عقد مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية ملتقاه الفكري تحت عنوان (صعود الدكتاتوريات في النظام العالمي وأفول المعارضة وسط تزايد إنتهاكات حقوق الإنسان) وذلك بمشاركة العديد من الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يُعقد صباح كلّ سبتٍ بمقرّ مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام...
طالما شكل النظام العالمي، ومسارات تحوله من نموذج لآخر إنعطافه مهمة في تأريخ تأقلمه مع الحركات المناهضة والمعارضة، لاسيما تلك التي تعنى بمظلومية الإنسان أو بحقوق الإنسان، ولأجل استيعاب تلك القضية وفهم آليات تطورها، عقد مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية ملتقاه الفكري تحت عنوان (صعود الدكتاتوريات في النظام العالمي وأفول المعارضة وسط تزايد إنتهاكات حقوق الإنسان) وذلك بمشاركة العديد من الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يُعقد صباح كلّ سبتٍ بمقرّ مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
وأدار الملتقى الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية الدكتور قحطان الحسيني، حيث أورد "إن الدكتاتورية هي شكل من أشكال الحكم المطلق حيث تكون سلطات الحكم محصورة في شخص واحد كالملكية أو مجموعة معينة كحزب سياسي أو ديكتاتورية عسكرية. وللديكتاتورية عدة أنواع حسب درجة القسوة فالأنظمة ذات المجتمعات المغلقة التي لا تسمح لأي أحزاب سياسية ولا أي نوع من المعارضة وتعمل جاهدة لتنظيم كل مظاهر الحياة وتضع معاييرا للأخلاق وفق توجهات الحزب أو الفرد الحاكم تسمى أنظمة شمولية، والشمولية يمكن إعتبارها نسخة متطرفة من السلطوية، حيث أن الأنظمة السلطوية لا تتحكم في المنظومة الإقتصادية والإجتماعية للبلد من الناحية النظرية على الأقل، الأنظمة السلطوية بشكل أدق هي الأنظمة التي لا تحكم وفق أيديولوجية سياسية محددة ودرجة الفساد فيها أعلى من تلك الشمولية.
مشيرا إلى أن النظام الدولي يشهد وبشكل مستمر تحولات في واقع الأنظمة السياسية للدول فيحدث أن تتحول الدول والحكومات من دكتاتورية إلى ديمقراطية وهي مسألة طبيعية في التحول، ويمكن أيضا ولظروف داخلية وخارجية أن تشهد الدول التي تتمتع بدرجة ملحوظة من الديمقراطية، تحولا باتجاه الدكتاتورية.
ويمكن تحديد عدة عوامل جوهرية مشتركة تؤدي إلى بروز الدكتاتوريات:
1- خيبة الأمل الشعبية: وهذا ما حدث في بعض بلدان أوروبا، بعد الحرب العالمية الأولى. إذ تركت الحرب آثاراً مدمرة وخراباً إقتصادياً، وعبثاً قومياً، أدت جميعها إلى أزمات عجزت الأنظمة الديمقراطية، عن مواجهتها بالسرعة المطلوبة، وتقديم الحلول الناجعة، فضلاً عما كان يشوب هذه الأنظمة من منافسات سياسية وخلافات جزئية، إنعكست في تفكك روابط الوحدة القومية، وعدم إستقرار حكوماتها، وهذا ما جعل الشعب يقبل الدكتاتورية لما تمتاز به من سرعة الأداء في معالجة الأزمات الخانقة، وما تحققه من إستقرار حكومي.
2- عدم ملائمة النظام الديمقراطي لمستوى التطور الإجتماعي والسياسي: برز هذا العامل في بعض البلدان الأوروبية، وأمريكا اللاتينية، التي اقتبست النظام الديمقراطي من إنكلترا وفرنسا والولايات المتحدة، بعد الحرب العالمية الأولى. وقد فشلت تلك الدول في تطبيق هذا النظام مما مهد الطريق لقيام دكتاتوريات فيها، بذريعة إساءة إستعمال الحرية التي يمنحها النظام، وإساءة تطبيق الديمقراطيات، بسبب عدم النضوج السياسي وتدني الوعي الشعبي. وهذا ما حدث في دول أوروبا الوسطى، ودول البلطيق ودول أمريكا اللاتينية في تلك الفترة التأريخية.
3- حالة الحرب والأزمات: تخلق الحرب حالة الضرورة، التي تؤدي سياسياً إلى قيام حكومة قوية، تعمل على درء الأخطار، وتكتسب مثل هذه الحكومة، الصبغة الدكتاتورية من الصلاحيات الإستثنائية والتفويضات التي تحصل عليها نتيجة الأوضاع الطارئة وحالة الضرورة. ومن المفترض أن تزول هذه الصلاحيات والتفويضات، بزوال حالة الحرب حيث تعود الأحوال العادية، وتعود البلاد إلى وضعها الدستوري من حيث صلاحية السلطات والفصل بينها. غير أن عدداً من الحالات أظهرت أن الحرب قد تخلف مشكلات ضخمة يعجز النظام الديمقراطي بتقاليده وإجراءاته البطيئة عن حلها، مما يؤدي إلى إستمرار حالة الضرورة والإحتفاظ بالوضع الدكتاتوري. وأشارت الأحداث في عدة بلدان إلى أنه ليست حالة الحرب وحدها هي التي تمهد لقيام نظام ذي صبغة دكتاتورية، بل كذلك مجرد التمهيد للحرب.
