q

في خضم الحملة العسكرية التي تشنها القوات العراقية ضد العصابات الاجرامية التي تسمى بتنظيم داعش، لاستعادة الرمادي من خلال عزل المدينة بمساعدة ضربات جوية تقودها أمريكا قبل شن هجوم شامل، حل وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر ببغداد في إطار جولة شرق أوسطية شملت أيضا السعودية والأردن وإسرائيل، ويبحث كارتر مع السلطات العراقية السياسية والعسكرية، سبل مواجهة تنظيم داعش الاجرامي والوقوف على سير عملية تحرير الأنبار، وهذه أول زيارة يقوم بها كارتر للعراق منذ أن أصبح وزيرا للدفاع في فبراير شباط، حيث تكسب هذه الزيارة اهمية عسكرية استراتيجية للبلدين.

إذ يتوقع المحللون ان توقيت هذه الزيارة يأتي لمناقشة عدة قضايا مهمة بين الطرفين حول الاوضاع الراهنة والمستقبلية على الصعيد الامني تحديدا، ويقول بعض المتابعين ان لقاء كارتر بالمسؤولين جاء من أجل تفعيل الدور الامريكية في مواجهة داعش، إضافة إلى مناقشة الدور الإيراني في العمليات العسكرية في العراق ضد هذا التنظيم الارهابي، خصوصا بعد صفقة الاتفاق النووي التي من شأنها ان تغير التوازنات في الشرق الاوسط على صعيد النفوذ السياسي والمشهد الامني.

إذ يرى الكثير من المحللين ان امريكا لا تريد خسارة العراق وتعتبره ملفا مهما في سياستها الخارجية، لذا يرى المحللون المتخصصون انه منذ بدء الحروب الامريكية اعتمدت هذه الدولة المستعمرة على صفقات الاسلحة وتأجيج الحروب الداخلية والتسميم السياسي لكي تكون ذريعة لتتدخل بالشؤون الداخلية للدول التي تحتلها بذريعة الحماية او اتفاقات امنية استراتيجية.

ويبدو ان زيارة المسؤول الامريكي ستنعكس بصورة مباشرة على سير العمل في محاربة داعش في العراق، فيما يرى محللون آخرون أن واقع المعارك ضد داعش اوضحت ان العراق لا يعول على امريكا كثيرا والدليل الانتصارات في معركة تكريت لاسيما وان امريكا تنتهج المماطلة والغموض في مساعدة العراق ودعمه، لذا بدأت تعد القوات العراقية بالتعاون مع الحشد الشعبي، لعملية عسكرية سريعة الهدف منها استعادة مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار من أيدي تنظيم داعش الارهابي، وهذا ما استدعى امريكا الى ارسال كارتر لمناقشة الخطط المستقبلية لهذه العملية العسكرية لا سيما وان العراق بدأ بنشر لأول مرة قوات دربها التحالف في معركة استعادة الرمادي.

من جهة أخرى يرى محللون متخصصون في الشؤون السياسية إن الحكومتين الأمريكية والعراقية تبدوان على الموجة نفسها بضرورة شن هجوم مضاد على الرمادي قبل أن يعزز التنظيم دفاعاته في داخلها، وأبدت واشنطن ثقتها بالقدرة على استعادة الرمادي قريبا، إذ يلاحظ المتابعون أن أمريكا بدأت بتغيير ملامح استراتيجيتها في محاربة داعش، وفقا للمتغيرات العسكرية والسياسية التي حدثت مؤخرا، والتي تتمثل في تغير دفة الانتصارات العسكرية في العراق بمساعدة ايرانية، التي اثارت حفيظة الولايات المتحدة تجاه ايران، وعليه ربما ستظهر معركة الانبار صفقات جديدة بين العراق وأمريكا تلقي بظلالها على محاربة داعش قد تحسم المعركة أو تحولها حربا استنزافية لا عودة فيها.

