؤل بعدما تخلى حلفاء سابقون عن الائتلاف الحاكم.
وقالت المعارضة إنها ستحاول إطاحة الحكومة من خلال تصويت لسحب الثقة منها في الأسابيع المقبلة.
ولليوم العاشر على التوالي، نظمت احتجاجات أمام مكتب راجاباكسا حيث أقام متظاهرون مخيما للاحتجاج قالوا إنه سيبقى قائما حتى يتنحى الرئيس.
وسلّط ناشطون عروضا ضوئية على المكتب تندد بالفساد وتطالب الرئيس "بالاستقالة" ما دفع بالشرطة إلى وضع شاشات كبيرة لحجبها.
وتلبية لدعوات أطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي، سار المتظاهرون على طول كورنيش الواجهة البحرية في منطقة غال فيس بوسط كولومبو، ملوحين بأعلام سريلانكا ولافتات تطالب برحيل رئيس الدولة.
وهتف رجل مسن وسط الحشد "كلنا نواجه صعوبات في العيش. يجب على الحكومة الرحيل والسماح لشخص قادر بقيادة البلاد".
كما دعت الكنائس الأنجليكانية والكاثوليكية في سريلانكا إلى التظاهر. وكان الكاردينال مالكولم رانجيث زعيم الكاثوليك في البلاد، على رأس مسيرة في نيغومبو الضاحية الشمالية لكولومبو.
وقال الكاردينال رانجيث "يجب على الجميع النزول إلى الشوارع حتى رحيل الحكومة. هؤلاء القادة يجب أن يغادروا. يجب أن ترحلوا غادر. دمرتم هذا البلد!"
شارك أرباب العمل الذين دعموا راجاباكسا خلال حملته الانتخابية، انضموا إلى حالة السخط العام.
وفي بيان مشترك دعا 23 اتحادا صناعيا يمثلون جزءا كبيرا من القطاع الخاص في سريلانكا إلى تغيير الحكومة، مشددين على أن ملايين الوظائف مهددة بالأزمة.
وقال روهان ماساكورالا رئيس رابطة صناعة المطاط التي تتمتع بفوذ كبير إن "المأزق السياسي والاقتصادي الحالي لا يمكن أن يستمر أكثر من ذلك. نحن بحاجة إلى حكومة مؤقتة خلال أسبوع على أبعد تقدير".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن بعض سائقي السيارات ينتظرون في صفوف منذ خمسة أيام في بانادورا إحدى ضواحي كولومبو.
وفي هذا الإطار تم تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي هو ناندال فيراسينغي الخميس. في الوقت نفسه رفعت المؤسسة النقدية معدل الفائدة الأساسي إلى 14,5 بالمئة - بزيادة قياسية قدرها 7 نقاط - في محاولة لتأمين "استقرار" الروبية التي خسرت أكثر من 35 بالمئة من قيمتها في شهر واحد.
وفي أول مؤتمر صحافي له، قال الحاكم الجديد للبنك المركزي الجمعة "نحاول الحد من الضرر". وأضاف "ما كنا لنضطر لتقرير هذا الارتفاع الحاد لو تم رفع المعدلات تدريجيا على مدى فترة طويلة" متعهدا بتخفيف القيود التي فرضها سلفه على أسواق السندات والعملات.
وتستهدف شكوى سلفه أجيث كابرال تحمله مسؤولية الأزمة. وقد تمت مصادرة جواز سفره ومن المقرر أن يمثل أمام القضاء في 18 نيسان/ابريل.
مجاعة تهدد البلاد
وحذّر رئيس البرلمان في سريلانكا من أن مجاعة تهدد بلاده، معربًا عن خشيته من أن يتفاقم نقص السلع الأساسية الذي تواجهه الجزيرة الواقعة في جنوب آسيا والغارقة في أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
وقال رئيس البرلمان ماهيندا يابا أبيوردانا في مستهلّ نقاش مع النواب يستمرّ يومين حول تفاقم الأزمة الاقتصادية، "قيل لنا إنها أسوأ أزمة، لكنني أعتقد أنها ليست سوى البداية".
ورأى رئيس البرلمان أن "نقص المواد الغذائية والغاز والكهرباء سيتفاقم"، مضيفًا "سيحصل نقص حاد جدًا في الأغذية ومجاعة".
واعتبر أبيوردانا أمام البرلمان أن مستقبل البلاد يعتمد على قرارات سيتخذها المجلس التشريعي هذا الأسبوع.
