يعد البرنامج النووي الايراني من أكثر القضايا الدولية تعقيدا، فقد اتسم بالغموض والمماطلة السياسية والأجندة المجهولة في مختلف مراحل المفاوضات وعلى مدى أكثر من عقد، كما اثار مخاوف كبيرة من اندلاع حرب في الشرق الأوسط.
لكن منذ أن بدأت ايران بحملتها الدبلوماسية واعتماد مرونة سياسية غير مسبوقة في مسعى للتواصل مع الغرب من أجل تخفيف حدة التوترات والضغوط والعقوبات التي أنهكت الاقتصاد الإيراني، أخذت الامور مسار آخر يحاول أن يتجنب المواجهة، فضلا عن بناء علاقات جديدة مع أمريكا تحديدا لفتح كوة في جدار الصراع المستدام بينهما، كون هذا ملف العلاقات الايرانية الامريكية يخلو من الحلول الوسطى منذ عقود، وقد ظهرت بوادر تسوية تجسد التوصل لبعض التفاهمات بحلول 31 اذار/مارس، وبدأت بعض البوادر تشير الى اتفاق يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني مقابل رفع العقوبات الدولية التي تلقي بثقلها على الاقتصاد الايراني، إذ تسعى ايران للتوصل الى اتفاق نهائي مع الدول الست الكبرى في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا)، لكن هذا الاتفاق وعلى الرغم من الاجواء الدبلوماسية غير المعهود بين طرفي الصراع، تقف امامه عقبات اساسية تتمثل بأن القول الفصل بيد زعيم ايران الاعلى آية الله علي خامنئي، وأي تغيير يحتاج لموافقته، على الرغم من تحركات الحكومة، في المقابل يشكل الملف النووي الايراني ازمة في التعامل بين الحكومة الامريكية والكونجرس الذي يحاول منع الوصول الى اتفاق مع ايران ومضاعفة العقوبات كون معظم النواب على ارتباط وثيق مع اللوبيات الاسرائيلية المعادية لايران، في حين تسعى الجهة الديمقراطية بقيادة اوباما وكيري لكسب الاتفاق من اجل لحصول على مكاسب سياسية لاسيما بعد تنمر الكونجرس على قرارات السلطة التنفيذية في امريكا، وهو ما دعا هذه السلطة لاتخاذ موقف جديد خلال المحادثات، ورحب مسؤولون إيرانيون في أحاديث خاصة بموقف الولايات المتحدة وفرنسا الجديد من العقوبات الدولية. ويقول دبلوماسيون إن أعضاء آخرين في مجموعة القوى الست يدعمون فكرة الوقف السريع للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة بسبب النشاط النووي الإيراني في حال إبرام اتفاق وذلك على الرغم من تحذيرهم من أن كثيرا من القيود التي فرضتها المنظمة الدولية ستظل قائمة.
وتستلزم نحو ثمانية قرارات للأمم المتحدة تعود للعام 2006- منها أربعة تفرض عقوبات- من إيران تجميد عملية تخصيب اليورانيوم وغيرها من الأنشطة النووية الحساسة. وتحظر أيضا على البلاد شراء وبيع التكنولوجيا النووية وكل شيء مرتبط بالصواريخ البالستية. ويوجد أيضا حظر للسلاح فرضته الأمم المتحدة.
وزاد كيري في مقابلته مع (سي.بي.إس) من انتقاده للجمهوريين الذين قالوا إن السعي لاستصدار قرارات من مجلس الأمن تتبنى أي اتفاق وترفع العقوبات الدولية قبل موافقة الكونجرس الذي يقوده الجمهوريون سيكون شيئا خاطئا.
وقال إن رسالة وقعها عدد من أعضاء مجلس الشيوخ موجهة للقيادة الإيرانية هو تدخل لم يسبق له مثيل في السلطة التنفيذية. وكان 47 من الجمهوريين في مجلس الشيوخ حذروا في الرسالة من ان أي اتفاق مع الرئيس باراك أوباما يتجاوز مجلس الشيوخ لن يكون ملزما ويمكن إلغاؤه في وقت لاحق، وعبر كيري عن أمله في ألا تقلل الرسالة من شأن المفاوضات في لوزان، وهذا يكشف شدة الصراع داخل امريكا بشأن ايران.