4- الحركات الثورية أو الإنقلابية: تلجأ الثورات الشعبية، أو بعض الإنقلابات العسكرية، إلى تعليل دوافعها وتحديدها في أسباب وطنية وقومية وإجتماعية.. تقتضي تغييراً في النظام السياسي والإجتماعي، وريثما تستقر لها الحال، فإنها تعمد إلى إقامة حكومة واقعية، تتميز أنها مؤقتة وحكومة تركيز للسلطة، تجمع في قبضتها السلطتين التشريعية والتنفيذية. ريثما تضع دستوراً جديداً يلبي طموحاتها، ولذلك فهي دوماً حكومة ذات صبغة دكتاتورية. وهي إما أن تكون دكتاتورية فرد (دكتاتورية فرانكوفي أسبانيا)، أو دكتاتورية هيئة أو جماعة، كما حدث في فرنسا بعد ثورة 1848 أو ثورة 1870م.
5- تحقيق الاستقلال والتحرر السياسي والإجتماعي: أسهمت قضايا المحافظة على أستقلال الدولة، والتحرر الإجتماعي والإقتصادي من الهيمنة الأستعمارية الأمبريالية في تفجير أحداث أدت إلى متغيرات سياسية، اتخذت شكل إنقلابات عسكرية، أو ثورات شعبية، ولاسيما في البلدان النامية حديثة الاستقلال، وقد ترتب على هذه المتغيرات نشوء حكومات وسلطات دكتاتورية، سواءً منها دكتاتورية فرد أو هيئة أو حزب.
وفي سياق الصراع الدولي، بعد الحرب العالمية الثانية، قامت دكتاتوريات وأنظمة عسكرية بذريعة محاربة الشيوعية، أو مواجهة أخطار النشاطات اليسارية والتقدمية. وكثيراً ما قبلت شعوب البلدان النامية في البداية، التنازل عن حقوقها وحرياتها الأساسية، لقاء رهانها على دكتاتورية الثورات من أجل إنجاز مشروعها السياسي والإجتماعي والإقتصادي.
وعند النظر إلى واقع النظام الدولي الراهن نجده قد شهد تصاعدا واضحا لدور الدول الدكتاتورية التي أصبحت تمتلك من أدوات السلطة والتأثير على المستوى الداخلي والخارجي ما يجعلها تشكل خطرا كبيرا على حقوق الإنسان وكذلك على المعارضة السياسية السلمية ذات البرامج الإصلاحية.
وقد رسمت مؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية المعنية بأوضاع الحريات في العالم صورة قاتمة لهذه الأوضاع في العالم. إذ قالت المؤسسة في تقريرها الذي صدر مؤخرا وتناول أوضاع الحريات وسيادة القانون والديمقراطية في مختلف أنحاء العالم خلال عام 2017 إن الأوضاع تتدهور بوتيرة متسارعة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث بدأت الديمقراطية تواجه أزمة حقيقة منذ العام الماضي وتآكلت فرص إجراء إنتخابات حرة ونزيهة وتراجعت حقوق الأقليات وحرية إعلام وسيادة القانون.
وأشار التقرير إلى أن 71 بلدا شهد تراجعا في أوضاع الحقوق السياسية والمدنية بينما تحسنت فقط في 35 دولة ما يعني أن أوضاع الحريات في تراجع مستمر منذ 12 عاما وبشكل متواصل.
وقال رئيس المؤسسة مايكل ابراموفيتس "إن التحديات التي تواجهها الديمقراطيات في البلدان الديمقراطية مثل هولندا وألمانيا والنمسا ساهمت في بروز قادة شعبويين في هذه الدول وغيرها بإستغلال مشاعر العداء للمهاجرين".
وأضاف "إن جملة عوامل ساهمت في تراجع أوضاع الحريات والحقوق السياسية عام 2017 من بين أهمها: تراجع واشنطن وتخليها عن دورها التأريخي في نشر وتقوية الديمقراطية حول العالم".
وأوضح أن حربي العراق وأفغانستان والركود الإقتصادي العالمي "جعل الشعب الأمريكي أقل إستعدادا لتحمل تبعات الدور الريادي لبلادهم في هذا المجال وبات يربط ما بين تعزيز الديمقراطية حول العالم والتدخل العسكري الأمريكي وتحمل التكاليف الباهظة لذلك".
وقال التقرير "إن إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب تخلت خلال عام 2017 قولا وفعلا عن كل المبادئ والقيم التي مثلت جوهر سياسة الولايات المتحدة خلال العقود السبعة الماضية".