العراق ينشر لأول مرة قوات دربها أمريكا

في سياق متصل قال الجيش الأمريكي إن العراق نشر للمرة الأولى جنودا دربهم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضمن حملة لاستعادة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، جاء الإعلان خلال زيارة لم يعلن عنها مسبقا لوزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر إلى بغداد حيث التقى برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وأكد على الحاجة الى قوات برية عراقية قادرة على قتال التنظيم المتشدد، وقال كارتر لقوات أمريكية في مطار بغداد "نحن نحقق بعض التقدم. نحتاج لفعل المزيد".

وقال الكولونيل ستيف وارن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن حوالي ثلاثة آلاف جندي دربهم التحالف انضموا لمعركة استعادة الرمادي، وأضاف وارن إن نحو 500 مقاتل من العشائر السنية الذين دربهم ضباط عراقيون تحت إشراف جنود أمريكيين يشاركون أيضا في العملية. بحسب رويترز.

وأشار وارن إلى أن القوات العراقية مدعومة بالضربات الجوية لقوات التحالف تسعى لحصار الرمادي عاصمة محافظة الأنبار لقطع الإمدادات عن تنظيم داعش ومحاصرة مقاتليه قبل شن هجوم للسيطرة على المدينة.

وأصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الشهر الماضي تعليمات بإرسال 450 جنديا أمريكيا آخر للعراق للانتشار في قاعدة التقدم الأكثر قربا من القتال الدائر بمحافظة الأنبار والتي تبعد 25 كيلومترا تقريبا فقط عن الرمادي.

وذكر وارن أن القوات العراقية مدعومة بغارات جوية يشنها التحالف تقوم حاليا بعملية لتطويق الرمادي بهدف قطع مصادر إمداد الدولة الإسلامية ومحاصرة مقاتليها قبل التقدم للاستيلاء على المدينة، وقال وارن نقلا عن مصادر على الأرض إن القوات العراقية تقدمت صوب منطقة حول جامعة الأنبار في الرمادي قائلا إن القوات تتحرك بشكل "ممنهج ومدروس ومتأن"، وقال إن الولايات المتحدة تقدر أن هناك ما بين ألف وألفي مسلح من الدولة الإسلامية في الرمادي.

كارتر في العراق لتقييم حملة استعادة الرمادي

على صعيد ذي صلة قام وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر بزيارة لم يعلن عنها مسبقا لبغداد لتقييم الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية في وقت يجهز فيه العراق خططا لاستعادة السيطرة على مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار. بحسب رويترز.

وقال كارتر إنه يسعى للوقوف بنفسه على تفاصيل الحملة. كان كارتر قد انتقد القوات العراقية قائلا إنها تفتقر لإرادة القتال في الرمادي، وقام كارتر بزيارة لقوات جهاز مكافحة الإرهاب حيث شاهد عناصرها الذين ارتدوا زيا أسود أثناء تدريبهم على إطلاق النار على نماذج أهداف. وأشاد بالقوات الخاصة العراقية وعبر عن أسفه لسقوط قتلى وجرحى منهم في المعارك.

وقال "قواتكم تقدم أداء جيدا جدا وبشجاعة شديدة." وعبر عن ثقته في أن تنظيم الدولة الإسلامية سيهزم في نهاية المطاف.

وسيبحث كارتر في زيارته، وهي الأولى منذ تسلمه مهامه في شباط/فبراير، سير العمليات العسكرية في محافظة الأنبار، ويشن طيران الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن، ضربات جوية في المحافظة العراقية الأكبر، لدعم القوات التي تحاول استعادة مدن يسيطر عليها الجهاديون.

من جانب آخر أبلغ جنرال امريكي بارز اعضاء بمجلس الشيوخ ان وضع مراقبين جويين امريكيين مع القوات العراقية الاكثر قربا من مناطق القتال حتى يمكنهم تحديد الاهداف وتوجيه القصف سيحسن الضربات الجوية التي تستهدف ارهابي داعش وينبغي "دراسته بجدية".

