ناقش مركز الفرات عنوان (الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق ٢٠٢١: إشكاليات المشاركة والمقاطعة)، المعطيات تؤكد اشارات واضحة على ان المشاركة في الانتخابات ستكون بمستويات جيدة ومقبولة، وانها ستفرز سلطات تشريعية وتنفيذية تتمتع بشرعية. الارادات السياسية لا تصرح بخطورة عوامل عدة يمكن ان تقوض الهدف من الانتخابات...
ناقش مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في ملتقاه الشهري موضوعا تحت عنوان (الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق ٢٠٢١: إشكاليات المشاركة والمقاطعة)، بورقة أعدها وقدمها الباحث في المركز أ.م.د حسين احمد السرحان، وبمشاركة عدد من الباحثين والكتاب، الذين ناقشوا الورقة واجابوا على السؤالين التاليين:
1- كيف تنظر لإشكاليات المشاركة وعدم المشاركة في الانتخابات التشريعية المبكرة؟
2- كيف ستكون نتيجة الانتخابات المبكرة القادمة؟
المتداخلون:
- ا. د. خالد عليوي العرداوي/ مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية.
- الشيخ مرتضى معاش/باحث وكاتب
- ا. د. حيدر حسين آل طعمة/ كلية الادارة والاقتصاد-جامعة كربلاء، وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية.
- ا. م. د. أسعد كاظم شبيب/ كلية العلوم السياسية – جامعة الكوفة.
- ا. م. د. قحطان حسين طاهر/ جامعة بابل، وباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية.
- السيد جواد العطار/ باحث وكاتب.
- السيد حيدر الجراح/ مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث
- السيد احمد جويد/ مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات.
- د. حسين تاج/ باحث في القانون الدولي العام.
- السيد حامد عبد الحسين/ باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
- السيد باسم الزيدي/ باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث
- السيد محمد الصافي/ باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث.
- السيد حسن كاظم السباعي/ باحث وكاتب
عرض ورقة بحثية
من اعداد أ.م.د حسين احمد السرحان – باحث في مركز الفرات.
اعلنت الحكومة العراقية في تموز الماضي اجراء الانتخابات المبكرة في تشرين الاول/ 2021. وفي مطلع آب الماضي، اكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اجراء الانتخابات التشريعية المبكرة بشكل حتمي في العاشر من تشرين الاول القادم، وشرعت بتوزيع البطاقات البايومترية التي تم تحديثها خلال الاشهر السابقة. وهذا الاعلان يأتي بعد أشهر من تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وفق القانون رقم 31 لسنة 2019 والذي دخل حيز النفاذ بعد نشره في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4569) في 30 كانون الاول 2019، وتشريع قانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2020 ودخل حيز التنفيذ بعد نشره في جريدة الوقائع العراقية الرسمية بالعدد (4603) الصادر في 9 تشرين الثاني 2020. كما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق الأسبوع الماضي، وجود 130 مراقباً دولياً في عموم البلاد، من أجل مراقبة العملية الانتخابية وتقديم الدعم والمشورة الفنية، وكشفت عن أن مكتب المساعدة الانتخابية التابع لبعثة الأمم المتّحدة في العراق (UNAMI) يعمل على إتمام الاستعدادات والتحضيرات المتعلّقة بمراقبة العملية الانتخابية.
اشكاليات المشاركة في الانتخابات التشريعية
على مستوى الترشيح، بلغ عدد المرشحين 3244 مرشحا، بينهم 980 امرأة. وبحسب القانون الجديد فإن 83 دائرة انتخابية ستوزع على جميع المحافظات ويفوز 322 نائبا فيهاً بواقع (3-5) نواب عن كل دائرة، فيما سيكون عدد النساء عن كل محافظة بعدد دوائرها الانتخابية على الأقل.
وعلى مستوى التصويت، اعلنت المفوضية يوم4 ايلول الجاري توزيع اكثر من 17 مليون بطاقة بايومتريَّة بين الناخبين.
هذه المعطيات تؤكد اشارات واضحة على ان المشاركة في الانتخابات – على الاقل من ناحية الاجراءات الادارية والتنظيمية – ستكون بمستويات جيدة ومقبولة، وانها ستفرز سلطات تشريعية وتنفيذية تتمتع بشرعية.