ويقول ديفيد بورسايث في كتابه حقوق الإنسان والسياسة الدولية.. "إن الحكومات التي تتجاهل حقوق شعبها بشكل منتظم لا يحتمل أن تحترم حقوق دول أخرى وشعب آخر ويحتمل أن تسعى إلى أهدافها بالقهر والقوة في الميدان الدولي"، ثم يقدم ثلاثة حجج لربط علاقة حقوق الإنسان بالسلام:
1- كيفية تعاملات الدولة بالداخل وطبيعة سياستها الخارجية.
2- إن إنكار حقوق الإنسان بالداخل قد يؤدي إلى تدخل قوة أجنبية لتصحيح الظلم.
3- إنكار حقوق الإنسان يؤدي إلى صراع دولي مسلح.
إن تصاعد دور الحكومات الدكتاتورية في تفاعلات النظام الدولي سيكون له إنعكاسات سلبية كبيرة على واقع حقوق الإنسان ومن أهمها: الحقوق السياسية كحق المشاركة في السلطة وصنع القرار والحق في حرية التعبير عن الرأي، فقد لوحظ في الآونة الأخيرة ازدياد مضطرد في حالات قمع الحريات وإنتهاك الحق في حرية التعبير عن الرأي برفض سياسات الحكومات مثلما جرى في دول عديدة منها ذات صبغة ديمقراطية وأخرى تصنف على أنها دكتاتورية.
والواضح أن طبيعة الصراعات الدولية ذات السمة السياسية والإيديولوجية التي تشهدها مناطق عديدة من العالم دفع دول الأطراف في هذه الصراعات إلى جعل هدفهم الأساسي هو كسب هذه الصراعات بأي وسيلة كانت حتى ولو أدى ذلك إلى إنتهاكات واسعة وخطيرة لحقوق الإنسان، مما أسهم بالنتيجة قيام الحكومات الدكتاتورية بلجم أي صوت معارض من الداخل وإتباع أساليب قمعية لإسكاته بحجة أن هذه المعارضة مدفوعة بأجندات خارجية مشبوهة تسعى إلى زعزعة أمن البلد من أجل إضعافه وإشغاله بمشاكله الداخلية وبالتالي أضطراره إلى التراجع أو الإنسحاب من مواجهة خصومه الدوليين.
ختاما يمكن القول أن حقوق الإنسان ودور المعارضة السلمية يشهدان أسوأ حالاتهما نتيجة لتصاعد دور الدكتاتوريات على مستوى النظام الدولي، مما يتطلب لفت إنتباه وحدات المجتمع الدولي وخصوصا المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لهذه القضية والعمل على وضع الخطط والبرامج الكفيلة باحترام حقوق الإنسان وخصوصا السياسية منها.
وللإستزادة من الأفكار العلمية ولإغناء الموضوع من قبل الأخوة الباحثين نمنح الفرصة للسادة الحضور ليساهموا بما يجول في خاطرهم من آراء وذلك بالإجابة عن السؤالين الآتيين:
السؤال الأول/ كيف سيكون وضع المعارضة وحقوق الإنسان في ظل مثل هذه الحكومات؟
النظام الدولي يعتمد فلسفة ليبرالية
- الدكتور حسين أحمد السرحان رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الإستراتيجية/جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات للتنمية والبحوث الستراتيجية، يجد "أن الموضوع يربط بين متغيرين أثنين وهما متغير النظام الدولي ومتغير ظهور حكومات دكتاتورية، بالتالي أن فرضية البحث كانت مصيبة بشكل كبير، والسبب في ذلك يعود إلى طبيعة التحولات الديمقراطية في العالم التي تسير وفق ثلاث موجات أساسية، التي كانت آخرها بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وبروز القطبية الأحادية، بالتالي أن الولايات المتحدة اتبعت إستراتيجية معينة وهي نشر الديمقراطيات العالم".
وأضاف السرحان "إن السياسات الخارجية للدول هي إنعكاس للسياسيات الداخلية، لذا فإن طبيعة النظام تؤثر على موقف هذه الدول من النظام الدولي، إضافة إلى ذلك فإن النظام الدولي يعتمد فلسفة ليبرالية حديثة، وهي قائمة على الحرية وعلى الحقوق الأساسية العامة وأيضا الحرية الإقتصادية، لذا تحتاج دول العالم إلى أن تتحول لهذا النمط كي تكون فاعلة وتؤدي أدوارها في أطار النظام الدولي، ولا ننسى أن ظهور هذه الدكتاتوريات بعد (2003) من أولويات النظام العالمي".
وأكمل السرحان حديثه، "الإدارة الأمريكية الحالية اختلفت كثيرا عن سابقاتها، وذلك لتبنيها واقع براغماتي يقوم على الصعود الشعبوي العنصري والقومي، وهذا أيضا مما أشعر دول العالم بأن الولايات المتحدة اليوم تعد ضاغطة وليس من أولوياتها الديمقراطية، لذا فإن مستقبل جماعة المعارضة أو حقوق الإنسان سيؤثر عليها كثيرا وستكون في موقف سيء، وبالتالي هي قد لا تتمكن من تحقيق أهدافها، إلا بعض الديمقراطيات التي تحولت إلى ديمقراطيات ذات نسق مؤسساتي، هذه الديمقراطيات بعيدة عن الخطر علما أن بعض هذه الديمقراطيات نشأت دكتاتورية ومن ثم انتقلت إلى النظام الديمقراطي وإلى المؤسساتي".
