ستمثل وفاة السيناتور الجمهوري جون ماكين، تحولًا كبيرًا في التحديات التي تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول أمن البلاد، في الوقت الذي يمرر فيه اثنين من أكبر منتقدي ترامب مقاعدهما لاثنين من كبار مؤيدي الرئيس...

ولد جون مكين عام 1936 وهو ينحدر من عائلة شغلت مناصب رفيعة في البحرية الأميركية، لأن والده قائد عسكري كبير قاد القوات الأميركية في بعض فترات حرب فيتنام وجده قائد معروف تلقى ماكين التعليم الثانوي في مدرسة داخلية تابعة للكنيسة الإسقفية الأمريكية، ثم واصل دراسته في أكاديمية البحرية الأمريكية في مدينة أنابوليس بولاية ميريلند، والتي تخرج منها أبوه وجده أيضا.

ولم يحصل ماكين على نجاح كبير في دراساته الأكاديمية إذ تخرج في المرتبة ال-894 من بين 899 طالباً تخرج مكين من الأكاديمية البحرية الأمريكية في 1958، بعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية في 1958، تجند ماكين وتعلم الطيران في 1960 أخذ يعمل طيارا وكان مرابطا على متن حاملة طائرات أمريكية في البحر الكاريبي وفي الشرق الأوسط في 1967 تم إرساله إلى فييتنام، أيام حرب فييتنام، ليقود طائرات "إيه-4 سكاي هوك" عندما كان على متن حاملة طائرات في خليج تونكين،

نجا من الموت في كارثة أسفرت عن مقتل 134 جنديا آخر نجمت هذه الكارثة عن إطلاق صاروخ على طائرة ماكين أو الطائرة المجاورة له خطأ، مما أدى إلى سلسلة من الانفجارات وحريق على متن حاملات الطائرات تمكن ماكين من الخروج من طائرته وحاول مساعدة طيار آخر، ولكنه أصيب بجروح إثر أحد الانفجارات كانت إصابته طفيفة فعاد إلى الخدمة بعد شفائه

وخلال سنوات وقوعه في الأسر تحول ماكين إلى بطل قومي، خاصة في ظل معاناته وبسبب أسرته العريقة المشهورة، لذا لم يتعجب كثيرون من أن تلقى سيرة ماكين الذاتية نجاحا كبيرا، وتساعده في حملته الانتخابية خلال العام 2000، حتى إن هوليود حولت سيرة ماكين الذاتية إلى أحد أفلامها.

حقائق عن الراحل ماكين

1- كان طالبا جامحا بل ومولعا بالتشاجر في المدرسة الداخلية التي التحق بها في منطقة واشنطن واقتفى ماكين خطوات أبيه وجده وهما من كبار ضباط البحرية الأميركية، حيث واصل التمرد على اللوائح وتخرج ضمن أواخر الدفعة.

2- أسقطت النيران المعادية طائرة ماكين خلال مهمة قتالية فوق فيتنام عام 1967، وأمضى 5 أعوام ونصف العام في الأسر، منها عامان في الحبس الانفرادي، وتعرض مرارا للضرب والتعذيب مما ألحق به عاهة مستديمة وفي مجلس الشيوخ الأميركي كان منتقدا لأساليب الاستجواب القاسية مثل أسلوب محاكاة الغرق للمشتبه بهم في أعمال إرهابية.

3- من بين الأوسمة التي تقلدها ماكين 3 من ميداليات النجمة البرونزية، ونال وسام القلب الأرجواني مرتين ووسام الاستحقاق مرتين ووسام النجمة الفضية وصليب الطيران المتميز

4- عمل لحساب موزع للبيرة في أريزونا هو والد زوجته الثانية سيندي عندما انخرط في العمل السياسي في عام 1982 فاز في انتخابات مجلس النواب، وفي 1986 فاز بمقعد في مجلس الشيوخ ظل محتفظا به ست دوراب.

5- في حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2000 تصدر السباق على منافسه جورج دبليو بوش في الجولة الأولى، لكنه لم يحقق نتائج طيبة في التصفيات اللاحقة وفي نهاية المطاف سلم بالهزيمة أمام بوش بعد حملة مريرة. وبعد الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة في 2008، خسر ماكين أمام المرشح الديمقراطي باراك أوباما الذي حصل علي 53 بالمئة من الأصوات، مقابل 46 بالمئة لمنافسه.