ولذلك شرعت الكثير من القوى والتيارات والاحزاب السياسية القائمة والجديدة بإجراءاتها للمشاركة بقوة، وانطلقت حملاتها الانتخابية الدعائية بعد المصادقة على اسماء المرشحين من قبل مجلس المفوضين، وتشكلت التحالفات الانتخابية التي قدمت طلبات تحالفاتها الى المفوضية. واكدت كل القوى والتحالفات المتواجدة في مجلس النواب الحالي مشاركتها في الانتخابات التشريعية المبكرة، فضلا عن مرشحين مستقلين بعدد كبير. وعوامل مشاركتها متعددة وبذات الوقت تشكل هذه العوامل اشكاليات بالنسبة للقوى السياسية والتيارات والحركات التي انبثقت مؤخرا بعد احتجاجات تشرين الاول 2019، التي ستشارك وتلك التي اعلنت مقاطعتها الانتخابات.
ابرز تلك العوامل، ان القوى والحركات والاحزاب التي اعلت مشاركتها في الانتخابات تؤكد على ان الانتخابات المبكرة هي مطلب شعبي نتج بعد الاحتجاجات واكدت عليه المرجعية الدينية والتي القت مسؤولية التغيير السياسي والاصلاح على المشاركة الواسعة في الانتخابات، بعد الضغوط التي مورست على السلطات في الدولة لتغيير قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات واعادة تشكيلها وفق اسس جديدة، واقرار قانون جديد للانتخابات الذي اعتمد الترشيح الفردي والفائز بأعلى الاصوات، والدوائر المتعددة، والبطاقات البايومترية التي تتضاءل معها محاولات التزوير، وبالتالي لا مبرر من عدم المشاركة فيها.
عامل اخر يتعلق بهدف الاحزاب القائمة والمشاركة في السلطات التشريعية والتنفيذية، بضرورة الحفاظ على مكتسباتها السياسية التي حققتها طوال السنوات السابقة. ولهذا اتجهت اغلبها الى الدفع باتجاه ايجاد مرشحين جُدد ضمن ائتلافات بأسماء جديدة وقوائم انتخابية بأسماء جديدة، وشعارات جديدة.
هذه الارادات السياسية لا تصرح بخطورة عوامل عدة يمكن ان تقوض الهدف من الانتخابات وهي: المال السياسي الناجم عن الفساد الذي تملكه الاحزاب والقوى المتنفذة، وسطوة السلاح المنتشر والغير منضبط والجماعات المسلحة، وانعدام ثقة عامة الجماهير بالنظام السياسية وفقدان الامل بالتغيير نحو الاحسن وتيقنهم بحصول التزوير حتما كما في الدورات الانتخابية السابقة. وهذه العوامل ذاتها تعد اسباب للقوائم والتيارات الرافضة للمشاركة في الانتخابات او اعلنت انسحابها.
اشكاليات عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية المبكرة
مقابل القوائم والتحالفات والاحزاب والحركات التي اعلنت مشاركتها في الانتخابات، اعلنت قوى وتيارات واحزاب جديدة اوجدتها احتجاجات تشرين واخرى احزاب عريقة كالحزب الشيوعي العراقي وحزب الشعب للإصلاح – والذين لديهما نواب في مجلس النواب العراقي-انسحابهم من المشاركة في الانتخابات. وهذه القوى عددها كبير وهو مؤشر على عمق المخاوف والشكوك التي تساورها من إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة في البلاد.
مؤكد ان هناك عوامل دفعت بهذه القوى الى اعلان انسحابها من المشاركة في الانتخابات. اول تلك العوامل هو التطورات الامنية المتمثلة بحوادث الاغتيالات وحراق المستشفيات. كما حصل مع التيار الصدري الذي انسحب يوم 15 تموز بعد ثلاثة ايام من حريق مستشفى الحسين في مدينة الناصرية.
عامل آخر تمثل في التشكيك في نزاهتها والفساد المستشري وإنها ستكون محصورة بين القوى المتنفذة التي وصفها "بالفاسدة"، ومن دون أن تسفر عن أي تغيير حقيقي في عمل مجلس النواب أو الحكومة المقبلة. كما حصل في انسحاب الحزب الشيوعي العراقي.
سبب آخر للانسحاب يكمن في "تلاشي فرص النجاح لإقامة انتخابات نزيهة تخدم الشعب العراقي في ظل الاوضاع المتفاقمة وتدهورها، واستمرار الحالة المأساوية في ظروف معيشية غير ملائمة، مع استشهاد عشرات الناشطين والمتظاهرين السلميين الذين يرفعون شعاراتهم الوطنية من أجل عراق تسوده العدالة والإخاء والمساواة وهذا ما جاء في بيان انسحاب زعيم المنبر العراقي السيد اياد علاوي من المشاركة في الانتخابات الصادر في 27 تموز الماضي.
