المكاسب التي حققها الجيش السوري سهلت حركة البضائع والأشخاص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بعد سنوات من الشلل. جاء تقلص زمن الرحلة نتيجة المكاسب التي حققها الجيش السوري والتي سهلت حركة البضائع والأفراد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بعد حالة من الشلل على مدى سنوات...
(رويترز) - يرسل محمد أبو الخير 25 حافلة يوميا من العاصمة السورية دمشق إلى حلب، وهي رحلة تستغرق ثماني ساعات وكانت حتى وقت قريب تحتاج ما يصل إلى يومين.
المكاسب التي حققها الجيش السوري سهلت حركة البضائع والأشخاص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بعد سنوات من الشلل. جاء تقلص زمن الرحلة نتيجة المكاسب التي حققها الجيش السوري والتي سهلت حركة البضائع والأفراد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بعد حالة من الشلل على مدى سنوات بسبب الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2011.
كما أتاح فتح الطرق، التي ظلت غير آمنة على مدى سنوات، بعض الفوائد الاقتصادية للرئيس بشار الأسد بناء على المكاسب العسكرية. ويشرف أبو الخير على عمليات شركة أمير للنقل التي تشمل الرحلات من دمشق إلى مدينة حلب التي تبعد 310 كيلومترات إلى الشمال من العاصمة وكانت مركزا صناعيا قبل اندلاع الحرب.
وقال أبو الخير ”في السابق ربما كان الأمر يستغرق يومين للوصول إلى حلب. كان الوضع شديد الخطورة على السائقين“. وتسافر الحافلات حاليا ليلا ونهارا، ليس فقط في شطر سوريا الذي يسيطر عليه الأسد وإنما أيضا في الجزء من البلاد الخاضع لسيطرة تحالف من الفصائل الكردية والعربية تدعمه الولايات المتحدة.
وأصاب الدمار الاقتصاد السوري. فقد تحولت مدن بأكملها إلى ركام بينما فر كثير من العمال أو قتلوا أو ذهبوا للقتال، كما تعرقل العقوبات الدولية حركة التجارة الخارجية. لكن الأسد يسعى لتحقيق تعاف اقتصادي تدريجي في المناطق التي يسيطر عليها.
وكان وزير المالية مأمون حمدان قد قال الشهر الماضي إن النشاط الاقتصادي انتعش بدرجة كبيرة وإن خطوة لإصدار شهادات إيداع بالعملة الأجنبية تستهدف تمويل العمليات التجارية مع سعي الحكومة لإعادة الإعمار.
وقال وزير التجارة الداخلية عبد الله الغربي لرويترز إن نشاط التجارة الداخلية قفز بنسبة 30 في المئة بعد أن استعادت الحكومة الطرق الرئيسية. وقال مجد وهبة المدير التنفيذي لشركة كومباس للشحن والخدمات اللوجستية في دمشق ”الأمر بات أسهل. وقت أقل ومخاطر أقل“.
وخلال معظم سنوات الحرب المستمرة منذ نحو سبع سنوات، لم يكن السفر السريع والآمن متاحا بعدما قطع القتال الطرق الرئيسية وقسم البلاد إلى عشرات من المناطق المتحاربة. ولا تزال الظروف صعبة وأسوأ بكثير من الوضع قبل عام 2011. ومعظم الحدود مغلقة. ولا تزال الطرق تخضع لسيطرة نقاط تفتيش متعددة، تقول الشركات إن الجنود الذين يديرونها يطلبون رشا بشكل اعتيادي. وبرغم ذلك فإن الوضع لا يقارن بالفترات الأولى للحرب، عندما كان المسافرون عرضة للخطف أو القتل خلال الاشتباكات وكان الوصول لكثير من المناطق بعيد المنال.
خطر
شبكة الطرق السريعة الرئيسية القديمة مفتوحة الآن من الحدود اللبنانية والحدود الأردنية، المغلقة حاليا، مرورا بدمشق وحمص وحماة، ووصولا إلى ميناءي طرطوس واللاذقية وإلى دير الزور في شرق البلاد. كان الوصول إلى دير الزور، في عمق الأراضي التي كانت خاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية، صعبا وينطوي على مخاطر. وقال عبد الله الملاح الذي كان يشتري تذكرة حافلة للذهاب إلى مسقط رأسه بلدة الميادين قرب دير الزور إنه يسافر حاليا بين البلدة ودمشق مرة كل أسبوع أو اثنين.