6- في الكونغرس كان ماكين محافظا مؤيدا لمجتمع الأعمال ومن دعاة سياسات السوق الحرة ومعارضي الإجهاض، لكنه صوت ضد الأغلبية الجمهورية في مشروعات قوانين عدة كان لها صدى واسع وبعد تبرئة ساحته في فضيحة تبرعات انتخابية في الثمانينيات سعى لإصلاح قواعد تمويل الحملات الانتخابية.

7- في 2017 وأثناء جراحة في أريزونا لإزالة تكتل دموي خلف العين اليسرى لماكين، اكتشف الأطباء إصابته بنوع شرس من سرطان المخ. وبعد أقل من اسبوعين عاد مكين إلى واشنطن وخالف رغبة حزبه بالتصويت في اقتراع قضى على جهود الحزب الجمهوري لرفض خطة الرعاية الصحية التي طرحها أوباما وأمضى ماكين معظم وقته لاحقا في أريزونا حيث خضع للعلاج والرعاية.

8- كان ماكين منتقدا بارزا للرئيس دونالد ترامب. وبعد أن انتقد الخطاب العنيف لترامب تجاه الهجرة غير الشرعية، أبدى ترامب استخفافه بالتاريخ العسكري لماكين قائلا إنه يفضل "الأشخاص الذين لم يقعوا في الأسر". ومن منطلق الولاء للحزب أيد ماكين ترامب لاحقا، عندما فاز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة. لكن ماكين سحب تأييده في أكتوبر 2016 بعد الكشف عن تسجيل يتباهى فيه ترامب بالتحرش بالنساء وظل ماكين منذ ذلك الحين من منتقدي رئاسة ترامب.

سيرته السياسية

بعد تقاعده انتقل لولاية اريزونا ليبدأ مشواره السياسي، بالفوز بمقعد مجلس النواب عام 1982 ثم الفوز بمقعد مجلس الشيوخ بعدها بأربع سنوات وفي التسعينيات، لعب دورا مهما في تطبيع علاقات الولايات المتحدة مع فيتنام نافس الرئيس جورج بوش الابن على ترشيح الحزب الديموقراطي لانتخابات 2000 وضمنت له شخصيته دعما اوليا، وأحرز فوزا مفاجئا في انتخابات تمهيدية في ولاية نيو هامبشير.

لكنه تعرض لسلسلة من الهجمات مع تحول المنافسة إلى صراع مرير كما اختلف بشدة فيما بعد مع اعضاء الحزب المؤثرين من اليمين المتدين وفي السياسة الخارجية أيد ماكين بوش في مواقفه بالنسبة للشرق الاوسط وبالنسبة للعراق واكد مرارا على ضرورة زيادة القوات هناك لوقف العنف.

حاول ماكين الترشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 2000، ولكنه خسر السباق أمام جورج بوش الابن وفاز ماكين بترشيح الحزب عام 2008، ولكنه خسر الانتخابات الرئاسية أمام المرشح الديمقراطي باراك أوباما بنسبة 365 الى 173 في المجمع الانتخابي و53 الى 46 في المئة بالنسبة لعدد الأصوات، عقب ذلك، اتخذ ماكين مواقف أكثر محافظة وعارض الكثير من سياسات ادارة أوباما لاسيما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

وفي عام 2015، اصبح ماكين رئيسا للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ كما كان ماكين من أشد الداعين الى اتخاذ موقف متشدد من ايران، وفي احدى حملاته لانتخابات 2008 غنى "اقصف ايران" على انغام اغنية بيتش بويز "باربارة آن.

الربيع العربي

عند اندلاع الاضطرابات التي اطلق عليها اسم "الربيع العربي" في عام 2011، حث ماكين الرئيس المصري حسني مبارك على التنحي، ودعا الولايات المتحدة الى اتخاذ موقف مؤيد للديمقراطية في المنطقة العربية رغم مخاطر استحواذ الاسلاميين المتطرفين على السلطة في دول المنطقة.