أنظمة الإستبداد تختلف في طريقة تعاملها
- حيدر الاجودي باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، يرى "إن أنظمة الإستبداد تختلف في طريقة تعاملها وطبيعة دمويتها في إدارتها لمؤسسات الدولة، حيث يزداد العنف والإضطهاد على حركات المعارضة بطبيعة علاقتها بالملف الأمني والسياسي والإجتماعي، لذا فمن الضروري أن تكون حركات المعارضة خارج نطاق الدولة الدكتاتورية، أي تكون خارج اطار هذه الدولة لتتمكن من التواصل مع جماهيرها بصورة غير مباشرة وبحرية أكثر إتساعا".
أزمة إخلاقية وأخرى إقتصادية
- حامد الجبوري باحث في مركز الفرات للتنمية والبحوث الإستراتيجية، يتصور "وجود أزمتين: الأولى اخلاقية، والأخرى إقتصادية، وهذان الأمران يشكلان حجر الزاوية في نمو حالة الدكتاتورية وتقهقر حالة المعارضة والمطالبة بحقوق الإنسان إلى مستويات منخفضة".
عقلية المجتمع تذهب نحو الحاكم القوي
- كمال عبيد مدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية، يرى "إن الأسباب التي أدت إلى صعود الدكتاتورية الحديثة، هي عقلية المستبدون الجدد الذين يستخدمون أساليب حديثة أيضا، وهي لا تقتصر على العنف فقط، وإنما (التشويه، التسقيط، الدعاية)، وأيضا يستخدمون القوة الناعمة من أجل التعتيم الإعلامي، المشكلة الأخرى عقلية المجتمع تذهب نحو الحاكم القوي، حيث يرون به المخلص وهو الذي يجعل المجتمع أكثر أزدهارا وأكثر تقدماً، وبالتالي ضعف المؤسسات الأخرى كالمعارضة وضعف منظمات حقوق الإنسان، سوف يؤدي في المستقبل القريب إلى تراجع المعارضة، مع تعدد أساليب السلطة والدكتاتورية الصاعدة".
يستخدم الدين لغرض إنتهاك حقوق الإنسان
- أحمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، يعتقد "إن نهاية الحرب العالمية الثانية، التي قامت على أنقاض دكتاتورية ضخمة وكبيرة جرت العالم إلى ويلات، وهنا نذكر الحزب النازي ودكتاتورية هتلر، بدأ العالم يفكر في كيفية حفظ حقوق الإنسان وفي كيفية إنشاء منظمات دولية، تكون لها سلطة قوية على حماية هذه الحقوق، وبالتالي أنشأت منظمة الأمم المتحدة بفروعها مجلس الأمن وحقوق الإنسان، حتى تكون هذه كلها من الأجهزة التي تراقب أداء الدول وأداء الأنظمة، والإنتهاكات التي تتعرض له حقوق الإنسان".
وأضاف جويد "اليوم أصبحت الأمم المتحدة ضعيفة جدا في أداء واجبها، وبالتالي أمست تلك الدول الكبيرة التي تقود هذه المنظمة الدولية، تحكمها مجموعة دول أو بمعنى أدق (المافيات)، علما أن العولمة ساهمت وإلى حد كبير في صناعة تيارات تقف خلفها الكراهية للآخر، وأقرب مثال على ذلك هو ما شهدناه بالإنتخابات السابقة والتي أفرزت الحكومة الحالية للولايات المتحدة الأمريكية، فكانت قضايا الكراهية والشعبوية هي صاحبة الحظ الأوفر في حملة الرئيس الأمريكي ترامب".
وأكمل جويد حديثه، "الدكتاتوريات هنا لم تقتصر على الأنظمة في الغرب، فحتى الأنظمة التي تقوم على التدين وترفع الشعار الديني، هي تحاول أن تستخدم الدين لغرض إنتهاك حقوق الإنسان، فضلا عن أنها تعطي لنفسها صلاحيات كبيرة، وأنها الممثلة لسلطة السماء في الأرض، وتنتهك حقوق الإنسان باسم الدين، لذا فإن الجنوح نحو الإستبداد ليس بالجديد على الطباع الإنسانية".
فشل المشروع الليبرالي
- الشيخ مرتضى معاش المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، "هناك أفول للمعارضة وصعود للدكتاتوريات وزيادة في إنتهاك حقوق الإنسان ولعدة أسباب، فأقوى الدول في العالم هي دول دكتاتورية، بصورة مباشرة مثل (الصين) التي هي دكتاتورية وتملك أكبر إقتصاد ناجح في العالم، وهي تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك فائض إقتصادي كبير ونقد إقتصادي كبير جدا ونقد دولاري كبير، وقد انتخب الرئيس الصيني رئيسا مدى الحياة وهنأه الرئيس الأمريكي ترامب رئيس اكبر ديمقراطية في العالم، وكذلك روسيا فهي دولة دكتاتورية ولكن عبر الإنتخابات وهناك بطبيعة الحال غياب كامل للمعارضة في روسيا، فضلا عن زيادة في إنتهاك حقوق الإنسان وقوة عسكرية كبيرة تدعم أنظمة لها إنتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان".