على صعيد ذي صلة يقول مسؤولون إيرانيون ومصادر بالمخابرات ودبلوماسيون غربيون إن ما لا يقل عن مليار دولار نقدا هربت إلى إيران مع سعيها لتفادي العقوبات الغربية وهو رقم أكبر مما تردد في السابق، وحالت العقوبات التي فرضها الغرب بسبب برنامج إيران النووي بين طهران وبين النظام المصرفي العالمي حيث صعب عليها الحصول على الدولارات التي تحتاج إليها لتعاملاتها الدولية، وظهر حجم هذا التهريب في الوقت الذي تجري فيه طهران محادثات مع القوى العالمية بشأن برنامج إيران النووي سعيا إلى اتفاق لرفع العقوبات التي قلصت صادراتها النفطية بواقع النصف وألحقت الضرر باقتصادها.
وتعد العقوبات الاقتصادية الغربية ضد ايران بمثابة السلاح الغربي لحرب ناعمة طويلة الامد ضد الجمهورية الاسلامية، حيث ألحق هذا السلاح الناعم أضرارا كبيرة بالاقتصاد الإيراني لكن في الوقت الحاضر مع تمديد المفاوضات يبقى مصيرها معلقا بين الخروج من عنق الزجاجة بطريقة شبه مستحيلة أو ستواصل مسيرتها نحو النهايات المفتوحة.
وعليه تشير المعطيات التي سبق ذكرها بأن الاتفاق الحاسم بشأن البرنامج النووي الايراني يبقى ضمن مسلسل النهايات المفتوحة في ظل العناد السياسي والمماطلة بين طرفي النزاع، ففي كل مرة تصل بها المحادثات الى انفراجة واتفاق مأمول تصدها عقبات وعوائق مفاجئة من لدن طرفي المفاوضات.
الاتفاق النووي بيد خامنئي
من جهته اعلن رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني ان النواب الايرانيين لن يفشلوا الاتفاق النووي الذي يتم ابرامه مع القوى الكبرى اذا وافق عليه المرشد الاعلى علي خامنئي، منددا بالتهديد الذي لوح به الجمهوريون في مجلس الشيوخ الاميركي.
وتابع لاريجاني "نحن معا وهناك تنسيق وتشاور بين الحكومة والبرلمان والجميع تحت اشراف المرشد الاعلى" الذي له الكلمة الفصل حول الملفات الاستراتيجية في الجمهورية الاسلامية، وقال لاريجاني في مؤتمر صحافي ان "البرلمان والحكومة على النهج نفسه. ليست لدينا المشاكل الموجودة في الولايات المتحدة"، في اشارة الى الرسالة المفتوحة التي وجهها جمهوريون في مجلس الشيوخ الاميركي وكتبوا فيها ان الكونغرس وحده يملك سلطة رفع العقوبات الاميركية نهائيا عن طهران. بحسب فرانس برس.
وعلق لاريجاني قائلا ان "ما فعله اعضاء مجلس الشيوخ هو عمل هواة، حتى خبراؤهم السياسيون انتقدوهم لانهم شككوا في نزاهتهم. لن نقع في مثل هذا الخطأ"، وحذر الاكثر تشددا من النواب حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني من تنازلات محتملة يمكن ان يقدمها فريق المفاوضين بقيادة وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وظريف موجود في لوزان بسويسرا منذ الاحد لجولة محادثات حاسمة مع مجموعة 5+1.
مؤشرات ايجابية وقرارات صعبة
فيما اعلن رئيس الوكالة الايرانية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي ان بلاده والولايات المتحدة اتفقتا على 90% من المسائل التقنية في المفاوضات الثنائية بخصوص برنامج طهران النووي، وصرح صالحي "اتفقنا على 90% من المسائل التقنية" في المفاوضات مع وزير الطاقة الاميركي ارنست مونيز. بحسب فرانس برس.
واضاف صالحي في تصريحات نقلها موقع التلفزيون الرسمي الايراني "لقد توصلنا الى اتفاقات متبادلة بخصوص معظم القضايا .. والخلافات الوحيدة الان هي حول قضية رئيسية واحدة، وسنحاول حلها في اجتماع هذا المساء" بين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ونظيره الاميركي جون كيري.
وبدا صالحي اكثر تفاؤلا من مسؤول اميركي بارز في المحادثات الجارية في مدينة لوزان السويسرية الذي تحدث قبله عن وجود خلافات رئيسية قبل المهلة النهائية في 31 اذار/مارس للاتفاق على اطار لاتفاق نووي شامل.