وقال إنه عندما فر من حكم الدولة الإسلامية إلى دمشق في عام 2016 استغرق منه الأمر أسابيع لعبور الصحراء. لكن الرحلة حاليا تستغرق تسع ساعات وتتكلف تذكرة بقيمة 12 دولارا. وأضاف أن أسرته قد تنضم إليه في رحلة قريبا. وتدير شركة فرح للنقل خمس أو ست حافلات يوميا هناك. وقال مديرها يحيى الخطيب إن الشركة كانت ترسل حافلات بين الحين والآخر حتى عندما كان تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على الصحراء وكانت تكلفة التذكرة 100 دولار.
في بعض الأحيان كان الأمر يستغرق من الحافلة شهرين لإيجاد طريق آمن للعودة إلى مناطق الحكومة. وقال ”لا يوجد خطر الآن. الأمور طبيعية“.
وتقول شركات الشحن والحافلات إن المكاسب العسكرية للأسد هذا العام سهلت الأوضاع على نحو مفاجئ. وبعد استعادة الغوطة الشرقية التي تقع بجوار الطريق السريع من دمشق إلى الشمال، لم يعد لزاما القيام برحلة مدتها 90 دقيقة للالتفاف عبر التلال خارج العاصمة. وتنقل شركة القدموس البضائع بين دمشق والساحل. وقال ميشيل داغر المشرف على الشركة ”خلال الحرب قلصنا نشاطنا كثيرا. الآن زاد النشاط 40 أو 50 في المئة“.
وقال داغر ووهبة مدير شركة كومباس إن عدد نقاط التفتيش التي يديرها الجيش وكذلك أوقات الرحلات انخفضت كثيرا.
إغلاق المعابر
الطرق الدولية لا تزال مغلقة. والحدود السورية الوحيدة المفتوحة حاليا هي مع لبنان برغم وجود محادثات لإعادة فتح معبر نصيب مع الأردن. أشخاص داخل قطار بمحطة للسكك الحديدية في دمشق يوم 7 سبتمبر ايلول 2018. تصوير: عمر صناديقي - رويترز. والمعبر الرئيسي مع العراق مغلق بوجود قاعدة عسكرية أمريكية على طريق دمشق-بغداد السريع. كما أن معبرا آخر عند البوكمال مفتوح للاستخدام العسكري فقط دون الاستخدام العام. وحدود سوريا مع تركيا مفتوحة فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.
وداخليا، لا تزال الممرات مجزأة. ومن الممكن السفر من مناطق الحكومة إلى المناطق الخاضعة للإدارة التي يقودها الأكراد في شمال شرق البلاد. وفي دمشق تعلن شركات الحافلات عن رحلات يومية هناك. غير أن من الصعب الوصول إلى المناطق الخاضعة للمعارضة المسلحة في إدلب وشمال حلب. وقال سائق حافلة إنه يتم إنزال المسافرين قرب ممر مشاة آمن عبر خط الجبهة.
ومع تعافي الاقتصاد السوري تدريجيا، ترغب الحكومة في تحويل مزيد من الشحنات إلى خطوط سكك حديدية أكثر كفاءة. وأعيد فتح المحطة الرئيسية في دمشق هذا الشهر لكن فقط لخدمة مسار قصير إلى معرض تجاري. وقال نجيب فارس مدير عام مؤسسة السكك الحديدية السورية إن العمل قد بدأ لتجديد الخط الرئيسي.
وأضاف أن العمل يجري على صيانة وإصلاح وإعادة بناء خط السكك الحديدية الذي لحقت به أضرار كبيرة. وبينما جرى سحب قطار إلى الرصيف خلف فارس، بدا في الأفق صف من المباني التي دمرتها القذائف بينما وقفت بمسار جانبي عربات قطارات مدمرة يعلوها الصدأ. كان المشهد تذكيرا بمدى الصعوبة التي يواجهها تعافي سوريا، وبأن الحرب لا تزال تطل برأسها في كثير من المناطق. ولا تزال الطرق السريعة عبر محافظة إدلب إلى حلب من اللاذقية وحماة في أيدي المعارضة المسلحة ويحتاج السفر هناك حاليا إلى الالتفاف عبر طرق ضيقة طويلة.
وقال كمال، وهو سائق حافلة يقيم في حماة ورفض ذكر باقي اسمه إن استعادة ذلك الطريق ستخفض ساعات من زمن الرحلة. وأضاف أن انتصارات الجيش وفرت بالفعل ساعات من زمن الرحلة بين حماة ودمشق. وقال ”كان المعتاد أن تكون هناك رحلة واحدة في اليوم ثم العودة في اليوم التالي. الآن أذهب وأعود في نفس اليوم. يفعل بعض الركاب ذلك أيضا“.
اضف تعليق