وكان ماكين من أقوى المؤيدين للتدخل العسكري الغربي في ليبيا في عام 2011، وقام في نيسان / أبريل من ذلك العام بزيارة القوات المعارضة للقذافي في بنغازي، وقال "هؤلاء هم أبطالي" على حد تعبيره وواصل ماكين في تلك الفترة هجماته على سياسات ادارة اوباما، ففي أيلول / سبتمبر 2012، هاجم بشراسة الاسلوب الذي تعاملت به ادارة أوباما مع الهجوم الذي تعرضت له الممثلية الامريكية في بنغازي والذي ادى الى مقتل السفير الأمريكي هناك.

وكان ماكين من مؤيدي احتجاجات "الميدان" التي اندلعت في العاصمة الأوكرانية كييف ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وحكومته، وزار بالفعل ساحة الاستقلال في العاصمة الأوكرانية في كانون الأول / ديسمبر 2013.

ماكين: أكبر مدافع عن إسرائيل

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، السيناتور الأمريكي الراحل جون ماكين الذي توفي، السبت، عن عمر يناهز 81 عاما، بعد صراع مع السرطان، بأنه "صديق كبير" و"أكبر مدافع" عنها.

وقال نتنياهو، خلال فعالية أقامتها الجالية اليهودية في كنيس بالعاصمة الليتوانية فيلنيوس، إنه "لدينا اليوم أصدقاء كثيرون في العالم، أكثر مما يدركونه الناس، بما في ذلك في العالم العربي، ولكن ليست لدينا صديقة أكبر من الولايات المتحدة الأمريكية".

وأضاف: "في هذه المناسبة أود أن أتقدم بالتعازي إلى عائلة السيناتور جون ماكين، الذي كان رجلا وطنيا كبيرا مخلصا لأمريكا وصديقا كبيرا لإسرائيل أعرف جون منذ سنوات طويلة للغاية زرته في الكونغرس الأمريكي مرات عديدة وهو زارني في القدس مرات عديدة للغاية، بما في ذلك خلال السنوات الأخيرة لم يكن لإسرائيل أبدا مدافع أكبر منه دولة إسرائيل تؤدي التحية للسيناتور جون ماكين".

ماكين، في رحلة سرية إلى سوريا

في فبراير عام 2017 كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن السيناتور جون ماكين قام بزيارة سرية الى شمال شرق سوريا وتحديدا مدينة "عين العرب" (كوباني) كانت هي الثانية بعد زيارة أولى له الى شمال سوريا في عام 2013، عندما التقى مع قادة ما يسمى "الجيش الحر"، وذلك من دون موافقة الحكومة السورية.

وقال مسؤولون للصحيفة إن زيارة السيناتور ماكين غير العادية، نظمت بمساعدة من القوات الأمريكية، حيث التقى خلالها بمسؤولين عسكريين أمريكيين ومقاتلين أكراد في "عين العرب" الواقعة على الحدود مع تركيا واعترفت جولي تارالو، المتحدثة باسم ماكين، في ذاك الوقت، إنه سافر إلى شمال سوريا وقالت انه يهدف لزيارة القوات الأمريكية المنتشرة هناك ولمناقشة العمليات الجارية لاستعادة الرقة.

جون ماكين وداعش

ارتكز هذا الموضوع على صور ظهر فيها ماكين مع من يعتقد أنه البغدادي نفسه، والتي نشرت بعد زيارته إلى شمال سوريا في مايو/ أيار 2013، وقد التقى ماكين حينها بقادة وعناصر من الجيش الموسوم بـ"الحر" المعارض للحكومة السورية.

في ذاك الوقت أكد نشطاء سوريون على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" ان لقاءً جمع بين السيناتور الجمهوري الأميركي "جون ماكين"، ومتزعم "داعش" أبو بكر البغدادي، خلال زيارة ماكين السرية الى شمال سوريا، وهو ما يثبت حقيقة علاقة الولايات المتحدة الأميركية بتنظيم "داعش" الارهابي.

مزت ووصية ماكين

بعد صراع طويل، خسر السناتور الاميركي ماكين معركته مع مرض سرطان الدماغ الذي اكتشف الاطباء اصابته به في تموز يوليو من العام الماضي وتوفي غداة اعلان عائلته قراره التوقف عن تلقي العلاج عن عمر يناهز واحد وثمانون عاما.