في الوقت نفسه دعا دبلوماسي اميركي كبير ايران الى اتخاذ "قرارات صعبة جدا" للتوصل الى اتفاق حول ملفها النووي، وذلك بعد محادثات استغرقت خمس ساعات بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والايراني محمد جواد ظريف. بحسب فرانس برس.
وصرح الدبلوماسي في سويسرا التي تستضيف المحادثات "ما زال على ايران اتخاذ قرارات صعبة جدا وضرورية لتهدئة المخاوف الكبرى المتبقية بخصوص برنامجها النووي"، وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته "لا نزال نامل بان نتمكن من تحقيق ذلك، ولكن بصراحة لا زلنا لا نعلم ما اذا كنا سنتمكن من ذلك"، واضاف "لا نعلم بعد ما اذا كان التوصل الى هذه الاجزاء (النهائية) صعبا للغاية".
الغرب يأمل في الحصول على تنازلات
من جانب اخر قال مسؤولون إن القوى الغربية تأمل في الحصول على تنازلات من طهران قد تساعد في التوصل إلى اتفاق سياسي في المحادثات النووية هذا الأسبوع بعد أن عبرت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية عن استعدادها لحل وسط بشأن تعليق عقوبات الأمم المتحدة.
وحث كيري إيران على اتخاذ قرارات عاجلة من أجل التوصل إلى اطار سياسي لاتفاق نووي مع طهران يتيح رفع العقوبات مقابل الحد من برنامج طهران النووي قبل الموعد المحدد بنهاية مارس اذار. وكان الجانبان حددا 30 يونيو حزيران موعدا نهائيا لانجاز اتفاق.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة عن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله "ما زالت هناك فجوات خطيرة..أحرزنا تقدما في المحادثات الاخيرة وسنرى خلال هذه الجولة من المحادثات ما إذا كان يمكن تحقيق المزيد من التقدم"، وأضاف "نأمل في تضييق الفجوات المتعلقة بالخلافات المهمة". بحسب رويترز.
وقال كيري لمحطة (سي.بي.اس) الاخبارية انه يأمل التوصل في "الأيام القادمة" إلى اتفاق سياسي مؤقت مع إيران اذا أظهرت طهران أن برنامجها النووي ليس مخصصا إلا للأغراض السلمية، وتابع "اذا كان سلميا فلننجزه. وأملي أن يكون ذلك ممكنا في الأيام القادمة"، وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة والقوى الخمس الكبرى الاخرى وإيران بدأت محادثات حول مشروع قرار محتمل للتصديق على اي اتفاق في المستقبل وبحث رفع عقوبات الأمم المتحدة، وقال مسؤولون غربيون إنه من الممكن تخفيف عقوبات الأمم المتحدة سريعا في حالة ابرام اتفاق.
ووصف مسؤولون مقربون من المحادثات الأمر بانه تنازل جديد كبير من جانب الولايات المتحدة التي أصرت لفترة طويلة على ضرورة استمرار عقوبات الأمم المتحدة لسنوات قادمة بعد توقيع اي اتفاق نووي مع امكانية رفع إجراءات ثنائية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على نحو أسرع، وقال مسؤول غربي لرويتز بعد ان اشترط عدم نشر اسمه "كان هذا تحولا تاما في الموقف الأمريكي ونأمل أن يتبع الإيرانيون ذلك بتقديم تنازلات من جانبهم..التنازلات معظمها حتى الان من جانب واحد رغم احراز بعض التقدم المحدود في الآونة الأخيرة".
وقال مسؤول إيراني كبير لرويترز "إيران تعلم أن الأمر لن يحصل بين عشية وضحاها.. ولكن كونه موضع بحث في عواصم (القوى الست) ووجود تحرك فهذا مؤشر على رغبتهم في حل القضية"، وقال مسؤولون على جانبي المحادثات إن من الصعب للغاية التوصل لاتفاق سياسي هذا الأسبوع. ويقول مسؤولون إيرانيون إنه ليس من المرجح التوقيع على اتفاق هذا الأسبوع على الرغم من أنهم لم يستبعدوا التوصل لنوع من التفاهم الشفوي.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن أي رفع للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة لن يكون له تأثير على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة من جانب واحد أو يحد من قدرة واشنطن على اتخاذ إجراءات من جانبها ضد إيران في المستقبل.