وأضاف معاش "وهذا يتجلى من خلال الدعم الروسي لسوريا وإيران، اليوم أي معارض في روسيا يحاكم ويسجن مباشرة، في مصر كذلك ليس هناك إنتخابات وأحزاب حقيقية ولا توجد معارضة، بالتالي أي مرشح يترشح أمام الرئيس مصيره السجن أو يتهم بقضايا أخرى بغية زجه بالسجن، أيضا هناك دول أخرى مثل أمريكا صعد فيها شخص دكتاتوري عبر الإنتخابات مثل ترامب، ذلك الشخص ينتهك حقوق الإنسان وأمر باحتجاز أطفال المهاجرين وشن حرب كبيرة على حقوق الإنسان في داخل وخارج أمريكا، هذا الشيء أفرز كراهية كبيرة للديمقراطية، وذلك لأن الديمقراطية الغربية فشلت فدول مثل فرنسا وبريطانيا وهي من أكبر الدول الديمقراطية تتحالف مع النظام السعودي وتبيعه الأسلحة التي تقتل الآلاف في اليمن وفي البحرين وفي أفغانستان، فنلاحظ فرنسا وبريطانيا تبيع السلاح ولا تهتم لحقوق الإنسان.
وأضاف، "لذلك نجد هناك رد فعل عند الناس نحو الديمقراطية، التي أعطت الحق لأشخاص فاسدين ودكتاتوريين وتسببت بصعود أحزاب فاسدة، فأي شاب في العراق يرفض المشاركة بالإنتخابات، لأن الانتخابات برأيه تأتي بشخصيات فاسدة، وهذه الشخصيات وتلك الأحزاب أصبح لها رصيدا كبيرا جدا من الأموال والقوة الفائضة، وبالتالي أي شخص يتحدث يسجن ويطارد ويحاكم عن طريق الإنتخابات وعن طريق الديمقراطية، وهذا مما أعطى للدكتاتوريات القوة من أجل المزيد من إنتهاكات حقوق الإنسان والمزيد من القمع".
وأضاف "هذا بسبب فشل المشروع الغربي وأيضا فشل المشروع الليبرالي، والسبب لأن سقف مطالب الليبراليين سطحي وتافه بحيث تركوا الأشياء الكبيرة وانشغلوا بالامور التي تزعج الناس وتنفرهم عن الديمقراطية وحقوق الانسان مثل حقوق الشاذين جنسيا، علما أن المشروع الليبرالي هو مجرد شعارات وليس واقعا، وأيضا فشلت العولمة لأن أدواتها كشبكات التواصل الإجتماعي والإنترنت، تلك الأشياء أصبحت أداة قوية جدا بيد الدكتاتوريين في العالم، فعلى سبيل المثال بوتين يمتلك جيش الكتروني هائل يتدخل في الإنتخابات الأمريكية والألمانية وأي إنتخابات أخرى في العالم، أيضا الفيسبوك هو أداة بيد الدكتاتوريين وليس بيد الأشخاص الذين يبحثون عن الحرية، وهذا دليل واضح على فشل العولمة وصعود الدكتاتوريات في الصين وأمريكا، بالتالي نحن نواجه مأزقا كبيرا لذا لابد على المفكرين والنخب أن يفهموا هذه المعادلة".
المعارضة تواجه حكومات أشبه بالمقدسة
- الباحث عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، "يرى من البديهي عدم وجود معارضة في ظل نظام دكتاتوري، وذلك لأن هذا المبدأ يقمع بمجرد التفكير فيه، وهذا تشخيص واضح لأصل النظام القائم في العراق سابقاً، لكن المسألة الحالية الآن كيف بدأت تتصاعد الدكتاتوريات؟، فسابقا كانت تتم من خلال الإنقلابات العسكرية والإستيلاء على السلطة من خلال استخدام الجيش والعسكر، وهي عملية واضحة ولأسباب معينة وكما يقول البعض (الدكتاتوريات تبدأ جميلة وتنتهي مرة) ولكن في الحقيقة بدأت مرة فكيف ستنتهي؟، فالطريقة التي تبدأ بها الدكتاتوريات اليوم هي تلبس رداء الديمقراطية".
وأضاف الصالحي "إنك عندما تعترض إنما تعترض على شيء مشرع ومقدس، أي أنها آراء الشعوب وهذا ما جاءت به صناديق الاقتراع، فبالنتيجة فانك كمن يغرد خارج السرب ويواجه تيارا مصنعا، ولكن واقع الحال هو تيار طبيعي أي أن الشعب قد اختار تلك الشخصيات وهذه الحكومات فما لك تعارض هذه الإختيارات، وهنا تتهم المعارضة وحقوق الإنسان بأنها هي التي تخرب البلد وهي التي تسير عكس مصالح العباد والبلاد، فالثوب الجديد الذي تتقمصه الدكتاتوريات هو ثوب الديمقراطية، وهذا الأمر ليس وليد الصدفة بل هو وليد جديد للعالم، وبالتالي العالم أمام مأزق كبير سيواجهه إذا ما استمر النهج على ما هو عليه وبوجود تلك الدكتاتوريات، وهناك أيضا مستقبل مخيف للمعارضة لأنها ستواجه حكومات أشبه بالمقدسة فقسم منها يحمل شعار حكومة الشعب والقسم الآخر يحمل شعار حكومة الاله".