وصف ماكين بعراب الحروب في حكومات الجمهوريين في الولايات المتحدة حيث ايد الحرب على العراق عام الفين وثلاثة وساند قرار زيادة عدد القوات الأميركية هناك عام الفين وسبعة وكان من منظري استراتيجية الهيمنة على نفط دول الخليج الفارسي، كما كان من المحرضين على ان تقفز الولايات المتحدة الى مرحلة الاحتلال المباشر للسيطرة على ثورات الربيع العربي.

وقضى أكثر من ثلاثين عاما فى الكونجرس ممثلا لأريزونا، شارك خلالها بقوة فى نقاشات حول الحرب والسلام، وخسر الانتخابات الرئاسية عام الفين وثمانية التى خاضها فى مواجهة باراك أوباما، وكان ماكين من اشد معارضي الرئيس الحالي دونالد ترامب حيث قال انه يرى اختلال وظيفيا مقلقا في ادارته واوصى بعدم حضور الاخير جنازته وان يمثل نائب الرئيس مايك بنس البيت الابيض خلال مراسيم تشييع جنازته.

هل ستؤثر وفاة جون ماكين على ترامب؟

ستمثل وفاة السيناتور الجمهوري جون ماكين، تحولًا كبيرًا في التحديات التي تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول أمن البلاد، في الوقت الذي يمرر فيه اثنين من أكبر منتقدي ترامب مقاعدهما لاثنين من كبار مؤيدي الرئيس.

ماكين، الذي كان عضوًا بمجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، استغل رئاسته للجنة القوات المسلحة بالمجلس للتشكيك في موقف الرئيس من قضايا أمنية مثل التدخل الروسي، والتعذيب والهجرة، والآن بعد وفاته فجر اليوم الإثنين، ترك منصبه لعضو المجلس جيم إنهوف من ولاية أوكلاهوما، في الوقت الذي سيسلم فيه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوب كوركر (جمهوري من ولاية تينيسي) والذي كان بمثابة شوكة في تعاملات ترامب الدبلوماسية الفوضوية مقاليد الأمور إلى السيناتور جيمس إي ريش (جمهوري من ولاية أيداهو)، في بداية العام المقبل.

وتقول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير لها، إن مغادرة رئيسي اللجنتين بمجلس الشيوخ جديرة بالملاحظة، لكونهما استحوذا على اهتمام وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، بسبب انتقادهما لسياسات البيت الأبيض الخارجية، التي يرون أنها مخطأة، ولكن معًا، كان الرجلان ينذران بتغيير شامل في طريقة استخدام الكونجرس لسلطته الإشرافية لمراجعة أجندة الرئيس الدولية، وذلك طبقًا لمشرعين حاليين وسابقين.

ويقول وزير الدفاع السابق تشاك هاجل، الذي خدم أيضًا في مجلس الشيوخ كجمهوريّ إلى جانب ماكين وكوركر: "إن الرجلين كانا بمثابة استثناء عن القاعدة في كيفية إدارة اللجان داخل مجلس الشيوخ، وقاما بعمل رائع في بحث واستجواب والاختلاف مع الرئيس الجمهوري إذا دعت الحاجة لذلك، وهذا سيتغير بعد رحيلهما بالتأكيد".

وكان ماكين قال عن أداء ترامب بقمة هلسنكي مع فلاديمير بوتين في يوليو الماضي: "لم يخطأ أي رئيس أمريكي من قبل أمام طاغية"، وذلك بعد أن صرح ترامب أنه يصدق إنكار بوتين للتدخل الروسي في انتخابات 2016 أكثر من الاكتشافات التي قامت بها أجهزة المخابرات الأمريكية، فيما قال كوركر عندئذٍ: "كان مؤتمر هلسنكي يومًا سيئًا على دولتنا، والجميع يعرف هذا" واصفًا أداء ترامب بـ "البائس".

ويتساءل الجميع الآن، إذا ما كان أي شخص في الكونجرس الآن قادرًا على ملء الفراغ الذي سيخلفه ماكين وكوركر.

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال annabaa010@gmail.com
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ لوثائقي)

......................................................
المصادر
- ويكيبيديا الموسوعة الحرة
- قناة فرانس 24
-مصراوي
- بي بي سي
- سكاي نيوز عربية
- قناة العالم
- CNN Arabic

اضف تعليق