كيري في باريس بشأن ايران
على صعيد متصل وصل وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى باريس سعيا للحصول على دعم اوروبي لاتفاق نووي محتمل مع ايران في حين اعربت فرنسا عن قلقها مما اذا كان صارما بما يكفي، ويفترض ان يطلع كيري نظراءه الفرنسي والالماني والبريطاني على سير المفاوضات، واجرى كيري هذا الاسبوع في سويسرا مباحثات لثلاثة ايام مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف للتوصل الى اتفاق بحلول 31 اذار/مارس، لكن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي سيلتقي كيري السبت لاجراء مباحثات ثنائية، اعرب عن شكوك في هذا الشان. بحسب فرانس برس.
وقال فابيوس على هامش اجتماع لوزراء الخارجية الاوروبيين في لاتفيا "سجل تقدم لكن بخصوص العدد والمراقبة ومدة الاتفاق الامر غير كاف بعد وبالتالي هناك المزيد من العمل يجب القيام به".
ولم يقدم ارقاما لكن النقاط الرئيسية في المباحثات التي بدات نهاية 2013 تشمل المستوى المسموح لتخصيب اليورانيوم ودرجة المراقبة الدولية وفترة الاتفاق الزمنية، وقال فابيوس "ان المهلة هي 31 اذار/مارس لكن قد تمدد رغم ان الجميع يرغب في ابرام اتفاق بحلول نهاية الشهر"، واقر كيري بانه غير واثق من امكانية التوصل الى اتفاق محذرا من ان الوقت بات ضيقا بعد مفاوضات مكثفة بين الدول العظمى وايران.
إيران تلمح بالتجميد
فقد لمح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أن طهران قد تقبل تجميد بعض جوانب برنامجها النووي لعشر سنوات رغم أنه رفض مناقشة القضية بالتفصيل، وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما لرويترز يوم الاثنين إن على إيران الالتزام بتعليق يمكن التحقق منه لأنشطة نووية حساسة لمدة عشر سنوات على الأقل حتى يتسنى إبرام اتفاق نووي في المحادثات بين طهران والقوى الست الكبرى. بحسب رويترز.
وسألت كريستيان أمانبور من شبكة تلفزيون (سي.إن.إن.) ظريف اثناء مقابلة إن كانت طهران مستعدة لقبول التعليق لمدة عقد في برنامجها النووي الذي تصر على أنه سلمي تماما، وأجاب ظريف قائلا "يعتمد الأمر على كيفية تعريفك له. إذا كان لدينا اتفاق فنحن مستعدون لقبول قيود معينة لفترة معينة من الوقت لكنني لست مستعدا للتفاوض على الهواء"، ونسبت وسائل إعلام إيرانية إلى ظريف قوله يوم الثلاثاء إن مطلب أوباما لتعليق جزئي لمدة عشر سنوات غير مقبول، وأجرى ظريف ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري محادثات هذا الأسبوع في مدينة مونترو السويسرية بهدف التوصل لإتفاق إطار سياسي بحلول نهاية مارس آذار، وقال ظريف "هناك الكثير من التفاصيل التي يتعين مناقشتها. حققنا بعض التقدم... سيتعين علينا العمل بدأب خلال الأسابيع القليلة المقبلة".
وحددت إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين مهلة نهائية تنقضي في نهاية يونيو حزيران للتوصل لاتفاق يقيد الأنشطة النووية الحساسة مقابل تخفيف العقوبات. وتأمل القوى الغربية بالتوصل لاتفاق إطار بحلول نهاية مارس آذار، وقال ظريف "نستطيع في حقيقة الأمر التوصل لاتفاق إذا توافرت الإرادة السياسية اللازمة لاتخاذ الخيارات الصعبة"، وقال مسؤولون من مجموعة القوى الست وايران ان الجولة القادمة من المحادثات الرفيعة المستوى بين الجانبين من المتوقع ان تعقد في الاسبوع الثالث من مارس اذار في جنيف على الاغلب، وقال ظريف إنه لم يتم التوصل حتى الآن لاتفاق مرض بشأن كيفية رفع العقوبات عن إيران، وأضاف قائلا "لايزال أمامنا بعض الوقت لحل كل القضايا"، وفي كلمة في الكونجرس الأمريكي حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الاتفاق الذي يجري التفاوض عليه هو خطأ فادح، ورفض ظريف تحذيرات نتنياهو بشأن الاتفاق وقال "بعض الناس تعتبر السلام والاستقرار خطرا على الوجود" مضيفا أن كلمة رئيس الوزراء الاسرائيلي في الكونجرس الامريكي لم يكن لها أي تأثير على المفاوضات، وتشتبه الولايات المتحدة وحلفاؤها -خصوصا إسرائيل- بأن إيران تستغل برنامجا نوويا مدنيا كستار لتطوير قدرات لإنتاج أسلحة نووية. وتنفي طهران تلك المزاعم.