دكتاتورية النظام العالمي سبب هذه الفوضى العالمية
- الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون والباحث في مركز آدم، يجد "إن الوضع سيكون بديهيا وسيئا، وذلك باعتبار أن المعارضة وسواء كانت الدكتاتورية أيديولوجية أو غير أيديولوجية، سيكون وضعها مختلف، حيث لن نجد معارضة حقيقية، وإنما معارضة مصنعة لمعارضة هذا النظام، ولن نجد معارضة حقيقية شعبية منطلقة من أهداف واضحة، اليوم جل المعارضات التي نجدها في الدول الديكتاتورية خصوصا الديكتاتوريات الإيديولوجية هي معارضات مصنعة".
وأضاف الحسيني "لو نظرنا إلى الخليج مثلا ولو نظرنا إلى الحكومات الدينية التي تدعي التدين وتحمله شعارا ولنا دولتين في المنطقة، هذه المعارضة ليست معارضة حقيقية وليست معارضة شعبية نابعة من مصالح أساسية، وإنما هي لعبة بيد قوى أجنبية ودول كبرى في العالم، تحاول أن تشوه على بعضها البعض الآخر، ربما خدمة لمصالح ولمشاريع وربما خدمة متبادلة بين دولة وأخرى لذلك لا أجد معارضة حقيقية، في الدكتاتوريات غير الإيديولوجية والعسكرية عموما نجد معارضة إيديولوجية، ولنا في السيسي والاخوان المسلمين المثال البارز في هذا الموضوع".
وأكمل الحسيني حديثه "يحب أن يكون النظام سواء كان دكتاتوري أو ديمقراطي، المعارض لهذا النظام نابع من الشعب ومن إرادة شعبية، وذلك لأن حقوق الإنسان مرتبطة بالحاكم وبالمعارض، فممارسة حقوق الإنسان تمارس لاسيما الأساسية، هي تمارس من قبل المعارض وتراقب من قبل الحاكم، فان كان الحاكم قد ضمن هذه الممارسة كان النظام يقترب إلى النظام الديمقراطي وأن لم يضمن فنقترب من النظام الدكتاتوري".
وأضاف "أين نجد هذا النظام في دول من دول العالم؟، لا نجد ذلك، وهو عبارة عن تمثيليات تمارس على الشعوب وهي مغلوب على أمرها، والمعارضون أيضا هم عبارة عن تجار بمصالح هذه الشعوب، ولنا في المعارضة السورية المثال الأقرب فهم موزعون في تركيا والأردن والخليج، وهم يعتاشون على منح وهبات تمنحها إياهم بعض الدول الدكتاتورية باسم الديمقراطية ونشر الديمقراطية، بالتالي نجد حقوق الإنسان في حالة من التراجع في ظل الوضع العالمي، والسبب هنا يتمحور حول دكتاتورية النظام العالمي وهو سبب هذه الفوضى العالمية".
السؤال الثاني/ ما هو دور العالم المتحضر ومنظمات حقوق الإنسان في الوقوف بوجه هذه الحكومات؟
- الدكتور حسين أحمد السرحان يؤكد على "إن الولايات المتحدة الأمريكية دعمت الربيع العربي وحركات التغيير في (تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن)، لكنها بالمقابل لم تدعم موضوع الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في دول الخليج، وهي أنظمة ملكية والبعض منها غير دستورية وهناك مؤشرات واضحة على الدكتاتورية، حتى روسيا عندما دعمت النظام السوري والإيراني، بالتالي أن منطلق العلاقات الدولية قائم على المصلحة، فطالما هذه الدكتاتوريات لا تهدد المصالح الأمريكية وتكون متجاوبة مع المصالح الأمريكية، وذلك من خلال أدوارها الإقليمية".
وأضاف السرحان "قد لا تكون مدعاة للتغيير بل على العكس أن تغيير تلك الأنظمة يضر بتلك المصالح، وللإجابة على هذا السؤال فان التغيير الناجم من الداخل هو الأفضل، فهذا التغيير وسواء كان عن طريق النظام السياسي فتتولد لديه صحوة لإصلاح ذاته بذاته فهذا جيد، في بعض الأحيان بعض القوى السياسية هي تريد التغيير، لكنها تواجه معارضة داخلية من قبل قوى سياسية أخرى فربما هي تستعين بالجمهور، وهذه الحالة توفرت للحكومة العراقية الحالية لكنها لم تتمكن من إستغلالها".