وقدم جميع الأعضاء في الحكومة باستثناء الرئيس غوتابايا راجاباكسا وشقيقه رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا استقالاتهم.
مذاك، شهد تحالف حزب سريلانكا بودوجانا (SLPP) بزعامة الرئيس راجاباكسا سلسلة انشقاقات، ورفضت أحزاب المعارضة دعوة هذا الأخير لتشكيل حكومة وحدة.
وقدّم أيضًا وزير المال السريلانكي الجديد علي صبري، استقالته من الحكومة، غداة تعيينه من جانب الرئيس.
ورُفعت حال الطوارئ التي استمرّت خمسة أيام. وسمحت في وقت سابق بتوقيف أكثر من 60 شخصًا، بعضهم أكدوا أنهم تعرّضوا للتعذيب على أيدي قوات الأمن.
في كانون الأول/ديسمبر، حذّر سكريتر وزارة الزراعة أوديث جاياسينغه من خطر حصول مجاعة بسبب منع استيراد كيماويات زراعية من جانب الحكومة منذ عام وذلك لتوفير العملات الأجنبية.
وأُقيل جاياسينغه بعد بضع ساعات من هذا التحذير.
وفاقمت قرارات سياسية غير موفقة هذه المشاكل بحسب خبراء اقتصاد. فقد حرمت تخفيضات ضريبية غير مناسبة قبيل الجائحة، الدولة من إيرادات وأدت إلى ارتفاع عبء الدين.
وقال هارشا دي سيلفا النائب في تحالف المعارضة ساماغي جانا بالاويغايا لوكالة فرانس برس "أجدر بالرئيس راجاباسكا أن يدرك بأن المد بدأ ينقلب على نظامه السلطوي".
وأضاف "لا يمكننا السماح بهيمنة العسكر على السلطة. يجب أن يدركوا أننا لا نزال نظاما ديموقراطيا".
وقال نامال راجاباكسا وزير الرياضة وابن شقيق الرئيس "لن أدعم تعطيل وسائل التواصل الاجتماعي. وتوافر شبكات خصوصية افتراضية (في بي ان) كالتي استخدمها راهنا تجعل من هذا التعطيل غير مفيد بتاتا".
وينتمي غوتابايا راجاباكسا إلى عائلة حاكمة كانت تحظى في الماضي بتأييد جزء كبير من الغالبية السنهالية في البلاد لأنها وضعت حدا في العام 2009 لحرب أهلية اتنية مع نمور التاميل. إلا ان التأييد لعائلة راجاباكسا انهار بسبب الأزمة الاقتصادية.
من جانبها رأت السفيرة الأميركية جولي تشانغ أن "من حق السريلانكيين التظاهر سلميا، هذا أساسي للتعبير الديموقراطي".
وكتبت في تغريدة "أراقب الوضع عن كثب وآمل أن تشهد الأيام المقبلة ضبط النفس من قبل جميع الأطراف، واستقرارا اقتصاديا وارتياحا ضروريين لكل الذين يعانون".
ويحذر خبراء السفر بأن حال الطوارئ ستبدد أي أمل في النهوض بالقطاع السياحي، مشيرين إلى أن هذا الوضع يؤدي عادة إلى زيادة في أقساط التأمين.
وقال مسؤول أمني لوكالة فرانس برس "أفيد عن هجمات متفرقة على منازل سياسيين في الحكومة" مشيرا إلى رشق نائب من الحزب الحاكم بالبيض خلال حدث عام في منطقة بادولا بوسط البلاد.
وفي منتجع نوارا إيليا الجبلي المجاور هتف متظاهرون شعارات معادية للرئيس ومنعوا شيرانتي راجاباكسا زوجة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا من تدشين معرض سنوي للأزهار.
واتهم مكتب الرئيس المتظاهرين بالسعي لاستحداث "ربيع عربي" في البلد.
تسجيلات فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتحققت منها وكالة فرانس برس، أظهرت نساء ورجالا يطلقون هتافات تقول "أيها المجنون ارحل" ومطالبين بتنحي جميع أفراد عائلة راجاباكسا القوية.
وشقيق الرئيس ماهيندا الذي يكبره سنا، يتولى رئاسة الحكومة فيما الأصغر باسيل، يتولى حقيبة المال. أما شقيقه الأكبر شامال، فهو وزير الزراعة فيما ابنه شقيقه نامال يتولى وزارة الرياضة.
وخزانات المياه التي تؤمن أكثر من ثلث الطلب على الكهرباء للمنشآت الكهرومائية، كانت مستوياتها منخفضة بشكل خطير.
اضف تعليق