حجب معلومات أساسية
لكن قال يوكيا أمانو مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة يوم الاثنين إن إيران لا يزال يتعين عليها تقديم معلومات رئيسية للوكالة وإن التحقيقات بشأن برنامج طهران النووي لا يمكن أن تستمر لأجل غير مسمى.
وتابع أمام مجلس محافظي الوكالة في فيينا مكررا ما ورد في تقرير اطلعت عليه رويترز الشهر الماضي "لم تقدم إيران بعد تفسيرا يمكن الوكالة من استيضاح إجراءين بارزين"، وكان يتعين على إيران تقديم المعلومات بشأن المسألتين المتعلقتين باختبارات على مواد متفجرة مزعومة وإجراءات أخرى قد تستخدم في أبحاث القنبلة الذرية في أغسطس آب، وقال أمانو "ليست الوكالة في موقع يسمح لها بتقديم تأكيد يحظى بمصداقية بشأن عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران ومن ثم التوصل إلى أن كل المواد النووية في إيران تستخدم في أنشطة سلمية"، وأضاف أمانو أن الوكالة مستعدة للإسراع في حل كل القضايا العالقة لكن "هذه العملية لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى". بحسب رويترز.
وتسعى الولايات المتحدة والقوى الخمس الأخرى إلى التفاوض من أجل التوصل لاتفاق مع إيران للحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، وقد حددوا مهلة غايتها مارس آذار للتوصل لاتفاق إطاري ومهلة ثانية غايتها يونيو حزيران للتوصل لاتفاق نهائي، وستراقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الأرجح أي اتفاق بين إيران والقوى الست علاوة على تحقيقها في برنامج إيران النووي. وقال أمانو إنه اقتراح زيادة مقدارها 1.8 بالمئة في ميزانية الوكالة البالغة 344 مليون يورو (386 مليون دولار) في ظل زيادة الطلب على خدماتها.
ومن ناحية أخرى قال أمانو إنه ما زال يشعر بقلق بالغ إزاء الأنشطة النووية لكوريا الشمالية التي انسحبت من معاهدة حظر الانتشار النووي في عام 1993. ولم ترسل الوكالة مفتشين إلى كوريا الشمالية منذ طردتهم في 2009.
إيران تهرب مليار دولار نقدا
الى ذلك يقول مسؤولون إيرانيون ومصادر بالمخابرات ودبلوماسيون غربيون إن ما لا يقل عن مليار دولار نقدا هربت إلى إيران مع سعيها لتفادي العقوبات الغربية وهو رقم أكبر مما تردد في السابق، وحالت العقوبات التي فرضها الغرب بسبب برنامج إيران النووي بين طهران وبين النظام المصرفي العالمي حيث صعب عليها الحصول على الدولارات التي تحتاج إليها لتعاملاتها الدولية. بحسب رويترز.
كانت وزارة الخزانة الأمريكية قالت في ديسمبر كانون الأول إن الحكومة الإيرانية حصلت على مئات الملايين من الدولارات نقدا باستخدام شركات واجهة، لكن مقابلات أجرتها رويترز مع مسؤولين إيرانيين ومصادر بالمخابرات ودبلوماسيين غربيين تظهر جهود تهريب أكبر من جانب طهران علاوة على الطرق والوسائل المستخدمة وهي تفاصيل لم تذكر من قبل، وقالت المصادر إن نقودا لا تقل عن مليار دولار هربت إلى إيران في الأشهر الأخيرة وإن البنك المركزي الإيراني لعب دورا مهما في ذلك.
وقال ثلاثة مصادر دبلوماسية غربية وثلاثة مسؤولين حكوميين إيرانيين - طلبوا جميعا عدم الكشف عن أسمائهم نظرا لحساسية القضية - إن طهران تعمل على إيجاد سبل للحصول على الدولار منذ مارس اذار الماضي، وقالت المصادر إن النقود كان ينقلها سعاة باليد على متن رحلات من دبي أو تركيا أو تنقل عبر الحدود العراقية الإيرانية، وأضافوا أن الأموال مرت قبل وصولها إلى إيران عبر تجار عملة وشركات واجهة في دبي والعراق.