وأشار السرحان إلى أن "اليوم لا يمكن التعويل على المنظمات الدولية، فدائما التغيير السياسي والإجتماعي هو نتاج لتغيير إجتماعي، بالتالي بما أن إدارة البلاد وشؤون الشعب بالنظام الحاكم أو بالجمهور، لذا فإن بداية التغيير تبدأ من الداخل وربما تحتاج إلى مساعدة منظمات دولية، وذلك من خلال رسم الإستراتيجيات أو خلق تعاملات معينة لاسيما في أطار علاقتك الدولية، بغية تعزيز نموذجك الديمقراطي من خلال العلاقات الدولية".
- حيدر الاجودي يرى "ضرورة أصطفاف منظمات المجتمع المدني مع إرادة الجماهير، من أجل تغيير الأنظمة الدكتاتورية وذات السلطة المستبدة، وهذا يتم من خلال إشراك جميع المواطنين على أختلاف مستوياتهم الثقافية والإجتماعية في بناء كيان الدولة، بتغيير وجوه الدولة الدكتاتورية وتثقيفهم باختيار الأشخاص المناسبين لإدارة الدولة، وهذا يمر عبر العمليات الديمقراطية التي تتيحها الدولة بتغيير المسؤولين عن طريق الإنتخابات".
- حامد الجبوري يجد "إن التغيير لابد أن ينطلق من الداخل، علما أن أي ضعف في الداخل سيترتب عليه ضعف في الخارج، وهذا ما أكد عليه المفكر الجزائري مالك بن نبي حينما قال (الدولة لا تستعمر ألا عندما تكون ضعيفة من الداخل)".
- كمال عبيد يعتقد "إن استبداد النظام العالمي الجديد وبرغماتية العلاقات الدولية، وفق المصالح الخاصة فيما بينها إضافة إلى سياسة الكيل بمكيالين، جعلت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ضعيفة التأثير، فيما يخص الدفاع وحماية حقوق الإنسان والحريات، لكن من واجب المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان العمل على عقد إتفاقيات مشتركة، مع الدولة والمنظمات لتثقيف المجتمعات فيما يخص الحريات والحقوق، إضافة إلى استخدام الضغوط والعقوبات ضد الأنظمة الدكتاتورية، طبعا أن خطورة الأنظمة الدكتاتورية التي تلبس ثوب الديمقراطية هي في الدولة العميقة، وهذه الدولة هي التي عززت إنتهاك حقوق الإنسان، لذلك يجب جعل دور الحاكم دور تنفيذي، بالتالي لا يحق لنا أن نبحث عن الحاكم القوي بل عن المؤسسات القوية والمجتمعات القوية".
- أحمد جويد "يستفسر عن ما هو المطلوب فعله بالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان، خصوصا وأن دورها يتركز حول رفع التقرير إلى الجهات الدولية، بالتالي هي ليست جهة لديها سلطة وأن توقف حرب وأن تعمل التقارير المهنية والواقعية وتصل بها إلى صانع القرار الدولي، الخلل يكمن في النظام العالمي الجديد كونه يجنح نحو التوحش والاستبدادية ونحو المادية أكثر وترك حقوق الإنسان، لذا الخشية كل الخشية أن تصبح قرارات الأمم المتحدة ضعيفة وغير معتبرة من قبل ذات الدول التي يقع عليها مسؤولية حفظ كيان هذه المؤسسة".
وأضاف جويد "نرى تلك الدول تجنح نحو الدكتاتورية، وهي أيضا تنتهك حقوق الإنسان وتساند الدول الدكتاتورية، بريطانيا على سبيل المثال الدولة العتيدة في الديمقراطية الآن هي مع النظم الدكتاتورية المستبدة، التي تقوم جهارا نهارا بقتل أطفال اليمن يوميا وأمام مسمع ومرأى كل العالم، فهل تستطيع منظمات حقوق الإنسان أن توقف بريطانيا عن تزويد السعودية بالأسلحة، بل أن مصالح هذه الدول، وبالتالي هي تقدم مصالحها على حقوق الإنسان في دولنا، حيث يوجد التوحش وهناك شركات أسلحة مستفيدة، وهناك أيضا دول تبحث عن نفوذ".
وأكمل جويد حديثه "بالتالي تجد منظمات حقوق الإنسان نفسها في موضع لا تحسد عليه، منظمات حقوق الإنسان في لجنة بسيوني رفعت تقرير حول البحرين والإنتهاكات التي يتعرض لها الشعب البحريني، لكن للأسف نجد أن العالم يسير في منزلق خطير، لذا نحن نخشى أن يأخذ منحى آخر، وذلك كون الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي أصبحت أشبه بالدكتاتورية أو تساند الدكتاتوريات".
أفكار لا تصلح بل تدمر
- الشيخ مرتضى معاش يرى "إن الأفكار التي نحملها هي التي تسمح في تشكيل الدكتاتورية، فعلى سبيل المثال لو أجرينا تحقيق مع الشباب أو غيرهم، نجد أن الأنظار تتجه نحو الدكتاتور على اعتباره أفضل من هؤلاء الموجودون في السلطة اليوم، وهنا نستبدل الخيار السيء بخيار سيء آخر، هذه واقعا أفكار لا تصلح بل تدمر، بالتالي هذه هي الأفكار التي تسمح بمجيء ترامب، وهذا دليل مضاف على فشل المجتمع وفشل المنظمات والمؤسسات الموجودة، فبدل أن ننتخب الشخص الكفء نختار النموذج الرديء".