وسئل الجنرال مارك ميلي المرشح لمنصب رئيس اركان الجيش اثناء جلسة استماع بمجلس الشيوخ ان كانت هناك حاجة الى مراقبين جويين امريكيين في العراق فقال انهم سيقدمون "دعما أكثر فعالية عن قرب من الجو"، واضاف قائلا ان هذه الخطوة "ينبغي دراستها بجدية"، وميلي الذي خدم في كل من العراق وافغانستان مرشح ليحل محل رئيس اركان الجيش الجنرال راي اوديرنو الذي سيترك المنصب بعد بضعة اسابيع.

وفي شأن اخر قال ميلي انه يتفق مع الرأي القائل بان روسيا تشكل أكبر تهديد للولايات المتحدة بسبب ترسانتها النووية الضخمة وتصرفاتها في السنوات القليلة الماضية، واضاف قائلا "نشاط روسيا منذ 2008 عدائي جدا جدا ... هم هاجموا وغزوا جورجيا.. وهم استولوا على القرم.. وهم شنوا هجمات داخل اوكرانيا. ذلك أمر مزعج". بحسب رويترز.

وسئل ميلي هل ينبغي ان تقدم الولايات المتحدة اسلحة لتمكين اوكرانيا من التصدي لنيران المدفعية والصواريخ لدى المتمردين الذين تدعمهم روسيا فقال "اعتقد ان معدات مميتة هي شيء ينبغي ان ندرسه وانا سأكون مؤيدا لتقديم معدات دفاعية مميتة"، وقاومت الولايات المتحدة إمداد كييف باسلحة دفاعية مميتة بسبب مخاوف من تصاعد الصراع. لكن مسؤولين امريكيين اشاروا الي انهم يدرسون ذلك.

دلائل على نجاح جهود اجتذاب عشائر سنية

الى ذلك قال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة ترى دلائل على نجاح الجهود الجديدة لاجتذاب رجال عشائر سنة للمعركة التي يخوضها العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية في قاعدة عسكرية قرب الرمادي عاصمة محافظة الانبار.

وابلغ مسؤولون عسكريون أمريكيون رويترز أن المجموعة الأولى من 500 مجند سني ستكمل تدريبها قريبا في قاعدة التقدم العسكرية القريبة من مدينة الرمادي لتفسح المجال لمجموعة ثانية من نحو 500 سني وافقوا على المشاركة.

وعدد المتطوعين السنة المؤكدين في قاعدة التقدم ضعف العدد الذي كشف عنه الجيش الأمريكي في بادئ الأمر الشهر الماضي. ويأتي ذلك في اعقاب الاوامر التي اصدرها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في العاشر من يونيو حزيران بنشر قوات امريكية للمرة الاولى في القاعدة، وقال المسؤولون الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن اسمائهم إن نحو 400 جندي امريكي يعملون حاليا في قاعدة التقدم ويتواصل بعضهم مع زعماء العشائر السنية ولكن لا يشاركون بشكل مباشر في تدريب القوات.

من جهته رفض مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يجبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما على سحب كل القوات الأمريكية من العراق وسوريا خلال شهر واحد، ولكن الذين أيدوا هذا الإجراء كانوا ثلث المجلس تقريبا. بحسب رويترز.

وجاءت نتيجة تصويت المجلس رفض 288 عضوا وتأييد 139 لهذا المشروع الذي كان سيجبر أوباما على سحب القوات خلال 30 يوما أو بحلول نهاية 2015 إذا صممت الإدارة الأمريكية على أن سحب القوات خلال 30 يوما هو إجراء غير آمن.

وقدم هذا الاقتراح أعضاء المجلس جيم مكوفرن وباربارا لي من الحزب الديمقراطي ووالتر جونز من الحزب الجمهوري، وقال أعضاء المجلس الثلاثة إنهم يأملون أن يؤدي طرح هذا الإجراء المسموح به بموجب سلطة صلاحيات الحرب إلى جدل أوسع بشأن التفويض الرسمي باستخدام القوة العسكرية في الحملة ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وفي سوريا، وبدأ أوباما بشن ضربات جوية ضد التنظيم في أغسطس آب ولكن أعضاء المجلس لم يبحثوا أو يصوتوا على تفويض بذلك.

اضف تعليق