وقال دبلوماسي غربي يتابع الشؤون الإيرانية إن البنك المركزي قوة محركة لجهود الحصول على الدولارات، وقالت مصادر غربية وإيرانية إن البنك عمل في الشهور الأخيرة مع كيانات أخرى منها شركات إيرانية أخرى تخضع للعقوبات بهدف إيجاد سبل للحصول على الدولارات ومنها استخدام شركات واجهة وشبكات تلك الكيانات. وأضافوا أن البنك المركزي أعطى أوامر للشركات الواجهة في الخارج لشراء الدولارات.
ورفض البنك المركزي الإيراني ومسؤولون بالحكومة التركية التعليق. ولم تصدر السلطات الإماراتية تعليقا فوريا عند الاتصال بها في حين رفض البنك المركزي الإماراتي التعليق، وقال مسؤول بالحكومة الإيرانية مطلع على طريقة الحصول على الدولارات إن الشركات الواجهة "انتشرت" في دبي لتسهيل المدفوعات إلى إيران، وقالت المصادر الإيرانية والغربية إن استخدام شركات واجهة متعددة تشتري الدولارات من تجار العملة في دبي والعراق كان وسيلة مفضلة نظرا لأنها تخفي الحجم الإجمالي لعملية شراء الدولارات، وأضافت المصادر أن الشركات الواجهة تعمل بمعزل عن الحكومة الإيرانية والمؤسسات المدعومة من الدولة.
وقال المسؤول الحكومي الإيراني إن حقائب ملأى بالدولارات حملت إلى إيران من دبي وأحيانا من تركيا. وأضاف أن مجموعات من ثلاثة أو أربعة سعاة يسافرون جوا عادة في الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال، وقالت المصادر الإيرانية والغربية إن الشركات الواجهة تحصل في مقابل الدولارات على دراهم إماراتية أو نفط، كان تقرير للجنة الخبراء المختصة بإيران والتابعة لمجلس الأمن الدولي قد قالت العام الماضي إن إيران استخدمت تجار العملة لمساعدتها في الالتفاف على القيود المصرفية.
وقال جوناثان شانزر محلل شؤون تمويل الإرهاب السابق لدى الخزانة الأمريكية إن إيران تعاني نقصا حادا في الدولار واليورو، وأضاف شانزر الذي يعمل حاليا لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات "إنها معركة متواصلة من وراء الكواليس تخوضها إيران لوضع يدها على تلك العملات الصعبة".
وتقول إيران إن العقوبات غير قانونية وتعهدت بالتهرب منها، وقالت مصادر دبلوماسية إيرانية وغربية إن نقودا تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار هربت إلى إيران عبر تجار في العراق.
وأبلغ مستشار مالي كبير لحكومة العراق رويترز أن بلاده مصدر رئيسي للدولارات إلى إيران لكن الحكومة بدأت هذا العام تقييد مبيعات البنك المركزي من الدولارات للبنوك الخاصة والتجار في محاولة لوقف تدفق الدولارات إلى خارج البلاد.
وقالت المصادر الإيرانية والغربية إن 500 مليون دولار أخرى حصلت عليها لصالح إيران شركتا واجهة مقرهما دبي وتخضعان لعقوبات من الخزانة الأمريكية. وتتماشى الأرقام مع التقديرات الأولية التي نشرتها الخزانة الأمريكية في ديسمبر كانون الأول.
إحدى الشركتين هي سيما للتجارة العامة التي فرضت عليها عقوبات في العام 2013 لعملها كشركة واجهة للحكومة الإيرانية. والأخرى هي بلفاست للتجارة العامة وهي شركة للسلع الأولية في دبي فرضت عليها العقوبات العام الماضي.
وقالت وزارة الخزانة إن بلفاست للتجارة العامة قامت بتحويل أكثر من 250 مليون دولار سلمت باليد لطهران، وقالت الخزانة أيضا إن أفرادا آخرين سلموا مئات الملايين من الدولارات نقدا لحكومة طهران في انتهاك للعقوبات. لكنها لم تذكر رقما إجماليا، ولم ترد سيما للتجارة العامة وبلفاست للتجارة العامة على طلبات للتعليق.
اضف تعليق