ولم يسبق أن أعلنت قوى سياسية بهذا الحجم انسحابها من الانتخابات في دوراتها الأربع السابقة منذ عام 2003، ولعل ذلك مؤشر على عمق المخاوف والشكوك التي تساور أغلب القوى السياسية من إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة في البلاد.
اما مفوضية الانتخابات، فقد أكدت أن الانسحابات المتتالية لن تؤثر على عملها، مؤكدة أنها أكملت طباعة أوراق الاقتراع الخاصة بالأجهزة الأمنية، وتلك التي سيستخدمها الناخبون العراقيون المدنيون، وأنها تضم جميع أسماء المرشحين.
وعن تقديم المنسحبين طلبات انسحاب للمفوضية، أكدت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي وجود 3249 مرشحا للانتخابات، ولم يقدم أي منهم طلبات تحريرية للانسحاب من الانتخابات، وبالتالي فإن المفوضية ماضية في إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
من الناحية القانونية فقد تمت المصادقة على الكيانات والأسماء وأرقام المرشحين من قبل المفوضية، وسبق أن حددت المفوضية مدة للانسحاب وانتهت، وبالتالي فالعملية الانتخابية ماضية رغم الانسحابات.
وحول ما إذا كانت هذه الانسحابات حقيقية أم تكتيكية، نرى ان الكتل المنسحبة قد تعود للمشاركة في الانتخابات، وأن العراق قد شهد مثل هذه الانسحابات سابقا، كما أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عدم مشاركته في الانتخابات ليعود مرة اخرى ويعلن عودته للمشاركة فيها.
خلاصة المداخلات:
- أحد اهم عوامل فقدان ثقة الجماهير بالنظام السياسي والعملية الانتخابية هو ان الاحزاب القائمة احزاب غير ديمقراطية.
- لا بديل عن الانتخابات في تقويم النظام السياسي في العراق وتصحيح مساره سوى الحروب الداخلية. فالديمقراطية هي عملية تدرجية بمعنى ان التصحيح يتم على خطوات وفي كل عملية انتخابية هناك تغيير. فالانتخابات لا تساهم بتغيير شامل وجذري كما يحصل ذلك في حالات الاقتتال الداخلي والانقلابات العسكرية. وبالتالي خيار مقاطعة الانتخابات يعرض المسار الديمقراطي في البلاد الى الخطر.
- استمرارية القيم الديمقراطية في دولة ما ترتبط بشكل وثيق بالعملية الانتخابية وهو ما يخدم هدف ترسيخ الممارسات الديمقراطية.
- طبيعة بعض المرشحين المشاركين في الانتخابات المبكرة القادمة تساهم بعدم حصول مشاركة واسعة في التصويت، كما ان مظاهر الانتماء العشائري والمصالح الفئوية الضيقة باتت عامل مثبط لعملية التصويت.
- المال السياسي والنفوذ واضح على الرغم من صغر الدوائر الانتخابية. فمرشحو الاحزاب واغلبهم من النواب لديهم وجود واضح في الحملات الدعائية.
- المعطيات الجديدة للعلمية الانتخابية مثل البرامج الانتخابية غير الهادفة لا تحفز على المشاركة في عملية التصويت.
- الاحزاب السياسية المتنفذة والمسيطرة تبني مشروعها السياسي على امل المشاركة الضيقة في الانتخابات، وهي تسعى الى مشاركة انصارها واتباعها في التصويت.
- الخطاب السياسي للأحزاب القائمة لم يتغير كثيرا بعد احتجاجات تشرين. وهذا عامل آخر يحد من المشاركة في التصويت.
- لا يمكن تغيير وتصحيح المسار السياسي عبر البنية الفكرية والاطر المؤسساتية ذاتها، ولذلك لابد من ان تكون القوى والتيارات السياسية الجديدة هي الضد النوعي للقوى والاحزاب القائمة المتنفذة.
- كل المعطيات المحلية والاقليمية والدولية تغيرت تجاه العراق والوضع فيه وهي معطيات تتجه نحو التعامل مع وجود دولة لها دور اقليمي.
- نتائج الانتخابات القادمة قد تكون مفاجئة.
- مقاطعة التصويت في الانتخابات المبكرة لها تداعيات سلبية على المسار الديمقراطي في البلاد، وهذه التداعيات تخدم الفوضى.
اضف تعليق