وأضاف معاش "كذلك عندنا في العراق فعندما يكون خيارنا هو البحث عن دكتاتور تكون مشكلة خطيرة جدا، فهذه الأفكار وغيرها هي التي تساعد على ظهور الدكتاتورية، فمثلا (المركزية والبيروقراطية والشعوبية والقومية والطائفية)، هذه كلها تساعد على ضمور المجتمع المدني والمدنية وبروز النوازع البدائية الغريزية التي تساعد على الأنانية وعلى الدكتاتورية، وعلى عالم اليوم أن ينتبه للكوارث التي تصنعها الدكتاتورية، فقد صعد هتلر في الإنتخابات وقاد المانيا إلى حرب كارثية كبرى مات فيها ملايين البشر".
وأكمل معاش "خصوصا وأن العالم اليوم يمتلك أسلحة نووية، اليوم رئيس كوريا الشمالية والرئيس ترامب الكل منهم يهدد العالم بإستخدام الأسلحة النووية، الشيء الآخر على منظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية أن تنمي الحالة التثقيفية، وذلك على اعتبار أن الدكتاتورية ليست خيارا بديلا، بل أن الديمقراطية تجربة تحتاج إلى (ممارسة، عمل، حركة، إصلاح مستمر، شفافية، نزاهة، رقابة، تطوير منظمات المجتمع المدني)، بالتالي من المهم أن يتطور عمل تلك المنظمات وأن يكون هناك استطلاع رأي وتدخل في عمق الناس، وأن يكون لها كذلك دور كبير في بناء الفكر الديمقراطي وبناء الحرية عند الناس، عند ذاك ستبرز معارضة حقيقية وينشط عمل منظمات المجتمع المدني".
- عدنان الصالحي يصف منظمات المجتمع المدني "أنها لم يعد لها القدرة على مجابهة النظام الدكتاتوري، فالدكتاتوريات هي نتاج فساد سياسات متفرعة لسنوات طويلة وهي مرتكزة على مجاعة بعض الدولة واحتياجاتها، فهي بين إنهاك هذه الشعوب وبين إيجاد دول حليفة لها أو تحتاج إليها، إذا هناك خطر يتعاظم يقابله ضعف في المواجهة وضعف في نمو هذه المنظمات، لذا نحن نحتاج اليوم إلى تفكير جدي بمنظمات بديلة أو مجتمع دولي حقيقي، ناتج عن مأساة الدكتاتورية ليواجه هذه الدكتاتوريات".
دول العالم المتحضر ذات سلوك مزدوج
- الدكتور علاء الحسيني يتصور "أن العالم المتحضر يكاد يكون دوره جيد إلى حد ما، لكن هذا العالم المتحضر أين هي مصاديقه؟، فهل نقصد بالعالم المتحضر الدول الكبرى أو العظمى أو الديمقراطية، خصوصا وأن الدولة التي قطعت أشواطا بعيدة في الديمقراطية هي ذات سلوك مزدوج، ففي الداخل هي تحمل شعار الديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان إلى حد ما، لكنها في الخارج هي أول من تنتهك حقوق الإنسان وتلعب على جثث الموتى في الشرق الأوسط، بالتالي ليس هناك تعويل على هذه الدول".
وأضاف الحسيني "أما إذا كنا نقصد في العالم المتحضر المثقفين الناشطين في ميدان حقوق الإنسان، فهؤلاء لا يملكون الأدوات الحقيقة الفاعلة للتأثير في مثل هذه الحكومات ومسار هذه الحكومات، فلو جئنا إلى المنظمات الدولية التي تتبع الأمم المتحدة مثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان - لجنة حقوق الإنسان، كل تلك المنظمات هي تابعة لجهاز اسمه (الجهاز الإقتصادي والإجتماعي)، هذا الجهاز عمله يتركز حول إعداد التقارير، وبالتالي هو يكلف من قبل مجلس الأمن وعندما يصدر هذا المجلس قرار معين، ونحن هنا كمن عاد لدوامة الدولة العظمى والمصالح المختلفة".
وأكمل الحسيني "الشيء الآخر فعندما نريد التعويل على المنظمات غير التابعة للأمم المتحدة كالصليب الأحمر والهلال الأحمر وغيرها، هذه منظمات ناشطات في مجال القانون الدولي الإنساني، وهنا دور تلك المنظمات يتركز في أوقات الحرب، ويكون تدخل تلك المنظمات كوسيط أو طرف محايد لغرض إنقاذ الغرقى الأسرى وتقديم المساعدات، وهي ممكن أن ترصد بعض الممارسات السلبية، بالتالي ليس هناك حل في المدى المنظور".
وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور قحطان الحسيني الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، بالشكر الجزيل والإمتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع، وتقدم بالشكر أيضا إلى وسائل الإعلام التي شاركت بتصوير الملتقى الفكري الأسبوعي لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
اضف تعليق